شعار الموقع

اعتقاد أهل السنة للإسماعيلي (7) من قوله: "ويرون صلاة الجمعة وغيرها" – إلى قوله: "ضاراً بغير إذن الله"

00:00
00:00
تحميل
106

المتن:

قال المصنف عليه رحمة الله تعالى: في اعتقاد أهل السنة والجماعة ويرون صلاة الجمعة وغيرها خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً ، فإن الله فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً مع علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق ولم يستثن وقتاً دون وقت  ولا أمر بالنداء للجمعة دون أمر .

الشرح:

ويرون يعني أهل السنة والجماعة الصلاة صلاة الجمعة وغيرها خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً فإن الله تعالى فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً مع علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق ولم يستثن وقتاً دون وقت ولا أمراً بالنداء للجمعة دون أمر .

هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن الصلاة تصح خلف كل إمام براً كان أو فاجراً كل إمام من أئمة المسلمين ، والمراد بالإمام ولي الأمر ، الإمام ولي الأمر كل إمام من أئمة المسلمين ، وهو الملك أو رئيس الدولة إذا كان مسلماً تصح الصلاة خلفه حتى ولو كان فاجراً ولو كان فاسقاً ، ولا يترك الصلاة خلف الأئمة إلا أهل البدع ، وذلك لأن ترك الصلاة خلفهم يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والنزاع ، فأهل السنة والجماعة يرون الصلاة خلف كل بر وفاجر ، خلف كل إمام بر كان أو فاجر إذا كان مسلماً.
المؤلف قال: فإن الله فرض الجمعة وأمر بإتيانها ، الجمعة وغيرها الجمعة والعيدين والصلاة لكن الغالب أن الأئمة يتولون الجمعة والعيدين، كانوا في العصور السابقة الذي يتولى خطبة الجمعة والصلاة صلاة الجمعة وصلاة العيدين هو ولي الأمر وهو الإمام  ، فكانوا الناس يصلون خلفهم وهذا فيه جمع للكلمة فيه هيبة وفيه قوة للمسلمين وهيبة للعدو ، فإذا تخلف بعض الناس صار فيه فرقة ، المؤلف ذكر فقال : فإن الله فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً مع علمه تعالى بأن القائمين يعني الأئمة يكون منهم الفاجر والفاسق ، فلم يستثن وقتاً دون وقت ما قال في وقت كذا تصلى الجمعة وفي وقت كذا تتغير الأمور ويأتي أئمة لا يصلى خلفهم  ولا أمر  بنداء الجمعة دون أمر، ما قال الجمعة في وقت دون وقت ولم يزل الصحابة والتابعون يصلون خلف الأئمة و خلف الأمراء ولو كانوا فساقاً ويصلون وهم يعلمون فجورهم كما صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف كان فاسقاً ظالماً مسرف في القتل ، وكذلك صلى عبد الله بن مسعود خلف الوليد بن عقبة ابن أبي معيط أمير الكوفة وكان يشرب الخمر وصلوا خلفه ، صلى بهم وهو سكران وهم لم يعلموا أنه سكران صلى بهم الفجر أربعاً ثم التفت إليهم فقال : هل تريدون أن أزيدكم ، فقال بعض الصحابة : ما زلنا معكم منذ اليوم في زيادة ، ثم أعادوا الصلاة ورفعوا أمره إلى الخليفة عثمان فأقيم عليه الحد ، ذكر شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله قال : وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلون خلف من يعرفون فجوره كما صلى عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة خلف الوليد بن عقبة ابن أبي معيط قد كان يشرب الخمر صلى مرة أصبح أربعاً وجلده عثمان بن عفان على ذلك ، وكان عبد الله بن عمر وغيره يصلون خلف الحجاج بن يوسف ، وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف ابن أبي عبيد ، وكان متهماً بالإلحاد ، وداعياً إلى الضلال ، وترك الصلاة خلف الأئمة من شعار أهل البدع ، كالخوارج والمعتزلة والرافضة لأن الخوارج لا يرون الصلاة خلف الإمام الفاسق ، لأنهم يرون إنه إذا فعل كبيرة كفر وجب قتله وإخراجه من الإمامة وكذلك المعتزلة يرون أنه إذا فعل كبيرة خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر فلا يكون إماماً وكذلك الرافضة لا يرون الصلاة إلا خلف الإمام المعصوم وهم الأئمة الاثني عشرية كما سبق فتبين بهذا هذا أن ترك الصلاة خلف الأئمة من شعار أهل البدع.

أما أهل السنة يصلون خلف الإمام فاسقاً أو عدلاً براً أو فاجراً ،لأن هذا فيه قوة للمسلمين وهيبة لهم وفيه جمع للكلمة أمام الأعداء وأما الفجور ففجوره على نفسه وهو مسلم وصلاته صحيحة ، ومن صحت صلاته صحت إمامته ، وأما غير الإمام غير إمام المسلمين إذا كان فاسقاً فهل يصلى خلفه ؟ فهذا فيه تفصيل، إن كان يترتب على ترك الصلاة خلفه مفسدة فيصلى خلفه ، كما إذا لم يصل خلفه يقول بعض أهل العلم ينشق الناس فيكونون حزبين منهم من يكون معه ومنهم من لا يكون معه فيحصل خلاف و الفرقة ، ففي هذه الحالة يصلى خلفه ، أما إذا كان لا يحصل مفسدة والبلد فيه عدد من المساجد بعض هؤلاء الأئمة فساق وبعضها عدل فهنا تصلي خلف العدل ، ولا تصل خلف الفاسق ما دام ما يترتب عليه مفسدة ، وإذا صلى الإنسان خلف الفاسق وهو يجد عدلاً ولم يترتب عليه مفسدة فاختلف العلماء في صحة الصلاة ، فمنهم من قال لا تصح الصلاة في هذه الحالة ، ومنهم من قال تصح وتعاد ، قالوا لأنك إذا صليت خلفه هذا دليل على إقرارك للمنكر عليه ، والواجب الإنكار عليه والواجب إنكار فسقه وإذا صليت خلفه ، فهذا دليل على الإقرار وعدم الإنكار ، فأقل شيء تنكر عليه أقل الإنكار ألا تصلي خلفه وتهجره ، والقول الثاني أن الصلاة خلفه صحيحة ، ولكن الصلاة خلف العدل أولى ، وهذا هو الصواب أن الصلاة خلفه صحيحة لكن الصلاة خلف العدل أولى ، هذا إذا لم يترتب مفسدة ، أما إذا ترتب مفسدة فيصلى خلفه ، ولا يترك الصلاة خلفه إلا أهل البدع ، وكذلك إذا لم تجد غيره ، إذا لم تجد في البلد إلا مسجد إمامه فاسق مؤمن فاسق ما في البلد إلا جمعة واحدة،  فهل تصلي خلفه أو تصلي في البيت ، أو صلاة العيد ما فيه إلا مصلى عيد واحد إما تصلي خلفه أو تصل في البيت ، في هذه الحالة تصلي خلفه ولا تصل في البيت وترك الصلاة خلفه من شعار أهل البدع في هذه الحالة ، فتبين بهذا أنه يصلى خلف الإمام الفاسق إذا كان إماماً للمسلمين ، وإذا كان إماماً لا يوجد غيره ، وإذا كان يترتب على ترك الصلاة خلفه مفسدة ، بقي إذا  وجدت إماماً غيره وليس إماماً للمسلمين ولا يترتب مفسدة هل يصلى خلفه ؟ من العلماء من قال: لا تصح الصلاة ومن العلماء من قال : تصح وتعاد ، ومنهم من قال : تصح مع الكراهة وهذا هو الصواب أنها تصح ولا تعاد ، لأنه مسلم وكل من صحت صلاته صحت إمامته ، لكن يجب ترك الصلاة خلفه ولا ينبغي أن يرتب إماماً للمسلمين ، إذا أمكن إبعاده يبعد ،  يرفع به إذا أمكن حتى يبعد ويولى الإمامة من هو عدل ، مستور الحال يصلى خلفه ، الأئمة أقسام منهم مستور الحال ، مستور الحال الذي لا يعلم فسقه يصلى معه ، والإمام العدل يصلى خلفه ، والإمام الكافر لا تصح الصلاة خلفه بإجماع ، إذا كان كافر ، كيف يكون كافر وهو إمام ؟ يكون يفعل الشرك يدعو غير الله أو يذبح لغير الله أو ينذر لغير الله أو يعتقد اعتقاد كفري ناقض من نواقض الإسلام هذا لا تصح الصلاة خلفه بالاتفاق ، ومن صلى خلفه فإنه يعيد ولو بعد سنين طويلة ، هذا الإمام الكافر ، الإمام الثاني الإمام مستور الحال هذا يصلى خلفه بالاتفاق لا يدرى عنه لا يعلم منه بدعة ولا فجور ، الإمام الثالث الإمام الفاسق غير ظاهر الفسق أو المبتدع الذي لا تظهر بدعته يصلى خلفه ، الإمام الرابع الإمام المبتدع الذي يدعو إلى بدعته أو الإمام الفاسق الذي ظاهر فسقه هذا فيه تفصيل ، إن كان يترتب على ترك الصلاة خلفه مفسدة يصلى خلفه ، وإن كان لا يترتب فإن لم يوجد غيره يصلى خلفه ، فإن وجد غيره ولا يترتب  فلا يصلى خلفه ، وإذا صلى خلفه في هذه الحالة ففي صحة الصلاة خلاف بين أهل العلم منهم من قال تصح ومنهم من قال لا تصح ومنهم من قال تصح مع الكراهة والصواب الصحة ، لكن لا ينبغي أن لا يصلى خلفه لأنه ينبغي الإنكار عليه وهجره حتى يتوب .

المتن:

قال رحمه الله تعالى: ويرون جهاد الكفار معهم وإن كانوا جورة ، ويرون الدعاء لهم بالصلاح و العطف إلى العدل ، ولا يرون الخروج بالسيف عليهم ولا قتال الفتنة ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العادل إذا كانوا ووجد على شرطهم في ذلك .

الشرح:

يقول المؤلف : ويرون يعني أهل السنة والجماعة جهاد الكفار معهم وإن كانوا جورة معهم يعني مع الأئمة وولاة الأمور هذه عقيدة أهل السنة والجماعة يرون الجهاد مع الأئمة ولو كانوا جورة يعني ظلمة وكذلك الحج  ، ويرون الحج معهم يقيم الحج الإمام  ولو كان فاسقاً ولو كان جائراً ، لهذا يقول الطحاوي في عقيدته: (والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين برهم وفاجرهم إلى قيام الساعة ، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما) وقال الشارح : لأن الحج والجهاد فرضان يتعلقان بالسفر فلا بد من سائس يسوس فيهما ويقاوم العدو وهذا المعنى كما يحصل بالإمام البر يحصل بالإمام الفاجر الجهاد والحج يتعلقان بالسفر لابد لهما من سائس يسوس وقائد وهذا يحصل بالإمام البر والإمام الفاجر وفجوره على نفسه ، يجاهد المسلمون معه ولو كان فاجراً ويقيمون الحج معه ولو كان فاجراً فجوره على نفسه ، وهذا فيه مصلحة ، مصلحة الجهاد، جهاد الأعداء فجوره على نفسه وهذا هو الصواب ، خلافاً لأهل البدع الخوارج والمعتزلة والرافضة ، فإن الخوارج لا يرون الجهاد مع ولي الأمر الفاسق الجائر يرون أنه كافر ، ويجب قتله وخلعه وإزالته من الإمامة ، والمعتزلة يرونه خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر فلا يصح الجهاد معه ولا الحج معه ، والرافضة كذلك يرون أنه لا يقوم الجهاد إلا مع الإمام المعصوم والمهدي المنتظر إذا خرج من السرداب ونادى منادٍ من السماء أن اتبعوه هناك  الجهاد وإلا الآن ما فيه جهاد ، فتبين بهذا أن أهل السنة وهم أهل الحق هم الذين يرون الجهاد والحج مع ولي الأمر ولو كان فاجراً ، خلافاً للخوارج والمعتزلة والرافضة ، قال المؤلف رحمه الله : ويرون الدعاء لهم بالإصلاح ، والعطف إلى العدل : يعني أهل السنة يرون الدعاء لولاة الأمر بالصلاح والمعافاة والعطف إلى العدل ، يدعون لهم بالصلاح و أن الله يوفقهم إلى العدل بين الرعية ، قال المؤلف : ولا يرون الخروج بالسيف عليهم ، لا يرون الخروج بالسيف عليهم على من ؟ على الأئمة  وولاة الأمور ولو كانوا فجاراً فساقاً ظلمة لماذا ؟ أليس إنكار المنكر واجب ؟ إذا كانوا يفعلون المنكر ، فهل ينكر عليهم بالخروج عليهم ؟ لا ، لأن من شرط إنكار المنكر ألا يترتب عليه منكر أشد ، والخروج على ولاة الأمور يترتب عليه منكر أشد وأعظم ، لأنه يترتب على ذلك إراقة الدماء وانقسام المسلمين إلى حزبين حزب مع الإمام وحزب مع من يقاتله ، واختلال الأمن واختلال أحوال المسلمين الاقتصادية والزراعية والتعليمية والعسكرية والاجتماعية تختل الأمور ، وتختلط الأمور وتختلف الكلمة ويتدخل الأعداء وكل هذه من المفاسد ، وتحصل الحروب الطاحنة التي تأتي على الأخضر واليابس ، كل هذه مفاسد تترتب على الخروج على ولي الأمر بالسيف وقتاله.

أما المفسدة الثانية وهي فجوره وظلمه فهذا مفسدة صغرى فجوره على نفسه وأهل العلم يبذلون النصيحة، فإن قبله فالحمد لله وإن لم يقبله فقد أدوا ما عليهم وانتهى الأمر مفسدة صغرى ، لكن الخروج تترتب عليه مفاسد عظيمة ، الله علق بولاة الأمور مصالح عظيمة ، استتباب الأمن وإقامة الحدود ورد المظالم ، وغير ذلك من المصالح أما فجور ولي الأمر وفسقه فهو على نفسه شيء خاص به ، والنصيحة مبذولة من قبل العلماء فإن قبل فالحمد لله وإن لم يقبلوا فقد أدوا ما عليهم ، أما الخروج لا ، ولا يجوز الخروج ولا تأليب الناس عليهم ولا ذكر مثالبهم في المنابر وعيوبهم كل هذا من شعار أهل البدع ولما ذكر الثوار الذين ثاروا على عثمان أوجدوا له مثالب وعيوب وصاروا ينشرونها بين الناس اجتمع الثوار وقتلوه بسبب المثالب وهي ليست مثالب نقموا على عثمان تجمع سفهاء وفساق من الكوفة والبصرة ومصر وجاؤوا إلى المدينة وأشاعوا عن عثمان ، وقالوا أنه فعل أشياء وأنه خالف الشيخين قبله أبو بكر وعمر خفض صوته في التكبير وأخذ الزكاة على الخيل وأتم الصلاة في السفر  وفعل ،وفعل وجعلوا ينشرون هذه ويجعلونها معايب ونشروها بين الناس حتى تألبوا عليه واجتمعوا عليه وقتلوه ، وحصل فتن وشرور، ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور ولا تأليب الناس عليهم ، ولا ذكر مثالبهم وعيوبهم ، وإنما يدعى لهم بالصلاح والمعافاة ، وتكون النصيحة سرية  من أهل العلم سراً في الوقت المناسب والكلام المناسب.

أما الخروج على ولاة الأمور هذا يترتب عليه الفتن والشرور والحروب الطاحنة ، واختلال الأمن وانقسام الناس وتدخل الأعداء ، واختلال الكلمة ، وكون الناس شيعاً وأحزاباً مفاسد عظيمة ، أما فسق ولي الأمر وجوره فهذا مفسدة صغرى ترتكب لدفع المفسدة الكبرى ، وهذه قاعدة عند أهل العلم إذا اجتمع مفسدتان كبرى وصغرى لا يمكن تركهما نرتكب المفسدة الصغرى لدرء المفسدة الكبرى ، وإذا اجتمع مصلحتان كبرى وصغرى ولا يمكن فعلهما نفعل المصلحة الكبرى ونفوت المصلحة الصغرى ، ولهذا قال المؤلف : ولا يرون الخروج عليهم بالسيف خلافاً للخوارج يرون الخروج على ولي الأمر بالسيف إذا فسق ويقتلونه ، وكذلك المعتزلة يرون الخروج على ولي الأمر كذلك بالسيف لأنه خرج من الإيمان وكذلك الرافضة يرون الخروج عليه لا يرون الإمامة إلا للإمام المعصوم ، فأهل السنة انفصلوا عن أهل البدع ، عن الخوارج والمعتزلة والرافضة ، قال المؤلف رحمه الله : ولا  القتال في الفتنة ، لا يرون القتال في الفتنة ، في الفتن التي في الحروب التي لا يتبين فيها الأمر لا يعرف فيها المحق من المبطل ، مثل ما جاء في الحديث: أنه يأتي في آخر الزمان فتن وحروب وقتال لا يدري القاتل فيما قتل ولا يدري المقتول فيما قتل، يتقاتلون كل ما يدري ما السبب ، المقتول لا يدري لما قُتل والقاتل لا يدري لماذا قتل ، هذا القتال في الفتنة ، لا يرون القتال في الفتنة ، بل يمسك الإنسان عن القتال ويلزم بيته ولا يشارك في إراقة الدماء ولا يشارك في القتل، وجاء في الأحاديث النهي عن الاشتراك في القتال في الفتنة وأن الإنسان إذا رأى القتال في الفتنة ، إن كان ماشياً  فإن عليه أن يقف ، وإن كان واقفاً عليه أن يقعد وإن كان واقفاً عليه أن يقعد ويكسر جفون سيفه ، حتى لا يشارك في إراقة الدماء هذا في قتال الفتن، الأحاديث يقول النبي فيها: القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي، يعني في القتال الفتنة التي ما تبين الصواب فيها و لا تبين الحق لا تشارك ، عليك أن تعتزل ولهذا اعتزل جماعة من الصحابة علياً ومعاوية في قتال أهل العراق وأهل الشام ، منهم ابن عمر ، وأسامة بن زيد وسلمة بن الأكوع ، سلمة بن الأكوع ذهب إلى البادية وتزوج وقال : إن  النبي أذن لي في البدو وترك الفريقين وابن عمر كذلك ، لأنه لم يتبين لهم الصواب ومن هو المحق هل هو علي أم معاوية فاعتزلوا الفريقين وأرجؤوا أمرهم إلى الله ولهذا سماهم بعض الناس مرجئة الصحابة ، وأما جمهور الصحابة فتبين لهم أن الحق مع علي ، لأنه الخليفة الراشد ولأنه الذي بايعه أهل الحل والعقد، و أن أهل الشام هم الفئة الباغية ولكن لا يدرون أنهم بغاة ، يظنون أنهم على الحق واستدلوا بقول النبي ﷺ: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فعلي هو الخليفة هو الخليفة الراشد وأهل الشام بغاة ، يجب عليهم أن يبايعوه ، لكن علي ومعاوية لا يدرون أنهم بغاة يقولون أنهم يطالبون بدم عثمان ووليه فعلي ومن معه مجتهدون لهم أجر الصواب ولهم أجر الاجتهاد ، ومعاوية ومن معه مجتهدون لهم أجر الاجتهاد وفاتهم أجر الصواب.

والدليل على أن علي هو المصيب قول النبي ﷺ لعمار: تقتله الفئة الباغية، قتله جيش معاوية، والدليل على أن كل منهم مجتهد وكلهم مسلمون ولم يخرجوا عن دائرة الإسلام ، كما يقولون الخوارج والمعتزلة أن النبي ﷺ قال للحسن بن علي: إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، فأصلح الله به بين فئة أهل الشام وأهل العراق ، لما قتل والده علي وبويع الحسن مضى ستة أشهر تنازل عن الخلافة لمعاوية بشروط حتى تحقن الدماء، تحققت فيه نبوة النبي ﷺ، قوله: إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

والمقصود أن القتال في الفتنة التي لا يتبين فيها المحق من  المصيب هي التي جاءت فيها الأحاديث ، على الإنسان أن يمسك ، و أن يكسر جفون سيفه و ألا يشارك وأن الفتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ولهذا قال المؤلف : ولا يرون القتال في الفتنة يعني  أهل السنة والجماعة ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العدل ، الفئة الباغية الذين خرجوا على الإمام ، يخرجون على الإمام وينقمون عليه ينكرون عليه يخرجون على الإمام هؤلاء يرسل إليهم الإمام من يكشف شبهتهم ويبين لهم ويجيب على أسئلتهم فإن قبلوا فالحمد لله وإن يقبلوا قاتلهم ، والمسلمون يقاتلون معه الفئة الباغية لأن هذه الفئة تشق عصا الطاعة وتريد أن تفرق المسلمين ، وهم غير الخوارج ، وكذلك الخوارج من باب أولى يقاتلون ، إذا خرج الخوارج  على الإمام يقاتلون ، يقاتلهم الإمام ويقاتلونهم المسلمون، وكذلك البغاة ، والبغاة غير الخوارج ، والبغاة  قوم لهم شبهة خرجوا على الإمام ، يريدون منه أشياء إما أن ينكروا عليه بعض الأشياء أو يطلبون منه أشياء ، فهؤلاء تكشف الشبهة يرسل لهم من يكشف شبهتهم فإن قبلوا فالحمد لله ، وإن أصروا على الخروج قوتلوا ، ويقاتلون المسلمون معه ، لأنهم بغاة أرادوا أن يشقوا عصا الطاعة ويفرقوا بين المسلمين ويفرقوا كلمة المسلمين ، ولهذا قال المؤلف : ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العدل إذا كان وجد ، على شرطه  الطحاوي  بين أن الخروج على ولاة الأمور فيه مفاسد ، قال :وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج على طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم ، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا ، والجزاء من جنس العمل فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل ، فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم  فليتركوا الظلم )  هذا كلام شارح الطحاوية .

المتن:

قال رحمه الله تعالى: ويرون الدار دار الإسلام لا دار الكفر ، كما رأته المعتزلة ما دام النداء بالصلاة والإقامة ظاهرين وأهلها ممكنين منها آمنين.

الشرح:

 ويقول المؤلف ويرون يعني أهل السنة والجماعة أن الدار دار إسلام لا دار كفر يعني الدار التي يحكم فيها الإمام ، ولو كان جائراً ظالماً فاسقاً يرون الدار دار إسلام لا دار كفر والبلاد بلاد مسلمين ، خلافاً للمعتزلة فالمعتزلة يرون أنه إذا كان ولي الأمر جائراً ظالماً أو فاسقاً فالبلاد غير بلاد مسلمين  فالدار غير دار الإسلام ، دار كفر لأنهم يرون أن الإمام الفاجر أو الجائر خرج من دائرة الإيمان ، وكذلك الخوارج يرون أن الدار دار كفر لأنهم يرون وجوب خلعه وقتله وكذلك الرافضة ما يرون أن الدار دار إسلام ولا يرون أن المسلمين مسلمين ما فيه إسلام إلا بالإمام المعصوم عندهم الذي دخل سرداب سامراء في العراق سنة 260ولم يخرج إلى الآن، إذا خرج ونادى منادٍ من السماء صارت الدار دار إسلام وصار الإمام هو المعصوم ، فأهل السنة انفصلوا عن الرافضة والخوارج والمعتزلة فيرون الدار دار إسلام لا دار كفر، ولو كان الإمام عنده جور وفسق خلافاً للمعتزلة ، قال المؤلف : ما دام النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرين وأهلها ممكنين منها آمنين ، يعني : ما دام فيه أذان وصلاة والناس يتمكنون من إقامة الصلاة وإقامة الأذان آمنون فالدار دار إسلام ولو كان الإمام عنده بعض الفسق وبعض الجور قال الشوكاني في السيل الجرار :" الاعتبار بظهور الكلمة فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهروا بكفره، إلا لا لكونه مأذوناً له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام  ، ولا يضر ظهور الخصال الكفرية فيها لأنها لم تظهر بقوة الكفار ولا بصولتهم ، إذا كان الأمر بالعكس فالدار بالعكس هكذا يرى الشوكاني "يرى الشوكاني هل الدار دار إسلام أو دار كفر يقول : العبرة بظهور الكلمة إذا كانت الكلمة ظاهرة للمسلمين فهي دار إسلام ، وإذا كانت الكلمة غير ظاهرة لأهل الإسلام فهي دار كفر .

المتن:

قال رحمه الله تعالى: ويرون أن أحدا لا تخلص له الجنة وإن عمل أي عمل إلا بفضل الله ورحمته التي يخص بهما من يشاء فإن عمله للخير وتناوله الطاعات إنما كان عن فضل الله الذي لو لم يتفضل به عليه لم يكن لأحد على الله حجة ولا عتب ( يعني عتاب ) كما  قال الله تعالى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء، وقال: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً، وقال: يختص برحمته من يشاء.

الشرح:

يقول المؤلف رحمه الله : ويرون يعني أهل السنة والجماعة أن أحداً لا تخلص له الجنة وإن عمل أي عمل إلا بفضل الله ورحمته التي يخص بها من يشاء ، فإن عمله للخير وتناوله الطاعات إنما كان عن فضل الله الذي لو لم يتفضل به عليه لم يكن لأحد على الله حجة ولا عتب : يعني يقول : إن أهل السنة يرون أن الإنسان لا يخل الجنة بعمله ، وإنما يدخلها برحمة الله حتى ولو عمل أي عمل ، ولو كان عمل الليل والنهار ، فدخوله الجنة برحمة الله لا بعمله يقول المؤلف : إلا بفضل الله ورحمته ، يرون أن أحداً لا تخلص له الجنة بعمله ، إلا بفضل الله ورحمته التي يخص بها من يشاء ، قال المؤلف : فإن عمله للخير وتناوله للطاعات إنما كان عن فضل الله هو الذي من عليه ، إنما كان عن فضل الله الذي لو لم يتفضل به عليه لم يكن لأحد على الله حجة ولا عتب ولا عتاب ، ثم استدل بقوله تعالى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحدٍ أبداً ولكن الله يزكي من يشاء، لولا فضل الله ورحمته ما حصلت  لك تزكية بالعمل الصالح ، وقال سبحانه: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً ، إذاً الله هو الذي من عليك بالعمل الصالح لولا فضل الله لحصل اتباع للشيطان ، وقال سبحانه: يختص برحمته من يشاء، يختص برحمته من يشاء بفضله وإحسانه ، يخص بها المؤمنين الرحمة الخاصة ، ويخذل الكافرين عدلاً منه وحكمة ، إذاً دخول الجنة ، المؤمنون يدخلون الجنة ، المؤمنون كلهم في الجنة ، لكن يدخلون الجنة بأي شيء برحمة الله ، لا بالعمل لكن العمل سبب ،سبب للرحمة فمن جاء بالعمل وهو السبب نالته الرحمة فدخل الجنة ، ومن لم يأت بالعمل لم تنله الرحمة ولم يدخل الجنة ، فدخول الحنة برحمة الله والعمل سبب وبالأعمال يتقاسم المؤمنون الدرجات في الجنة ، الدرجات عالية ، يتقاسمون الدرجات بأي شيء بأعمالهم ، والدخول برحمة الله ، دخولهم الجنة بالعمل والعمل سبب وتقاسم الدرجات بالأعمال ، حتى النبي ﷺ يدخل الجنة برحمة الله قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ، وكان الأولى بالمؤلف أن يأتي بالحديث قال عليه الصلاة والسلام: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل، هذا الحديث نصف الموضوع ، ينبغي للمؤلف أن يأتي به لكن ما أتى به ، والدليل على أن الأعمال سبب قوله تعالى: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون الباء سببية بسبب ، وقد غلط في الجمع بين النصوص المعتزلة وغلط في ذلك الأشاعرة ، فالمعتزلة يقولون إن العمل ثمن للجنة وعوض عن الجنة ، ويجب على الله أن يثيب المطيع ويستحق الثواب على الله كما يستحق الأجير أجرته فغلطوا فقالوا: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، عكسوا وقالوا : الباء عوض عن أعمالكم ، وفسروا قالوا: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله، هذا الحديث لا يناسب المعتزلة ، لهذا أغمضوا أعينهم عنه، وأخذوا بقوله: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون.

وأما الجبرية فأنكروا الأسباب قالوا : العمل ليس سبب، فالله تعالى يدخل الجنة بمشيئته بمجرد المشيئة والإرادة من دون سبب ، واستدلوا بحديث: أن الله تعالى قبض قبضة وقال هؤلاء أهل الجنة ولا أبالي وقبض قبضة وقال هؤلاء أهل النار ولا أبالي، قالوا الأعمال ما هي بسبب الأعمال لا قيمة لها مجرد اقتران فقط وإلا فدخول الجنة بالمشيئة الإلهية لأنه تكون الأسباب والطبائع والغرائز عكس المعتزلة ، المعتزلة قالوا : بل دخول الجنة بالعمل العمل عوض وسبب وثمن لدخول الجنة ويجب على الله أن يثيبه هذا عمله لا بد أن يأخذ العوض هكذا يقولون ، وأهل السنة فصلوا ، قالوا :دخول الجنة برحمة الله لا بالعمل لكن العمل سبب ، فمن جاء بالسبب نالته الرحمة ، ومن لم يأت بالسبب لم تنله الرحمة ، فدخول الحنة برحمة الله والعمل سبب وبه يتقاسم الناس الدرجات ، فالسابقون المقربون في الدرجات العليا ، والمقتصدون أقرب منهم ، والظالمون لأنفسهم الذين قد يعذبون في النار يكونون أقل منهم وهكذا ، والباء في الحديث: لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، باء العوض أي لا يدخل أحدكم الجنة عوض عن عمله ، والباء التي في الإثبات  في قوله: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، الباء السببية هذا هو الصواب الذي دلت عليه النصوص وأقره أهل الحق أهل السنة والجماعة .

المتن:

قال رحمه الله: ويقولون : إن الله أجل لكل حي مخلوق أجل هو بالغه: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وإن مات أو قتل فهو عند انتهاء أجله المسمى له كما قال : لو كنتم في بيوتكم برز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم.

الشرح:

قال المؤلف : ويقولون يعني أهل السنة والجماعة : إن الله أجل لكل حي مخلوق أجل هو بالغه ، يعني كل إنسان قدر أجله واستدل بالآية: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، إذاً كل إنسان له أجل لا يتقدم ولا يتأخر ، قال المؤلف : وإن مات أو قتل فهو عند انتهاء أجله المسمى له ، كل من مات انتهى أجلة تمت المدة التي كتبها الله له وتوفى عمله سواء كان مات على فراشه ، أو مات بالقتل أو مات بالغرق أو بغير ذلك ، كل من مات فقد مات بأجله الذي قدره الله استدل المؤلف بقوله تعالى: قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، لما قال المنافقون الذين تخلفوا عن النبي في غزوة أحد: الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا، قال المنافقون للذين خرجوا مع النبي ﷺ ذهبوا إلى أحد وقتلوا هناك: لو أطاعونا وبقوا في المدينة ما قتلوا ، نحن الآن سلمنا وهؤلاء خرجوا من المدينة إلى أحد فقتلوا ولو أطاعونا حينما نصحناهم وقلنا لهم لا تخرجوا لما قتلوا.

رد الله عليهم قال الله تعالى: قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، الموت محدد لا يتقدم ولا يتأخر ، وما تدري نفس بأي أرض تموت ، أنتم لو كنتم في بيوتكم وقد كتب الله لكم أن تموتوا في أرض معينة لا بد أن تبرزوا وتخرجوا إلى المكان الذي تموتون فيه، قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، في الآية الأخرى يقول الله تعالى: أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، هذه المسألة وهي التي قررها المؤلف وهي أن الله تعالى أجل لكل حي مخلوق أجلاً هذه المسألة مسألة دلت عليها النصوص الواضحة أن لكل إنسان أجل وكل من مات ، مات بأجله ويدل على ذلك أن الله تعالى كتب كل شيء في اللوح المحفوظ ، الآجال والأرزاق والحياة والموت والعز والذل والسعادة والشقاوة ، والعجز والكيس والرطب واليابس كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ ، كله مكتوب وكذلك كتب الإنسان حينما يكون في بطن أمه إذا مضى عليه أربعة أشهر أربعين ثم أربعين ثم أربعين ، في حديث عبد الله بن مسعود: يرسل إيه ملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتب رزقه وأجله وعمله  وشقي أو سعيد، يكتب الرزق والأجل ماذا يكون أجله ؟ هل يموت صغيراً في بطن أمه أو يموت بعد الولادة طفلاً أو يموت  صبياً أو يموت شاباً ، أو يموت كهلا ، أو يموت شيخاً يموت بأي شيء ، يموت بالغرق أو بالحرق ، أو بحادث أو على فراشه ، أو فجأة  كل هذا مكتوب ، مكتوب الأجل قال تعالى: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، وسواء أن مات أو قتل فهو عند انتهاء أجله انتهت المدة التي كتبها الله ، خلاف المعتزلة ،المعتزلة قائلين بأن من قتل مات قبل أجله ، ولو لم يقتل لعاش وقالوا إن له أجلان أجل لو لم يقتل وأجل لو قتل هذا باطل ، قال الله تعالى رداً عليهم: ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون، فهذه المسألة بين المؤلف فيها عقيدة أهل السنة والجماعة وأراد الرد على المعتزلة القائلين بأن من قتل فقد مات بغير أجله وهذا باطل فمن مات ، مات بأجله سواء بالقتل أو بغيره أو بأي سبب ، تعددت الأسباب والموت واحد والأجل مكتوب والرزق والأجل قرينان مادام الأجل باقياً فالرزق باقٍ .

المتن:

قال رحمه الله تعالى: وإن الله تعالى يرزق كل حي مخلوق رزق الغذاء الذي به قوام الحياة وهو يضمنه الله لمن أبقاه من خلقه وهو الذي رزقه من حلال أو من حرام وكذلك رزق الزينة الفاضلة عما يحيا به .

الشرح:

يقول المؤلف رحمه الله : يعتقد أهل السنة إن الله تعالى يرزق كل حي مخلوق رزق الغذاء ورزق الزينة ، رزق الغذاء الذي يقوم به البدن والحياة  ما يضمنه الله لمن أبقاه من خلقه ، ورزق الزينة ما زاد عن ذلك، فالله تعالى هو يرزق كل حي مخلوق رزق الغذاء وهو الذي يقوم به البدن بالأكل ، ورزق الزينة الزيادة ، الزيادة عن الحاجة من الفواكه وغيره ، الفواكه والحلويات والشيء الزائد عن الرزق الذي يقوم به الأود ، رزق الغذاء ما يقوم به أوده يعني أكل حبوب أو خبز هذا رزق الغذاء الذي يقوم به البدن هذا يرزقه الله ، ورزق الزينة ما زاد على ذلك ، زيادة في الأكل خضروات وفواكه حلويات ومشروبات هذا رزق الزينة الله تعالى يرزق هذا وهذا ، وسواء كان من حلال أو من حرام فالله هو الذي رزقه ، فبعض الناس يرزقه الله الحلال وبعض الناس يرزقه الله الحرام تعامل بالربا هذا قدر الله أن يكون رزقه من حرام ، من حلال أو من حرام ، خلافاً للمعتزلة القائلين : بأن الذي يأكل الحرام لم يرزقه الله الحرام يقولون : ليس من رزق الله ، وإنما رزق الله الحلال طيب من الذي قدر هذا ؟ هل من خالق غير الله يرزق ، وهذا من جهلهم وضلالهم والصواب أن الله تعالى يرزق كل حي حلالاً أو حراماً كله قدره الله ، والعبد هو الذي باشر وكسب واختار الرزق الحرام ، تعامل بالربا فرزقه الله رزقاً حراماً، أو السرقة أو الغش أو الخداع أو جحد ديون الناس كل هذا من الرزق الحرام نسأل الله السلامة والعافية والصواب أن الله تعالى هو الذي يرزق هذا وهذا المطيع والعاصي كما أن الله خلق هذا وهذا قدر لهذا رزقاً حلالاً ، وقدر لهذا رزقاً حراماً .

المتن:

ثم وقال : ويؤمنون بأن الله تعالى خلق شياطين توسوس للآدميين ويخدعونهم ويغرونهم ، وأن الشيطان يتخبط الإنسان .

الشرح:

قال: ويؤمنون يعني أهل السنة والجماعة بأن الله تعالى خلق الشياطين توسوس للآدميين ويخدعونهم ويغرونهم ، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله تعالى خلق الشياطين ، شياطين الإنس والجن ، والشيطان هو المتمرد من كل لصنف ، فالجن فيهم شياطين والإنس فيهم شياطين شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول وزوراً،  وكذلك الدواب فيها شياطين ، ولهذا قال النبي ﷺ: الكلب الأسود شيطان، الشيطان هو المتمرد ، فالجن من آمن منهم لا يسمى شيطان ، ومن كفر يسمى شيطان ، الشياطين هم الكفرة من الجن وكذلك المتمرد من الإنس يسمى شيطان ، والمتمرد من الحيوان يسمى شيطان ، قال النبي ﷺإذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة و لا يمرن أحداً من بين يديه فإن أراد أحداً أن يمر بين يديه فليدفع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان، يسمى شيطان لأنه متمرد أراد أن يمر بين يديه والكلب الأسود شيطان فالشيطان هو من خرج عن طوره المتمرد من الجن أو من الإنس أو من الدواب فالله تعالى خلق الشياطين توسوس للآدميين والمراد شياطين الجن هنا توسوس للآدميين وتخدعهم  وتغرهم ، أما شيطان الإنس فبالكلام يزين بالكلام ، وشيطان الجن يزين بالوسوسة والدليل على ذلك قول الله تعالى: من شر الوسواس الخناس ۝ الذي يوسوس في صدور الناس ۝ من الجنة والناس، قال عليه الصلاة والسلام: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ومن أنكر الجن والشياطين كفر لأنه مكذب لله ، قال الله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، وقال سبحانه: يا معشر الجن والإنس، وقال: تعالى: شياطين الإنس والجن، فمن أنكر الشياطين والإنس والجن فقد كفر لأنه مكذب لله ، مكذب للقرآن ، القرآن أخبر أن هناك شياطين للإنس والجن ، وأخبر أن الجن ثقل الجن أحد الثقلين ، وكذلك توسوس: من شر الوسواس الخناس ۝ الذي يوسوس في صدور الناس ۝ من الجنة والناس، فمن أنكر أن الشياطين توسوس فقد كفر لأنه مكذب لله ، لكن لا بد من إقامة الحجة عليه ، أخبر الله أن هناك من يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس فهم صنفان الذين يوسوسون من الجن والناس ، من الجن ، هذا يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وأما وسوسة الإنس في التزيين يزين له ويحثه على الباطل ويحثه على البدع ويزين له الباطل هذه وسوسة الإنس ، وأما الجن يوسوس في داخله في داخل جسمه، إن الشيطان يجري من ابن آدم  مجرى الدم، لا بد من الإيمان بأن الله تعالى خلق شياطين من الجن والإنس توسوس للآدميين ويخدعونهم ويغرونهم فمن أنكر ذلك فإنه يبين له الأدلة فإن أصر كفر،  لأنه مكذب لله قد أخبر الله عن الجن و أخبر الله عن الشياطين وأنها توسوس ، بنص القرآن أنها توسوس في صدور الناس من الجنة والناس .

المتن:

ثم قال رحمه الله : وأن الشيطان يتخبط الإنسان .

الشرح:

نعم وهذا أيضاً من عقيدة أهل السنة والجماعة ، أن الشيطان يتخبط الإنسان والدليل قول الله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، مصروع وهذا فيه بيان أن أكلة الربا يبعثون يوم القيامة مجانين صرعى ، يقومون يوم القيامة كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان المس الله أثبت أن الآدمي يتخبطه الشيطان ، وأنه يكون فيه مس خلافاً لم أنكر الصرع ، ودخول الجني الإنس من المعتزلة وأهل البدع ، أهل البدع والمعتزلة يقولون ما يمكن يدخل الجني في الإنسي ، وأنكروا الصرع والمس وقالوا هذه أمراض ، وهذه أشياء تتعلق بالدماغ و تتعلق بالأمزجة ، وليس هناك جني يدخل الإنسان ، هذا من ؟ هذا المعتزلة وأهل البدع ، وهذا باطل ، باطل بالنص والعقل ، وهم الآن اعتمدوا على عقولهم المعتزلة اعتمدوا على العقل ، لماذا لا يدخل الجني الإنس قالوا : عقلاً لا يمكن ، لا يمكن يدخل جسم في جسم وبدن في بدن هذا مستحيل ، اعتمدوا على عقولهم ، وأهل السنة يردون عليهم بالنص بالنقل والعقل أما النص فقول الله تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، إذاً أخبر أن الذين يأكلون الربا يقومون مثل المجانين مثل الذي يتخبطه الشيطان من المس ، إذا الله أثبت أن الآدمي يتخبطه الشيطان بسبب المس يكون فيه مس.

الدليل الثاني: قول النبي ﷺ: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم،  يجري من ابن آدم مجرى الدم، معناه أنه يدخل البدن ، والدليل الثاني قول الله تعالى: من شر الوسواس الخناس ۝ الذي يوسوس في صدور الناس ۝ من الجنة والناس فأخبر أنه يوسوس في صدور الناس ، وأما الدليل العقلي فلا مانع من دخول بدن في بدن ، الممنوع أن يكون بدن كثيف في بدن كثيف ، البدن الثقيل نعم لا يدخل في البدن الثقيل ، لكن البدن الخفيف اللطيف يدخل في البدن الثقيل ، مثل الماء هذا بدن خفيف لطيف يدخل في العروق ومثل الدم في العروق ومثل النار ، النار بدن خفيف تسري في الفحم ، فكذلك الجني روحه خفيفة تدخل في بدن الإنس لا مانع ، فهذا الرد العقلي عليهم نقول نعم مستحيل يدخل بدن في بدن نقول نعم هذا بدن كثيف ما يدخل في بدن كثيف ، البدن الخفيف اللطيف يمكن ، هذه أمثلة الآن النار الجسم الخفيف اللطيف تسري في الفحم والدم يسري في العروق لا مانع من ذلك ، فكذلك الجني لطيف روح ليس بدن كثيف فهو يدخل في بدن الإنس ، هذه أدلة عقلية ونقلية كلها للرد على المعتزلة وأهل البدع ، وتجدون في بعض القنوات الفضائية من ينكر هذا ، ويقول لا ، ما يمكن ، ما يمكن أن يدخل الجني في الإنسي ، يقول نحن نؤمن بوجود الجن لكن لا نؤمن بأنهم يدخلون في الإنس يقولون هذا باطل ، نؤمن بوجود الجن ولا نؤمن بدخوله الإنس وأيضاً يكذب هذا الواقع والمحسوس ، واقع ومحسوس والناس يشاهدون هذا ويعلمون أن الجني يتلبس بالإنسي ويصرعه ويتكلم على لسانه ، قد يكون هذا الإنسي هذا عامي ثم يتكلم الجني بلغة أجنبية ، ما يعرف اللغة هو ، كيف يتكلم ساعات ؟يتكلم بلغة غير لغته ، لأن الجني الذي تلبس به له لغة أخرى ، وهذا واضح ومحسوس ويدركه الناس ، وجاء ما يدل على هذا والعلماء أثبتوا هذا ، كان الشيخ الإسلام رحمه الله يقرأ على المصروع ويخرج ، وكذلك الإمام أحمد ، وكان إذا كان خفيف يرسل إليه نعله أو حذاءه أو عصاه فيخرج ، وقرأ مرة شيخ الإسلام رحمه الله على مصروع  فقال الجني : اخرج كرامة للشيخ ، قال : اخرج طاعة لله ، فخرج فهذا محسوس وواقع ، فالمعتزلة وكذلك معتزلة العصر تبعوا المعتزلة القدامى فأنكروا دخول الجني الإنس ، وهذا باطل شرعاً وعقلاً والأدلة كما سمعتم ، الشرعية والعقلية كلها تبطل هذا القول ، وكذلك الحس، الحس دخول الجني الإنس هذا واقع شرعاً وعقلاً وحساً ومشاهدة ، والناس يحسون بهذا و يشاهدونه.

المتن:

ثم قال رحمه الله : وأن في الدنيا سحراً وسحرة وأن السحر استعماله كفر من فاعله معتقداً له نافعاً ضاراً بغير إذن الله .

الشرح:

يقول المؤلف : أهل السنة يعني يعقدون أن في الدنيا سحراً وسحرة ، وأن السحر استعماله كفر من فاعله معتقداً له نافعا ضاراً بغير إذن الله الدنيا فيها سحر وسحرة ولا شك في هذا والدليل على هذا ، ما ذكر المؤلف دليل ما أتى إلا بسطر واحد لكن الدليل من القرآن واضح قال الله تعالى: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر، الله تعالى أخبر أن الشياطين يعلمون الناس السحر، إذا موجود السحر والله تعالى أخبر عن السحرة  في زمن موسى سحرة فرعون ، قال الله تعالى: سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم، بنص القرآن فمن أنكر السحر فقد كذب الله السحرة ، سحرة فرعون لما أرسل الله موسى إلى فرعون وأتى بالعصا جمع السحرة وطلب من موسى المواعدة يكون يوم قال: موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى، اجتمع الناس في صعيد واحد في صحراء مد البصر وفرعون جمع السحرة وكان السحر منتشر في زمانهم ووصل إلى حد كبير ، جمع السحرة من أهل مملكته: قالوا يأتوك بكل ساحر عليم، يعني عنده علم عنده معرفة وتمكن من السحر فاجتمع السحرة وبذلوا جهدهم حتى يحصلوا على الحظوة من فرعون  وعلى الجائزة من قالوا: أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين ( تعطينا أجر ) قال نعم وإنكم لمن المقربين، زيادة حظوة وجوائز وبذلوا جهودهم فلما اجتمع الناس في صعيد واحد أتوا بما عندهم في الوادي ، امتلأ الوادي حيات وعقارب ، أتوا بحبال وعصي وجعلوا فيها الزئبق وجعلوها تتلوى وسحروا أعين الناس فصار الناس يرون الوادي مد البصر كله حيات وعقارب مخيف حتى موسى مع جلالته أوجس في نفسه خيفة ، قال الله تعالى: فأوجس في نفسه خيفة موسى، عليه الصلاة والسلام  يعني منظر مخيف صحراء مد البصر كلها حيات وعقارب تتلوى وتتحرك وتنتقل فوق وتحت ، قال الله لموسى: لا تخف إنك أنت الأعلى، وألق ما في يمينك وهذه آية من آيات الله عصا جعلها الله لموسى ، إذا أخذها بيده صارت عصا وإذا وضعها صارت حية ، وإذا أخذها صارت يد فوضعها فصارت حية عظيمة فالتقمت جميع ما في الوادي : وألق ما بيمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر، إذاً السحر موجود فمن أنكر السحر فقد كفر لأنه مكذب لله ، خلافاً للمعتزلة الذين أنكروا السحر والسحرة وقالوا : لو أثبتنا السحر والسحرة  لكان في هذا إبطال لأدلة الرسل وحججهم وبراهينهم ولا نعرف الساحر من الرسول الساحر يأتي بخوارق والرسول يأتي بخوارق ما نعرف هذا من هذا ، فأنكروا السحر وهذا باطل والنصوص من كتاب الله وسنة رسوله كلها تدل على وجود السحر والسحرة ، والسحر نوعان له حقيقة وله خيال :

النوع الأول : له حقيقة وهو أنه يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزجه ، قد يموت الشخص إذا سحر يقتل وقد يمرض وقد يفرق بينه وبين زوجته وبينه وبين أحبته ، يعني يسحر فيكره الزوجة في زوجها حتى تراه في منظر قبيح ، ويكره الزوج  في زوجته حتى يراها في منظر قبيح فيفترقان وبالعكس قد يجمع بينهما ، يحبب المرأة إلى زوجها ويحبب الزوج إلى امرأته ، وهذا نوع من السحر يسمى التولة ، فيه سحر يحبب ويجمع ، وسحر يفرق ، وسحر يقتل وسحر يمرض فالسحر في اللغة : ما خفي ولطف سببه وسمي السحرة سحرة لأن أعمالهم خفية في آخر الليل ، وشرعاً : عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان فتمرض وتقتل ، وتفرق بين المرء وزوجه ، والسحر منه ما هو حقيقة قوله تعالى: ومن شر النفاثات في العقد، ولولا أن للسحر حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه ، ومنه ما هو سحر يؤثر في العيون فقط قال الله تعالى: يخيل إليه من سحرهم أنه تسعى، فالساحر يخيل يسحر عيونك حتى ترى الشيء على خير حقيقته ، يسحر المرأة فترى زوجها في أقبح صورة ، ويسحر الزوج فيرى زوجته في أقبح صورة أو يراه مرعب يخاف منه ، ما يريد أن يقابله هذا من السحر، وكذلك أيضاً يحبب المرأة إلى زوجها ويحبب الزوج إلى امرأته أو يفرق بينهما كل هذا من أنواع السحر . ومن الخيال سحرة فرعون قال: يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، وهي لا تسعى، وقد يخيل إليك الآن الساحر ويخيل إليك الآن أن الإبريق والفناجيل عندك يجعلها الساحر دجاج تسير أمامك وهي ليست دجاج ، ويخيل إليه أيضاً كما حصل من بعضهم أنه سحر أعين الناس وصار يخيل لهم أنه يدخل من فم البعير ويخرج من دبره ، ويدخل من دبره ويخرج من فمه ، وهو في الواقع حوله لكن العيون مسحورة  سحروا أعين الناس، يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن السحر خيال وليس له حقيقة والصواب أنه حقيقة وهو قسمان منه ما هو حقيقة ومنها ما هو خيال والدليل على أنه حقيقة: ومن شر النفاثات في العقد، وقول الله تعالى: فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، فيه أنه يضر إذا أذن الله ، والسحر لا يضر إلا إذا قدر الله ذلك لحكمة بالغة والساحر حكمه شرعاً القتل ضربة بالسيف من قبل ولاة الأمور ، ليس الناس يقيمون عليه الحد وإلا تكون المسألة فوضى ، لكن هذا يرفع إلى ولاة الأمور وإذا ثبت في المحكمة الشرعية عند الحاكم الشرعي أنه ساحر يحكم عليه بالقتل وينفذ من قبل ولاة الأمور في الحديث قال عليه الصلاة والسلام :  حد الساحر ضربة بالسيف، صح عن عمر أنه كتب إلى عماله "أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، قال فقتلنا ثلاثة سواحر (سحرة ) أصح ، وصح عن حفصة أم المؤمنين أنها أمرت بجارية لها أنها سحرتها فقتلت ، وصح عن جندب أنه قتل ساحراً ، كان يلعب عند الخليفة  ساحر يلعب عند الخليفة ويخيل للناس أنه يقطع الرأس ويعيده ويقطع الرأس ويعيده ، فجاء جندب فدخل بيته واشتمل على سيفه ، فلما جاء الساحر على عادته يلعب ويخيل للناس أنه يقطع الرأس ويعيده قام وقتله وقال : يعيد رأسه إن كان صادق ، هذا صحابي جليل ، لكن الخليفة غضب عليه وسجنه لكن هذا صحابي جليل ، ولأنه صحابي له مكانته ولكن ليس كل أحد من الصحابة ما يمكن أحد أن يجرأ على هذا والصحابة لهم منزلتهم ويقدرهم الخلفاء وغيرهم ولا يلحقهم من بعدهم  ، والصحابي هذا تصرف هذا التصرف وقتله رضي الله عنه ، لكن الإنسان ليس له أن يتصرف وليس له أن يقتل أحد ولا يفعل شيء من هذا وإنما يرفع إلى ولاة الأمر وينظر في المحكمة للحكم الشرعي فإذا ثبت فإنه يقام عليه الحد ، فالساحر حده القتل وهل يكفر الساحر أو لا يكفر ؟ قيل أنه لا يكفر، وقيل يكفر، والصواب أن الساحر إذا كان الساحر له صلة بالشياطين ويأخذ عن الشياطين فإنه يكفر لأنه لابد أن يقع في الشرك ، لا بد أن يقع في الشرك ، فهناك الساحر الذي يتصل بالشياطين هناك خدمة متبادلة ، خدمة بين الجني وبين الساحر، فالجني يطلب من الساحر أن يخدمه بالشركيات التي يتقرب إليه بها ، يدعوه من دون الله ، مثلاً يقدم له البخور المناسب له أو يذبح له من غير الله يقع في الشرك الساحر ، ثم يخدمه الجني ، يستجيب لمطالبه ، إذا أمره الجني أن يخرج من شخص يخرج حتى يأخذ مال أو أمره أن يلطم أحد لطمه أو أن يسرق أشياء ، أو يأتي له بطيب ، بعض السحرة يؤتى لهم بطيب ، يؤتى لهم بالأطياب يسرقها من أمكنة من  الهند ومن غيرها وهذا معروف ، يفقد أنواع من الطيب تأخذها الشياطين وهكذا.

فالمقصود أن الساحر الذي يتصل بالشياطين هذا كافر ، لا شك في هذا، ولكن هناك سحر لا يتعلق صاحبه بالشياطين وهو أن يكون الشخص يعمل أدوية و يزعم أنه يعالج الناس ولكن لا يتصل بالشياطين يعمل أدوية حتى يحصل على المال ، فيأتي لهذا يعالجه هذا يعطيه مثلاً  أصباغ هذا أحمر وهذا أصفر ، هذا يستعمله دهون وهذا يستعمله استنشاق وهذا يستعمله شرب وهكذا فيأخذ أموال الناس بالباطل فهذا سحر لا يتصل صاحبه بالشياطين والأئمة الثلاثة مالك وأحمد وأبو حنيفة ، يرون كفر الساحر وقال الشافعي مطلقاً للأحاديث: من سحر فقد أشرك  وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ، نصيب هذه أدلة تدل على كفر الساحر وذهب الإمام الشافعي إلى التفصيل وقال : إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر كفر ، وإن وصف ما لا يوجب الكفر فإن اعتقد أباحته كفر، وإن لم يعتقد إباحته فقد ارتكب محرماً وكبيرة " الشافعي يقول متى يكفر يقول : إذا كان في سحره كفر يكفر وإذا لم يكن في سحره كفر كالأدوية وأنواع من العلاج ليس فيها كفر ولا فيها اتصال بالشياطين فلا يكفر ، إذا ما كان في سحره كفر قلا يكفر ، إن كان في سحره كفر ،كفر ، إذا لم يكن فيه كفر وإن اعتقد إباحته كفر لأنه استحل أمراً معلوماً من الدين بالضرورة ، وإن لم يعتقد إباحته فقد ارتكب محرماً ، وعند النظر والتأمل ليس هناك خلاف بين الأئمة الثلاثة وبين الشافعي ، لأن كلاً من الشافعي والأئمة الثلاثة كلهم متفقون على أن الساحر الذي يتصل بالشياطين كافر ، وذلك أن السحر ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول _ سحر يتصل صاحبه بالشياطين وهذا كافر بالإجماع .

القسم الثاني _ سحر الأدوية والتدخينات وسقي أشياء لا تضر ولا يتصل صاحبه بالشياطين ، هذا إن كان يستحل هذا إيذاء الناس وأكل أموالهم بالباطل كفر ، لأنه مستحل لأمر  معلوم من الدين بالضرورة ، وإن كان لا يستحل ولكن غلبته نفسه وهواه والشيطان والطمع والجشع يأكل أموال الناس ويعلم أنه حرام فهذا مرتب كبيرة .

المؤلف يقول إن السحر استعماله  كفر وتعلمه وتعليمه كفر ، تعلم السحر وتعليمه كفر ، تعلمه وتعليمه كفر قال الله تعالى: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، يعني فلا تكفر بتعلم السحر وهذا دل على أن تعلمه وتعليمه كفر ، المؤلف يقول : كفر فاعله معتقداً أنه نافعاً ضاراً بغير إذن الله قال الله تعالى: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد