شعار الموقع

شرح كتاب الحدود من سبل السلام_7

00:00
00:00
تحميل
6

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

درء الْحُدُود بالشبهات.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْفَعُوا الْحُدُودَ مَا وَجَدْتُمْ لَهَا مَدْفَعًا» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ بِلَفْظِ: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ».

وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَتَمَامُهُ: «وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَطِّلَ الْحُدُودَ» قَالَ وَفِيهِ الْمُخْتَارُ بْنُ نَافِعٍ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ قَالَهُ الْبُخَارِيُّ إلَّا أَنَّهُ سَاقَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عِدَّةَ رِوَايَاتٍ مَوْقُوفَةٍ صَحَّحَ بَعْضَهَا وَهِيَ تُعَاضِدُ الْمَرْفُوعَ وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْجُمْلَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُدْفَعُ الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ الَّتِي يَجُوزُ وُقُوعُهَا كَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ أَوْ أَنَّهَا أُتِيَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا وَيُدْفَعُ عَنْهَا الْحَدُّ، وَلَا تُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادعاه.

(الشرح)

(ولا تُكلف) هي: أي عَلَى ما ادعته, أو هو لا يُكلف, يَعْنِي: من وقع في شيء من ذلك فالبينة عَلَى من ادعى.

(المتن)

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ» جَمْعُ قَاذُورَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا الْقَبِيحُ وَالْقَوْلُ السَّيِّئُ مِمَّا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الَّتِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَمَنْ أَلَمَّ بِهَا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيَتُبْ إلَى اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِهِمَا,وَهُوَ فِي الْمُوطأ مِنْ مَرَاسِيلِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ, قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ أُسْنِدَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُسْنَدٌ مَعَ أَنَّهُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ: إنَّهُ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَهَذَا مِمَّا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ الْعَارِفُ بِالْحَدِيثِ وَلَهُ أَشْبَاهٌ لِذَلِكَ كَثِيرَةٌ أَوْقَعَهُ فِيهَا إطْرَاحُهُ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ الَّتِي يَفْتَقِرُ إلَيْهَا كُلَّ فَقِيهٍ وَعَالِمٍ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَلَمَّ بِمَعْصِيَةٍ أَنْ يَسْتَتِرَ وَلَا يَفْضَحَ نَفْسَهُ بِالْإِقْرَارِ وَيُبَادِرَ إلَى التَّوْبَةِ فَإِنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْإِمَامِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا حَقِيقَةُ أَمْرِهِ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ إقَامَةُ الْحَدِّ.

وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعًا: «تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ».

(الشرح)

(فيما بينكم) يَعْنِي: قبل أن تصل للحاكم, يَعْنِي: يجتمع أهل الحي, وأهل البيوت المتقاربة وينظرون في أمر من وقع منه شيءٌ من ذلك بأن يعظونه ويوبخونه ويلومونه, ويعذرونه فيما بينه؛ يضربونه, ويكتبون عليه تعاهد فيما بينهم, ويُكتفى بهذا إن رأوا أن هذا فيهِ مصلحة ولا يُرفع للحاكم, أما إذا رُفع للحاكم والقاضي الشرعي فلابد من إقامة الحد عليه.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد