شعار الموقع

شرح كتاب الجهاد من سبل السلام_6

00:00
00:00
تحميل
5

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

النَّهْي عَنْ قَتْلَ النِّسَاء والصبيان فِي الْحَرْب.

(وَعَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهَا فِي الْحَجِّ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ ابْن حِبَّانَ السَّائِلُ هُوَ الصَّعْبُ وَلَفْظُهُ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَهُ بِمَعْنَاهُ (عَنْ الدَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيِّتُونَ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ مِنْ بَيَّتَهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ (فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ هُمْ مِنْهُم) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ وَالتَّبْيِيتُ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ فِي اللَّيْلِ عَلَى غَفْلَةٍ مَعَ اخْتِلَاطِهِمْ بِصِبْيَانِهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَيُصَابُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِقَتْلِهِمْ ابْتِدَاءً.

وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الصَّعْبِ وَزَادَ فِيهِ. ثُمَّ نَهَى عَنْهُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهِيَ مُدْرَجَةٌ فِي حَدِيثِ الصَّعْبِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد زِيَادَةٌ فِي آخِرِهِ: قَالَ سُفْيَانُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

(الشرح)

والمدرج هو: الزيادة في آخر الحديث من الراوي من غير كلام النَّبِيِّ r.

(المتن)

 وَيُؤَيِّدُ أَنَّ النَّهْيَ فِي حُنَيْنٍ مَا فِي الْبُخَارِيِّ: «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِهِمْ أَلْحِقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا» وَأَوَّلُ مَشَاهِدِ خَالِدٍ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةُ حُنَيْنٍ كَذَا قِيلَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ إلَى جَوَازِ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي الْبَيَات.

(الشرح)

يَعْنِي: حين يبيتون يُقتلون معهم وهم مختلطون بهم من دون قصد.

(المتن)

 عَمَلًا بِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَقَوْلُهُ: هُمْ مِنْهُمْ أَيْ فِي إبَاحَةِ الْقَتْلِ تَبَعًا لَا قَصْدًا إذَا لَمْ يُمْكِنْ انْفِصَالُهُمْ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ.

وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ بِحَالٍ حَتَّى إذَا تَتَرَّسَ أَهْلُ الْحَرْبِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.

(الشرح)

تترسوا يَعْنِي: يجعلونهم في المقدمة حتى يكون القتل فيهم يريدون أن يُحرجوا عدوهم من المسلمين حتى يمتنعوا من قتالهم.

(المتن)

أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ هُمَا فِيهِمَا مَعَهُمْ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ وَلَا تَحْرِيقُهُمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي التَّتَرُّسِ: يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ حَيْثُ جُعِلُوا تُرْسًا وَلَا يَجُوزُ إذَا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ إلَّا مَعَ خَشْيَةِ اسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقَ الْجَمِيعِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقَصْدِ إلَى قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ.

وَفِي قَوْلِهِ هُمْ مِنْهُمْ دَلِيلٌ بِإِطْلَاقِهِ لِمَنْ قَالَ هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي الصِّبْيَانِ وَالْأَوْلَى الْوَقْفُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ أَيْ مُشْرِكٍ تَبِعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَلَفْظُهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ تُذْكَرُ فِيهِ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِئْت لِأَتْبَعَك وَأُصِيبَ مَعَك قَالَ: أَتُؤْمِنُ بِاَللَّهِ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ فَلَمَّا أَسْلَمَ أَذِنَ لَهُ» وَالْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ قَالُوا «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَانَ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَاسْتَعَانَ بِيَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَرَضَخَ لَهُمْ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا وَمَرَاسِيلُ الزُّهْرِيِّ ضَعِيفَةٌ.

قَالَ الذَّهَبِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ خَطَّاءً فَفِي إرْسَالِهِ شُبْهَةُ تَدْلِيسٍ وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ رَدَّهُمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ الَّذِي رَدَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ تَفَرَّسَ فِيهِ الرَّغْبَةَ فِي الْإِسْلَامِ فَرَدَّهُ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ فَصَدَقَ ظَنُّهُ أَوْ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ كَانَتْ مَمْنُوعَةً فَرَخَّصَ فِيهَا وَهَذَا أَقْرَبُ، وَقَدْ اسْتَعَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ تَأَلَّفَهُمْ بِالْغَنَائِمِ، وَقَدْ اشْتَرَطَ الْهَادَوِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مُسْلِمُونَ يَسْتَقِلُّ بِهِمْ فِي إمْضَاءِ الْأَحْكَامِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِم أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: إنْ كَانَ الْكَافِرُ حَسَنَ الرَّأْيِ فِي الْمُسْلِمِينَ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الِاسْتِعَانَةِ اُسْتُعِينَ بِهِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ.

وَيَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْمُنَافِقِ إجْمَاعًا لِاسْتِعَانَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ.

(الشرح)

قول الشافعي هذا قولٌ له وجاهته يَعْنِي فيهِ تفصيل, الشافعي يفصل يقول: إذا دعت الحاجة إِلَى هذا وكان الكافر له رأس حسن في المسلمين ليس عدوًا شرسًا ضدهم ودعت الحاجة إِلَى هذا, وكان المسلمون لا يستطيعون مقابلة العدو الثاني هذا فلا بأس, مثل ما حصل في حرب صدام قبل سنين اجتمع هيئة العلماء وقرروا الاستعانة بالمشركين وقاتلت الدول الغربية مع المسلمين.

 

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد