شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من سبل السلام_15

00:00
00:00
تحميل
4

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ.

وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اسْمُهَا نُسَيْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ صَحَابِيَّةٌ لَهَا أَحَادِيثُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُحِدُّ» بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّ الدَّالِ.

(الشرح)

لا تُحد, تُحد نافية, لا نافية أو ناهية والنفي أبلغ.

فإن قيل: لو كَانَ بعد مضي مدة؟.

إذا لم يبلغها خبر إِلَّا بعد مضي مدة انتهت وخرجت من العدة, العبرة بمضي المدة, إذا مضت أربعة أشهر قبل أن يبلغها الخبر فإنها خرجت من العدة ولا يلزمها شيء إذا لم تكن حامل, فَإِن كانت حامل فبوضع الحمل.

(المتن)

وَيَجُوزُ ضَمُّ الدَّالِ عَلَى أَنْ لَا نَافِيَةٌ وَجَزْمُهَا عَلَى أَنَّهَا نَهْيٌ «امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ» بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهَا بُرُودٌ يَمَنِيَّةٌ يُعْصَبُ غَزْلُهَا أَيْ يُجْمَعُ وَيُشَدُّ.

(الشرح)

يُجمع ويُشد؛ لِأَنّ الغزل يُجمع ويُشد ثم يُصبغ, ثم يُنسج.

(المتن)

ثُمَّ يُصْبَغُ وَيُنْشَرُ.

(الشرح)

لما أُصبغ صار فيهِ جمال, أول شيء يُجمع ويُشد ثم يُصبغ فصار فيهِ جمال ثم يُنسج.

(المتن)

فَيَبْقَى مُوَشًّى لِبَقَاءِ مَا عُصِبَ مِنْهُ أَبْيَضَ لَمْ يَأْخُذْهُ الصَّبْغُ.

(الشرح)

 لِأَنَّهُ لما يُشد ويُجمع ويُصبغ يصير بعضه اللي في الوسط ما جاءه الصبغة, فإذا نُشر صار بعضه مصبوغ وبعضه غير مصبوغ.

(المتن)

«وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إلَّا إذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً» بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ فَذَالٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ قِطْعَةً.

(مِنْ قُسْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ, فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الطِّيبِ وَقِيلَ: الْعُودُ (أَوْ أَظْفَارٍ) يَأْتِي تَفْسِيرُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ الزِّيَادَةِ، وَلَا تَخْتَضِبُ وَلِلنَّسَائِيِّ، وَلَا تَمْتَشِطُ.

الْحَدِيثُ فِيهِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: تَحْرِيمُ إحْدَادِ الْمَرْأَةِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى أَيِّ مَيِّتٍ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَجَوَازُهُ ثَلَاثًا عَلَيْهِ.

وَعَلَى الزَّوْجِ فَقَطْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى أَبِيهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَعَلَى مَنْ سِوَاهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» فَلَوْ صَحَّ كَانَ مُخَصِّصًا لِلْأَبِ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ إلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ لَا يَقْوَى عَلَى التَّخْصِيصِ.

الثَّانِيَةُ: فِي قَوْلِهِ امْرَأَةٌ إخْرَاجٌ لِلصَّغِيرَةِ بِمَفْهُومِهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ عَلَى الزَّوْجِ، فَلَا تُنْهَى عَنْ الْإِحْدَادِ عَلَى غَيْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادِي وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْعُمُومِ، وَأَنَّ ذِكْرَ الْمَرْأَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَالتَّكْلِيفُ عَلَى وَلِيِّهَا فِي مَنْعِهَا مِنْ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الصَّغِيرَةِ كَالْكَبِيرَةِ، وَلَا تَحِلُّ خُطْبَتُهَا.

الثَّالِثَةُ: فِي قَوْلِهِ عَلَى مَيِّتٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَإِجْمَاعٌ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْهَادِي وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَى مَيِّتٍ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا، فَإِنَّهُ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِحْدَادَ شُرِعَ لِقَطْعِ مَا يَدْعُو إلَى الْجِمَاعِ وَكَانَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِتَعَذُّرِ رُجُوعِهَا إلَى الزَّوْجِ, وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَائِنًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَعُودَ مَعَ زَوْجِهَا بِعَقْدٍ إذَا لَمْ تَكُنْ مُثَلَّثَةً أَيْ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا.

(الشرح)

تكون مثلثة يَعْنِي تكون ثالثة أو الطلقة الثالثة؟ يَعْنِي: إذا لم تكن مطلقة ثلاث لها أن تعود.

(المتن)

وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا قِيَاسًا عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَتَا فِي الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَتَا فِي سَبَبِهَا وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تُحَرِّمُ النِّكَاحَ فَحَرُمَتْ دَوَاعِيهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ دَلِيلًا.

(الشرح)

وهذا قول ضعيف ليس عليها إحداد لِأَنَّهُ لا قياس في هذا, والرسول r أفصح الناس لو كانت البائن عليها حداد لبينه كما بين للمتوفى عنها زوجها.

فإن قيل: القول الأول هو الصحيح؟.

نعم.

(المتن)

الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ، وَإِنَّمَا دَلَّ عَلَى حِلِّهِ عَلَى الزَّوْجِ الْمَيِّتِ وَذَهَبَ إلَى وُجُوبِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ: «أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلْت عَلَيَّ صَبْرًا» الْحَدِيثَ سَيَأْتِي وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ, قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَفِي سَنَدِهِ غَرَابَةٌ قَالَ وَلَكِنْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ، وَهُوَ مِمَّا يَتَقَوَّى بِهِ الْحَدِيثُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا وَلِمَا أَخْرَجَهُ عَنْهَا أَيْضًا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ».

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ لَكِنْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا وَذَهَبَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَكْتَحِلَانِ وَتَمْتَشِطَانِ وَتَتَطَيَّبَانِ وَتَتَقَلَّدَانِ وَتَنْتَعِلَانِ وَتَصْبُغَانِ مَا شَاءَتَا وَاسْتَدَلَّا بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ: «أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ مِنْ قَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَا تَحِدِّي بَعْدَ يَوْمِك» هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ وَلَهُ أَلْفَاظٌ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بِعَدَمِ الْإِحْدَادِ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَهَذَا نَاسِخٌ لِأَحَادِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْإِحْدَادِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهَا، فَإِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمِرَتْ بِالْإِحْدَادِ بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا وَمَوْتُهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى قَتْلِ جَعْفَرٍ، وَقَدْ أَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِأَجْوِبَةٍ سَبْعَةٍ كُلِّهَا تَكَلُّفٌ لَا حَاجَةَ إلَى سَرْدِهَا.

(الشرح)

هل ذكر ضعف حديث أسماء؟ لو صح نعم.

قَالَ: ذكر جواب الحافظ, نقل عن الحافظ في الفتح أنه نقل عن شيخه في شرح الترمذي أَنَّه أجاب: بأن الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة.

نعم, والشاذ ضعيف ولو كَانَ صحيح السند, الأحاديث الصحيحة هي المعتمدة, وإذا خالف الثقة من هو أوثق منه تكون شاذة ولو كَانَ صحيح السند.

(المتن)

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي قَوْلِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي التَّقْدِيرِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ أَنَّ الْوَلَدَ تَتَكَامَلُ خِلْقَتُهُ وَيُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ بَعْدَ مُضِيِّ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَهِيَ زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِنُقْصَانِ الْأَهِلَّةِ فَجُبِرَ الْكَسْرُ إلَى الْعَقْدِ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَذَكَرَ الْعَشْرَ مُؤَنَّثًا بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِي وَالْمُرَادُ مَعَ أَيَّامِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَلَا تَحِلُّ حَتَّى تَدْخُلَ اللَّيْلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ.

(الشرح)

الجبر: الكسر, يَعْنِي: أربعة أشهر إذا كانت ناقصة نكملها احتياطًا, وإذا كملناها صار أربعة أيام, وأربعة أيام إِلَى العشرة جُبر الكسرة فصارت عشرة أيام.

(المتن)

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي قَوْلِهِ ثَوْبًا مَصْبُوغًا دَلِيلٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كُلِّ مَصْبُوغٍ بِأَيِّ لَوْنٍ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْحَادَّةِ لُبْسُ الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ، وَلَا الْمَصْبُوغَةِ إلَّا مَا صُبِغَ بِسَوَادٍ فَرَخَّصَ فِيهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لِكَوْنِهِ لَا يُتَّخَذُ لِلزِّينَةِ بَلْ هُوَ مِنْ لِبَاسِ الْحُزْنِ.

(الشرح)

فإن قيل: تلبس الأسود؟.

تلبس أي ثوب ما في شيء مخصص, لَكِنْ إذا كَانَ فيهِ جمال فلا.

فإن قيل: (...)؟.

جُعلت الآن أربعة أشهر وعشرة أيام, أربعة تكملة وتكون الستة جبر للكسر.

(المتن)

وَاخْتُلِفَ فِي الْحَرِيرِ فَذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْأَصَحِّ إلَى الْمَنْعِ لَهَا مِنْهُ مُطْلَقًا مَصْبُوغًا، أَوْ غَيْرَ مَصْبُوغٍ, قَالُوا: لِأَنَّهُ أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ لِلتَّزَيُّنِ بِهِ وَالْحَادَّةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّزَيُّنِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ إنَّهَا تَجْتَنِبُ الثِّيَابَ الْمَصْبُوغَةَ فَقَطْ وَيَحِلُّ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ مَا شَاءَتْ مِنْ حَرِيرٍ أَبْيَضَ، أَوْ أَصْفَرَ مِنْ لَوْنِهِ الَّذِي لَمْ يُصْبَغْ وَيُبَاحُ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ وَالْحُلِيِّ كُلَّهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ.

(الشرح)

المصبوغ لا تلبسه, والباقي تلبسه؛ جمود.

(المتن)

وَهَذَا جُمُودٌ مِنْهُ عَلَى لَفْظِ النَّصِّ الْوَارِدِ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِهَا الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، فَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْحُفَّاظِ الْأَثْبَاتِ الثِّقَاتِ، وَقَدْ صَحَّحَ حَدِيثَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَاتِمٍ. وَابْنُ حَزْمٍ أَدَارَ التَّحْرِيمَ عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بِالنَّصِّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَدَارَهُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالزِّينَةِ فَبَقِيَ كَلَامُهُمْ أَنَّ ثَوْبَ الْعَصْبِ إذَا كَانَ فِيهِ زِينَةٌ مُنِعَتْ مِنْهُ وَيُخَصِّصُونَ الْحَدِيثَ بِالْمَعْنَى الْمُنَاسِبِ لِلْمَنْعِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ثَوْبِ الْعَصْبِ عَنْ النِّهَايَةِ وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد