شعار الموقع

شرح الرسالة الشخصية_12

00:00
00:00
تحميل
7

الرسائل الشخصية 12

- (شرح الشيخ): الآن سنقرأ الرسالة، يا شيخ فيصل اقرأ الرسالة التي معك الآن، عرفنا كلام الفقهاء الآن أن الوقف على ماذا؟ على الأولاد وأولاد الأولاد، وإذا حرم الإناث منه لا مانع، وأن هذا وقف لا بأس به، (شرح الشيخ) رحمه الله سيبين الآن ... أولا يبين أن الوقف من حيث هو صحيح، والأدلة كثيرة (00:00:37) جماهير العلماء، وأن بعض العلماء منع من الوقف، كأهل الكوفة وشريح القاضي، قالوا: والوقف منوع مطلقا، ويُرد عليهم بأي شيء؟

النصوص التي فيها جاءت: «من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة»، «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث»، هذه كلها يرد بها العلماء على المانعين.

هذه الرسالة سماها الإمام رحمه الله في الترتيب الرسالة الثانية عشر، من مجلد الرسائل الشخصية للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، الرسالة الثانية عشرة: جواب عن الشبهات من أجاز وقف الجنف والإثم.

ما معنى وقف الجنف؟

الجنف: الميل عن الشرع، عن الحق إلى الباطل، يسمى ماذا؟ جنف، يقول تعالى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[البقرة:182] في الوصية، يعني إذا صار عند المريض، وأراد المريض أن يوصي وصية فيها إثم، هذا يجب أن يصلح.

وكذلك إذا مات، وأوصى بوصية فيها إثم، تُغيّر، ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[البقرة:182]، الصلح أصل الإسلام، جاء في الحديث أن الرجل يعمل بعمل الجنة -أو فيما معناه- ثم يجور في وصيته، فيختم له بالنار. نسأل الله العافية

نعم، اقرأ، بسم الله الرحمن الرحيم

قارئ (قارئ المتن):

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

الرسالة الثانية عشرة:

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

هذه كلمات: جواب عن الشبهة التي احتج بها من أجاز وقف الجنف والإثم، ونحن نذكر قبل ذلك صورة المسألة، ثم نتكلم على الأدلة.

شرح (شرح الشيخ):

من أجاز وقف الجنف والإثم، يعني الوقف نوعان:

وقف صحيح موافق للشرع، هذا وردت فيه النصوص.

والثاني وقف ليس على الشرع، وقف الجنف والإثم الذي يخالف الشرع.

وسيبين أمثلة لتبيين مخالفته للشرع.

أولا: سيبين أن العلماء اختلفوا في الوقف، ومن العلماء من منع الوقف مطلقا، وهم الأحناف (00:03:42)، قالوا ممنوع الوقف، لكن ما عندهم دليل، الدليل ... الأدلة كلها ترد عليهم، ولهذا ذهب جماهير العلماء على صحة الوقف، ويدل عليه الأحاديث التي سمعتم الآن  أحاديث صحيحة ومثل هذا حديث صحيح، والعبرة بالدليل، من خالف الدليل قوله مردود كائنا من كان.

(قارئ المتن):

ونحن نذكر قبل ذلك صورة المسألة، ثم نتكلم على الأدلة. وذلك أن السلف اختلفوا في الوقف الذي يراد به وجه الله على غير من يرثه، مثل الوقف على الأيتام، وصوام رمضان، أو المساكين، أو أبناء السبيل.

(شرح الشيخ):

الآن الكلام تحدد، في الوقف الذي يراد به وجه الله على غير من يرثه، على غير الورثة، أما الورثة هذا هو الممنوع، شخص يريد أن يقف وقفًا يريد وجه الله على غير الورثة، على المساكين، على أبناء السبيل، وعلى الفقراء، وعلى الأيتام، على المصلين، على الواردين بالماء، وقف يريد به وجه الله على غير الورثة، أما الوقف على الورثة، الورثة أعطاهم الله، (00:05:00)، فكيف تقف عليهم؟ ما وقفت عليهم إلا لأنك تريد أن تغير شرع الله، تريد أن تحرم البنات أو تحرم نسل البنات، أو تعطي بعض الناس زيادة، فأنت تريد تقف على الورثة (00:05:20) ... الورثة أعطاهم الله، الوقف على البر، أعمال البر، في أعمال يستزيد بها الإنسان برا، أما الورثة أعطاهم الله (00:05:32)، الزوجة لها الربع أو الثمن، الزوج له النصف أو الربع، والأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، والإخوة لهم نصيبهم، والبنات لهم نصيبهم، كيف تقف عليهم؟

لكن (00:05:48) كما سبق عندما؟؟؟ كلام العلماء إذا وقف على ولده أو ولد ولده يرى أنه ماشي، وأنه لا بأس به، الشيخ يرى أن هذا ممنوع، الوقف على الورثة ممنوع خصوصًا إذا حرم الإناث، أو نسل الإناث، أو أراد أن يزيد أحدًا أو ينقص أحدا كما سيبين، نعم.

(قارئ المتن):

وذلك أن السلف اختلفوا في الوقف الذي يراد به وجه الله على غير من يرثه، مثل الوقف على الأيتام، وصوام رمضان، أو المساكين، أو أبناء السبيل.

فقال شريح القاضي وأهل الكوفة: لا يصح ذلك الوقف؛ حكاه عنهم الإمام أحمد.

(شرح الشيخ):

إذًا شريح القاضي وأهل الكوفة والأحناف منعوا الوقف مطلقا، قالوا لا يصح الوقف مطلقا، لا يجوز لأحد أن يقف شيئًا أبدا، لا على الورثة ولا على غير الورثة.

(قارئ المتن):

فقال شريح القاضي وأهل الكوفة: لا يصح ذلك الوقف؛ حكاه عنهم الإمام أحمد.

وقال جمهور أهل العلم: هذا وقف صحيح، واحتجوا بحجج صحيحه صريحة ترد قول أهل الكوفة.

(شرح الشيخ):

واضح؟ من الحجج (00:07:27) أن من العبث أن يبقى أرضا أوقفها (00:07:40) أو بئرا حفره، إلى آخره، (00:07:45) كثيرة، كل هذه تدل على صحة الوقف، ترد على أهل الكوفة المانعين من الوقف.

(قارئ المتن):

لا فهذه الحجج التي ذكرها أهل العلم يحتجون بها على علماء أهل الكوفة، مثل قوله: "صدقة جارية"

(شرح الشيخ):

صدقة جارية، (00:08:07) بالجارية، هذا (00:08:10) المانعين، كيف تقول (00:08:16) لا يوجد وقف؟

(قارئ المتن):

ومثل "وقف عمر أوقاف أهل المقدرة من الصحابة على جهات البر التي أمر الله بها ورسوله"

(شرح الشيخ):

عمر وقف أرضا، قال: يا رسول الله، إن عندي ماهي أنفس، ماذا أعمل فيها؟ قال: «إن شئت حبّست أصلها»، (00:08:29)، وكذلك وقف أهل المقدرة من الصحابة، أهل المقدرة كل غني من الصحابة، كل غني يستطيع أوقف، قالوا لا يوجد صحابي يستطيع -ذو مال- إلا أوقف، أوقاف أهل المقدرة من الصحابة.

(قارئ المتن):

ومثل "وقف عمر أوقاف أهل المقدرة من الصحابة على جهات البر التي أمر الله بها ورسوله"

(شرح الشيخ):

جهات البر عرفنا ما هي جهات البر، على المساجد، على الفقراء، على المساكين، على ابن السبيل، بئر حفرها، أرض أذِن بالدفن فيها -مقبرة-، وهكذا.. هذه جهات البر التي أمر الله ورسوله، ليس فيها ...

(قارئ المتن):

ليس فيها تغيير لحدود الله.

(شرح الشيخ):

ليس فيها تغيير لحدود الله، أما ما فيه تغيير لحدود الله، كالذي ينفق على الذكور دون الإناث يقف على الذكور دون الإناث فغير الشرع، تقف على الذكور وتترك الإناث هذا تغيير.

طالب: مثالين، يقول وقف عمر أو أوقاف (00:09:41)

(شرح الشيخ): هذه أدلة، الصدقة الجارية، مثل وقف عمر، وأوقاف، قال: (00:09:51)، وقف عمر وأوقاف أهل المقدرة.

طالب: (00:09:55)

(شرح الشيخ): الواو يعني.. فيها أخطاء مطبعية، سيتبين الآن، هذه النسخة سقط فيها (00:10:05)، نعم؟ مثل وقف عمر وأوقاف أهل مكة، هذه كلها أدلة، التي ليس فيها تغيير لحدود الله.

(قارئ المتن):

وأما مسألتنا

(شرح الشيخ):

(وأما مسألتنا) هذه (00:10:23)، هذه الممنوعة، هذا الوقف الممنوع سيتكلم عليه، وأما مسألتنا هذه ... نعم.

(قارئ المتن):

وأما مسألتنا، فهي: إذا أراد الإنسان أن يقسم ماله على هواه، وفر من قسمة الله، وتمرد عن دين الله

(شرح الشيخ):

 الآن الوقف هذا (00:10:44) أراد أن يقسم ماله على هواه، فر من قسمة الله، الله قسم للذكر مثل حظ الأنثيين، هو فر من قسمة الله وقال الذكر والأنثى سواء، أو قال للذكور دون الإناث، هذا فر من قسمة الله، تمرد على شرع الله، قال: مثل أن يقسم ماله على هواه وفر من قسمة الله وتمرد عن دين الله، مثال ذلك (00:11:06)

(قارئ المتن):

مثل: أن يريد أن امرأته لا ترث من هذا النخل، ولا تأكل منه إلا حياة عينها

(شرح الشيخ):

يعني يريد أن المرأة لا ترث من هذا النخل، ولا تأكل إلا حياة عينها، ما دامت حية تأكل، أولادها لا، تأكل ما دامت حية وأولادها (00:11:27)، على الذكور دون الإناث، أو على أولادي دون أولادي الإناث، هذا أراد أن يحرم أولاد البنات.

أو كذلك أن امرأته -زوجته- لا ترث من هذا النخل ولا تأكل إلا حياة عينها فقط، وأما تورث يورث عنها لا.

هذا تغيير لشرع الله، إذا (00:12:00) للمال (00:12:03)، ويقول لا، لا تأخذ شيئا معه فقط تأكل، ما دامت حية تأكل من هذا النخل، أما شيء يبقى معها لأولادها لا، ممنوع، يقول: هذا تغيير لشرع الله.

(قارئ المتن):

أو يريد أن يزيد بعض أولاده على بعض فراراً من وصية الله بالعدل

(شرح الشيخ):

هذا مثال آخر، يريد أن يزيد بعض أولاده على بعض، مثل ماذا؟ يقف على الأكبر منهم دون الأصغر، أو على من صفته كذا وكذا، بعض الأولاد دون بعض، يريد أن يزيد بعض الأولاد على بعض، هذا فيه تغيير لشرع الله، الله تعالى يقول: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ...﴾[النساء:11]، ما فيه زيادة.

إذًا المثال الأول أن يريد أن امرأته لا ترث إلا مدة حياتها، والثاني أن يزيد بعض الأولاد على بعض، هذا المثال الثاني، الثالث ...

(قارئ المتن):

أو يريد أن يحرم نسل البنات

(شرح الشيخ):

يريد أن يحرم نسل البنات، ترث البنات مدة حياتهن بنفسها، أما أولادهن فلا، يريد أن يحرم نسل البنات، غيّر شرع الله، هذا المثال الثالث، نعم.

(قارئ المتن):

أو يريد أن يحرم على ورثته بيع هذا العقار لئلا يفتقروا بعده

(شرح الشيخ):

هذا المثال الرابع، يريد أن يحرم على ورثته بيع العقار، يقول: هذا البيت وقف خاص على أولادي حتى لا يبيعونه، وإلا افتقروا، حتى لا يباع، هم أحرار، ما دام ورثوه يتصرفون فيه، يبيعوه، فكونه يفر من هذا ويقفه حتى يمنعهم من بيعه هذا تغيير لشرع الله.

هذه أربعة أمثلة.

(قارئ المتن):

ويفتي له بعض المفتين أن هذه البدعة الملعونة صدقة برّ تقرب إلى الله، ويوقف على هذا الوجه قاصداً وجه الله، فهذه مسألتنا.

(شرح الشيخ):

يقول: هذه المسألة بعض الناس يفتي له بأنها صدقة تقرب إلى الله، وسماها (البدعة الملعونة)، يقول هذا صدقة برّ، صدقة برّ بأي صفة؟ صدقة إثم! يحرم البنات والله تعالى أعطاهم! يفتي له بعض الناس بأنها صدقة بر تقرب إلى الله، ويوقف على هذا الوجه قاصداً وجه الله، فهذه مسألتنا، وهذا الواقع صراحة، يوجد الآن في أوقاف كثيرة الآن، في المحاكم وفي غيرها الآن، لا تظنوا أن هذا بعيد، واقع الآن، كله موجود، كثير من يقف على هذا ويحرم أولادهم وبناتهم، لأن بعضهم قد يتصور أن هذا معروف، لا (00:15:06)، وإلى الآن الناس بعضهم يقفون على هذا... يحرمون الأولاد، يحرمون البنات، هذا موجود في الواقع.

المؤلف يقول: هذه البدعة الملعونة، يظن أنها صدقة بر تقربه إلى الله وهي تبعده من الله، ويوقف على هذا الوجه قاصدا وجه الله، تقصد وجه الله تتقرب بمعصية، بتغيير شرع الله؟ هذه مسألتنا، نعم.

(قارئ المتن):

فتأمل هذا بشراشر قلبك، ثم تأمل ما نذكره من الأدلة فنقول:

(شرح الشيخ):

(فتأمل هذا بشراشر قلبك) هذه كلمة عامية، شراشر قلبك يعني تفهم وتأملها جيدا وبشراشر قلبك، شراشر هذه كلمة عامية، تأملها بشراشر قلبك يعني تأملها بفهم صحيح، يتأمل بقلبك، يتفهمها، حتى تعرف.

طالب: يعني يتشربها قلبك؟

(شرح الشيخ): لا، يتفهمها، تأملها بشراشر قلبك يعني تفهمها تفهما صحيحا بالقلب، ليس على اللسان فقط، ثم تأمل ما نذكر من الأدلة على بطلانها، فنقول ... نعم، بدأ الآن الشيخ يبين الأدلة على بطلان هذا النوع من الوقف.

(قارئ المتن):

فنقول: من أعظم المنكرات، وأكبر الكبائر: تغيير شرع الله ودينه، والتحيل على ذلك بالتقرب إليه؛ وذلك مثل أوقافنا هذه

(شرح الشيخ):

(من أعظم المنكرات، وأكبر الكبائر)، هذا منكر، كبيرة من الكبائر، (تغيير شرع الله ودينه، والتحيل على ذلك بالتقرب إليه)، يتحيّل، عادة أنه يفعل ذلك للتقرب إليه، يريد أن يتقرب بالوقف بتغيير شرع الله! هذه حيلة، وهي من الكبائر، بل من أعظم الكبائر، فيغير شرع الله ودينه ويتحيل على ذلك باسم التقرب إلى الله بالوقف، يعني يتقرب إلى الله، يغير شرع الله ويغير دين الله ويتحيّل على ذلك على دين الله باسم التقرب إلى الله بالوقف، (وذلك مثل) أيضا ذكر أمثلة الآن، المثال الأول ...

(قارئ المتن):

وذلك مثل أوقافنا هذه، إذا أراد أن يحرم من أعطاه الله من امرأة أو امرأة ابن، أو نسل بنات

(شرح الشيخ):

المثل الأول: يريد أن يحرم زوجته، أو يحرم زوجة ابنه، أو يحرم نسل البنات، كم مثال الآن؟ يريد أن يحرم من أعطاه الله من امرأة، هذا واحد، أو امرأة ابن، اثنين، أو نسل البنات، ثلاثة، نعم.

(قارئ المتن):

أو غير ذلك، أو يعطي من حرمه الله

(شرح الشيخ):

(أو يعطي من حرمه الله) هذا المثال الرابع.

(قارئ المتن):

أو يزيد أحداً عما فرض الله

(شرح الشيخ):

هذا الخامس.

(قارئ المتن):

أو ينقصه من ذلك

(شرح الشيخ):

(أو ينقصه من ذلك) عندكم هكذا؟

(قارئ المتن): نعم.

(شرح الشيخ): هذه منقوله من عندي ساقط، هذه كتبتها أنا (أو ينقصه من ذلك)، لان النسخة التي عندي ناقص فيها سطر بالكامل، (أو ينقصه من ذلك)، نعم ...

(قارئ المتن):

ويريد التقرب إلى الله بذلك مع كونه مبعداً عن الله، فالأدلة على بطلان هذا الوقف

(شرح الشيخ):

(00:18:34) كم مثال الآن؟ أن يحرم من أعطاه الله من امرأة، أو امرأة ابن، أو نسل بنات، أو يعطي من حرمه الله، أو يزيد أحداً عما فرض الله، أو ينقصه من ذلك، ستة أمثلة، ويريد التقرب إلى الله عز وجل، وذكر قبل ذلك في الأمثلة السابقة أنه يريد أن امرأته لا ترث من هذا النخل، أو يزيد بعض الأولاد على بعض، أو يريد أن ليحرم نسل البنات، أو يريد أن يحرم (00:19:01)، هذه الأمثلة الآن المؤلف يريد التقرب بذلك مع كونه مُبعِدا عن الله، لا يقرب إلى الله، فالأدلة ...

(قارئ المتن):

فالأدلة على بطلان هذا الوقف، وعوده طائعاً، وقسمه على قسم الله ورسوله، أكثر من أن تحصر

(شرح الشيخ):

الأدلة التي تبطل هذا الوقف أكثر من أن تحصر، نعم.

(قارئ المتن):

ولكن من أوضحها: دليل واحد،

(شرح الشيخ):

يقول إن هذه الأدلة على بطلانها كثيرة، لكن سأذكر لك دليل واحد، دللي عقلي، خلاصته: إذا كان هذا الوقف تزعم أنه يقرب إلى الله، لماذا الصحابة ما أوقفوا هذا الوقف؟ لماذا ما أوقف التابعون؟ الصحابة أفضل الناس، يعني لا يريدون ينفعون أولادهم وبناتهم؟ لو كان جاز هات دليل... هذا الدليل من الصحابة أنه فعله أنه أوقف ليحرم بناته أو يحرم زوجته أو يزيد أحدهم، لا يوجد دليل، يعني الصحابة لا يريدون الخير لأولادهم؟ هم أفضل الناس، يقول: هذا الدليل دليل العقلي من أقوى الأدلة.

(قارئ المتن):

ولكن من أوضحها: دليل واحد، وهو أن يقال لمدعي الصحة: إذا كنت تدعي أن هذا مما يحبه الله ورسوله، وفعْله أفضل من تركه، وهو داخل فيما حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة الجارية، وغير ذلك،

(شرح الشيخ):

تزعم أن هذا الوقف أنه صحيح وأنه صدقة جارية، وأن هذا يحبه الله ورسوله، لماذا ما فعله الصحابة، ولا فعله التابعون؟ نعم.

(قارئ المتن):

فمعلوم أن الإنسان مجبول على حبه لولده وإيثاره على غيره، حتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾[التغابن:15]

(شرح الشيخ):

يعني حتى الصحابة يحبون أولادهم، ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾[التغابن:15] وهذا عامٌ للأمة كلها، ومع ذلك ما وقفوا عليهم، يحبون أولادهم أم لا يحبونهم؟ يحبونهم، لماذا ما وقفوا عليهم وحرموا البنات؟ نعم.

(قارئ المتن):

فإذا شرع الله لهم أن يوقفوا أموالهم على أولادهم، ويزيدوا من شاءوا، أو يحرموا النساء والعصبة ونسل البنات، فلأي شيء لم يفعله التابعون؟ ولأي شيء لم يفعله الأئمة الأربعة وغيرهم؟

(شرح الشيخ): عندك سقط، اكتب: (فلأي شيء لم يفعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولأي شيء لم يفعله التابعون؟) الصحابة مقدمون.

(فلأي شيء لم يفعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولأي شيء لم يفعله التابعون؟ ولأي شيء لم يفعله الأئمة الأربعة؟)، لأنه ما فعله الصحابة، ولا فعله التابعون، ولا فعله الأئمة الأربعة، أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، كيف يكون هذا مشروع؟ أعد.

(قارئ المتن):

فإذا شرع الله لهم أن يوقفوا أموالهم على أولادهم، ويزيدوا من شاءوا، أو يحرموا النساء والعصبة ونسل البنات، فلأي شيء لم يفعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ولأي شيء لم يفعله التابعون؟ ولأي شيء لم يفعله الأئمة الأربعة وغيرهم؟ أتراهم رغبوا عن الأعمال الصالحة ولم يحبوا أولادهم، وآثروا البعيد عليهم، وعلى العمل الصالح،

(شرح الشيخ):

يعني: فضلوا البعيد على الأولاد، لماذا فضلوا البعيد على الأولاد لو كان هذا وقف مشروع.

(قارئ المتن):

ورغب في ذلك أهل القرن الثاني عشر؟

(شرح الشيخ):

يعني أهل القرن الثاني عشر هم الذين وافقوا الحق، والصحابة والتابعين والأئمة كلهم خالفوا الحق؟!، يعني ما حصل هذا الخير إلا أهل القرن الثاني عشر، القرن الثاني عشر لأن الشيخ في القرن الثاني عشر، نحن الآن في القرن الخامس عشر.

طالب: بداية ظهور المسألة هذه؟

(شرح الشيخ): نعم، لأنه يقول ما عرفوه إلا في هذا العصر، نعم.

(قارئ المتن):

أم تراهم خفي عليهم حكم هذه المسألة، ولم يعلموها حتى ظهر هؤلاء فعلموها؟

(شرح الشيخ):

هل الصحابة خفي عليهم هذه المسألة؟ والتابعون والأئمة؟ وعلمها أهل القرن الثاني عشر والرابع عشر والخامس عشر؟ نعم.

(قارئ المتن):

سبحان الله ما أعظم شأنه وأعز سلطانه! فإن ادعى أحد أن الصحابة فعلوا هذا الوقف، فهذا عين الكذب والبهتان؛ والدليل على هذا أن هذا الذي تتبع الكتب، وحرص على الأدلة، لم يجد إلا ما ذكره، ونحن نتكلم على ما ذكره.

فأما حديث أبي هريرة الذي فيه: «صدقة جارية» فهذا حق، وأهل العلم استدلوا به على من أنكر الوقف على اليتيم وابن السبيل والمساجد، ونحن أنكرنا على مَن غيّر حدود الله، وتقربوا بما لم يشرعه. ولو فهم الصحابة وأهل العلم هذا الوقف من هذا الحديث لبادروا إليه.

(شرح الشيخ):

يعني هم يستدلون بقوله: «صدقة جارية»، يقول الشيخ رحمه الله: هذا حق، لكن أهل العلم استدلوا به على أهل الكوفة الذين أنكروا الوقف على اليتيم وابن السبيل، أما نحن ننكر على من غيّر حدود الله، والصحابة وأهل العلم لو فهموا أن الوقف على الأولاد من هذا الحديث لبادروا إليه، لكنهم ما فعلوا ذلك، بعض الناس يوقف على الأولاد ويقول: هذا صدقة جارية. الصدقة على اليتيم وعلى المساكين وليست على الأولاد.

قالوا: الدليل حديث عمر أنه (00:26:09) عمر أوقف على أولاده؟ قالوا إنه كان يليه عمر وتليه حفصة، يقول يرد عليهم، وأما حديث عمر ...

(قارئ المتن):

وأما حديث عمر أنه تصدق بالأرض على الفقراء والرقاب والضيف وذوي القربى وأبناء السبيل، فهذا بعينه من أبين الأدلة على مسألتنا؛ وذلك أن من احتج على الوقف على الأولاد ليس له حجة إلا هذا الحديث،

(شرح الشيخ):

حديث عمر، لكن هل فيه أنه وقف على الأولاد؟ نعم.

(قارئ المتن):

لأن عمر قال: «لا جناح على من وَلِيه أن يأكل بالمعروف»، وإن حفصة وليته، ثم وليه عبد الله بن عمر، فاحتجوا بأكل حفصة وأخيها دون بقية الورثة؛

(شرح الشيخ):

قالوا: حفصة أكلت، وعبد الله أكل من الوقف؛ أكلوا مقابل عملهم، يشتغلون في العمل، ما في مانع أن من يشتغل يأخذ أجرته، أجرة عملهم، نعم.

(قارئ المتن):

وهذه الحجة من أبطل الحجج، وقد بينه الشيخ الموفق، رحمه الله، والشارح،

(شرح الشيخ):

يعني يقول الموفق ابن قدامة في المغني، وبين الشيخ الموفق، والشارح كذلك في الشرح الكبير بيّن أن الحجة باطلة.

(قارئ المتن):

وقد بينه الشيخ الموفق، رحمه الله، والشارح، وذكروا أن أكل الولي ليس زيادة على غيره، وإنما ذلك أجرة عمله كما كان في زماننا هذا، يقول صاحب الضحية: لوليها الجلد والأكارع،

(شرح الشيخ):

يقول إن حفصة وعبد الله أكلوا مقابل عملهم، (00:28:03)، أجرة عملهم، مثلما يقول صاحب الضحية: لوليها الجلد والأكارع، يعني الجلد والأكارع مقابل ماذا؟ أنه وليه، مقابل أتعابه.

طالب: وليه الذي يقوم بـ ...؟

(شرح الشيخ): نعم، يقوم بها.

طالب: الذي يقوم بالذبح يا شيخ؟

(شرح الشيخ): لا، الموكّل، يعني هو الوكيل (00:28:31) الضحية بخلافه، والولي هو يخرج الضحية يشتريها يأخذ مثلا أجرة البيت لما يشتري الأضحية مقابل عملهم يعني، لهم الجلد والأكارع.

(قارئ المتن):

ففي هذا دليل من جهتين:

الأولى: أن من وقف من الصحابة مثل عمر وغيره لم يوقفوا على ورثتهم، ولو كان خيرا لبادروا إليه.

(شرح الشيخ):

ما أوقفوا على الورثة، أوقفوا على جهة البر.

(قارئ المتن):

وهذا المصحح لم يصحح بقوله: «ثم أدناك أدناك».

(شرح الشيخ):

الحديث: النفقة على القريب صدقة، على (00:29:16) ثم أدناك أدناك.

(قارئ المتن):

فإذا كان وقف عمر على أولاده أفضل من الفقراء، وأبناء السبيل، فما باله لم يوقف عليهم؟ أتظنه اختار المفضول وترك الفاضل؟ أم تظن أنه هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمره لم يفهما حكم الله؟

(شرح الشيخ):

يقول: عمر لماذا ما أوقف على أولاده؟ إذا كان أفضل من الفقراء لماذا ما أوقف عليهم؟ يفعل المفضول ويترك الفاضل؟ كذلك الرسول الذي أرشده، تظنون أنه ما فهم حكم الله وأنت الذي فهمت؟ وهذا من شدة المؤلف عليه، يعني يشد عليه، تظن أن الرسول وعمر ما فهموا وأنت الذي تفهم؟ الرسول قال: في الفقراء وفي المساكين، (00:30:32)، هم ما فهموا وأنت فهمت؟ توقف على الأولاد؟ هذا من شدته وقوته رحمه الله.

(قارئ المتن):

الثانية: أن من احتج على صحة الوقف على الأولاد وتفضيل البعض، لم يحتجّ إلا بقوله: "تليه حفصة ثم ذو الرأي، وإنه يأكل بالمعروف"

(شرح الشيخ):

الشيخ يقول: حجة ما (00:30:55) الوقف على الأولاد وتفضيل البعض على البعض، احتج بقول عمر لما قال: "تليه حفصة، ثم ذو الرأي، وإنه يأكل بالمعروف"، تليه حفصة: تأكل مقابل عملها، وكذلك ابنه عبد الله (00:31:09) يأكل بالمعروف، أجرة العمل، نعم.

(قارئ المتن):

وقد بينا معنى ذلك، وأنه لم يبرّ أحداً،

(شرح الشيخ):

يعني ما فضل عمر أحدا من أولاده.

(قارئ المتن):

وإنما جعل ذلك للولي عن تعبه في ذلك.

(شرح الشيخ):

تثاب عن تعبه على أتعابه يعني (00:31:29)

(قارئ المتن):

فإذا كان المستدل لم يجد عن الصحة إلا هذا، تبين لك أن قولهم: تصدق أبو بكر بداره على ولده، وتصدق فلان وفلان، وأن الزبير خص بعض بناته، ليس معناه كما فهموا، وإنما معناه أنهم تصدقوا بما ذكر صدقة عامة على المحتاجين، فكان أولاده إذا قدموا البلد نزلوا تلك الدار لأنهم من أبناء السبيل، كما يوقف الإنسان مسقاة ويتوضأ منها وينتفع بها هو وأولاده مع الناس، وكما يوقف مسجداً ويصلي فيه.

(شرح الشيخ):

يقول عمر (00:32:22) تصدق بداره ... يعني أنه تصدق بهذه الدار للمحتاجين، وأولاده إذا كانوا محتاجين صاروا مثل الناس، ينزلوا فيحتاجوا، وكذلك إذا وقف الإنسان مسقاة، بئر أو ماء، يتوضأ منه مثل الناس، وإذا وقف مسجدا لا يصلي في هذا المسجد، ام يصلي هو وأولاده؟ يصلون، هذا ما وقفه (00:32:48).

(قارئ المتن):

وعبارة البخاري في صحيحه: "وتصدق أنس بدار، فكان إذا قدم نزلها"، "وتصدق الزبير بدوره، واشترط للمردودة من بناته أن تسكنها".

(شرح الشيخ):

تصدق أنس بدارٍ، فكان إذا قدِم نزلها، يحتاجها كغيره، وتصدق الزبير بدوره واشترط للمردودة من بناته أن تسكنها، يعني المردودة من بناته التي طلقت وليس لها مكان تسكنه، تحتاجه، المردودة من البنات، غير المردودة التي وفقها الله مع زوجها ما تسكن، المردودة ما لها أحد، ما عندها شيء، مردودة وما عندها شيء تسكن، هذا في الوصف، نعم، ليس فيه تفضيل.

(قارئ المتن):

فتأمل عبارة البخاري، يتبين لك أن ما ذكر عن الصحابة، مثل من وقف نخلاً على المفطرين من الفقراء في هذا المسجد، ويقول: إن افتقر أحد من ذريتي فليفطر معهم، فأين هذا من وقف الجنف والإثم؟

(شرح الشيخ):

يعني شخص يقول وقف نخل، يقول: هذا التمر على المفطرين الفقراء الصوام، الفقراء في هذا المسجد، ويقول: إن افتقر أحد من أولادي فمعهم، وإن أغناه الله ليس معهم، هل هذا مثل هذا الوفق ليس ممنوع؟ صار وصف، الوقف؟؟؟ قال هذا النخل تمره موقوف على الصوام الفقراء، وإن افتقر أحد من أولادي صار معهم، يأكل معهم، من ضمن الناس، فأين هذا من وقف الجنف والإثم؟ وقف الجنف الميل عن الحق إلى الباطل (00:34:43).

(قارئ المتن):

على أن هذه العبارة كلام الحميدي، والحميدي في زمن القاضي أبي يعلى، وأجمع أهل العلم على أن مراسيل المتأخرين لا يجوز الاحتجاج بها، فمن احتج بها فقد خالف الإجماع. هذا لو فرضنا أنه يدل على ذلك، فكيف وقد بينا معناه ولله الحمد؟

(شرح الشيخ):

نعم، لو كان يدل على ما قالوا نقول هذا من كلام الحميدي، والحميدي متأخر، ومراسيل التأخير لا يستدل بها.

طالب: (مِن) ساقطة؟ قال: "على أن هذه العبارة كلام الحميدي"..

(شرح الشيخ): والحميدي في زمن القاضي أبي يعلى.

طالب: من كلام الحميدي؟

(شرح الشيخ): والحميدي في زمن القاضي أبي يعلى، هذه العبارة كلام الحميدي.

طالب: يعني مراسيل الحميدي لا تُقبل؟

(شرح الشيخ): مراسل المتأخرين عموما لا تقبل.

(قارئ المتن):

إذا تبين لك أن من أجاز الوقف على الأولاد والتفضيل، لم يجد إلا حديث عمر وقوله: "ليس على من وليه جناح"، وأن الموفق وغيره ردوا على من احتج به، تبين لك أن حديث عمر من أبين الأدلة على بطلان وقف الجنف والإثم.

(شرح الشيخ):

ما هو وقف الجنف والإثم؟

الوقف على الورثة، أو على الأولاد دون البعض، أو حرمان الزوجة، هذا وقف الجنف والإثم الذي يمنعه الشيخ.

(قارئ المتن):

وأما قوله: لم يكن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف، فهل هذا يدل على صحة وقف الجنف والإثم؟ وما مثله إلا كمن رأى رجلاً يصلي في أوقات النهي، فأنكر عليه، فقال: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10)﴾[العلق:9-10]، ويقول: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون، أو يذكر فضل الصلوات؛

(شرح الشيخ):

من يجيز وقف الجنف والإثم مثل من رأى رجلا يصلي في وقت النهي، فأنكر عليه، وقت النهي ليس فيه صلاة (00:37:13) فقال له: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْداً إِذَا صَلَّى (10)﴾[العلق:9-10]، تنهاه عن الصلاة، ويقول إن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم صلوا ويذكر فضل الصلوات، الصلاة فيها أجر، والصحابة يصلون، (00:37:28) تصلي، أقول لك الوقت هذا منهي عنه، فكذلك هذا، أقول: ما منعتك من الوقف، لكن أمنعك من وقف الجنف والإثم لأنه مخالف للشرع، لكن الوقف ما منعتك منه.

(قارئ المتن):

وكذلك مسألتنا، إذا قلنا: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾[النساء:11]، ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾[النساء:12]، وغير ذلك، أو قلنا: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث»، أو قلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ القول فيمن تصدق بماله كله، أو قلنا: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، وادّعوا علينا أن الصحابة وقفوا، هل أنكرنا الوقف كأهل الكوفة حتى يحتج علينا بذلك؟

(شرح الشيخ):

يعني يقول إن إذا قلنا: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث»، أو قلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ القول فيمن تصدق بماله كله، أو قلنا: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، وادّعوا علينا أن الصحابة وقفوا، يقول: نحن ما أنكرنا الوقف كأهل الكوفة حتى يحتج علينا، لكن الرسول قال: «لا وصية لوارث»، قال ومن تصدق بماله كله غلّظ عليه، (00:39:19)، قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، ثم يقول: الصحابة وقفوا؛ الصحابة وقفوا، لكن ما هو الذي وقفه الصحابة؟ غير هذا الوقف.

(قارئ المتن):

قال رحمه الله تعالى:

وأما قول أحمد: من رد الوقف فكأنما رد السنة، فهذا حق، ومراده وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما ذكره أحمد في كلامه. وأما وقف الإثم والجنف، فمن رده فقد عمل بالسنة وردّ البدعة، واتبع القرآن.

(شرح الشيخ):

(00:40:13) قول الإمام أحمد، قال: من رد الوقف فكأنما رد السنة، فمن يجيز وقف الجنف والإثم، نقول: طيب، الإمام أحمد يقول: "من رد الوقف رد السنة" أتردون السنة؟ هذا وقف، نقول: مراد الإمام أحمد وقف الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ليس مراده وقف الجنف والإثم، من رد وقف الجنف فقد عمل بالسنة واتبع القرآن.

كل هذه حجج لمن يجيز الوقف، يقول: وقف عمر، قول الإمام أحمد، كلها أجاب عنها الشيخ، وأما قوله ...

(قارئ المتن):

وأما قوله: إن في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل بالمعروف، وإن زيداً وعمراً سكنا في داريهما التي وقفا، فيا سبحان الله! من أنكر هذا؟

(شرح الشيخ):

هذا حجتهم في صدقة الرسول أن يأكل بالمعروف، وزيد بن وعمر سكن الدارين التي وقفها، هذا دليل على جواز الوقف على الأولاد، المؤلف يقول: سبحان الله! ما أنكرنا هذا، وهذا كمن ...

(قارئ المتن):

وهذا كمن وقف مسجداً وصلى فيه وذريته، أو وقف مسقاة واستسقى منها وذريته؛

(شرح الشيخ):

ما في مانع، وقف مسجد يصلي فيه وذريته، وقف مسقاة بئر فسقى منه وذريته، ما فيه مانع، مع الناس.

(قارئ المتن):

وقول الخرقي: والظاهر أنه عن شرط، فكذلك، وهذا شرط صحيح وعمل صحيح،

(شرح الشيخ):

الخرقي هذا صاحب المتن الذي شرح المغني، والظاهر أن هذا عن الشرط، يقول إن الشرط صحيح، إذا قال: أنا وقفت المسجد لكن سأصلي فيه، أو وقفت هذا البئر وسأشرب مع الناس، ما فيه مانع، الشرط صحيح.

(قارئ المتن):

وقول الخرقي: والظاهر أنه عن شرط، فكذلك، وهذا شرط صحيح وعمل صحيح، كمن وقف داره على المسجد، أو أبناء السبيل، أو استثنى سكناها مدة حياته؛ وكل هذا يردون به على أهل الكوفة، فإن هذا ليس من وقف الجنف والإثم.

(شرح الشيخ):

يردون على أهل الكوفة لأن أهل الكوفة منعوا من الوقف مطلقا.

(قارئ المتن):

وأما قوله: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول»، وقوله: «صدقتك على رحمك صدقة وصلة»، وقوله: «ثم أدناك أدناك»،

(شرح الشيخ):

هذه ثلاثة أدلة استدلوا بها على وقف الجنف، قالوا: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول»، هذا بمن نعوله، وقوله: «صدقتك على رحمك صدقة وصلة»، «ثم أدناك أدناك»، لماذا تمنعونا من الوقف على الأولاد؟ أجاب المؤلف ...

(قارئ المتن):

وأشباه ذلك، فكل هذا صحيح لا إشكال فيه، لكن لا يدل على تغيير حدود الله.

فإذا قال: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾[النساء:11] ووقف الإنسان على أولاده، ثم أخرج نسل الإناث محتجاً بقوله: «ثم أدناك أدناك»، أو صلة الرحم، فمثله كمثل رجل أراد أن يتزوج خالة أو عمة فقيرة، فتزوجها يريد الصلة، واحتج بتلك الأحاديث.

(شرح الشيخ):

نعم، الشخص يريد أن يتزوج عمته أو خالته، فقال: صلة الرحم، ثم أدناك أدناك، هل هذا صحيح؟ هذا يقول: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾[النساء:11] يحتج به على وقف الجنف والإثم، هذا غير صحيح.

(قارئ المتن):

فإن قال: إن الله حرم نكاح الخالات والعمات،

(شرح الشيخ):

إذا قال إنسان يريد أن يتزوج خالته يقول: هذا صلة رحم، يقول: الله حرم نكاح الخالات والعمات، نقول: إن الله حرم تعدي حدود الله.

(قارئ المتن):

قلنا: وحرم تعدي حدود الله التي حد في سورة النساء، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا﴾[النساء:14]. فإذا قال: الوقف ليس من هذا، قلنا: هذا مثل قوله: من تزوج خالته إذا تزوجها لفقرها ليس من هذا، فإذا كان عندكم بين المسألتين فرق فبينوه.

وأما قول عمر: "إن حدث بي حادث، فإن ثمغي صدقة هذا"،

(شرح الشيخ):

(ثمغي) يعني نخل، التمر، نعم.

(قارئ المتن):

يستدلون به على تعليق الوقف بالشرط، وبعض العلماء يبطله، فاستدلوا به على صحته. وأما القول بأن عمر وقفه على الورثة، فيا سبحان الله! كيف يكابرون النصوص؟! ووقف عمر وشرطه ومصارفه ثمغي وغيرها معروفة مشهورة. وأما قول عمر: "إلا سهمي الذي بخيبر، أردت أن أتصدق به"، فهذا دليل على أهل الكوفة، كما قدمناه، فأين في هذا دليل على صحة هذا الوقف الملعون؟ الذي بطلانه أظهر من بطلان أصحاب بكثير.

(شرح الشيخ):

من بطلان أصحاب الكبائر بكثير، أظهر من بطلان من احتج على صاحب الكبائر، المسألة فيها سقط، (فأين في هذا دليل على صحة هذا الوقف الملعون؟ الذي بطلانه أظهر من بطلان أصحاب الكبائر بكثير). احتجاج بأصحاب الكبائر.

طالب: يقول في الحاشية كذا في جميع النسخ

(شرح الشيخ): ولعلها (أظهر من بطلان أصحاب الكبائر)، نعم، وأما وقف حفصة، نعم، استدلوا بحفصة وقفت حلي على آل الخطاب، حليها، قالوا: هذا دليل على الوقف على الأولاد.

(قارئ المتن):

وأما وقف حفصة الحلي على آل الخطاب، فيا سبحان الله! هل وقفت على ورثتها، أو حرمت أحداً أعطاه الله، أو أعطت أحداً حرمه الله، أو استثنت غلته مدة حياتها؟

(شرح الشيخ):

يقول: على آل الخطاب، آل الخطاب قبيلة، من احتاج، وقفت هذه الحلي على آل الخطاب، هل غيرت شرع الله؟ هل حرمت على أولاده، قالت: من يحتاج هذه الحلي من آل الخطاب يستفيد منه.

(قارئ المتن):

فإذا وقف محمد بن سعود نخلاً على الضعيف من آل مقرن، أو مثل ذلك، هل أنكرنا هذا؟ وهذا وقف حفصة، فأين هذا مما نحن فيه؟

(شرح الشيخ):

المؤلف هنا يذكر مثال، محمد بن سعود معروف أنه هو الأمير، هو الأمير وهو مع (شرح الشيخ) رحمه الله، وهو أمير الدرعية، قال: إذا وقف ابن مسعود نخل على الضعيف والفقير من آل مقرن، ما فيه مانع، مثل هذا، مثل حفصة وقفت على المحتاج، كذلك محمد بن سعود إذا وقف على الضعيف الفقير من آل مقرن ما فيه مانع، لا ننكر هذا، ما فيه وقف على الأولاد، قال الضعيف من آل مقرن، الفقير من آل مقرن، ما فيه مانع، حفصة أوقفت الحلي على من احتاج من آل الخطاب.

كل هذه شُبه، يشبهون بها من يوقف على الأولاد وعلى الورثة، هذه من الأدلة، شُبه فندت هنا، وأما ...

(قارئ المتن):

وأما قولهم: إن عمر وقف على ورثته، فإن كان المراد ولاية الوقف، فهو صحيح، وليس مما نحن فيه. فإن كان مراد القائل: إنه ظن أنه وقف يدل على صحة ما نحن فيه، فهذا كذب ظاهر ترده النقول الصحيحة في صفة وقف عمر.

(شرح الشيخ):

من أدلتهم وقف صفية على أخٍ لها يهودي، نعم.

(قارئ المتن):

وأما كون صفية وقفت على أخ لها يهودي، فهو لا يرثها، ولا ننكر ذلك.

(شرح الشيخ):

نعم، لا يرثها، والوقف على غير الوارث ما فيه مانع، لا يرثها لأن دينه غير دينها، واجب عليها أن تقف عليه تطعمه، تسقيه، تعطيه، ما فيه مانع.

(قارئ المتن):

وأما كلام الحميدي فتقدم الكلام عنه.

وسر المسألة: أنك تفهم أن أهل الكوفة يبطلون الوقف على المساجد، وعلى الفقراء والقرابات الذين لا يرثونهم، فرد عليهم أهل العلم بتلك الأدلة الصحيحة، ومسألتنا هي إبطال هذا الوقف الذي يغير حدود الله، وإيتاء حكم الجاهلية؛ وكل هذا ظاهر لا خفاء فيه،

(شرح الشيخ):

أهل الكوفة يبطلون الوقف على المساجد والفقراء والقرابات، هذا رد عليهم بالأدلة، أما مسألتنا فالوقف على الذي فيه تغيير لحدود الله والتمشي مع أحكام الجاهلية.

(قارئ المتن):

ولكن إذا كان الذي كتبه يفهم معناه وأراد به التلبيس على الجهال كما فعل غيره، فالتلبيس يضمحل. وإن كان هذا قدر فهمه، وأنه ما فهم هذا الذي تعرفه العوام، فالخلف والخليفة على الله.

(شرح الشيخ):

إن كان هو مقصده التلبيس فيكون باطل، وإن كان هذا قدر فهمه فهو خلفه عليه ما يفهمه العقل، الخلف والخليفة على الله، إن كان مراده التلبيس، التلبيس باطل، وإن كان هذا فهمه، ما فهم مفهوم العرب، الله يخلف علينا وعليه، عقله لا يفهم.

(قارئ المتن):

وأما ختمه الكلام بقوله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر:7]، فيا لها من كلمة ما أجمعها! ووالله إن مسألتنا هذه من إنكارها. وقد أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُلزم حدود الله والعدل بين الأولاد، ونهانا عن تغيير حدود الله، والتحيل على محارم الله، وإذا قدرنا أن مراد صاحب هذا الوقف وجه الله لأجل من أفتاه بذلك، فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البدع في دين الله، ولو صحت نية فاعلها، فقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد»، وفي لفظ: «ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد». هذا نص الذي قال الله فيه: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾[الحشر:7[، وقال: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾[النور:54]، وقال: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾[آل عمران:31]. فمن قَبِل ما آتاه الرسول، وانتهى عما نهى، وأطاعه ليهتدي، واتبعه ليكون محبوباً عند الله، فليوقف كما أوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما وقف عمر رضي الله عنه، وكما وقفت حفصة، وغيرهم من الصحابة وأهل العلم.

وأما هذا الوقف المحدَث الملعون، المغير لحدود الله، فهذا الذي قال الله فيه بعد ما حد المواريث والحقوق للأولاد والزوجات وغيرهم: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)﴾[النساء:13-14].

وقد علمتم ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق ستة من العبيد، وما ردّ وأبطل من ذلك، فهو شبيه بمن أوقف ماله كله خالصاً لوجه الله على مسجد أو صوّام أو غير ذلك، فكيف بما هو أعظم وأطمّ من هذه الأوقاف؟

(شرح الشيخ):

يعني في رجل عرفه النبي صلى الله عليه وسلم عنده ستة عبيد، ما له مال غيرهم، أعتقهم، قال: هم أحرار لله بعد الموت، وصية، الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا عمل؟ جزّأهم ثلاثة أجزاء، فأرقّ أربعة، و أنفذ اثنين، (00:52:23)، ستة، اثنان أنفذهما، والباقي أرجعهم، الرسول صلى الله عليه وسلم ماذا عمل؟ اعتق ستة، رقَّ أربعة وأنفذ اثنين، كذلك من أوقف ماله كله هذا ليس لله، ليس له ذلك عند الموت، ليس له إلا الثلث والباقي للورثة.

قال: أوقفت مالي على الصوام وعلى المسجد، كله، نقول: لا، ما لك إلا الثلث والباقي للورثة.

(قارئ المتن):

وأما قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[الحج:77]،

(شرح الشيخ):

بعضهم يقول: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾، هذا فعل خير، تنهون عن فعل الخير؟

طالب: أحسن الله إليكم، (00:53:09)؟

(شرح الشيخ): نعم، (00:53:12) أرقّ أربعة وأعتق اثنين، وهذا فيه مسائل حديث في البخاري  في الصحيح البخاري.

(قارئ المتن):

فوالله الذي لا إله إلا هو، إن فعل الخير اتباع ما شرع الله، وإبطال من غيّر حدود الله، والإنكار على من ابتدع في دين الله؛ هذا هو فعل الخير المعلق به الفلاح، خصوصاً مع قوله صلى الله عليه وسلم: «وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة»، وقوله: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل»، وقوله: «لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها، وأكلوا ثمنها».

(شرح الشيخ):

جَمَلوها يعني أذابوها، تحيّلوا، حرم الله عليهم شحومها، أذابوها (00:54:16) لم نبع الشحم، هذه حيلة، حرم الله عليهم الشحوم فأتوا بالشحوم وذوبوها (00:54:24) فباعوها، فلعنهم الله. هذا حلية على الباطل.

(قارئ المتن):

«لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها، وأكلوا ثمنها». فليتأمل اللبيب الخالي عن التعصب والهوى -الذي يعرف أن وراءه جنة وناراً، الذي يعلم أن الله يطلع على خفيات الضمير- هذه النصوص، ويفهمها فهماً جيداً، ثم ينْزلها على مسألة وقف الجنف والإثم، فيتبين له الحق إن شاء الله، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

هذا آخر ما ذكره الشيخ، رحمه الله، في الرد على من أجاز وقف الجنف، وبيان الوقف الصحيح الموافق لما فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(شرح الشيخ):

هذه من الرسائل الشخصية، هذه مسألة فقهية لكنها مهمة وعظيمة، الآن عندنا فيه كلام للشيخ محمد بن إبراهيم فتاويه، يوافق هذا، وفيه كلام الشيخ محمد العثيمين أيضًا في الشرح الممتع، وهو في كلام الموفق قال:

(ملاحظة: النص المقروء من المغني لابن قدامة)

(وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ)، الوصية مثل الوقف، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا وَصَّى لِوَارِثِهِ بِوَصِيَّةٍ، فَلَمْ يُجِزْهَا سَائِرُ الْوَرَثَةِ، لَمْ تَصِحَّ. وهو بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا. وَجَاءَتْ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لَوَارِثٍ».

أنا افترضت الوقف، لكن جاب لنا الوصية والحكم واحد.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعَ مِنْ عَطِيَّةِ بَعْضِ وَلَدِهِ، وَتَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَقُوَّةِ الْمِلْكِ، وَإِمْكَانِ تَلَافِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ بِإِعْطَاءِ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ إيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ بَيْنَهُمْ، فَفِي حَالِ مَوْتِهِ أَوْ مَرَضِهِ، وَضَعْفِ مِلْكِهِ، وَتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِهِ، وَتَعَذُّرِ تَلَافِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ، أَوْلَى وَأَحْرَى. وَإِنْ أَجَازَهَا، جَازَتْ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَجَازَهَا سَائِرُ الْوَرَثَةِ، إلَّا أَنْ يُعْطُوهُ عَطِيَّةً مُبْتَدَأَةً. أَخْذًا مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». وَهَذَا قَوْلُ الْمُزَنِيّ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ. وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ، أَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا. وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِأَجْنَبِيٍّ، وَالْخَبَرُ قَدْ رُوِيَ فِيهِ «إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ». وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ، وَلَوْ خَلَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ كَانَ مَعْنَاهُ لَا وَصِيَّةَ نَافِذَةَ أَوْ لَازِمَةَ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا، أَوْ يُقَدَّرُ فِيهِ: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ.

وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً، فَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ تَنْفِيذٌ وَإِجَازَةٌ مَحْضَةٌ، يَكْفِي فِيهَا قَوْلُ الْوَارِثِ: أَجَزْت، أَوْ أَمْضَيْت، أَوْ نَفَّذْت. فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ، لَزِمَتْ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً، كَانَتْ الْإِجَازَةُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً، تَفْتَقِرُ إلَى شُرُوطِ الْهِبَةِ، مِنْ اللَّفْظِ وَالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ، كَالْهِبَةِ الْمُبْتَدَأَةِ. وَلَوْ رَجَعَ الْمُجِيزُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبْضُ، صَحَّ رُجُوعُهُ.

فَصْلٌ: وَإِنْ أَسْقَطَ عَنْ وَارِثِهِ دَيْنًا، أَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ أَسْقَطَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا عَنْ زَوْجِهَا، أَوْ عَفَا عَنْ جِنَايَةٍ مُوجِبُهَا الْمَالُ، فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ.

يعني إذا كان في مرض الموت لا يقبل منه.

وَإِنْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ، وَقُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا. سَقَطَ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ. وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ. سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَوَجَبَ الْمَالُ.

سقط، وجبت الأخرى، لا يدخلون، (00:58:02) فعليها يكون الوقف بعد انقراض البنات الثلاث.

هذا كلام للشيخ محمد إبراهيم رحمه الله، قال: (00:58:17) المذهب واختاره الأصحاب، هذا يقول الوقف بعد انقراض البنات الثلاث حمه حكم منقطع الآخر.

وقف على المستضعف من ذريته، وله ابن غني، وولد ابن، وأولاد بنات، الشيخ محمد بن إبراهيم، وسئل أيضًا عن رجل وقف على المستضعفين من ذريته، له ابن هو الآن غني، وولدان وأولاد بنت، يريد أن ينزلوا منزلته، فأجاب الشيخ محمد بن إبراهيم في الفتاوى:

الكلام في المسألة في مقامات:

الأولى: صحة مثل هذا الوقف أو عدمها.

الثاني: من يدخل في هذا الوقف، ومن لا يدخل.

الثالث: كون استحقاقهم على الترتيب أو الاشتراك.

الرابع: التفضيل بين الذكر والأنثى وعدمه.

فأما "المقام الأول": فإنه لاريب في صحة مثل هذا الوقف، وكلام العلماء في ذلك معروف، وقد استدل عليه بوقف الزبير رضي الله عنه حيث جعل للمردودة السكني.

هذا الوقف من حيث هو.

وأما "المقام الثاني": فإنه يدخل في هذا الوقف المستضعف في أولاد بنيه وإن نزلوا بلا نزاع -صار ضعيفًا يعني بالوصف هذا-، كما في "الإنصاف".

أما "أولاد البنات" فالمذهب أنهم لا يدخلون، وعن الإمام أحمد رواية أنهم يدخلون. قال في "الإقناع، وشرحه": وإن وقف إنسان على عقبه أو عقب غيره أو نله أو ولد ولده أو ذريته دخل فيه أي الوقف ولد البنين وإن نزلوا لتناول اللفظ لهم، ولا يدخل فيه ولد البنات بغير قرينة لأنهم لا ينتسبون إليه، كما تقدم. وعنه يدخلون قدمها في "المحرر" و "الرعاية" واختارها أبو الخطاب في "الهداية" لأن البنات أولاده وأولادهن أولاده حقيقة؛ لقوله: (ومن ذريته داود) إلى قوله: (وعيسى) وهو ولد بنته، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيد» بمعنى الحسن، يذكر هذا الباب في هذا الحديث رواه البخاري. قال في "الشرح": فالقول بدخولهم أصح وأقوى دليلا. انتهى من "الإقناع وشرحه".

قال في "الإنصاف": ونقل عنه في الوصية يدخلون. وذهب إليه بعض أصحابنا، وهذا مثله. قلت: بل هي هنا رواية منصوصة ...

ثم قال (01:00:30):

ما الوقف على الذرية؟

سؤال: الوقف على الذرية؟

الجواب: هو وقف الجنف (01:00:37)، الوقف على الذرية هو وقف الجنف.

سؤال: إذا كانوا محاويج؟

الجواب: إذا كانوا محاويج فمعروف شرعيته كوقف عمر، أو قول الفقيه أو الفقراء، أما عليهم فلس من أوقاف المسلمين.

أوقف جميع تركته على أولاده الذكور والإنات، وما تناسل من الذكور دون الإناث.

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم القائد علي الشاعر مدير الكلية الحربية سلمه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد جرى الاطلاع على خطابكم الوارد إلينا بعدد ... ومشفوعة الاستفتاء الموجه إلينا من الملازم أول مهدي الرافدي أن رجلا قضى نحبه بعد أن أوقف جميع تركته على أولاده الذكور والإنات وما تناسل من الذكور دون الإناث، ثم أبناء السبيل.

ونفيدكم بأن هذا الوقف باطل لأمرين:

الأول: أنه جميع تركته وهو لا يتصرف إلا في ثلثها، ثبت «أن رجلا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق ستة أعبد عن دبر ليس له مال غيرهم، فاقرع بينهم وجزأهم ثلاثة أجزاء فاعتق اثنين وأرق أربعة» ...

يعني (01:01:43) ستة، أقرع بينهم، أخرج اثنين عتقاء، وأربعة يرجعون أرقاء للورثة.

«وقال فيه قولا شديداً». وفي رواية أنه قال: «لو حضرته لم يدفن في مقابر المسلمين» أ ه. فلا ينفذ إلا ثلث التركة المذكورة.

الثاني: أنه حرم بذلك بقية الورثة إن كانوا كالزوجة والأب والجد والأم والجدة ...

وقف ماله على أولاده، طيب والجدة؟ ميراث الجدة، ميراث الزوجة، ميراث الأب!

مع ما في هذا الوقف من الجنف الظاهر فيه حرمان أولاد البنات مما يستحقونه من أمهاتهم المستحقات في هذا الوقف.

وحيث أن الجهة الأولى للوقف باطلة لما فيها من الجنف الظاهر، فيكون وقفا منقطع الأولى فينتقل الوقف إلى الجهة الثانية وهو أبناء السبيل. وبالله التوفيق.

طيب، (01:02:38) الشيخ محمد (01:02:40) على أيضًا هذا تعليقه سيكون آخر شيء من هذا البحث، نعم. عبارة صاحب الزاد والتعليق عليها

(قارئ المتن): قال عفا الله عنه:

عند قول الحجاوي: قوله: «ولو قال على بنيه أو بني فلان اختص بذكورهم»، فإذا قال: على بنيه أو بني فلان فإنه للذكور دون الإناث، وهنا نتكلم عن كلمة «بنيه» من حيث مدلول اللفظ، ومن حيث جواز هذا الوقف، فإذا قال: على بنيه، فمدلول اللفظ أن البنات لا يدخلن؛ لأن البنت لا تسمى ابناً، ولكن هل يجوز للإنسان أن يوقف على بنيه دون بناته؟ الجواب: لا.

والفقهاء رحمهم الله إنما يتكلمون على مدلول الألفاظ دون حكم الوقف، فهنا إذا قال: هذا وقف على بنيَّ فيدخل الذكور فقط، وأما الإناث فلا يدخلن؛ لأنه يقال: بنون وبنات، ولكن لا يجوز له أن يخص الوقف ببنيه؛ لأنه إذا فعل ذلك دخل في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، فيكون بهذا العمل غير متقٍ لله تعالى، وسمى النبي صلّى الله عليه وسلّم تخصيص بعض الأبناء جَوْراً، فقال: «لا أشهد على جَوْر»، ولا شك أن من وقف على بنيه دون بناته أنه جَور.

وعلى هذا، فلو وجدنا شخصاً وقف على بنيه ومات، فعلى المذهب نجري الوقف على ما كان عليه؛ لأن هذا ليس عطية تامة؛ لأن الوقف لا يتصرف فيه الموقوف عليه لا ببيع ولا شراء، نقول: لكن الموقوف عليه ينتفع بغلَّته.

فالقول الراجح أننا نلغي هذا الوقف ولا نصححه، ويعود هذا الموقوف ملكاً للورثة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وقد يقال: يبقى وقفاً على البنين والبنات؛ لأن المُوقف أخرجه عن ملكه إلى ملك هؤلاء، ولكن الاحتمال الأول أقرب، وهو إبطال الوقف؛ لأنه عمل ليس عليه أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، بل هو مخالف لأمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.

(شرح الشيخ):

نعم، وبذلك يتبين أن الوقف على الورثة أو على الأولاد الذكور دون الإناث، أو وقف حرمان أو ما فيه حرمان نسل الإناث، أو حرمان بعض الورثة كالزوجة والأب والجد، أن هذا وقف محرّم، وقف الجنف والإثم لتغيير حدود الله، هذا هو الصواب، خلافا لمن أجاز من أهل العلم الصواب الذي قاله، ما أقره الشيخ رحمه الله، وما أقره الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، وما ذكره الشيخ محمد، هذا هو الصواب.

وهذه (01:06:12) موجودة، الأصل أنها موجودة الآن في العصر الحاضر وما قبل يعني ... موجودة، كثير (01:06:20) موجودة، ليست شيئًا غير واقع، بل واقع موجود الآن، موجود بكثرة، فعلى الإنسان المسلم أن يعلم حكم الجنف هذه المسألة عظيمة، وأن يبتعد عن وقف الجنف والإثم، وأن ينصح من رآه يقف وقف جنفٍ وإثم، يقف على الأولاد دون الإناث، أو يحرم بعض الورثة، أو يزيد بعضهم على بعض، أو يغيّر شرع الله، عليه أن ينصحه، الدين النصيحة، إذا قال: قال الله تعالى في القرآن: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[البقرة:182]، فالموصي إذا أراد أن يوصي وصية جافى فيها شرع الله يُنصح، وتُغيّر الوصية، وكذلك الوقف.

هذه هي المسألة، ويكون طالب العلم على معرفة بها، هذه المسألة العظيمة وهي كما أقر أهل العلم المحبرين الشيخ محمد إمام الدعوة، الشيخ محمد بن إبراهيم، (01:07:20) كذلك الشيخ محمد وغيرهم، هذا هو الصواب الذي نراه، وهو الحق الذي لا مرية فيه، ونسأل الله أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يوفقنا للعمل الذي يرضيه، وأن يعيذنا من اتباع الهوى والرأي الفاسد، وأن يثبتنا على دينه القويم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وعليه نكون انتهينا من هذه الرسالة هذه، وبعد المغرب إن شاء الله تكون الرسالة الثالثة عشرة في رد المؤلف رحمه الله على سليمان بن سحيم في مسائل التوحيد.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد