شعار الموقع

اعتقاد أهل السنة للإسماعيلي (6) من قوله: "ويقولون إن عذاب القبر حق" – إلى قوله: "انتظم منها خلافة الأربعة"

00:00
00:00
تحميل
94

المتن:

قال الحافظ الإسماعيلي في اعتقاد أهل السنة والجماعة: ويقولون إن عذاب القبر حق يعذب الله من استحقه إن شاء، وإن شاء عفا عنه لقوله تعالى: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب، فأثبت لهم ما بقيت الدنيا عذاباً بالغدو والعشي ، دون ما بينهما حتى إذا قامت القيامة عذبوا أشد العذاب بلا تخفيف عنهم كما كانوا بالدنيا، وقال: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً، يعني قبل فناء الدنيا، لقوله بعد ذلك: ونحشره يوم القيامة أعمى، بين أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة وفي معاينتنا اليهود والنصارى والمشركين في العيش الرغد والرفاهية في العيش ما يُعلم به أنه لم يرد به ضيق الرزق في الحياة الدنيا ، لوجود مشركين في سعة من أرزاقهم ، وإنما أراد به بعد الموت قبل الحشر.

الشرح:

قال المؤلف رحمه الله تعالى، وهو الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في رسالة اعتقاد أهل السنة .

ويقولون : يعني أهل السنة والجماعة إن عذاب القبر حق ، يعذب الله من استحقه إن شاء وإن شاء عفا عنه ، واستدل المؤلف على أن العذاب حق قوله تعالى: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وجه الدلالة ، أنه قال المؤلف : أثبت لهم ما بقيت الدنيا عذاباً في الغدو والعشي ، دون ما بينهما حتى إذا قامت القيامة عذبوا أشد العذاب بلا تخفيف عنهم  كما كانوا في الدنيا ، أخبر الله النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، ثم قال: ويوم تقوم الساعة، فدل على أن العذاب قبل قيام الساعة ، أين يكون في البرزخ في القبر، في البرزخ في القبر: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب، ففي البرزخ يعرضون عليها  غدو وعشي وما بينهما ما فيه عرض على النار، وإذا قامت القيامة يدخلون أشد العذاب ويكون العذاب مستمر في الغدو والعشي وما بينهما، ولهذا قال المؤلف حتى إذا قامت القيامة عذبوا أشد العذاب بلا تخفيف كما كانوا في الدنيا ، قال الحافظ بن كثير في تفسيره هذه الآية "أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور ، النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، قال المؤلف : وقال دليل آخر على عذاب القبر قال الله تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى، وجه الدلالة أنه قال: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً، يعني قبل فناء الدنيا ، هذا يكون في البرزخ ، بدليل قوله: ونحشره يوم القيامة أعمى، إذا المعيشة قبل أن يحشر يوم القيامة له معيشة ضنكاً في القبر وفي يوم القيامة يحشر أعمى ، قال المؤلف في بيان الدلالة ،بين أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة وهذا يكون متى ؟ في البرزخ ، قال: وفي معاينتا اليهود والنصارى والمشركين في العيش الرغد والرفاهية في المعيشة ما يُعلم به بأنه لم يرد به ضيق الرزق في الحياة الدنيا ، لوجود مشركين في سعة من أرزاقهم ، وإنما أراد به بعد الموت قبل الحشر ، يقول المؤلف رحمه الله المعيشة الضنك: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً، ثم قال : ونحشره يوم القيامة أعمى، إذا يوم القيامة يحشر أعمى وقبلها في المعيشة الضنك ، هل المعيشة الضنك في الدنيا ، أو في القبر ؟ قال : في القبر وقال : فلو قال قائل : لا، المعيشة الضنك في الدنيا قال : لا، نحن نجد المشركين في رفاهية ما عندهم معيشة ضنك ، نجد المشركين في رفاهية وفي رغد من العيش ، فدل على أن المراد بضيق الرزق ، أنه لم يرد ضيق الرزق في الحياة الدنيا ، لأنا نجد المشركين في سعة من أرزاقهم ،وإنما أراد به بعد الموت وقبل الحشر ،وهذا يكون في القبر ، المؤلف الآن استدل وذكر بعذاب القبر ، طيب أين نعيم القبر ، ما فيه نعيم القبر؟ المؤلف ما ذكر إلا عذاب القبر، قال : ويقولون إن عذاب القبر حق، كان الأولى أن يقول المؤلف : ويقولون إن عذاب القبر ونعيمه حق ، النعيم حق ويدل على ذلك أحاديث ما ذكرها المؤلف ، منها قول النبي ﷺ: القبر حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة، ومن الأدلة أيضاً على عذاب القبر، قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون  بما كنتم تقولون على غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون، هذه من الأدلة على عذاب القبر، ومن الأدلة حديث البراء بن عازب " في قبض روح الفاجر وأنها تنزع كما ينزع الشوك من الصوف المبلول " ، ومن الأدلة على نعيم القبر قوله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ( هذه متى عند الموت) ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ۝ نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة،  ومن الأدلة أيضاً حديث البراء " في قصة قبض روح المؤمن وأن الملك يقول: أخرجي أيتها النفس الطيبة إلى روح وريحان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، هذه كلها أدلة تدل على نعيم القبر، المؤلف الآن ما ذكر إلا العذاب قال : ويقولون إن عذاب القبر حق ،لو قال وأضاف إن عذاب القبر ونعيمه حق ، فالعذاب والنعيم حق ، والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، في قصة الرجل المؤمن أنه يوسع له في قبره مد البصر ، وأنه يفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ، هذا دليل على النعيم والفاجر يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ، والمؤمن يأتيه رجل جميل الوجه جميل الصورة طيب الريح فيقول من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح، والفاجر يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح المنظر منتن الريح ، فيقول من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث ، والأول يقول ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي المؤمن ، والفاجر يقول ربي لا تقم الساعة ، هذا قبل قيام الساعة ، هذا كله في البرزخ ، فالمؤلف رحمه الله ما ذكر إلا العذاب ولكن ، أيضاً النصوص دلت على النعيم ، النعيم والعذاب كلاهما حق ، فيقولون إن عذاب القبر ونعيمه حق.

المتن:

قال رحمه الله: ويؤمنون بمسألة منكر ونكير على ما ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم من قول الله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، وما ورد تفسيره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

الشرح:

يقول المؤلف: ويؤمنون بمسألة منكر ونكير ، يعني يؤمون بأن الميت يسأله ملكان ، يقال أحدهما المنكر والثاني نكير يسألانه عن ربه وعن دينه وعن نبيه ، قال هذا على ما ثبت به الخبر عن رسول الله ﷺ كما في حديث البراء ، أنه يأتيه ملكان وفي بعضها أسودان أزرقان ، فيقولان له : من ربك؟ فيقول : المؤمن الله ربي ما دينك ؟  فيقول : الإسلام يقول : ما تقول في الرجل الذي بعث فيكم ؟ ، فيقول : هو نبي الله ، فيقول : ما علمك ؟ ، يقول : قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقته فيوسع له في قبره مد البصر ، ويفتح له باباً إلى الجنة فيأتيه من روحها وطيبها ، و الفاجر فيسأله الملكان ويقولان : كما في حديث البراء يسألانه من ربك ؟ يقول هاه هاه لا أدري، ولو كان أفصح الناس في الدنيا يخذل والعياذ بالله ، ولو كان أفصح الناس وأعقل الناس، فيقول له : ما دينك يقول هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، فيقول له : ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ يقول : هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، فيقولان له الملكان : لا دريت ولا تليت ، فيضربانه بمرزبة من حديد ، فيصيح صيحة يسمعها كل من خلق الله إلا الإنسان ، ولو سمعها الإنسان لصعق ، فيقولان له لا دريت ولا تليت، يعني لا علمت الحق بنفسك ولا تبعت من يعمل بالحق ، مع  قول الله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، وما ورد تفسيره عن النبي ﷺ بأن الله يثبت الله الذين آمنوا فيقول المؤمن الله ربي والإسلام ديني ، ومحمد نبي ، ويضل الله الظالمين ، وفي حديث أبي هريرة الذي أخرجه الترمذي وابن حبان قال : قال رسول الله ﷺ: إذا قبر الميت أو أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما منكر ، ويقال للآخر النكير، هذا دليل من السنة على إثبات الملكان وأن اسم أحدهما منكر والثاني نكير ، في الصحيحين في حديث البراء أن رسول الله ﷺ قال: المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله لذلك يقول الله تعالى : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويسمى هذا فتنة القبر ، وأهل السنة يؤمنون بفتنة القبر ، والفتنة هي الاختبار والامتحان والملكان يقال لهما الفتانان لأنهما يختبرانه، يُختبر ويُسأل هذه الأسئلة من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ فالمؤمن يثبته الله فينجح في هذا الامتحان ، والفاجر يخذل والعياذ بالله فلا يجيب على هذه الأسئلة .

المتن:

ثم قال رحمه الله : ويرون ترك الخصومات والمراء في القرآن وغيره ، لقول الله ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا، يعني يجادل فيها تكذيبا بها ، والله أعلم .

الشرح:

ويرون أهل السنة والجماعة ترك الخصومات والمراء في القرآن وغيره ، لا يخاصمون ولا يجادلون ولا يمارون في القرآن ولا في غيره ، لأن الله تعالى أخبر أن المجادل هم الكفرة قال الله تعالى : ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا، يعني يجادل فيهما تكذيبا بها ، قال ابن جرير الطبري في قوله تعالى في هذه الآية ( ما يخاصم بحجج الله وأدلته على وحدانيته بالإنكار لها إلا الذين جحدوا توحيده ) إذاً أهل السنة يرون ترك الخصومات والمراء والجدال في القرآن وغيره ، لأن الجدال في القرآن وغيره تكذيباً لهما هو فعل الكفرة .

المتن:

ثم قال رحمه الله تعالى: ويثبتون خلافة أبي بكر بعد رسول الله ﷺ، باختيار الصحابة إياه ، ثم خلافة عمر بعد أبي بكر ، باستخلاف أبي بكر إياه ، ثم خلافة عثمان باجتماع أهل الشورى وسائر المسلمين عليه عن أمر عمر ، ثم خلافة علي ابن أبي طالب ببيعة من بايع من البدريين عمار بن ياسر، وسهل بن حنيف ، ومن تبعهما من سائر الصحابة مع سابقته وفضله ، ويقولون : بتفضيل الصحابة  لقوله : لقد رضي الله عن الذين إذ يبايعونك تحت الشجرة، وقوله: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم، ومن أثبت الله رضاه عنه لم يكن منهم بعد ذلك ما يوجب سخط الله ، ولم يوجب ذلك للتابعين إلا بشرط الإحسان فمن كان من التابعين من بعدهم يتنقصهم لم يأت بالإحسان فلا مدخل له في ذلك ، قال: ومن غاظه مكانهم من الله فهو مخوف عليه ما لا شيء أعظم منه لقوله : محمد رسول الله والذين معه، إلى قوله: ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، فأخبر أنه جعلهم غيظاً للكافرين ، وقالوا : بخلافتهم لقول الله : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات، فخاطب بقوله : منكم، من نزلت الآية وهو مع النبي على دينه ، وقال بعد ذلك: ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً فمكن الله بأبي بكر وعمر وعثمان الدين ، وعد الله آمنين يغزون ولا يغزون ويخيفون العدو، ولا يخيفهم العدو ، وقال للذين تخلفوا عن نبيه في الغزوة التي ندبهم الله بقوله: لئن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين، فلما لقوا النبي يسألونه الإذن في الخروج للعدو فلم يأذن لهم ،أنزل الله : سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً، وقال لهم: قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً، والذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحياء خوطبوا بذلك لما تخلفوا عنه، وبقي منهم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان ما أوجب لهم بطاعتهم إياه الأجر ، وبترك طاعتهم العذاب الأليم إيذاناً من الله بخلافتهم ، ولا جعل في قلوبنا غلاً لأحد منهم فإذا ثبت خلافة واحد منهم انتظم منها خلافة الأربعة .

الشرح:

هذا مبحث الخلافة ، الخلافة بعد النبي ﷺ، وهي ثلاثون سنة ، قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، أهل السنة يثبتون الخلافة بعد النبي لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم علي ، فالخلافة ثبتت لأبي بكر باختيار الصحابة وانتخابهم ، واجماعهم على ذلك ثبتت لأبي بكر بالاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد وأجمعوا على ذلك ، لم يتوقف في ذلك الانتخاب إلا علياً توقف لما توقفت فاطمة بنت النبي ﷺ تطالب بميراثها من أبيها ﷺ فقال لها الصديق إن النبي ﷺ قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث إن ما تركناه صدقة، وهذا رواه عشرة من الصحابة ، لكنها بقيت رضي الله عنها في نفسها شيء وهي سيدة نساء أهل الجنة  غلطت في هذا ، والصواب مع أبي بكر ظنت أن لها ميراث فهجرت أبي بكر وتأخر علي ثم بايع ، ظنت أن لها ميراث والنبي ﷺ لا يورث ، والحديث رواه عشرة من الصحابة، ولو كان النبي ﷺ يورث لكان لزوجاته الثمن ، ولبنته فاطمة النصف والباقي لعمه العباس ،أولى رجل ذكر عاصب لكن النبي لا يورث عليه الصلاة والسلام، هي ظنت أنه يورث وبين لها أبو بكر أنه قائم مقام النبي ﷺ فالخلافة ثبتت لأبي بكر على الصحيح باختيار الصحابة وانتخابهم، وقال بعض العلماء: ثبتت الخلافة بالانتخاب لأبي بكر بالنص الجلي، وقال منهم بالنص الخفي، والذين استدلوا بالنص استدلوا بأدلة من هذه  الأدلة إن امرأة جاءت إلى النبي كما في البخاري ثم قال لها : ارجعي وتأتيني في وقت كذا ، قالت إن لم أجدك قال لها : إئت أبا بكر " قالوا هذا دليل نص على أن أبو بكر خليفة بعده ، وكذلك كون النبي ﷺ يأمر أبا بكر أن يؤم الناس في مرضه قالوا : هذا دليل نص على أنه هو خليفة ، وكذلك قوله ﷺ: لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخي وصاحبي، هذه وغيرها من الأدلة قالوا: أنه نص على أنه الخليفة، والصواب أنه ليس نصاً وإنما هذه إرشادات ومرجحات لأجلها اختار الصحابة أبو بكر وانتخبوه ، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون أن الخلافة ثبتت لأبي بكر الصديق باختيار الصحابة وانتخابهم ، ويدل على ذلك أنه ليس بنص ، ولو هناك نص لما اختلف المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة وقال الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، ثم أسرع أبو بكر وأبو عبيدة وعمر و جاء عمر يذكر فضائل أبي بكر قال : نحن أولى الأئمة من قريش والأحلاف من قريش لو كان عنده نص قال هذا النص، كان ما يذكر فضائل أبي بكر فدل على أنه ليس هناك نص ، وإنما ثبت باختيار الصحابة وانتخابهم ، ثم تبتت الخلافة لعمر بولاية العهد له من الصديق وإجماع الصحابة على ذلك ، فإن أبا بكر لما حضرته الوفاة ، عهد بالخلافة إلى عمر فثبتت له الخلافة بولاية العهد ، ثم ثبتت الخلافة لعثمان ، عمر جعل الأمر شورى بالستة  باختيار أهل الشورى له ، ثم بمبايعة الناس أيضاً ثبتت لعثمان بالاختيار والانتخاب فإن عمر جعل الأمر شورى بين الستة ، ثم الستة  جعلوا أمرهم إلى ثلاثة حتى تضيق دائرة الخلاف ، قالوا نحن ستة الآن نجعل أمرنا إلى ثلاثة ، وكل واحد جعل أمره ، واحد قال : جعلت أمري لعلي ، والثاني قال : جعلت أمري لعثمان والثالث قال : جعلت أمري لعبد الرحمن بن عوف ، فبقيت الخلافة في الثلاثة ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أمامه علي وعثمان قال : من يخرج منكما عن الخلافة لا يريدها ، ونجعل له الاختيار نختار واحد منكم ويبقى اثنان ، فسكت الشيخان فقال : أنا أخرج منها وتجعلون الاختيار لي  قالا : نعم ، فخرج عبد الرحمن فصار الآن يختار أحد الاثنين ، فجعل عبد الرحمن بن عوف يشاور الناس ، كما ثبت في صحيح البخاري ثلاث ليال لا يذوق غمضاً ، حتى جعل وجوه الناس إلى عثمان فلما أصبح بعد ثلاث خطب عبد الرحمن بن عوف وتشهد وحمد الله وقال لعلي ﷺ : إني رأيت وجوه الناس إلى عثمان فلا تجعلن لنفسك عليك سبيلاً ، ثم قام وبايع عثمان وبايعه بقية الستة وبايعه علي ثم بايعه المهاجرون والأنصار، فتمت الخلافة لعثمان ، ولما قتل عثمان ﷺ بايع علي ﷺ أكثر أهل الحل والعقد ، فثبتت له الخلافة بمبايعة أكثر أهل الحل والعقد ، و ثبتت له الخلافة ، والخلافة تثبت  بواحد من ثلاثة أمور: 

الأمر الأول - الاختيار والانتخاب كما ثبتت الخلافة لأبي بكر وعثمان بالانتخاب من أهل الحل والعقد ، وإذا كان الاختيار والانتخاب لأهل الحل والعقد تكون الخلافة في من ؟ في قريش قال ﷺ: الأئمة من قريش ، وقال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان، ثم قال: ما أقاموا الدين، مادام يوجد من يقيم الدين فالخلافة في قريش ، فإذا لم يوجد من يقم الدين تكون في غيره .

الأمر الثاني -  تثبت الخلافة بولاية العهد من الخليفة السابق كما عهد أبو بكر بالخلافة لعمر .

الأمر الثالث- تثبت الخلافة بالقوة والغلبة إذا غلب الناس بقوته وسيف سلطانه ثبتت له الخلافة ولو لم يكن من قريش ، الأحاديث التي فيها الأمر بالسمع والطاعة قال: وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وفي لفظ: كأن رأسه زبيبة، فلو كان بالاختيار ، ما يختار العبد الحبشي يختار من قريش ، لكن إذا كان  بالقوة والغلبة تثبت الخلافة ، فتثبت الخلافة بواحد من ثلاثة أمور ، إما بالاختيار والانتخاب ، وإما بولاية العهد من الخليفة السابق ، وإما بالقوة والغلبة ، وإذا غلب بالقوة والغلبة وجب السمع والطاعة له، وعدم الخروج عليه ،لأن الإسلام يتشوف إلى الاجتماع والائتلاف وعدم الفرقة ، نحن الآن لو نظرنا الآن هل ثبتت الخلافة من عهد النبوة إلى الآن كلها ثبتت إما بولاية العهد ، وإما بالقوة والغلبة  ولم تثبت بالاختيار والانتخاب إلا لأبي بكر وعثمان وعلي ، وكذلك معاوية أول ملوك المسلمين لما تنازل الحسن عن الخلافة ، وإلا فبنو أمية وبني عباس ومن بعدهم بماذا ثبتت ؟  بالقوة والغلبة، بالقوة والغلبة تثبت  ، أو بولاية العهد من الخليفة السابق ، إذاً هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن الخلافة بعد النبي ﷺ لأبي بكر ، ثم لعمر ثم لعثمان ثم علي وهؤلاء هم الخلفاء الراشدون ومما يدل على ذلك قول الرسول ﷺ: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وقال عليه الصلاة والسلام: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً معروضاً ، أو ثم يؤتي الله الملك من يشاء وإذا حسبنا المدة نجد خلافة أبي بكر سنتان وثلاثة أشهر ، و خلافة عمر عشر سنوات ونصف ، وخلافة عثمان اثنتا عشرة ، وخلافة علي أربع وإذا أضيف لها ستة أشهر خلافة الحسن التي تنازل فيها لمعاوية تكون المدة ثلاثين آخر الثلاثين الستة أشهر التي تنازل فيها الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية، تكون هذه ثلاثون سنة، الخلافة من بعدي ثلاثون سنة، هذه النصوص دلت على صحة خلافة الخلفاء الراشدين ، وأن الخلافة بعد النبي لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي ، الرافضة يرون أن الخلافة لعلي ابن أبي طالب وللاثني عشر لعلي ابن أبي طالب ، ثم الحسن والحسين ، ثم بعده البقية من نسل الحسين ، ويقولون إن النبي ﷺ نص على اثني عشر من أهل البيت كلهم منصوصون معصومون لئلا يخلي الله العالم من رحمته يقولون هناك نص ، يقولون : نص النبي ﷺ أن الخليفة بعده لعلي ابن أبي طالب ، ثم النص الثاني نص على أن الخليفة بعده الحسن بن علي ، ثم النص الثالث على أن الخليفة بعده الحسين بن علي ، ثم بقية الأئمة كلهم من نسل الحسين نص على ( علي بن الحسين زين العابدين ، ثم محمد الباقر ، ثم جعفر ابن محمد الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم ، ثم علي بن موسى الرضا ، ثم بعده محمد بن علي الجواد ، ثم الحسن بن علي العسكري ، ثم الثاني عشر الخلف الحجة المهدي المنتظر محمد بن الحسن الذي دخل سرداب سامراء في العراق سنة 260 ولم يخرج إلى الآن ، قالوا : هذا هو الخليفة المهدي المنتظر ، فيقولون هؤلاء أئمة منصوصين معصومين ، اثنا عشر خليفة أولهم ( علي ابن أبي طالب ثم الحسن بن علي ثم الحسين بن علي ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثم محمد بن علي الباقر ثم جعفر بن محمد الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم ، ثم علي بن موسى الرضا ، ثم محمد بن علي الجواد ، ثم الحسن بن علي العسكري الحادي عشر محمد بن الحسن ، المهدي المنتظر الذي دخل السرداب سنة 260 ولم يخرج إلى الآن ، فكم مضى عليه يقول شيخ الإسلام في زمانه مضى عليه أربع مئة سنة ، ونحن الآن نقول مضى عليه ثمان مئة سنة ، ولن يخرج لأنه شخص موهوم ، لأن الحسن بن علي مات عقيماً ولم يولد له ، فاختلقوا له ولد وأسموه محمد وأدخلوه سرداب سامراء  ولم يخرج وقالوا هذا هو الخليفة ، ولا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي المنتظر ، وينادي منادٍ من السماء أن اتبعوه ، هكذا يقولون ، ويقولون : إن أهل السنة أخفوا النصوص التي فيها النص على أن علي هو الخليفة وولوا أبو بكر الخلافة زوراً وظلماً وبهتاناً ، ثم ولو عمر الخلافة زوراً وبهتاناً ، ثم ولوا عثمان الخلافة زوراُ وبهتاناً ، ثم وصلت النوبة إلى الخليفة الأول وهو علي ابن أبي طالب ، ولكن أهل السنة كفروا وارتدوا عن الإسلام وأخفوا النصوص التي فيها النص على أن الخليفة بعده علي ، المؤلف قصد من ذلك الرد على الرافضة الذين يقولون إن الخليفة هو علي ابن أبي طالب ، ويقولون : إن أهل البيت مظلمون معتدى عليهم ، علي شجاع من أشجع الناس هل يسكت على الظلم ، لماذا لم يذكر أنه الخليفة بالنص ، ويقولون : أمر الأمة معلق حتى يخرج المهدي المنتظر ، ويقولون : ما فيه طريق إلى الجنة إلا عن طريق الأئمة المعصومين ، طيب أمر الناس الآن معلق ، من يعرف ؟ ما هو حال المهدي المنتظر إذا خرج ، هل يكون مثلاً التشريع الذي يأتي به هو ما عليه الرافضة ، أو يخالف ، إن كان ما عليه الرافضة فلا حاجة إلى وجوده ، وإن كان شيء آخر فيكونون هم معذبون الآن ما عرفوا الحق هم هالكون أول الأشقياء هم ، وكيف يعلق أمر الأمة بشخص دخل سردابه ولا يعلم حاله ، ولا يوصلهم إلى الجنة حتى يخرج هذا الشخص ، والشرع  لا يمكن أن يأتي بمثل هذا ، المرأة إذا غاب عنها زوجها وطالت المدة ، وطلبت الفسخ تفسخ ، لرفع الضرر عنها وهي امرأة ، فكيف أمر الأمة معلق ولا يدرى ما حالهم حتى يخرج المهدي ، أين العقول ؟ فالمؤلف رحمه الله قال : ونثبت الخلافة لأبي بكر ثم الخلافة لعمر ، ثم عثمان ثم علي ، وقصده من هذا الرد على الرافضة ، الذين يقولون الخلافة لعلي أولاً بالنص ، ثم لحسن بن علي ثم للحسين بن علي ، ثم البقية من نسل الحسين ، وكلام المؤلف : ويثبتون الخلافة لأبي بكر ، بعد رسول الله ﷺ باختيار الصحابة إياه ، هذا القول الصواب أنها بالاختيار والانتخاب ، وقيل بالنص الجلي ، وقيل بالنص الخفي ثلاثة أقوال لكن هذا القول المختلف ، ثم القول بخلافة عمر باستخلاف أبي بكر إياه ثبتت له الخلافة بولاية العهد، ثم خلافة عثمان باجتماع أهل الشورى الستة وسائر المسلمين عليه عن أمر عمر ، شيخ الإسلام يبين أن الخلافة ثبتت بالاختيار لأبي بكر، لا بالنص يقول : التحقيق في خلافة أبي بكر يقول شيخ الإسلام وهو الذي يدل عليه كلام أحمد رحمه الله ، أنها انعقدت باختيار الصحابة ومبايعتهم له ، وأن النبي ﷺ أخبر بوقوعها على سبيل الحمد لها ، والرضا بها وأنه أمر بطاعته ، وتفويض الأمر إليه وأنه دل الأمة وأرشدهم إلى بيعته فهذه الأربعة ، الأوجه الثلاثة ، الخبر والأمر والإرشاد ثابت عن النبي ﷺ، وقال : فثبتت صحة خلافته ووجوب طاعته بالكتاب والسنة والإجماع وإن كانت إنما انعقدت بالإجماع والاختيار ثم خلافة علي ابن أبي طالب في بيعة من بايع من البدريين ، يعني أهل بدر عمار بن ياسر وسلمة بن حنيف ، وتبعهم سائر الصحابة مع سابقته وفضله ، ويقولون : يعني أهل السنة والجماعة بتفضيل الصحابة الذين وهم أهل بيعة الرضوان ، قال تعالى: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة، وهم كانوا ألف وأربع مئة ، وقال عليه الصلاة والسلام  كما في صحيح مسلم ينبغي أن يذكره المؤلف: لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة، وأيهما أفضل أهل بدر أو أهل بيعة الرضوان ؟ من العلماء من قدم البدريين لقول الرسول عليه الصلاة والسلام لعمر : وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ومنهم من قدم أهل بيعة الرضوان ، وكذلك السابقون الأولون ، قال تعالى: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه، من هم السابقون الأولون ؟ قيل،إن السابقين الأولين هم الذين أسلموا قبل صلح الحديبية ، وقيل هم الذين صلوا إلى القبلتين بيت المقدس والكعبة والصواب القول الأول ،لأن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليست فيها فضيلة ، و لأنه لم يدل دليل على أنهم ولأنه يكون العدد قليل ، لكن الذين أسلموا قبل صلح الحديبية ، صلح الحديبية حد فاصل ، من أسلم قله فهو من السابقين الأوليين ، ومن أسلم بعده فليس منهم ، ثم يليهم الذين أسلموا بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة ، ومنهم خالد بن الوليد ، ثم يليهم مسلمة الفتح والذين أسلموا بعد فتح مكة ومنهم أبو سفيان وابناه يزيد ومعاوية ، والصحابة يتفاوتون تفاوتاً عظيماً ، السابقون الأولون رتبتهم عالية فضلهم عالي ، الذين أسلموا قبل صلح الحديبية لا يصلهم من بعدهم، ولهذا لما حصل نزاع خلاف عادي بين عبد الرحمن بن عوف وهو من السابقين الأوليين وخالد بن الوليد وهو ممن أسلم بعد صلح الحديبية ، خالد بن الوليد ليس من السابقين الأوليين ، وعبد الرحمن بن عوف من السابقين الأوليين ، عبد الرحمن أسلم متى ؟ أسلم قديم قبل صلح الحديبية ، وخالد متى أسلم ؟ أسلم بعد صلح الحديبية ، حصل سوء تفاهم بين خالد وعبد الرحمن بن عوف ماذا قال النبي ﷺ لهم ؟ قال النبي ﷺ لهم: لا تسبوا أصحابي يخاطب من ؟ يخاطب خالد ، لا تسبوا أصحابي الذين تقدموا ، كلهم صحابة ينهى من له الصحبة الأخرى أن يسب من له الصحبة الأولى قال : لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده يخاطب من ؟ خالد لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفة ، لو أنفق الصحابي المتأخر مثل أحد ذهب وأنفق عبد الرحمن بن عوف مد ، ملء الكف أو نصفه ما لحقه خالد ،" تفاوت عظيم لو أنفق خالد مثل أحد وأنفق عبد الرحمن مد ملء الكف أو نصف المد لسبقه عبد الرحمن ، فإذا كان هذا التفاوت بين الصحابة أنفسهم ، فكيف بالتفاوت بين الصحابة والتابعين ، لا تسبوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفة ، هذا تفاوت عظيم ، مزية الصحبة لا يلحقها أحد ، قوم اختارهم الله  لصحبة نبيه شهدوا رسول الله، وصحبوه وجاهدوا معه وشهدوا التنزيل وسمعوا القرآن ونشروا دين الله في مشارق الأرض ومغاربها ، قوم لا كان ولا يكون مثلهم.

قال المؤلف رحمه الله : إذاً السابقون الأولون فيهم قولان .

القول الأول – أنهم من أسلم قبل صلح الحديبية .

القول الثاني – أنهم من صلى القبلتين ، والقول الأول هو الصواب .

 ولهذا قال تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى، كلهم موعودون بالجنة الحسنى الجنة ، المتقدمون والمتأخرون لكن أولئك أعلى لا يستوي هؤلاء مع هؤلاء ، لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح الفتح صلح الحديبية ، سماه الله فتحاً إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، المراد به صلح الحديبية ، قال عمر يا رسول الله أفتح هو ؟ قال نعم ، سماه الله فتحاً ، لا يستوي من أنفق من قبل الفتح ، كعبد الرحمن بن عوف ، ومن أنفق بعده كخالد بن الوليد ، لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد ( من بعد الفتح) وقاتلوا ثم قال الله: وكلاً وعد الله الحسنى، كلهم موعودون بالجنة المتقدمون والمتأخرون ، لكنهم متفاوتون.

قال المؤلف رحمه الله : ومن أثبت الله رضاه عنه لم يكن منه  بعد ذلك ما يوجب سخط الله عليه قال الله: لقد رضي الله عن المؤمنين، أثبت لهم الرضا فلا يمكن أن يسخط عليهم ، ولم يوجب ذلك للتابعين ، التابعين ما أوجب لهم الرضا إلا بالإحسان ، قال: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم، إذاً الرضا لمن ؟ للسابقين والمهاجرين والتابعين إذا كان بإحسان شرط ، والتابع  بغير إحسان ليس له رضا ، فمن كان من التابعين من بعدهم لم يأت بإحسان فلا مدخل له في ذلك ، ومن غاظه مكانهم من الله فهو مخوف عليه مالا شيء أعظم منه ، يعني من كان يغيظه الصحابة يخشى عليه من النفاق ، يقول المؤلف ، من كان يغيظه الصحابة ويرى عداوتهم وأنهم يغيظونه فهذا منافق ، يقول المؤلف : لقول الله في آخر سورة الفتح : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ  فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، هذا هو الشاهد ، ليغيظ بهم الكفار ، أخبر الله أن الصحابة يغيظ بهم الكفار، فمن أغاضه الصحابة كالرافضة فهو كافر ، هذا استدلال الإمام مالك ، استدل بهذا على كفر الرافضة لأن الله تعالى قال عن الصحابة: ليغيظ بهم الكفار، والرافضة يغيظهم الصحابة فدل على أنهم كفار، هذا استدلال من ؟ الإمام مالك فاستدل بآية الفتح على كفر الرافضة ، لأن الله أخبر أن الصحابة يغيظ الله بهم الكفار ، والرافضة يغيظهم الصحابة فدل على أنهم كفار ،قال المؤلف : فأخبر أنهم جعلهم غيظاً للكافرين الصحابة وقالوا بخلافتهم ، يعني المؤمنون قالوا بخلافتهم لقول الله تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات، فخاطب بقوله منكم، من نزلت الآية وهو مع النبي على دينه ، من هم هؤلاء ؟ هم الصحابة نزلت الآية وهم على دينه ، فقال بعد ذلك ليستخلفنهم يعني الصحابة كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً، قال المؤلف : فمكن الله بأبي بكر الصديق وعمر وعثمان الذين وعد الله آمنين يغزون ولا يُغزون ويخيفون العدو ولا يخيفهم العدو ، نرى كيف استنبط المؤلف خلافة الثلاثة من آية، قال: وعد الله الذين آمنوا منكم، الصحابة من هم هؤلاء الذين نزلت الآية وهم معه قال: ليستخلفنهم في الأرض، من الذي استخلف بعد الرسول ﷺ ؟ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، من الذين مكن لهم ؟ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً آمنون يغزون ولا يُغزون لا يشركون بي شيئاً، نرى كيف استنبط المؤلف خلافة الأئمة الأربعة رداً على الرافضة ثم قال :" الحافظ بن كثير بين أن الإمام  مالك  استدل بآية الفتح على كفر الرافضة ، فقال : ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله في رواية " تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة قال : لأنهم يغيظونهم ، ومن غاظ الصحابة فهو كافر لهذه الآية ، ووافقه طائفة من العلماء على ذلك ، والأحاديث في فضائل الصحابة والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة ، يكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم ، وقال أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف بعد أن أورد هذه الآية والتي قبلها قال : فمن أحبهم وتولاهم ودعا لهم ورعى حقوقهم وعرف فضلهم فاز في الفائزين ، ومن أبغضهم وسبهم ونسبهم إلى ما تنسبهم إليه الروافض والخوارج فقد هلك في الهالكين ، قال المؤلف رحمه الله : وقال الله لقوم تخلفوا عن نبيه عليه السلام في الغزوة التي ندبهم إليها ما هي الغزوة ؟ غزوة تبوك فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج، إن رجعك الله يا محمد إلى طائفة منهم من المنافقين فاستأذنوك للخروج  فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدواً إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين، فلما لقوا النبي ﷺ يسألونه الإذن في الخروج إلى الغزو فلم يأذن لهم ، أنزل الله: سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله، قل لهم يا رسول الله: قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل، قال الله إن استأذكم الكفار فقل لن تخرجوا معي أبداً، كذلكم قال الله من قبل، ماذا يقولون؟ فسيقولون بل تحسدوننا، قال الله: بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً، وقال لهم: قل للمخلفين من الأعراب (لأن عندهم نفاق) ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كم توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً، هذا وعيد لهم قال المؤلف: والذين كانوا في عهد رسول الله ﷺ أحياء خوطبوا بذلك ، لما تخلفوا عنه ، الذين كانوا في عهد رسول الله ﷺ أحياء خوطبوا بذلك لما تخلفوا عنه ، وبقي منهم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان فأوجب لهم بطاعته إياه الأجر ، وبترك طاعتهم العذاب ، قال: فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا يعذبكم عذاباً أليماً، من هم الذين خوطبوا في عهد النبي أحياء خوطبوا بذلك لما تخلفوا عنه ، وبقي منهم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، فأوجب لهم بطاعتهم للخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي الأجر ، وبترك طاعتهم العذاب الأليم إيذاناً من الله تعالى بخلافتهم استنباط على أنهم مخلوفون ولا جعل في قلوبنا غلاً لأحد منهم ، فإذا ثبت خلافة واحد منهم انتظم منها خلافة .

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد