شعار الموقع

شرح كتاب الطلاق من سبل السلام_26

00:00
00:00
تحميل
8

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خادمه».

(الشرح)

والخادم يُطلق عَلَى الذكر وعلى الأنثى, وهو أعم من أن يكون مملوك أو حر, يُطلق الخادم عَلَى الذكر يقال له خادم, والأنثى يقال خادم, يقال: عندنا خادم؛ يَعْنِي: امرأة خادم أو رجلٌ خادم, ويطلق الخادم عَلَى الحر أيضًا كما هو موجود الآن, الشغال تسمى خادم وهي حرة, كذلك الخادم الرجل, لَكِنْ الخادم الآن هي حرة ليست كالخادم الأمة, الآمة المملوكة الرقيقة برق شرعي يجوز للسيد أن يتسراها, وأما الخادمة الحرة هي حرة لكنها جاءت لتخدم وهي حرة ليست مملوكة, فلا يجوز لمخدومها أن يخلو بها في السيارة ولا في البيت, ولا أن ينظر إِلَى محاسنها, ولا ينظر إليها أحد أولاده.

وقد قيل: إن بعض الناس والعياذ بالله يتساهل في الخادمات وأن بَعْضُهُم قد يتأول أنها خادمة وأنه يجوز له أن يتسراها ويفعل بها الفاحشة والعياذ بالله, هذا من المصائب وقد يكون هذا متأول وقد يكون متعمد, الآن لما كثرت الخدم عند الناس والخادمات صار بعض الناس يظن, أو أَنَّه لا يبالي فيجعلها كالخادمة الآمة الَّتِي يتسراها سيدها وهو لا يبالي بها من كثرة الإحساس والإمساس والخِلطة, والخلوة بها فصار والعياذ بالله هي لا تبالي وهو لا يبالي, وصار يفعل بها الفاحشة ويشبهها بالخادم الرقيقة الَّتِي يجوز لسيدها أن يتسراها.

لما كَانَ الجهاد موجود يكون هناك رق شرعي, فيوجد أرقاء, فعدم وجود أرقاء يدل عَلَى ضعف المسلمين, ووجود الأرقاء يدل عَلَى قوة المسلمين, إذا قوي المسلمون وصاروا يجاهدون جهاد في سبيل الله واسترقوا الْكَفَرَة صاروا أرقاء يتناسلون وصاروا يُباعون ويُشترون, وصار الواحد إذا اشترى امرأة تكون خادمة عنده كانت بكر أو كانت مزوجة قبل السبي فَإِنَّهُ يستبرأ الحيضة وله أن يتسراها بعد ذلك, له أن يتسراها بملك اليمين, لَكِنْ الخدم الموجودين الآن ليسوا أرقاء هم أحرار فلا يجوز للإنسان أن يخلو بالمرأة الخادم في السيارة أو في البيت وحدها أو أنها تُظهر محاسنها أمامه وكشف وجهها أمامه أو أمام أولاده, يَجِبُ أن تكون المرأة بعيدة وتكون مع النساء ولا يخلو بها أو يكون معهم ثالث مع التحجب بحجاب الوجه, وعدم التعرض للفتنة وعدم إبداء الزينة.

(المتن)

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ» مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ, «خَادِمُهُ» فَاعِلٌ, «بِطَعَامِهِ فَلْيُجْلِسْهُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً، أَوْ لُقْمَتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

الْخَادِمُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا، أَوْ حُرًّا؛ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْإِيجَابُ، وَأَنَّهُ يُنَاوِلُهُ مِنْ الطَّعَامِ مَا ذُكِرَ مُخَيَّرًا.

(الشرح)

يَعْنِي: لابد أن يكون محرمًا, يشير الشرع إِلَى أَنَّه لا يجوز للإنسان أن يخلو بالمرأة الخادم إذا كانت أنثى, إما أن تكون محرم أو يكون لا يخلو بها في مكان, وصار الناس الآن يتساهلون تجد الخادم تَأْتِيَ الآن إِلَى أهل بيت وتأتي بالقهوة والشاي وهي امرأة كاشفة, أو تأتي لصاحب المنزل بالطعام وحده ويكون وحده ويخلو بها, وهذا منكر ومن أسباب وقوع الفاحشة.

(المتن)

وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ الْأَمْرُ بِأَنْ يُطْعِمَهُ مِمَّا يَطْعَمُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُؤَاكَلَتَهُ، وَلَا أَنْ يُشْبِعَهُ مِنْ عَيْنِ مَا يَأْكُلُ بَلْ يُشْرِكُهُ فِيهِ بِأَدْنَى شَيْءٍ مِنْ لُقْمَةٍ أَوْ لُقْمَتَيْنِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ إنَّ الْوَاجِبَ إطْعَامُ الْخَادِمِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَكَذَلِكَ الْإِدَامُ وَالْكُسْوَةُ، وَأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِالنَّفِيسِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ الْمُشَارَكَةَ.

وَتَمَامُ الْحَدِيثِ: «فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالْخَادِمِ الَّذِي لَهُ عِنَايَةٌ فِي تَحْصِيلِ الطَّعَامِ فَيَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الْحَامِلُ لِلطَّعَامِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ، وَهُوَ تَعَلُّقُ نَفْسِهِ بِهِ.

 وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا, وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهَا حِمْيَرِيَّةُ, وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ: «فِي هِرَّةٍ» هِيَ أُنْثَى السِّنَّوْرِ وَالْهِرُّ الذَّكَرُ.

(الشرح)

الهر له أسماء, يقال له: الهر, ويقال: قطة, أو قط, ويقال: السنور, له أسماء متعددة, ويسميه بَعْضُهُم في اللهجة العامية البسة, وكل هَذِه أسماء له, وبعض الحيوانات له أسماء متعددة, ويقال: إن الأسد له خمسمائة اسم, وَكَذَلِكَ السيف, والقرآن له أسماء متعددة, والرسول r له أسماء متعددة, والله تعالى له أسماء كثيرة قيل: إن لله تعالى ألف اسم.

(المتن)

 «سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ النَّارَ فِيهَا لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إذْ هِيَ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا.

(الشرح)

الخَشاش, الخُشاش, خِشاش.

(المتن)

وَشِينَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ وَالْمُرَادُ هَوَامُّ الْأَرْضِ ؛مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الْهِرَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَذَابَ إلَّا عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَافِرَةٌ فَعُذِّبَتْ بِكُفْرِهَا وَزِيدَتْ عَذَابًا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهَا كَانَتْ مُسْلِمَةً، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ النَّارَ بِهَذِهِ الْمَعْصِيَةِ.

(الشرح)

الظاهر أنها مسلمة أما الكفارة دخلت النار بكفرها هذا ليس فيهِ إشكال, والكفر أعظم, لَكِنْ الظاهر أنها مسلمة وأن تعذيبها لهذه الهرة سبب في دخولها النار.

(المتن)

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ: كَانَتْ كَافِرَةً, وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ عَنْ عَائِشَةَ فَاسْتَحَقَّتْ الْعَذَابَ بِكُفْرِهَا وَظُلْمِهَا، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْهِرَّةَ يَجُوزُ قَتْلُهَا حَالَ عَدْوِهَا دُونَ هَذِهِ الْحَالِ وَجَوَّزَ الْقَاضِي قَتْلَهَا فِي حَالِ سُكُونِهَا إلْحَاقًا لَهَا بِالْخَمْسِ الْفَوَاسِقِ.

(الشرح)

يمكن في حال عدوانها لحقها بالمس الفواسق, أما في حال سكونها فلا.

(المتن)

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الْهِرَّةِ وَرَبْطِهَا إذَا لَمْ يُهْمَلْ إطْعَامُهَا قُلْت وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إطْعَامُ الْهِرَّةِ بَلْ الْوَاجِبُ تَخْلِيَتُهَا تَبْطِشُ عَلَى نَفْسِهَا.

(الشرح)

إذا تركها لا بأس, وإذا ربطها لابد أن يطعمها.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد