شعار الموقع

سورة غافر - 9

00:00
00:00
تحميل
5

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وَسَلَّمَ على نبينا محمدٍ وعلى أله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في كتابه عند تفسير سورة غافر: قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،

(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)})

 قال رحمه الله تعالى: (يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى خَلْقِهِ، بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ اللَّيْلِ الَّذِي يَسْكُنُونَ فِيهِ وَيَسْتَرِيحُونَ مِنْ حَرَكَاتِ تَرَدُّدِهِمْ فِي الْمَعَايِشِ بِالنَّهَارِ، وَجَعَلَ النَّهَارَ مُبْصِرًا، أَيْ: مُضِيئًا، لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْأَسْفَارِ، وَقَطْعِ الْأَقْطَارِ، وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الصِّنَاعَاتِ، {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} (6) أَيْ: لَا يَقُومُونَ بِشُكْرِ نِعَمِ (7) اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

ثُمَّ قَالَ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيِ: الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، خَالِقُ الْأَشْيَاءِ، الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ، {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} أَيْ: فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ، الَّتِي لَا تَخْلُقُ شَيْئًا، بَلْ هِيَ مخلوقة منحوتة.

وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} أَيْ: كَمَا ضَلَّ هَؤُلَاءِ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، كَذَلِكَ أُفِكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَعَبَدُوا غَيْرَهُ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْجَهْلِ وَالْهَوَى، وَجَحَدُوا حُجَجَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ.

وَقَوْلُهُ: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا} أَيْ: جَعَلَهَا مُسْتَقَرًّا لَكُمْ، بِسَاطًا مِهَادًا تَعِيشُونَ عَلَيْهَا، وَتَتَصَرَّفُونَ فِيهَا، وَتَمْشُونَ فِي مَنَاكِبِهَا، وَأَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ لِئَلَّا تَمِيدَ بِكُمْ، {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} أَيْ: سَقْفًا لِلْعَالَمِ مَحْفُوظًا، {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} أَيْ: فَخَلَقَكُمْ فِي أَحْسَنِ الْأَشْكَالِ، وَمَنَحَكُمْ أَكْمَلَ الصُّوَرِ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} أَيْ: مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ فِي الدُّنْيَا. فَذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الدَّارَ، وَالسُّكَّانَ، وَالْأَرْزَاقَ -فَهُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 21، 20] (1) وَقَالَ هَاهُنَا بَعْدَ خَلْقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} أَيْ: فَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ كُلِّهِمْ.

ثُمَّ قَالَ: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ: هُوَ الْحَيُّ أَزَلًا وَأَبَدًا، لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَهُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ: لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا عَدِيلَ لَهُ، {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أَيْ: مُوَحِّدِينَ لَهُ مُقِرِّينَ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَأْمُرُونَ مَنْ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" أَنْ يتبعها بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَمَلًا بِهَذِهِ الْآيَةِ.

ثُمَّ رَوَى عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقَدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (2) قَالَ: مَنْ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" فَلْيَقُلْ عَلَى أَثَرِهَا: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" فَذَلِكَ (3) قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.)

الشيخ: تكلم عن الحديث عن الأثر هذا؟

الطالب: قال: أخرجه الطبري من عدة طرقٍ يقوي بعضها بعضا عن إسماعيل بن أبي خالد به.

الشيخ: بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه ومن والاه.

هذه الآيات الكريمات يبين الله فيها منته على عباده وأنه سبحانه وتعالى خلقهم ورزقهم من الطيبات، وهيأ لهم الدار السكن وهيأ لهم الأرزاق، فوجب عليهم شكره سبحانه وتعالى وتوحيده وإخلاص الدين له، ({اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}) فهو سبحانه جعل سكنًا يستريح إليه الناس من عناء النهار ومن تعب النهار، وجعل النهار مبصرًا مضيئًا بالشمس حتى ينتشر الناس لمعايشهم وحروثهم ومزارعهم وأسفارهم وغير ذلك من تصرفاتهم، ({اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ}) فهو سبحانه وتعالى فضله ومنته على عباده حيث أوجدهم من العدم وخلقهم وأحسن صورهم ورزقهم من الطيبات، ففضله سبحانه وتعالى في كل لحظةٍ من لحظات الإنسان وفي كل حالةٍ من حالاته، ولكن كثيرًا من الناس لا يشكرون الله ويجحدون فضله ونعمته.

({ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ}) هذا هو الله، هو الربُّ سبحانه وتعالى هو الخالق وهو المالك وهو المدبر لا معبود بالحق سواه ولا تكون المنة إلا له، فادعوه مخلصين له الدين، ({ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}) كيف تنصرفون عن عبادة الله لعبادة غيره! مع أنه المنعم المتفضل الخالق الرازق، ({اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}) الله الذي جعل لكم الأرض قرارًا مستقرة وارساها بالجبال حتى يستطيع الناس أن يسكنوا فيها وأن يعيشوا فيها وأن يمشوا في مناكبها وأن يستخرجوا ما فيها من الخيرات، ({اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}) سقفًا محفوظًا، ({وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}) صوركم في أحسن الصور، وخلق كل شيءٍ فاحسن خلقه، ({ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}) فتبارك الله تعالى وتنزه فهو ربُّ العالمين وربهم بنعمه وخالقهم، ذكر الدار وهي الأرض والبناء فالأرض والسماء هذه البناء، السماء سقف والأرض هي السطح، فهذا البناء وأهل السكان ({وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}) وهذه الطيبات، ذكر الدار والسكان وأن الله صورهم فأحسن صورهم، وذكر الأرزاق: ({الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ}) هو الحي الذي له الحياة الكاملة لا يلحقه نقص في حياته لا نوم ولا نعاس، لا معبود بحقٍ سواه ({فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}) اعبدوه وأخلصوا له العبادة، ({فَتَبَارَكَ اللَّهُ}) تنزه ({رَبُّ الْعَالَمِينَ}) جميع ما سواه هو عالم وهو رب الجميع سبحانه وتعالى، وكل شيءٍ فيه آية تدل على وحدانيته سبحانه وتعالى.

الطالب: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِذَا قَرَأْتَ: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غَافِرٍ: 14]، فَقُلْ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" وَقُلْ عَلَى أَثَرِهَا: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.)

الطالب: البغوي ذكر: أخرجه الطبري والحاكم وقال: هذا حديثٌ صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، قالها البيهقي في الأسماء والصفات موقوفًا على ابن عباسٍ رضي الله عنه، وزاد السيوطي في الدر المندور نسبته لابن المنذر وابن [00:13:15]

الشيخ: الأثر السابق؟

الطالب: نعم.

الطالب: ثم قال تعالى: ({قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)})

الطالب: [00:13:43]

الشيخ: في الحديث يوجد سقط؟

الطالب: قال: وقد وقع بعد هذا بالطبعات السابقة الذي رواه الإمام أحمد عن عبد الله ابن النمير بإسناده على عبد الله ابن الزبير.

الشيخ: قال جعل في الحاشية؟

الطالب: نعم، والذي ساقه من ابن كثيرٍ بطرقه عند قوله تعالى في هذه السورة ({فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)}) وقد خلت منه مخطوطة الأزهر.

الشيخ: ما موجود عندكم؟ هل موجود كامل؟

الطالب: قال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير قال: حدثنا هشام، يعني ابن عروة ابن الزبير عن أبي الزبير محمد ابن مسلم ابن بدر المكي، قال عبد الله: قال: كان عبد الله ابن الزبير يقول في دبر كل صلاةٍ حين يسلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون»، قال: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهل بهنَّ دبر كل صلاة، ورواه مسلم وأبو داود والنسائي من طرقٍ عن هشام ابن عروة وحجاج ابن أبي عثمان وموسى ابن أبي عقبة ثلاثتهم عن أبي الزبير عن عبد الله ابن الزبير قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في دبر كل صلاة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له»، وذكر تمامه.

الشيخ: هذا الحديث حديث ابن الزبير معروف فيه تهليل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دبر صلاة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين».

نعم مناسب وجهه هنا، الطبعة الأخيرة هذه آخر طبعة هذه حذفها؟

الطالب: أعتقد هذه نسخة أحمد شاكر.

الشيخ: والتي عندك؟

الطالب: هذه نسخة قديمة من دار الشعب، كانوا يعتمدون على الله ثم عليها.

الشيخ: نعم كانت بالأول.

الطالب: النسخة هذه لأبو إسحاق الحويني وهي أضبط.

الطالب: نفس الحديثين مرَّت في السابق.

الطالب: ثم قال تعالى: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)} {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)}

يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ: إِنَّ اللَّهَ يَنْهَى أَنْ يُعْبَد أَحَدٌ سِوَاهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ وَالْأَوْثَانِ. وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ أَحَدٌ سِوَاهُ، فِي قَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} أَيْ: هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُكُمْ فِي هَذِهِ الْأَطْوَارِ كُلِّهَا، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَعَنْ أَمْرِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَتَقْدِيرِهِ يَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ، {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} أَيْ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يُوجَدَ وَيَخْرُجَ إِلَى هَذَا الْعَالَمِ، بَلْ تُسْقِطُهُ أُمُّهُ سَقْطًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُتَوَفَّى صَغِيرًا، وَشَابًّا، وَكَهْلًا قَبْلَ الشَّيْخُوخَةِ، كَقَوْلِهِ: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الْحَجِّ: 5] وَقَالَ هَاهُنَا: {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، تَتَذَكَّرُونَ الْبَعْثَ.

ثُمَّ قَالَ: {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أَيْ: هُوَ الْمُتَفَرِّدُ بِذَلِكَ، لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ سِوَاهُ، {فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أَيْ: لَا يُخَالَفُ وَلَا يُمَانَعُ، بَلْ مَا شَاءَ كَانَ [لَا مَحَالَةَ] (1).)

الشيخ: قال: يقول هنا: ({قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}) قل يا محمد معلنًا للناس ({إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}) نهيت عن عبادة الأصنام والأوثان وأمرت بعبادة الله لأنه هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت، ({قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}) فالله نهى الناس أن يعبدوا الأصنام والأوثان، ({قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي}) جاء بالبينات الأدلة الواضحة والبراهين على أن الله هو المستحق للعبادة دونما سواه، فكيف يُعبد ما سواه؟ ({قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}) أمرت بالإخلاص، أمرت أن أخلص العبادة لله تعالى، ({قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}) قل إني نهيت أن أعبد الأصنام والأوثان بعد وضوح البينات والحجج، ({لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي}) وأمرت بالإخلاص لرب العالمين، ({هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}) هو الذي يقلبكم في هذه الأطوار، ينقلكم من طورٍ إلى طور، خلق أباكم من تراب وخلق بنيه من نطفة ثم تتطور النطفة التي كانت ماء تتحول إلى علقة قطعة دم ثم تحولت إلى مضغة قطعة لحم من قدر ما يُمضغ، ثم بعد ذلك يرسل إليها الملك وينفخ فيه الروح ثم يخلق الله العظام ويكسو العظام لحمًا، ({ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا}) ينقلهم من طور إلى طور سبحانه وتعالى، الله هو الفاعل سبحانه وتعالى، ({وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ}) من هو يتوفاه من قبل أن يخرج إلى هذه الدنيا يموت ببطن أمه، ومنهم من يموت طفلًا ومنهم من يموت شابًا ومنهم من يموت شيخًا ومنهم من يموت كهلًا، الموت لابد منه، هو غاية كل حي، ({وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}) تعقلون عن الله أمره وشرعه ودينه فتخلصوا له العبادة، ({هُوَ الْحَيُّ}) الذي له الحياة الكاملة الذي لا يلحقه نقص ولا ضعف ولا نوم ولا سنة، ({لَا إِلَهَ إِلا هُوَ})، لا معبودٍ بحقٍ سواه ({فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}) ({هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ})، لا معبود بحق سواه ولا تنفع العبادة إلا له، هكذا الله تعالى يربي عباده ويأمرهم بعبادته ويأمرهم بإخلاص الدين له وينهاهم عن الشرك حتى يكونوا مكن أوليائه ومن حزبه ومن أحبابه ومن أهل كرامته.

الطالب: ثم قال تعالى: ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76)})

الشيخ: في هذه الآيات بين سبحانه أنه هو الذي يحيي ويميت، وأنه لا يقدر أحدٌ على الإحياء والإماتة غيره، وأنه لا يعجزه شيء ({فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}) وهو يخلق بكلمة كن، إنما أمره بكلمة كن، يغلط بعض الناس يقولون أمره بين الكاف والنون، هذا غلط، أمر الله بالكاف والنون كن، ليس بينها، بينها تكون حرف الكاف وحرف النون، إنما أمره بين الكاف والنون هذا من الأخطاء الشائعة عند بعض الناس، أمره بالكاف والنون ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾[يس:82] فعل الأمر يكون بحرف بكن لا بفصل الكاف عن النون، إذا فصلت صارت كاف وصارت النون مستقلة، ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ سبحانه وتعالى، وهو بخلاف غيره الذي يفعل بالآلات والأسباب أما الله فلا يعجزه شيء، ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

الطالب: (يَقُولُ تَعَالَى: أَلَا تَعْجَبُ يَا مُحَمَّدُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَيُجَادِلُونَ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، كَيْفَ تُصرّف عُقُولُهُمْ عَنِ الْهُدَى إِلَى الضَّلَالِ، {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا} أَيْ: مِنَ الْهُدَى وَالْبَيَانِ، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ، مِنَ الرَّبِّ، جَلَّ جَلَالُهُ، لِهَؤُلَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [الْمُرْسَلَاتِ: 15].

وَقَوْلُهُ: {إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ} أَيْ: مُتَّصِلَةٌ بِالْأَغْلَالِ، بِأَيْدِي الزَّبَانِيَةِ يَسْحَبُونَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ، تَارَةً إِلَى الْحَمِيمِ وَتَارَةً إِلَى الْجَحِيمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ}، كَمَا قَالَ: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرَّحْمَنِ: 43، 44]. وَقَالَ بَعْدَ ذكْره أَكْلَهُمُ الزَّقُّومَ وَشُرْبَهُمُ الْحَمِيمَ: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ} [الصَّافَّاتِ:68] وَقَالَ {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ. فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ. وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ. لَا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} إِلَى أَنْ قَالَ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ. لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ. فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ. فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ. فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ. هَذَا نزلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [الْوَاقِعَةِ: 41 -56]. وَقَالَ {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعَامُ الأثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ. خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ. ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ. ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} [الدُّخَانِ: 43 -50]، أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، وَالتَّحْقِيرِ وَالتَّصْغِيرِ، وَالتَّهَكُّمِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسين، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا بَشِيرُ (1) بْنُ طَلْحَةَ الْخِزَامِيُّ،)

الشيخ: عند الجزامي بالجيم؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ماذا قال عليه تعليق؟

الطالب: قال: كذا وفي الجرح والتعديل الخُشني.

(حَدَّثَنَا بَشِيرُ (1) بْنُ طَلْحَةَ الْخِزَامِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْك، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَه)

الشيخ: التعديل والخُشني؟

الطالب: نعم.

الطالب: الجزامي.

الشيخ: إن صح التعديل، تأكد منها راجعها.

الطالب: (عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْك، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَه -رَفَعَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: "يُنْشِئُ اللَّهُ سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَ الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: نَسْأَلُ بَرْد الشَّرَابِ، فَتُمْطِرُهُمْ أَغْلَالًا تَزِيدُ فِي أَغْلَالِهِمْ، وَسَلَاسِلَ تَزِيدُ فِي سَلَاسِلِهِمْ، وَجَمْرًا يُلْهِبُ النَّارَ عَلَيْهِمْ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ (2).)

الشيخ: ضعيف هذا فيه خالد بن دريك وغيره وعن يعلى بن منيه، ماذا قال عنه؟

الطالب: قال: وإسناده ضعيف فيه منصور ابن عمار وذكره الذهبي بميزان الاعتدال فقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: منكر الحديث، وقال العقيلي: فيه تجهم، وقال الدارقطني: يروي عن الضعفاء أحاديث لا يتابع عليها، وفيه أيضًا بشير ابن طلحة، وذكره الذهبي في الميزان وقال: قال الموصلي: ليس بالقوي.

الشيخ: وخالد بن دريك ما ذكره؟

الطالب: ما تكلم عنه.

الشيخ: في النسخة الثانية ما قال؟

الطالب: نفس النسخة، قال: سنده ضعيف لأن خالد بن دريك لم يسمع من يعلى كما قرر أبو حاتم.

الشيخ: فيه علل، على كل معروف حال أهل النار معروف نسأل الله السلامة والعافية بأنهم عذابهم وتنوع العذاب وتواصله، وهذا الحديث لا يصح لكن عذابهم معروف واصح من الآيات والأحاديث الصحيحة، نسأل الله السلامة والعافية.

الطالب: (وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ} أَيْ: قِيلَ لَهُمْ: أَيْنَ الْأَصْنَامُ الَّتِي كُنْتُمْ تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ هَلْ يَنْصُرُونَكُمُ الْيَوْمَ؟ {قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا} أَيْ: ذَهَبُوا فَلَمْ يَنْفَعُونَا، {بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} أَيْ: جَحَدُوا عِبَادَتَهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الْأَنْعَامِ: 23]؛ وَلِهَذَا قَالَ: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ}.

وَقَوْلُهُ: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} أَيْ: تَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: هَذَا الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ جَزَاءٌ عَلَى فَرَحِكُمْ فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَمَرَحِكُمْ وَأَشَرِكُمْ وَبَطَرِكُمْ، {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} أَيْ: فَبِئْسَ المْنزلُ والمَقِيلُ الَّذِي فِيهِ الْهَوَانُ وَالْعَذَابُ الشَّدِيدُ، لِمَنِ اسْتَكْبَرَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِ دَلَائِلِهِ وحُججه.)

الشيخ: هذه الآيات الكريمات فيها بيان حال الأشقياء، قال تعالى: ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ}) كيف يصرفون عن عبادة الله إلى عبادة غيره، ({الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا}) هؤلاء هم الكفرة، جحدوا كتاب الله وما جاء فيه من الدعوة إلى التوحيد والأمر بعبادة الله وحده، وجحدوا ما أرسل الله به من رسل ({الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}) هذا وعيد توعده سوف يعلمون يوم القيامة ({إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ}) الأغلال تكون في العنق والسلاسل ممتدة متصلة، ({يُسْحَبُونَ}) في السلاسل في الحميم ({فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ}) يسحبون إلى الحميم الماء الحار ثم يلقون في النار ({فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ}) توبيخ، يوبخون، يعذبون ويوبخون، يقرعون، ({أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ}) هل ينفعونكم!، ({قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا}) ذهبوا لا يوجدون، ثم أنكروا عبادتهم ({بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا}) هذا إنكار كما قال سبحانه في الآية الأخرى ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾[الأنعام:23] ولا ينفعهم هذا، في وقتٍ ينكرون وفي وقتٍ يعترفون، ({كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}) ذلكم العذاب الذي أصابكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفرحون ({ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا}) لا ترحلون ولا تضعنون عنها، ({فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}) الذين تكبروا عن عبادة الله وعبدوا غيره وعدلوا به سواه، نسأل الله السلامة والعافية.

 

 

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد