بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين
أما بعد
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتابه الأدب المفرد
مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فإن كتاب الأدب المفرد من أمس الكتب التي يحتاجها المسلم لما حواه من رفيع الآداب والأخلاق التي بعث رسولنا ونبينا صلى الله عليه وسلم بتمامها والتي كادت في هذا الزمان أن تتلاشى وتضمحل حيث حلت مكانها أخلاق الأعاجم والكفار وصارت هي الذوق في عرف كثير من الناس إلا من رحم ربي لذا وجب على أهل العلم والفضل نشر آداب وأخلاق الإسلام وخصوصا أخلاق وآداب سلف هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه وإن كتاب الأدب المفرد قد أحاط بهذه الآداب والأخلاق فجمع وأوعى فنشره وتحقيقه نشر لهذه الآداب والأخلاق
ترجمة المؤلف
هو أمير المؤمنين في الحديث وشيخ الإسلام الإمام الحافظ والحجة محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي البخاري أبو عبد الله صاحب أصح كتاب بعد القرآن الكريم
مولده ولد رحمه الله في شهر شوال سنة أربعة وتسعين ومائة
رحلاته قال المزي رحل في طلب الحديث إلى سائر محدثي الأمصار وكتب بخراسان والجبال ومدن العراق كلها وبالحجاز وبالشام ومصر وسمع أيضا ببلخ ومرو ونيسابور والري
شيوخه روى عن إبراهيم بن المنذر الحزامي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والضحاك بن مخلد وعبد الله بن يوسف التنيسي وعلي بن المديني والفضل بن دكين وقتيبة بن سعيد ومحمد بن بشار بندار والفريابي ويحيى بن معين وغيرهم خلق كثير
تلاميذه روى عنه الإمام الترمذي والإمام مسلم صاحب الصحيح وإبراهيم الحربي وأبو زرعة الرازي ومحمد بن يوسف الفربري وغيرهم كثير
ثناء العلماء عليه قال البخاري كتبت عن ألف شيخ وأكثر ما عندي حديث إلا أذكر إسناده وقال أيضا إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا وقال صنفت كتاب الصحيح ست عشرة سنة خرجته من ستمائة ألف حديث وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى وقال ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني وربما كنت أغرب عليه وقال أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح وقال كتبت عن ألف وثمانين رجلا ليس فيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
الشيخ هذا رد على المرجئة الذين يقولون الإيمان في القلب قال كتبت عمن؟ إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان قول وعمل
وقال كتبت عن ألف وثمانين رجلا ليس فيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
الشيخ ألف ومائة كلهم يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص
ولما دخل البخاري البصرة قال محمد بن بشار دخل اليوم سيد الفقهاء وقال أبو بكر بن شيبة ومحمد بن نمير ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل وكان ابن صاعد إذا ذكر محمد بن إسماعيل يقول الكبش النطاح وقال الإمام أحمد ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري وقال يعقوب بن إبراهيم الدورقي محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة وقال أبو سهل محمود بن المضر الشافعي دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم وقال أبو الطيب حاتم بن منصور محمد بن إسماعيل آية من آيات الله في بصره وفي نفاذه من العلم وقال رجاء الحافظ فضل محمد بن إسماعيل على العلماء كفضل الرجال على النساء وقال أيضا هو آية من آيات الله يمشي على الأرض وقال أبو حاتم الرازي محمد بن إسماعيل أعلم من دخل العراق وقال أبو عبدالله الحاكم محمد بن إسماعيل إمام أهل الحديث وقال ابن خزيمة ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل وقال محمد بن حمدون بن رستم سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى البخاري فقال دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله وقال الإمام الترمذي لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ والأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل وقال أيضا كان محمد بن إسماعيل عند عبد الله بن نمير فلما قام من عنده قال له يا أبا عبد الله جعلك الله زين هذه الأمة قلت استجيب له فيه فقال الإمام مسلم البخاري لا يبغضك إلا حاسد وأشهد إنه ليس في الدنيا مثلك وقال عبد الله بن سعيد بن جعفر سمعت العلماء بالبصرة يقولون ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح وقال أبو زيد المروزي كنت نائما بين الركن والمقام فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي فقلت يا رسول الله وما كتابك قال جامع محمد بن إسماعيل
عبادته وورعه قال مسبح بن سعيد كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار في كل يوم ختمة ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة قال بكر بن نمير كان محمد بن إسماعيل يصلي ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة فلما قضى الصلاة قال انظروا إيش أذاني
الشيخ يعني ما هذا الذي أذاني
وقال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف حدثنا محمد بن إسماعيل التقي النقي العالم الذي لم أر مثله قال الذهبي وقد ذكرنا أنه لما ألف الصحيح كان يصلي ركعتين عند كل ترجمة وقال الذهبي وروى الخطيب بإسناده عن الفربري قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي أين تريد قلت أريد محمد بن إسماعيل البخاري فقال أقرئه مني السلام وقال سليم بن مجاهد ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه ولا أورع ولا أزهد في الدنيا من محمد بن إسماعيل
محنته ووفاته قال بكر بن نمير بن خليد بن عسكر بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك فقال لرسوله أنا لا اذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كانت لك إلي شيء منه حاجة فاحضر في مسجدي
الشيخ تعال احضر مع الطلاب واسمع أما أحمل العلم إليك ما أحمله
قال فاحضر في مسجدي أو في داري وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند اله يوم القيامة لأني لا أكتم العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار فكان سبب الوحشة بينهما هذا وقال الحاكم سمعت محمد بن العباس الضبي يقول سمعت أبا بكر بن أبي عمرو الحافظ البخاري يقول كان سبب منافرتي أبي عبد الله أن خالد بن أحمد الذهلي الأمير خليفة الطاهرية ببخارى سال أن يحضر منزله فيقرأ الجامع والتاريخ على أولاده فامتنع عن الحضور عنده فراسله بأن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع وقال أخص أحدا فاستعان الأمير بحريث بن أبي الورقاء وغيره حتى تكلموا في مذهبه ونفاه عن البلد فدعا عليهم فلم يأت إلا شهر حتى ورد أمر الطاهرية بأن ينادى على خالد في البلد فنودي عليه على أتان وأما حريث فإنه ابتلي بأهله فرأي فيها ما يجل عن الوصف وأما فلان فابتلي بأولاده وأراهم الله فيهم البلاء وقال ابن عدي سمعت عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول جاء محمد بن إسماعيل خرتنك قرية على فرسخين من سمرقند وكان له بها أقرباء فنزل عندهم وسمعته ليلة يدعو وقد فرغ من صلاة الليل اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك فما تم الشهر حتى مات وقبره بخرتنك توفي رحمه الله ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء سنة ست وخمسين ومائتين هجرية
الشيخ ليلة الفطر في رمضان
مؤلفاته الجامع الصحيح
الشيخ قف على هذا
سؤال ض ق 15 .10
الشيخ إن صح بعض السلف يقول يجوز تمني الموت الحديث فيه النهي عن تمني الموت لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدعو بأجله قبل أن يأتيه فإن عمره لا يزيده إلا خيرا لكن بعضهم أجازه عند خوف