بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد قال شيخ الإِسْلَامِ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رسالته مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد:
(المتن)
قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: ولنذكر من كلام الله تعالى وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام أئمة العلم جملا في جهاد القلب واللسان، ومعاداة أعداء الله وموالاة أوليائه، وأن الدين لا يصح ولا يدخل الإنسان فيه إلا بذلك، فنقول: باب في وجوب عداوة أعداء الله من الكفار والمرتدين والمنافقين
وقول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}[النساء/140].
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة/51].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}[الممتحنة/1]؛ إلى قوله: {كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة/4].
وقوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة/22].
(الشرح)
هذه الأدلة كلها تدل على وجوب معاداة الكفار وعدم الركون إليهم, يعني يجب على المسلم أن يعادي الكفار ويبغضهم اليهود والنصارى والوثنيين فإن أحبهم بقلبه فهذا ردة والعياذ بالله, إذا أحبهم محبة دينية في قلبه فيسع المحبة في المساعدة بالمال وبالسلاح وبالرأي هَذَا المحبة, أما الإحسان الدنيوي فهذا شيء آخر إذا كانوا غير محاربين لنا لا بأس مثل إطعامهم الإنفاق عليهم إذا كانوا محتاجين وفي غير حرب لنا, لكن يحرم المحبة الدينية.
الطالب: (...)؟.
الشيخ: نعم, يعني قبل أن يسلم نحبه محبة طبيعية يعني, يحب لأنه قريب له ولأنه عمه يحوطه ويحميه يحب له الخير يحب له الإِسْلَامِ, لا بأس.
(المتن)
وقال الإمام الحافظ محمد بن وضاح: أخبرني غير واحد أن أسد بن موسى كتب إلى أسد بن الفرات: اعلم يا أخي أن ما حملني على الكتاب إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس وحسن حالك مما أظهرت من السنة وعيبك لأهل البدع وكثرة ذكرك لهم وطعنك عليهم، فقمعهم الله بك وشد بك ظهر أهل السنة وقواك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم, فأذلهم الله بيدك وصاروا ببدعتهم مستترين، فأبشر يا أخي بثواب ذلك، واعتد به من أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد.
وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله تعالى وإحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحيا شيئًا من سنتي كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وضم بين أصبعيه», وقال: «أيما داع دعا إلى هدى فاتُبع عليه كان له مثل أجر من اتبعه إلى يوم القيامة».
(الشرح)
في الحديث: «مَنْ سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِها بعْدَهُ كُتِب لَه مثْلُ أَجْر من عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، ومَنْ سَنَّ فِي الإسلام سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وزر من عَمِلَ بها إلى يوم القيامة».
(المتن)
فمتى يدرك أجر هذا بشيء من عمله.
(الشرح)
يعني يقول: إن هذا أفضل من العبادة والصلاة, معاداة المشركين, معاداة أعداء الله وإقامة السنة أفضل من العبادة.
(المتن)
وذكر أيضًا أن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا لله يذب عنها وينطق بعلاماتها، فاغتنم يا أخي هذا الفضل وكن من أهله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن وأوصاه: «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من كذا وكذا» وأعظم القول فيه.
(الشرح)
وفي الحديث قال: «خيرٌ لك من حمر النعم» فإن الإبل حمر, وهذا مثال ومعناه خير لك من الدنيا وما فيها.
(المتن)
فاغتنم ذلك وادع إلى السنة حتى يكون لك في ذلك ألفة وجماعة يقومون مقامك إن حدث بك حدث، فيكونون أئمة بعدك فيكون لك ثواب ذلك إلى يوم القيامة كما جاء في الأثر: فاعمل على بصيرة ونية وحسبة فيرد الله بك المبتدع المفتون الزائغ الحائر، فتكون خلفًا من نبيك صلى الله عليه وسلم، فإنك لن تلقى الله بعمل يشبهه, وإياك أن يكون لك من أهل البدع أخٌ أو جليس أو صاحب.
فإنه جاء في الأثر: من جالس صاحب بدعة نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه. ومن مشى إلى صاحب بدعة مشى في هدم الإسلام, وجاء: ما من إله يعبد من دون الله أبغض إلى الله من صاحب هوى.
(الشرح)
يَعْنِي: صاحب البدعة.
(المتن)
وقد وقعت اللعنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البدع، وأن الله لا يقبل منهم صرفًا ولا عدلًا ولا فريضة ولا تطوعًا، وكلما ازدادوا اجتهادًا وصومًا وصلاة ازدادوا من الله بعدًا, فارفض مجالسهم وأذلهم وأبعدهم كما أبعدهم الله وأذلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى بعده؛ انتهى كلام أسد رحمه الله تعالى.