شعار الموقع

سورة البقرة - 33

00:00
00:00
تحميل
5

[ولما حتم الصيام أعاد ذكر الرخصة للمريض وللمسافر في الإفطار بشرط القضاء فقال: {ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} معناه: ومن كان به مرض في بدنه يشق عليه الصيام معه أو يؤذيه أو كان على سفر أي في حالة سفر فله أن يفطر، فإذا أفطر فعليه عدة ما أفطره في السفر من الأيام؛ ولهذا قال {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} أي إنما رخص لكم في الفطر في حال المرض وفي السفر مع تحتمه في حق المقيم الصحيح، تيسيرا عليكم ورحمة بكم]

الحمد لله على هذا التيسير والتسهيل.

[وهاهنا مسائل تتعلق بهذه الآية:

إحداها: أنه قد ذهب طائفة من السلف إلى أن من كان مقيما في أول الشهر ثم سافر في أثنائه، فليس له الإفطار بعذر السفر والحالة هذه لقوله {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وإنما يباح الإفطار لمسافر استهل الشهر وهو مسافر، وهذا القول غريب نقله أبو محمد بن حزم في كتابه المحلى، عن جماعة من الصحابة والتابعين. وفيما حكاه عنهم نظر، والله أعلم]

وهذا القول ضعيف وهو غريب كما قال الحافظ رحمه الله، معنى هذا: أن الذي يسافر في أثناء الشهر ما يفطر، ما يفطر إلا الذي أدركه رمضان وهو في السفر، هذا ضعيف، الصواب: أن المسافر يجوز له أن يفطر سواء هل عليه الشهر في السفر أو في الحضر، لكن إذا كان السفر قصير مثلا لو سافر بالطائرة، وإذا وصل مثلا سوف يقيم ويمسك فالأولى ألا يفطر في هذه الحالة حتى يتم يومه صائما، يفطر ساعة ثم يمسك ويقضيه؛ ما يستفيد، لكن إذا كان سفر بالطائرة لكن سيقيم يوم أو يومين أو ثلاثة؛ يعني: ما يريد الإقامة فهذا لا بأس له أن يفطر، وإن صام فلا حرج، أما إذا كان يفطر ساعة ثم يريد أن يقيم مدة طويلة هذا الأولى أن يتم يومه صائما.

[فإنه قد ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه خرج في شهر رمضان لغزوة الفتح، فسار حتى بلغ الكديد، ثم أفطر، وأمر الناس بالفطر» أخرجه صاحبا الصحيح]

وهذا يرد هذا القول، النبي r سافر، هل عليه الشهر في المدينة وسافر في أثناء الشهر ومع ذلك أفطر، يرد هذا القول الذي نقله ابن حزم أنه ما يفطر إلا إذا استهل عليه الشهر.

[الثانية: ذهب آخرون من الصحابة والتابعين إلى وجوب الإفطار في السفر، لقوله: {فعدة من أيام أخر} والصحيح قول الجمهور، أن الأمر في ذلك على التخيير، وليس بحتم؛ لأنهم كانوا يخرجون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان. قال: «فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم» فلو كان الإفطار هو الواجب لأنكر عليهم الصيام، بل الذي ثبت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في مثل هذه الحالة صائما، لما ثبت في الصحيحين عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة]

وهذا يرد هذا القول، الصواب: أن طائفة من السلف يقولون: يجب الفطر، قالوا: لو صام ما صح صومه في السفر، يجب أن يفطر ولو صام ما صح صومه، لكن هذا قول ضعيف، يرده هذه الأحاديث الصحيحة أن النبي r كان يصوم، وعبد الله بن رواحة يصوم، والصحابة منهم الصائم ومنهم المفطر، ولا يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، الصواب: أنه مخير بين الصيام والإفطار؛ المسافر، لكن أيهما أفضل؟ يأتي الكلام عليه، قيل: إن الفطر أفضل؛ لأن فيه أخذا بالرخصة، وقيل: الصوم أفضل لأنه فيه براءة الذمة، وقيل: هما على حد سواء، إلا إذا كان عليه مشقة فهذا يتأكد في حقه الفطر ويفطر، إذا كان يشق عليه الصوم.

[إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة الثالثة: قالت طائفة منهم الشافعي: الصيام في السفر أفضل من الإفطار، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وقالت طائفة: بل الإفطار أفضل، أخذا بالرخصة، ولما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الصوم في السفر، فقال: «من أفطر فحسن، ومن صام فلا جناح عليه»، وقال في حديث آخر: «عليكم برخصة الله التي رخص لكم» وقالت طائفة: هما سواء لحديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال: يا رسول الله، إني كثير الصيام، أفأصوم في السفر؟ فقال: «إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر» وهو في الصحيحين، وقيل: إن شق الصيام فالإفطار أفضل لحديث جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد ظلل عليه، فقال: «ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصيام في السفر» أخرجاه]

وهذا لا شك أنه إذا شق الصوم عليه فإن الفطر أفضل، لكن إذا لم يشق، كان يكون وقت بارد، فأيهما أفضل؟ الفطر أفضل أو الصوم أفضل؟ هذا محل تأمل، منهم من قال: إن الفطر أفضل لأن فيه أخذ بالرخصة: «عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها» ومنهم من قال: الصيام أفضل لأنه أسرع في براءة الذمة وأنشط له إذا صام مع الناس، وهذا إذا لم يشق عليه، أما إذا كان فيه مشقة فالفطر أفضل، لا شك أن الفطر أفضل.

[فأما إن رغب عن السنة، ورأى إن أفطر مكروه إليه، فهذا يتعين عليه الإفطار]

يعني: هذا إذا رأى أنه ما ينبغي له أن يفطر، وترك الفطر زهدا في السنة ورغبة عنها، ورأى أنه لا حاجة إلى الفطر، هذا يجب عليه أن يفطر في هذه الحالة، يجب عليه أن يفطر حتى يزول هذا الاعتقاد الفاسد، كونه يرى أنه ينبغي أن يصوم وأنه لا حاجة إلى الفطر وأن الفطر عبث مثلما يقول بعض العامة: أنا في الشتاء الآن وما في فائدة من الفطر، فإنه في هذه الحالة يجب عليه الفطر؛ حتى تأخذ بالرخصة، إذا كان زهد في السنة ورغب عنها ورأى أنها لا حاجة إليها ففي هذه الحالة يجب أن يفطر، أما إذا كان يعتقد أن الصوم والفطر كل منهما جائز، ويرى أنه أنشط له إذا صام مع الناس وهذا فيه براءة الذمة فهذا لا بأس.

[فأما إن رغب عن السنة، ورأى إن أفطر مكروه إليه، فهذا يتعين عليه الإفطار ويحرم عليه الصيام، والحالة هذه، لما جاء في مسند الإمام أحمد وغيره، عن ابن عمر وجابر، وغيرهما: "من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة"]

هذا يحتاج إلى مراجعة، ما ذكر المؤلف السند فيحتاج إلى مراجعة على هذا يكون ضعيف.

إذا رأى أن هذا أنشط له وأسرع في براءة الذمة فله وجه، وإن رأى أن الأخذ بالرخصة فلا بأس.

هذا إذا صح يحمل على هذا، لكن إذا كان أكثرهم صائمون يزول هذا.

[الرابعة: القضاء، هل يجب متتابعا أو يجوز فيه التفريق؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه يجب التتابع، لأن القضاء يحكي الأداء.

والثاني: لا يجب التتابع، بل إن شاء فرق، وإن شاء تابع. وهذا قول جمهور السلف والخلف، وعليه ثبتت الدلائل؛ لأن التتابع إنما وجب في الشهر لضرورة أدائه في الشهر، فأما بعد انقضاء رمضان فالمراد صيام أيام عدة ما أفطر. ولهذا قال تعالى: {فعدة من أيام أخر}]

هذا هو الصواب أنه لا يجب التتابع، وإنما يجب عدد الأيام: {فعدة من أيام أخر} رمضان يجب التتابع لأنه هو الصوم الواجب الذي أوجبه الله على العباد، لا يجوز لأحد أن يفطر إلا من عذر، أما القضاء فهذا إنما الواجب عدد الأيام.

[ثم قال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سلمة الخزاعي، حدثنا ابن هلال، عن حميد بن هلال العدوي، عن أبي قتادة، عن الأعرابي الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره»]

أصح منه حديث: «إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه سددوا وقاربوا» فهذا الحديث أصح من حديث: «إن خير دينكم أيسره» وهذا قول، من أوجبه قال هذا، قال الله تعالى: {فعدة من أيام أخر} ولم يشترط التتابع، والقضاء يختلف عن الأداء، الأداء هذا شهر أوجب الله فيه الصيام على كل أحد إلا من عذر، وأما القضاء فإنه قضاء للأيام التي أفطرها المعذور.

[وقال أحمد أيضا: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصم بن هلال، حدثنا غاضرة بن عروة الفقيمي، حدثني أبي عروة، قال: كنا ننتظر النبي صلى الله عليه وسلم فخرج رجلا يقطر رأسه من وضوء أو غسل، فصلى، فلما قضى الصلاة جعل الناس يسألونه: علينا حرج في كذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن دين الله في يسر» ثلاثا يقولها ورواه الإمام أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية من حديث مسلم بن أبي تميم عن عاصم بن هلال، به وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو التياح، سمعت أنس بن مالك يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يسروا ولا تعسروا، وسكنوا ولا تنفروا» أخرجاه في الصحيحين وفي الصحيحين أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما إلى اليمن: «بشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا»]

ولهذا ينبغي للدعاة أن يسلكوا هذا المسلك في التيسير وعدم التنفير، وإذا كان هناك أمران فيختار الأيسر ما لم يكن إثما، «كان النبي r إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثما».

[وفي السنن والمسانيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت بالحنيفية السمحة»]

وينبغي للدعاة ألا يكون بينهما خلاف في المسائل الشكلية، أما إذا كان مسألة في أمر الاعتقاد هذا لابد منه، تصحيح العقيدة لابد منه، لكن في الأمور الشكلية ينبغي للدعاة أن يتطاوعوا ولا يختلفوا.

[وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: حدثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يحيى ابن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا أبو مسعود الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي فتراءاه ببصره ساعة، فقال: أتراه يصلي صادقا؟ قال: قلت: يا رسول الله، هذا أكثر أهل المدينة صلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسمعه فتهلكه وقال إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر، ولم يرد بهم العسر»

ومعنى قوله: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة} أي إنما أرخص لكم في الإفطار للمرض والسفر ونحوهما من الأعذار لإرادته بكم اليسر، وإنما أمركم بالقضاء لتكملوا عدة شهركم

وقوله {ولتكبروا الله على ما هداكم} أي ولتذكروا الله عند انقضاء عبادتكم، كما قال {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} [البقرة 200] وقال {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الجمعة 10] وقال {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود} [ق 39- 40] ولهذا جاءت السنة باستحباب التسبيح، والتحميد والتكبير بعد الصلوات المكتوبات.

وقال ابن عباس: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير؛ ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} حتى ذهب داود بن علي الأصبهاني الظاهري إلى وجوبه في عيد الفطر لظاهر الأمر في قوله {ولتكبروا الله على ما هداكم} وفي مقابلته مذهب أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يشرع التكبير في عيد الفطر والباقون على استحبابه، على اختلاف في تفاصيل بعض الفروع بينهم وقوله {ولعلكم تشكرون} أي: إذا قمتم بما أمركم الله من طاعته بأداء فرائضه، وترك محارمه، وحفظ حدوده، فلعلكم أن تكونوا من الشاكرين بذلك]

والصواب: أن التكبير مستحب، التكبير في عيد الفطر، وفي عيد الأضحى ثلاثة عشر يوما من دخول عشر ذي الحجة إلى غروب الشمس يوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، أما قول داود أنه واجب فهذا ضعيف، واستدل بقوله: {ولتكبروا الله} اللام ليست للأمر وإنما هي للتعليل، فوهم داود، داود الظاهري ظن أن اللام للأمر {ولتكبروا الله} واللام ليست للأمر وإنما هي للتعليل يعني لأجل أن تكبروا الله، ففهم منها الأمر فلهذا قال بالوجوب الصواب: أن التكبير مستحب ليس بواجب كما عليه الجمهور، أما قول أبو حنيفة: غير مشروع، كذلك ضعيف قول أبو حنيفة.

حديث الجريري الذي فيه: «لا تسمعه فتهلكه» في سنده الجريري فيه نكارة والأقرب أنه ضعيف.

(السائل محمد طلبة من مصر عفا الله عنك، يقول: فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا يستعمل عندنا كلمة "والنبي" وفي كثيرا من الأحيان لا يراد بها القسم، ولكنها عادة جرت الألسنة عليها ألا يعتبر هذا جائز من باب «أفلح وأبيه إن صدق»؟)

لا، قوله: "والنبي" هذا شرك، يقول النبي r: «من حلف بغير الله فقد كفر» أو «أشرك» وأما حديث: «أفلح وأبيه إن صدق» سبق ومر بنا في درس مضى أن العلماء أجابوا عن هذا بأجوبة أرجحها أن هذا كان قبل النهي، «أفلح وأبيه»، ومنهم من قال: صحفت على بعض الرواة أصلها أفلح والله وصحفت بعض الرواة بأفلح وأبيه، ومنهم من قال: هذا مما يجري على اللسان، المقصود أن الصواب: أن هذا كان قبل النهي، فينبغي على الإنسان ترك هذه العادة، يجاهد نفسه حتى تترك هذه العادة جاء في الحديث الآخر: «من قال: واللات والعزى فليقول: لا إله إلا الله» يعني: يجاهد نفسه ويترك هذه العادة.

السؤال الثاني يقول: ما هو القول الصحيح في مسألة وهب ثواب قراءة القرآن للميت؟

فيه خلاف بين أهل العلم واختلف العلماء فالمالكية والشافعية يرون المنع، والحنابلة والأحناف يرون الجواز، والأصل في هذا أن النصوص وردت بوصول الثواب للميت بأربعة أشياء: بالدعاء، والصدقة، والحج، والعمرة، هذه وردت بها النصوص، فذهب الحنابلة وجماعة وكثيرون والأحناف إلى أنه يقاس عليها إهداء ثواب قراءة القرآن، وإهداء ثواب الصوم، وإهداء ثواب الصلاة يصلي ركعتين يعطي ثوابها للميت، تقرأ القرآن تسبح تهدي ثوابه للميت قالوا: نقيس وذهب آخرون من أهل العلم كالمالكية والشافعية إلى الوقوف عند النصوص، وهذا هو الأرجح، الأرجح أن جميع العبادات توقيفية، وإنما تقرأ القرآن بنفسك وتدعو للميت، تصلي بنفسك ركعتين وتدعو للميت، تصوم لنفسك وتدعو للميت، إلا الصيام الواجب، لقول النبي r: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» رواه البخاري في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، إذا مات وعليه صوم من رمضان أو نذر أو كفارة فإنه يقضى عنه استحبابا وإن لم يرغب وليه القضاء فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين أما إهداء ثواب الصوم، وإهداء ثواب الصلاة وإهداء ثواب القراءة، وإهداء ثواب الطواف بالبيت، وإهداء ثواب التسبيح، فهذا الأرجح تركه؛ لأنه لم يرد، والعبادات توقيفية والأصل في العبادات الحظر والمنع، هذا هو الأرجح خلافا للأحناف والحنابلة الذين يرون الجواز وهو ظاهر قول الجمهور واختاره ابن القيم في كتاب الروح ونقله عن شارح الطحاوية المقصود: أن الصواب الوقوف عند النصوص، الاقتصار على الدعاء للميت، والصدقة، والحج والعمرة، والأضحية من الصدقة وأما الصلاة يصلي لنفسه ويدعو للميت يصوم لنفسه ويدعو للميت يقرأ القرآن لنفسه ويدعو للميت، هذا هو الأرجح.

السؤال الثالث يقول: بالنسبة للتراجم في صحيح مسلم هل هي من وضع الإمام مسلم أم النووي؟

التراجم من وضع النووي، مسلم ما وضع إلا الكتب: كتاب الصلاة، كتاب الصوم، فالشراح هم الذين وضعوا التراجم.

السؤال الرابع يقول: هل تعتبر صدقة جارية إن كانت من غير مال المتوفى؟

نعم، إذا أهدى له، مثلا مات الميت ثم اتفق جماعة وبنوا له مسجد، أو طبعوا مصاحف ووزعوها وجعلوا ثوابها للميت؛ يصل صدقة جارية ولو لم يكن هو الذي فعل.

سؤال أخير يقول إنشاء الصف على اليمين أفضل أم القرب من الإمام أفضل ولو كان من على اليسار؟

يكون الصف يبتدئ يكون خلف الإمام، خلف الإمام هذا يكون الصف، واليمين أفضل ولو كان اليسار أقرب إلى الإمام، اليمين أفضل، ميمنة الصف أفضل.

أحد الإخوة يسأل يقول: هل بالإمكان حضور النساء دروسكم في هذا المسجد في المكان المخصص للنساء؟

سبق جاء بعض الإخوان وطلب هذا، وقلنا: إذا كان في عدد من الطالبات أو من النساء لا بأس يمكن نتفاهم مع الإمام، أما إذا كانت واحدة فالأولى ألا تكون لأنه يخشى عليها وحدها، أما إذا كان في عدد من النساء لا بأس، إذا كان في عدد من الطالبات فلا بأس ننظر في هذا ونتفاهم مع الإمام إن شاء الله ولعله يهيأ لهم مكان ومكانهم معروف لكن يفتح لهم يعن، مكان النساء موجود الآن ومستقل

[قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى على قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة:186].

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أخبرنا جرير، عن عبدة بن أبي برزة السجستاني عن الصلت بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، عن أبيه، عن جده، أن أعرابيا قال: يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}]

هذه الآيات الكريمة فيها بيان فضل الله سبحانه وتعالى وإحسانه إلى عباده ولطفه بهم، وعنايته سبحانه وتعالى بهم وأنه فتح لهم أبواب رحمته، وأمرهم بالسؤال ووعدهم بالإجابة، ولم يجعل سبحانه وتعالى بينه وبين أحد من خلقه واسطة قال سبحانه وتعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} فهو سبحانه وتعالى قريب من السائلين، وهو فوق العرش، فوق السموات وهو قريب من السائلين بالإجابة وقريب من العابدين بالإثابة كما قال سبحانه وتعالى {واسجد واقترب}[العلق:19] الساجد قريب من الله لأنه عابد، كما أن الداعي قريب من الله.

ولم يرد في النصوص أن الله تعالى قريب من كل أحد، وإنما ورد أنه قريب من السائلين، أنه قريب قربا خاصا وهو نوعان: قرب من الداعين بالإثابة، وقرب من السائلين بالإجابة.

وأما قوله تعالى {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق16] فالمراد الملائكة أقرب إلى قلب الإنسان من حبل الوريد بدليل تقييده بالظرف لقوله {إذ يتلقى المتلقيان} [ق:17] ولو كان المراد قرب الرب لم يقيده بظرف ومثل قوله تعالى {ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} [الواقعة85] فإن الملائكة أقرب إلى الإنسان من أهله ولكن لا تبصرون الملائكة

وقال آخرون من أهل العلم: إن القرب يكون عاما، كالمعية تكون عامة وخاصة، وقالوا: إن معنى قوله تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} يعني: أقرب بالعلم، وقيل بالقدرة والرؤية، وهذه الآية فيها بشارة عظيمة للمؤمنين السائلين بأن الله تعالى يجيب دعاءهم {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} لابد من الاستجابة والإيمان حتى يحصل الرشد {لعلهم يرشدون} اللام ليست للترجي بل للتعليل فالمعنى فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لأجل أن يرشدوا، فمن استجاب لله وآمن به فإنه من الراشدين، فلعل ليست للترجي، الله تعالى لا يترجى أحد، ولا يرجو من أحد شيئا، ولا يرجو شيئا، بل كل ما أراده سبحانه وتعالى فإنه يقع {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}[يس:82] قال سبحانه {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}[النحل:40] {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر}[القمر:50] فالترجي يكون من المخلوق الضعيف الناقص بما يدري ما يدري ما وراء الأمور، أما الله تعالى فلا يخفى عليه شيء، فلا يرجو شيئا ولا يترجى من أحد شيئا، وإنما المعنى أن لعل المراد بها التعليل المعنى لترشدوا، فمن استجاب لله وآمن به فهو من الراشدين، والسائل موعود بالإجابة إذا حقق الشروط، فقد ثبت في الصحيح من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: «كنا مع النبي r في سفر فارتفعت أصواتنا بالتكبير: الله أكبر، الله أكبر، فقال النبي r: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم» يعني: ارفقوا على أنفسكم لا تكلفوا أنفسكم، «فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا فإن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» فقال: «فإن الذين تدعونه سميع قريب» فهو قريب من الداعين، «فإن الذين تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» وارتفاع الصوت بالتكبير هذا مشروع في السفر، لكن كأنهم رفعوا صوتهم وكان فيه مبالغة فإذا حقق المسلم الشروط، شروط الدعاء فإن الله تعالى يجيب دعاءه لابد أن يكون بقلب حاضر لا يكون بقلب غافل ولابد أن يأتي بالحمد ويثني على الله في أول دعائه ويصلي على النبي r، ولابد أن يبتعد عن موانع الدعاء لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم، ولا يكون متلبس بالحرام كل هذه من أسباب موانع قبول الدعاء.

[ورواه ابن مردويه، وأبو الشيخ الأصبهاني، من حديث محمد بن أبي حميد، عن جرير، به. وقال عبد الرزاق: أخبرنا جعفر بن سليمان، عن عوف، عن الحسن، قال: سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم: أين ربنا؟ فأنزل الله عز وجل: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} وقال ابن جريج عن عطاء: أنه بلغه لما نزلت {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر:60] قال الناس: لو نعلم أي ساعة نزلت؟ فنزلت: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فجعلنا لا نصعد شرفا، ولا نعلو شرفا، ولا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير. قال: فدنا منا فقال: «يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصما ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. يا عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله» أخرجاه في الصحيحين]

وفي اللفظ الآخر أنه قال: جاء إلى النبي r وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال النبي r: «يا عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله».

[أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة من حديث أبي عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مل عنه بنحوه]

والميم مثلثة يقال: مل، مل، مل.

[وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني»]

وهذا حديث قدسي يفيد المعية، هو سبحانه وتعالى مع الظانين الذين يظنون بالله الظنون الحسنة، فالله تعالى مع عبده بمعية عونه ونصره وتأييده وتوفيقه وتسديده، فهو سبحانه وتعالى معه وهو فوق العرش يعني: معية خاصة، وهو سبحانه وتعالى عند ظن عبده به، ومعلوم أن الظن الحسن لابد له من أعمال حسنة، فمن حسنت أعماله حسنت ظنونه، ومن ساءت أعماله ساءت ظنونه، فالذي يعمل الأعمال الصالحة يظن بالله ظنا حسنا، والأعمال السيئة تنشأ عنها الظنون السيئة ولهذا قال تعالى في المنافقين: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} [آل عمران:154] هذه ظنون المنافقين، {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء} [الفتح:6] فسر هذا الظن بأن الله لا ينصر حزبه ولا رسوله وبأنه يقضى على الإسلام، وبأن الدولة تكون للكفار، هذا هو ظن السوء، ظنوا أن الله لا ينصر رسوله، ولا حزبه، قال تعالى في سورة آل عمران {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} ثم بين {يقولون هل لنا من الأمر من شيء} [آل عمران:154] هذه من ظنونهم {يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا}[آل عمران:154] هذه مقالة عبد الله بن أبي وغيره، نسأل الله العافية فمن ساءت أعماله ساءت ظنونه، ومن حسنت أعماله حسنت ظنونه، فالله تعالى مع عبده عند ظنه به إذا حسن عمله وظن به ظنا حسنا.

[وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله، عن كريمة بنت الحسحاس المزنية، قالت: حدثنا أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه» قلت: وهذا كقوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128]]

يعني: هذه معية خاصة، ومثل قوله تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين}[الأنفال:46] وقوله: {إن رحمة الله قريب من المحسنين}[الأعراف:56] وقوله تعالى لموسى وهارون {إنني معكما أسمع وأرى}[طه:46]، وقوله لنبيه {لا تحزن إن الله معنا}[التوبة:40] هذه معية خاصة تقتضي النصر والتأييد، والتوفيق والتسديد والكلاءة والحفظ وهناك معية عامة، عامة لجميع الخلق تقتضي الإحاطة والاطلاع والمحاسبة والمجازاة على الأعمال كقوله تعالى: {ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة}[المجادلة:7] وقال سبحانه وتعالى {وهو معكم أين ما كنتم} [الحديد:4] هذه عامة للمؤمن والكافر، فالله تعالى مع العباد بإحاطته واطلاعه ونفوذ سمعه وبصره وقدرته ومشيئته، ومجازاته، تقتضي هذه المحاسبة والمجازاة، وتأتي في سياق التهديد والتخويف: {وهو معكم أين ما كنتم} {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم} فهي عامة للمؤمن والكافر أما المعية الخاصة فهي خاصة بالمؤمنين وتأتي في سياق المدح والثناء، ومقتضاها النصر والتأييد، والكلاءة {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل :128] {إن الله مع الصابرين} {لا تحزن إن الله معنا}[التوبة:40] {إنني معكما أسمع وأرى}[طه:46]، هذه معية خاصة.

[وهذا كقوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} وكقوله لموسى وهارون، عليهما السلام: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] والمراد من هذا: أنه تعالى لا يخيب دعاء داع، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء، وفيه ترغيب في الدعاء، وأنه لا يضيع لديه تعالى، كما قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد حدثنا رجل أنه سمع أبا عثمان هو النهدي يحدث عن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى ليستحي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين» قال يزيد: سموا لي هذا الرجل، فقالوا: جعفر بن ميمون وقد رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث جعفر بن ميمون، صاحب الأنماط به]

يعني: الرجل المبهم هو جعفر بن ميمون.

(في التقريب يقول: بياع الأنماط، جعفر بن ميمون التميمي بياع الأنماط صدوق يخطئ من السادسة هنا صاحب الأنباط، في التقريب بالميم)

الصحيح الأنماط، الأنماط نوع من الأقمشة والبسط، كأنه يبيعه على عادة العلماء كانوا لهم مهن، هذا صاحب الأنماط وهناك الجصاص، والدهان، يشتغلون لهم مهن، يكسبون، هم علماء ولهم مهن يكتسبون منها.

(أبو علي التيمي بياع الأنماط عن أبي العالية وأبي عثمان النهدي، وعنه ابن أبي عروبة والسفيانان قال أحمد والنسائي ليس بالقوي)

[وقال الترمذي: حسن غريب، ورواه بعضهم، ولم يرفعه وقال الشيخ الحافظ أبو الحجاج المزي، رحمه الله، في أطرافه: وتابعه أبو همام محمد بن الزبرقان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، به.

وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو عامر، حدثنا علي بن دؤاد أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الأخرى وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر»]

الله أكثر عطاء وفضلا وجودا، وهذا فيه الحث على الدعاء وأن دعوة المسلم لا تضيع فهو مستفيد على كل حال

أولا: هو متعبد لله بالدعاء، يكتب له حسنات وأجر وثواب لأنه عابد لله.

ثانيا: الدعاء يستجاب في الجملة إما أن يعجل الله له دعوته يعطيه ما هو أصلح له، إما أن تجاب دعوته، أو يعطى من الخير مثلها، أو يصرف عنه من السوء مثلها، فهو مستفيد على كل حال، وهذا ما لم يحصل مانع من موانع قبول الدعاء.

[وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، أن عبادة بن الصامت حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله، عز وجل، بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو كف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»]

يعني: هذا قيد، فإن دعا بإثم أو قطيعة رحم فإنه يمنع قبول الدعاء لوجود المانع، يدعو بإثم أو شيء محرم، أو قطيعة رحم، يدعو على والديه، أو على أقربائه، أو يدعو على من لا يستحق الدعاء هذا إثم أو يدعو بقطيعة رحم، أو يسأل الله شيئا لا يحل له، يسأل الله أن ييسر له شرب الخمر، هذا إثم ما يستجاب له في هذه الحالة، أو يتعدى ويسأل الله شيئا يقول: اللهم أعطني منازل الأنبياء، هذا من العدوان، فلا يعتدي: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} [الأعراف:55].

[ورواه الترمذي، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن ابن ثوبان؛ وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه وقال الإمام مالك، عن ابن شهاب، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك، به. وهذا لفظ البخاري، رحمه الله، وأثابه الجنة]

هذا مانع من قبول الدعاء أيضا كونه يستعجل ويستحسر ويدع الدعاء، يدعو فإذا لم ير شيء يقول: «دعوت ودعوت فلم يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء» يجب أن يلح فإن الله تعالى يحب الملحين بالدعاء، قد يكون أراد الله به خيرا وأن الخيرة في تأخير إجابة الدعاء حتى يكثر الدعاء ويكثر تعبده لله وتكثر حسناته، فلا يستعجل ولا يستحسر.

[وقال مسلم أيضا: حدثني أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، أخبرني معاوية بن صالح، عن ربيعة ابن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال يقول قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك، ويترك الدعاء» وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا ابن هلال، عن قتادة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا: وكيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي»]

ابن هلال في تعليق عليه، أعتقد أبو هلال.

[وقال الإمام أبو جعفر الطبري في تفسيره: حدثني يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، حدثني أبو صخر: أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: ما من عبد مؤمن يدعو الله بدعوة فتذهب، حتى تعجل له في الدنيا أو تدخر له في الآخرة، إذا لم يعجل أو يقنط. قال عروة: قلت: يا أماه كيف عجلته وقنوطه؟ قالت: يقول: سألت فلم أعط ودعوت فلم أجب قال ابن قسيط: وسمعت سعيد بن المسيب يقول كقول عائشة سواء]

هذا صحيح عائشة أخذته من النصوص، إذا استعجل ويأس فإنه في هذه الحالة يدع الدعاء ويستحسر

(أبو هلال محمد بن سليمان الراسبي نزل فيهم أبو هلال مولاهم البصري عن الحسن وابن سيرين وقتادة، وجماعة، وعنه وكيع وابن مهدي، وموسى بن إسماعيل وخلق وثقه أبو داود، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أنه يحول من كتاب الضعفاء للبخاري، وقال النسائي: ليس بالقوي، قال محمد بن محفوظ: مات سنة سبع وتسعين ومائة)

الراوي عنه أبو هلال ما ذكر ابن هلال، الراسبي مولاهم نزل فيهم فنسب فيهم إذا أبو هلال.

[وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا بكر بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنه لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل»]

هو ضعيف فيه ابن لهيعة لكن قد يكون له شواهد، الإنسان يكون موقن بالإجابة يعني أنه يحسن الظن بالله، وهذا يشهد له الأحاديث الأخرى وأنه ينبغي للإنسان أن يحسن الظن بالله.

(له شاهد من حديث أبي هريرة)

له شواهد أخرى مثل الحديث الذي مر: «أنا عند ظن عبدي» أن يكون موقن بالإجابة هذا من حسن الظن بالله، ما في منافاة، فلا يعجب بعمله ويحرص على العمل الصالح ومع ذلك لا يقنط من رحمة الله ويحسن الظن بالله عملا بالنصوص، يعلم أن ربه سبحانه وتعالى كريم وأنه لا يعامله بتقصيره، هو يعترف بالتقصير ومع ذلك يعلم أن ربه لا يعامله بالتقصير، ويحسن الظن بالله.

[وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي بن نافع ابن معد يكرب ببغداد، حدثني أبي بن نافع، حدثني أبي نافع بن معد يكرب، قال: كنت أنا وعائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آية {أجيب دعوة الداع إذا دعان} قال: «يا رب، مسألة عائشة، فهبط جبريل فقال: الله يقرئك السلام، هذا عبدي الصالح بالنية الصادقة، وقلبه نقي يقول: يا رب، فأقول: لبيك، فأقضي حاجته» وهذا حديث غريب من هذا الوجه وروى ابن مردويه من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: حدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أمرت بالدعاء، وتوكلت بالإجابة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك، أشهد أنك فرد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لك كفوا أحد، وأشهد أن وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور»]

هذا الحديث ضعيف، الكلبي عن أبي صالح ضعيف، وأنك فرد صمد، فرد ليس من أسماء الله، وإنما هو من باب الخبر من الأسماء: صمد، أحد أما فرد هذه من باب الخبر، لكن هذا الحديث ضعيف.

[وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا الحسن بن يحيى الأسدي ومحمد بن يحيى القطعي قالا حدثنا الحجاج بن منهال، حدثنا صالح المري، عن الحسن، عن أنس]

المري واعظ وهو ضعيف في الحديث، صالح المري جيد في الوعظ والتأديب لكنه في الحديث ضعيف.

[وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا الحسن بن يحيى الأسدي ومحمد بن يحيى القطعي قالا حدثنا الحجاج بن منهال، حدثنا صالح المري، عن الحسن، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: يا ابن آدم، واحدة لك وواحدة لي، وواحدة فيما بيني وبينك؛ فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فما عملت من شيء أو من عمل وفيتكه وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة» وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العبادة، بل وعند كل فطر، كما رواه الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا أبو محمد المليكي، عن عمرو هو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة» فكان عبد الله بن عمرو إذ أفطر دعا أهله، وولده ودعا]

هذا فيه أبو محمد المليكي فيه ضعف.

[وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في سننه: حدثنا هشام بن عمار، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن إسحاق بن عبد الله المدني، عن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد» قال عبد الله بن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي]

(قال في ابن ماجة في الحاشية: انفرد به ابن ماجة، وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وقال عبد العظيم المنذري في كتاب الترغيب، وإسحاق هذا مدني لا يعرف، قلت: قال الذهبي في الكاشف: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات لأن إسحاق بن عبيد الله بن الحارث قال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو زرعة: ثقة وباقي رجال الإسناد على شرط البخاري)

يشهد أحدهما للآخر، ويقوي أحدهما الآخر، ويدل على أن الدعاء عند الفطر مستجاب وأنه من أسباب قبول الدعاء، وأن هذا من مواضع الاستجابة؛ الدعاء عند الفطر، هذا عند الفطر، عند الفطر قبله ومعه، العندية تكون عند الإفطار ومع الإفطار.

[وفي مسند الإمام أحمد، وسنن الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين»]

السند، يحتاج إلى مراجعة.

(السند هنا في ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن سعدان الجهني، عن سعد بن أبي مجاهد الطائي، وكان ثقة عن أبي مدلة وكان ثقة عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللهr: «ثلاثة لا ترد دعوتهم»)

رواه ابن ماجة يراجع طرق الحديث والروايات الأخرى، لكن على كل حال الحديثان السابقان يشهد أحدهما للآخر، وهذا يكون أيضا شاهد ثالث، يدل على أن الدعاء عند الفطر مستجاب وأنه من مواضع الإجابة.

العدوان في الدعاء؟

كأن يدعو يقول: اللهم أعطني منازل الأنبياء، هذا عدوان، ما يمكن فالأنبياء لا يلحقهم غيرهم.

هل يجوز حركة اليدين بالإشارة أثناء الصلاة؟

إذا احتاج الإشارة لا بأس، إذا سلم عليه هل يرد عليه بالإشارة؟ ثبت أن النبي r كان يرد بالإشارة بيده، فله أن يشير إذا سأله أو سلم عليه أحد يشير إليه باليد نعم أو لا أو بالرأس، لما جاء في الحديث في أسماء لما كلمت عائشة وهي تصلي صلاة الكسوف فقالت: ما للناس؟ فأشارت إلى السماء فقالت: آية؟ فأشارت برأسها أن نعم.

هل يجب على المأموم سجود السهو إذا لم يحضر السهو لأنه فعله الإمام بعد السلام؟

نعم يسجد، لكن إذا قام يقضي ما بعده فإن كان أدرك السجود فيسجد في آخر صلاته، وإن لم يكن أدركه، لكن ما يدري قد يكون شيء فعله الإمام، فالذي ينبغي في مثل هذا أن يسجد في آخر صلاته لأنه ما يدري هل أدركه أو ما أدركه، يمكن الإمام بنى على غالب ظنه فسجد بعد السلام، فينبغي متابعته في هذا، إن تابعه فالحمد لله، وإن لم يتابعه وتلبس بالقراءة في الركعة التي يقضيها فإنه يسجد في آخر صلاته.

[{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون} [البقرة:187]

هذه رخصة من الله تعالى للمسلمين، ورفع لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، فإنه كان إذا أفطر أحدهم إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو ينام قبل ذلك، فمتى نام أو صلى العشاء حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة، فوجدوا من ذلك مشقة كبيرة. والرفث هنا هو: الجماع، قاله ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وطاوس، وسالم بن عبد الله، وعمرو بن دينار والحسن، وقتادة، والزهري، والضحاك، وإبراهيم النخعي، والسدي، وعطاء الخراساني، ومقاتل بن حيان. وقوله: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير والحسن وقتادة، والسدي، ومقاتل بن حيان: يعني هن سكن لكم، وأنتم سكن لهن وقال الربيع بن أنس: هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن.

وحاصله: أن الرجل والمرأة كل منهما يخالط الآخر ويماسه ويضاجعه، فناسب أن يرخص لهم في المجامعة في ليل رمضان، لئلا يشق ذلك عليهم، ويحرجوا، قال الشاعر:

إذا ما الضجيع ثنى جيدها ... تداعت فكانت عليه لباسا

وكان السبب في نزول هذه الآية كما تقدم في حديث معاذ الطويل، وقال أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر، لم يأكل إلى مثلها، وإن قيس بن صرمة]

صرمة، يقال: قيس بن صرمة ويقال صرمة بن قيس، من المقلوبات، وهذا هو الطور الثالث من أطوار شرعية الصيام؛ فإن الصيام شرع على ثلاثة أطوار:

الطور الأول: أن الله سبحانه وتعالى خير الصحيح المقيم بين الصيام وبين الإطعام، وبين أن يطعم مسكينا عن كل يوم، فإن زاد عن مسكين فهو أفضل لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (183) أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة:183-184] خير الله تعالى بين الصيام وبين الإطعام، {فمن تطوع خيرا} يعني: زاد على مسكين، {فهو خير له} [البقرة:184]

الطور الثاني: أوجب الله تعالى على الصحيح المقيم الصوم حتما فنزل قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة:185].

وكانوا يفطرون إذا غربت الشمس يأكلون ويشربون ما لم ينم الواحد منهم أو يصلي العشاء، فإن نام أو صلى العشاء حرم عليه المفطرات إلى الليلة القابلة، فوجدوا من ذلك مشقة عظيمة، قيس بن صرمة كان يعمل في حرث له وجاء متعبا منهكا فجاء إلى أهله وقال: هل عندكم شيء، قالوا: لا، لكن نسأل لك، أو نأتي لك، فسقط ونام من شدة التعب، فلما جاءت وجدته نائم، قالت: خيبة لك، فلم يأكل ولم يشرب وأصبح صائما في اليوم الثاني، فلما انتصف النهار غشي عليه وسقط، فأنزل الله هذه الآية.

وكذلك حصل لعمر وبعض الصحابة تخولوا أهليهم وجامعوا بعد النوم فأنزل الله هذه الآية رخصة من الله تعالى للمسلمين فأباح سبحانه وتعالى الأكل والشرب ومباشرة النساء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، قال سبحانه: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة:187] فهذا من رحمة الله تعالى وإحسانه وهذا هو الطور الثالث.

(حديث أبي المتوكل قال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، والبزار والطبراني في الأوسط ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار، رجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة، وعلى هذا فعلي المذكور ليس هو نفسه أبو المتوكل الناجي بل هو غيره فيكون الإسناد علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي واسمه علي بن داود عن أبي سعيد، ويستبعد أن يكون بين الإمام أحمد والصحابي اثنان من الرواة فقط.

صحيح

(علي بن نجاد بكسر النون وفتح الجيم اليشكري الرفاعي، أبو إسماعيل البصري عن أبي المتوكل فرد حديث، وعنه جعفر بن سليمان، وابن المبارك، وثقه ابن معين وغيره)

ولعل هذا هو الأقرب، فيكون علي بن علي بن نجاد، فيكون من الثلاثيات.

[وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، وكان يومه ذاك يعمل في أرضه، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك. فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته، فلما رأته نائما قالت: خيبة لك! أنمت؟ فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ففرحوا بها فرحا شديدا ولفظ البخاري هاهنا من طريق أبي إسحاق: سمعت البراء قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء، رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: كان المسلمون في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن أناسا من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  فأنزل الله تعالى: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن} وكذا روى العوفي عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما وقال موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: إن الناس كانوا قبل أن ينزل في الصوم ما نزل فيهم يأكلون ويشربون، ويحل لهم شأن النساء، فإذا نام أحدهم لم يطعم ولم يشرب ولا يأتي أهله حتى يفطر من القابلة، فبلغنا أن عمر بن الخطاب بعدما نام ووجب عليه الصوم وقع على أهله، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشكو إلى الله وإليك الذي صنعت. قال: "وما صنعت؟" قال: إني سولت لي نفسي، فوقعت على أهلي بعد ما نمت وأنا أريد الصوم. فزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما كنت خليقا أن تفعل" فنزل الكتاب: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد