الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، فإن هذا الدرس هو الدرس الأخير من مشاركتي في هذه الدورة في هذا العام ونسأل الله للجميع التوفيق لأني سأسافر إن شاء الله هذا اليوم بعد الظهر، ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح، ونسأل الله أن يوفقنا للقاء في العام القادم إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
قال الإمام رحمه الله:
(من ذلك فضل طهور المرأة زعم بعضهم أنه لا يرفع الحدث، وولد عليها من المسائل ما يشغل الإنسان ويعذب الحيوان، وقال كثير من أهل العلم أو أكثرهم: إنه مطهرٌ رافعٌ فإن لم يصح الحديث فيه فلا كلام كما ذكر البخاري وغيره، وإن قلنا بصحة الحديث فنقول في صحيح مسلم حديثٌ أصح منه "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ واغتسل بفضل ميمونة"، وهو داخلٌ في قوله:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء:43] ، قطعًا، وداخلٌ في قوله: "الماء طهورٌ لا ينجسه شيء"، وإنما نهي الرجال عن استعماله نهي تنزيه وتأديب إذا قدر، للأدلة القاطعة التي ذكرنا)
نقف على قوله إذا قدر، إذا قدر وتسكت، إذا قدر سكوت بعدين تبدأ للأدلة القاطعة.
قال: (وإنما نهي الرجال عن استعماله نهي تنزيه وتأديب إذا قدر، للأدلة القاطعة التي ذكرنا فإذا قال: من منع استعماله أخاف إن النهي إذا سلمتم صحته يفسد الوضوء، قلنا: إذا خفت ذلك فألحقه بالمتشابهات، ولا تقل على الله بلا علم، وتولد مسائل كثيرة سكت الشارع عنها في صفة الخلوة وغيرها)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد، المؤلف رحمه الله في هذه الرسالة التي قال: إنها أربع قواعد، التي سماها أربع قواعد من قواعد الدين التي تدور عليها الأحكام، والأحكام هي الأحكام الخمسة المعروفة الأحكام التكليفية: الوجوب، والتحريم والندب والكراهة والإباحة، فهذه الأحكام الخمسة هذه الأحاديث تدور الأحكام عليها، الأحكام الخمسة تدور على هذه الأحاديث الأربعة، وبين المؤلف رحمه الله وأوضح ذلك بالأمثلة وذكر وهذه الأمثلة كلها في الماء، وذكر مثالين استعرضناهما بالأمس، وهذا المثال الثالث.
وبين المؤلف رحمه الله في هذه الأمثلة أن الأحكام الخمسة كلها تدور على هذه الأحكام الأربعة، المثال الأول كما سبق في تقسيم المياه إلى ثلاثة أقسام عند الجمهور، وعند المحققين أن الماء قسمان: طهور ونجس.
والمسألة الثانية: الماء الكثير إذا وقع فيه نجاسة، والماء الكثير هو ما زاد عن القلتين، وكثير من الفقهاء يقولون: إن الماء الكثير لا ينجس إلا بالتغير، والماء القليل ما دون القلتين ينجس بدون تغير، والماء الكثير أيضًا ينجس ببول الآدمي وعذرته ولو كان كثيرًا، ولو لم تتغير، وبين المؤلف كيف تدور هذه الأحكام الأربعة عليها، وبالمحاورة بين الفقهاء، الجمهور وبين الآخرون من أهل العلم الذين يأخذون بالأحاديث المطلقة مثل "الماء طهورٌ لا ينجسه شيء"، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}.
المثال الثالث: فضل طهور المرأة، فضل طهور المرأة فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوضوء بفضل المرأة" وفيه حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بفضل ميمونة، فالفقهاء أخذوا بالحديث الأول وهو النهي عن الوضوء بفضل طهور المرأة والمراد بفضل طهور المرأة يعني أن المرأة إذا توضأت من إناء فيه ماء وبقي بقية فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوضوء بفضل طهور المرأة، واشترطوا شروط، وولدوا عليها مساءل يقول المؤلف.
الحنابلة قالوا: لا يرفع حدث رجل طهور يسير إذا خلت به امرأة لطهارة كاملة عن حدث، بهذه الشروط ما يرفع الحدث، أن يكون الماء يسير لا يكون كثير، واليسير ما دون القلتين، وأن يكون فضل، فضل المرأة توضأت به، وأن تكون المرأة خلت به ما يشاهدها أحد، إذا كان يشاهدها أحد فلا بأس، وأن تكون التي خلت به امرأة بالغة وليست صبية دون البلوغ، وأن تكون خلت به في طهارة كاملة، وأن يكون عن حدث.
فإذا وجدت هذه الشروط الخمسة ثم بقي منها بقية، فلا يجوز للرجل أن يتوضأ به لقوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوضوء بفضل طهور المرأة، هذا معنى قول الشيخ (من ذلك فضل طهور المرأة زعم بعضهم أنه لا يرفع الحدث، وولد عليها من المسائل ما يشغل الإنسان ويعذب الحيوان) هذه المسائل، هذه الشروط، ما عليها دليل الشروط هذه أن تكون امرأة، وعن طهارة وأن يكون الماء يسير، وأن يكون فضلها، وأنت تخلو به، وأن يكون عن طهارة وأن تكون الطهارة كاملة وأن تكون عن حدث.
يقول المؤلف: (وولد عليها من المسائل ما يشغل الإنسان ويعذب الحيوان، وقال كثير من أهل العلم أو أكثرهم: إنه مطهرٌ رافعٌ) يعني المحققون قالوا: إنه مطهر ولو خلت به المرأة، أما الحديث ننظر فيه إلا من صح الحديث، هذا كلام ما فيه إشكال، (فإن لم يصح الحديث فيه فلا كلام كما ذكر البخاري وغيره، وإن قلنا بصحة الحديث فنقول) يعارضه حديث آخر أصح منه في صحيح مسلم،
(فنقول في صحيح مسلم حديثٌ أصح منه "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ واغتسل بفضل ميمونة") فهذا يعارض هذا يعني الذين قالوا: يرفع الحدث استدلوا بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوضوء بفضل طهور المرأة، والذين قالوا: يصح يتوضأ به وطاهر مطهر قالوا: هذا الحديث إما أن يكون صحيح أو غير صحيح، فإن كان غير صحيح فلا إشكال وإن كان صحيح فعندنا حديث أصح منه يعارضه وهو حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بفضل ميمونة.
وأيضًا هذا الماء الذي بقي من فضل طهور المرأة هل هو داخل في قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}، أو غير داخل؟ هل هو ماء أو غير ماء؟ ماء، والله يقول:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}،اشترط للتيمم عدم وجود الماء، وهذا واجد للماء فكيف يتيمم، فيقول: (وهو داخلٌ في قوله:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء:43] ، قطعًا، وداخلٌ في قوله (في الحديث الصحيح بئر بضاعة): "الماء طهورٌ لا ينجسه شيء").
طيب بقي لماذا نهي الرجل عن الوضوء به؟ قال: النهي للتنزيه وليس للتحريم، (وإنما نهي الرجال عن استعماله نهي تنزيه وتأديب إذا قدر) إذا قدر يعني نحمله على أنه نهي تنزيه وتأديب إذا قدر، إذا قدر صحة الحديث وأنه يمنع تقول: هذا نهي للتأديب وأنه نهي للتنزيه والتأديب، قال المؤلف: (للأدلة القاطعة التي ذكرنا فإذا قال: من منع استعماله أخاف إن النهي إذا سلمتم صحته يفسد الوضوء) ما هي الأدلة القاطعة؟ أولاً: الآية الكريمة {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، اشترط الله للتيمم عدم وجود الماء وهذا واجدٌ للماء، والثاني، الدليل الثاني: حديث بئر بضاعة الماء طهورٌ لا ينجسه شيء).
يعني إيه إلا إذا تغير بالنجاسة، هذه الأدلة القاطعة هي التي حمل الحديث لأجلها للتنزيه لو صح، "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بفضل المرأة" نقول: إن صح فهو محمول على التنزيه والتأديب للأدلة القاطعة.
قال المؤلف: (فإذا قال: من منع استعماله أخاف إن النهي إذا سلمتم صحته يفسد الوضوء) إذا قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بفضل المرأة" فقال ليمنع، قال: أنا أخاف أن النهي إذا سلمتم أن الرسول نهى عنه وأن هذا نهي أخاف أنه يفسد الوضوء، أخشى من قول الرسول نهى عن الوضوء بفضل المرأة أن هذا النهي يدل على فساد الوضوء بهذا الماء، قلنا: إذا خفت ذلك فألحقه بالمتشابهات ولا تمنع الناس منه.
(قلنا: إذا خفت ذلك فألحقه بالمتشابهات، ولا تقل على الله بلا علم) وتقول: إن هذا لا يجوز الوضوء به.
(وتولد مسائل كثيرة سكت الشارع عنها في صفة الخلوة وغيرها) صفة الخلوة لا بد أن تكون المرأة التي تتوضأ امرأة، تكون بالغة ويكون الماء قليل، وتكون خلت به، ما يراها أحد، وتكون عن طهارة كاملة، ويكون عن حدث.