شعار الموقع

شرح الأسماء الحسنى_4

00:00
00:00
تحميل
9

شرح الأسماء الحسنى (4)

طالب:

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والمستمعين، أما بعد، نقرأ في كتاب الشيخ سعيد بن وهب القحطاني - حفظه الله - شرح كتاب "أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة":

(المبحث الحادي عشر: أسماء الله وصفاته مختصة به، واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات.

قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: سمّى اللَّه نفسه بأسماء، وسمّى صفاته بأسماء، فكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه، لا يشركه فيها غيره، وسمّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص، لا اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلاً عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص، فقد سمَّى اللَّه نفسه حيًّا، فقال: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، وسمَّى بعض عباده حيًّا، فقال: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الروم: 19]، وليس هذا الحيّ مثل هذا الحيّ؛ لأن قوله "الحيّ" اسم اللَّه مختص به، وقوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [الروم: 19]، اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أُطلقا وجُرِّدا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمًّى موجودٌ في الخارج، ولكن العقل يفهم من المطلق قدرًا مشتركًا بين المسميين، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق، والمخلوق عن الخالق.

ولا بدّ من هذا في جميع أسماء اللَّه وصفاته، يُفهم منها ما دلّ عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دلّ عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.

وكذلك سمَّى اللَّه نفسه عليمًا حليمًا، وسمّى بعض عباده عليمًا، فقال: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ

عَلِيمٍ}[الذاريات:28]، يعني إسحاق، وسمّى آخر حليمًا، فقال: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}[الصافات:101]، يعني إسماعيل، وليس العليم كالعليم، ولا الحليم كالحليم.

وسمَّى نفسه سميعًا بصيرًا، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:58]، وسمّى بعض خلقه سميعًا بصيرًا فقال: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان:2]، وليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.

وسمَّى نفسه بالرؤوف الرحيم، فقال: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:143]، وسمّى بعض عباده بالرؤوف الرحيم، فقال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:128]، وليس الرؤوف كالرؤوف، ولا الرحيم كالرحيم.

وسمَّى نفسه بالملك، فقال: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر:23]، وسمّى بعض عباده بالملك، فقال: {وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف:79]، {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} [يوسف:50]، وليس الملك كالملك.

وسمَّى نفسه بالمؤمن، فقال: {الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر:23]، وسمى بعض عباده بالمؤمن، فقال: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة:18]، وليس المؤمن كالمؤمن.

وسمَّى نفسه بالعزيز، فقال: {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر:23]، وسمّى بعض عباده بالعزيز، فقال: {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} [يوسف:51]، وليس العزيز كالعزيز.

وسمَّى نفسه الجبار المتكبر، وسمى بعض خلقه بالجبار المتكبر، فقال: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر:35]، وليس الجبار كالجبار، ولا المتكبر كالمتكبر، ونظائر هذا متعددة.

وكذلك سمَّى صفاته بأسماء، وسمّى صفات عباده بنظير ذلك، فقال: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} [البقرة:255]، وقال: {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء:166]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58]، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت:15].

وسمَّى صفة المخلوق علمًا وقوة، فقال: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:85]، وقال: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف:76]، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ} [غافر:83]، وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم:84]، وقال: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود:52]، وقال: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات:47]، أي: بقوة، وقال: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ} [ص:17] أي: ذا القوة، وليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة.

وكذلك وصف نفسه بالمشيئة، ووصف عبده بالمشيئة، فقال: {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:28-29]، وقال: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان:29-30].

وكذلك وصف نفسه بالإرادة، ووصف عبده بالإرادة، فقال: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:67]، ووصف نفسه بالمحبة، ووصف عبده بالمحبة، فقال: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54]، وقال: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].

ووصف نفسه بالرضا، ووصف عبده بالرضا، فقال: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} [المائدة:115]، ومعلوم أن مشيئة اللَّه ليست مثل مشيئة العبد، ولا إرادته مثل إرادته، ولا محبته مثل محبته، ولا رضاه مثل رضاه.

وكذلك وصف نفسه بأنه يمقت الكفار، ووصفهم بالمقت، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر:10]، وليس المقت مثل المقت.

وهكذا وصف نفسه بالمكر والكيد، كما وصف عبده بذلك، فقال: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال:30]، وقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق:3]، وليس المكر كالمكر، ولا الكيد كالكيد.

ووصف نفسه بالعمل، فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} [يس:71]، ووصف عبده بالعمل، فقال: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]، وليس العمل كالعمل.

ووصف نفسه بالمناداة والمناجاة، في قوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:52]، وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} [القصص:62]، ويقول: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا} [الأعراف:22]، ووصف عبده بالمناداة والمناجاة، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات:4]، وقال: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} [المجادلة:12]، وقال: {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المجادلة:9]، وليس المناداة كالمناداة، ولا المناجاة كالمناجاة.

ووصف نفسه بالتكليم في قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، وقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف:138]، وقوله: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة:253]، ووصف عبده بالتكليم في مثل قوله: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54]، وليس التكليم كالتكليم).

الشيخ:

النقل إلى وين النقل، كم صفحة النقل هذا؟

طالب:

تقريبًا باقي قليل، تقريبًا صفحتين.

الشيخ:

هذه كلها من التدمرية، هذا كله شرحنا هذا، وإن شاء الله عليه تعليق، شرحناه بالصحبة الجامعة الآن، وإن شاء الله عليه تعليق يوميًّا.

طالب:

إن شاء الله، يوميًّا.

الشيخ:

وعندنا أيضًا كذلك فيه مسجلة تسجيل كامل، إن شاء الله.

طالب:

نعم، زين، يعني نبدأ من المبحث الثاني عشر؟

الشيخ:

إن شاء الله كلها من التدمرية، إن شاء الله بتخرج إن شاء الله، والنقل كامل هذا؟

طالب:

خير إن شاء الله، أحسن الله إليك.

الشيخ:

نقل كامل هذا؟

طالب:

كامل من التدمرية.

الشيخ:

كامل.

طالب:

إذًا المبحث الثاني عشر نبدأ منه، يعني نترك هذا؟

الشيخ:

لا، ما يخالف، زين، أنا أقول التعليق عليه إن شاء الله موجود.

طالب:

يجزيك الله خير، يا شيخ، أحسن الله إليك.

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والمستمعين، أما بعد.

يقول الشيخ سعيد بن وهب القحطاني في كتابه "شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة":

(المبحث الحادي عشر: أسماء الله وصفاته مختصة به، واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات.

ووصف نفسه بالتكليم في قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، وقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف:138]، وقوله: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة:253]، ووصف عبده بالتكليم في مثل قوله: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف:54]، وليس التكليم كالتكليم.

 ووصف نفسه بالتنبئة، ووصف بعض الخلق بالتنبئة، فقال: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم:3]، وليس الإنباء كالإنباء.

ووصف نفسه بالتعليم، ووصف عبده بالتعليم، فقال: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:1-4]، وقال: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة:4]، وقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران:164]، وليس التعليم كالتعليم.

وهكذا وصف نفسه بالغضب في قوله: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} [الفتح:6]، ووصف عبده بالغضب في قوله: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف:150]، وليس الغضب كالغضب.

ووصف نفسه بأنه استوى على العرش، فذكر في سبع آيات من كتابه أنه استوى على العرش، ووصف بعض خلقه بالاستواء على غيره، في مثل قوله: {لِتَسْتَوُوْا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف:13]، وقوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون:28]، وقوله: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود:44]، وليس الاستواء كالاستواء.

ووصف نفسه ببسط اليدين، فقال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة:64]، ووصف بعض خلقه ببسط اليد، في قوله: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء:29]، وليس اليد كاليد، ولا البسط كالبسط، وإذا كان المراد بالبسط الإعطاء والجود فليس إعطاء اللَّه كإعطاء خلقه، ولا جوده كجودهم، ونظائر هذا كثير.

فلا بد من إثبات ما أثبته اللَّه لنفسه، ونفي مماثلته لخلقه، فمن قال: ليس للَّه علم، ولا قوة، ولا رحمة، ولا كلام، ولا يحب، ولا يرضى، ولا نادى، ولا ناجى، ولا استوى -كان معطلًا، جاحدًا، ممثلاً للَّه بالمعدومات والجمادات، ومن قال: له علم كعلمي، أو قوة كقوتي، أو حب كحبي، أو رضًى كرضاي، أو يدان كيديَّ، أو استواء كاستوائي - كان مشبِّهًا، ممثلًا للَّه بالحيوانات، بل لا بد من إثباتٍ بلا تمثيل، وتنزيهٍ بلا تعطيل)، نقف هنا؟

الشيخ:

نعم، هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، نعم.

طالب:

بعد هذا يأتي كلام ابن القيم.

الشيخ:

خلاص، هذا أول شيء التدمرية.

طالب:

أحسن الله إليك.

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والمستمعين، أما بعد.

(13:45) نقرأ في كتاب الشيخ سعيد بن وهب القحطاني في شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة"، يقول -حفظه الله- في المبحث العاشر ما زلنا، ما زال الحديث يتواصل في المبحث الحادي عشر:

(وقد بيَّن الإمام ابن القيم - رحمه الله - أن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاثة اعتبارات: الاعتبار الأول: اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب -تبارك وتعالى- أو العبد).

الشيخ:

إيش؟ واعتبار إيش؟ أعد، وقد بين إيش؟

طالب:

(وقد بيَّن الإمام ابن القيم - رحمه الله - أن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاثة اعتبارات:

الاعتبار الأول: اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب -تبارك وتعالى- أو العبد.

الاعتبار الثاني: اعتباره مضافًا إلى الرب مختصًّا به.

الاعتبار الثالث: اعتباره مضافًا إلى العبد مقيدًا به.

فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتًا للرب والعبد، وللرب منه ما يليق بكماله، وللعبد منه ما يليق به).

الشيخ:

يعني معنى أن الاسم مأخوذ عن الصفة مستقلًّا يصير لازمًا للعبد وللرب، للرب له الكمال، والعبد له ما يليق به، مثل اسم العليم، اسم العليم الآن دل على إذا قلت عليم، دل على أن هذا الاسم يدل على صفة العلم، بقطع النظر عن كون الرب متصف بها، أو العبد متصف بها، فنقول: كلمة عليم الآن تدل على صفة العلم، وإذا أضيف إلى الله فله الكمال، كمال العلم، وأن علمه كامل لا يعتريه النسيان ولا نقص ولا ضعف، وإذا وصف به العبد، فإنه له ما يليق به، مثل كذلك الحليم، سميع، بصير، هذا يدل على صفة السمع وصفة البصر، وهذا إذا أضيف إلى الرب له الكمال، وإذا أضيف إلى المخلوق له ما يناسبه، نعم.

طالب:

أحسن الله إليك، (وهذا كاسم السميع الذي يلزم إدراك المسموعات، والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات، والعليم والقدير وسائر الأسماء؛ فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها).

الشيخ:

فإن شرط معانيها؟

طالب:

(فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها، فما لزم هذه الأسماء لذاتها، فإثباته للرب -تعالى- لا محذور فيه بوجه؛ بل يثبت له على وجه لا يماثل فيه خلقه ولا يشابههم، فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه، وجحد صفات كماله).

الشيخ:

إيش؟ فمن نفاه؟

طالب:

(فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه، وجحد صفات كماله، ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبَّهه بخلقه).

الشيخ:

يعني من نفاه هذا يكون جاحد، ومن أثبت لله ما يكون للمخلوق فهو مشبه، والحق الوسط، وهو أن يثبت لله ما يليق به على وجه لا يماثل خلقه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:11]، نعم.

طالب:

أحسن الله إليك، (ومن شبَّه اللَّه بخلقه فقد كفر، ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه؛ بل كما يليق بجلاله وعظمته، فقد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل).

الشيخ:

نعم، ومن إيش؟ ومن؟ أعد، ومن إيش؟

طالب:

(ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه؛ بل كما يليق بجلاله وعظمته، فقد برئ من فرث التشبيه ودم التعطيل، وهذا طريق أهل السنة، وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن اللَّه، كما يلزم حياة العبد من النوم والسِّنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك، وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به، وكذلك ما يلزم علوّه من احتياجه إلى ما هو عالٍ عليه).

الشيخ:

هذا بالنسبة للمخلوق، نعم، هذا منفي عنه، نعم.

طالب:

(وكونه محمولاً به، مفتقرًا إليه).

الشيخ:

نعم، هذا كله يرجع للمخلوق، فينفى عن الله - عز وجل - فلا يحتاج إليه، لا يوجد من علوه هذا، لا يكون محتاج إلى أحد، ما يكون محتاج إلى أحد، الله - سبحانه وتعالى - هو الحامل العرش، ولحملة العرش بقوته وقدرته، نعم.

طالب:

(وكونه محمولاً به، مفتقرًا إليه، محاطًا به).

الشيخ:

نعم، هذا المخلوق، نعم.

طالب:

(كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام -تبارك وتعالى- وما لزم صفته من جهة اختصاصه تعالى بها، فإنه لا يثبت للمخلوق بوجهٍ، كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم، وقدرته، وإرادته، وسائر صفاته، فإن ما يختصَّ به منها لا يمكن إثباته للمخلوق).

الشيخ:

فإيش؟ كعلمه؟

طالب:

(كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم، وقدرته، وإرادته، وسائر صفاته).

الشيخ:

نعم، لأن هذا من خصائص الله، العلم قديم، واجب محيط، المخلوق علمه محدود ضعيف يعتريه النسيان، نعم.

طالب:

(فإن ما يختصَّ به منها لا يمكن إثباته للمخلوق، فإذا أحطتَ بهذه القاعدة خبرًا، وعقلتَها كما ينبغي، خلصتَ من الآفتين).

الشيخ:

التشبيه والتعطيل، فإذا عقلت.

طالب:

(فإذا أحطتَ بهذه القاعدة خبرًا، وعقلتَها كما ينبغي، خلصتَ من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين: آفة التعطيل، وآفة التشبيه، فإنكَ إذا وفَّيْتَ هذا المقام حقه من التصور أثبتَّ للَّه الأسماء الحسنى، والصفات العُلا حقيقة، فخلصتَ من التعطيل، ونفيتَ عنه خصائص المخلوقين ومشابهتهم، فخلصتَ من التشبيه، فتدبّرْ هذا الموضع، واجعلْه جُنَّتك التي ترجع إليها في هذا الباب، واللَّه الموفق للصواب).

الشيخ:

هذا كلام ابن القيم؟

طالب:

كلام ابن القيم نعم.

الشيخ:

في المدارج؟

طالب:

هذا أحسن الله إليك في بدائع الفوائد.

الشيخ:

إيش بعده؟

طالب:

بعده أيضًا كلام يسير لابن القيم، (وقال ابن القيم - رحمه الله - أيضًا: اختلف النظَّار).

الشيخ:

كفى.

طالب:

نقف على هذا، أحسن الله إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد