شعار الموقع

شرح الرسالة المهمة للإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود_1

00:00
00:00
تحميل
13

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

«من عبد العزيز بن محمد بن سعود»

إلى من يراه من العلماء، والقضاة، في الحرمين، والشام، ومصر، والعراق، وسائر علماء المشرق، والمغرب.

سلام علبكم ورحمة الله وبركاته:

أما بعد:

فإن الله عز وجل شأنه، وتعالى سلطانه لم يخلق الخلق عبثًا، ولا تركهم سدى وإنما خلقهم لعبادته، فأمرهم بطاعته وحذرهم مخالفته، وأخبرهم تعالى أن الجزاء واقع لا محالة، إما في ناره بعدله، أو في جنته بفضله ورحمته.

قد أخبر عز وجل بذلك في كل كتاب أنزله، وعلى لسان كل رسول أرسله، كما نطقت بذلك الآيات القرآنية، وأخبرتنا به الأحاديث النبوية.

قال تعالى: ]وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ[([1]).

وقال سبحانه: ]وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[([2]).

فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال، مختصة بجلاله وعظمته، فهي الغاية المحبوبة له والمرضية عنده، وبها أرسل جميع الرسل.

كما قال نوح لقومه: ]اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[([3]) وكذلك قال هود، وصالح، وشعيب، وغيرهم من الرسل كل قال لقومه: ]اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[([4]). وذلك أن الإله يطلق على كل معبود بحق أو بباطل. والإله الحق هو الله.

قال تعالى: ]فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ[([5]). وقال تعالى: ]وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[([6]). وقال تعالى: ]وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[([7]).

فصل

فنحن لما علمنا وفهمنا من كلام الله وسنة رسوله وكلام الأئمة الأعلام y كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد وغيرهم من أئمة السلف.

أن «لا إله إلا الله» معناها ترك كل معبود سوى الله وإخلاص الألوهية له تعالى وحده.

وأن توحيد العبادة هو إفراد العباد ربهم بأفعالهم التي أمرهم بها في كتابه، وعلى لسان رسوله، فإذا جعلت لغيره تعالى صار ذلك تأليهًا للغير مع الله، وإن لم يعتقد الفاعل ذلك.

فالمشرك مشرك شاء أم أبى، وليس التوحيد خاصا بإفراد الله بأفعاله تعالى وتقدس، كخلقه السموات والأرض والليل والنهار، ورزق العباد وتدبيره أمورهم، لأن هذا قد أقر به المشركون ولم يُدْخلهم في الإسلام ويسمى «توحيد الربوبية».

(العبادة لغة وشرعا)

معناها: لغةً: الذُّلُّ والخضوع.

وشرعًا: ما أمر به من غير اطراد عرفي، ولا اقتضاء عقلي من أفعال العباد وأقوالهم المختصة بجلال الله وعظمته، كدعائه تعالى بما لا يقدر عليه إلا هو من جلب نفع أو دفع ضر أو رجائه فيه والتوكل عليه، وذبح النسك والنذر والإنابة والخضوع، كل ذلك مختص بجلال الله كالسجود والتسبيح والتهليل، فكل ذلك مما قدمناه هو معنى قول (لا إله إلا الله).

ولا يغني أحد التوحيدين عن الآخر، بل صحة أحدهما مرتبطة بوجود الآخر.

لما فهمنا ذلك وعلمنا به قام علينا أهل الأهواء فخرجونا وبدعونا وجعلوا اليهود والنصارى أخف منا شرًا ومن أتباعنا.

ولم ننازع المخالف في سائر المعاصي بأنواعها ولا المسائل الاجتهادية، ولم يجر الاختلاف بيننا وبينهم في ذلك، بل في العبادة بأنواءها، والشرك بأنواعه.

فصل

فنحن نقول ليس للخلق من دون الله ولي ولا نصير.

وجميع الشفعاء سيدهم وأفضلهم محمد r فمن دونه لا يشفعون لأحد إلا بإذنه ]مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ[([8]). ]أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ[([9]). ]وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ[([10]). ]قُلْ للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا[([11]) ]وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا[([12]).

وإذا كان كذلك فحقيقة الشفاعة كلها لله، ولا تسأل في هذه الدار إلا منه سبحانه وتعالى.

فجميع الأنبياء والأولياء لا يجعلون وسائل ولا وسائط بين الله وبين الخلق لجلب الخير أو دفع الشر، ولا يجعل لهم من حقه شيء، لأن حقه تعالى وتقدس غير جنس حقهم.

فإن حقه عبادته بأنواعها بما شرع في كتابه وعلى لسان رسوله وحقَّ أنبيائه عليهم السلام الإيمان بهم وبما جاءوا به، وموالاتهم، وتوقيرهم، واتباع النور الذي أنزل معهم، وتقديم محبتهم على النفس والمال والبنين والناس أجمعين.

وعلامة الصدق في ذلك اتباع هديهم والإيمان بما جاءوا به من عند ربهم، قال تعالى: ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ[([13]).

والإيمان بمعجزاتهم، وأنهم بلغوا رسالات ربهم، وأدوا الأمانة، ونصحوا الأمة، وأن محمدًا r خاتمهم وأفضلهم، وإثبات شفاعتهم التي أثبتها الله في كتابه، وهي من بعد إذنه لمن رضي عنه من أهل التوحيد.

 

([1]) سورة الذاريات آية 56.

([2]) سورة الإسراء آية 23.

([3]) سورة الأعراف آية 59.

([4]) سورة الأعراف آية 59.

([5]) سورة محمد آية 19.

([6]) سورة النحل آية 36.

([7]) سورة الأنبياء آية 25.

([8]) سورة البقرة آية 255.

([9]) سورة الكهف آية 102.

([10]) سورة الأنبياء آية 28.

([11]) سورة الزمر آية 44.

([12]) سورة النجم آية 26.

([13]) سورة آل عمران آية 31.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد