شعار الموقع

شرح سورة الأعراف من مختصر تفسير ابن كثير_24

00:00
00:00
تحميل
8

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين. أما بعد:

قال الإمام ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسير سورة الأعراف, قال الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) }.

(المتن)

لما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة، أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظاما له واحتراما، لا كما كان يعتمده كفار قريش المشركون في قولهم: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون} [فصلت:26].

ولكن يتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة كما ورد الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا" وكذلك رواه أهل السنن من حديث أبي هريرة وصححه مسلم بن الحجاج أيضا، ولم يخرجه في كتابه وقال إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، فلما نزلت هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له [وأنصتوا] } والآية الأخرى، أمروا بالإنصات.

وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، قال ابن مسعود رضي الله عنه: كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة: سلام على فلان، وسلام على فلان، فجاء القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.

وقال أيضا: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي، عن داود بن أبي هند، عن بشير بن جابر قال: صلى ابن مسعود، فسمع ناسا يقرءون مع الإمام، فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا؟ أما آن لكم أن تعقلوا؟ {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم الله.

قال: وحدثني أبو السائب، قال: حدثنا حفص، عن أشعث، عن الزهري قال: نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئا قرأه، فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن، من حديث الزهري، عن أبي أكيمة الليثي، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: "هل قرأ أحد منكم معي آنفا؟ " قال رجل: نعم يا رسول الله. قال إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟ " قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". وصححه أبو حاتم الرازي.

وقال عبد الله بن المبارك، عن يونس عن الزهري قال: لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به الإمام، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته، ولكنهم يقرءون فيما لا يجهر به سرا في أنفسهم، ولا يصلح لأحد خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سرا ولا علانية، فإن الله تعالى قال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.

قلت: هذا مذهب طائفة من العلماء: أن المأموم لا يجب عليه في الصلاة الجهرية قراءة فيما جهر فيه الإمام لا الفاتحة ولا غيرها، وهو أحد قولي الشافعي، وهو القديم كمذهب مالك، ورواية عن أحمد بن حنبل، لما ذكرناه من الأدلة المتقدمة. وقال في الجديد: يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام، وهو قول طائفة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل: لا يجب على المأموم قراءة أصلا في السرية ولا الجهرية، لما ورد في الحديث: "من كان له إمام فقراءته له قراءة".

وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن جابر مرفوعا، وهو في موطأ مالك عن وهب بن كيسان، عن جابر موقوفا، وهذا أصح. وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع وقد أفرد لها الإمام أبو عبد الله البخاري مصنفا على حدة واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية أيضا، والله أعلم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما, قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني: في الصلاة المفروضة. وكذا روي عن عبد الله بن المغفل – رضي الله عنه – .

وقال ابن جرير: حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا الجريري، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان، والقاص يقص، فقلت: ألا تسمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إلي، ثم أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إلي، وأقبلا على حديثهما. قال: فأعدت الثالثة، قال: فنظرا إلي فقالا إنما ذلك في الصلاة: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وقال سفيان الثوري، عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير، عن مجاهد في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصلاة. وكذا رواه غير واحد عن مجاهد.

وقال عبد الرزاق، عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم.

وكذا قال سعيد بن جبير، والضحاك، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والشعبي، والسدي، وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم: أن المراد بذلك في الصلاة.

وقال شعبة، عن منصور، سمعت إبراهيم بن أبي حرة يحدث أنه سمع مجاهدا يقول في هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصلاة والخطبة يوم الجمعة.

وكذا روى ابن جريج عن عطاء، مثله.

وقال هشيم، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: في الصلاة وعند الذكر.

وقال ابن المبارك، عن بقية: سمعت ثابت بن عجلان يقول: سمعت سعيد بن جبير يقول في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: الإنصات يوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام من الصلاة.

وهذا اختيار ابن جرير أن المراد بذلك [الإنصات في الصلاة وفي الخطبة؛ لما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات] خلف الإمام وحال الخطبة.

وقال عبد الرزاق، عن الثوري، عن ليث، عن مجاهد أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو بآية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا، قال: السكوت.

وقال مبارك بن فضالة، عن الحسن: إذا جلست إلى القرآن، فأنصت له.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، قال: حدثنا عباد بن ميسرة، عن الحسن، عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من استمع إلى آية من كتاب الله، كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة". تفرد به أحمد رحمه الله.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

هذه الآيات الكريمة وهي قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) }. احتج بها الجمهور على أن المأمون لا يقرأ في الصلاة الجهرية وينصت للإمام وينصت لقراءة الإمام, ولا يقرأ الفاتحة, وتكون قراءة الإمام كافية, ذهب إلى هذا جمع من أهل العلم بل هو قول الجمهور, وهذه الآية إنما هي في الصلاة, ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله: هذه الآية نازلة في الصلاة {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) }.

أما في غير الصلاة غير الصلاة مستحب, لكن في الصلاة يجب الإنصات, حتى قال الجمهور: إنه لا يقرأ حتى الفاتحة, ويكفي قراءة الإمام له, ويستدلوا أيضا ببعض رواية حديث مسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا», واستدلوا أيضا بأن المأموم ما دام يستمع فهو قارئ, واستدلوا أيضا بقول الله عز وجل في قصة موسى وهارون حينما دعوا على آل فرعون قال موسى: {ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم}[يونس:88].

فموسى يدعو وهارون يؤمن, فقال الله: {قال قد أجيبت دعوتكما}[يونس:89]؛ فجعلهما داعيين.

وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقرأ أيضا حتى في الصلاة السرية, لا في الجهرية ولا في السرية لكن هذا قول ضعيف, احتج بهذا الحديث الذي ذكره المصنف: «من كان له إمام فقراءته له قراءة», لكنه ضعيف, والصواب: أنه موقوف وضعيف.

وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يقرأ, إلى أن المأموم يقرأ الفاتحة حتى في الصلاة السرية حتى في الصلاة الجهرية, واستدلوا بحديث عبادة بن الصامت, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».

قالوا: هذا عام «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». فهذا عام, وأما قوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}, فهذا أيضا يخصص لحديث عبادة, ويؤيده أيضا قوله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من صلاته يوما "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم, قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها". وهذا هو الأرجح, وهو اختيار وهو أحد القولين للشافعي, وهو اختيار الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه وفي تراجمه, وألف له جزء خاص سماه: "جزء القراءة". اختار فيه وجوب قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم والمنفرد في الصلاة الجهرية وفي الصلاة السرية, وهذا هو الأرجح, وتكون الفاتحة مستثناة لقوله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}: فاستمعوا له وأنصتوا إلا (الفاتحة) فإنها مستثناة.

لعموم حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب».

وعلى هذا تكون الأقوال في المسألة قيل: قراءة الفاتحة لا تجب على المأموم في الصلاة السرية ولا الجهرية, الإمام المنفرد هذا لابد منه لابد من قراءة الفاتحة, الإمام ركن في حق الإمام وفي حق المنفرد الفاتحة في الصلاة الجهرية والسرية, لو لم يقرأ الإمام الفاتحة في السرية أو الجهرية وكذلك المنفرد لا تصح صلاته, لكن خلاف المأموم فهل يقرأ؟ فيه أقوال:

القول الأول: أن المأموم لا يقرأ لا في الصلاة الجهرية ولا في السرية, يكتفى بقراءة الإمام, واستدلوا بحديث: «من كان له إمام فقراءته له قراءة» لكنه ضعيف, وموقوف.

القول الثاني: يقال أنه يقرأ في الصلاة الجهرية والسرية يقرأ الفاتحة.

القول الثالث: أنه يقرأ في السرية لا في الجهرية.

والصواب: أنه يقرأ الفاتحة المأموم يقرأ الفاتحة في الصلاة الجهرية والسرية, فإن كان الإمام له سكتات قرأ في سكتاته وإلا قرأها ولو كان الإمام يقرأ تكون مستثناة وهذا هو الأرجح, وهو اختيار الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه, وألف فيه "جزء القراءة". وهو قول في مذهب الشافعية, وهو اختيار الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه, فإنه لما سأله السائل قال: كيف أقرأ والإمام يقرأ؟ قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي.

وهو اختيار شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله, واختيار جمع من المحققين, أن الفاتحة لا تسقط لا في الصلاة الجهرية ولا في السرية تكون مستثناة, مستثناة من قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال الإمام أحمد: الإجماع أن هذه الآية نازلة في الصلاة, وأما الحديث الأخير الذي ذكره هنا وهو حديث من رواية الحسن عن أبي هريرة, فهو ضعيف, لأنه منقطع, لأن الحسن لم يسمع من أبي هريرة, الحديث عندك من استمع ايش.

(المتن)

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من استمع إلى آية من كتاب الله، كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة".

(الشرح)

هذا من رواية الحسن عن أبي هريرة, والحسن لم يسمع من أبي هريرة, فيكون ضعيف لانقطاعه فهو منقطع.

شيخ الإسلام رحمه الله اختار عدم القراءة في الجهرية, تكلم في الفتاوى وفي غيرها, وله أدلة, القراءة في غير الصلاة مستحب الاستماع له, وليس بواجب, ينبغي للإنسان أن يستمعوا له, وإذا كان في الإذاعة وإذا كانوا يتحدثون يغلقونه, أو يستمعون, اختار أنه لا يجب على المأموم القراءة في الجهرية, والسكتة مختلف فيها هناك سكتتان متفق عليهما:

السكتة الأولى: بعد تكبيرة الإحرام.

هذه سكتة للأاستفتاح.

والسكة الثانية هي سكة لطيفة بعد الانتهاء من القراءة حتى يفصل القراءة عن التكبير, ويتردد بها نفسه {أليس الله بأحكم الحاكمين} سكتة – الله أكبر – بعض الأئمة يصل هذا وهذا خطأ يقول: {أليس الله بأحكم الحاكمين} الله أكبر, ترك السكتة وهذه سكتة لطيفة يكون فيها فصل خاصة القراءة عن التكبير, وأما غير الفاتحة فهذه مختلف فيها, فإن سكت فالحمد لله, وإن لم يسكت يقرأ الفاتحة.

سؤال: ×××

الشرح: التعليم يعني في خارج الصلاة يعني لا بأس إذا كان للتعليم فلا بأس تعليم الصبيان, يقرأه.

سؤال: ×××

الشرح: لا هذا خطأ ما يستمع إذا كان ما يستمع له فلا حاجة ...

سؤال: ×××

الشرح: هذا ورد في بعض الأحاديث وكذلك {فبأي حديث بعده يؤمنون} نعم جاء فيها ولكن فيها ضعف نقول نعم لكن الأصح أصح ما ورد في سورة القيامة {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}[القيامة:40].

بلى وأنا على ذلك من الشاهدين, هذا ورد صحيح, أما (10:02) بسورة التين فالأمر فيه ضعف.

(المتن)

قال الله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين (205) إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون (206) }.

يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره.

الشرح: قراءة الفاتحة في حق الإمام والمنفرد ركن لا تسقط لا سهوا ولا جهلا ولا عمدا, فإذا تركها لم تصح الصلاة, لابد أن يأتي بركنها, أما المأموم فالصواب أنها واجب في حقه واجب مخفف تسقط مع النسيان, إذا نسي تسقط وإذا جاء والإمام راكع سقطت لحديث أبي بكرة أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف, ثم دب دبيبا حتى دخل في الصف, فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: زادك الله حرصا ولا تعد. ولم يأمره بإعادة الركعة.

وتسقط إذا جاء والإمام في آخر القيام, ولم يتمكن من قراءتها, وتسقط إذا قلد من يقول بعدم وجوبها, فهي واجب ومخفف.

ومن العلماء من قال: إنها لا تسقط مطلقا في حق المأموم, إذا جاء والإمام راكع يقضي الركعة, وهو اختيار البخاري وجماعة, إذا جاء في آخر القيام ولم يقرأ الفاتحة يقضي هذه الركعة, لعموم «لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب».

وهو اختيار البخاري, فتكون الأقوال في هذا أن الفاتحة لا تسقط لا سهوا, ولا عمدا, ولا جهلا لا على الإمام ولا على المأموم ولا على المنفرد, فإذا جاء والإمام راكع يقضي الركعة, وإذا جاء ولم يقرأ في آخر القيام ولم يقرأ الفاتحة يقضيها.

القول الثاني وهو قول الجمهور: أن الفاتحة تسقط عن المأموم إذا جاء والإمام راكع لحديث أبي بكرة.

القول الثالث: أنها تسقط عن المأموم في الصلاة الجهرية.

القول الرابع: أنها تسقط عنه في السرية والجهرية.

هذه أربعة أقوال في المسألة, في قراءة الفاتحة أرجحها: أنها تسقط عن المأموم إذا جاء والإمام راكع, أو لم يتمكن من قراءتها في آخر التشهد, أو نسيها, أو قلد من يقول بعدم وجوبها, ولا تسقط عنه في الجهرية ولا في السرية, بل يقرأها إذا سكت الإمام.

 

(المتن)

 يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [ق:39].

وقد كان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء، وهذه الآية مكية.

وقال هاهنا بالغدو -وهو أوائل النهار: {والآصال} جمع أصيل، كما أن الأيمان جمع يمين.

وأما قوله: {تضرعا وخيفة} أي: اذكر ربك في نفسك رهبة ورغبة، وبالقول لا جهرا؛ ولهذا قال: {ودون الجهر من القول} وهكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداء و لا جهرا بليغا؛ ولهذا لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} [البقرة:186].

وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، أربعوا على أنفسكم.

الشرح: أربعوا على أنفسكم: يعني أرفقوا على أنفسكم, لما ارتفعت أصواتهم في بعض الغزوات فكانوا إذا علوا مرتفعا قالوا: الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا, إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته», فخفضوا أصواتهم.

(المتن)

فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا؛ إن الذي تدعونه سميع قريب".

وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا} [الإسراء:110] فإن المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبوه، وسبوا من أنزله، و [سبوا] من جاء به؛ فأمره الله تعالى ألا يجهر به، لئلا ينال منه المشركون، ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم، وليتخذ سبيلا بين الجهر والإسرار. وكذا قال في هذه الآية الكريمة: {ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين}.

وقد زعم ابن جرير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قبله: أن المراد بهذه الآية: أمر السامع للقرآن في حال استماعه بالذكر على هذه الصفة.

الشرح: يعني إذا سمع القرآن يذكر ربه في نفسه تضرعا وخيفة, وهذا لا شك أنه خلاف ظاهر الآية.

(المتن)

وهذا بعيد مناف للإنصات المأمور به، ثم المراد بذلك في الصلاة، كما تقدم، أو الصلاة والخطبة، ومعلوم أن الإنصات إذ ذاك أفضل من الذكر باللسان، سواء كان سرا أو جهرا، فهذا الذي قالاه لم يتابعا عليه، بل المراد الحض على كثرة الذكر من العباد بالغدو والآصال، لئلا يكونوا من الغافلين؛ ولهذا مدح الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فقال: {إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته [ويسبحونه وله يسجدون] }.

وإنما ذكرهم بهذا ليتشبه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم؛ ولهذا شرع لنا السجود هاهنا لما ذكر سجودهم لله، عز وجل، كما جاء في الحديث: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف".

وهذه أول سجدة في القرآن، مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع.

وقد ورد في حديث رواه ابن ماجه، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عدها في سجدات القرآن.

آخر [تفسير] سورة الأعراف، ولله الحمد والمنة.

(الشرح)

نعم وهذه الآية أمر بالذكر في الصباح وفي المساء في المساء في أول النهار وفي آخره {واذكر ربك}, ويكون الذكر سرا لا جهرا, ويكون حين يذكر الله في حال رغبة ورهبة {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين}[الأعراف:205].

فيه الأمر بذكر الله في أول النهار, وفي آخره, وفي مشروعية الإسرار بالذكر, وفيه أنه ينبغي أن يكون رغبة ورهبة, وفيه جهاد النفس عن الغفلة والإعراض, ولهذا قال: {ولا تكن من الغافلين}, أمر بالذكر ونهي عن الغفلة والإعراض, فيكون الإنسان ذاكر والذكر يكون بالقلب وتعظيم الله وخشيته ووجدانه, ويكون باللسان حينما يذكر الله بالتسبيح والتحميد, ويكون بالجوارح حينما يعبد الله ذاكر المصلي ذاكر والصائم ذاكر والحاج ذاكر والمتصدق ذاكر, والآمر بالمعروف ذاكر والناهي عن المنكر ذاكر, وهكذا, فالذكر يكون بالأقوال وبالأفعال, وأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان والجوارح.

الجوارح, يكون القلب ذاكر, والجوارح تعمل.

(انتهى)

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد