شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري_5

00:00
00:00
تحميل
5

 

كتاب الصوم-5

المدة: 37:58

الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم، وبارك على عبد الله ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...

بعون الله –تعالى- نبدأ درسنا هذه الليلة المباركة.

قارئ المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد...

فاللهم اغفر لنا، ولشيخنا وللقارئ والمستمعين، فقد أخذنا فيما مضى من صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري –رحمه الله تعالى- إلى أن وصلنا إلى كتاب الصوم.

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: باب من مات وعليه صوم

وَقَالَ الحَسَنُ: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاَثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

من مات وعليه صوم؛ في حديث البخاري من مات وعليه صوم صام عنه وليه كما سيأتي، فإذا مات وعليه صوم واجب، صوم نذر، أو كفارة أو صوم من رمضان فللولي أن يصوم عنه، أو غير الولي، وهذا على سبيل الاستحباب، فإن لم يرغب الولي أن يصوم عنه فإنه يُطعم عنه عن كل يوم مسكينًا.

وأما الصيام النفل؛ صيام التطوع على الميت فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، ولكن الحديث فيمن مات وعليه صيام، مات وعليه يعني وعليه صوم واجب، من مات وعليه صيام صام عنه وليه؛ سواء كان صوم نذر، أو كفارة، أو صيام رمضان، الصواب أنه: يُصام عنه.

ولكن هذا الصوم ليس على سبيل الوجوب، ولكنه على سبيل الاستحباب، فإن لم يرغب الولي أن يصوم عنه فإنه يُطعم عنه عن كل يوم مسكينًا.

وأما صوم التطوع، صوم يوم التطوع عن الميت، وكذلك يُصلي ركعتين ويهب ثوابها الميت، وكذلك يختم القرآن ويهب ثوابه للميت، أو يطوف بالبيت سبعة أشواط ويهب ثوابه للميت، أو يُسبِّح ويهب ثوابه للميت؛ هذا قال به بعض العلماء قياسًا على ما ورد.

الذي ورد أربعة أشياء:

  • الدعاء.
  • الصدقة.
  • الحج.
  • العمرة.

 ويدخل في الصدقة هذه الأضحية، هذه التي وردت في النيابة، يناب عن الميت، وما عداها فلم يرد، لكن بعض العلماء كالحنابلة والأحناف وغيرهم قاسوا هذه كلها، قالوا: لا مانع أن تُصلي عن الميت ركعتين تنوي ثوابها للميت، ولا مانع أن تصوم عنه تطوع، لا مانع أن تطوف عنه سبعة أشواط، لا مانع أن تختم القرآن وتهدي ثوابه له، لا مانع أن تطوف بالبيت سبعة أشواط وتهب ثوابها للميت.

وذهب آخرون من أهل العلم وهما المالكية والشافعية في المنع، وقالوا الأصل في العبارة الحظر والمنع، فنحن لا نزيد عما ورد، الذي ورد هذه الأربعة فقط، تتصدق عن الميت، يحج عنه، تعتمر عنه، يُدعى له فلا نزيد؛ لأن العبادات توقيفية.

 والأصل فيها الحظر والمنع، هذا هو الأرجح، فالأرجح والأفضل للإنسان أن يصوم لنفسه ثم يدعو للميت، يصلي لنفسه ثم يدعو للميت، يختم القرآن لنفسه ثم يدعو للميت، يطوف بالبيت سبعة أشواط ثم يدعو للميت وهكذا، يُسبح لنفسه ثم يدعو للميت، هذا هو الأفضل.

وهذا الأثر عن الحسن قال: (إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاَثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ) لو كان إنسان مريضًا عليه ثلاثين يومًا من رمضان، ثم جاء ثلاثون شخص وصام عنه في يوم واحد، أجزأ كما قال الحسن –رحمه الله.

قارئ المتن:

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» ، تَابَعَهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

شرح الشيخ:

وقوله: (وعليه) تسن للوجوب، أي وعليه صوم واجب، كالنذر، والكفارة، أو رمضان، ويخرج بهذا صوم التطوع، صوم التطوع ليس الصيام عليه.

ولكن جمهور العلماء على أنه لا يُصام عن الميت رمضان؛ لأنه وجب في أصل الشهر، وإنما يُطعم عنه، وإنما هذا خاص بالنذر والكفارة هكذا يقولون، قالوا: هذا خاص بالنذر والكفارة، فالصوم في النذر والكفارة هو الذي يُصام عن الميت، وأما رمضان قالوا: لا يصام عنه؛ لأنه وجب في أصل الشهر، لا يُقضى.

والصواب: أنه يُقضى أن الولي يصوم عن الميت ما وجب عليه؛ من صوم نذر، أو كفارة، أو رمضان، وهذا ليس على سبيل الوجوب وإنما على سبيل الاستحباب، إذا أحب أن يصوم فله، وإن لم يرغب الصوم عنه أطعم عن كل يوم مسكينًا، إن كان له مال من ماله، وإن لم يكن له مال وتبرع أحد فله ذلك.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا دين لله، فالصوم دين لله، كما أن دين الآدمي، النبي -صلى الله عليه وسلم- قاس دين الله على دين الآدمي، كما أن دين الآدمي يُقضى فكذلك دين الله يُقضى، إذا مات الإنسان وعليه صوم هذا دين لله، كما أن الإنسان إذا مات وعليه دين لآدمي يُقضى، يعطى الآدمي حقه يُقضى، فكذلك دين الله يقضى كالصوم، الزكاة، والكفارة دين لله.

وفي لفظ آخر النبي قال: «اقضوا الله فالله أحق بالوفاء»؛ بمعنى اقضوا الله دينه، فالله أحق بالوفاء.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: قَالَ سُلَيْمَانُ يعني الأعمش: فَقَالَ الحَكَمُ، وَسَلَمَةُ، -وَنَحْنُ جَمِيعًا جُلُوسٌ حِينَ حَدَّثَ مُسْلِمٌ بِهَذَا الحَدِيثِ- قَالاَ: سَمِعْنَا مُجَاهِدًا، يَذْكُرُ هَذَا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الحَكَمِ، وَمُسْلِمٍ البَطِينِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ، وَقَالَ يَحْيَى، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أنه قال: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أنه قال: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ.

وَقَالَ أَبُو حَرِيزٍ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أنه قال: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَاتَتْ أُمِّي وَعَلَيْهَا صَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

كل هذه الأحاديث دليل على قضاء الدين الذي يكون على الميت، الصوم سواء؛ صوم نذر، أو كفارة، أو صوم رمضان.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابٌ: مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ

وَأَفْطَرَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ رضي الله عنه حِينَ غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

بمعنى العبرة بغيبوبة قرص الشمس، وليس العبرة بالحمرة، الحمرة تبقى بعد غيبوبة قرص الشمس، قال العلماء: ولا تؤثر، ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- لما غاب قرص الشمس قال لمن معه: اجدح لنا يعني حرك السويق بالماء، فقال: إن عليك نهارًا؛ لأنه يرى الحمرة، فقال النبي: اجدح لنا، قال: يا رسول الله الشمس، قال: اجدح لنا، راجعه ثلاث مرات، ثم قال النبي: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، فقد غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» إذا أقبل الليل من جهة المغرب، وأدبر من جهة المشرق فقد غربت الشمس وأفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة التي تكون بعد غيبوبة قرص الشمس.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أنه قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا جواب الترجمة: متى يحل الفطر؟ (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ المغرب، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ المشرق، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) هذا يحل الفطر بهذا.

يحل الفطر إذا أقبل الليل من جهة المغرب، وأدبر النهار من جهة المشرق، وغاب قرص الشمس فإنه يحل للصائم أن يفطر.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله-: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: «يَا فُلاَنُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، وهذا فيه مراجعة العالم والكبير، هذا راجعه ثلاث مرات يراجعه، ومع ذلك الصحابي هذا ظن أن الحمرة يرى الحمرة بعد غروب الشمس يظن أن لها تأثير، قال: انزل اجدح، اجدح هذا شراب للصائم مثل الأشربة، سويق يُبل بالماء ويُحرك بمعنى يحركه بالعصا التي معه، قال الرسول: انزل فاجدح لنا؛ بمعنى حركه، (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟ -يرى الحمرة- فقَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا» ، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا) جعل الحمرة لها نهار، ثُمَّ قَالَ: إِذَا أقبل الليل من هاهنا؛ وأشار إلى المغرب، وأدبر من ها هنا وأشار إلى المشرق فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ.

إذا رأى الحمرة في غيبوبة قرص الشمس، إذا غاب قرص الشمس ولا ترى قرص الشمس هذا معناه غربت الشمس، الحمرة تبقى، الحمرة ما عليك منها، الحمرة ليس لها تأثير، هذا الذي جعل الصحابي يقول: يا رسول الله لو أمسيت ثلاث مرات، إن عليك نهارًا، لو أمسيت يرى الحمرة، الحمرة بعد غروب الشمس لا تؤثر.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابٌ: يُفْطِرُ بِمَا تَيَسَّرَ بالماء وغيره.

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ سُلَيْمَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: سِرْنَا مَعَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فَنَزَلَ فَجَدَحَ ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ.

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ تَعْجِيلِ الإِفْطَارِ

وقال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ –رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا فيه دليل على استحباب تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس.

كما أنه يُستحب تأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر.

إذا تحقق غروب الشمس فإنه عليه المبادرة، والمبادرة سنة، وفيه مخالفة لأهل الكتاب؛ أهل الكتاب وكذلك بعض الفرق المبتدعة كالرافضة فإنهم لا يُفطرون إلا عند اشتباك النجوم.

السنة: المبادرة بالإفطار عند غروب الشمس، أما التأخر إلى الظلمة كما يفعله اليهود وكما يفعله بعض أهل البدع فهذا مخالف للسنة.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَصَامَ حَتَّى أَمْسَى قَالَ لِرَجُلٍ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي» قَالَ: لَوِ انْتَظَرْتَ حَتَّى تُمْسِيَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، إِذَا رَأَيْتَ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ: فأشار إلى المشرق يقول في الحديث السابق؟

 قارئ المتن: إي نعم قال في السند السابق: (وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ).

الشيخ: يقول إذا أقبل الليل من جهة المشرق، وأدبر من جهة المغرب.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أنها قَالَتْ: «أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ» قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالقَضَاءِ؟ قَالَ: «لاَ بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ» وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا لاَ أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لاَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذه المسألة وهذه الواقعة حدثت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكرت أسماء، أنهم أفطروا في يوم غيم، ظنوا أن الشمس غربت، ثم طلعت الشمس بعد أن أفطروا، ما عندهم ساعات مثل الآن، ما كان عندهم ساعات، كانوا يُقدرون الأوقات بالتقدير، التقدير بالأعمال مثل القراءة، وكذلك الليل ما عندهم ساعات، واليوم كان يوم غيم، فظنوا أن الشمس قد غربت فأفطروا، ثم طلعت الشمس.

فهل قضوا؟ (قِيلَ لِهِشَامٍ –أحد الرواة-: هل أُمِرُوا بِالقَضَاءِ، قضاء هذا اليوم؟ قَالَ: «بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ» بمعنى: لا بد، وفي رواية أنه قال: لاَ أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لاَ)

وبعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: بد من قضاء يقول هذا من يعني اجتهاد من هشام، ويرى شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم أنهم لا يقضون؛ لأنهم جاهلون بالحال، والجاهل بالحال معذور.

والقول الثاني لأهل العلم وهو قول الجمهور: أنهم يقضون وهذا هو الصواب، يقضون هذا اليوم، من أفطر في يوم غيم أو غيره يعني أفطر يظن أن الشمس قد غربت ثم تبين له أنها لم تغرب يقضي هذا اليوم عند جمهور العلماء.

وقال آخرون من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ومعه جماعة: أنهم لا يقضون؛ لأنهم جاهلون بالحال، والجاهل بالحال معذور. الجاهل بالوقت معذور.

وقول هشام (بد من قضاء) أو لا أدري هل قضوا أم لا؟ قالوا هذا فيه اجتهاد من هشام.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ صَوْمِ الصِّبْيَانِ

وَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: «وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ، فَضَرَبَهُ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

قال عمر لنشوان سكران في رمضان: ويلك الصبيان يصومون وأنت تشرب الخمر؛ ثم ضربه، أدبه وجلده يعني الصبيان يُعلّمون، الصبيان يُنشئون، كان الصحابة ينشئون الصبيان ويصومونهم حتى يتعودوا ويعطونهم اللعبة من العهن من الصوف، يتلهى بها إذا بكوا حتى يأتي وقت الغروب، من باب التمرين والتدريب، كما أن ابن سبع يؤمر بالصلاة لسبع وما تجب عليه، ويُضرب عليها لعشر من باب التمرين والتدرب؛ لأنه لو ترك والعبرة بالصبي إذا بلغ عشرة أو اثنا عشر أو خمسة عشر، ما صلى يصعب عليه، وكذلك الصيام يدرب ويمرن إذا كان يستطيع ولو ابن عشر وكذا.

 فكان الصحابة يصوِّمون الصبيان الصغار.

وفي هذه القصة أن عمر –رضي الله عنه- رأى سكرانًا، سكران يشرب الخمر في نهار رمضان، فقال: ويلك الصبيان يصومون وأنت تسكر ثم أمر بجلده، ضربه ويلكم الصبيان يصومون وأنت ما تُراعي حرمة الشهر، ثم ضربه وجلده.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-:

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ المُعَوِّذٍ، أنها قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ:

نعم من الأسماء من؟ أسماء، ربيع

قارئ المتن:

عن الربيع بنت المعوذ.

شرح الشيخ:

نعم، هذه قصة فيها أن اليوم الأول الطور الأول من أطوار الصيام؛ لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، فأوجب الله صوم يوم عاشور، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- منادٍ ينادي أن اليوم يوم عاشوراء من كان صائمًا فليتم صومه، ومن كان مفطرًا فليصم بقية يومه.

قالت الربيع: وكنا بعد ذلك نصوم صبياننا، يصومونهم من باب التمرين، فإذا بكى أحدهم على الطعام نُعطيه اللعبة من العهن من الصوف يتلهى بها، حتى يأتي وقت الغروب. هذا هو الشأن، الشأن تمرين الصبيان على الصيام.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ الوِصَالِ، وَمَنْ قَالَ: «لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ».

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، «وَنَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ، وقال البخاري –رحمه الله تعالى-: وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ».

وقال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنه قَالَ: «لاَ تُوَاصِلُوا» قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

والوصال: كما سبق هو أن يصل الليل مع النهار، ويصوم يصوم الليل مع النهار يومين أو ثلاثة، لا يأكل لا بالليل ولا بالنهار، صائم يصوم الليل مع النهار يومين أو ثلاثة، هذا فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم اليومين والثلاثة، فأراد الصحابة أن يفعلوا مثله فنهاهم –عليه الصلاة والسلام- قال: لا لا تفعلوا؛ هذا دل على أنه من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، خاص به الوصال.

فقالوا: يا رسول الله إنك تواصل كيف تنهانا عن الوصال؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني أبيت أُطعم وأُسقى، وفي رواية لفظ: إني أبيت يُطعمني ربي ويسقيني.

اختلف العلماء في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني:

  • قال بعضهم: إنه يؤتى بطعام وشراب من الجنة.

ولكن هذا قول ضعيف؛ لأنه لو كان يؤتى بطعام وشراب من الجنة ما صار صائمًا، صار مفطرًا.

والصواب إن معنى أطعم وأسقى أن الله يفتح عليه من مواد أنسه، ونفحات قدسه، والذكر الذي يصله بربه ما يُغنيه عن الطعام والشراب، اتصاله بالله، وصلته بربه، ومناجاة ربه، وما يفتح الله عليه من نفحات قدسه ومواد أنسه يُغنيه عن الطعام والشراب، كما قيل:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها

 

عن الطعام وتلهيها عن الزاد

 

فالصحابة لما أرادوا أن يواصلوا نهاهم، فدل على أنه من خصائصه –عليه الصلاة والسلام-، ولكن الصحابة رضوان الله عليهم بعضهم قالوا: يا رسول الله نريد أن نفعل مثل فعلك، ولهذا قال البخاري: وما يُنهى عن التعمق، يعني لا يتعمق الإنسان.

فلما أبوأ أراد أن يُبين لهم صلى الله عليه وسلم أنهم لا يستطيعون المواصلة للمشقة، فواصل بهم يوم الثامن والعشرين، واليوم التاسع والعشرين، واصل يومين صاموا الليل مع النهار، ثم رأوا الهلال،
ما تم الشهر، قال لو بقي اليوم الثلاثين لوصلت بكم اليوم الثالث، من باب: التأديب والتعزير يعني يُبين لهم أنهم لا يستطيعون ذلك؛ لأنه فيه مشقة عليهم، وأن هذا من خصائصه – عليه الصلاة والسلام-.

فقال العلماء أخذوا العلماء من هذا أن الوصال من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو صوم الليل مع النهار، وأما صوم غير النبي -صلى الله عليه وسلم- إما مكروه أو حرام؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- نهى عنه قال: لا تواصلوا. والنهي إما:

  •  للتحريم.
  • أو للكراهة.

والصواب: أنه للكراهة؛ لأنه لو كان للتحريم ما فعله النبي مع الصحابة، لا يفعل المحرمات –عليه الصلاة والسلام-، لأنه واصل بهم يومًا بعد يوم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو منهي عنه.

ولكن يجوز الوصال إلى السحر، يواصل إلى السحر ما في مانع، يواصل إلى السحر يعني يصوم الليل إلى وقت السحر، ثم يأكل أكلة واحدة في السحر، يجعل سحوره عشاء، وعشاءه سحورًا مرة واحدة، هذا لا بأس به جائز، لكن الأفضل منه المبادرة بالإفطار حين غروب الشمس.

?فالأحوال ثلاثة:

الحالة الأولى: أن يصوم الليل مع النهار، وهذا مكروه وحرام لا يجوز.

الحالة الثانية: أن يواصل إلى السحر، يأكل مرة واحدة في السحر، هذا جائز.

الحالة الثالثة: أن يفطر من حين غروب الشمس وهذا هو الأفضل.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنِ الوِصَالِ» قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني أنه يفتح عليه عليه الصلاة والسلام من نفحات قدسه، ومواد أنسه، ويلهم من الأذكار ما لا يكون للأمة فيُغني عن الطعام والشراب، ولهذا أهل الجنة يلهمون التحميد كما يلهمون النفس يتلذذون بالتحميد، ولهذا الجنة ما فيها تكليف، ولكنهم يتلذذون بالتحميد كما يتلذذون بالنفس.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ»، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 شرح الشيخ:

وهو ربه –سبحانه وتعالى-، وهذا كما سبق.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدٌ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أنها قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ»، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ»، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ رَحْمَةً لَهُمْ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم من باب الإرفاق بهم.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ الٍتَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الوِصَالَ

رَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

التنكيل يعنى التعزير والتأديب، الصحابة لما امتنعوا عزرهم، واصل بهم يومين الثامن والعشرين، والتاسع والعشرين، يومين ما يأكلون لا في الليل ولا في النهار، وقال لو بقي اليوم الثالث لو صار الشهر ثلاثين، لزدتكم اليوم الثالث اليوم الثلاثين، تنكيل.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله-: حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الوِصَالِ فِي الصَّوْمِ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَأَيُّكُمْ مِثْلِي، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ»، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ، فَقَالَ: «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ» كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

شرح الشيخ:

كالتنكيل يعنى التعزير، واصل لهم الهلال أوصل بهم اليوم الثامن والعشرين واليوم التاسع والعشرين ثم رأوا الهلال، ما تم الشهر، فقال: لو تم الشهر ثلاثين لوصلت بكم اليوم الثالث من باب التعزير والتأديب؛ ليبين لهم أنهم لا يستطيعون، والنبي منعهم من باب الرحمة والإشفاق عليهم.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالوِصَالَ» مَرَّتَيْنِ قِيلَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ، فَاكْلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

اكلفوا يعنى اعملوا ما تطيقون، وهذا فيه مشقة، فيه مشقة يصل يومين ثلاثة، يصوم الليل مع النهار يومين ثلاثة هذا فيه مشقة، ومع ذلك يقال بعض الناس أو بعض العلماء أو بعض الصحابة يرى أنه لا بأس بالوصال، وفعله بعض العباد، ويُقال إن ابن الزبير أنه فعل هذا.

ويقال إن أطول ما روي عنه الوصال أن الزبير أنه واصل ستة أيام، ستة أيام أو سبعة أيام ما يأكل لا بالليل ولا بالنهار صام، إن صح هذا، يقول فعله ابن الزبير وفي اليوم السابع لما جاء أن يُفطر أفطر بالدهن؛ لأنه الأمعاء صارت يابسة ستة أيام أو سبعة فيحتاج إلى أن يُلين الأمعاء بالدهن، فجعلوا الدهن يُلين أمعاءه إن صح هذا، الوصال اجتهاد لكنه مُخالف للسنة، السنة المبادرة كما سبق، الأفضل لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر الأفضل المبادرة أن يعجلوا بالفطر المبادرة، والوصال إلى السحر جائز، أما الوصال يصوم الليل مع النهار فهذا إما مكروه أو حرام منهي عنه.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ الوِصَالِ إِلَى السَّحَرِ

قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «لاَ تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ»، قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي، وَسَاقٍ يَسْقِينِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

شرح الشيخ:

هذا فيه دليل على جواز الوصال إلى السحر وأنه لا بأس جائز، لكن الأفضل منه المبادرة إلى بالفطر من حين غروب الشمس.

قارئ المتن:

قال البخاري –رحمه الله تعالى-: بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ.

قال البخاري –رحمه الله-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ؟ قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: سَلْمَانُ قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَدَقَ سَلْمَانُ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- آخى، لما هاجر إلى المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار، ما معنى آخى؟ يعنى ربط كل واحد من المهاجر بنصيره، وقال: هذا أخوك، وصار يتوارثون بهذه الأخوة مثل أخوة النسب، ثم نسخ ذلك، كل واحد من المهاجرين يربطه بواحد من الأنصار ويقول: هذا أخوك، فكان الأنصار –رضي الله عنهم- من مواساتهم لإخوانهم، إذا آخى النبي بين واحد من الأنصار، جاء وأعطاه نصف ماله.

ومن ذلك؛ أن عبد الرحمن بن عوف آخى بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين الأنصاري ربيع، فقال: هذا أخوك، فقال له: عبد الرحمن بن عوف أنت أخي الآن، أريد أن أعطيك نصف مالي، أقسم مالي نصفين، لي نصف ولك نصف، ولي عندي زوجتان الآن، أريد واحدة منهم أطلقها وتعتد ثم تتزوجها أنت شوف من المؤاخاة، فقال عبد الرحمن بن عوف: بارك الله لك في مالك وأهلك، دلوني السوق، فجاء عبد الرحمن وصار يبيع ويشتري حتى صار من أثرياء الصحابة، لكن المؤاخاة بينهم، صاروا يتوارثوا، قال: هذا أخوك، خلاص يصير يرثه ثم نسخ الله ذلك فقال: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَاُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ [الأحزاب: 6].

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- آخى بين سلمان الفارسي وأبو الدرداء، قال: هذا أخوك، فصارت بينهم أخوة، وكان أبو الدرداء –رضي الله عنه- يتعبّد كثيرًا، وأهمل أهله، وأهمل زوجته، وكان يصلي الليل ويصوم النهار وزوجته تاركها، فرأى سلمان أم الدرداء متبذلة لابسة ثياب، عليها ثياب غير مناسبة، قال ما لك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ما له حاجة في الدنيا، بعيد عنا ما يدري عنا، هو يصوم النهار ويصلي الليل مشغول.

فزار سلمان أخوه أبو الدرداء أخوه للرابط الذي بينهما، صنع له طعام كان في النهار، فقال أبو الدرداء لسلمان: كُل، قال: وأنت؟ قال: أنا صائم، قال: ما آكل حتى تأكل، والله لا آكل حتى تأكل، هذا الشاهد من الحديث: أنه أقسم على أخيه؛ قال: ما آكل حتى تأكل، فأفطر أبو الدرداء، ثم نام عنده.

لما نام عنده قام يصلي أول الليل، فقال سلمان: لا، خليك نائم نم، لما صار نصف الليل، قام أبو الدرداء يصلي، قال: لا نم، نم، فلما كان آخر الليل قام، قام سلمان يصلي، فقام أبو الدرداء وسلمان يصليان الآن، ثم قال سلمان لأبي الدرداء:

إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإن لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حقًا، وإن لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا-وفي لفظ آخر: وإن لضيفك عليك حق- فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَجاء أبو الدرداء وذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «صَدَقَ سَلْمَانُ» وفي رواية أنه كررها قال -صلى الله عليه وسلم-: صدق سلمان، صدق سلمان.

الشاهد أنه ينبغي للإنسان أن يؤدي الحقوق كل له حق، يؤدي حق ربه، وحق الضيف، وحق الأهل ما تهمل أهلك.

والشاهد: أنه أقسم عليه، أقسم عليه وأفطر، ولا بأس بالإفطار في صوم النافلة.

 

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد