شعار الموقع

سورة الدخان - 4

00:00
00:00
تحميل
5

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

يقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: (ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ} وَهِيَ الْبَسَاتِينُ {وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ} وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَنْهَارُ وَالْآبَارُ، {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} وَهِيَ الْمَسَاكِنُ الْكَرِيمَةُ الْأَنِيقَةُ وَالْأَمَاكِنُ الْحَسَنَةُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} الْمَنَابِرُ.

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعة، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: نِيلُ مِصْرَ سَيِّدُ الْأَنْهَارِ، سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ نَهْرٍ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وذلَّلَهُ لَهُ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ نِيلَ مِصْرَ أَمَرَ كُلَّ نَهْرٍ أَنْ يَمُدَّهُ، فَأَمَدَّتْهُ الْأَنْهَارُ بِمَائِهَا، وَفَجَّرَ اللَّهُ لَهُ الْأَرْضَ عُيُونًا، فَإِذَا انْتَهَى جَرْيُهُ إِلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَى كُلِّ مَاءٍ أَنْ يرجع إلى عنصره).

هذا من الزاملتين التي أصابهما يوم اليرموك، من أخبار بني إسرائيل، الله أعلم، هذا لا يقال إلا بوحي.

(وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} قَالَ:، كَانَتِ الْجِنَانُ بِحَافَّتَيْ هَذَا النِّيلِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فِي الشِّقَّيْنِ جَمِيعًا، مَا بَيْنَ أَسْوَانَ إِلَى رَشِيدٍ، وَكَانَ لَهُ تِسْعَةُ خُلُجٍ: خَلِيجُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخَلِيجُ دِمْيَاطَ، وَخَلِيجُ سَرْدُوسَ، وَخَلِيجُ مَنْفٍ، وَخَلِيجُ الْفَيُّومِ، وَخَلِيجُ الْمَنْهَى، مُتَّصِلَةٌ لَا يَنْقَطِعُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَزُرُوعٌ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ كُلُّهُ مِنْ أَوَّلِ مِصْرَ إِلَى آخِرِ مَا يَبْلُغُهُ الْمَاءُ، وَكَانَتْ جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ تُرْوَى مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، لِمَا قَدَّرُوا وَدَبَّرُوا مِنْ قَنَاطِرِهَا وَجُسُورِهَا وَخُلُجِهَا.

{وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} أَيْ: عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاؤوا وَيَلْبَسُونَ مَا أَحَبُّوا مَعَ الْأَمْوَالِ وَالْجَاهَاتِ وَالْحُكْمِ فِي الْبِلَادِ، فَسُلِبُوا ذَلِكَ جَمِيعُهُ فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفَارَقُوا الدُّنْيَا وَصَارُوا إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

نسأل الله السلامة والعافية، هذه آثار الكفر والمعاصي، آثارها الوخيمة، هلاك في الدنيا، وعذاب سرمدي في الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية.

طالب: قال: وذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: لما فتح المسلمون مصر جاء أهلها إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه حين دخل بؤونة من شهور القبط، فقالوا: يا أيها الأمير! إن لبلدنا هذا سنة لا يجري النيل إلا بها، وذلك أنه إذا كان لاثنتي عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكرٍ بين أبويها فأرضينا أبويها، وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل، فقال لهم عمرو: إن هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله، فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى لا يجري النيل قليلًا ولا كثيرًا، حتى هموا بالجلاء، فلما رأى عمرو ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك فكتب إليه عمر: قد أصبت، إن الإسلام يهدم ما قبله، وقد بعثت إليك ببطاقة فألقها في داخل النيل إذا أتاك كتابي هذا، وإذا في كتابه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد: فإن كنت تجري من قبلك فلا تجري، وإن كان الواحد القهار يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك، فألقى عمرو بن العاص رضي الله عنه البطاقة في النيل، وذلك قبل عيد الصليب بيوم، وكان أهل مصر قد تأهبوا للخروج منها والجلاء؛ لأنهم لا تقوم مصلحتهم إلا بالنيل، فأصبحوا يوم الصليب وقد جرى النيل بقدرة الله تعالى، وزاد ستة عشر ذراعًا في ليلة واحدة، وانقطعت تلك السنة السُّنة السيئة عن أهل مصر، وكان للنيل سبعة خلجان.

الشيخ: يعني يتدخل الشياطين في هذا، هذا تغرر بهم الشياطين، جارية يلقونها؛ لأنهم كفار، ولكن الإسلام والنور إذا دخل مكان انفسح، وصار الإنسان يبصر الحق، ولذلك الصحابة رضي الله عنهم أبصروا الحق، وزالت عنهم هذه الظلمة، وهذه الغشاوة الموجودة في أعين القبط وأعين الكفار، نسأل الله السلامة والعافية، من الذي ذكر هذه القصة؟

الطالب: ذكرها في معجم البلدان لياقوت، وذكرها عبد الرحمن بن عبد الله بن الحكم، الظاهر أن هذه يا شيخ موجودة في نفس التفسير.

الشيخ: ستأتي.

الطالب: مرت علينا عندما كنا في الجامع القديم في الراجحي، يوم كنا نقرأ التفسير.

الشيخ: هي مرت، لكن ما أدري في أي موضع.

الطالب: إما في القصص وإما في النمل، الله أعلم يا شيخ.

(وَكَانَ لَهُ تِسْعَةُ خُلُجٍ: خَلِيجُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخَلِيجُ دِمْيَاطَ، وَخَلِيجُ سَرْدُوسَ، وَخَلِيجُ مَنْفٍ، وَخَلِيجُ الْفَيُّومِ، وَخَلِيجُ الْمَنْهَى، مُتَّصِلَةٌ لَا يَنْقَطِعُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَزُرُوعٌ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ كُلُّهُ مِنْ أَوَّلِ مِصْرَ إِلَى آخِرِ مَا يَبْلُغُهُ الْمَاءُ، وَكَانَتْ جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ تُرْوَى مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، لِمَا قَدَّرُوا وَدَبَّرُوا مِنْ قَنَاطِرِهَا وَجُسُورِهَا وَخُلُجِهَا.

{وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} أَيْ: عيشة كانوا يتفكهون فيها فيأكلون ما شاؤوا وَيَلْبَسُونَ مَا أَحَبُّوا مَعَ الْأَمْوَالِ وَالْجَاهَاتِ وَالْحُكْمِ فِي الْبِلَادِ، فَسُلِبُوا ذَلِكَ جَمِيعُهُ فِي صَبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفَارَقُوا الدُّنْيَا وَصَارُوا إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.

وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ وَتِلْكَ الْحَوَاصِلِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ وَالْمَمَالِكِ الْقِبْطِيَّةِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشُّعَرَاءِ: ٥٩] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الْأَعْرَافِ: ١٣٧]).

وكما سبق، وذلك أن بني إسرائيل هم أفضل الناس في ذلك الوقت، ولذلك قال الله: ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾[الدخان:32]، يعني على عالم زمانهم في ذلك الوقت، فلما جاءت أمة محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانت أفضل الناس، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾[آل عمران:110]، [00:10:55] «سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله».

(وَقَالَ هَاهُنَا: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ} وَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ} أَيْ: لَمْ تَكُنْ لَهُمْ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ تَصْعَدُ فِي أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَتَبْكِي عَلَى فَقْدِهِمْ، وَلَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ بِقَاعٌ عَبَدُوا اللَّهَ فِيهَا فَقَدَتْهُمْ؛ فَلِهَذَا اسْتَحَقُّوا أَلَّا يُنْظَرُوا وَلَا يُؤَخَّرُوا لِكُفْرِهِمْ وَإِجْرَامِهِمْ، وَعُتُوِّهِمْ وَعِنَادِهِمْ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ إِلَّا وَلَهُ فِي السَّمَاءِ بَابَانِ: بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِزْقُهُ، وَبَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ عَمَلُهُ وَكَلَامُهُ، فَإِذَا مَاتَ فَقَدَاهُ وَبَكَيَا عَلَيْهِ" وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ}»).

هذا الحديث فيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، ماذا قال عليه؟ تكلم عليه؟

الطالب: في مسند أبي يعلى، قال: وسنده ضعيف؛ لضعف موسى والرقاشي.

الشيخ: يزيد الرقاشي؟

الطالب: يزيد الرقاشي نعم، وهو الذي رواه عن موسى بن عبيد.

(وذُكر أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَمِلُوا عَلَى الْأَرْضِ عَمَلًا صَالِحًا يَبْكِي عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَصْعَدْ لَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَا مِنْ عَمَلِهِمْ كَلَامٌ طَيِّبٌ، وَلَا عَمَلٌ صَالِحٌ فَتَفْقِدَهُمْ فَتَبْكِيَ عَلَيْهِمْ.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ وَهُوَ الرَّبَذِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا، أَلَا لَا غُرْبَةَ عَلَى مُؤْمِنٍ مَا مَاتَ مُؤْمِنٌ فِي غُرْبَةٍ غَابَتْ عَنْهُ فِيهَا بَوَاكِيهِ إِلَّا بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ والأرض». ثم قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ} ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُمَا لَا يَبْكِيَانِ عَلَى الْكَافِرِ»).

ماذا قال عليه؟

الطالب: قال: أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف؛ لإرساله، ومطلعه له شواهد صحيحة، «إن الإسلام بدأ غريبًا».

الشيخ: نعم، هذا صحيح، «إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ»، هذا حديث صحيح.

(وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ -يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ-حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ تَبْكِي السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ عَلَى أَحَدٍ؟ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، إِنَّهُ لَيْسَ [مِنْ] عَبْدٍ إِلَّا لَهُ مُصَلًّى فِي الْأَرْضِ، وَمَصْعَدُ عَمَلِهِ مِنَ السَّمَاءِ. وَإِنَّ آلَ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي الْأَرْضِ، وَلَا عَمَلٌ يَصْعَدُ فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ}).

الطالب: قال: سنده ضعيف؛ لضعف عباد بن عبد الله وهو الأسد الكوفي.

الشيخ: الآية كافية.

(وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّام، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مِنْهَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أَتَى ابنَ عَبَّاسٍ رجلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} فَهَلْ تَبْكِي السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ عَلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ إِلَّا وَلَهُ بَابٌ فِي السَّمَاءِ مِنْهُ يَنْزِلُ رِزْقُهُ، وَفِيهِ يَصْعَدُ عَمَلُهُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ فَأُغْلِقَ بَابُهُ مِنَ السَّمَاءِ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ بَكَى عَلَيْهِ، وَإِذَا فُقِدَ مُصَلَّاهُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَيَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا بَكَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ آثَارٌ صَالِحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ خَيْرٌ، فَلَمْ تَبْكِ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ.

وَرَوَى الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَ هَذَا).

الشيخ: تكلم عليه؟

الطالب: قال: أخرجه الطبري من طريق العوفي، وسنده ضعيف، ويتقوى بسابقه.

الشيخ: يعني هذه الآثار يشد بعضها بعضًا، والآية واضحة في هذا.

(وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي يَحْيَى القَتَّات، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] قَالَ: كَانَ يُقَالُ: تَبْكِي الْأَرْضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: مَا مَاتَ مُؤْمِنٌ إِلَّا بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَتَبْكِي الْأَرْضُ؟ فَقَالَ: أَتَعْجَبُ؟ وَمَا لِلْأَرْضِ لَا تَبْكِي عَلَى عَبْدٍ، كَانَ يُعَمِّرُهَا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؟ وَمَا لِلسَّمَاءِ لَا تَبْكِي عَلَى عَبْدٍ كَانَ لِتَكْبِيرِهِ وَتَسْبِيحِهِ فِيهَا دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ؟

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانُوا أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ تَبْكِيَ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ سَابِقٍ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا بَكَتِ السَّمَاءُ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيَا إِلَّا عَلَى اثْنَيْنِ قُلْتُ لِعُبَيْدٍ: أَلَيْسَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ تَبْكِي عَلَى الْمُؤْمِنِ؟ قَالَ: ذَاكَ مَقَامُهُ حَيْثُ يَصْعَدُ عَمَلُهُ. قَالَ: وَتَدْرِي مَا بُكَاءُ السَّمَاءِ؟ قُلْتُ: لَا قَالَ: تَحْمَرُّ وَتَصِيرُ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ، إِنَّ يحيى بْنَ زَكَرِيَّا لَمَّا قُتِلَ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ وَقَطَرَتْ دَمًا. وَإِنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ لَمَّا قُتِلَ احْمَرَّتِ السَّمَاءُ.

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو -زُنَيج-حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ يَزِيدُ: وَاحْمِرَارُهَا بُكَاؤُهَا. وَهَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ).

الشيخ: ماذا قال عليه؟

الطالب: قال: سنده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبي زياد، والثاني: قال السدي: أخرجه الطبري روايته لهذا المتن غير مقبولة؛ لأن السدي يتشيع.

(وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: بُكَاؤُهَا: أَنْ تَحْمَرَّ أَطْرَافُهَا.

وَذَكَرُوا أَيْضًا فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ مَا قُلِبَ حَجَرٌ يَوْمَئِذٍ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيط).

هذا مما ذكره الشيعة، هذا ليس له أصل.

(وَأَنَّهُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَاحْمَرَّ الْأُفُقُ، وَسَقَطَتْ حِجَارَةٌ).

هذه كلها كذب من أخبار الشيعة، كل هذا كذب، لا أصل له، الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل الخلق، وما حصل له شيء من هذا، توفي الرسول عليه الصلاة والسلام وما حصل دم عبيط تحت كل حجر ولا غيره، هذا من أخبار الشيعة الرافضة.

(وَفِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ سُخْف الشِّيعَةِ وَكَذِبِهِمْ، لِيُعَظِّمُوا الْأَمْرَ -وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَظِيمٌ-وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ هَذَا الَّذِي اخْتَلَقُوهُ وَكَذَبُوهُ).

لا شك أن قتل الحسين منكر عظيم، ولكن وقوع هذا...

(وَقَدْ وَقَعَ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ [ذَلِكَ] -قُتِلَ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-).

قتل علي رضي الله عنه، وهو أفضل من الحسين، وهو والده، قتل عمر كذلك، وقتل عثمان، وموت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما حصل شيء من هذا.

(وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ، فَإِنَّهُ قَدْ قُتِلَ أَبُوهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَمْ يَقَعْ [شَيْءٌ مِنْ] ذَلِكَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قُتِلَ مَحْصُورًا مَظْلُومًا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قُتِلَ فِي الْمِحْرَابِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ تَطْرُقْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَيِّدُ الْبَشَرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَوْمَ مَاتَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ. وَيَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ النَّاسُ: [الشَّمْسُ] خَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صلاة الْكُسُوفِ، وَخَطَبَهُمْ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ تَعَالَى بِذَلِكَ، حَيْثُ أَنْقَذَهُمْ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ إِهَانَةِ فِرْعَوْنَ وَإِذْلَالِهِ لَهُمْ، وَتَسْخِيرِهِ إِيَّاهُمْ فِي الْأَعْمَالِ الْمُهِينَةِ الشَّاقَّةِ).

كما قال الله تعالى: ﴿يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾[الأعراف:141]، يقتلون الذكور، ويبقون الإناث للخدمة، إذلال، شيء عظيم، بلاء، اختبار، ولذا قالوا: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾[الأعراف:141]، والله تعالى نجاهم، وأهلك عدوهم وهم ينظرون.

(وَقَوْلُهُ: {مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا [مِنَ الْمُسْرِفِينَ]} أَيْ: مُسْتَكْبِرًا جَبَّارًا عَنِيدًا، كَقَوْلِهِ: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ [وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا] (١٠)} [الْقِصَصِ: ٤].

وَقَوْلُهُ: {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ٤٦]، [وَقَوْلُهُ {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}] [الْعَنْكَبُوتِ: ٣٩] ، [فَكَانَ فِرْعَوْنَ] سِرفًا فِي أَمْرِهِ، سَخِيفَ الرَّأْيِ عَلَى نَفْسِهِ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: {اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} عَلَى مَنْ هُمْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ).

يعني العالمين الموجودين في زمانهم، هذا المراد، على العالمين يعني عالم زمانهم، وليس المراد على العالم بإطلاق، فإن محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضل منهم، لكن في ذلك الوقت ما وجدت أمة محمد، فهم أفضل الناس في ذلك الوقت، بنو إسرائيل.

(وَقَالَ قَتَادَةُ: اخْتِيرُوا عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِمْ ذَلِكَ. وكان يقال: إن لِكُلِّ زَمَانٍ عَالَمًا. وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ} [الْأَعْرَافِ: ١٤٤] أَيْ: أَهْلِ زَمَانِهِ، وَكَقَوْلِهِ لِمَرْيَمَ: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: ٤٢]).

﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي﴾[الأعراف:144]، موسى مصطفى في ذلك الزمان، ثم لما بعث محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اصطفاه الله، وكان أفضل.

وَكَقَوْلِهِ لِمَرْيَمَ: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: ٤٢] أَيْ: فِي زَمَانِهَا؛ فَإِنَّ خَدِيجَةَ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَكَذَا آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهَا فِي الْفَضْلِ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.

وَقَوْلُهُ: {وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ} أَيْ: [مِنَ] الْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ {مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} أَيِ: اخْتِبَارٌ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ لِمَنِ اهْتَدَى بِهِ).

من الآيات على يد موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام؛ كالعصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع، آيات، ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾[الإسراء:101]، أتاهم من الآيات ما فيه حجة، أقام الحجة عليهم، فلم يكن لهم عذر، فلذا لما لم يؤمنوا أهلكهم الله.

({إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ ‌‌(٣٤) إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)}.

يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَالْمَعَادَ، وَأَنَّهُ مَا ثَمَّ إِلَّا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، وَلَا حَيَاةَ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَلَا بَعْثَ وَلَا نُشُورَ. وَيَحْتَجُّونَ بِآبَائِهِمُ الْمَاضِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا، فَإِنْ كَانَ الْبَعْثُ حَقًّا {فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وَهَذِهِ حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ وَشُبْهَةٌ فَاسِدَةٌ، فَإِنَّ الْمَعَادَ إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَا فِي هَذِهِ الدَّارِ، [بَلْ] بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَذَهَابِهَا وَفَرَاغِهَا يُعِيدُ اللَّهُ الْعَالَمِينَ خَلْقًا جَدِيدًا، وَيَجْعَلُ الظَّالِمِينَ لِنَارِ جَهَنَّمَ وقودًا، يوم تكون شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).

قف على قوله: {إن هؤلاء ليقولون}.

الطالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (روينا من طريق لَهِيعَة، عَنْ قَيْسِ بْنِ حَجَّاجٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا فُتِحَت ‌مِصْرُ، ‌أَتَى ‌أَهْلُهَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ -[وَكَانَ أميرًا بها]- حين دخل بؤونة مِنْ أَشْهُرِ الْعَجَمِ، فَقَالُوا: أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِنَّ لِنِيلِنَا سُنَّة لَا يَجْرِي إِلَّا بِهَا. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: إِذَا كَانَتْ ثِنْتَا عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ عَمَدنا إِلَى جَارِيَةٍ بِكْر بَيْنَ أَبَوَيْهَا، فَأَرْضَيْنَا أَبَوَيْهَا، وَجَعَلْنَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ أَفْضَلَ مَا يَكُونُ، ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا فِي هَذَا النِّيلِ. فَقَالَ لَهُمْ عَمْرٌو: إِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِي الْإِسْلَامِ، إِنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ. فَأَقَامُوا بؤونة وَالنِّيلُ لَا يَجْرِي، حَتَّى هَمُّوا بِالْجَلَاءِ، فَكَتَبَ عَمْرٌو إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ قَدْ أَصَبْتَ بِالَّذِي فَعَلْتَ، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبِطَاقَةٍ دَاخِلَ كِتَابِي هَذَا، فَأَلْقِهَا فِي النِّيلِ. فَلَمَّا قَدِمَ كِتَابُهُ أَخَذَ عَمْرٌو الْبِطَاقَةَ فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نِيلِ أَهْلِ مِصْرَ، أَمَّا بَعْدُ: فلا حاجة لنا فيك، فَإِنَّكَ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تَجْرِي مِنْ قِبَلِكَ فَلَا تَجْرِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ هُوَ الَّذِي يُجْرِيكَ فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُجْرِيَكَ. قَالَ: فَأَلْقَى الْبِطَاقَةَ فِي النِّيلِ، وَأَصْبَحُوا يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ النِّيلَ سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِطَعَ اللَّهُ تِلْكَ السُّنَّة عَنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الْيَوْمِ).

انتهى من البداية والنهاية، وهكذا رواه ابن الحكم في فتوح مصر، وهكذا رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وأبو الشيخ في العظمة من طريق ابن لهيعة، قال ابن كثير رحمه الله: وهذا إسناد ضعيف لا يصح، ولا يثبت بمثل هذا الخبر، وابن لهيعة، واسمه عبد الله بن لهيعة بن عقبة ضعيف قد اختلط.

الشيخ: وفيه مجهول قال: عمن حدثه، فيه رجل مبهم، لا يصح.

الطالب: وقد اختلط، ومع ذلك مدلس، وقيس بن الحجاج صدوق من الطبقة السادسة عند الحافظ ابن حجر، وهم الذين لم يثبت لهم لقاء من أحد الصحابة.

الشيخ: يقول: عمن حدثه، فيه انقطاع، هذا في البداية والنهاية، في التفسير ما ذكر في التفسير؟

الطالب: سورة السجدة، في قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأرْضِ الْجُرُزِ}.

الشيخ: نفس القصة، ونفس السند.

الطالب: بقي قليل يا شيخ أحسن الله إليك، وكان تارة يرويه مرسلًا، وتارة يرويه عمن حدثه، ومن حدثه مجهول لا يعرف، فالخبر ضعيف لا يصح، وهذه القصة لو كانت صحيحة لذاع صيتها، ولانتشر خبرها، ولتوافرت الهمم على نقلها بالأسانيد الثابتة؛ لأنه حدث عظيم، وأمر جليل لا يغفل منه بل أدنى منه المؤرخون والرواة، والله أعلم.

الشيخ: صدق رحمه الله.

الطالب: الأخير هذا كلام المعلق.

الشيخ: المعلق من هو؟

الطالب: صاحب موقع الإسلام سؤال وجواب، محمد بن صالح المنجد.

الشيخ: يقول ماذا؟

الطالب: وهذه القصة لو كانت صحيحة لذاع صيتها، ولانتشر خبرها، ولتوافرت الهمم على نقلها بالأسانيد الثابتة؛ لأنه حدث عظيم، وأمر جليل لا يغفل منه بل أدنى منه المؤرخون والرواة، والله أعلم.

الشيخ: الحاصل أن هذه القصة ما تثبت، لكن ذكرها؛ لأنها ذكرت، ذكرها وذكر أسانيدها، فمن باب الاطلاع، نعم، سمِّ.

الطالب: أحسن الله إليكم، طلبتم الكلام على الحديث الماضي في صحيح ابن خزيمة «فإنه عندنا مخضوب بالحناء والكتم»، أحسن الله إليك، أخرجه البيهقي في الكبرى وقال: قال البيهقي: والخضاب من عندهم لكي لا يتغير والله أعلم، هذا كلام البيهقي أحسن الله إليك.

الشيخ: ما معنى الخضاب من عندهم؟

الطالب: لعلهم خضبوه بعد وفاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خضبوا الشعر.

الشيخ: لماذا يخضبونه بعد الوفاة؟

الطالب: قال: لكي لا يتغير.

الشيخ: هذا كلام البيهقي؟

الطالب: نعم، في السنن الكبرى.

الشيخ: ماذا يقول؟

الطالب: والخضاب من عندهم لكي لا يتغير والله أعلم، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، «فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا ‌شَعَرًا ‌مِنْ ‌شَعَرِ ‌النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا»، وفي رواية لأحمد: فأخرجت إلينا من شعر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا هو مخضوب أحمر الحناء والكتم، وفي صحيح البخاري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، ‌يَصِفُ ‌النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ، أَمْهَقَ وَلَا آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ، وَلَا سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ» قَالَ رَبِيعَةُ: «فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ».

الشيخ: من استعمال الطيب احمر.

الطالب: وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي خِضَابِهِ فَقَالَ أنس: ‌لَمْ ‌يَخْضِبْ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: خَضَبَ. وَقَدْ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حميد عَنْ أنس قَالَ: ( «رَأَيْتُ شَعْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْضُوبًا» ) قَالَ حماد: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: ( «رَأَيْتُ شَعَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَخْضُوبًا» ) ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ الطِّيبَ قَدِ احْمَرَّ شَعَرُهُ، فَكَانَ يُظَنُّ مَخْضُوبًا وَلَمْ يَخْضِبْ. وَقَالَ أبو رمثة: ( «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ابْنٍ لِي فَقَالَ: أَهَذَا ابْنُكَ؟ قُلْتُ نَعَمْ أَشْهَدُ بِهِ، فَقَالَ: لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ» ) قَالَ: وَرَأَيْتُ الشَّيْبَ أَحْمَرَ.

قَالَ الترمذي: هَذَا أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَفْسَرُهُ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْلُغِ الشَّيْبَ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: قِيلَ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: ( «أَكَانَ فِي رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْبٌ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِهِ شَيْبٌ إِلَّا شَعَرَاتٌ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ إِذَا ادَّهَنَ، وَارَاهُنَّ الدُّهْنُ»، قَالَ أنس: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ دُهْنَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ»، انتهى في زاد المعاد.

قال في فتح الباري: قَوْلُهُ مَخْضُوبًا زَادَ يُونُسُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَكَذَا لِابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ وَكَذَا ‌لِأَحْمَدَ ‌عَنْ ‌عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ سَلَّامٍ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَعْرًا أَحْمَرَ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ كَانَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ شَعْرِ لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَثَرُ الْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَالْحِنَّاءُ مَعْرُوفٌ وَالْكَتَمُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُثَنَّاةِ سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ بَعْدَ هَذَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي خَضَّبَ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ احْمَرَّ بَعْدَهُ لِمَا خَالَطَهُ مِنْ طِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ فَغَلَبَتْ بِهِ الصُّفْرَةُ قَالَ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَضِّبْ أَصَحُّ كَذَا قَالَ وَالَّذِي أَبَدَاهُ احْتِمَالًا قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مَوْصُولًا إِلَى أَنَسٍ فِي بَابِ صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ قُلْتُ وَكثير مِنَ الشُّعُورِ الَّتِي تُفْصَلُ عَنِ الْجَسَدِ إِذَا طَالَ الْعَهْدُ يَئُولُ سَوَادُهَا إِلَى الْحُمْرَةِ وَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ مِنَ التَّرْجِيحِ خِلَافُ مَا جَمَعَ بِهِ الطَّبَرِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ جَزَمَ أَنَّهُ خَضَّبَ كَمَا فِي ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وكما فِي حَدِيث بن عُمَرَ الْمَاضِي قَرِيبًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ حَكَى مَا شَاهَدَهُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ وَمَنْ نَفَى ذَلِكَ كَأَنَسٍ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ مِنْ حَالِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ مَا كَانَ فِي رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِحْيَتِهِ مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا شَعَرَاتٌ كَانَ إِذَا دَهَنَ وَأَرَاهُنَّ الدُّهْنَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ أَثْبَتُوا الْخِضَابَ شَاهَدُوا الشَّعْرَ الْأَبْيَضَ ثُمَّ لما واراه الدّهن ظنُّوا أَنه خضبه وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: الحاصل والأقرب أنه ما خضب، إما أن يكون من الحمرة، وأما كونه خضب بعد وفاته ما أدري هل له تأثير الخضاب في بقاء الشعر؟ يخضبونه بعد وفاته، لماذا يخضبونه بعد وفاته؟ يعني هل يبقى مدة أكثر، والخضاب سنة، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إن اليهود لا يخضبون، خالفوا اليهود»، أمر بالخضاب، هذا أقل أحواله الاستحباب، أمر بالخضاب، والخضاب يكون بالحناء فيكون أحمر، ويكون بالصفرة، ويكون بالحناء والكتم وهذا هو الأفضل، يكون يضرب إلى الحمرة، الحناء والكتم فيكون يضرب إلى الحمرة، كما فعل أبو بكر وعمر، فإنهما خضبا بالحناء والكتم، جاء في الحديث أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلًا خضب بالحمرة، قال: «هذا حسن»، وآخر بالصفرة، ولما ثالثًا خضب بالحناء والكتم قال: «هذا أحسن»، أما الخضاب بالسواد الخالص فهذا مكروه، ولا ينبغي، حرمه بعض العلماء، وبعضهم كرهه، ولا ينبغي أن يكون بالسواد الخالص، بل يكون بالحناء والكتم ليضرب به الحمرة، جاء الوعيد فيمن خضب بالسواد، أنه يأتي قوم يخضبون بالسواد، فيه كلام لأهل العلم، الأولى والأحوط للمسلم ألا يخضب بالسواد الخالص، وإنما يخضب بالحمرة، أو يخضب بالسواد الغامض الذي يميل إلى الحمرة، فلا يكون سوادًا خالصًا.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد