شعار الموقع

شرح كتاب الجهاد من سبل السلام_21

00:00
00:00
تحميل
5

بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام عَلَى نَبِيُّنَا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إِلَى يوم الدين؛ أما بعد:

(المتن)

قَالَ الإمام الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام:

السباق عَلَى الْخَفّ والحافر والنصل.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا سَبَقَ» بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ هُوَ مَا يُجْعَلُ لِلسَّابِقِ عَلَى السَّبْقِ مِنْ جُعْلٍ: «إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طُرُقٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَأَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيُّ بَعْضَهَا بِالْوَقْفِ ورواه الطبراني وأبو الشيخ من حديث اِبْن عباس رضي الله عنهما, قَوْلُهُ: «إلَّا فِي خُفٍّ» الْمُرَادُ بِهِ الْإِبِلُ وَالْحَافِرُ وَالْخَيْلُ وَالنَّصْلُ السَّهْمُ أَيْ ذِي خُفٍّ أَوْ ذِي حَافِرٍ أَوْ ذِي نَصْلٍ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ.

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ السِّبَاقِ عَلَى جُعْلٍ فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَسَابِقَيْنِ كَالْإِمَامِ يَجْعَلُهُ لِلسَّابِقِ حَلَّ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْمُتَسَابِقَيْنِ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ مِنْ الْقِمَارِ, وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ السَّبَقُ إلَى فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ قَصَرَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَجَازَهُ عَطَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ فِي جَوَازِهِ عَلَى عِوَضٍ أَوْ لَا.

(الشرح)

قول عطاء لا يعول عليه هذا, هذا مصادم للنص, ولعله لم ينظر للنص, هذا اللي يفعله بعض العامة يتراهنون يقول: إذا اختلف في مسألة قَالَ: الحق, هذا الحق هو هذا الرهان, اللي يكون كلامه صحيح له كذا, هذا باطل هذا ومن أكل المال بالباطل, قول عطاء كل شيء فيهِ عِوض ويمشي كلام العامة عَلَى هذا, لَكِنْ هذا باطل مصادم للنص.

(المتن)

 وَمَنْ أَجَازَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ شَرَائِطُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

(الشرح)

فإن قيل: (وَلِلْفُقَهَاءِ خِلَافٌ فِي جَوَازِهِ عَلَى عِوَضٍ أَوْ لَا) الضمير عَلَى مَن؟.

الضمير عَلَى أقرب مذكور؛ السباق.

(المتن)

وَعَنْهُ أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ» مُغَيَّرُ الصِّيغَةِ أَيْ يَسْبِقُهُ غَيْرُهُ: «فَلَا بَأْسَ بِهِ فَإِنْ أَمِنَ فَهُوَ قِمَارٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلِأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كَلَامٌ كَثِيرٌ حَتَّى قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ مِنْ قَوْلِهِ؛ انْتَهَى.

وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: سَأَلْت ابْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ هَذَا بَاطِلٌ وَضَرْبٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ.

(الشرح)

شطب عَلَى أبي هريرة يَعْنِي ما هو مروي عن أبي هريرة.

(المتن)

وَقَدْ غَلَّطَ الشَّافِعِيُّ مَنْ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي قَوْلِهِ: «وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُحَلَّلَ وَهُوَ الْفَرَسُ الثَّالِثُ فِي الرِّهَانِ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُتَحَقِّقَ السَّبَقِ وَإِلَّا كَانَ قِمَارًا, وَإِلَى هَذَا الشَّرْطِ ذَهَبَ الْبَعْضُ وَبِهَذَا الشَّرْطِ يَخْرُجُ عَنْ الْقِمَارِ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ الِاخْتِبَارُ لِلْخَيْلِ فَإِذَا كَانَ مَعْلُومَ السَّبْقِ فَاتَ الْغَرَضُ الَّذِي شُرِعَ لِأَجْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسَابَقَةُ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَمُبَاحَةٌ إجْمَاعًا.

وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}[الأنفال/60] الْآيَةَ: «أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ, أَفَادَ الْحَدِيثُ تَفْسِيرَ الْقُوَّةِ فِي الْآيَةِ بِالرَّمْيِ بِالسِّهَامِ لِأَنَّهُ الْمُعْتَادُ فِي عَصْرِ النُّبُوَّةِ وَيَشْمَلُ الرَّمْيَ بِالْبَنَادِقِ لَلْمُشْرِكِينَ وَالْبُغَاةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ شَرْعِيَّةُ التَّدْرِيبِ فِيهِ لِأَنَّ الْإِعْدَادَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الِاعْتِيَادِ إذْ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الرَّمْيَ لَا يُسَمَّى مُعِدًّا للقوة؛ والله أعلم.

(الشرح)

فإن قيل: طيب الجُعل ما يمكن يُجعل ما أحد المتسابقين؟.

لا؛ لِأَنّ أحدهما يكون غانم والآخر غارم, اللي يسبق يأخذها وذاك غارم, فلابد يكون من ثالث غيرهم حتى لو لم يكن غمام وَإِنَّمَا شخص مثلهم.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد