شعار الموقع

شرح سورة الأعراف من مختصر تفسير ابن كثير_16

00:00
00:00
تحميل
5

القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وأصلى وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد:

قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى على قول الله عز وجل: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون}[الأعراف:158].

(المتن)

قال رحمه الله: يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم {قل} يا محمد: {يا أيها الناس} وهذا خطاب للأحمر والأسود، والعربي والعجمي، {إني رسول الله إليكم جميعا} أي: جميعكم، وهذا من شرفه وعظمه صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى الناس كافة، كما قال تعالى: {قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام:19] وقال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} [هود:17] وقال تعالى: {وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ} [آل عمران:20] والآيات في هذا كثيرة، كما أن الأحاديث في هذا أكثر من أن تحصر، وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة أنه، صلوات الله وسلامه عليه، رسول الله إلى الناس كلهم.

قال البخاري، رحمه الله، في تفسير هذه الآية: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن وموسى بن هارون قالا حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر قال: حدثني بسر ابن عبيد الله، قال: حدثني أبو إدريس الخولاني قال: سمعت أبا الدرداء، رضي الله عنه، يقول: كانت بين أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عمر عنه مغضبا، فأتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -فقال أبو الدرداء: ونحن عنده -فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما صاحبكم هذا فقد غامر" -أي: غاضب وحاقد -قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقص على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر -قال أبو الدرداء: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ إني قلت: يأيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعا، فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت". انفرد به البخاري.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} دليل على عموم رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم, إلى الجن والإنس, إلى الأحمر والأسود, وأن رسالته عامة لجميع الناس ولجميع الثقلين, وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة معلوم عند الخاصة والعامة أن رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم عامة, وأما رسالة الأنبياء السابقين فهي خاصة بأقوامهم, ولهذا قد يكون نبيان في وقت واحد لوط وإبراهيم في زمن واحد, وموسى والخضر في زمن واحد, ولهذا لما جاء موسى إلى الخضر في الرحلة البحرية ليتعلم منه قال: أنت موسى من بني إسرائيل؟ قال: لا, قال: ما الذي جاء بك؟ قال: أتعلم منك, قال: ما يكفيك التوراة الذي أنزلها الله عليك, والصواب: أن الخضر نبي, أما رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم فهي عامة إلى الثقلين الجن والإنس, والنصوص في هذا كثيرة قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا}, {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}, {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}, {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.

وفي الأحاديث: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وأنا بعثت للناس كافة».

هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة فمن أنكر وجحد عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر, من قال: أن رسالته خاصة بالعرب كما يقول بعض اليهود ويستدل بقوله تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم} فهو كافر, لأنه أنكر أمر معلوم من الدين بالضرورة, وكذلك في هذه القصة التي حصلت بين أبي بكر وعمر قال النبي قلت: إني رسول الله إليكم جميعا, هذه القصة فيها منقبة للصديق ومنقبة لعمر وفيها فضل الصديق رضي الله عنه, ومنزلته, ومكانته الخاصة, وصحبته الخاصة ولذلك حصل بينهما وفي دليل على أن الإنسان مهما بلغ من الفضل فهو بشر يحصل له ما يحصل للبشر, فهذان الفاضلان الصحابيان الجليلان أفضل الناس بعد الأنبياء حصل بينهما مثل ما يحصل من الناس, حصل بينهما سوء تفاهم, فاختلفا فذهب عمر دخل بيته وقال عمر وأبو بكر خلفه يقول: سامحني, سامحني, وعمر مغضب كلا منهما مغضب, فلم يسمح له, دخل بيته وأغلق بابه في وجه عمر, فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مغضب ما سمح له عمر, جاء في بعض الروايات: أنه أبدى على ركبتيه حينما أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم, فعرف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه, فقال: أما صاحبكم فقد غاضب.

وقال: يا رسول الله حصل بيني وبين الخطاب شيء فسألته أن يغفر لي فلم يفعل, ثم ندم عمر في الحال سبقه الجود ما يطول يعني الخلاف الذي بينهم, سرعان ما يندم الواحد ندم عمر في الحال وذهب يبحث عن أبي بكر ليسامحه فوجده عند النبي صلى الله عليه وسلم, فأقبل عمر وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم, والنبي صلى الله عليه وسلم غضب لغضب الصديق, وأدرك ذلك أبو بكر رضي الله عنه غضب لما أقبل عمر, فخاف أبو بكر على عمر من غضب النبي صلى الله عليه وسلم, قال النبي: هل أنتم تاركو لي صاحبي, هل أنتم تاركو لي صاحبي, كلهم صحابة لكن صحابة خاصة هذه لقوله تعالى: {إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن}.

صحبة خاصة غير الصحبة العامة, إني بعثت إلى الناس فقلت: إني رسول الله إليكم, فقلتم: كذبت, وقال أبو بكر: صدقت, هل أنتم تاركوا لي صاحبي هل أنتم تاركوا لي صاحبي, فلما خشي أبو بكر رضي الله عنه على عمر من غضب النبي صلى الله عليه وسلم, قال: يا رسول الله والله أنا كنت أظلم أنا الظالم أنا الظالم أنا المخطأ أنا الغلطان حتى يسمح حتى يخف غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر, انظر, من يفعل هذا هذه أخلاق عالية بعض الناس إذا حصلت له فرصة قال لا خلي, خلي الرسول يغضب عليه وخلي أنا أرتفع وهو ينزل, لكن الصديق لا قال يا رسول الله أنا الظالم, والله أنا كنت أظلم مرتين أو ثلاثة أنا الظالم أنا الغلطان حتى يخف غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: هل أنتم تاركوا لي صاحبي, هل أنتم تاركوا لي صاحبي, هل أنتم تاركوا لي صاحبي, صحبة خاصة إني قلت للناس إني رسول الله إليكم, فقلتم: كذبت, وقال أبو بكر: صدق ووساني بنفسه وماله, قال: فما أوذي أبو بكر بعدها.

إذا في منقبة للصديق وفضله ومكانته, وأن له مكانة فوق مكانة عمر رضي الله عنه, وأفضل الناس بعد الأنبياء, وفي منقبة لعمر حيث ندم في الحال, وفيه أن الفرد وإن كان بشر يحصل له ما يحصل من البشر, لكن سرعان ما يرجع سرعان ما يندم, المتقون ليسوا معصومين بل يحصل منهم الخطأ والغلط والذنب, لكن لا يصرون, قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}.

هذا في وصف المتقين, وهؤلاء أفضل الناس أفضل المتقين بعد الأنبياء ومع ذلك حصل لكن سرعان ما كل واحد يتسابقون الجود, عمر يبحث عن أبي بكر لكي يسامحه, وأبو بكر يقول للنبي أنا الغلطان, أنا المخطأ, أنا الظالم حتى يخف غضب النبي صلى الله عليه وسلم عليه رضي الله عنهم وأرضاهم.

طالب: هل تثبت الصحبة الخاصة لغير أبي بكر ؟

الشرح: لا الصحابة كلهم والصحبة تتفاوت الصحبة تحصل على الصحيح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا ومات على ذلك ولو لحظة فهو صحابي على الصحيح, ويدخل في ذلك صغار الصحابة الذين حنكهم النبي صلى الله عليه وسلم, لكن ما طالت يتفاوتون في الصحبة ومن طالت صحبته هو أفضل, أهل بدر أفضل من غيرهم, أهل بيعة الرضوان أفضل من غيرهم, العشرة المبشرين بالجنة أفضل من غيرهم, وأبو بكر في صحبة خاصة هل أنتم تاركون صاحبي, وفي الآية: {لا تحزن إذ يقول لصاحبه}, مع أنهم كلهم صحابة لكن صحبة خاصة, خاصة بالصديق رضي الله عنه.

طالب: ما يستدل بحديث «لا تسبوا أصحابي»......الحديث؟

الشرح: نعم وكذلك «لا تسبوا أصحابي» هذا من يظلم من الصحابة هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما حصل سوء تفاهم بين خالد بن الوليد, وعبد الرحمن بن عوف, عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأولين, وخالد ممن أسلم بعد الحديبية في المرتبة الثانية, فالصحابة مراتب الذين أسلموا قبل الفتح قبل صلح الحديبية هؤلاء هم السابقون الأولون, ثم يليهم الذين أسلموا بعد الفتح وقبل فتح المكة قبل الصلح بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة, ثم يليهم الذين أسلموا يوم الفتح يسمون الطلقاء المرتبة الثانية, لكن الحد الفاصل بين السابقين الأولين صلح الحديبية, عبد الرحمن بن عوف من السابقين الأولون, وخالد ممن أسلم ليس من السابقين, حصل بينهم سوء تفاهم, النبي صلى الله عليه وسلم يقول لخالد يخاطبه, يقول: لا تسبوا أصحابي. يعني عبد الرحمن الذي تقدمت صحبته وهم كلهم صحابة «فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه».

هذه تفاوت بين الصحابة بين السابقين وبين من أسلم بعد صلح الحديبية, لو أنفق  خالد بن الوليد مثل أحد ذهبا وأنفق عبد الرحمن مد وهو ملء الكف أو نصف المد ما وصل خالد, هذا تفاوت بين الصحابة, فكيف بمن بعدهم رضي الله عنهم وأرضاهم.

(المتن)

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس [رضي الله عنه] مرفوعا, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي -ولا أقوله فخرا: بعثت إلى الناس كافة: الأحمر والأسود، ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي يوم القيامة، فهي لمن لا يشرك بالله شيئا" إسناده جيد، ولم يخرجوه.

الشرح: ولم يخرجوه؛ يعني أصحاب الكتب الستة, وفيه أن الشفاعة تكون للعصاة الموحدين وفيه الرد على الخوارج والمعتزلة الذين يقولون بخلود العصاة, العصاة الموحدين في النار, وأنه لا شفاعة لهم, وأنكروا الشفاعة مع أن النصوص متواترة نصوص الشفاعة, ومع ذلك أنكرها الخوارج والمعتزلة, قالوا: فهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئا, من عصاة الموحدين.

(المتن)

وقال الإمام أحمد أيضا: قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا بكر بن مضر، عن أبي الهاد، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، قام من الليل يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه، حتى إذا صلى انصرف إليهم فقال لهم: "لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلي.

الشرح: وفي قوله: "يحرسونه" دليل على أن فعل الأسباب لا ينافي التوكل على الله, فالنبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين, وأفضل المتوكلين, ومع ذلك هناك من يحرسه وهذا من فعل الأسباب من فعل الأسباب لا ينافي أسباب التوكل وفعل الأسباب التوكل يجمع أمرين: فعل الأسباب المشروعة. ثانيا: الاعتماد على الله في حصول النتيجة, فالإنسان يتوكل على الله ومع ذلك يطلب الرزق, يبيع, ويشتري, يحرث الأرض, يبذرها, ويزرعها, وهو متوكل على الله متوكل لكن يفعل السبب, ما هو متوكل وينام لا يتوكل ويفعل الأسباب المشروعة, يقول أنا إن قدر الله لي رزق جاءني المال وأنا نائم, لا هذا ما يقوله عاقل, عليك بالأسباب افعل الأسباب توكل على الله اعقلها وتوكل, اعقلها وتوكل لما قال رجل:  أتوكل وأتركها, قال: اعقلها وتوكل, كذلك الذي له أرض يزرعها ويحرثها ويبذرها ويسقيها ويزيل الموانع, ما ينام ويقول إن قدر الله تخرج لي الأرض أخرجت لي وأنا نائم, هذا ما يقوله عاقل, لابد من فعل الأسباب, والنبي صلى الله عليه وسلم يحرس وهو سيد المتوكلين, ومع ذلك  ...بين درعين يوم بدر وهو عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين.

(المتن)

عام غزوة تبوك، قام من الليل يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه، حتى إذا صلى انصرف إليهم فقال لهم: "لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلي, أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه.

الشرح: هذا الشاهد الآن عموم رسالة النبي.

 

 

(المتن)

ونصرت على العدو بالرعب، ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لملئ مني رعبا، وأحلت لي الغنائم آكلها وكان من قبلي يعظمون أكلها، كانوا يحرقونها.

الشرح: يعظمون أكلها: يعظمون تحريمها وأنه محرم كانت محرمة, الغنائم في الأمم السابقة يعظمون هذا الأمر ولا يأكلونها كانوا يجمعونها وإذا كانت مقبولة أتت نار من السماء فأكلتها.

(المتن)

وجعلت لي الأرض مساجد وطهورا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك.

الشرح: والتمسح يطلق على الوضوء, تقول العرب تمسحت للصلاة الوضوء يسمى تمسح, يعني الوضوء بالماء الخفيف, ويطلق المسح على المسح الخاص, وهو: إمرار اليد على العضو مبلولة بالماء هذا مسح خاص مثل مسح الرأس, وأما الغسل غسل اليدين والرجلين يقال له مسح وهذا مسح, معناه: إمرار العضو مع إسالة الماء.

طالب : ما يقال تمسحت المراد به التيمم؟

 

(المتن)

وجعلت لي الأرض مساجد وطهورا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك, إنما كانوا يصلون في بيعهم وكنائسهم، والخامسة هي ما هي، قيل لي: سل؛ فإن كل نبي قد سأل.

الشرح: تمسحت تشمل الأمرين يعني تمسحت للصلاة يعني إن كان عنده ماء أسال الماء, وإن لم يكن عنده ماء تمسح بمعنى تيمم تشمل الأمرين نعم, يقال تمسح هذا التمسح الخاص, والتمسح العام, التمسح الخاص إمرار اليد على العضو مبلولة بالماء, والتمسح العام إمرارها مع إسالة الماء, فإن كان عنده ماء تمسح إسالة, وإن لم يكن عنده ماء تمسح إصابة.

(المتن)

والخامسة هي ما هي، قيل لي: سل؛ فإن كل نبي قد سأل فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة، فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله" إسناد جيد قوي أيضا ولم يخرجوه.

وقال أيضا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر.

الشرح: هذا عام «فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله», ولكن من شهد أن لا إله إلا الله تناله الشفاعة لكن إن كان عاصي ودخل النار فتكون الشفاعة في إخراجه من النار, وإن لم يكن عاصيا ودخل الجنة من أول وهلة تكون له شفاعة في دخول الجنة, وشفاعة في رفع الدرجات بعض أهل الجنة.

(المتن)

وقال أيضا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر عن سعيد بن جبير، عن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني، فلم يؤمن بي، لم يدخل الجنة".

وهذا الحديث في صحيح مسلم من وجه آخر، عن أبي موسى رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشرح: قوله: "من سمع بي" هذا دليل على العموم, من سمع بي من أي أصناف الناس من العرب والعجم وغيرهم, وهذا دليل على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم.

(المتن)

وهذا الحديث في صحيح مسلم من وجه آخر، عن أبي موسى رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي رجل من هذه الأمة: يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار".

 

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو يونس -وهو سليم بن جبير -عن أبي هريرة، رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي أو نصراني، ثم يموت ولا يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار".

تفرد به أحمد.

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمسا: بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي، ونصرت بالرعب شهرا وأعطيت الشفاعة - وليس من نبي إلا وقد سأل الشفاعة، وإني قد اختبأت شفاعتي، ثم جعلتها لمن مات من أمتي لم يشرك بالله شيئا".

وهذا أيضا إسناد صحيح، ولم أرهم خرجوه، والله أعلم.

الشرح: يعني أصحاب الكتب الستة, لم يخرجوه.

(المتن)

وله مثله من حديث ابن عمر بسند جيد أيضا, وهذا الحديث ثابت في الصحيحين أيضا، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي [صلى الله عليه وسلم] يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس عامة".

وقوله: {الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت} صفة الله تعالى، في قوله: {رسول الله} صلى الله عليه وسلم, أي: الذي أرسلني هو خالق كل شيء وربه ومليكه، الذي بيده الملك والإحياء والإماتة، وله الحكم.

الشرح: هذه صفات الله في قول رسول الله لأن الله قال: {قل يا أيها الناس}, قال الله: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت} هذا وصف الله في قول رسول الله, هو لا معبود بحق سواه مستحق للعبادة, وهو المنفرد بالإحياء والإماتة وهو بيده كل شيء.

(المتن)

وقوله: {فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي} أخبرهم أنه رسول الله إليهم، ثم أمرهم باتباعه والإيمان به، {النبي الأمي} أي: الذي وعدتم به وبشرتم به في الكتب المتقدمة، فإنه منعوت بذلك في كتبهم؛ ولهذا قال: {النبي الأمي}, وقوله: {الذي يؤمن بالله وكلماته} أي: يصدق قوله عمله، وهو يؤمن بما أنزل إليه من ربه {واتبعوه} أي: اسلكوا طريقه واقتفوا أثره، {لعلكم تهتدون} أي: إلى الصراط المستقيم.

{ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (159) }.

القارئ: أحسن الله إليك. يقول تعالى: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}[الأعراف:159].

قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى: يقول تعالى مخبرا عن بني إسرائيل أن منهم طائفة يتبعون الحق ويعدلون به، كما قال تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون} [آل عمران:113].

(الشرح)

وهذا فيه دليل على أن هناك أخيار من بني إسرائيل ليسوا كلهم على ضلالة وإن كان الكثير ضلوا لكن منهم من هو الحق, ومنهم أخيار, كما قال الله تعالى: {ومنهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}, وقال: {ليسوا سواء} ليسوا على حدى {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون}[آل عمران:113].

{يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}[آل عمران:114].

{وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين}[آل عمران:115].

هذه أوصاف أوصاف الأخيار أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم والآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات}, هؤلاء أخيار, وهنا قال: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}[الأعراف:159].

وقال تعالى في الآية الأخرى: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}[القصص:52]. {وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين}[القصص:53].

وقال في الآية الأخرى: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول} في أهل الكتاب {ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين}[المائدة:83].

{وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين}[المائدة:84].

{فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار}[المائدة:85].

في أخيار, في أخيار في الأمم السابقة ومن ذلك الحديث في الصحيح  في الصحيحين أن رجلا من بني إسرائيل باع آخر أرضا, فوجد المشتري في الأرض جرة فيها ذهب, فذهب المشتري للبائع وقال خذ جرة الذهب اشتريت منك الأرض ووجدت فيها جرة ذهب, فقال: أنا بعتك الأرض وما فيها, قال: لا أنا لم أشتري إلا الأرض, فاختصما إلى الحاكم ففصل بينهما, فقال لأحدهما: ألك ابن؟ قال: نعم, قال للثاني: ألك ابنة؟ نعم, قال: زوج بنتك ابنه وأنفق عليهما من هذا الذهب. وهذا في الصحيح, أخيار, براء, براء, يختصمون وكل واحد يقول خذ الذهب هذا, أين الآن تجار الأسهم الآن

 الذين يأكلون بعضهم يأكل الحرام وهو لا يبالي, ولا يبالون ولا يسألون كثير من الناس ما يسأل, فإذا حصل منه قال أنا فعلت كذا وكذا, أنا اشتريت كذا وكذا, أنا بعت اشتريت مثلا بيت وفيه رهن مع أنه ما يجوز بيعه, أنا اشتريت كذا اشتريت استحقاق للشخص من الصوامع والغلال دراهم بدراهم ما يبالي إلا إذا حصل مناسبة, أخيار من بني إسرائيل, ورع وصل الورع إلى هذا الحد يختصمون في جرة ذهب وجدوها وكل واحد يقول خذها ما أريد الذهب.

طالب: ×××

الشرح: أي نعم اليهودي والنصراني إذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم صار من هذه الأمة, كل من وجد بعد بعثته فهو من أمة محمد, لكن من استجاب فهو من أمة الإجابة, ومن لم يستجب فهو من أمة الدعوة, كل من على ظهر الأرض من أمة محمد بعد بعثته إلى يوم القيامة, فمن أجابه فهو من أمة الإجابة, ومن رد دعوته فهو من أمة الدعوة يعني ادعوا, ادعوا.

(المتن)

وقال تعالى: {وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا }

 الشرح : هؤلاء من الأخيار أيضا

(المتن)

{أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب} [آل عمران:199] ، وقال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين * أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا [ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون] (10) } [القصص:52-54].

وقال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} الآية [البقرة:121]، وقال تعالى: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا* ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا} [الإسراء:107-109].

وقد ذكر ابن جرير في تفسيره خبرا عجيبا، فقال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج في قوله: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} قال: بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم، وكفروا -وكانوا اثني عشر سبطا -تبرأ سبط منهم مما صنعوا، واعتذروا، وسألوا الله، عز وجل، أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقا في الأرض.

الشرح: هذا عن ابن عباس.

القارئ: عن ابن جريج.

الشرح: عن ابن جريج قال بلغني ايش.

القارئ: عن ابن جريج قوله: قال: بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم، وكفروا -وكانوا اثني عشر سبطا -تبرأ سبط منهم مما صنعوا.

الشرح: والأسباط في بني إسرائيل مثل القبائل في العرب مثل القبائل, في العجم يسمى أسباط, في العرب قبائل.

(المتن)

واعتذروا، وسألوا الله، عز وجل، أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقا في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هنالك حنفاء مسلمين يستقبلون قبلتنا.

قال ابن جريج: قال ابن عباس: فذلك قوله: {وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا} [الإسراء:104] و"وعد الآخرة": عيسى ابن مريم - قال ابن جريج: قال ابن عباس: ساروا في السرب سنة ونصفا.

(الشرح)

وهذا من خرافات بني إسرائيل, من أخبار بني إسرائيل وخرافاتهم وهذا لا يعول عليه, لأن هذا ابن جريج رواه ابن جريج وابن جريج بينه وبني إسرائيل دهور, هذا من الخرافات الذي لا ينبغي أن يعول عليها, دخلوا في السرب وخرجوا من وراء الصين خرافات ما تقبل مثل هذا إلا عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.

(المتن)

وقال ابن عيينة، عن صدقة أبي الهذيل، عن السدي: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} قال: قوم بينكم وبينهم نهر من شهد.

الشرح: من شهد يعني من عسل, يعني بينك وبينهم نهر من عسل, الدنيا فيها نهر عسل؟ ! ما فيها هذا في الجنة أنهار العسل, بينهم وبينكم نهر من عسل, هل سمعت أن الدنيا فيها نهر عسل, عسل يجري؟ ! هذا في الجنة {وأنهار من عسل مصفى} [محمد:15].

فهذا كله من أخبار بني إسرائيل التي لا يعول عليها.

(المتن)

{وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (160) وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين (161) فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون (162) }.

تقدم تفسير هذا كله في سورة "البقرة"، وهي مدنية، وهذا السياق مكي، ونبهنا على الفرق بين هذا السياق وذاك بما أغنى عن إعادته، ولله الحمد والمنة.

وقوله تعالى: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر}.

الشرح: هناك فرق هنا في سورة البقرة: {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا}, وهنا قال: {فانبجست}, فكأن هذا في أول الأمر الانبجاس أول أول خروج العين, والانفجار بعد ما يمضي مدة انفجار, كأنه أحال على سورة البقرة, شوف ذكر الفروق عندك في سورة البقرة الآن شوف سورة البقرة عندك سورة البقرة الآن.

ايش الفروق الذي ذكرها الفروق يقول ذكرها الفروق بينها بين السياقين مثل: {انفجرت, وانبجست}.

سورة البقرة مدنية, سورة الأعراف مكية, فكأن انبجست هذا أول الأمر.

القارئ: ذكر كلام كثير ×××

الشرح: لا الفروق الفروق التي بينهما الفروق في السياق، الفروق بين القصتين.

القارئ: قال أحسن الله إليك. وهذه القصة شبيهة بالقصة التي في سورة الأعراف, ولكن تلك مكية فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب.

الشرح: وقطعناهم. نعم.

القارئ: لأن الله يقص على رسوله ما فعل لهم, وأما في هذه السورة وهي البقرة فهي مدنية, فلهذا كان الخطاب فيها متوجها إليهم.

الشرح: إليهم, لأن بنو إسرائيل لأن القصة وقعت لأجدادهم, ولهذا ينسب يعني من فعله وأجدادهم إليهم {وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى}, وهو على أجدادهم لأن النعمة على الآباء نعمة على الأحفاد, فهو يخاطبهم الله تعالى يخاطبه قطعناهم وقطعناكم وكذا, وظللنا عليكم الغمام, وهذا حصل لأجدادهم وهم اليهود اللي في زمن النبي في المدينة حصل لأجدادهم, فالأحفاد يشملهم حكم الأجداد, أما في سورة البقرة في سورة الأعراف نزلت في البقرة ومكة ما فيها يهود فيخبر عنهم بضمير الغائب {وقطعناهم}, في سورة البقرة يخبر عنهم بضمير المخاطب لأنه يخاطب الأحفاد, هذه من الفروق  من السياق .

طالب: هل كان لكل سبط حجر خاص...... ؟

الشرح: هذا نعم الحجر اللي يحمله موسى ولما كانوا في التيه خرجوا من مصر وصاروا في التيه صاروا يحملون الحجر, فإذا وضعه موسى إذا نزلوا وضعه موسى وضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا كل سبط لهم عين حتى لا يتنازعوا, كل سبط يكون لهم كل قبيلة لهم عين اثنا عشرة عين من الحجره هذا من النعم العظيمة, هم في التيه, والتيه أرض صحراء ما فيها شيء, هذه من النعم, والغمام يظللهم عن الشمس, والمن ينزل عليهم مثل العسل على الأشجار, والسلوى الطائر ينزل عليهم, نعم عظيمة.

القارئ: أحسن الله إليك. وأخبر هناك بقوله: {فانبجست منه اثنتا عشرة عينا}, وهو أول الانفجار وأخبر هاهنا بما آل إليه الحال آخرا وهو الانفجار فناسب ذكر الانفجار هاهنا وذاك هناك, والله أعلم.

الشرح: يعني هناك في الأعراف قال: {فانبجست}, أول الظهور انبجاس ثم قال: فانفجرت, هذا في آخر الأمر زاد, زاد الاتساع, فالانبجاس في أول الأمر هذا  أخبرهم به في مكة, وفي المدينة {فانفجرت} يعني في آخر الأمر زاد الانفجار العيون العيون اللي من الحجر أول ما تخرج انبجاس ضعيف ثم تنفجر ويزداد.

القارئ: وبين السياقين تباين من عشرة أوجه لفظية ومعنوية قد سأل عنها الزمخشري في تفسيره وأجاب عنها بما عنده، والأمر في ذلك قريب والله أعلم.

وقال تعالى: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون}[الأعراف:163].

هذا السياق هو بسط لقوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} [البقرة:65] يقول [الله] تعالى، لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: {واسألهم} أي: واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله، ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة، وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم؛ لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم.

وهذه القرية هي "أيلة" وهي على شاطئ بحر القلزم.

قال محمد بن إسحاق: عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} قال: هي قرية يقال لها "أيلة" بين مدين والطور.

وكذا قال عكرمة، ومجاهد، وقتادة، والسدي.

وقال عبد الله بن كثير القارئ، سمعنا أنها أيلة. وقيل: هي مدين، وهو رواية عن ابن عباس وقال ابن زيد: هي قرية يقال لها. "مقنا" بين مدين وعينونا.

الشرح: لا ،الأشهر أنها أيلة. هذا هو المشهور.

(المتن)

وقوله: {إذ يعدون في السبت} أي: يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك. {إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا} قال الضحاك، عن ابن عباس: أي ظاهرة على الماء.

وقال العوفي، عن ابن عباس: {شرعا} من كل مكان.

قال ابن جرير: وقوله: {ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم} أي: نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل لهم صيده.

الشرح: وهي ستة أيام, ستة أيام يحل لهم أخذ السمك, من الأحد إلى الجمعة, واليوم السابع والسادس محرم عليهم.

(المتن)

{كذلك نبلوهم} نختبرهم {بما كانوا يفسقون} يقول: بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنا, وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك محارم الله، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام.

وقد قال الفقيه الإمام أبو عبد الله بن بطة، رحمه الله: حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل".

وهذا إسناد جيد، فإن أحمد بن محمد بن مسلم هذا ذكره الخطيب في تاريخه ووثقه، وباقي رجاله مشهورون ثقات، ويصحح الترمذي بمثل هذا الإسناد كثيرا.

الشرح: ايش قال على الحديث تخريجه عندك.

القارئ: قال أحسن الله إليك. ذكره في جزء في الخلع وإبطال الحيل كما في إرواء الغليل.

الشرح: ذكره ابن بطة.

القارئ: ابن بطة أحسن الله إليك. وقال الألباني: وإسناد رجال ثقات معروفون من رجال التهذيب غير أبي الحسن أحمد بن محمد بن مسلم, وهو المخرمي, كما جاء منسوبا في أكثر من موضع في كتابه الآخر الإبانة, ثم نقل الألباني كلام ابن كثير الذي عقب به هذا الحديث وقال: ولكني لم أجد ترجمة ابن مسلم هذا في تاريخ بغداد, والله أعلم.

قلت: هو مترجم في تاريخ بغداد, ولكن لم يذكر فيه الخطيب جرحا أو تعديلا, ومع هذا فقد جود المصنف إسناده, وحسن إسناده السخاوي كما في الفتاوى الحديثية.

الشرح: وهذا الأقرب إن شاء الله أنه حديث لا بأس به وهو صحيح وهو حديث عظيم فيه التحذير من الحيل, لا تستحلوا محارم الله بأدنى الحيل, كما فعلت بنو إسرائيل, لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل, اليهود تحيلوا, الله تعالى حرم عليهم صيد الحيتان يوم السبت ابتلاء, وامتحان, بسبب فسقهم, ولذلك قال: {كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون}.

لما فسقوا وخرجوا عن طاعة الله ابتلاهم الله وحرم عليهم صيد السمك يوم السبت يوم واحد وبقية الأيام لا بأس بها, ولكن من ابتلاء الله لهم أن الحيتان لا تأتي إلا يوم السبت وتختفي بقية الأيام, فطال عليهم الأمد فلم يصبروا اشتاقوا إلى السمك ما يصبرون عنها هم حول البحر ومتعودين تعودوا على أكل السمك, فاحتالوا طال عليهم الأمد فجعلوا ينصبون الشباك يوم الجمعة فتصيد الحيتان يوم السبت فيأخذونها يوم الأحد, ويقولون إحنا ما أصدنا يوم السبت وهذه حيلة ما  تنفع, مثل ما يتحيل على الربا مثل ربا العينة التحيل على الربا أو مثلا يقلب الدية عن المعسر ما تنفع الحيل, هي الشباك متى صادت؟ يوم السبت, فوضعوا الشباك لها يوم الجمعة فإذا جاءت يوم السبت نشبت في الشباك فيأخذونها يوم الأحد, وقالوا ما صدنا, فلما فعلوا ذلك مسخهم الله قردة وخنازير, نعوذ بالله.

وكذلك أيضا لما حرم الله عليهم شحوم الميتة تحيلوا فأذابوها وجملوها وقالوا هذا ما صارت شحم صارت دهن وباعوها وأكلوا ثمنها, يقول النبي: «لعن الله اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم جملوها» يعني أذابوها «فباعوها وأكلوا ثمنها».

يعني إن الله إذا حرم شيء حرم ثمنه, حرمت الشحوم لا يجوز لهم إذابتها ويكونوا أذابوها هي الشحوم أو الدهن واحد وكذلك أكل ثمنها محرم عليهم لأنها محرمة, وكثير من الناس يتحيل على الربا الآن إما ببيع العينة يبيع سيارة مثلا بعشرين مؤجلة إلى سنة ثم يشتريها منه حاضرة في الحاضر في الوقت هذا بخمسة عشر هذا بيع العينة, أو يقلب الدين على معسر يكون عنده دين فإذا حل الدين قال: أعطني, قال: ما عندي شيء, قال: أبيعك سيارة ثانية, فيبيعه سيارة ثانية, يقول: بيع في الحال, فيبيعه في الحال ويأخذ ثمنها ويبقى عليه الأول الزيادة هذه حيلة, ومثل ما تتعامل البنوك هذه الحيل لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الله, نسأل الله السلامة والعافية, فالواجب على المسلم أن يتقي الله وأن يحذر من الحيل.

مثل البيع الآن بيع البيت المرهون كذلك لا يباع حتى يفك الرهن, كذلك إذا كانت عنده استحقاق وصوامع مثل الصوامع له استحقاق يشتريه بعض الناس, يقول أنا أتقبل أنت لك عشرة آلاف أنا أعطيك ثمانية آلاف الآن ويتقبل الصوامع أو يتقبل البنك مثلا ما يجوز هذا, دراهم, بدراهم, دراهم يجتمع فيه ربا الفضل, وربا النسيئة, كذلك البيت المرهون ما يجوز بيعه ويقول تقبل البنك ما يجوز دراهم بدراهم, يقول أنت لك عند البنك ثلاثمائة هنعطيك الآن مائتان وخمسين ونتقبل البنك وأسدد عنك, ما يجوز الدراهم بدراهم ومعروف هذا, وبعض الناس كذلك إذا كان له مرتب شهري ثم وقال أنا محتاج الآن المرتب الآن ما يأتي إلا في آخر الشهر أنا أعطيك الآن وتعطيني خمسين ريال, أو مائة ريال فيعطيه خمسين ريال ويعطيه مقدم دراهم بدراهم, المقصود: أن الواجب على الإنسان المسلم أن يكون عنده ورع وأن يحذر من المتشابه, وأن لا يقدم على الشيء حتى يعلم حكمه «إن الحلال بين والحرام بين».

سؤال: الآن بعض الناس يسددون عن بعض الأشخاص عن طريق الصراف ويأخذ عليه.

الشرح: نعم وكذلك هذا وهذا الذي يظهر والله أعلم أنه يسدد في الحال لأنه ما عمل شيء ماذا عمل ايش عمل الآن يسدد عنه دراهم بدراهم ما في يعني ما في أجرة مثلا نقل الدراهم نقلها يعطيه أجرة من بلد إلى بلد أو من مكان إلى مكان يسدد عنه الصراف وأخذ عنه دراهم بدراهم.

سؤال: ×××

الشرح: هذه تجارة تجارة بائرة نسأل الله العافية.

سؤال: ×××

الشرح: لا ما ينقل إلا إذا تسدد كامل إلا إذا تنازل عنه مرة وتنازل مرة تنازل يعطيه يعطيه ما دفعه فقط.

سؤال: ×××

الشرح: المرهون ما يبيع الرهن حتى يفك الرهن يسدد إذا سدد وفك الرهن يبيعه.

سؤال: ×××

الشرح: لا ما يصلح, هو سلمها شيء استلم وأعطاه ثمن ما يصلح تسمية الحالة حيلة والتسمية تغيير الحقائق.

(انتهى)

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد