شعار الموقع

شرح كتاب العقيدة الواسطية للهراس_32

00:00
00:00
تحميل
7

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه، ولنا ولوالدينا، وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين.

اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا يا رب العالمين.

المتن:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في (العقيدة الواسطية): قوله –عز وجل-: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:22]، وقوله –تبارك وتعالى-: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾[البقرة:165]، وَقَوْلُهُ –عز وجل-: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾[الإسراء:111].

قال الشيخ محمد خليل هراس –رحمه الله تعالى-: وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا﴾[البقرة:22] الآية؛ فَالْأَنْدَادُ جَمْعُ نِدٍّ، وَمَعَنْاهُ -كَمَا قِيلَ-: النَّظِيرُ الْمُنَاوِئُ. وَيُقَالُ: لَيْسَ لِلَّهِ ندٌّ، وَلَا ضدٌّ. وَالْمُرَادُ نَفْيُ مَا يُكَافِئُهُ وَيُنَاوِئُهُ، وَنَفْيُ مَا يُضَادُّهُ وَيُنَافِيهِ.

الشيخ:

نعم، ليس هناك شيء يكافئ الله، ولا يضاده وينافيه، وليس له شيء يماثله، وإلا أصل الند: المثيل، ليس لله مثيل يساويه، أو يناوئه، أو يكافئه، أو يضاده، -سبحانه وتعالى-، نعم.

المتن:

وَجُمْلَةُ: ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:22] وَقَعَتْ حَالًا مِنَ الْوَاوِ فِي ﴿تَجْعَلُوا﴾[البقرة:22]، وَالْمَعْنَى: إِذَا كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، وَأَنَّ هَذِهِ الْآلِهَةَ الَّتِي تجعلونها لَهُ نُظَرَاءَ وَأَمْثَالًا وَسَاوَيْتُمُوهَا بِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِبَادَةِ لَا تَخْلُقُ شَيْئًا، بَلْ هِيَ مَخْلُوقَةٌ، وَلَا تَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا؛ فَاتْرُكُوا عِبَادَتَهَا، وأفرِدوه –سُبْحَانَهُ- بِالْعِبَادَةِ وَالتَّعْظِيمِ.

الشيخ:

نعم، إذا كنتم تعلمون أنها لا تنفع، ولا تضر، وليس لها من الصفات التي تؤهلها للعبادة، وليس لها شيء من الإحسان، ولا شيء من نفع، فلماذا تعبدونها؟ أفردوا الله بالعبادة، وحدوه، هو المستحق للعبادة؛ لما له من الصفات العظيمة، والإحسان إلى الخلق، بل خلق الخلق، وأوجدهم من العدم، وربَّاهم بنعمه، وهو المستحق للعبادة، لا تجعلوا لله أمثالًا ونظراء، نعم.

المتن:

وَأَمَّا قَوْلُهُ –عز وجل-: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾[البقرة:165]؛ فَهُوَ إخبارٌ مِنَ اللَّهِ –عز وجل- عَنِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ يحبُّون آلِهَتَهُمْ كَحُبِّهِمْ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ يَعْنِي: يَجْعَلُونَهَا مُسَاوِيَةً لَهُ فِي الْحُبِّ، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾[البقرة:165] مِنْ حُبِّ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْلَصُوا لَهُ الْحُبَّ، وَأَفْرَدُوهُ بِهِ، أَمَّا حُبُّ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ؛ فَهُوَ موزَّعٌ بَيْنَهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الحبَّ إِذَا كَانَ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ أَمْكَنَ وَأَقْوَى.

وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يحبُّون آلِهَتَهُمْ كَحُبِّ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أشدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنَ الْكُفَّارِ لِأَنْدَادِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ –تَعَالَى-: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾[الإسراء:111]؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى الْحَمْدِ، وَأَنَّهُ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى النِّعْمَةِ وَغَيْرِهَا، وَقُلْنَا: إِنَّ إِثْبَاتَ الْحَمْدِ لَهُ –سُبْحَانَهُ- متضمِّنٌ لِإِثْبَاتِ جَمِيعِ الْكَمَالَاتِ الَّتِي لَا يستحقُّ الْحَمْدَ الْمُطْلَقَ إِلَّا مَنْ بَلَغَ غَايَتَهَا.

ثُمَّ نَفَى –سُبْحَانَهُ- عَنْ نَفْسِهِ مَا يُنَافِي كَمَالَ الْحَمْدِ مِنَ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ، وَالْوَلِيِّ مِنَ الذلِّ؛ أَيْ: مِنْ فَقْرٍ وَحَاجَةٍ، فَهُو –سُبْحَانَهُ- لَا يُوَالِي أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ مِنْ أَجْلِ ذِلَّةٍ وَحَاجَةٍ إِلَيْهِ.

ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ –صلى الله عليه وسلم-.

الشيخ: اللهم صلِّ وسلِّم عليه.

المتن:

أَنْ يُكَبِّرَهُ تَكْبِيرًا؛ أَيْ: يُعَظِّمَهُ تَعْظِيمًا، ويُنَزِّهَهُ عَنْ كُلِّ صِفَةِ نَقْصٍ وَصَفَهُ بِهَا أَعْدَاؤُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ﴾[التغابن:1].

الشيخ:

هذه الآيات فيها نفي الند والمثيل والنظير، وفيها إثبات الحمد لله -تعالى- بجميع أنواعه، فأنواع المحامد كلها مُلكًا لله -تعالى-، واستحقاقًا.

هو –سبحانه- ليس له شريك، ولا مثيل، ولا ولد، ولا ظهير، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، لم يحتج إلى أحد، ولم يتفرَّع من شيء، ولم يتفرَّع منه شيء، وليس له أصل، ولا فرع، ولا ولد، ولا والد، بل هو -سبحانه- الأحد الصمد، واجب الوجود لذاته، قائم بنفسه، المقيم لغيره، -سبحانه وتعالى-.

وفَّق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد