شعار الموقع

شرح كتاب تجريد التوحيد_3

00:00
00:00
تحميل
14

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ولا ريب أن توحيد الربوبية لم ينكره المشركون، بل أقرّوا بأنه سبحانه وحده خالقهم، وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله، وإنما أنكروا توحيد الإلهيّة والمحبّة، كما قد حكى الله - تعالى - عنهم في قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ﴾، فلما سووا غيره به في هذا التّوحيد كانوا مشركين، كما قال تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه من والاه، أما بعد:

فهذا النقل نقله المؤلف -رحمه الله- من مدارج السالكين للإمام ابن القيم -رحمه الله- المجلد الثالث، صفحة عشرين، انتهى الرقم الغزالي من قوله: هذا التوحيد مقام الصديقين، هذا النقل هو الذي نقله وسبق الكلام عليه قبل الصلاة كله نقل عن الغزالي .. (02:21) الآن إلى أخر الكتاب كله نقول سليمة، إنما النقل الذي نقله عن الغزالي هو الذي فيه ملحوظات كما سبق، وهذا منقول من كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين، وفي هذا البحث كما سمعنا التفريق بين توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وأن توحيد الألوهية توحيد فطري أقر به المشركون ولم ينكره أحد إلا من شذ، وأما توحد الألوهية هو الذي فيه خصومة بين الرسل وأمَمهم، ولا بد للمسلم ولا سيما طالب العلم أن يفرق بين توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية حتى لا يقع فيما وقع فيه الصوفية وأهل البدع وأهل الكلام من هذا التفريق بين التوحيدين، الله تعالى فرق بينهما والرسول عليه الصلاة والسلام، فلا بد من التفريق بين الأمور المختلفة والجمع بين الأمور المتفقة، لا بد من الجمع بين الأمور المتساوية والتفريق بين الأمور المختلفة من فرق بين الأمور المتساوية وجمع بين الأمور المختلفة (03:32) وتوحيد الربوبية هو: توحيد الله بأفعاله هو كما سبق، مثل الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والمطر، وتسبيب الأسباب هذه أفعال الله فلا بد للمسلم أن يوحد الله في ربوبيته.

فالتوحيد أقسامٌ ثلاثة:

1 - توحيد الربوبية.

2 - توحيد الألوهية.

3 - توحيد الأسماء والصفات.

هذا التقسيم مأخوذ من النصوص دلت عليه النصوص من كتاب الله، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ودليله الاستقراء والتتبع، بل قال أهل البدع وأهل المشركين كيف تقسمون التوحيد ثلاثة أقسام، من أين هذا التقسيم ليس في الكتاب ولا في سنة تقسيمه ثلاثة أقسام، من يقول هذا؟ بل إن بعض المشركين قال أن القول بتقسيم التوحيد هذا تشريك كتشريك النصارى الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة.

لا شك أن هؤلاء ضالون من حديثهم، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات مأخوذة من النصوص.

توحيد الربوبية: توحيد الله بأسمائه هوه كالخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، هو المحيي، هو المميت، هو منزل المطر، هو مسبب الأسباب بمعنى أنك توحد الله بأفعاله هوه تضيفها إلى الله، وتنسبها إلى الله وتعتقد أن الله هو الفاعل وحده لا شريك له، وتعتقد أن الله هو الرب وغيره مربوب، تؤمن بأن الله هو الرب وغيره مربوب، تؤمن بأن الله هو الخالق وغيره مخلوق، تؤمن بأن الله هو المالك وغيره هو المملوك، تؤمن بأن الله هو المدبر وغيره مدبر، وبقيت الأفعال تعود إلى هذا، لا بد من الإيمان بهذه الأفعال الأربع تؤمن بأن الله هو الخالق وغيره مخلوق، وتؤمن بأن الله هو الرب وغير مربوب، وتؤمن بأن الله هو المالك وغيره مملوك، وتؤمن بأن الله هو المدبر وغيره مدبر قال الله -تعالى-: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ]سورة الزخرف: 87[، وقال -تعالى-: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ]سورة لقمان: 25[، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ]سورة العنكبوت: 63[، هذا توحيد الربوبية أقر به المشركون.

(ولا ريب أن توحيد الربوبية لم ينكره المشركون) لا ريب: لا شك بتوحيد الربوبية لم ينكره المشركون بل آمنوا به، وأقروا به، ووحدوا الله فيه هذا لا بد من الإيمان به، لا بد من توحيد الله في ربوبيته ولكن هذا التوحيد لا يكفي للدخول في الإسلام، لو وحد الإنسان الله في ربوبيته لا يدخله الإسلام وحده بل حتى يوحد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، لا بد من الإتيان بأنواع التوحيد الثلاثة متلازمة، من لم يؤمن بواحد منها فليس موحد.

توحيد الألوهية: هو توحيد الله بأفعالك أنت أيها العبد، توحيد الله بأفعال العباد.

الفرق بين توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية: أن توحيد الربوبية توحيد الله بأفعاله هو الخلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، والتدبير، وتوحيد الألوهية توحيد الله بأفعالك أنت أيها العبد بالعبادات التي تتقرب بها إليه مثل الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والذبح، والنذر، والخوف، والرجاء، والرهبة، والرغبة، والتوكل، والخشوع، والاخبات، والإنابة هذه أفعالك أنت توحد الله بها.

ومعنى توحيد الله بها: أي أن تصرفها لله، وتتقرب إلى الله بها دون غيره فلا يكون فيها إرادة لغير الله، تدعوا الله ولا تدعوا غيره فمن دعا غير الله ودعا غيره فيما لا يقدر عليه إلا الله وقع في الشرك قال -تعالى-: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ]سورة يونس: 106[، أي: المشركين، وقال -سبحانه-: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ]سورة الشعراء: 213[، وقال -سبحانه-: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ]سورة فاطر: 13[، حكم الله عليهم بالشرك، وقال -سبحانه-: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ]سورة المؤمنون: 117[، سماه الله كافرًا، هذا توحيد العباد، توحيد الألوهية هو الذي أنكره المشركون، وهو الذي رفضه المشركون، وهو الذي وقع في خصومة بين الأنبياء وأمَمهم في قديم الدهر وحديثه من لدن أولهم نوح إلى آخرهم نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام، لأن الشرك وقع في قوم نوح أما قبل نوح لم يقع الشرك ولهذا أول رسول بعثه الله بعد وقوع الشرك نوح، وكان قبلهم آدم نبي وشيت لكن لم يقع الشرك، لكن وقع في المعصية قتل قابيل أخاه هابيل لكن لم يقع الشرك، ثم وقع الشرك في قوم نوح بعثه الله، وآدم أرسله الله إلى بنيه فقط، ونوح أرسله إلى بنيه وغير بنيه إذًا الخصومة بين الأنبياء والرسل مع اممهم في توحيد العبادة والألوهية.

أما توحيد الربوبية فهذا فطري أقر به المشركون ولم ينكروه، ما دعا نوح قومه قال وحدوا الله في ربوبيته آمنوا بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبر لأنهم مؤمنون بهذا، وما دعا هود قومه بأن يوحدوا الله في ربوبيته، وما دعا صالح قومهم، وكذلك إبراهيم، ولوط، وموسى، وعيسى، ونبينا محمد ما دعوا بتوحيد الربوبية لأنهم مقرون بذلك معترفون، أمر فطري كما أخبر الله في القرآن الكريم ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ]سورة المؤمنون: 84[، مقرون بهذا ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ]سورة يونس: 31[، إذًا توحيد الربوبية أقر به المشركون بخلاف توحيد الألوهية فإنه هو الذي وقع فيه المشركون، والله -تعالى- يحتج عليهم بإلزامهم بتوحيد الألوهية بإقرارهم بتوحيد الربوبية، أي: كما أنم آمنتم ووحدتهم الله في ربوبيته واعترفتم بأن الله هو الخالق والرازق، الذي خلق السموات والأرض وهو مدبر إذًا عليكم أن توحدوه تعبدوه وحده، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ]سورة البقرة: 21[، هذا توحيد العبادة، احتج عليهم بتوحيد الربوبية الذي يؤمنون به ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ]سورة البقرة: 22[، لا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون، احتج عليهم بتوحيد الربوبية الذي يؤمنون به كما أنكم تعترفون بأن الذي جعل لكم الأرض فراشًا، والسماء بناءً، وأنزل من السماء ماءً فأخرج من الثمرات رزقًا لكم تؤمنون بهذا إذًا اعبدوا الله، اعبدوا هذا الخالق، وفي سورة النمل احتج عليهم بتوحيد الربوبية لأنهم مقرون به، احتج بما يقرون به على ما ينكرونه كما أنكم تقرون بتوحيد الربوبية إذًا عليكم أن تعبدوا هذا الخالق المدبر قال الله -تعالى-: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ]سورة النمل: 60[، أإله مع الله يفعل ذلك احتج عليهم ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ]سورة النمل: 64[، فالله تعالى يحتج عليهم بتوحيد الربوبية الذي يقرون به على توحيد الألوهية كما أنكم تقرون بهذا عليكم أن توحدوا الله -سبحانه-.

وتوحيد الأسماء والصفات: هو الإيمان بما سمى الله به نفسه، ووصفه به نفسه، أو سماه به رسوله، أو وصفه به رسول في الكتاب والسنة، الله تعالى سمى نفسه الخالق، الرازق، المدبر، المحيي، المميت ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ]سورة الحشر: 23[، هذه أسماء سمى الله بها نفسه فلا بد من الإيمان به، وأسماء الله مشتقه مشتمله على معاني صفات الرحيم، مشتملة على صفة الرحمة، العليم مشتملة على صفة العلم، الله مشتمل على صفة الألوهية، العظيم مشتملة على صفة العظمة وهكذا جميع الأسماء ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ]سورة الحشر: 24[، وصفه نفسه بالاستواء ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ]سورة الأعراف: 54[، وصف نفسه بالرضا ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ]سورة المائدة: 119[، وصف نفسه بالغضب ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ]سورة الفتح: 6[، ووصف نفسه بالكره ﴿كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ]سورة التوبة: 46[، وصف نفسه بالمقت ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ]سورة غافر: 10[، وهكذا فلا بد من الإيمان بالأسماء والصفات التي سمى الله بها نفسه، أو وصف بها نفسه، أو سماه بها رسوله، أو وصفه بها رسوله هذا توحيد الأسماء والصفات.

توحيد الربوبية فطري، وتوحيد الأسماء والصفات أيضًا فطري، وأما توحيد الألوهية فهو التوحيد الذي أنكره المشركون.

توحيد الربوبية فطري لكن هناك من المجموعة البشرية من شذ مثل الدهريين الذين أنكروا الرب والبعث، ويقولون ليس هناك رب، ولا بعث، ولا ميعاد بل بطون تدفع بالولادة، وأرضٌ تبلع بالموت ولا رب ولا ميعاد، قال الله -تعالى- عنهم: ﴿وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ]سورة الجاثية: 24[، مرور الليالي والأيام، رد الله عليهم بقوله: ﴿وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾ .. (15:54) دليل علمٌ من دليل لا من الحث، ولا من الشرع، ولا من العقل وما كان هكذا لا يلتفت إليه في دار العلم ولهذا قال ﴿وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ كذلك من المجموعة البشرية التي شذت وأنكرت توحيد الربوبية الطبيعيون الذين يقولون أن الطبيعة هي التي أوجدتهم، أو الطبيعة يفسرونها بتفسيرين:

التفسير الأول: الطبيعة ذات الأشياء، فيقول الأرض ذات الأرض خلقت الأرض، ذات السماء خلقت السماء، ذات الجبال خلقت الجبال.

التفسير الثاني: يفسرون الطبيعة بصفات الأشياء وخصائصها من الحرارة والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، والملاسة، والخشونة، والمتقابلات، من نمو واغتداء وتزاوج وتوارث، فهذه صفات هي الطبيعة التي أوجدتها وهذا باطل العقل والحث كيف الشيء يوجد الشيء، ما يمكن الشيء يوجد نفسه لا يمكن، ذات الشيء يوجد الشيء، وإذا عجزت ذات الأشياء أن توجد نفسها فعجزها لغيرها من باب أولى.

فقد رد الله عليهم بقوله: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ]سورة الطور: 35[، هل خلقوا من غير شيء، أم هم الخالقون لأنفسهم؟ فهم الآن وجدوا من الذي أوجدهم؟ هل يمكن للإنسان أن يوجد نفسه؟

لا يمكن لأنه كان قبل أن يوجد عدم والعدم ليس بشيء، فالعدم لا يوجد شيئًا فلا يمكن أن يكونوا أوجدوا أنفسهم، ولا يمكن أن يكونوا أوجدوا من غير موجد فتعين لهم موجد أوجدهم وهو الله، ولهذا قال الله ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾، وقد ثبت في صحيح البخاري أن جبير بن مطعم قبل أن يسلم في الهدنة التي بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين قريش جاء إلى المدينةِ وسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ سورة الطور في المغرب وهو قبل أن يسلم على شركه فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ قال: فكاد قلبي أن يطير دبت الحياة في نفسي، ثم أسلم فهم وتدبر، ليس مثلنا الآن نقرأ وقلوبنا غافلة لاهية، تأمل وتدبر وتفهم قال: كاد قلبي أن يطير ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ هل خلقوا من غير خالق؟ أم هم الخالقون لأنفسهم؟

لا يمكن للإنسان أن موجود من غير موجد، ولا يمكن أن يوجد نفسه مستحيل أن يوجد الإنسان نفسه لأنه كان قبل أن يكون موجود كان عدمًا والعدم ليس بشيء، ولا يمكن أن يكون موجود بدون موجد هذه المحركات الآن كل المحركات الآن لا بد لها من يوجدها يكون لها محرك لها فكيف يكون هذا الخلق من غير موجد، فلا بد في هذه المسألة أن يكون له موجد أوجدها وهو الله واجد الوجود لذاته لم يوجده أحد ليس له فرعٌ ولا أصل، ليس له ولدٌ ولا والد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفو أحد ليس له فرع ولا أصل بل هو واجد الوجود لذاته، وهو موصوف بأنه الأول الذي ليس قبله شيء ليس لأول في نهاية، وهو الآخر الذي ليس بعده شيء ليس في أوليته نهاية، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، وهو الباطن الذي ليس دونه شيء لا يحجب شيء من خلقه كما قال الله -تعالى- ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ]سورة الحديد: 3[، قد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأسماء الأربعة وهي من أسماء الله الأول، والآخر، والظاهر، والباطن فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح في قوله «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء» فالله هو واجد الوجود لذاته، لم يوجده أحد وليس له أصل ولا فرع بل هو الأحد المتوحد بذاته وأسمائه وصفاته ليس له مثيل ولا نظير، الله الصمد الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها فهو صمدٌ في نفسه قائم بنفسه مقيم لغيره -سبحانه وتعالى- لم يلد فليس له فرع، ولم يولد فليس له أصل، ولم يكن له كفو احد ليس له نزيل، ونزلت سورة الإخلاص لما قال له المشركون صف لنا ربك فنزلت هذه السورة، وهي تعدل ثلث القرآن كما ثبت الصحيحين وغيرهم، فالله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الغني الذي لا يحتاج إلى أحد لا بد من الإيمان بهذا إيمان بأن الله هو الأول الذي ليس لأوليته بداية، وهو الآخر الذي ليس لأخرته نهاية، وهو الغني عمن سواه ولا مثيل له ولا نظير له، فلا يحتاج إلى احد فهو الغني عن العالمين وهو محيط بكل شيء، هو العالم بكل شيء، وهو القادر على كل شيء -سبحانه وتعالى- لا بد من الإيمان بهذا، وهذا يقر به المجموعة البشرية إلا من شذ كالدهريين، والطبيعيين، وكذلك من يقول بالصدفة يقولون أن: هذه المجرات والأشياء تجمعت وانضم بعضها إلى بعض فصارت خلقًا وهذا لا شك في فساده هل يمكن أن تتجمع المجرات بدون موجد هذا لو قال إنسان أن هناك مطبعة انفجرت وتجمعت الحروف وتطايرت الحروف وانضم بعضها إلى بعض وجاءت الباء بجوار السين بجوار الميم الألف وتكونت بسم الله الرحمن الرحيم وتكون كتاب كامل من انفجار المطبعة هل يقول هذا عاقل؟ صدفة هذا من يقول بالصدفة، يقول أن الأشياء وجدت صدفه بدون خالق وبدون مدبر، ولما أراد قومٌ أن يبحثوا مع الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- في إثبات وجود الله وإثبات الخالق جاء إليهم وقال لهم اخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن مسألة أُخبرت بها، قالوا ما هي؟ قال قيل لي أن هناك سفينة في نهر دجلة ليس لها قائد ولا ملاح تأتي بنفسها وترسي بالساحل وتمتلئ من الأطعمة والامتعة ثم تذهب بنفسها وتفرغ حمولتها في الساحل الثاني ثم ترجع هكذا، قالوا ما يمكن هذا مستحيل سفينة ليس لها ملاح تذهب وترجع وتمتلئ، قال: إذا كان هذا مستحيل في سفينة فكيف بهذا العالم في علويه وسفليه كيف لا يكون له مدبر؟ هذا العالم البديع الصنع الذي لا يتغير، هذا الليل والنهار ألاف السنين لا يسبق الليل النهار، ولا النهار الليل هذه الفصول الحر والخريف والربيع، والصيف لا تتغير لماذا في بعض السنوات لا تأتي شتاء؟ لا يوجد بل لا بد أن يأتي الشتاء، فمن الذي دبر هذا؟

هذه البحار والمد والجزم، وهذه النجوم هذا العالم علويه وسفليه المنظم البديع هل يمكن أن يوجد بلا موجد؟

وانتهت المسألة وهزموا وانقطعوا وذهبوا وأقروا له.

وكذلك أيضًا من أشهر من عرف تظاهره وإنكاره للخالق فرعون حينما أنكر الرب العظيم وقال للناس أنا ربكم الأعلى ما علمت لكم من إله غيري وقد كان مستيقنًا في الباطل، لكنه يعلم الآن أنه ليس بإله وليس برب كان يقول أنا ربكم الأعلى لكنه يعلم أنه الآن ليس برب، يعلم النقص الذي في نفسه يأكل ويشرب ويبول ويتغوط هذا رب؟ هذا إله؟

يأكل مثل الناس، ويشرب مثل الناس، ويبول ويتغوط هذا إله؟ هذا رب؟ ويعرف هذا بالنص فلا يستطيع دفع الأمراض ولا المصائب والموت عنه ولا عن أتباعه فكيف تقول هذا رب؟ وهزم أما موسى عليه السلام وعجز أمام السحرة وتوعدهم ولم يبالوا به هذا رب؟ لكنه مستيقن في الباطل به كبر وعلوه ﴿وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ]سورة القصص: 39[، ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ]سورة النمل: 14[، ولما قال فرعون قال أتباع فرعون ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ]سورة الأعراف: 127[، وفي قراءة وإلهتك أي: وعبادتك حتى قيل إن له عجلًا يعبده في السر، فرعون له عجل يعبده في السير ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ أكثر من عرف تجاهله وتظاهره بإنكار الخال هو فرعون.

والإتحادية: الذين يقولون بوجود واحد هؤلاء من أكفر خلق الله مذهبهم مذهب فرعون، وفرعون مستيقن في الباطل، الإتحادية يقولون بوجود واحد الخالق هو المخلوق والمخلوق هو الخالق، والرب هو العبد، والعبد هو الرب نعوذ بالله أعظم الناس كفرًا حتى قال رأيت العربي الرب عبده، والعبد رب يا ليت شعري غير مكلف ... (26:53) العبد رب والرب عبد يا ليت شعري غير مكلف إن كنت عبد فذاك بيت أو قلت رب أنى يكلف، يقول رب مالك وعبد هالك وانتم ذلك، والعبد فقط هو كثرة الوهم، ويقول: سر حيث شئت فإن الله ثم وقول ما شئت فالواسع الله، كل ما تراه هو الله نعوذ بالله، ومن عقيدتهم أنهم يقولون كل ما سبق هو الله لا موجود إلا الله نعوذ بالله، وهؤلاء من أعظم الناس كفرًا، ومن مذهبهم أن فرعون مصيب في دعواه الربوبية لأن الموجود واحد وفرعون مصيب إذًا زميلهم وأخوهم على دينهم فهو مصيب، ويقولون أن عبَاد العجل مصيبون، وعباد النار مصيبون كل من عمل شيء هو مصيب لا تمنع أحد، من منع أو خص شيء هذا هو الكافر اترك الناس كل يعبد ما يشاء فهو مصيب حتى إن موسى أنكر على هارون إنكاره على بني إسرائيل قالوا أنه أخذ برأسه ولحيته لماذا تنهاهم عن عبادة العجل؟ هم مصيبون هذه تفسير الإتحادية نسأل الله السلامة.

فالمقصود أن توحيد الربوبية هذا أمر فطري أقر به جميع طوائف البشرية إلا من شذ كالدهريين وكالطبأعيين ومن يقول بالصدفة، والإتحادية، وفرعون هؤلاء هم الذين شذوا عن البشرية، ومعداهم فهم مقرون بالربوبية ولهذا فإن الله -تعالى- بعث الرسل بتوحيد الألوهية والعبادة، فلا بد من التفريق بين التوحيدين لم يفرق بينهما الصوفية وأهل البدع، الصوفية يدأبون ويتعبون وكذلك الفلاسفة وفي النهاية لا يصلون إلى ما وصلت إليه عباد الأوثان والأصنام، عباد الأصنام والأوثان يعترفون بتوحيد الربوبية يقرون بأن الله هو الرب، الخالق، الرازق، المدبر، المحيي لكن يشركون في أنهم صرفوا العبادة لغيره، والصوفية يدأبون ويتعبون وفي النهاية يصلون إلى توحيد عباد الاصنام والأوثان فيقولون معنى لا إله إلا الله أي: لا خالق إلا الله يفسرونها بالخالق ويسمون .. (29:36) لو كان معنى لا إله إلا الله لا خالق إلا الله لكان أبو جهل مؤمن، أبو جهل يقول لا خالق إلا الله، كفار قريش يقولون لا خالق إلا الله، الصوفية هكذا يفسرون لا إله إلا الله لا خالق إلا الله، وكذلك أهل البدع وبعض الأشاعرة يقولون لا خالق إلا الله لا قادر على ... (29:55) إلا الله، وكذلك أيضًا الفلاسفة يتعبون ويدأبون وفي الأخر يصلون إلى إثبات وجودين أحدهما الواجب، والثاني ممكن.

الواجب: هذا وجود الخالق.

الممكن: هذا وجود المخلوق.

يقولون الموجود نوعان: واجب، وممكن فالواجب هذا وجود الله، والممكن هذا وجود المخلوق هذا التوحيد عندهم في النهاية لا يصلوا إلا إلى هذا، وصلوا إلى أمرٍ برج عليهم عباد الأصنام والأوثان أحسن حالًا منهم يثبتون بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبر، المحيي وهذا ما يثبته الفلاسفة.

الفلاسفة يثبتون وجودين ولذلك الآن التحقيق عزيز التفريق بين توحيد الربوبية هذا عزيز تجد كثير من المحدثين ومن الفقهاء لا يفرق بين توحيد الربوبية وبين توحيد الالوهية يختلط عليه الأمر.

يفسر توحيد الربوبية بتوحيد الألوهية، في رسالة لبعض الدكاترة سماه تناقض المذاهب المادية في حقيقة الألوهية هذه من زمان من أحد الدكاترة وهي مطبوعة محاضرة سمى عنوانها تناقض المذاهب المادية في حقيقة الألوهية ألقاها في جامعة الإمام منذ سنين، وكل الرسالة كلها في تحقيق الربوبية وما وصل إلى تحقيق الألوهية ما تجاوز توحيد الربوبية ولهذا فإن الرسائل العظيمة التي ألفها الإمام المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- هي رسائل عظيمة يعض عليها بالنواجذ، الصبيان يحفظونها يفرقون بين توحيد الربوبية، القواعد الأربع للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- تبيين بين المشركين والمؤمنين، تبيين بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، هذا توحيد الربوبية أقر به المشركون، وهذا توحيد الألوهية أنكره المشركون في القواعد الأربع صفحة يحفظها أولادنا، هذه نعمة عظيمة، قال بعضهم أنه ذهب منذ سنين أئمة الدعوة ذهب إلى الهند ووجد علماء محدثين كبار يحفظون الاحاديث والكتب الستة يحفظونها عن ظهر قلب بالأسانيد ولكن الواحد منهم لا يفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ما درس، درس الحديث فقط لكن ما تأمل القرآن وما عرف معانيه هذه نعمة عظيمة هذه الرسائل للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- هذه القواعد الأربع، والأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، ثم كتاب التوحيد هذه رسائل عظيمة ينبغي لطلبة العلم وأهل العلم أن يدرسوا هذه الرسائل ويكرروها وينبغي حفظها للطلبة بأسلوب علمي مبسط واضح ليس فيه تعقيد ولا أسلوب ادبي، إذا رأيت الضلال في كثير من الفقهاء ومن المحدثين ومن الصوفية ومن الفلاسفة ومن أهل الكلام في عدم التفريق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.

(ولا ريب أن توحيد الربوبية لم ينكره المشركون، بل أقرّوا بأنه سبحانه وحده خالقهم، وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله، وإنما أنكروا توحيد الإلهيّة والمحبّة) الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب أخذ هذا وجعله في القواعد الأربع، القواعد الأربع تمييز بين أهل الشرك وأهل التوحيد فينبغي لطالب العلم أن يكون عنده عناية بهذا الأمر، لعلنا نقف عند هذا الحد والموضوع مهم وهام فلا بد من التركيز عليه إن شاء الله، وفق الله الجميع.

سؤال: هذا الكتاب هو فتح الحميد في شرح كتاب التوحيد للشيخ عدنان بن منصور التميمي هذا حقق الكتاب الدكتور عودة العريفي، والدكتور حسين سعيد هو نفس عدنان منصور في صفحة 90 من المجلد الأول يقول: والتوحيد جوهر نفيس وله قشران: احدهما أبعد عن اللب من الأخر وخصص الناس الاسم بالقشر وبصنعة الحراسة بالقشر وأهملوا اللب بالكلية، فالقشر الأول أن تقول بلسانك لا إله إلا الله، والثاني أن لا يكون في القلب مخالفة وإنكار لمفهوم هذا القول الذي معناه الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، والمتكلمون حراس هذا العلم عن تشويش البدعة، ثم علق: من قوله التوحيد من الألفاظ التي حرفت إلى هذا الموضع منقول من إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، بشيء من التصرف والاختصار ولم ينبه على ما ذكره أبو حامد بعد ذلك من لباب التوحيد وهو ما أشير إليه هنا بأول الكلام بأنه التوحيد عند السلف؟

الإجابة: هذا نص كلام الغزالي، هو نفس الخطأ الذي وقع فيه هذا المؤلف هنا، المقريزي هنا، اقرء المتن.

والتوحيد جوهر نفيس وله قشران: احدهما أبعد عن اللب من الأخر وخصص الناس الاسم بالقشر وبصنعة الحراسة بالقشر وأهملوا اللب بالكلية، فالقشر الأول أن تقول بلسانك لا إله إلا الله، والثاني أن لا يكون في القلب مخالفة وإنكار لمفهوم هذا القول الذي معناه الإيمان بالله والكفر بالطاغوت، والمتكلمون حراس هذا العلم عن تشويش البدعة، وهذا العلم هو المراد هنا بعلم التوحيد إذ هو أهم وأفضل من سائر العلوم عند سلف الأمة، وسائر الأئمة لتوقف أصل الإيمان أو كماله عليه، وذلك لاشتماله على معرفة توحيد الله -سبحانه-.

الشيخ: ما ذكر اللباب الذي نقله الغزالي؟

قال وقال بعض العلماء -رحمهم الله- منهم أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: التوحيد من الألفاظ التي حرفت ونقلت بالأغراض الفاسدة إلى معاني غير ما أراده السلف الصالح وذلك أنه جعل الآن عبارة عن صناعة الكلام ومعرفة طرق المجادلة، وسمي المتكلمون به العلماء بالتوحيد مع أن جميع ما هو خاصة هذه الصناعة لم يكن يعرف منها شيءٌ في العصر الأول.

الشيخ: هذا الكلام يكفي المقصود أن هذا كلام أبي حامد الغزالي، هذا هو السبب في كون أئمة الدعوة حذروا من الكتاب هذا وما طبع سابقًا، أئمة الدعوة حذروا منه كاعتماده على كلام الغزالي وغيره ولذلك ما طبع سابقًا إلا ما طبع حديثًا عليه ملحوظات كثيرة، ونفس الخطأ الذي وقع في المقريزي هنا هو نفس الخطأ الذي وقع فيه في نقله عن الغزالي بدون تعقب.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد