شعار الموقع

وصية الباجي لولديه (2) قوله: "واعلما أَلا أحد أنصح مني لَكمَا" - إلى قوله: "تجتنب الشُّبُهَات وَتَصِح القربات"

00:00
00:00
تحميل
154

وصية الباجي 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , اللهم اغفر لنا و لشيخنا و للسامعين و المستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين .

قال الشيخ أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى في وصيته لولديه .

( متن )

واعلما أَلا أحد أنصح مني لَكمَا وَلَا أشْفق مني عَلَيْكُمَا وَأَنه لَيْسَ فِي الأَرْض من تطيب نَفسِي أَن يفضل عَليّ غيركما وَلَا أرفع حَالا فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا سواكما .

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :

قال الحافظ أبو الوليد الباجي رحمه في نصيحته لولديه ( واعلما ) خطاب للمثنى تثنية ( واعلما أَنه لَا أحد أنصح مني لَكمَا وَلَا أشْفق مني عَلَيْكُمَا ) و هذا معلوم حال الوالد و الغالب على الأب أنه يكون ناصحا و يكون مشفقا و قد يوجد بعض الآباء من لا يكون عنده نصح لبعض أولاده ولا شفقة لكن هذا نادر و النادر لا حكم له لكن الأغلب هو هذا و لكن قد يقال للحافظ بن الوليد أن النبي ﷺ أنصح منه لولديه و غيرهما فالنبي ﷺ أنصح الناس أنصح الناس للناس نبينا محمد ﷺ هم أنصح الناس و أنصح من الوالد لولده فإن الله تعالى أنقذ الأمة أنقذ الناس ببعثته ﷺ من الظلمات إلى النور و قد نصح الأمة عليه الصلاة و السلام و جاهد بالله حق جهاده و بلغ الرسالة و أدى الأمانة و نصح الأمة و جاهد في الله حق جهاده حتى أتاه من ربه اليقين فهو أنصح الناس للأمة كلها لولديه و لغيرهم و لكن يقال إنه لا أحد أنصح منه لولديه بعد النبي ﷺ و لا أشفق منه عليهما و هذا معلوم من حال الوالد قال ( وَأَنه لَيْسَ فِي الأَرْض من تطيب نَفسِي أَن يفضل عَليّ غيركما ) نعم و هذا معلوم من حال الوالد أنه يفضل نفسه على أي أحد غير ولديه أو ابنه فإن الابن قطعة من الأب كما قال الشاعر في ما معناه : ( أبناؤنا قطعة من أكبادنا تمشي على   الأرض ) (  وَلَا أرفع حَالا فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا سواكما ) يعني لا تطيب نفسي أن يكون أحد أرفع حالا في أمر الدين و الدنيا سواهما و لكن ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه فإن لم يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه فإنه يكون عنده نقص في الإيمان , لا يؤمن الإيمان  الكامل الذي تبرأ به ذمته فإذا لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه نقص إيمانه و كان عنده نقص في الإيمان وضعف في الإيمان .

( متن )

وَأَقل مَا يُوجب ذَلِك عَلَيْكُمَا أَن تصيخا إِلَى قولي وتتعظا بوعظي وتتفهما إرشادي ونصحي وتتيقنا أَنِّي لم أنهكما عَن خير وَلَا أمرتكما بشر وتسلكا السَّبِيل الَّتِي نهجتها وتتمثلا الْحَال الَّتِي مثلتها .

( شرح )

يقول ( أقل ما يوجب ذلك عليكما ) يعني تجاهي تجاه نصحي إذا علمتما نصحي مبلغ نصحي لكما فأقل الواجب عليكما تجاه ذلك الاستماع إلى النصيحة الاستماع لها و قبولها ( أن تصيخا إلى قولي ) تصيخا هي الاستماع , الاستماع و القبول أن تقبلا نصيحتي و تعمل بها و لهذا قال ( و تتعظا بوعظي و تتفهما إرشادي و نصحي ) لأنه مشفق ناصح أشفق الناس فهو يقول إني أشفق الناس عليكما بعد النبي ﷺ ( وتتيقنا أَنِّي لم أنهكما عَن خير وَلَا أمرتكما بشر ) يعني تعلما علم اليقين أني لم أنهكما عن خير و لا أمرتكما بشر ( وتسلكا السَّبِيل الَّتِي نهجتها وتتمثلا الْحَال الَّتِي مثلتها ) يعني يقول أن من الواجب عليكما أن تقبلا النصيحة و تقبلا الموعظة و تتفهما إرشادي و نصحي و تعلما علم اليقين أني لم أنهكما عن خير و لا أمرتكما بشر ( و تسلكا ) في حياتكما يعني ( السبيل التي نهجتها وتتمثلا الْحَال الَّتِي مثلتها ) يقول أني لم أنهكما عن خير يعني لم أتعمد أن أنهكما عن خير و قد يغلط في نصيحته فيكون فيما أمر به في نوع من يخالف ليس بخير و قد يأمرهما بشيء قد يكون فيه شيء من الشر لكنه لم يتعمد و كذلك قوله ( وتسلكا السَّبِيل الَّتِي نهجتها وتمتثلا الْحَال الَّتِي مثلتها ) لو قال تسلكا السبيل الذي نص به القران و السنة لكان أولى لأنه ليس بمعصوم و السبيل التي نهجها قد يكون عنده نقص و قد يكون عنده اجتهاد خلافا للصواب فلو قال تسلكا الصراط المستقيم الذي بينه الله في كتابه و سنة رسوله ﷺ و تعملا بكتاب الله و سنة رسوله ﷺ لكان أولى من كون يأمرهما أن يسلكا السبيل الذي نهجه هو و إن كان هو على خير لكن الإرشاد إلى العمل بالكتاب و السنة أولى .

( متن )

واعلما أننا أهل بَيت لم يخل بِفضل الله مَا انْتهى إِلَيْنَا مِنْهُ من صَلَاح وَتَدين وعفاف و تصاون فَكَانَ بَنو أَيُّوب بن وَارِث عَفا الله عَنَّا وعنهم أَجْمَعِينَ جدنا سعد ثمَّ كَانَ بَنو سعد سُلَيْمَان وَخلف وَعبد الرَّحْمَن وَأحمد وَكَانَ أوفر الصّلاح والتدين والتورع والتعبد فِي جدكم خلف كَانَ مَعَ جاهه وحاله واتساع دُنْيَاهُ منقبضا عَنْهَا متقللا مِنْهَا ثمَّ أقبل على الْعِبَادَة وَالِاعْتِكَاف إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله ثمَّ كَانَ بَنو خلف عماكما عَليّ وَعمر وأبوكما سُلَيْمَان وعماكما مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم فَلم يكن فِي أعمامكما إِلَّا مَشْهُور بِالْحَجِّ وَالْجهَاد وَالصَّلَاح والعفاف حَتَّى توفّي مِنْهُم على ذَلِك عَفا الله عَنَّا وعنهم .

وكأنني لَاحق بهم ووارد عَلَيْهِم وَيصير الْأَمر إلَيْكُمَا فَلَا تأخذا غير سبيلهم وَلَا ترضيا غير أَحْوَالهم فَإِن استطعتما الزِّيَادَة فلأنفسكما تمهدان وَلها تبنيان وَإِلَّا فَلَا تقصرا عَن حَالهم .

( شرح )

يعني يبين في هذا أنهم أهل بيت على صلاح و تقوى و هذا و إن كان فيه نوع تزكية للنفس إلا أنه محتاج إلى هذا ليحثهم على اتباع الآباء و الأجداد في الخير اتباع الآباء و الأجداد إذا كانوا على خير هذا مطلوب و هذا خلاف ما كان يعمله الجاهلية الذين يتبعون آبائهم و أجدادهم على الباطل قَالُوۤا۟ إِنَّا وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةࣲ وَإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ اتباع السابقين في الباطل هذه الحجة الملعونة التي ذكرها أبو جهل أبا طالب عند الوفاة ( أترغب عن ملة أبيك عبد المطلب ) و هي حجة فرعون فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ فهنا الشيخ رحمه الله يقول إن آباءكم و أجدادكم كانوا على الخير فكونوا خير خلف لخير سلف و لهذا قال ( واعلما أننا أهل بَيت لم يخل بِفضل الله مَا انْتهى إِلَيْنَا مِنْهُ من صَلَاح وَتَدين وعفاف و تصاون ) هذا فيه ثناء على النفس لكنه قليل و قد يعفى عنه عند الحاجة إليه و إلا فإن مدح الإنسان لنفسه و تزكيته لنفسه منهي عنه قال الله تعالى فَلَا تُزَكُّوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰۤلكن قد يعفى عن الشيء القليل إذا كان الإنسان محتاج إلى ذلك فهو محتاج إل نصيحتهم و من ذلك أن عثمان بن عفان رضي الله عنه الحليفة الراشد لما أحاط به الثوار لقتله طلع على الناس و الصحابة و قال ( أسألكم بالله و أناشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال من يشتري بئر روما و يكون دلوه كدلاء المسلمين وله الجنة فاشتريته أنا من مالي قالوا : بلا قال أسألكم ألا تعلمون أني جهزت جيش العسرة قالوا : نعم ) هذا نوع من الثناء  لكنه محتاج و مضطر إلى هذا للدفاع عن نفسه لأن هؤلاء الثوار اتهموه و أحاطوا ببيته حتى أرادوا قتله لأنهم ينتقدونه في أشياء قالوا : فعلت كذا فعلت كذا فعلت كذا تجمع بعض السفهاء و أشاعوا بين العموم بعض العيوب حتى يكون ذلك مبررا للخروج عليه فقالوا : إنك وليت أقربائك و إنك خالفت الشيخين قبلك أبو بكر و عمر وخفضت صوتك بالتكبير و أخذت الزكاة على الخيل وأتممت الصلاة في السفر) و جعلوا ينقمون عليه و لهذا فإنه لا ينبغي ذكر معايب ولاة الأمور أمام الناس على المنابر أو غيرها لأن هذا يفضي إلى الخروج على ولاة الأمور يجعل الناس يكرهون ولاة الأمور و يخرجون عليهم و الواجب الاجتماع حول ولاة الأمور و عدم الخروج عليهم و السمع و الطاعة لهم في المعروف و إذا حصل شيء فيه خلاف فإن هذا تكون نصيحة مضمونة من قبل أهل الحق و العدل و من قبل أهل العلم لا أن يتلكم المتكلمون أمام الناس و يظهرون المعائب كما قيل لأسامة في صحيح البخاري ( ألا تنكر على الخليفة كذا و كذا قال إني كلمت فيما بيني و بينه من غير أن أفتح على الناس شر فأكون أول من فتحه ) أو كما قال فالمعروف في السلف الكلام مع ولاة الأمور هؤلاء الثوار نشروا عيوب الخليفة كما يزعمون صاروا يخرجون عليه حتى أدى ذلك إلى قتله ثم فتحت أبواب الفتن فالثناء على النفس الشيء القليل يعفى عنه عند الحاجة و من ذلك الحافظ أبو الوليد أثنى على آبائه و أجداده ليكون ذلك وسيلة إلى حث ولديه ابنيه على العمل الصالح و اللحاق بهم و قال إن أعمامكم اشتهر عنهم العمل الصالح من الحج و الجهاد و الصلاح و العفاف و قال إني لاحق بهم و إذا لحقت بهم بقيتم أنتم فلا تقصروا و إن زدتم خيرا فلأنفسكم تمهدون كما قال تعالى فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ في الآية فَلِأَنفُسِهِمۡ یَمۡهَدُونَ قال إن استطعتم الزيادة في الخير عما كان عليه آباءكم و أعمامكم فأنتم تعملون لأنفسكم فَلِأَنفُسِهِمۡ یَمۡهَدُونَ لأنفسكم تزيدون و إن لم تزيدوا فلا تقصروا .

( متن )

وَأول مَا أوصيكما بِهِ مَا أوصى بِهِ إِبْرَاهِيم بنيه وَيَعْقُوب یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ وأنهاكما عَمَّا نهى عَنهُ لُقْمَان ابْنه وَهُوَ يعظه یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ وأؤكد عَلَيْكُمَا فِي ذَلِك وصيتي وأكررها حرصا على تعلقكما وتمسككما بِهَذَا الدّين الَّذِي تفضل الله تَعَالَى علينا بِهِ فَلَا يستزلكما عَنهُ شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا وابذلا دونه أرواحكما فَكيف بدنياكما فَإِنَّهُ لَا ينفع خير بعده الخلود فِي النَّار وَلَا يضر ضير بعده الخلود فِي الْجنَّة وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ.

( شرح )

يقول الحافظ رحمه الله في نصيحته ( وَأول مَا أوصيكما بِهِ مَا أوصى بِهِ إِبْرَاهِيم بنيه وَيَعْقُوب ) و هي الاستقامة في دين الله و الثبات على الإسلام و جهاد للنفس حتى يأتيكم الموت و أنتم على ذلك یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ المعنى الزموا توحيد الله الزموا الإسلام و تمسكوا به و اثبتوا عليه و استمروا على ذلك حتى يأتيكم الموت  وأنتم على ذلك كما قال سبحانه یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ يعني الزموا طاعة الله حتى يأتيكم الموت و أنتم على ذلك  ( وأنهاكما عَمَّا نهى عَنهُ لُقْمَان ابْنه وَهُوَ يعظه يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم ) إذا الوصية أول الوصايا لزوم الإيمان و التوحيد و البعد عن الشرك و هذا هو دين الإسلام ( الزما دين الإسلام ) دين الإسلام هو توحيد الله أصل دين الإسلام التوحيد و احذرا من الشرك ثم أكد عليهما قال أؤكد عليكما الوصية و أكررها حرصا على تعلقكما و تمسككما بهذا الدين الذي تفضل الله تعالى علينا به هذا شرح لقوله وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ( فَلَا يستزلكما عَنهُ شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا وابذلا دونه أرواحكما فَكيف بدنياكما ) يقول لا تؤثروا الدنيا على الآخرة يعني من يبتغ غير الإسلام دينا في كل زمان في كل مكان الإسلام هو دين الله في الأرض و السماء و الإسلام هو دين الأنبياء جميعا هو دين آدم و دين نوح و دين هود و صالح و شعيب و إبراهيم و موسى و عسى و محمد عليه الصلاة و السلام فالإسلام في كل زمان توحيد الله و إخلاص الدين له و طاعة كل نبي في زمانه في فعل الطاعات و اجتناب النواهي فلما بعث نبينا ﷺ الإسلام هو توحيد الله و اتباع محمد ﷺ في ما جاء به من الشريعة الخالدة .

( متن )

فَإِن متما على هَذَا الدّين الَّذِي اصطفاه الله وَاخْتَارَهُ وَحرم مَا سواهُ فأرجو أَن نَلْتَقِي حَيْثُ لَا نَخَاف فرقة وَلَا نتوقع إِزَالَة وَيعلم الله تَعَالَى شوقي إِلَى ذَلِك وحرصي عَلَيْهِ كَمَا يعلم إشفاقي من أَن تزل بأحدكما قدم أَو تعدل بِهِ فتْنَة فَيحل عَلَيْهِ من سخط الله تَعَالَى مَا يحله دَار الْبَوَار وَيُوجب لَهُ الخلود فِي النَّار فَلَا يلتقي مَعَ الْمُؤمنِينَ من سلفه وَلَا يَنْفَعهُ الصالحون من آبَائِهِ وَٱخۡشَوۡا۟ یَوۡمࣰا لَّا یَجۡزِی وَالِدٌ عَن وَلَدِهِۦ وَلَا مَوۡلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِۦ شَیۡـًٔاۚ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقࣱّۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا وَلَا یَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ

( شرح )

الحافظ يبين لولديه أن الثبات على الإسلام و على الدين عاقبته الحميدة في الآخرة و أن الله يجمعهم بالصلحين من آبائهم و أجدادهم و لهذا قال ( فَإِن متما على هَذَا الدّين الَّذِي اصطفاه الله وَاخْتَارَهُ وَحرم مَا سواهُ فأرجو أَن نَلْتَقِي ) يعني في الآخرة حيث لا يوجد فرقة , في الدنيا سوف نفترق الموت يفرق بين الأحبة لكن في الآخرة فيه اجتماع الأحبة يجتمعون في الجنة نسأل الله من فضله , حتى إن الله سبحانه و تعالى يرفع الأبناء ليكونوا في رتبة الآباء حتى تقر أعينهم بهم وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّیَّتُهُم بِإِیمَـٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَمَاۤ أَلَتۡنَـٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَیۡءࣲۚ كُلُّ ٱمۡرِىِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِینࣱ فيبين لهما و يقول نرجو أن نلتقي في الآخرة و لا نخاف بعدها فرقة لأنه ليس هناك موت أهل الجنة كما قال تعالى لَا یَذُوقُونَ فِیهَا ٱلۡمَوۡتَ إِلَّا ٱلۡمَوۡتَةَ ٱلۡأُولَىٰۖ وَوَقَىٰهُمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِیمِ ( و لا نتوقع إزالة ) يعني لا نتوقع زوال في الآخرة ومن ثم بين شوقه و حرصه و إشفاقه بهم من أن تزل بأحدهما قدم أو أن يفتن في دينه فيحل عليه سخط الله و إذا حل عليه سخط الله أحله دار البوار و هي جهنم و العياذ بالله , أوصله , إذا حل عليه غضب الله أوصله ذلك إلى دار البوار و هي جهنم نسأل الله السلامة و العافية و وجب الخلود في النار و حين إذن لا يلتقي مع المؤمنين من سلفه من آبائه و أجداده و لا ينتفع بصلاح الصالحين من آبائه و أجداده كل له عمله كل له عمله يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه إذا كان عمله سيء لم ينفعه آباؤه و أجداده و لو كان من أولاد الأنبياء من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه من أخر عن عمله و كان عمله سيء لا يرفعه نسبه و لهذا قال (  وَلَا يَنْفَعهُ الصالحون من آبَائِهِ يَوْم لَا يُغني وَالِد عَن وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازَ عَن وَالِده شَيْئا الآية آية لقمان يستشهد بها قوله يا أيها الناس اتقوا ربكم و اخشوا يوما لا يجزي وَالِد عَن وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازَ عَن وَالِده شَيْئا إِن وعد الله حق فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا ) لا تغتروا بشهواتها وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور  الغرور الشيطان , لا تنخدعوا بل عليكم أن تصبروا على دينكم و لا تميلوا و لا تزلوا .

 

( متن )

وتنقسم وصيتي لَكمَا قسمَيْنِ:

فقسم فِيمَا يلْزم من أَمر الشَّرِيعَة أبين لَكمَا مِنْهُ مَا يجب مَعْرفَته وَيكون فِيهِ تَنْبِيه على مَا بعده

وَقسم فِيمَا يجب أَن تَكُونَا عَلَيْهِ فِي أَمر دنياكما وتجريان عَلَيْهِ بَيْنكُمَا .

( شرح )

قسم الحافظ الوصية إلى قسمين قسم يتعلق بأمور الدين و قسم يتعلق بأمور الدنيا ( قسم فِيمَا يلْزم من أَمر الشَّرِيعَة أبين لَكمَا مِنْهُ مَا يجب مَعْرفَته وَيكون فِيهِ تَنْبِيه على مَا بعده ) و سيفصل هذا و القسم الثاني يتعلق بأمور الدنيا

 

( متن )

فَأَما الْقسم الأول فالإيمان بِاللَّه عز وَجل وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله والتصديق بشرائعه فَإِنَّهُ لَا ينفع مَعَ الْإِخْلَال بِشَيْء من ذَلِك عمل والتمسك بِكِتَاب الله تَعَالَى حده والمثابرة على تحفظه وتلاوته والمواظبة على التفكر فِي مَعَانِيه وآياته والامتثال لأوامره والانتهاء عَن نواهيه و زواجره رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ تركت فِيكُم مَا إِن تمسكتم بِهِ لن تضلوا بعدِي كتاب الله تَعَالَى وسنتي عضوا عَلَيْهَا بالنواجد.

( شرح )

هذا القسم الأول من الوصية و هي في أمور الدين و أمر الشريعة قال ( فَأَما الْقسم الأول فالإيمان بِاللَّه عز وَجل وَمَلَائِكَته وَكتبه ورسله ) هذه ذكر أربعة أقسام من أركان الدين الإيمان بالله و هو أصل الدين و أساس الملة ثم الإيمان بالملائكة ثم الإيمان بالكتب ثم الإيمان بالرسل و بقي أصلان الإيمان باليوم الآخر و الإيمان بالقدر خيره و شره هذه أصول الدين و أصول الإيمان التي قررها الله تعالى في كتابه و قررها رسوله ﷺ في سنته و أجمع عليها المسلمون و لم يجهل شيء منها إلا من خرج عن ديانة الإسلام و صار من الكافرين و من أنكر و زعم أن مع الله صاحبة أو ولدا أو أن هناك مدبر مع الله في الكون أو أن هناك شخص من عباده أو زعم مثيلا لله في أسمائه و صفاته أو أنكر ملك من الملائكة أو كتاب من الكتب أو رسولا من الرسل فهو مرتد بإجماع المسلمين قال ( الإيمان بِاللَّه عز وَجل وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله والتصديق بشرائعه والتصديق بشرائعه فَإِنَّهُ لَا ينفع مَعَ الْإِخْلَال بِشَيْء من ذَلِك عمل ) نعم هذا صحيح إذا أخل بشيء من هذه الأصول لا ينفع أي عمل ( والتمسك بِكِتَاب الله تَعَالَى جده والمثابرة على تحفظه وتلاوته والمواظبة على التفكر فِي مَعَانِيه وآياته والامتثال لأوامره والانتهاء عَن نواهيه و زواجره ) حث على العمل بالقرآن حفظا و تلاوتا و تفكرا في معانيه و آياته و الامتثال لأوامره و الانتهاء عن نواهيه و زواجره ثم ذكر الحديث الذي رواه مالك بن موطأ في الحاكم و المستدرك أن النبي ﷺ قال: تركت فِيكُم مَا إِن تمسكتم بِهِ لن تضلوا بعدِي كتاب الله تَعَالَى وسنتي عضوا عَلَيْهَا بالنواجد فمن تمسك بالكتاب و السنة فلن يضل  و من أعرض عنهما فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ (30:12 ) فَإِمَّا یَأۡتِیَنَّكُم مِّنِّی هُدࣰى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَایَ فَلَا یَضِلُّ وَلَا یَشۡقَىٰ و في آية أخرى فَمَن تَبِعَ هُدَایَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ.

 

( متن )

وَقد نصح لنا النَّبِي ﷺ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما وَعَلَيْهِم مشفقا وَلَهُم ناصحا فاعملا بوصيته واقبلا من نصحه وأثبتا فِي أنفسكما الْمحبَّة لَهُ وَالرِّضَا بِمَا جَاءَ بِهِ والاقتداء بسنته والانقياد لَهُ وَالطَّاعَة لحكمه والحرص على معرفَة سنته وسلوك سَبيله فَإِن محبته تقود إِلَى الْخَيْر وتنجي من الهلكة وَالشَّر .

( شرح )

هذه المقطع من النصيحة فيه حث للولدين على محبة النبي ﷺ و توقيره و تعظيمه و العمل بسنته و تصديق أخباره و التحكم إليه قال ( وَقد نصح لنا النَّبِي ﷺ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما ) وهو أنصح الناس ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما وَعَلَيْهِم مشفقا وَلَهُم ناصحا فاعملا بوصيته ) بوصية النبي ﷺ ( واقبلا من نصحه وأثبتا فِي أنفسكما الْمحبَّة له ) نعم هذا حق هذه نصيحة غالية قال أن النبي ﷺ نصح الأمة فاعملا بوصية النبي ﷺ و قد وصى الله تعالى عباده بوصايا عشر في الآيات الثلاث من آخر سورة الأعراف قال تعالى أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَیۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا إلى قوله وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰ⁠طِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُفيه عشر وصايا ثبت عن المنصور رضي الله عنه أنه قال ( من أراد أن ينظر إلى وصية محمد التي عليها خاتمه لم تغير و لم تبدل فليقرأ هذه الآيات من سورة الأعراف , قال تعالى أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَیۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا إلى قوله وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَ ٰ⁠طِی مُسۡتَقِیمࣰا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِیلِهِۦۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ فحثهم و نصحهم على العمل بوصية النبي ﷺ و قبول نصحه و محبته عليه الصلاة و السلام و الإيمان بما جاء به و الاقتداء بسنته و الانقياد له و الطاعة لحكمه و الحرص على معرفه سنته و سلوك سبيله قال (  فَإِن محبته ) يعني النبي ﷺ ( تقود إِلَى الْخَيْر وتنجي من الهلكة وَالشَّر).

 

( متن )

وأشربا قُلُوبكُمَا محبَّة أَصْحَابه أَجْمَعِينَ وتفضيل الْأَئِمَّة مِنْهُم الطاهرين أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُم ونفعنا بمحبتهم وألزما أنفسكما حسن التَّأْوِيل لما شجر بَينهم واعتقاد الْجَمِيل فِيمَا نقل عَنْهُم فقد رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ لَا تسبوا أَصْحَابِي فو الذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفة فَمن لَا يبلغ نصيف مده مثل أحد ذَهَبا فَكيف يوازن فَضله أَو يدْرك شأوه وَلَيْسَ مِنْهُم رَضِي الله عَنْهُم إِلَّا من أنْفق الْكثير .

( شرح )

هذا يحث على محبة الصحابة رضوان الله عليهم قال (وأشربا قُلُوبكُمَا محبَّة أَصْحَابه أَجْمَعِينَ) هذا حث له على محبة الصحابة بل تحقيق المحبة و تأكيدها قال ( وأشربا قُلُوبكُمَا محبَّة أَصْحَابه ) يعني جعل للقلوب تحب النبي ﷺ حب الصحابة رضوان الله عليهم محبة ليس فيها غلو محبة عدل و إنصاف ليست كمحبة بعض الطوائف المنحرفة كالرافضة الذين يغلون في محبة آل البيت و يعبدوهم من دون الله و ليس كعمل النواصب الذين ينصبون العداوة لأهل البيت  و الصحابة و إنما المحبة بالعدل و الإنصاف ينزلونهم منازلهم التي أنزلها الله مع العدل و الإنصاف هذه هي المحبة الصحيحة  ( وأشربا قُلُوبكُمَا محبَّة أَصْحَابه أَجْمَعِينَ وتفضيل الْأَئِمَّة مِنْهُم الطاهرين أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي ) يعني تفضيل الأئمة الأربعة و ترتيبهما في الفضيلة كترتيبهما في الخلافة يرتبون في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي , و روي عن الإمام أبي حنيفة تفضيل علي على عثمان دون التفضيل بالخلافة تفضيله عليه , و روي أنه رجع و وافق الجمهور , أما تفضيل علي على عثمان في الفضيلة لا في الخلافة أما تقديم علي على عثمان في الخلافة هذا كما قال شيخ الإسلام بن تيمية ( من فضل علي على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله و قد ( 36:49) لأن المهاجرين والأنصار أجمعوا على تقديم عثمان في الخلافة  فمن قدم علي على عثمان فهو أضل من حمار أهله يقول قدم الأئمة الخلفاء الأربعة ( وألزما أنفسكما حسن التَّأْوِيل لما شجر بَينهم ) نعم عقيدة أهل السنة و الجماعة الكف عما شجر منهم باعتقاد أن لهم من الفضائل و الحسنات ما يغطي ما عندهم من الهفوات و اعتقاد أنهم أفضل الناس و خير الناس بعد الأنبياء لا كان و لا يكون مثلهم اختارهم الله لصحبة نبيه و لهذا قال ( وألزما أنفسكما حسن التَّأْوِيل لما شجر بَينهم ) يعني من الخلافات التي تكون من الصحابة ( واعتقاد الْجَمِيل فِيمَا نقل عَنْهُم ) هكذا ينبغي للمسلم تجاه الصحابة رضوان الله عليهم اعتقاد أنهم خير الناس , و أما هذه الأخبار التي تروى عن الصحابة منها ما هو كذب لا أساس له من الصحة و منها ما فيه أصل ولكن زيد فيه و نقص و زيد عليه و منها ما هو صحيح و الصحيح هو بين مصيب له أجران و بين مخطأ له أجر قال ( رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ: لَا تسبوا أَصْحَابِي فو الذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدكُم وَلَا نصيفة هذا الخطاب قول لا تسبوا أصحابي خطاب لمن ! أن يخاطب بعض الصحابة , يخاطب الصحابة خطاب لخالد بن الوليد رضي الله عنه لما حصل بينه و بين عبد الرحمن بن عوف سوء تفاهم خلاف فعبد الرحمن بن عوف من السابقين الأولين و خالد بن لوليد ممن تأخر إسلامه بعد صلح الحديبية الصحابة طبقات السابقون الأولون الذين أسلموا قبل صلح الحديبية و الصحابة طبقات الذين أسلموا قبل صلح الحديبية هؤلاء هم السابقون الأولون ثم الذين أسلموا بعد الحديبية و قبل فتح مكة و منهم خالد بن الوليد ثم الذين أسلموا يوم فتح مكة و هم الطلقاء يقال لهم الطلقاء و منهم أبو سفيان و أبنائه معاوية و يزيد فالنبي ﷺ يخاطب خالد يقول لا تسبوا أصحابي يعني الذين تقدمت صحبتهم لأن الصحابة كلهم أصحابه خالد صحابي لا تسبوا أصحابي الذين تقدمت صحبتهم لأنهم سبقوكم للإسلام و الصحبة لَو أنْفق أحدكُم أيها المتأخرون في الصحبة مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدكُم وَلَا نصيفة لو أنفق خالد مثل أحد ذهبا و أنفق عبد الرحمن مد و المد كفي الرجل المتوسط أو نصف المد ما أدرك خالد عبد الرحمن بن عوف هذا تفاوت عظيم بين الصحابة أنفسهم فكيف بالتفاوت بين الصحابة و التابعين هذا تفاوت بين الصحابة بين الصحابي المتقدم الصحبة و صحابي تأخر بعده هذا فضل عظيم فينبغي الإمساك عما شجر بين الصحابة و اعتقاد أن لهم من الحسنات ما يغطي ما صدر عنهم من الهفوات .

 

( متن )

ثمَّ تَفْضِيل التَّابِعين وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء رَحِمهم الله والتعظيم لحقهم والاقتداء بهم وَالْأَخْذ بهديهم والاقتفاء لآثارهم والتحفظ لأقوالهم واعتقاد إصابتهم .

( شرح )

هذا حث المؤلف لولديه في تفضيل التابعين ومن بعدهم ( تَفْضِيل التَّابِعين وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء رَحِمهم الله والتعظيم لحقهم والاقتداء بهم وَالْأَخْذ بهديهم والاقتفاء لآثارهم والتحفظ لأقوالهم واعتقاد إصابتهم ) هذه نصيحة لتوقير العلماء من التابعين فمن بعدهم و هو أن يفضلوا التابعين و الأئمة و يقتدوا بهم في أعمالهم الجليلة و الأخذ بهديهم و الاقتفاء بآثارهم و التحفظ لأقوالهم و اعتقاد إصابتهم كل هذه أمور عظيمة للتابعين و لهذا ذهب بعض العلماء إلا أن قول التابعي حجة قول الصحابي إذا لم يخالفه صحابي آخر فهو حجة و كذلك أيضا ذهب أبو هريرة إلا أن قول التابعين حجة أيضا كمجاهد و غيره قال مجاهد ( عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث مرات من الفاتحة إلى خاتمتها أقف عند كل آية أسأله عنها ) رضي الله عنهم و أرضاهم .

 

( متن )

و إقام الصَّلَاة فَإِنَّهَا عَمُود الدّين وعماد الشَّرِيعَة وآكد فَرَائض الْملَّة فِي مُرَاعَاة طَهَارَتهَا ومراقبة أَوْقَاتهَا وإتمام قرَاءَتهَا وإكمال ركوعها وسجودها واستدامة الْخُشُوع فِيهَا والإقبال عَلَيْهَا وَغير ذَلِك من أَحْكَامهَا وآدابها فِي الْجَمَاعَات والمساجد فَإِن ذَلِك شعار الْمُؤمنِينَ وَسنَن الصَّالِحين وسبيل الْمُتَّقِينَ .

( شرح )

هذا حث المؤلف رحمه الله الحافظ لولديه على العناية بالصلاة و إقامتها قال ( و إقام الصلاة فإنها عمود الدين ) و هذا مأخوذ من النصوص , إقام الصلاة قال تعالى إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ و إقامة الصلاة غير الصلاة غير فعل الصلاة , الصلاة شيء و الإقامة شيء آخر و لهذا الإنسان قد يفعل الصلاة بعض الأخوة و العوام و لكنه لا يقيمها لم يقمها إقامة الصلاة تؤديها مؤديا لحقوقها من خشوع و خضوع و رغبة و رهبة و أدائها في الوقت و الإتيان بشروطها و البعد عما ينقضها هذه هي إقامتها , إقامتها هو الإتيان بها بحقوقها قال ( فإنها عمود الدين ) يعني الصلاة عمود الدين و العمود إذا سقط سقطت الخيمة و ( 44:54 ) و الأركان و لذلك الصلاة عمود الدين إذا سقطت سقط الإسلام لا إسلام لمن لا صلاة له و هي عماد الشريعة يصف الصلاة قال ( إنها عمود الدين و عماد الشريعة آكد فرائض الله فِي مُرَاعَاة طَهَارَتهَا ومراقبة أَوْقَاتهَا وإتمام قرَاءَتهَا وإكمال ركوعها وسجودها واستدامة الْخُشُوع فِيهَا ) يعني العناية بالصلاة بخشوعها و طهارتها و متابعة الإمام فيها و حضور القلب و الإقبال عليها قال ( وَغير ذَلِك من أَحْكَامهَا وآدابها فِي الْجَمَاعَات والمساجد فَإِن ذَلِك شعار الْمُؤمنِينَ وَسنَن الصَّالِحين وسبيل الْمُتَّقِينَ ) هذا حق لا شك أن العناية بالصلاة و الإتيان بها و إعطائها حقوقها هو شعار المؤمنين و سنن الصالحين و سبيل المتقين .

 

( متن )

ثمَّ أَدَاء زَكَاة المَال لَا تُؤخر عَن وَقتهَا وَلَا يبخل بكثيرها وَلَا يغْفل عَن يسيرها ولتخرج من أطيب جنس وبأوفى وزن فَإِن الله تَعَالَى أكْرم الكرماء وأحق من اختير لَهُ ولتعط بِطيب نفس وتيقن أَنَّهَا بركَة فِي المَال وتطهير لَهُ وتدفع إِلَى مستقحها دون مُحَابَاة وَلَا مُتَابعَة هوى وَلَا هوادة .

( شرح )

هذه نصيحة بأداء الزكاة فإن الزكاة هي الركن الثالث من أركان السلام و هي قرينة الصلاة في كتاب الله تعالى كثيرا ما يقرن وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ قال لا تؤخر عن وقتها نعم لا تؤخر عن وقتها بل تدفع هكذا قد يفعل بعض الناس في بعض الجمعيات يأخذون الزكاة و يؤخرونها و ربما تجرأ بعضهم فصار يستثمر بالزكاة يشغلها حتى بزعمه حتى يكون هناك ريع و هذا غلط كبير الزكاة لا تؤخر و لا تشغل ما يجوز أن تأخذ الزكاة و تشغلها الزكاة تعطى لمستحقيها في الحال لا تؤخر لا تؤخر عن وقتها ولا يبخل في كثيرها و لا يغفل عن يسيرها لا يبخل الإنسان بالكثير و لا يغفل عن اليسير و لتخرج من أطيب جنس الزكاة تخرج من الطيب لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا و بأوفى وزن أيضا قال ( فَإِن الله تَعَالَى أكْرم الكرماء وأحق من اختير لَهُ ولتعط بِطيب نفس ) يعني عليك عند الوعظ عليك أن تعظ من أخل بشيء من الزكاة بطيب نفس ( وتيقن أَنَّهَا بركَة فِي المَال ) الزكاة بركة في المال ما نقص مال من صدقة بل تزيده ( وتدفع إِلَى مستقحها دون مُحَابَاة وَلَا مُتَابعَة هوى وَلَا هوادة )  تدفع لمستحقيها دون محاباة يحابي قريب له و دون متابعة للهوى و هوداة بل هناك عزم مع التيقن أنها بركة و أنها تدفع إلى مستحقيها دون محاباة ( و لتعط عن طيب نفس ) يعني يدفعها لمستحقيها عن طيب نفس (  فَإِن الله تَعَالَى أكْرم الكرماء وأحق من اختير لَهُ ولتعط بِطيب نفس ) يعني تختار من مالك الطيب لأن الله تعالى طيب لا يقبل لا طيبا لكن إذا كانت من الإبل أو البقر أو الغنم فإنه لا يخرج من أنفس المال و لا من أرداه بل من الوسط الزكاة لا تعطى من خير المال و لا من شراره بل من الوسط إلا إذا طابت نفس دافع الزكاة إذا طابت نفسه بالجيد فلا بأس ( وأحق من اختير لَهُ ولتعط ) يعني الزكاة تعطيها بطيب نفس ( وتيقن أَنَّهَا بركَة فِي المَال وتطهير لَهُ ) لاشك هذا مأخوذ من النصوص و واقع و مجرب و ملموس تدفع الزكاة إلى مستحقيها عن طيب نفس دون محاباة ولا متابعة .

 

( متن )

ثمَّ صِيَام رَمَضَان فَإِنَّهُ عبَادَة السِّرّ وَطَاعَة الرب وَيجب أَن يُزَاد فِيهِ من حفظ اللِّسَان وَالِاجْتِهَاد فِي صَالح الْعَمَل والتحفظ من الْخَطَأ والزلل ويراعى فِي ذَلِك لياليه وأيامه وَيتبع صِيَامه وقِيَامه وَقد سنّ فِيهِ الِاعْتِكَاف .

( شرح )

هذه وصية في صوم رمضان قال ( ثم صيام رمضان ) يأتي بعد الزكاة بعد الصلاة و بعد الزكاة قال الترتيب الذي جاء في حديث عمر أمرت أن أقاتل الناس و بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج بيت الله الحرام هذه أركان الإسلام و عموده التي لا يقوم الإسلام و لا يرسخ إلا به صوم رمضان هو ركن من أركان  الإسلام قال ( فهو عبادة السر ) هو عبادة خفية لأن الإنسان قد يفطر و لا يعلم عنه أحد إلا الله فهو عبادة السر بين العبد و بين ربه (  وَطَاعَة الرب وَيجب أَن يُزَاد فِيهِ من حفظ اللِّسَان )  حفظ اللسان عما حرم الله واجب في كل وقت لكن ينبغي أن يزاد في وقت الصيام يزداد من حفظ اللسان و يتحفظ أكثر و كذلك (  وَالِاجْتِهَاد فِي صَالح الْعَمَل والتحفظ من الْخَطَأ والزلل ويراعى فِي ذَلِك لياليه وأيامه ) يعني يراعى في ذلك ليال الصيام و أيامه يراعى في ذلك الليالي و الأيام (  وَيتبع صِيَامه قِيَامه ) ( ويراعى فِي ذَلِك لياليه وأيامه وَيتبع صِيَامه قِيَامه ) فيه بعض الركاكة لكن المقصود أنه يعتني بالصيام و يعتني بالقيام ( و قد سن فيه الاعتكاف ) يعني في رمضان لأن النبي ﷺ كان يعتكف في أواخر رمضان كما ذكرت عائشة ( كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ , حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ ) و إلا فالاعتكاف يجوز في غير رمضان عند أكثر أهل العلم .

 

( متن )

ثمَّ الْحَج إِلَى بَيت الله الْحَرَام من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا فَهُوَ فرض وَاجِب وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ الْحَج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء عِنْد الله إِلَّا الْجنَّة .

( شرح )

هذا حث من المؤلف على الحج و هو الركن الخامس من أركان الإسلام و المؤلف حث على أركان الإسلام بدأ بالتوحيد و الإيمان ثم الصلاة ثم الزكاة ثم الصوم ثم الحج هذه أركان الإسلام الخمسة قال (  ثمَّ الْحَج إِلَى بَيت الله الْحَرَام من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا فَهُوَ فرض   وَاجِب ) يعني يحث ولديه و غيرهما على المبادرة بأداء الحج عند القدرة و قد روي عن النبي ﷺ أنه قال الْحَج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء عِنْد الله إِلَّا الْجنَّة هذا رواه الشيخان البخاري و مسلم .

 

( متن )

ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِن كَانَت بكما قدرَة عَلَيْهِ أَو عون من يَسْتَطِيع إِن ضعفتما عَنهُ فَهَذِهِ عمد فَرَائض الْإِسْلَام وأركان الْإِيمَان حَافِظًا عَلَيْهَا وسابقا إِلَيْهَا تحوزا الْخَيْر الْعَظِيم وتفوزا بِالْأَجْرِ الجسيم وَلَا تضيعا حُقُوق الله فِيهَا وأوامره بهَا فتهلكا مَعَ الخاسرين وتندما مَعَ المفرطين .

( شرح )

هذا حث على الجهاد في سبيل الله بعد الأركان الخمسة قال ( ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِن كَانَت بكما قدرَة عَلَيْهِ أَو عون من يَسْتَطِيع إِن ضعفتما عَنهُ ) هذا يحثهما على الجهاد في سبيل الله بالنفس ( إن كانت بكما قدرة عليه ) استطاعة ( أَو عون من يَسْتَطِيع إِن ضعفتما عَنهُ ) يعني إما أن تجاهدا في سبيل الله بأنفسكما أو تعينون من يستطيع إن كان بكما قدرة تجاهدان بأنفسكم و إن لم يكن بكما قدرة على الجهاد بالنفس تعينان من يستطيع إن ضعفتما عنه قال المؤلف رحمه الله ( فَهَذِهِ عمد فَرَائض الْإِسْلَام وأركان الْإِيمَان ) هي أركان الإسلام الخمسة التوحيد و الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج هذه عمد فرائض الإسلام و أركان الإيمان ( حافِظًا عَلَيْهَا وسابقا إِلَيْهَا تحوزا الْخَيْر الْعَظِيم وتفوزا بِالْأَجْرِ  الجسيم ) يقول إن هذه عمد العمد يعبد بالله بها و المحافظة عليها و المسابقة حتى يحصل على الخيرات المرتبة على ذلك ( و تفوزا بالأجر الجسيم ) (  وَلَا تضيعا حُقُوق الله فِيهَا ) قال إن هذه العمد و هذه الفرائض و هذه الأركان ينبغي المحافظة عليها و المسابقة إليها حتى يحصل الإنسان على الخيرات المرتبة عليها و الفوز بالأجر الجسيم  ( و لا تضيعا حقوق الله فيها وأوامره بهَا فتهلكا مَعَ الخاسرين وتندما مَعَ المفرطين ) هذه نصيحة للعناية بأركان الإسلام الخمسة ثم الجهاد و بيان أن من ضيع حقوق الله فإنه يندم و لا تنفعه ساعة مندم فيهلك مع الخاسرين و يندم مع المفرطين هذا فيه تحذير لولديه من تضييع حقوق الله و تضييع أوامره فيهلك مع الهالكين و يندم مع الخاسرين .

 

( متن )

واعلما أنكما إِنَّمَا تصلان إِلَى أَدَاء هَذِه الْفَرَائِض والإتيان بِمَا يلزمكما مِنْهَا مَعَ توفيق الله لَكمَا بِالْعلمِ الَّذِي هُوَ أصل الْخَيْر وَ بِه يتَوَصَّل إِلَى الْبر فعليكما بِطَلَبِهِ فَإِنَّهُ غنى لطالبه وَعز لحامله وَهُوَ مَعَ هَذَا السَّبَب الْأَعْظَم إِلَى الْآخِرَة بِهِ تجتنب الشُّبُهَات وَتَصِح القربات .

....................................................

أسئلة

سؤال :

قوله ( ولتخرج من أطيب جنس ) هل يعارض قوله ﷺ  و إياك و كرائم أموالهم؟

جواب :

هذا في أخذ الزكاة من العمال الذين يبعثهم ولي الأمر لقبض الزكاة في بهيمة الأنعام من الإبل و البقر و الغنم فيؤخذ من الوسط لا يؤخذ من خيار المال ولا من شراره فإذا أخذ من خيار المال هذا يعتبر ظلم و الظلم عقابه وخيم و الظالم يدعو عليه المظلوم و دعوة المظلوم لا ترد فتحذير النبي صلى اله عليه و سلم : إياك , إياك و أخذ الكريمة و الشريفة كالسبيلة أو ذات اللبن لا تأخذها كما أنك لا تأخذ من شرار المال لا تأخذ من خيارها إلا إذا سمح صاحب المال إن طابت نفسه فلا بأس أما الزكاة التي تخرجها أنت من نفسك هذا تخرجها من الجيد , هذا فيما يأخذه المتصدق الذي يرسله ولي الأمر لا يظلم أصحاب الأموال فيأخذ من الخيار و لا يظلم أيضا الفقراء و مصارف الزكاة فيأخذ من شرار المال بل يأخذ من الوسط لكن أنت إذا أردت أن تخرج الزكاة لنفسك فعليك أن تخرج من الجيد و الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا قال تعالى وَلَا تَیَمَّمُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا في الحديث و الآية یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّاۤ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَیَمَّمُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِیهِ إِلَّاۤ أَن تُغۡمِضُوا۟ فِیهِۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدٌ هذا في ما يخرجه الإنسان لنفسه من الزكاة يخرجه من الطيب .

سؤال :

هل حكم من كفر الصحابة رضي الله عنهم يختلف من حيث إذا كفرهم جميعا أو كفر الخلفاء الراشدين أو أزواج النبي ﷺ أو أحد أفراد الصحابة ؟؟

جواب :

من كفر الصحابة كلهم فقد كذب الله لأن الله زكاهم و عدلهم ووعدهم بالحسنى ووعدهم بالجنة وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يعني الجنة و قال عن الصحابة مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ وقال في آخر الآية أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمࣰا و قال تعالى وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَـٰجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَـٰنࣲ رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ و قال الله تعالى: لَّقَدۡ رَضِیَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذۡ یُبَایِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِی قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ عَلَیۡهِمۡ وَأَثَـٰبَهُمۡ فَتۡحࣰا قَرِیبࣰا و قال عليه الصلاة و السلام  لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة يعني لا يدخل هذه نصوص في تزكية الصحابة و تعديلهم و وعدهم بالجنة  فمن كفرهم من سبهم و كفرهم فقد كذب الله و من كذب الله كفر نسأل الله السلامة والعافية و كذلك أيضا من سب الأئمة الأربعة أو من كفر الصحابة أو الشيخين روي عن الإمام أحمد أنه ( أن من تنقص الشيخين أو سبهما فإنه مرتد ) أما سب الواحد و الاثنين ثم أيضا السب يختلف إن كان للغضب إن كان من أجل الغضب فهذا يفسق و من سبهم في دينهم فهذا من كفر الردة السب قد يكون للغضب و قد يكون سبهم لأنه غضب و للغيظ المقصود أن السب يختلف أما  التكفير و تكفيرهم  هذا ردة عن الإسلام و تكذيب لله  تكذيب للرسول ﷺ .

سؤال :

هل يجوز لعن من يلعن الصحابة و يسبهم و يكفرهم ؟

جواب :

يقول النبي ﷺ ليس المؤمن بالطعان و لا باللعان ولا بالفاحش البذيء و اللعن ليس من شأن المسلم الإكثار من اللعن لكن من لعنه الله و رسوله فيلعن لأن اللعن معناه الطرد من رحمة الله فمن لعنه الله و رسوله يلعن أما أن يلعن هكذا يعود لسانه على اللعن لا ينبغي للمسلم .

سؤال :

هل ورد أن بعض أهل الجنة يرى الله عز و جل في الجنة مرتين كل يوم ؟

جواب :

ذكر هذا بعض العلماء ابن القيم و غيره أنهم يرون الله بكرة و أصيلا فالناس يتفاوتون في هذا و أهل الجنة يتفاوتون المؤمنون يرون ربهم في الجنة و يتفاوتون على حسب منازلهم ورتبهم و قال بعض السلف : و منهم من أهل لجنة من يرى الله بكرة  و أصيلا .

سؤال :

هل يجوز الكذب لتأليف القلوب المتنافرة ؟

جواب :

لا , لا يجوز الكذب في قليل و لا كثر إلا ما استثني في الحرب و بين الزوجين و الإصلاح بين الناس إذا كان من أجل الإصلاح نعم تأليف بين القلوب إذا كان بينهم نزاع و خصام فلا بأس قال تعالى: لَّا خَیۡرَ فِی كَثِیرࣲ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَـٰحِۭ بَیۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیمࣰا إذا كان من أجل الإصلاح فلا بأس أما من أجل تقريب القلوب و لم يحصل بينهم نزاع فلا و إذا احتاج إلى هذا ينبغي أو يوري تورية ما يقصد الكذب الصريح بل يوري و يظهر شيء لأجل خلافه .

سؤال :

هل لفظة ( بل تزيده ) صحية ؟

جواب :

في حديث ما نقص مال من صدقة بل تزده الذي أعرفه أنها ثابتة في الحديث لكن لا مانع من المراجعة و التأكد .

سؤال :

ما حكم الإيجار المنتهي بالتمليك ؟

جواب :

الإيجار المنتهي بالتمليك هذا صدر فيه قرار من هيئة كبار العلماء بالمنع بالأغلبية و صدر أيضا المجمع الفقهي المنع بالإجماع و أنه ممنوع الإيجار المنتهي بالتمليك لأنه يكون عقدين في عقد إجارة ثم ينتهي بتمليك هذا ما يصلح و لكن يكون عقد واحد يكون بيع ويرهن كما أفتى فيه كبار العلماء لأن هناك بديل و هو أن يرهن يكون بيع و يرهن أما يكون أجار ثم ينتهي إلى البيع هذا عقد في عقدين و هو ممنوع عند عامة أهل العلم .

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد