بسم الله الرحمن الرحيم
(المتن)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الشيخ سليمان بن سحمان -رحمه الله-:
فَمِنْ ذَاكَ شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ نَاقِضٌ
|
|
كَذَبْحٍ لِغَيْرِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
وَجِاعِلِ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا وَبَيْنَهُ
|
|
وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي
|
وَثَالِثُهَا مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِكَافِرٍ
|
|
وَمَنْ كَانَ فِي تَكْفِيرِهِ ذَا تَرَدُّدِ
|
وَرَابِعُهَا فَالاعْتِقَادُ بِأَنَّ مَا سِوَى
|
|
الْمُصْطَفَى الْهَادِي وَأَكْمَلِ مُرْشِدِ
|
لأَحْسَنُ حُكْمًا فِي الأُمُورِ جَمِيعِهَا
|
|
وَأَكْمَلُ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
|
وَخَامِسُهَا يَا صَاحِ مَنْ كَانَ مُبْغِضًا
|
|
لِشَيء أَتَى مِنْ هَدْيِ أَكْمَلِ سَيِّدِ
|
وَسَادِسُهَا مَنْ كَانَ بِالدِّينِ هَازِئًا
|
|
وَلَوْ بِعِقَابِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
وَسَابِعُهَا مَنْ كَانَ لِلسِّحْرِ فَاعِلاً
|
|
كَذَلِكَ رَاضٍ فِعْلَهُ لَمْ يُفَنِّدِ
|
وَثَامِنُهَا وَهْيَ الْمُظَاهَرَةُ الَّتِي
|
|
يُعَانُ بِهَا الْكُفَّارُ مِنْ كُلِّ مُلْحِدِ
|
عَلَى الْمُسْلِمِينَ الطَّائِعِينَ لِرَبِّهِمْ
|
|
عِيَاذًا بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ كُلِّ مُفْسِدِ
|
وَتَاسِعُهَا وَهْوَ اعْتِقَادٌ مُضَلِّلٌ
|
|
وَصَاحِبُهُ لا شَكَّ بِالْكُفْرِ مُرْتَدِي
|
كَمُعْتَقِدٍ أَنْ لَيْسَ حَقًّا وَوَاجِبَاً
|
|
عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْمُصْطَفَى خَيْرِ مُرْشِدِ
|
وَعَاشِرُهَا الإعْرَاضُ عَنْ دِينِ رَبِّنَا
|
|
فَمَنْ لَمْ يُعَلَّمْهُ فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي
|
(الشرح)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: ...
فهذه الأبيات للشيخ سليمان بن سحمان رَحِمَهُ الله الشاعر المعروف الذي يدافع وينافح عن عقيدة أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، والشيخ سليمان كان في زمن الإِمَامِ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود رَحِمَهُم اللهُ، نظم نواقض الإسلام في هذه الأبيات، نظم نواقض الإسلام التي ذكرها الإِمَامِ المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ الله.
وهي عشرة نواقض، ذكرها الإِمَامِ المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ الله، في رسالةً له صغيرة سماها نواقض الإِسْلَامِ، نثر، جاء الشيخ سليمان بن سحمان ونظمها في هذه الأبيات، والنظم تُضبط به المسائل.
ولهذا فإنك تجد العُلَمَاءِ ينظمون بعض المسائل الفقهية أو بعض القواعد، فنظمها؛ لأن النظم يسهل حفظه بخلاف النثر، فإنه لو عدها قد ينسى بعضها لكن إذا حفظ النظم ضبطها ولا ينسى شيئًا منها، وهذه أهم النواقض، نواقض الإِسْلَامِ وإلا فنواقض الإِسْلَامِ كثيرة.
والفقهاء من كل أهل مذهب، يذكرون في كتبهم أنواعًا من الردة إذا فعل المسلم واحدة منها ارتد عن دينه، وبوبوا في ذلك في كتبهم في أبواب الفقه بابًا سموه: باب حكم المرتد، وهو الذي يكفر بعد إسلامه، فتجد الفُقَهَاءِ الأحناف يبوبون: باب حكم المرتد، فُقَهَاءِ المالكية في كتب الفقه: باب الحكم المرتد، فُقَهَاءِ الشافعية: باب حكم المرتد، فُقَهَاءِ المالكية: باب حكم المرتد، فقهاء الحنابلة: باب حكم المرتد، وهو الذي يكفر بعد إسلامه، ويذكرون أنواعًا من الردة.
ومن أكثر من ذكر من الأنواع الأحناف، ذكروا أنواع كثيرة من أنواع الردة، وقد عد بعضهم منها ما يقارب خمسمائة ناقض، وذكر الأحناف من النواقض، من نواقض الإسلام، أن من قال: مسجد، من صغَّر المسجد وقال: مُسيجد، من صغر المصحف وقال: مُصيحف على وجه التحقير كفر.
قالوا: من أنواع الردة، أن يقول مسيجد، يصغر المسجد يقول: مسيجد على وجه الاحتقار أو يقول: مصحف مصيحف.
وبهذا يتبين أن نواقض الإِسْلَامِ كثيرة وأنواع الردة كثيرة، لكن الإِمَامِ المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ذكر عشرة نواقض هي أهمها، هي أهم هذه النواقض وأعظمها خطرًا، فجاء الشيخ سليمان بن السحمان، شاعر أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ يدافع عن عقيدة السلف وعقيدة أهل السنة والجماعة، ونظمها في هذه الأبيات حتى يسهل حفظها وضبطها؛ لأن النظم يُضبط.
نعم، البيت الأول ابدأ، نقرأ من البيت الأول.
(المتن)
فَمِنْ ذَاكَ شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ نَاقِضٌ
|
|
كَذَبْحٍ لِغَيْرِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
(الشرح)
نعم، يقول إن ذاك من نواقض الإسلام، كان الشيخ سليمان ذكر مقدمة قبل هذه، قبل النواقض لم تُذكر هنا، ثم بدأ بالنواقض، فقال:
الناقض الأول: الشرك في العبادة، الإشراك في عبادة الله عَزَّ وَجَلَّ، فالشرك في العبادة ناقض من نواقض الإسلام.
والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، العبادة هي الأوامر والنواهي.
الأوامر والنواهي في الكتاب والسنة، الله تعالى تعبَّد العباد بفعل الأوامر واجتناب النواهي، فالأوامر يفعلها المسلم، والنواهي يتركها المسلم.
والأوامر نوعان: أمر إيجاب، وأمر استحباب، فكلها يفعلها المسلم عبادة لله.
والنواهي نوعان: نهي تحريم، ونهي تنزيه.
هذه هي العبادة، فإذا صرف شيئًا منها لغير الله يكون فعل ناقضًا من نواقض الإسلام وأشرك في عبادة الله.
فمثلًا الأوامر قول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}[البقرة:43]، هذا أمر إيجاب، فالمسلم إذا أقام الصلاة وصلى لله يكون تعبد لله عَزَّ وَجَلَّ، هذه عبادة، فإذا صرفها العبادة لغير الله، صلى لغير الله صار شركًا في العبادة، وناقضًا من نواقض الإسلام.
وكذلك الأمر، أمر الاستحباب، كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»، وفي لفظ: «عند كل وضوء» لأمرتهم يعني أمر استحباب، وإلا فقد أمر ...لأمرتهم أمر يعني أمر وجوب وإلا فقد أمرهم أمر استحباب.
«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك»، أي لأمرتهم أمر إيجاب، لأنه أمرهم أمر استحباب، فالسواك يفعله المسلم تعبدًا لله، فإذا استاك لغير الله وقع في ناقض من نواقض الإسلام، وأشرك في العبادة، وكذلك النواهي يتركها المسلم تعبدًا لله وخوفًا ورجاءً، سواءٌ كان النهي نهي تحريم أو نهي تنزيه.
نهي تحريم كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}[الإسراء:32].
فالمسلم يترك الزنا خوفًا من الله وخشية وتعظيمًا وإجلالًا، ورغبةً فيما عنده، فإذا ترك الزنا لغير الله، تركه خوفًا من غير الله، كأن ترك الزنا خوفًا من الشيخ أو من السيد أو خوفًا من النجم؛ فإنه يكون فعل ناقضًا من نواقض الإسلام؛ لأنه صرف العبادة لغير الله، الله تعبده بأن يترك الزنا خوفًا منه وطمعًا، فترك الزنا لغير الله، فوقع في الشرك.
وكذلك نهي التنزيه، كقوله كما في الحديث، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» فكان يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديث بعدها، هذه الكراهة كراهة تنزيه.
فالمسلم يتعبد لله بترك النوم قبل صلاة العشاء وترك الحديث بعدها، امتثالًا لـ ... خوفًا من الله وتعبدًا لله، فإذا ترك ذلك لغير الله وقع في الشرك.
فإذًا الناقض الأول من نواقض الإسلام الشرك في العبادة، كأن يدعو غير الله، يقول: يا فلان؛ الدعاء عبادة، يقول: يا ربي أغثني، يا ربِّ فرج كربتي، المدد منك يا رب.
فإذا دعا غير الله، قال: يا رسول الله أغثني، يا سيدي البدوي، يا عبد القادر الجيلاني، يا عيدروس، يا ابن علوان، فرج كربتي؛ أشرك بالله، أو خذ بيدي أو اشفع لي أو انصرني أو أغثني، أو ارزقني أو عافني أو أدخلني الجنة أو نجني من النار، فعل ناقضًا من نواقض الإسلام؛ لأنه أشرك في عبادة الله، أو ذبح لغير الله؛ لأن الذبح عبادة، أو طاف بغير بيت الله، طاف على قبر رجل تعبدًا له فإنه يكون فعل ناقضًا من نواقض الإسلام لأنه أشرك، أو نذر لغير الله، هذا هو الناقض الأول.
الناقض الأول: الإشراك في العبادة، الشرك في العبادة.
والعبادة عرفنا، هي الأوامر والنواهي، اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فإذا صرف نوعًا من أنواع العبادة وقع في الشرك، وقع في ناقض من نواقض الإسلام، فالصلاة عبادة والزكاة عبادة والصوم عبادة والحج عبادة وبر الوالدين عبادة، وصلة الأرحام عبادة والأمر بالمعروف عبادة والنهي عن المنكر عبادة، والجهاد في سبيل الله عبادة، وبر الوالدين عبادة، وكذلك ترك الزنا لله عبادة، ترك شرب الخمر عبادة، ترك الغيبة عبادة، ترك النميمة عبادة لله، ترك التعامل بالربا عبادة، وهكذا.
هذه العبادات يفعل المسلم الأوامر تعبدًا لله، وخوفًا ورجاءً وطعمًا في إرضاءه، ويترك النواهي تعبدًا لله وخوفًا منه ورجاءً، فإذا فعل العبادة، الأوامر فعلها لغير الله يكون فعل ناقض من نواقض الإسلام، أو ترك النواهي لغير الله، يكون وقع في ناقض من نواقض الإسلام لأنه أشرك بالعبادة، والشرك في العبادة ناقض من نواقض الإسلام، كأن يدعو غير الله أو يذبح لغير الله أو ينذر لغير الله أو يطوف بغير بيت الله تقربًا لذلك الغير أو غير ذلك من أنواع العبادة.
(المتن)
وَجِاعِلِ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا وَبَيْنَهُ
|
|
وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي
|
(الشرح)
هذا الناقض الثاني من نواقض الإسلام قال المؤلف: وجاعلٌ ... الناقض الأول قال:
فَمِنْ ذَاكَ شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ نَاقِضٌ
|
|
وَذَبْحٍ لِغَيْرِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
البيت الأول ذكر فيه الناقض الأول، قال: (فَمِنْ ذَاكَ) يعني من نواقض الإسلام، (شِرْكٌ فِي الْعِبَادَةِ نَاقِضٌ) شرك في العبادة ناقض يعني ناقض من نواقض الإسلام، (وَذَبْحٍ لِغَيْرِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ) هذا مثال، مثاله الذبح لغير الله، لغير الواحد وهو الله المتفرد بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
فالناقض الأول: الشرك في العبادة ومثاله الذبح لغير الله.
الناقض الثاني: قال المؤلف:
وَجِاعِلٌ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا وَبَيْنَهُ
|
|
وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي
|
الناقض الثاني: أن يجعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات والمدد، من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يتوكل عليهم أو يذبح لهم أو يُنذر لهم كفر إجماعًا، هذا ناقض من نواقض الإسلام.
وكأن الناقض الثاني أعم من الناقض الأول، الناقض الأول: الشرك في العبادة، والناقض الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يذبح لهم أو ينذر لهم أو يتوكل عليهم أو يخافهم أو يرجوهم، كفر إجماعًا، فهذا هو الناقض الثاني.
الناقض الأول: الشرك في العبادة، كالذبح لغير الله.
والناقض الثاني: أن يجعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يذبح لهم وينذر لهم، ولهذا قال المؤلف: (وَجِاعِلِ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا) بغيًا هذه كلمة معترضة، يعني وبينه وبينه وسائط يدعوهم.
(وَجِاعِلِ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا وَبَيْنَهُ وَسَائِطَ) كلمة بغيًا هذه معترضة، كلمة معترضة، يعني إنه جعل بينه ... لما جعل بينه وبين الله وسائط هذا من البغي والعدوان، من البغي وتجاوز الحد؛ لأن حد المسلم أن يكون عبدًا لله، فإذا جعل ببينه وبين والله وسائط فقد تجاوز الحد وبغى، فهي لها معنى، وأيضًا كذلك المؤلف حتى يكمل بها البيت حتى لا ينكسر البيت، قال: (وَجِاعِلٌ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا وَبَيْنَهُ وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي) ليس بمهتدي بل هو ضال، لشركه وضلاله، هذا جعل بينه وبين الله وسائط، فالناقض الثاني أن يجعل بين الله وبين خلقه ... أن يجعل الشخص بينه وبين الله وسائط واسطة، يدعوهم.
كأن يدعو الميت، يجعل الميت واسطة بينه وبين الله يدعوه، أو يجعل هذا الميت واسطة بينه وبين الله يذبح له أو ينذر له، (وَجِاعِلٌ بَيْنَ اللهِ بَغْيًا وَبَيْنَهُ وَسَائِطَ يَدْعُوهُمْ فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي).
(المتن)
وَثَالِثُهَا مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِكَافِرٍ
|
|
وَمَنْ كَانَ فِي تَكْفِيرِهِ ذَا تَرَدُّدِ
|
(الشرح)
هذا الناقض الثالث: (مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِكَافِر، وَمَنْ كَانَ فِي تَكْفِيرِهِ ذَا تَرَدُّدِ) من لم يكفر الكافر أو شك في كفره فهذا ناقض من نواقض الإسلام، من لم يكفر الكافر أو شك في كفره، فمثلًا شخصٌ لا يكفر اليهود أو لا يكفر النصارى أو شك في كفر اليهود أو كفر النصارى فهو كافر، انتقض إسلامه، لماذا؟
لأنه لم يحقق كلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا الله)، كلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا الله) فيها نفي إثبات، فيها ولا وبراءة، براءة من كل معبود سوى الله، ومن لم يكفر الكافر أوشك في كفر الكافر فإنه لم يتبرأ ... لم يكفر بالطاغوت، وكفر الطاغوت هو البراءة من كل معبود سوى الله.
وهذا الذي لم يكفر كافر أو شك في كفره ما كفر بالطاغوت، لم يكفر بالطاغوت، قال الله ... والتوحيد لابد فيه من أمرين: نفي وإثبات.
فالنفي: هذا البراءة من كل طاغوت ومن كل معبود سوى الله.
والإثبات: تخصيص الله في التوحيد، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:256].
إذًا التوحيد لابد فيه من أمرين: نفي، وإثبات.
فالنفي: هو الكفر بالطاغوت.
والإثبات: هو الإيمان بالله.
والذي لم يكفر الكافر ما كفر بالطاغوت فلا يكون موحدًا، لم يكفر بالطاغوت لأنه لم يكفِّر الكافر ولم يتبرأ منه، فإذًا الناقض الثالث: من لم يكفر الكافر أو شك في كفر الكافر، فمن لم يكفر الكافر أو شك في كفره فقد فعل ناقضًا من نواقض الإسلام.
ولهذا قال المؤلف: (وَثَالِثُهَا) يعني ثالث النواقض، نواقض الإسلام.
وَثَالِثُهَا مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِكَافِرٍ
|
|
وَمَنْ كَانَ فِي تَكْفِيرِهِ ذَا تَرَدُّدِ
|
نعم.
(المتن)
وَرَابِعُهَا فَالاعْتِقَادُ بِأَنَّ مَا سِوَى
|
|
الْمُصْطَفَى الْهَادِي وَأَكْمَلِ مُرْشِدِ
|
لأَحْسَنُ حُكْمًا فِي الأُمُورِ جَمِيعِهَا
|
|
وَأَكْمَلُ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
|
(الشرح)
(لأَحْسَنُ حُكْمًا فِي الأُمُورِ جَمِيعِهَا)، هذا الرابع من نواقض الإسلام: هو أن يعتقد الإنسان أن هدي غير النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكمل من هديه، أو يعتقد أن حكم غير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحسن من حكمه، فهذا ناقض من نواقض الإسلام، من اعتقد أن هدي غير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكمل من هديه وأن حكم أحدٍ من الناس أحسن من هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يكون مرتدًا، يكون فعل ناقضًا من نواقض الإسلام.
فهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هو أكمل من هدي كل أحد، وحكمه أحسن من حكم كل أحد؛ لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبلغٌ عن الله؛ لأنه معصوم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى وإنما هو وحي يُوحى، هو المبلغ عن الله عَزَّ وَجَلَّ، فهدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكمل هدي وحكمه أحسن حكم.
فمن اعتقد أن هدي أحدٍ من الناس أكمل من هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو اعتقد أن حكم أحد من الناس أحسن من حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه كافر مرتد؛ لأنه فعل ناقضًا من نواقض الإسلام، فهذا هو الناقض الثالث، أن يعتقد أن هناك هديٌ أكمل من هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أن هناك حكمًا أحسن من حكمه، ولهذا قال الناظم: (وَرَابِعُهَا فَالاعْتِقَادُ بِأَنَّ مَا سِوَى الْمُصْطَفَى) المصطفى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَالاعْتِقَادُ بِأَنَّ مَا سِوَى الْمُصْطَفَى الْهَادِي وَأَكْمَلِ مُرْشِدِ لأَحْسَنُ حُكْمًا فِي الأُمُورِ جَمِيعِهَا)؛ يعني يعتقد بأن سوى الرسول، أن هدي سوى الرسول أكمل من هديه.
(لأَحْسَنُ حُكْمًا فِي الأُمُورِ جَمِيعِهَا وَأَكْمَلُ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ)؛ يعني لو اعتقد أن هدي أحد أكمل من هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يكون فعل ناقضًا من نواقض الإسلام، نعم.
(المتن)
وَخَامِسُهَا يَا صَاحِ مَنْ كَانَ مُبْغِضًا
|
|
لِشَيء أَتَى مِنْ هَدْيِ أَكْمَلِ سَيِّدِ
|
(الشرح)
هذا الناقض الخامس: الناقض الخامس من نواقض الإسلام أن يبغض شيئًا مما جاء به الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-، أن يبغض شيئًا من دين الرسول، أو ثوابه أو عقابه، فإن يكون مرتدًا، فإن فعْله ناقض من نواقض الإسلام أن يبغض شيئًا مما جاء به الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- أو ثوابه أو عقابه.
أمر الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- [00:21:08] الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- شرع الصلاة [00:21:16] عن ربه عَزَّ وَجَلّ، فمن أبغض الصلاة فإنه يكون مرتدًا، أو أبغض الثواب أو العقاب المرتب على ... أبغض الثواب المُعد على بعض الطاعات أو أبغض العقاب المُعد على بعض المعاصي فإنه يكون مرتدًا؛ لأنه أبغض شيئًا جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه كان مبغضًا لشيء جاء به الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-، ولهذا قال المؤلف:
(وَخَامِسُهَا) يعني الخامس من نواقض الإسلام.
(يَا صَاحِ) هذه مرخمة، التقدير: يا صاحبي، يا صاحبي، رخَّمَ، حذف آخر الكلمة، ترخيم، هذا يُسمى ترخيم، ترخيم لأجل البيت، مثل قول ابن القيس: فاطمة يُقال: فاطم، فاطمُ يحذف الهاء، كقول ابن القيس: "أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل"، يا صاح، يعني يا صاحبي.
وخامس النواقض للإسلام: يا صاحبي (مَنْ كَانَ مُبْغِضًا لِشَيء أَتَى مِنْ هَدْيِ أَكْمَلِ سَيِّدِ) يعني من كان مبغضًا لشيء مما جاء به الرسول، إذا أبغض شيئًا مما جاء به الرسول من دينه أو ثوابه أو عقابه، كفر، أبغض شيئًا مما جاء به الرسول من دين الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- أو من ثواب أو العقاب كفر.
لقول الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}[محمد:9]، فأخبر أن من كره شيئًا مما جاء به الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-، أو أبغضه كفر، قال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}[محمد:9]، والذي يُحبط عمله هو الكافر، فدل على أن من كره شيئًا مما جاء به الرسول أو أبغض شيئًا مما جاء به الرسول فإنه يكون مرتدًا، لأنه فعل ناقضًا من نواقض الإسلام، نعم.
(المتن)
وَسَادِسُهَا مَنْ كَانَ بِالدِّينِ هَازِئًا
|
|
وَلَوْ بِعِقَابِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
(الشرح)
هذا الناقض السادس: من نواقض الإسلام؛ السخرية والاستهزاء بشيءٍ من دين الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- أو ثوابه أو عقابه، كأن يسخر بالصلاة، يسخر بالصلاة ويسخر بالمصلين أو يستهزئ بالزكاة أو بالصوم أو بالحج، أو يستهزئ بالعقوبة التي رُتبت على شرب الخمر.
يستهزئ بعقاب شارب الخمر، يستهزئ بالعقوبة التي رُتبت على القذف أو رُتبت على الزنا، فإنه يكون كافرًا، ولهذا قال المؤلف:
وَسَادِسُهَا مَنْ كَانَ بِالدِّينِ هَازِئًا
|
|
وَلَوْ بِعِقَابِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
ولو يستهزئ بعقاب واحد، عقاب الواحـ ... عقاب مثلًا شارب الخمر الجلد، فإذا استهزأ بالجلد كفر؛ لأنه استهزأ بشيءً من العقاب الذي جاء به الرسول، وكذلك لو استهزأ بالثواب المُعد على الصلاة، ولهذا قال المؤلف:
وَسَادِسُهَا مَنْ كَانَ بِالدِّينِ هَازِئًا
|
|
وَلَوْ بِعِقَابِ الْوَاحِدِ الْمُتَفَرِّدِ
|
ولو كان يستهزئ بعقوبة الواحد كعقوبة جالد الخمر ... شارب الخمر.
(المتن)
وَسَابِعُهَا مَنْ كَانَ لِلسِّحْرِ فَاعِلاً
|
|
كَذَلِكَ رَاضٍ فِعْلَهُ لَمْ يُفَنِّدِ
|
(الشرح)
نعم، السابع: السحر؛ فمن فعله أو رضي به فهو مرتد، السحر السابع من نواقض الإسلام، السابع من نواقض الإسلام السحر، فمن فعل السحر أو رضي به فإنه يكون مرتدًا، يكون فعل ناقضًا من نواقض الإسلام.
والسحر في اللغة: عبارة عمَّا خفي ولطف سببه.
وفي الشرع: عزائم ورقى وعقد وأدوية وتدخينات تؤثر في القلوب والأبدان وتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه.
والسحر الذي من قِبل الشياطين لابد أن يكون فيه شرك، فيكون هناك عقد بين الساحر وبين الشيطان الجني واتفاق، فيتفق الساحر مع الشيطان ويعقد معه عقد، فيطلب بمقتضى هذا العقد الشيطان من الساحر أن يكفر بالله، يطلب منه أن يكفر بالله يقول: اكفر أولًا بالله حتى أخدمك.
خدمة متبادلة بين الساحر وبين الجن بعد العقد، ما هو العقد؟
العقد: يشترط الساحر على الجني ... يشترط الجني على الساحر الكفر بالله، يقول: اكفر بالله. كأن يتقرب إليه بالعبادات التي ... يعبده من دون الله، أو يطلب منه أن يلطخ المصحف بالنجاسة، أو يبول على المصحف، أو يطأه بقدميه، فيكفر الساحر.
فإذا كفر خدمه الجني، يخدمه بأن يستجيب لمطالبه إذا أمره أن يلطم شخص لطمه إذا أمره أن يخرج الجن من شخص خرج، إذا أمره أن يسرق له بعض الأشياء يسرق له، خدمة متبادلة بين الجن وبين الساحر بعد العقد، العقد الجني يطلب من الساحر يقول له: اكفر بالله، ما أخدمك حتى تكفر بالله.
كيف يكفر بالله؟
يذبح لغير الله، ينذر لغير الله، يعبد الساحر، يأمره بأن يبول على المصحف أو يلطخه بالنجاسة، فإذا كفر خدمه الجني، فالجني بعد ذلك يخدمه، يخدمه بأن يستجيب لمطالبه، يستجيب لمطالبه إذا أمره بشيء استجاب لمطالبه.
أمره يقرأ على الجن، على شخص مصروع يقول له: اخرج. يخرج، يخرج، خدمة متبادلة، فيصير الساحر يعالج الناس ويأتون به ويأخذ الأموال الطائلة لأنه بينه وبين الجني عقد، فيكون آثر الدنيا على الآخرة، آثر الدنيا على الآخرة والعياذ بالله فكفر بالله.
فالسحر من فعله، فعل السحر بأن تعلمه أو علمه أو رضي به فهو كافر؛ لأنه رضي بالشرك، لأن السحر لابد فيه من الشرك، الساحر لابد أن يُشرك بالله U، فمن فعل السحر فقد فعل الشرك، ومن رضي بالسحر فقد رضي بالشرك، ومن رضي بالكفر، فعل الكفر أو رضي بالكفر فهو كافر.
إذًا هذا ناقض من نواقض الإسلام السابع، ولهذا قال الناظم: (وَسَابِعُهَا مَنْ كَانَ لِلسِّحْرِ فَاعِلاً) يعني: فعل السحر، (كَذَلِكَ رَاضٍ فِعْلَهُ لَمْ يُفَنِّدِ)، يعني راضي لفعل السحر، فالذي يفعل السحر أو يرضى بفعل السحر فإنه فعل ناقض من نواقض الإسلام.
(المتن)
وَثَامِنُهَا وَهْيَ الْمُظَاهَرَةُ الَّتِي
|
|
يُعَانُ بِهَا الْكُفَّارُ مِنْ كُلِّ مُلْحِدِ
|
عَلَى الْمُسْلِمِينَ الطَّائِعِينَ لِرَبِّهِمْ
|
|
عِيَاذًا بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ كُلِّ مُفْسِدِ
|
(الشرح)
نعم، الثامنة، الثامن من نواقض الإسلام: المظاهرة، مظاهرة المشركين على المسلمين، مظاهرة المشركين على المسلمين، مظاهرة: معاونة؛ يعني يعين المشركين على المسلمين، كأن هناك يكون قتال بين المسلمين والكفار، فيأتي ويعين الكفار على المسلمين.
وأصل هذه المسألة، أصل ذلك المحبة في القلب؛ لأنه ما أعانهم، ما أعان الكفار على المسلمين إلا لأنه يحبهم، أحبهم لدينهم، فلما أحبهم لدينهم أعانهم على المسلمين، فصارت المظاهرة ناشئة عن المحبة فلما أحب الكفار أحبهم لدينهم ظاهرهم وعاونهم على المسلمين.
أعانهم بالسلاح أو بالرأي أو بالمال، فيكون لذلك مرتدًا والعياذ بالله لأنه فعل ناقضًا من نواقض الإسلام وهي المعاونة والمظاهرة، مظاهرة الكفار على المسلمين الناشئة عن محبتهم لدينهم.
ومن المعلوم أن ... ولذلك قال المؤلف رَحِمَهُ اللهُ: (وَثَامِنُهَا) يعني ثامن ناقض من نواقض الإسلام، (وَهْيَ الْمُظَاهَرَةُ الَّتِي) المظاهرة هي المعاونة، المساعدة، (الَّتِي يُعَانُ بِهَا الْكُفَّارُ مِنْ كُلِّ مُلْحِدِ) على المسلمين، يُعان بها الكفار على المسلمين الطائعين لربهم، يعين الكفار (عَلَى الْمُسْلِمِينَ الطَّائِعِينَ لِرَبِّهِمْ، عِيَاذًا بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ كُلِّ مُفْسِدِ).
ومن المعلوم من هذه النواقض وغيرها أنه لا ... أن المسلم إذا فعل ناقضًا من نواقض الإسلام، فإنه لا يُحكم عليه بالكفر حتى تقوم عليه الحُجة؛ لأنه قد يكون جاهل، وقد يكون متأول، وقد يكون هناك من أفتاه بأنه لم يُفعل ناقضًا من نواقض الإسلام فيكون معذور، فلا يُحكم على الإنسان بالكفر، بعض الناس مجرد ما يسمع مظاهرة وغيرها قد يحكم على الشخص بأنه كافر، لا، هذا الذي ... هذا لابد النظر فيه من أهل العلم وأهل البصيرة؛ لأن التكفير والتفسيق والتبديع والتحليل والتحريم هذه أحكام شرعية لله ولرسوله، لا يحكم فيها الشباب والصغار والأطفال، تجد ابن الخمسة عشر سنة وابن اثنا عشر سنة وثمانية عشر سنة يضلل ويكفر، يكفر المسلمين ويكفر الأفراد ويكفر الشعوب ويكفر بعض الدول؛ لأنه قرأ حديث أو قرأ آية على غير بصيرة، لأنه لا ... اطلب العلم وتعلم حتى يكون عندك بصيرة، ولا تحكم على أحد، الذي ينظر في هذا أهل العلم، هم الذين ينظرون في الأدلة وينظرون في الواقع، ينظرون في الأدلة الشرعية وينظرون في واقع الشخص وحاله، ثم يحكمون عليه.
أما أنت اطلب العلم، أنت صغير، أنت لا تحكم على الناس، ما وصلت إلى ... ما تأهلت إلى أن تحكم على الناس بأنهم مرتدين، أو بأن هذا الشخص مرتد، أو أن الدولة الفلانية مرتدة، أو أن الشخص الفلاني مرتد، أو العالم الفلاني مرتد؛ لأنه فعل ناقضًا لأنه ظاهر المشركين على المسلمين، لابد أن يُنظر في القضية من جميع النواحي، يُنظر في الأسباب التي دعته، يُنظر في الأحوال التي دعته، يُنظر هل هو جاهل، هل هو مُكره، هل هو متأول، هل نظر في المسألة واعتقد أن هذا غير مكفر، أو هناك من بين له أو أفتاه بأن هذا غير مكفر.
فلا ينبغي للشاب الصغير أن يقتحم هذه الأمور، بل على الشاب أن يطلب العلم ويتعلم العلم ويُقبل على العلم، وأما الحكم على الأشخاص أو على الدول أو على الأفراد إنما هذا ينظر فيه أهل العلم، وينظرون القضية وملابساتها وينظرون للأسباب والدوافع، والأحوال وحال الشخص أو الأشخاص، ثم بعد ذلك يحكمون عليه، أما أنت فأنت صغير، طفل صغير لازلت تتعلم.
تتعلم الآن، لا تفتي إلا بعد الكبر؛ ولهذا قال بعض العلماء، كان ينهى عن الفتي، قال: لا يفتي إلا من مبلغ الأربعين أو بلغ الخمسين أو بلغ الستين أو من قال له شيوخه شهدوا له بالعلم وأنه يفتي، أما الطفل الصغير الآن، قرأت أو قرأت حديث وقرأت رسالة صغيرة صرت تفتي وتحلل وتحرم وتكفر وتفسق وتبدع، احذر هذا المسلك، واعرف نفسك وأرجع الأمور إلى نصابها، ارجع إلى أهل العلم وأسألهم وهم الذين ينظرون في هذه المسائل، أما أنت فعليك أن تُحجم وتقف ولا تتكلم في هذه الأمور، وإنما عليك أن تتطلب العلم، نعم.
(المتن)
وَتَاسِعُهَا وَهْوَ اعْتِقَادٌ مُضَلِّلٌ
|
|
وَصَاحِبُهُ لا شَكَّ بِالْكُفْرِ مُرْتَدِي
|
كَمُعْتَقِدٍ أَنْ لَيْسَ حَقًّا وَوَاجِبَاً
|
|
عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْمُصْطَفَى خَيْرِ مُرْشِدِ
|
(الشرح)
نعم، الناقض التاسع من نواقض الإسلام: أن يعتقد الشخص أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه يسعه أن يخرج عن شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنه يصلى إلى الله ولو خالف القرآن والسنة، يعتقد، أن يعتقد أنه لا يجب عليه أن يتبع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه يسعه الخروج عن شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويمكن يصل إلى الله من غير شريعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا مرتد، كأن يقول إنه يجوز ... كأن يعتقد أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى، فقال: الخضر ما عمل بشريعة موسى ومع ذلك هو على حق ويصل إلى الله.
فيقول: إنه يجوز له أن يخرج عن شريعة محمد ويصل إلى الله من غير طريق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن طريق الفلسفة أو عن طريق التصوف، نقول: هذا مرتد لماذا؟
لأن شريعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامة للثقلين، الجن والأنس، لا يخرج عنها عن شريعة محمد أحد أبدًا، شريعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عامة للثقلين الجن والأنس وللعرب والعجم.
أما شريعة موسى ليست عامة خاصة ببني إسرائيل، الخضر ما كُلف بالعمل بشريعة موسى، ولهذا فإن موسى رحل، ركب البحر يتعلم من الخضر، ولما وجده قال: من أنت؟ قال: موسى، قال: موسى نبي الله؟ قال: نعم، قال: ما الذي جاء بك؟ قال: جئت أتعلم. قال: أما يسعك التوراة التي أنزلها الله عليك؟
فهناك فرق بين محمد وموسى عليهم والسلام، محمد -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- شريعته عامة، للجن والأنس وللثقلين، للجن والأنس وللعرب والعجم، أما شريعة موسى فهي خاص ببني إسرائيل ليست عامة، ولذلك وسع الخضر أن يخرج عن شريعة موسى ويصل إلى الله؛ لأنه نبي على الصحيح وقيل: عبد صالح، لكنه ليس مكلف بالعمل بشريعة موسى.
أما محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشريعته عامة بعد بعثته، عامة للثقلين الجن والأنس والعرب والعجم، ولا يجوز لأحد أن يخرج عنها، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ:28].
وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1].
رسالته للعالمين، للناس كافة، وقال -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار».
فمن اعتقد أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد ويصل إلى الله من غير طريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو مرتد، ما في طريق يوصل إلى الله إلا عن طريق ... بعد بعثة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا عن طريق النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الشريعة التي جاء بها سُدَّت الأبواب الموصلة لله إلا من طريق الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-.
فالذي يعقد أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه يجوز أن يتعبد لله من غير شريعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويصل إلى الله بغير شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو كافر بإجماع المسلمين؛ لأن شريعة النبي عامة للثقلين الجن والأنس وللعرب والعجم لا يخرج منها أحد أبد الآباد. نعم.
ولهذا قال المؤلف رَحِمَهُ الله: (وَتَاسِعُهَا وَهْوَ اعْتِقَادٌ مُضَلِّلٌ)، اعتقاد مضلل يعني يضلل صاحبه، (وَصَاحِبُهُ لا شَكَّ بِالْكُفْرِ مُرْتَدِي)، التاسع اعتقادٌ ضال وصاحبه لا شك أنه مرتد، ما هو؟
قال:
كَمُعْتَقِدٍ أَنْ لَيْسَ حَقًّا وَوَاجِبَاً
|
|
عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْمُصْطَفَى خَيْرِ مُرْشِدِ
|
يعني كأن يعتقد أنه ليس عليه واجبٌ أن يتبع الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-، والرسول هو خير مرشد، (كَمُعْتَقِدٍ أَنْ لَيْسَ حَقًّا وَوَاجِبَاً، عَلَيْهِ اتِّبَاعُ الْمُصْطَفَى خَيْرِ مُرْشِدِ) فمن اعتقد أنه لا يجب عليه أن يتبع الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-، فهو كافر مرتد، بل يجب على جميع الناس وعلى جميع الثقلين الجن والأنس أن يتبعوا الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ- وأن يتبعوه ويعملوا بشريعته -عَلَيْهِ الصَّلَاَةُ وَالسُّلَّامُ-؛ لأنه هو المبلغ عن الله وشريعته عامة. نعم.
(المتن)
وَعَاشِرُهَا الإعْرَاضُ عَنْ دِينِ رَبِّنَا
|
|
فلا يتعلمه فَلَيْسَ بِمُهْتَدِي
|
(الشرح)
نعم، الناقض العاشر من نواقض الإسلام: وهو الناقض العاشر والأخير هو الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، فإذا أعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله كان مرتدًا؛ لأنه رفض دين الله، رفض دين الله، فدل على أن الكفر يكون بالرفض والترك، فإذا رفض دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله صار مرتدًا، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ}[الأحقاف:3].
فمن أعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعبد الله فهو كافر، هذا يُسمى بعض الناس ملحد متحلل من الأديان، تحلل فرفض دين الله، لا يتعلم دين الله ولا يعبد الله، لا يتعلم دين الله ولا يعمل به، فيكون مرتد بهذا الرفض والترك.
ولهذا قال المؤلف: (وَعَاشِرُهَا الإعْرَاضُ عَنْ دِينِ رَبِّنَا فلا يتعلمه) يعني: ولا يُعمل به، (فَلَيْسَ بِمُهْتَدٍ) بل هو ضال.
وبهذا تكون انتهت هذه القصيدة، وفق الله الجميع إلى طاعته ورزق الله الجميع العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.
هناك أسئلة؟ كان هناك أسئلة مكتوبة؟ نعم، تفضل.
الطالب: أي علم المفروض المسلم يتعلمه؟
الشيخ: أي علم!
طالب: [00:40:21]
الشيخ: الدين، دين الله ما يتعلم الدين، دين الإسلام، لا يتعلمه ولا يعبد الله، ما يتعلم كيف يعبد الله، كيف يصلي، كيف يصوم، كيف يتطهر، ما يتعلم ولا يعبد الله، لا يصلي ولا يتطهر، أعرض عن دين الله، لا يتعلم ولا يعبد الله لا يصلي ولا يصوم ولا يحج ولا يتطهر ولا يتعلم كيف يتطهر، هذا الإعراض.
أعرض عن دين الله لا يتعلم ولا يعبد الله، فيكون كافر بهذا الإعراض، الرفض رفض دين الله لا يتعلم ولا يعبد الله، فهمت؟
الطالب: المستحبات [00:40:58]
الشيخ: وماذا فيها؟
الطالب: يكفر من ترك [00:41:03]؟
الشيخ: هذا أعرض عن دين الله عن الواجبات، وليس المستحبات، هذا ترك دين الله جملةً وتفصيلًا، ترك دين الله لا يتعلم ولا يعبد الله، [00:41:14] المستحبات؟ حتى ترك الواجبات والفرائض كلها، ترك الواجبات والفرائض، السنن والمستحبات إذا تركها ليس عليه شيء.
إذا كان يعتقد أنها مستحبات لكن لا يجب عليه فعلها، لكن هذا رفض دين الله لا يفعل الواجبات ولا يترك المحرمات، ولا أيضًا ... وأعرض عن السنن وعن الواجبات جميعًا، رفض دين الله، لا يتعلم ولا يعبد الله فيكون مرتدًا. نعم، نعم.