شرح الأسماء الحسنى (1)
طالب:
وعلى هذا القاعدة الخامسة يقول الشيخ ابن عثيمين: وعلى هذا..
الشيخ:
اقرأ القاعدة الخامسة.
المتن:
(القاعدة الخامسة: أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها، وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه - تعالى - من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء:36]، وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف:33]، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى).
الشيخ:
نعم، سمى به بالنص نعم، ولأن إيش؟ ولأن.
المتن:
(ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص).
الشيخ:
جناية، في حقه تعالى؟
طالب:
نعم، في حقه تعالى.
الشيخ:
ما فيه الشيخ قال: جناية في حقه والا جناية عليه؟
طالب:
في حقه نفسها بالنص يا شيخ، ورجعت إلى ما بدأ الفوائد لم أجده يا شيخ، يمكن النسح تختلف لأنه أشار إليه في الجزء الأول صفحة 162.
الشيخ:
جناية في حق الله تعالى، طالما قال في حقه كأنها جناية عليه، جناية في حق الله يعني معصية، جناية معصية في حق الرب تعالى، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، شيخنا طيب.
الشيخ:
وإيش المسألة التي ذكرتها أمس؟
طالب:
المسألة التي ذكرتها أمس، إن شاء الله بأراجع الكتاب، مسألة إيش؟
الشيخ:
ذكر مسألة الشرك، ذكر في الشرك، من صلى عليه أربعون لم يشركوا بالله شيئًا، ثم ذكر أينا يستمع النقطة هذه إذا كانت موجودة لا شك فيها إشكال، نعم.
طالب:
نعم، صحيح، أحسن الله إليك، وأيضًا يقولون الإخوان على التسجيل نبدأ المبحث الأول؟
الشيخ:
طيب.
طالب:
المبحث الأول: أسماء الله تعالى توقيفية، أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها، وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه - تعالى - من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء:36]، وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[الأعراف:33]، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، ، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص)، كان الأولى يا شيخ، أن يقول : جناية على حق؟
الشيخ:
لا، لا، جناية في حق الله تعالى.
طالب:
أحسن الله إليك، المبحث الثاني: أركان الإيمان بالأسماء الحسنى، الإيمان بالاسم، الإيمان بما دل عليه الاسم من المعنى.
الشيخ:
نعم، مثل الرحمن، الإيمان باسم الرحمن سبحانه وتعالى، والإيمان بما دل عليه من المعنى، وهي صفة الرحمة، أن الله متصف بالرحمة، والإيمان بالأثر وهو أنه ذو رحمة يرحم بها عباده، فالصفة هكذا الإيمان بالاسم الرحمن، والإيمان بالمعنى والصفة، وهي أنها إثبات صفة الرحمة لله، والإيمان بالأثر، وهو أنه ذو رحمة يرحم بها عباده، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، الإيمان بما يتعلق به من الآثار، فنؤمن بأن الله رحيم ذو رحمة وسعت كل شيء، ويرحم عباده، قدير ذو قدرة، ويقدر على كل شيء.
الشيخ:
نعم، قدير هذا الاسم، ذو قدرة هذه الصفة، يقدر على كل شيء هذا الأثر.
طالب:
أحسن الله إليك، غفور ذو مغفرة ويغفر لعباده.
الشيخ:
نعم، بعض الأسماء ليس فيها أثر.
طالب:
بعض الأسماء ليس فيها أثر؟
الشيخ:
نعم، مثل الاستواء، صفة الاستواء، استوى، نؤمن بأن الله استوى على العرش، لكن هل لها، الاستواء له أثر على عباده؟
طالب:
أحسن الله إليك، ما معنى الاسم هنا؟ هل الاستواء من الأسماء؟
الشيخ:
صفة، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:5]، فيه {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وفيه غيره، يعني عدد من الصفات، هذا المراد يعني الأسماء التي لها أثر، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، المبحث الثالث: أقسام ما يوصف به الله تعالى، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (ما يجري صفة أو خبرًا على الرب -تبارك وتعالى- أقسام).
الشيخ:
ما يجري صفة؟
طالب:
ما يجري صفة أو خبرًا على الرب - تبارك وتعالى- أقسام، أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقوله: ذات ، وموجود ، وشيء.
الشيخ:
يعني هذا ما يكون خبرًا أو صفة، والخبر أوسع من باب الصفة، فتسمية الله بأنه ذات أو أنه شيء، أو الإخبار الخبر عن الله بأنه ذات أو شيء أو موجود هذا يخبر عنه بأنه ذات، بأنه موجود، بأنه شيء، قول أبي خبيب :
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزق
وكذلك في حادث إبراهيم (7:12) في ذات الله، هذا أكثر، وكذلك أيضًا يهبر عنه بأنه شيء، {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ}[الأنعام:19]، وكذلك حديث (7:27)، هذا يخبر عنه بأنه شخص، لكن ما يقال من أسمائه أنه شخص، ولا ذات، ولا موجود، يخبر، الخبر أوسع، هذا الخبر أوسع من باب إيش؟ من باب التسمي أو الوصف، مثل ما أخبر شيخ الإسلام عنه، يخبر عنه في جداله مع أهل الكلام بأنه الصانع، يحبر عنه بأنه الصانع، لكن ما يقال من أسماء الله الصانع، لا، الخبر أوسع من باب الصفة، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية، كالعليم والقدير والسميع.
الشيخ:
الأول إيش؟ ما يجري خبرًا، الأول؟
طالب:
أحدها ما يرجع إلى نفس الذات، كقولك: ذات وموجود وشيء.
الشيخ:
وشخص مثلًا، وصانع مثلًا، كلها داخلة في باب الخبر، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية، كالعليم والقدير والسميع، الثالث: ما يرجع إلى أفعاله نحو الخالق، والرزاق، الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض، ولا بد من تضمنه ثبوتًا، إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس السلام.
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس، وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة، لا تختص بصفة معينة، بل هو دالٌّ على معناه لا على معنى مفرد.
الشيخ:
إيش؟ الخامس؟
طالب:
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس، وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة، لا تختص بصفة معينة، بل هو دالٌّ على معناه لا على معنى مفرد، نحو: المجيد، العظيم، الصمد، فإنَّ المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا، فإنه موضوع للسعة، والكثرة، والزيادة.
الشيخ:
ولهذا في الحديث القدسي، إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، توسع في الثناء.
طالب:
أحسن الله إليك، والزيادة، فمنه: استمجد المرخ والعفار وأمجد الناقة علفًا.
الشيخ:
وأمجد الناقة إيش؟
طالب:
وأمجد الناقة علفًا، ومنه {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة:129]، صفة للعرش لسعته وعظمه وشرفه.
الشيخ:
{رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة:129] هذا جاء ما يدل على أنه صفة لله، أو صفة للعرش، {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}[البروج:15].
طالب:
وذكر هنا في الحاشية ابن كثير - رحمه الله - يقول: المجيد به قراءتان، الرفع على أنه صفة لله - عز وجل - والجر على أنه صفة للعرش، وكلاهما معنًى صحيح.
الشيخ:
نعم، ووصف به العرش ليش؟ لسعته، نعم.
طالب:
وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترنًا بطلب الصلاة من الله على رسوله، كما علَّمَناه صلى الله عليه وسلم.
الشيخ:
اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم، نعم.
طالب:
لأنه في مقام طلب المزيد، والتعرض لسعة العطاء، وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه، كما تقول: اغفر لي، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، ولا يحسن أنك أنت السميع البصير، فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه، ومنه الحديث الذي في المسند والترمذي: «ألظّوا بياذا الجلال والإكرام»، ومنه: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام».
الشيخ:
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، والمنان، ما فيه أنت.
طالب:
أنت - أحسن الله إليك - موجودة أنت.
الشيخ:
اللهم أني أسألك بأن لك الحمد أنت.
طالب:
نعم، لا إله إلا أنت.
الشيخ:
لا، قبلها، اللهم إني أسألك بأن لك الحمد المنان، ما فيه، المنان بعدها يعني.
طالب:
المنان بديع السماوات والأرض.
الشيخ:
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات، نعم.
طالب:
يا ذا الجلال والإكرام، فهذا سؤال له، وتوسل إليه، وبحمده، وأنه الذي لا إله إلا هو المنان، فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته، وما أحق ذلك بالإجابة، وأعظمه موقعاً عند المسؤول، وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد، أشرنا إليه إشارة، وقد فتح لمن بصَّره الله.
ولنرجع إلى المقصود وهو وصفه تعالى بالاسم المتضمن لصفات عديدة، فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال، وكذلك الصمد، قال ابن عباس - رضي الله عنهما- : هو السيد الذي كمل في سؤدده، وقال ابن وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده، وقال عكرمة: الذي ليس فوقه أحد، وكذلك قال الزجاج: الذي ينتهي إليه السؤدد، فقد صمد له كل شيء، وقال ابن الأنباري: لا خلاف بين أهل اللغة أنَّ الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم.
الشيخ:
الصمد كامل في نفسه، وترجع إليه الخلائق، الصمد الذي كمل سؤدده، وتصمد إليه الخلائق في حوائجها، الصمد والمجيد والعظيم، هذه كلها من الأسماء التي فيها توسع في الصفات، الأسماء العظيمة، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، وأمورهم، واشتقاقه يدل على هذا، فإنه من الجمع والقصد الذي اجتمع القصد نحوه، واجتمعت فيه صفات السؤدد، وهذا أصله في اللغة كما قال:
ألا بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بني مسعود وبالسيد الصمد
والعرب تسمي أشرافها بالصمد، لاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه.
الشيخ:
مبارك.
طالب:
أحسن الله إليك.
طالب:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، آمين، نقرأ في كتاب الشيخ سعيد بن وهب القحطاني في "شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة"، وأما ما يجري صفة أو خبرًا عن الرب تبارك وتعالى:
السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما، نحو: الغني الحميد، العفو القدير، الحميد المجيد، وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن، فإنَّ الغنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر، فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك العفو القدير، والحميد المجيد، والعزيز الحكيم، فتأمله فإنه من أشرف المعارف.
وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى.
الشيخ:
نعم، هذه كلها صفات ثبوت، صفات المدح، لأن في هذه الصفة يعني تؤخذ من الاسم المفرد، وتؤخذ من الاسم المفرد الآخر، وتؤخذ صفات ثالثة من ازدواج الصفتين، أو الاسمين، يعني الغني الحميد، العفو القدير، النافع الضار مثلًا، القابض الباسط، الخافض الرافع، المعطي المانع.
طالب:
أحسن الله إليك، وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى، إلا أن تكون متضمنة لثبوت: كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والألوهية، والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتًا كقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة: 255].
الشيخ:
صفات السلب أو النفي لا تكفي كاملة لإثبات ما به من الكمال، لأن النفي المحض الصرف ليس فيه مدح، فالمعدوم يوصف بالنفي الصرف، فيوصف المعدوم بأنه لا يرى، وهذا ليس كمالًا، لكن في صفات الله السلبية مثل قوله: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة: 255]، نفي السنة والنوم لتضمنه إثبات ضده من الكمال، لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وقيوميته، {وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}[البقرة:255]، يعني لا يعجزه ولا يثقله، نفي العجز يدل على ثبوت كمال القوة والقدرة، لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وقيوميته، {لا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}[البقرة:255]، لكمال قوته وقدرته، {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام:103]، لكمال عظمته، وكونه أعظم من كل شيء، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف:49]، لكمال عدله، وهكذا، {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام:103]، لكمال عظمته، كونه أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، فهذا النفي الوارد في باب الأسماء والصفات، لإثبات صفة النفي، لكن تستلزم إثبات ضدها من الكمال، ليس نفيًا صرفًا، ما يأتي النفي الصرف في صفات الله، النفي الصرف البحت هذا ليس فيه كمال، ولأنه يوصف به المعدوم، والمعدوم لا يمدح.
طالب:
أحسن الله إليك.
الشيخ:
المعدوم يوصف بأنه لا يرى، لكن هذا مدح؟ لا، والله تعالى يوصف بأنه {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام:103]، يعني لكمال عظمته، وكونه أكبر من كل شيء، نعم.
طالب:
وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتًا كقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}[البقرة: 255]، فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته، وكذلك قوله تعالى: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:38] متضمن لكمال قدرته.
الشيخ:
{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:38] يعني تعب وإعياء، نفي اللغوب والتعب والإعياء يتضمن كمال القدرة، لكونه - سبحانه وتعالى - على كل شيء قدير، لا يلحقه عجز وإعياء، نعم.
طالب:
أحسن الله إليك، وكذلك قوله تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ}[يونس:61]، متضمن لكمال علمه.
الشيخ:
لكمال العلم.
طالب:
وكذلك قوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:3]، متضمن لكمال صمديته وغناه، وكذلك قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:4]، متضمن لتفرده بكماله، وأنه لا نظير له. وكذلك قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام:103] متضمن لعظمته، وأنه جلَّ عن أن يدرك بحيث يحاط به، وهذا مطرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب.
المبحث الرابع: دلالة الأسماء الحسنى ثلاثة أنواع، أسماء الله كلها حسنى ، وكلها تدل على الكمال المطلق والحمد المطلق، وكلها مشتقة من أوصافها، فالوصف فيها لا ينافي فيه العلمية.
الشيخ:
دلالة الأسماء الحسنى؟ أعد دلالة الأسماء الحسنى.
طالب:
دلالة الأسماء الحسنى ثلاثة أنواع، أسماء الله كلها حسنى، وكلها تدل على الكمال المطلق والحمد المطلق، وكلها مشتقة من أوصافها، فالوصف فيها لا ينافي العلمية، والعلمية لا تنافي الوصف، ودلالتها ثلاثة أنواع: دلالة مطابقة إذا فسرنا الاسم بجميع مدلوله، ودلالة تضمن إذا فسرناه ببعض مدلوله، ودلالة التزام إذا استدللنا به على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم عليها، فمثلاً الرحمن دلالته على الرحمة والذات دلالة مطابقة، وعلى أحدهما دلالة تضمن؛ لأنها داخلة في الضمن، ودلالته على الأسماء التي لا توجد الرحمة إلا بثبوتها كالحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، ونحوها، دلالة التزام، وهذا الأخير تحتاج إلى قوة فكر وتأمل، يتفاوت فيها أهل العلم، فالطريق إلى معرفتها أنك إذا فهمت اللفظ وما يدلُّ عليه من المعنى، وفهمته فهمًا جيدًا، ففكر فيما يتوقف عليه ولا يتمُّ بدونه، وهذه القاعدة تنفعك في جميع النصوص الشرعية.
الشيخ:
ففكر إيش؟ وضابطها إيش؟ وضابطها؟ عندك الضابط يقول؟
طالب:
لا، ويتفاوت فيها أهل العلم، فالطريق إلى معرفتها أنك إذا فهمت اللفظ وما يدلُّ عليه من المعنى، وفهمته فهمًا جيدًا، ففكر فيما يتوقف عليه ولا يتمُّ بدونه، وهذه القاعدة تنفعك في جميع النصوص الشرعية، فدلالاتها الثلاث كلها حجة؛ لأنها معصومة محكمة.
الشيخ:
نعم، هذا معروف دلالة المطابقة، ودلالة التضمن، ودلالة الالتزام، دلالة المطابقة دلالة الشيء على جميع معناه، ودلالة التضمن دلالة الشيء على بعض معناه، ودلالة الالتزام دلالة الشيء على خارج معناه، مثل ما جاء "الرحمن" يدل على الذات وعلة صفة الرحمة، ويدل أيضًا على الحياة مثلًا، فدلالته مثلًا على الرحمة وعلى الذات تسمى دلالة مطابقة، ودلالته على الرحمة وحدها وعلى الذات وحدها دلالة تضمن، ودلالته على الحياة أو العلم أو القدرة دلالة التزام؛ لأنها خارجة.
طالب:
لأنها خارجة عنهما؟
الشيخ:
خارجة عنهما، والآن الرحمن يدل على شيئين، الذات والرحمة، فدلالته على الاثنين مطابقة، وعلى واحد منهما تضمن، وعلى الرحمة التزام، واضح هذا؟
طالب:
التزام، أجسن الله إليك، واضح، نكمل أو نقف يا شيخ؟
الشيخ:
نعم، أكمل.
طالب:
المبحث الخامس: حقيقة الإلحاد في أسماء الله تعالى.
وحقيقة الإلحاد فيها هو الميل بها عن الاستقامة، إما بإثبات المشاركة فيها لأحد من الخلق، كإلحاد المشركين الذين اشتقوا لآلهتهم من صفات الله ما لا يصلح إلا لله.
الشيخ:
إيش؟ أعد حقيقة الإلحاد إيش؟
طالب:
وحقيقة الإلحاد فيها هو الميل بها عن الاستقامة، إما بإثبات المشاركة فيها لأحد من الخلق، كإلحاد المشركين الذين اشتقوا لآلهتهم من صفات الله ما لا يصلح إلا لله، كتسميتهم اللات من الإله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان، وكل مشرك تعلَّق بمخلوق اشتق لمعبوده من خصائص الربوبية والإلهية ما برر له عبادته، وأعظم الخلق إلحادًا طائفة الاتحادية الذين من قولهم: (أن الرب عين المربوب) فكل اسم ممدوح أو مذموم يطلق على الله.
الشيخ:
نعم، هذا من أعظم الناس إلحادًا الاتحادية أو الحلولية، يقولون إن الله حل في كل مكان أو كل شيء، وكذلك من الإلحاد جحد أسماء الله وصفاته، هذا من أعظم الإلحاد، جحد الرب، هذا أعظم الإلحاد، ثم جحد أسمائه وصفاته من أعظم الإلحاد، ثم الإشراك فيها، أو اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة، ثم الميل بها، ونفيها وتعطيلها، أو تشبيهها بالمخلوقات، كل هذا من أنواع الإلحاد، الإلحاد الميل، ومنه اللحد اللي في القبر، سمي لحد لأنه مائل عن سمت القبر جهة القبلة، فأعظم الإلحاد جحود الرب، ثم جحود الأسماء والصفات، ثم اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة، ثم أيضًا تحريفها أو تعطيلها أو تشبيها، هذا هو الخلاصة التي قالها، إن شاء الله نقرأ من أول ما قال إن شاء الله.
طالب:
من بداية المبحث الخامس، أحسن الله إليك.
طالب:
أقرأ يا شيخ، باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، نقرأ بإذن الله شرح كتاب "أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة" للشيخ سعيد بن وهب، يقول المؤلف: إذا عرف هذا فالإلحاد في أسماء الله تعالى أنواع، النوع الخامس، وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه.
الشيخ:
إيش معناها هنا الخمسة؟
طالب:
إيش معنى هنا الخمسة - أحسن الله إليك - هذه أحدها، الثاني تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبًا.
الشيخ:
الفلاسفة علة.
طالب:
أحسن الله إليك، (وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص، ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها، وجحد حقائقها، وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه، تعالى الله عما يقول المشبهون علوًّا كبيرًا، فهذا الإلحاد في مقابل إلحاد المعطلة، فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها، وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه، فجمعهم الإلحاد، وتفرقت بهم طرقه).
الشيخ:
يعني متقابلان، هؤلاء عطلوا وهؤلاء شبهوا نعم.
طالب:
نعم، نسأل الله السلامة والعافية، (وبرأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله، فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه، ولم يجحدوا صفاته، ولم يشبهوها بصفات خلقه، ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظًا ولا معنًى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات، ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان إثباتهم بريئًا من التشبيه، وتنزيههم خاليًا من التعطيل، لا كمن شبه حتى كأنه يعبد صنمًا، أو عطل حتى كأنه لا يعبد إلا عدمًا، وأهل السنة وسط في النحل، كما أن أهل الإسلام وسط في الملل، توقد مصابيح معارفهم {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاء} [النور:35]، فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره، ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته، ومتابعة رسوله، إنه قريب مجيب).
الشيخ:
يقول ابن القيم في هذا في إيش؟ كتابه.
طالب:
أحسن الله إليك هذه في بدائع الفوائد، ابن القيم - رحمه الله تعالى - بتصرف يسير، وقد ذكر -رحمه الله- عشرين فائدة لأسماء الله الحسنى، في نهايتها هذه عشر، عشرون فائدة مضافة إلى القاعدة التي بدأنا بها في أقسام ما يوصف به الرب - تبارك وتعالى - فعليك بمعرفتها ومراعاتها، ثم اشرح الأسماء الحسنى إن وجدت قلبًا عاقلًا، ولسانًا قائلًا، ومحلًّا قابلًا، وإلا فالسكوت أولى بك، فجناب الربوبية أجل وأعز مما يخطر بالبال، أو يعبر عنه المقال.
الشيخ:
هذا الكلام مكتوب أين؟ من أين نقله؟
طالب:
هذا في الحاشية، يا شيخ، أحسن الله إليك، نقله من بدائع الفوائد.
الشيخ:
ونذكر أن نضيف هذا أنه في مقدمة النونية، مثل هذا المعطل والمشبه، لأنه ذكر في المقدمة النونية من قبل أن يبدأ الأبيات، ذكر المعطل والمشبه.
طالب:
نكمل أو؟
الشيخ:
نعم، هذا نقله من إيش؟
طالب:
من بدائع القوائد، (حتى ينتهي العلم إلى من أحاط بكل شيء علمًا، وعسى الله ٍأن يعين بفضله على تعليق شرح الأسماء الحسنى مراعيًا فيه أحكام هذه القواعد، بريئًا من الإلحاد في أسمائه، وتعطيل صفاته، فهو المنان بفضله، والله ذو الفضل العظيم.
المبحث السادس: إحصاء الأسماء الحسنى أصل للعلم.
إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصلٌ للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا، إما علم بما كوّنه، أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن الأسماء الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه، فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حسنٌ لا يخرج عن مصالح العباد، والرأفة، والرحمة بهم، والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كله مصلحة، وحكمة، ورحمة، ولطف، وإحسان).
الشيخ:
أمره كله مصلحةٌ، وحكمةٌ، ورحمةٌ، ولطفٌ، وإحسانٌ.
طالب:
أحسن الله إليك، (وأمره كله مصلحة، وحكمة، ورحمة، ولطف، وإحسان)، أحسن الله إليك، (إذ مصدره أسماؤه الحسنى، وفعله كله لا يخرج عن العدل، والحكمة، والمصلحة، والرحمة، إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه، ولا عبث، ولم يخلق خلقه باطلاً، ولا سدىً، ولا عبثًا، وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده، فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه، فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه، فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق، أحصى جميع العلوم، إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها، ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى، ولهذا لا تجد فيها خللًا ولا تفاوتًا، لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله، إما أن يكون لجهله به، أو لعدم حكمته، وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم، فلا يلحق فعله ولا أمره خلل، ولا تفاوت، ولا تناقض).
نقف هنا يا شيخ، والا نكمل؟ المبحث السابع قصير.
الشيخ:
يحتاج إلى إعادة بعد ذلك.
طالب:
يحتاج إلى إعادة، أحسن الله إليك يا شيخ، جزاك الله خير.
طالب:
كل الكلام أن هذه الدلالات على الاسم، الآن المطابقة، موضوع المطابقة، وموضوع التضمن، كلها يقصد فيها الاسم المختص بالله، والا يقصد فيها؟
الشيخ:
هذا صحيح، يقصد فيها الاسم الآن يعني دلالة الاسم على المسمى، تسمى هذه دلالة الألفاظ، وخاص ليس خاصًّا بالأسماء، كلها عام، دلالة الألفاظ كلها، الدلالات ثلاثة أنواع: دلالة مطابقة، ودلالة تضمن، ودلالة التزام، سواء في الأسماء أو في غيرها، حتى في غير الأسماء، كلمة التوحيد الآن (لا إله إلا الله) تدل على توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية بالمطابقة، وتدل على أحدهما بالتضمن، وتدل على توحيد.. كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) الآن تدل على أي شيء؟
طالب:
تدل على الله، تدل على إفراد الله..
الشيخ:
لا، أنواع التوحيد الثلاثة.
طالب:
الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات.
الشيخ:
نعم، تدل على إيش؟ الألوهية، إثبات الألوهية بالتضمن، إثبات الألوهية.
طالب:
إذا انفرد أحدها يا شيخ يصير تضمن؟ مثلًا لو دل..
الشيخ:
أي نعم، وتدل على توحدي الربوبية بالالتزام، مثلًا، من قال: لا إله إلا الله، ووحد الله الآن فقد إيش؟ من ضمن ذلك أنه إيش؟ أنه أثبت الربوبية لله، وأنه أثبت الخالق والرب، ولهذا يقول علماء التوحيد: (الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، وتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية)، يعني مثلًا من وحد الله من ضمن ذلك أنه إيش؟ أنه اعترف بالربوبية، لكن من اعترف بربوبية الله لا يتضمن أنه، قد يلتزم بما، قد يلتزم بها وقد لا يلتزم، وفي ذلك كثير يثبتون الربوبية، ولا يعبدون الله، (39:18)، الدلالة معروفة، الدلالة عامة، هذه دلالة الألفاظ دلالة عامة، لكن هذا مثال، يعني مثل في الأسماء ومثل في غيرها، العلماء يقولون: توحيد الربوبية، توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.
طالب:
يعني متضمن - أحسن الله إليك - يعني يشمله؟ بمعنى يشمله.
الشيخ:
يشمله، من وحد الله يشمل كذلك أمرين: الربوبية والألوهية، ومن أقر بالربوبية ما يشمل، مستلزم، وقد يلتزم بما يلزمها وقد لا يلتزم.
طالب:
نعم، وضحت، صحيح.