شعار الموقع

شرح كتاب الحدود من سبل السلام_6

00:00
00:00
تحميل
6

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ, وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَلَدَ وَنَفَى مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ وَمِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْبَصْرَةِ وَتَقَدَّمَ تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي التَّغْرِيبِ وَكَأَنَّهُ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ نَسْخَ التَّغْرِيبِ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ» جَمْعُ مُخَنَّثٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَنُونٍ فَمُثَلَّثَةٍ اسْمُ مَفْعُولٍ أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ رَوَى بِهِمَا «مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَات مِنْ النِّسَاءِ وَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ, اللَّعْنُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُرْتَكِبِ الْمَعْصِيَةِ دَلَّ عَلَى كِبَرِهَا، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ وَالْإِنْشَاءَ كَمَا قَدَّمْنَا وَالْمُخَنَّثُ مِنْ الرِّجَالِ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ فِي حَرَكَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُرَادُ مَنْ تَخَلَّقَ بِذَلِكَ لَا مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خِلْقَتِهِ وَجِبِلَّتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ الْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ هَكَذَا وَرَدَ تَفْسِيرُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَبِالْعَكْسِ، وَقِيلَ: لَا دَلَالَةَ لِلَّعْنِ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْذَنُ فِي الْمُخَنَّثِينَ بِالدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا نَفَى مَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَصْفَ الْمَرْأَةِ بِمَا لَا فَطِنَ لَهُ إلَّا مَنْ كَانَ لَهُ إرْبَةٌ فَهُوَ لِأَجْلِ تَتَبُّعِ أَوْصَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ, قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ صِفَةٌ لَهُ خِلْقَةً لَا تَخَلُّقًا.

هَذَا, وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: أَمَّا مَنْ انْتَهَى فِي التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ إلَى أَنْ يُؤْتَى فِي دُبُرِهِ وَبِالرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ إلَى أَنْ تَتَعَاطَى السُّحْقَ فَإِنَّ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ مِنْ اللَّوْمِ وَالْعُقُوبَةِ أَشَدَّ مِمَّنْ لَمْ يَصِلْ إلَى ذَلِكَ, قُلْت: أَمَّا مِنْ يُؤْتَى مِنْ الرِّجَالِ فِي دُبُرِهِ فَهُوَ الَّذِي سَلَفَ حُكْمُهُ قَرِيبًا.

(الشرح)

هؤلاء المخنثين الذين كَانُوا عَلَى عهد النَّبِيِّ r ليس لهم إربة في النساء, ليس لهم شهوة وكانوا يدخلون عَلَى الناس؛ لِأَنّ معروف أن ليس لهم شهوة, ولهذا لما صار بَعْضُهُم يتفطن لأوصاف النساء وتكلم مع بعض الصحابة وقال له: «لئن فتح الله عليكم الطائف فإني أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخلن هؤلاء عليكم» وأمر بإخراجه؛ لِأَنّ هَذِه الأوصاف تدل عَلَى أن له رغبة.

فأولئك كما قَالَ الله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ}[النور/31]؛ يتبعون النساء ويدخلون النساء لِأَنَّهُم مثل النساء ليس لهم شهوات, ثم من تبين بعد ذلك أن له شهوة فَإِنَّهُ يُخرج.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد