شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري_10

00:00
00:00
تحميل
6

كتاب الصوم (10)

المدة صافية: (48:29 دقيقة)

الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا مُحمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...

فنحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه المُتوالية التي تترا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يُوزعنا شكرها، وأن يُوفقنا للعمل الصالح والتوبة النصوح في هذه الأيام المُباركة، وأن يبارك لنا فيها، وأن يجعلنا من المقبولين، المُوفقين للعمل الصالح والتوبة النصوح.

وقد وقفنا على كتاب الاعتكاف من صحيح الإمام البُخاري -رحمه الله- من كتاب الصيام، وقد ذكر المؤلف -رحمه الله- تسعة عشر ترجمة في هذا الكتاب وهو كتاب الاعتكاف، تراجم مُتنوعة كلها تتعلق بالاعتكاف: اعتكاف الرجل، واعتكاف المرأة، واعتكاف الحائض، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله

قارئ المتن:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا مُحمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد...

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللقارئ والمُستمعين، فقد أخذنا فيما مضى من صحيح الإمام أبي عبد الله مُحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المُغيرة الجُعفي البُخاري -رحمه الله تعالى- إلى أن وصلنا إلى [أبواب الاعتكاف].

بسم الله الرحمن الرحيم

[أبواب الاعتكاف]

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

باب الاعتكاف في العشر الأواخر والاعتكاف في المساجد كلها، باب كتاب الاعتكاف.

قارئ المتن:

نعم، [أبواب الاعتكاف].

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالِاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا.

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾[البقرة:187].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

أراد المؤلف -رحمه الله- البُخاري في هذه الترجمة أن يُبين أن الاعتكاف ليس خاصًا بالمسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، أراد الرد على مَن قال أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، المسجد الحرام والمسجد الأقصى، واستدل على أن الاعتكاف عام في جميع المساجد لقوله تعالى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾[البقرة:187]، و"ال" للعموم، فدلَّ على أنه يجوز الاعتكاف في جميع المساجد، جميع المساجد التي تُقام فيها الجماعة.

ولكن اختلف العلماء هل يُشترط أن تُقام فيه الجُمعة، أو يكفي ولو الجماعة أن تصلى فيه الصلوات الخمس؟ والصواب أنه يجوز الاعتكاف في المسجد الذي تُصلَّى فيه الصلوات الخمس، ولو لم تُصل فيه الجمعة، وإذا اعتكف في المسجد الذي تُصلَّى فيه الصلوات الخمس وجاءت الجمعة يخرج يُصلي الجُمعة ثُمَّ يعود إلى مُعتكفه.

فهذه الترجمة يعني قسمها العلماء قسمين:

- القسم الأول: الاعتكاف في العشر الأواخر.

- والثانية: الاعتكاف في جميع المساجد.

والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لها مزيَّة لأن فيها ليلة القدر، وأن النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- حافظ على الاعتكاف، اعتكف العشر الأواخر واستمر عليها، واعتكفها أزواجه من بعده، وكان قد اعتكف قبل ذلك العشر الأوسط، وقبلها العشر الاُول يطلب ليلة القدر، ثُمَّ لما تبيَّن له وأخبره الله أنها في العشر الأواخر لزم اعتكاف العشر الأواخر.

والاعتكاف معناه هو لزوم المسجد لطاعة الله -عز وجل-، الاعتكاف هو معناه لزوم المسجد لطاعة الله -عز وجل-، ينوي الإقامة واللُبث، وهو أن يدخل المسجد وينوي اللُبث والإقامة في المسجد.

واختلف العلماء هل يُشترط الصوم في الاعتكاف أو لا يُشترط، على قولين كما سيأتي:

- القول الأول: قول الجمهور أنه يُشترط الاعتكاف، وأن أقل الاعتكاف يوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لأن هذا هو الصوم، ولا يجوز أقل من ذلك.

- والقول الثاني لأهل العلم: أنه يجوز الاعتكاف بدون صوم ولا يلزم ولو ساعة أو ساعتين، والدليل على هذا ما ثبت في صحيح البُخاري كما سيذكر المؤلف -رحمه الله-، وكما سيأتي أن عُمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- قال للنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-: يا رسول الله إني نذرت أن اعتكف ليلةً في المسجد الحرام في الجاهلية، فقال له النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أوفِ بنذرك»، والليل ليس فيه صيام، فدلَّ على أنه يجوز الاعتكاف بلا صوم، وأن أقله كما قال جمعٌ من المُحققين والنووي وجماعة: ولو ساعة أو ساعتين، وهو اختيار شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- أنه يجوز الاعتكاف بلا صوم، ويجوز الاعتكاف ساعة أو ساعتين، فإذا دخلت المسجد العصر، ونويت أن تجلس إلى المغرب، أو دخلت المغرب ونويت أن تجلس إلى العشاء تنوي الاعتكاف هذه المُدة ساعتين، ثلاث، أربعة. 

قارئ المتن:

لِقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾[البقرة:187].

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أنه قَالَ: « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

فقوله: "كان" يدل على الدوام والاستمرار، كان -عليه الصلاة والسلام- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، وداوم على ذلك لما أخبره الله أن ليلة القدر في العشر الأواخر، كان لازم الاعتكاف، وكان يعتكفها في كل سنة.

قارئ المتن:

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، وهذا دعوة للاستمرار، أنه لزم اعتكاف العشر الأواخر حتى توفاه الله، وكان قد اعتكف قبل ذلك العشر الأُول من رمضان يطلب ليلة القدر، ثُمَّ اعتكف العشر الأوسط يطلب ليلة القدر لأنه لم يعلم، فلما أعلمه الله أنها في العشر الأواخر فاستمر على اعتكاف العشر الأواخر حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده، وفيه دليل على جواز اعتكاف المرأة، وأن المرأة تعتكف في المسجد كما سيأتي إذا كان في المسجد سعة، وليس عليها خطر، وحولها أحدٌ من أقاربها ومن محارمها.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ، قَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى من عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَبَصُرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم هذا فيه دليل أن الرسول-صلَّى الله عليه وسلَّم- كان اعتكف العشر الأوسط يطلُب ليلة القدر، ثُمَّ لما خرج من صبيحتها قال للناس: «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي العشر الأوسط فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وإني أُريت هذه الليلة (يعني ليلة القدر) وأُنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر وفي الوتر»، ثُمَّ قال: «إني رأيت إني أسجد في صبيحة في ماءٍ وطين»، فمُطِر الناس في تلك الليلة وخرَّ المسجد وكان من العريش، من جريد النخل، فأصاب الطين والماء وجه النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- فالتفت إلى الناس في صلاة الصبح والطين والماء على جبهته وأنفه -عليه الصلاة والسلام-، فكانت تلك ليلة القدر في تلك السُنَّة صارت هي ليلة إحدى وعشرين، وهي مُتنقلة قد تكون ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون ليلة اثنين وعشرين، وقد تكون في الأشفاع وفي الأوتار.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الْحَائِضِ تُرَجِّلُ رَأْسَ الْمُعْتَكِفِ

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنا أَبِي عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، والترجيل معناه تسريح الشعر، وقوله: مُجاور يعني مُعتكف، كان النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- مُعتكف في المسجد وكان بيت النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- على المسجد، وبابه على المسجد، فكان النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- يُصغي رأسه هو في المسجد ورأسه في الغرفة، غرفة عائشة بيت النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-، بيت النبي غُرفة واحدة، فكان يُصغي رأسه إلى عائشة وهي في الغرفة وبدنه في المسجد فتُسرح رأسه، يعني تكده، تسريح السعر وهي حائض، لأن الحائض طاهر، بدُنها طاهر وثيابُها طاهرة، النجاسة في خصوص الدم، فلا بأس، فكانت تُرجِّل شعر النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- وتُسرحه وهو في المسجد ورأسه يضعه في الغرفة وهي تُرجِّله فلا بأس، وهذا لا يُنافي أن يكون يعني في المسجد، كون الإنسان يُخرج رأسه وجسده في المسجد لا يُعتبر خروجًا، ومثل ذلك أيضًا ما دام رجلاه في المسجد مثل لو حلف الإنسان لا يخرج من المسجد، ثُمَّ أخرج رأسه من باب المسجد ما يحنث ما دامت رجلاه في المسجد، كما سيأتي.

قارئ المتن:

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ:

بس عندك تعليقات عندك على هذا، باب الْحَائِضِ تُرَجِّلُ رَأْسَ الْمُعْتَكِفِ في تعليق، فيه من الفوائد.

قارئ المتن:

- فيه أن إخراج رأس المُعتكف من المسجد لا يُعد خروجًا من المسجد.

- وفيه أن مَن أخرج بعض بدنه من مكانٍ حلَف ألا يخرج منه لم يحنث حتى يُخرِج رجليه، ويعتمد عليهما.

- وفيه جواز غسل المُعتكف رأسه وترجيله ودهنه وتسريحه واغتساله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، لا بأس أن المُعتكف لا بأس أن يُغسِّل رأسه ويُرجله ويُسرحه ويُدهنه، وفيه دليل على أن الإنسان ما دام رجلاه في المسجد ما يُعتبر خروج.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: «وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

كان لا يدخل البيت إلا لحاجة، يعني إلا إذا كان مُعتكف لحاجة للطعام للشراب إذا لم يأت به، أو لقضاء الحاجة لوضوء والاغتسال ليوم الجعة، ما يخرج إلا لحاجة لأنه مُعتكف، المُعتكف يلزم مُعتكفه، لا يخرج إلا لحاجة، والحاجة إذا احتاج الوضوء، احتاج قضاء الحاجة الحمام، دورة المياه، يحتاج مثلًا أكل، إذا كان أحد يأتي له بالأكل لا يخرج، وإذا كان ما في أحد يأتيه بالأكل له أن يخرج، يحتاج إلى الشرب إذا ما في المسجد ماء يخرج يشرب ويرجع فلا بأس إلا إذا كان إنسان يجيب له الماء يأتي له بالماء ويأتي له بالطعام، فلا بأس.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب غَسْلِ الْمُعْتَكِفِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

باب غُسل، غُسل، يعني اغتساله يعني، ماذا عندك؟

قارئ المتن:

مكتوب عندي (غَسل) يا شيخ؟ عنده (غَسل) كذلك

شرح الشيخ:

غُسل، غُسل يعني اغتساله، يعني هل يجوز له الغُسل أو ما يجوز، المُراد الاغتسال يعني، هل يغتسل وهو مُعتكف أو ما يغتسل.

قارئ المتن:

 أحسن الله إليكم.

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب غُسْلِ الْمُعْتَكِفِ.

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني الغُسل والغَسل كلاهما يعني غسل الرأس، غسل الرأس والغُسل كذلك الاغتسال كله لا يؤثر على الاعتكاف.

قارئ المتن:

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الِاعْتِكَافِ لَيْلًا.

قال- البُخاري -رحمه الله تعالى-: حدثنا مسددٌ، قال: حدثنا يحيى بن سعيدٍ عن عُبيد الله، قال: أخبرني نافعٌ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كنت نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلةً في المسجد الحرام، قال: «فأوف بنذرك».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

باب الاعتكاف هُنا فيه دليل على جواز الاعتكاف بالليل، وفيه دليل على أنه لا يُشترط الصيام في الاعتكاف كما قاله الجمهور، لأن الليل ليس فيه الصيام، ولهذا أمر النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- عُمر أن يفي بنذره.

وفيه دليل على قضاء نذر الكافر إذا أسلم، إذا أسلم الكافر وقد نذر نذرًا قبل أن يُسلم فله أن يقضيه بعد الإسلام، هذا أمر نذره قبل الإسلام، نذر أن يعتكف، فأمره النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يقضي نذره بعد أن أسلم بعد الإسلام.

هل فيه عندك فوائد في تعليق؟

قارئ المتن:

- أولًا: فيه جواز الاعتكاف ليلًا، وفيه أنه لا يُشترط للاعتكاف صوم، لأن الليل لا صوم فيه.

- وفيه أن الكافر إذا نذر اعتكافًا أو صومًا أو غيرهما من العبادات شُرِع له الوفاء بنذره في الإسلام بالنص على الاعتكاف، وتنبيه النص على غيره من العبادات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، يعني إذا كان الكافر عليه صوم، نذر صوم أو غيره، فإنه يقضيه لا بأس.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب اعْتِكَافِ النِّسَاءِ.

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً، فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى الأَخْبِيَةَ فَقَالَ مَا هَذَا فَأُخْبِرَ، فَقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَالْبِرَّ تُرَوْنَ بهن»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ: كذا تُرَوْن أو تُرِدن؟

القارئ: هذه الرواية الأخرى يا شيخ.

الشيخ: ماذا عندك (تُرَوْن)

القارئ: تُرَوْن

قارئ المتن:

«أَالْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

شرح الشيخ:

نعم هذه الترجمة (00:18:29 00:18:30) المؤلف فيها اعتكاف النساء، أنه لا بأس للمرأة أن تعتكف في المسجد إذا كان فيه مُتسع، وليس عليها خطر، وحولها بعض محارمها.

والمُعتكف يخلو بربه في مكان، في غُرفة، والنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر أن يُضرب له خيمة صغيرة يخلو بربه أو في غرفة ما يختلط بالناس، يكون في مكان خاص، عكس ما يفعله بعض الناس الاعتكاف يصير مكان للحديث والأخذ والرد والتنقلات، والكلام بالجوالات وكذا، هذا ما كأنه مُعتكف، المُعتكف يخلو بربه.

فالنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا أراد أن يعتكف يُضرب له خباء في المسجد، خيمة صغيرة، وفي هذا العام أرادت بعض نساء النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يعتكفن، فعائشة ضربت لها خباء، واستأذنت حفصة عائشة فضربت لها خِباء خيمة صغيرة، ولما رأتها زينب ضربت لها خِباء، فلما أصبح النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ما هذا؟ قالوا هذا خباء لزينب، وهذا لحفصة، وهذا، فقال: «آلْبِرَّ يُردن؟»، ترك الاعتكاف ذلك الشهر، خاف عليهن من التنافس ومن الغيرة، من عدم الإخلاص، فترك الاعتكاف وقُوضت الخيام ولم يعتكف في تلك السُنَّة وقضاها في شوال، لماذا؟ تأديبًا لهن، وخوفًا عليهن من الغيرة ومن التنافس، فلم يعتكف في تلك السُنَّة الرسول-صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقضاها في العشر الأُول من شوال.

«آلْبِرَّ يُردن؟»، يُردن البر واللا الخير؟ ما هكذا، التنافس هذا، هذا التنافس، وهذه الغيرة تؤدي إلى عدم الإخلاص، وتؤدي إلى التنافس غير المحمود، فلذلك ترك الاعتكاف وقُوضت خيمته وقُوضت خيامهن ثُمَّ قضاه في العشر الأُول من شوال -عليه الصلاة والسلام-. 

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الأَخْبِيَةِ فِي الْمَسْجِدِ.

وقال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلَمَّا انْصَرَفَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ إِذَا أَخْبِيَةٌ خِبَاءُ عَائِشَةَ وَخِبَاءُ حَفْصَةَ وَخِبَاءُ زَيْنَبَ فَقَالَ أَلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ؟ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا قال المؤلف في الترجمة الأخبية، يعني لا بأس أن يُضرب خيام صغيرة في المسجد إذا فيه رحبة ومُتسع للمُعتكفين، فلا بأس.

قال: «آلْبِرَّ يُرِدن؟»، يعني هل يُرِدن البر؟ ليس هذا.

ما التعليق عندك يا أحمد، التعليق على الحديث هذا والحديث الذي قبله

قارئ المتن:

- فيه جواز بل مشروعية اعتكاف المرأة في المسجد إذا أمِنت الفتنة.

- ثانيًا: لعلَّ النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- خاف عليهن من عدم الإخلاص في عبادة الاعتكاف، وأن الحامل لهن عليه تنافسٌ ناشئٌ عن الغيرة التي تكون بين الضرائر.

- رابعًا: فيه جواز الاعتكاف في غير رمضان، ولهذا اعتكف النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- في شهر شوال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم الاعتكاف ما هو خاص برمضان، ولا هو خاص بالمسجد الحرام، والمسجد النبوي في كل مسجد، يجوز أن يعتكف في رجب، في شوال، في شعبان، في مُحرَّم، في صفر ما في مانع، ويعتكف يوم يومين ولا يُشترط أن تكون العشر، لو اعتكف يوم واحد يكفي، أو يومين أو ثلاثة، أو ساعة، ساعتين على القول الثاني.

قارئ المتن:

- فيه جواز وضع الخِباء في المسجد للمُعتكف ليخلو بربه إذا كان في المسجد سَعة،

شرح الشيخ:

يعني إذا كان مُتسع.

قارئ المتن:

- خاف عليهن من عدم الإخلاص الناشئ عن الغيرة، فخاف عليهنَّ الرياء، وفيه ترك الأفضل للمصلحة.

- وفي تركه الاعتكاف تعزيرٌ لأزواجه اللائي ضربن أخبئة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني فيه أن النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- ترك الأفضل وهو أن يعتكف في العشر من رمضان لما يحصل من المصلحة، واعتكف العشر الأوائل معلوم أن العشر الأواخر أفضل من اعتكاف العشر الأُول من شوال، لكن تركه للمصلحة للأفضل، للتأديب.

وفيه تأديب، هذا تأديب للنساء، تأديب الرجل لزوجاته.

القارئ: لكن شيخنا لماذا خصص البُخاري في الترجمة اعتكاف النساء علمًا بأن الأصل أن ...

الشيخ: اعتكاف النساء، سبق اعتكاف الرجال، الرجال هو الأصل، لكن لما لأن الحديث فيه عن اعتكاف النساء هذه الأخبية للنساء.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب هَلْ يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِحَوَائِجِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ.

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَعَهَا ليَقْلِبهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلاَنِ مِنْ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ»، فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، وهذا فيه أن صفية زارت النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- في المسجد، لا بأس أن تزور المرأة زوجها، ثُمَّ لما رجعت، ذهب معها يُوصلها إلى بيتها، وكان البيت قريب بجوار المسجد، وهذا ثَمَّ من الحوائج التي يخرج إليها المُعتكِف، يخرج مع زوجته فيُوصلها إلى بيتها.

ولما خرج مرَّ رجلين من الأنصار، فلما رأى النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- معه امرأة أسرعا، فقال: على مهلكما لا تسرعوا هذه زوجتي صفية، قالا: يا رسول ما عندنا إشكال وما هذا، كبُر عليهما، وشقَّ عليهما الرسول يقول: هذه زوجتي يعني ما ..، فقال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًا»، فالنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- أراد أن يسبق الشيطان فلا يقذف في قلوبهما شيئًا، فقال: هذه زوجتي، فقالا: ما عندنا إشكال يا رسول الله، كبُر عليهما وشق عليهما، قال: لا، «الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فأردت ألَّا يقذف في قلوبكما شرًا».

وسيأتي في ترجمة: هل يدرأ المُعتكف عن نفسه، هل يدرأ؟ يدرأ المُعتكف، يعني يدرأ عن نفسه، درأ عن نفسه الآن يدفع عن نفسه، يقول: لا تشكون هذه زوجتي، هذا من درء المُعتكف عن نفسه، فإذا كان هذا الرسول-صلَّى الله عليه وسلَّم- فكيف بغيره.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الِاعْتِكَافِ وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- صَبِيحَةَ عِشْرِينَ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ:

ماذا قال في التعليق على هذا في الترجمة السابقة.

قارئ المتن:

- فيه خروج المُعتكف لرد زوجته إلى باب المسجد، وأن هذا من الحوائج.

- وفيه جواز زيارة المُعتكف في المسجد والتحدث معه.

- وفيه جواز زيارة المُعتكف من أزواجه.

- ثانيًا: فيه أن الإنسان إذا خاف أن يُظن به سوءً أو يُتهم أن يُبين وجه الأمر حتى لا يُظن به سوء، وحتى لا يقذف الشيطان في قلب من رآه شرًا وسوءًا.

- ثالثًا فيه دليلٌ على أن الجني قد يدخل الإنسان لقوله: «يجري من ابن آدم مجرى الدم»، ففيه الرد على مَن أنكر ذلك من المُعتزلة وغيرهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، المُعتزلة يقولون الجن ما يدخل الإنسان، وهذه (00:27:21- 00:27:24) يقولون الجن ما نُنكرهم لكن ما يدخلون الإنسان، ولا يُمكن يدخل يعني ما يدخل بدن في بدن، ما يُمكن أن يدخل بدن في بدن، وهذا من جهلهم وضلالهم، نعم البدن الخفيف يدخل البدن، الممنوع البدن الثقيل في البدن، إذا كان البدن خفيف مثل النار تسري في الفحم، والدم يجري في العروق، والماء يجري في العروق، كذلك الشيطان روح، الأرواح ممكن يدخل البدن، فالمُعتزلة يقولون ما يدخل بدن في بدن، أنكروا دخول الجني الإنسان، وهذا من جهلهم وضلالهم، هم والعقلانيون، والله تعالى يقول: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾[الناس:4-6]، وقال: ﴿لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾[البقرة:275]، وفي الحديث «إن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم»، كل هذا ثبت رد على المُعتزلة والعقلانيين الذين يقولون أن الجني لا يدخل الإنسان لأنه لا يُمكن أن يدخل بدن في بدن، نعم البدن الخفيف يُمكن أن يدخل، مثل الدم، ومثل الماء، ومثل النار، كلها تدخل، لكن البدن الثقيل هو الذي ما يدخل البدن الثقيل.

قارئ المتن:

قال البُخاري-رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ أنه سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِير: قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-

قال البُخاري-رحمه الله تعالى-: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ أنه سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِير: قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؟ قَالَ: نَعَمِ اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ، قَالَ: فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَال: «إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنِّي نُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وِتْر،ٍ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فَلْيَرْجِعْ»، فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، قَالَ فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ وَأُقِيمَتْ الصَّلاَةُ، فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ». ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، لأنها وافقت ليلة القدر تلك الليلة ليلة الواحد والعشرين في تلك السنة، وفيه أنهم اعتكفوا العشر الأوسط، وقال: «مَن اعتكف العشر الأوسط يعود ويعتكف العشر الأواخر»، لأنه اعتكف العشر الأوسط ما يعلم يطلب ليلة القدر ولم يُعلمه الله، ثُمَّ أعلمه الله أنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر، فصار في تلك السنة اعتكف عشرين يومًا، العشر الأوسط، والعشر الأواخر، والناس اعتكفوا معه عشرين يومًا.

كم رقم الباب هذا؟

القارئ: الباب العاشر يا شيخ.

الشيخ: كمل احمد كمل، ستة عشر باب هي تقريبًا.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب اعْتِكَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ.

قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ من أزواجه، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهي زينب، وهذا فيه دليل على جواز اعتكاف المُستحاضة، المُستحاضة معها غير الحائض، الحائض لا يجوز لها دخول المسجد ولا يجوز لها المكث في المسجد، لكن المُستحاضة معها نزيف، هذا نزيف مُستمر، هذا ما يمنع، مثل ما به سلس البول، تتحفظ وتتلجم وتصلي وتدخل المسجد مثل مَن به سلس البول، لكن الحائض ما تدخل المسجد، فالحائض لا تدخل المسجد، ولا تلبث ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾[البقرة:222]، لكن المُستحاضة هذه يستمر معها الدم، يستمر معها الدم، يعني ينتهي الحيض ويستمر معها الدم استمرار، هذا نزيف فلا بأس بالمستحاضة لكن بشرط أن تضع شيء حفائظ حتى ما تُلوث المسجد ومثل من به سلس البول كذلك يضع على ذكره شيء حتى يمنع البول لا يُصيب ثوبه، ولا يُصيب المسجد.

قارئ المتن:

- فيه جواز اعتكاف مَن به حدث دائم كالسلس والاستحاضة مع التحفظ من وقوع شيءٍ في المسجد.

- المرأة التي اعتكفت مع النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- أنها زينب، فعليه تكون أم سَلَمة مُستحاضة تُضاف إلى المُستحاضات.

ثالثًا: وضع طست مُبالغةً في الحيطة، فقد يخرج منها شيءٌ عند قيامها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

يعني يوضع الطست من باب الاحتياط، وإلا هي وضعت حفائظ.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ.

قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: «كَانَ النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- في المسجد وعنده أزواجه فرُوحنا فقال لصفية بنت حُيي لا تعجلي حتى انصرف معكِ وكان بيتُها في دار أُسامة، فخرج النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- معها فلقيه رجلان من الأنصار، فنظرا إلى النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- ثُمَّ أجازا، وقال لهم النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-: «تعاليا إنها صفية بنت حُيي»، قالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يُلقي في أنفسكما شيئًا».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا فيه ما سبق جواز زيارة المرأة لزوجها المُعتكف، وجواز خروج المُعتكف ليُوصِل أهله، وأن هذا من الحوائج، وفيه درء المُعتكف عن نفسه إذا خاف، فقال لهم، هذه هي زوجتي، وفيه أن الشيطان يجري من ابن آدم، وأنه يدخل الإنسان، والرد على المُعتزلة القائلين بأن الجن لا يُمكن أن يدخل الإنسان.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله-: باب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

المؤلف رحمه الله يُكرر الأحاديث حتى يستنبط الأحكام، حديث واحد أحيانًا يُكرره ست مرات، سبع مرات، ثمان مرات، عشان كل مرة يستنبط حُكم مرة لزيارة المرأة لزوجها، ومرة لخروج المُعتكف، ومرة لدرء المُعتكف، وكلها حديث واحد، يكررها أربع مرات لاستنباط الأحكام.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله-: باب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ.

قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ أَخْبَرَتْهُ ح، وقال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان،ُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَتَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ تَعَالَ هِيَ صَفِيَّةُ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلًا قَالَ وَهَلْ هُوَ إِلاَّ اللَيْل».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

هذا شاهد أن النبي درأ عن نفسه وقال حتى لا يُظن به شيء مما يقذفه الشيطان.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله-: باب مَنْ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ.

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ح قَالَ سُفْيَانُ وقال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ قال: حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَة،َ وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتْ السَّمَاءُ فَمُطِرْنَا فَو الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ هَاجَتْ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

والشاهد أن النبي خرج من صبيحة، المعتكف يخرج من الصبح، يعتكف العشر الأواخر، مثلًا يعتكف إلى صبح العيد، صبح العيد يخرج، وإن صبر حتى يُصلي العيد فلا بأس، الصبح، يعني إذا طلع الصبح خرج من معتكفه من آخر ليلة، وإن انتظر أيضًا حتى يتم اليوم أو حتى غروب الشمس يكمل اليوم الثلاثين أو التسع وعشرين فلا بأس.

ماذا قال عليه؟

قارئ المتن:

- فيه أن خروجه من اعتكافه عند الصبح صبيحة عشرين، وكان اعتكف العشر الأوسط من رمضان، وذلك ليلة إحدى وعشرين وكانت ليلة القدر في ذلك العام.

- وفيه أن ليلة القدر مُتنقلة في العشر الأواخر، وليست خاصة بسبعٍ وعشرين.

قال البُخاري -رحمه الله تعالى-: باب الِاعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ

قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، قَالَ: فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً، فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً، وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ الْغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَاء،ٍ فَقَالَ: «مَا هَذَا»، فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا آلْبِرُّ؟ انْزِعُوهَا فَلاَ أَرَاهَا»، فَنُزِعَتْ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

فترك الأمر الفاضل للمفضول، فيه أنه يُترك الأمر الفاضل للمصلحة، ترك الاعتكاف في العشر الأواخر وهو أفضل، واعتكف في العشر الأُول من شوال لأجل أن يُزيل هذا الغيرة.

أربع قِباب، أربع خيام في المسجد كل واحدة من الزوجات وضعت خِيام، خاف عليهن من التنافس والغيرة، وفيه تأديب الرجل لزوجاته، أو لزوجه، هذا من باب التأديب.

قارئ المتن:

- فيه أن النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- يدخل مُعتكفه إذا صلَّى الغداة أي الصبح، وإن دخله ليلًا فلا بأس.

- ثانيًا: لعله خشيَّ عليهن من عدم الإخلاص، وأن الحامل لهن على الاعتكاف التنافس الناشئ عن الغيرة، فخشي عليهن الرياء، ففيه ترك العمل إذا خُشيَّ الرياء.

- ثالثًا فيه جواز الاعتكاف في شوال وغيره، وأن الاعتكاف يكون في رمضان وغيره من الشهور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

نعم، وهذا (00:40:46) من للترجمة الاعتكاف كان في شوال، ليس خاصًا في رمضان الاعتكاف.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله-: باب مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ.

قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله عن أخيه عن سليمان بن بلال عن عبيد الله بن عمر عن نافعٍ عن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أوف نذرك»، فاعتكف ليلةً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا فيه بيان أنه لا يُشترط الصوم خلافًا للجمهور، الجمهور يقول: لا بُدَّ من الصوم، يكون صائم، أقل الاعتكاف يوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

وفيه أيضًا جواز قضاء النذر، نذر الكافر إذا أسلم، ايش قال عليه التعليق.

قارئ المتن:

التعليق:

- فيه جواز الاعتكاف من غير صوم؛ لأن الليل لا صوم فيه.

- وفيه أن الكافر إذا نذر طاعة، ثُمَّ أسلم شُرِع له الوفاء بنذره بالنص على الاعتكاف.

قال البُخاري -رحمه الله-: باب إِذَا نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ

قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ أُرَاهُ قَالَ لَيْلَةً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

أُراه يعني يظنه.

هذا دليل على كما سبق، دليل على جواز قضاء الكافر نذره في الجاهلية.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله-: باب الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ

قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عشرين يومًا».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا صدق عليه أن آخر عُمره خير عُمره أكثر عملًا صالحًا.

قارئ المتن:

قال البُخاري -رحمه الله-: باب مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ.

قال: حدثنا محمد بن مقاتلٍ أبو الحسن، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: حدثتني عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبني لها، قالت وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى انصرف إلى بنائه فبصر بالأبنية فقال: «ما هذا؟»، قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «آلبر أردن بهذا ما أنا بمعتكف»، فرجع فلما أفطر اعتكف عشرًا من شوال».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

والشاهد من هذا أن المُعتكف له يخرج من اعتكافه، ما يلزم، إنسان نوى أن يعتكف العشر الأواخر ثُمَّ اعتكف يوم يومين، وبدا له أن يخرج ما في مانع إلا إذا نذر، إن كان نذر، صار واجب، قال: عليَّ نذر أن اعتكف العشر الأواخر هُنا يجب أن يُوفي بالنذر، لكن الإنسان مُتطوع ما فيه مانع، تنظر يوم وبعدين بدا لك تخرج ما فيه مانع، تنظر يومين، وبدا لك ما تُكمِل لا حرج، مثل الصوم، صُمت للتطوع لك أن تُفطِر ولك أن تتم وإذا اتممت أفضل، وكذلك الاعتكاف، نويت تعتكف يومين أو ثلاثة الأفضل تكمل، وإذا خرجت لا حرج.

قارئ المتن:

- فيه استحباب قضاء ما اعتاده من الخير.

- ثانيًا: فيه أن مَن أراد أن يعتكف أو يصوم، أو يتصدق، أو يحُج، أو يعتمر ثُمَّ بدا له ألا يفعل فلا حرج مالم يُحرِم بحجٍ أو عُمرة، فيجب عليه اتمامُها، أما الصلاة والصيام فيُستحب ولا يجب.

- ثالثًا فيه تأديب الرجل لزوجاته كأنه خاف عليهنَّ من اختلاف النيات بسبب التنافس الناشئ.

قال البُخاري -رحمه الله-: باب الْمُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ الْبَيْتَ لِلْغَسْلِ.

قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا هشام بن يوسف، قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها-: «أنها كانت ترجِّل النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح الشيخ:

وهذا فيه دليل على أنه لا بأس، لأنه حينما يُخرج رأسه من المسجد لا يُعتبر خروج، ما دام رجلاه في المسجد، فلا يضر إخراج الراس.

قارئ المتن:

- فيه أن بدن الحائض طاهر ويدُها وأن النجاسة.

شرح الشيخ:

كذلك تُرجله وهي حائض ما في مانع طاهرة بدنُها، النجاسة في خصوص النجاسة بالدم.

 

قارئ المتن:

- فيه أن بدن الحائض طاهر ويدُها وأن النجاسة تختص بالدم الذي في فرجها، ولهذا لما قال النبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- لعائشة ناوليني الخُمر من المسجد، قالت: إني حائض، قال: «ليست حيضتك في يدك».

- ومنها أن خروج بعض البدن كالرأس أو اليد، أو الرجل، أو إدخاله في شيء لا يُعتبر دخولًا ولا خروجًا ما دام مُستقرًا في مكانه بقدميه، ومن ذلك لو أخرج المُعتكف رأسه أو يده أو رجله من المسجد لا يُعتبر ذلك خروجًا ولا يؤثر في اعتكافه ولا يُعتبر خارج من المسجد، ولا يؤمر لذلك بتحية المسجد لأنه لم يخرج.

- فيه لو حلف بالطلاق لا يخرج من المسجد فأخرج رأسه أو يده ليُصافح إنسانًا أو غير ذلك، أو رجله فإنه لا يحنث، لو حلف بالطلاق لا يدخل بيت فُلان، فأدخل يده ليُصافح إنسان، أو رجله، أو أدخل فيه رأسه يُعانقه فإنه لا يحنث، لأنه لا يُعتبر ذلك دخولًا ما دام مُستقرًا خارج البيت.

- فيه جواز غُسل المعتكف رأسه، وجواز ترجيل المرأة رأس زوجها المُعتكف، وأن ذلك لا يؤثر في الاعتكاف.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد