بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين أما بعد
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتابه الأدب المفرد
بَابُ عُقُوبَةِ قَاطِعِ الرَّحِمِ فِي الدُّنْيَا
67 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْبَغْيِ»
صحيح أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة
الشيخ وفيه أن البغي وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب وأنه يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره الله له في الآخرة ومن تاب تاب الله البغي هو العدوان كأن يعتدي على إنسان عدوان على شخص ماله أو بدنه أو عرضه
بَابُ لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ
68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - قَالَ سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الْأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَفَعَهُ الْحَسَنُ وَفِطْرٌ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» صحيح
الشيخ لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ المكافئ حتى في غير الرحم جار أو صديق تصله إذا وصلك هذه مكافأة لكن الرحم لا إذا تصله إذا وصلك لا هذه مكافأة والواجب الصلة الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها أما إذا وصل من وصله هذه مكافأة تكافئه حتى للبعيد لكن الرحم لا هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها حتى يتميز الواصل أما إذا كان أنت وإياه سواء تصله إذا وصلك وتقطعه إذا قطعك ما في تميز ما في صلة الصلة تتميز تصله إذا قطعك وتحسن إليه إذا أساء إليك وتحلم عليه إذا جهل عليك وتعطيه إذا حرمك هذا الواصل تزوره إذا لم يزرك
بَابُ فَضْلِ مَنْ يَصِلُ ذَا الرَّحِمِ الظَّالِمَ
69 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَقَصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ» قَالَ: أَوَ لَيْسَتَا وَاحِدًا؟ قَالَ: «لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَعْتِقَ النَّسَمَةَ، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَالْمَنِيحَةُ الرَّغُوبُ، وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ»
صحيح أخرجه أحمد والطيالسي وابن حبان والمروزي في البر والصلة قال جاء في الأصول الرغوب والتصويب من البر والصلة للمروزي والآداب للبيهقي قال وهو الموافق لكتب السنة قال الشيخ الألباني كذا الأصل ومر عليه الشارح فلم يعلق عليه بشيء
الشيخ لَئِنْ كُنْتَ أَقَصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ سماها خطبة الخطبة قد تطلق على الكلام القليل قصرت الخطبة يعني اللفظ فقد جعلت المسألة عريضة
الطالب جاء في الشرح من "فضل الله الصمد " أعرضت جعلته عريضا في المعنى وإن قصرت في اللفظ
قال الوكوف غزيرة اللبن وقيل التي لا ينقطع لبنها سنتها جميعا وفك الرقبة من العبودية وجيء بالاسم الظاهر موضع المضمر تفننا قال أو ليستا واحدا العتاق والفك أليستا واحدا في المعنى قال عتق النسمة أن تنفرد بعتقها فعبر عن المصدر بحاصل المصدر ولفظ الطحاوي عتق الرقبة أن تنفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في تخليصها من قود أو غرم
الشيخ العتق تنفرد بها والفك أن تشارك فيها في تخليصها والمنيحة الوكوف التي يستمر لبنها نعم يعني تمنح تمنحها لذي الرحم لأن الشاهد الآن صلة الرحم الظالم والفيء على ذي الرحم الظالم الفيء أصله المال يعني الإحسان إليه وصلته بشيء من المال فإن لم تطق المال تدفعه إليه فأمر بالمعروف وانه عن المنكر إن لم تطق الصلة بالمال فانتقل للمرتبة التي بعدها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فأمر بالمعروف وانه عن المنكر فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ» وفي لفظ آخر فإنه صدقة منك على نفسك
بَابُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ
70 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صِلَةٍ، وَعَتَاقَةٍ، وَصَدَقَةٍ، فَهَلْ لِي فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ حَكِيمٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ» صحيح
الشيخ وفي لفظ على ما أسلفت من خير وأتحنث يعني أتعبد بها وكان يعتق مائة في الجاهلية ثم أعتق مائة في الإسلام فيه دليل على أنه إذا أسلم هذا الكافر فإنه يحرز ما فعله من الخير في الجاهلية من حسن إسلامه فإنه يحرز ما فعله من الخير ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر إذا أسلم على معاصي ولم يتب من المعاصي فإنه يصح إسلامه من الكفر ويبقى عليه معاصي يؤاخذ بها لو أسلم وهو يشرب الخمر ما تاب من شرب الخمر يؤاخذ بالأول والآخر فإن أسلم من الكفر ومن المعاصي فإن الإسلام يجب ما قبله لا يؤاخذ إذا أسلم وحسن إسلامه تاب من الكفر ومن المعاصي وإذا تاب من الكفر ولم يتب من المعاصي تبقى عليه المعاصي يؤخذ بالأول والآخر قال أسلمت على ما أسلفت من خير أي إنه يثاب على العتق والأعمال التي فعلها في الجاهلية
إذا تاب من المعاصي هدمها وإذا تاب من الكفر ولم يتب من المعاصي بقيت عليه المعاصي
الطالب ذكر في الشرح قال مضى منك في أيام الجاهلية أن الكافر إذا فعل أفعالا جميلة ثم أسلم ومات عليه يجمع له ثواب الحسنات في حال الكفر تفضلا من الله تعالى كما يؤتى المؤمن من أهل الكتاب أجر عمله مرتين وكما تبدل سيئات المؤمن حسنات بعد التوبة وصلاح العمل وكما يتفضل على المواظب على عمل الخير إذا عجز لمرضه أو سفره ولا يدل هذا على قبول عمل الكافر الصادر منه في حال الكفر