شعار الموقع

شرح كتاب منسك شيخ الإسلام_3

00:00
00:00
تحميل
4

(المتن)

الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا، ولشيخنا وللحاضرين، وللمستمعين يا رب العالمين, قال الإمام شَيْخُ الإِسْلَامِ ابن تيمية رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى في منسكه:

 وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء, فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضاً, ويلبسه مقلوباً يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره.

ولكن لا يغطى رأسه إلا لحاجة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نهى المحرم أن يلبس القميص والبر نس والسراويل والخف والعمامة ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه».

فما كان من هذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما كان في معنى القميص فهو مثله وليس له أن يلبس القميص لا بكم ولا بغير كم وسواءً أدخل فيه يديها أولم يدخلهما وسواءً كان سليمًا أو مخروقَ، وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء الذي يُدخل يديه فيه وكذلك الدرع الذي يُسمى عرقجين وأمثال ذلك باتفاق الأئمة.

وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه ففيه نزاع وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط.والمخيط ما كان من اللباس على قدر العضو، وكذلك لا يلبس ما كان في معنى الخف كالموق والجورب ونحو ذلك، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل كالتبان ونحوه, وله أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار وهميان النفقة.

(الشرح)

بسم الله، والحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد؛ هذا البحث في بيان ما يلبسه المحرم وما لا يلبسه، قال المؤلف: وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء، فالإزار قطعة من القماش يشد بها النصف الأسفل، والرداء قطعة أخرى يضعها على كتفيه، قطعة قماش سواء فوطة أو غيرها أو غير فوطة يشد بها النصف الأسفل على الإزار والرداء يضع على كتفيه، ما كان من هذا الجنس له أن يلبسه.

وله أن يلتحف بالقباء، يعني: يجعله لحافًا يعني: غطاء وهو ناعم له أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص لا يلبسه وإنما يتغطى به، يتغطى بالثوب يتغطى بالقميص يتغطى بالجبة يتغطى بالإزار هذا الالتحاف ويتغطى به عرضًا, ويلبسه مقلوباً يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره؛ لكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة.

 إذا احتاج يغطي رأسه وفدا يعني لكن لا يستطيع أن يكشف رأسه من شدة البرد، أو لأنه مريض هذا يغطي رأسه وعليه الفدية، صيام ثلاثة أيام وإطعام ست مساكين أو ذبح شاة، الرأس لا يغطى، لكن الجسم يغطيه يغطي جسمه بالجبة بالقميص باللحاف بالشرشف بالبطانية كذلك أَيْضًا القميص يضعه عرضًا، القميص لو جعله عرض وشده بين نصفه الأسفل أو عرض أو جعله بين كتفيه لا بأس به.

وكذلك يلبسه مقلوباً يجعل أسفله أعلاه وأعلاه أسفله، لكن لا يلبس على هيئة ما فصل فيه، ويتغطى باللحاف وغيره لكن لا يغطي رأسه وهذا يدل على أن الأمر في هذا واسع وأن المنوع أنه يلبس القميص على هيئته، لهذا قال: المؤلف رَحْمَةِ اللَّه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى المحرم أن يلبس القميص، القميص: ما فُصل على قدر الجسد.

والبرنس، البرنس: ثياب تأتي من المغرب متصلة بها رؤوسها كذلك لا يلبسه، والسراويل: ما فُصل على قدر النصف الأسفل، والخف: مكان الرجل ويغطي الكعبين، والعمامة: ما يشد بها الرأس هذه نهي عنه قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يلبس القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف ولا شيء ...

قال: ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت، الرجل الذي سقت عن راحلته فمات فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كفنوه في ثوبيه ولا تغطوا رأسه ولا تخمروا رأسه ولا وجه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا».

نهى أن يغطى رأس المحرم بعد الموت فدل على أن المحرم يكشف رأسه، وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، الرجل الذي جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد توبخ بالطيب ولبس الجبة فيسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أجابه حتى نزل عليه الوحي، فلما نزل عليه الوحي ♥ وسري عنه قال: أين الرجل؟ السائل؟ فأتى.

يعني: الرسول ♥ ما يتكلم إلا بعلم، كذلك العالم ليس له أن يتكلم إلا بعلم، ليس له أن يفتي إلا بعلم، ولا يقول: هذا حل وهذا حرام إلا بعلم، وإذا لم يعلم يقول: الله أعلم، أو يقول للسائل: أهملني حتى أُراجع أو أحيل على بعض أهل العلم، ولا يتكلم بجهل.

فقد ثبت عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في صحيح البخاري أنه قال: أيها الناس من علم شيئًا فليقل به ومن لم يعلم فليقول الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم، وإن الله قال لنبيه: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]. كثيرًا ما نسمعها من الشيخ عابدين بن حنيفة رَحْمَةِ اللَّه الله أعلم في بعض مسائله سنراجعها سنراجع المسألة، أتنا في وقت آخر، فالرسول ♥ هو القدوة في هذا.

سأله سائل ما أجابه ما عنده علم حتى نزل الوحي، فلما سُري عنه قال: أين السائل؟ فجاء، فقال: انزع عند الجبة وغسل أثر الخلوق الطيب يعني، واصنع في عمرتك ما تصنعه في حجك، فانزع الجبة وغسل الخلوق، فدل على أن الإنسان إذا لبس الجبة يخلعها الجبة من اللباس والمحرم ما يلبس اللباس المحلين.

وكذلك الطيب إذا صار في ثوب الإنسان أو في بدنه وهو محرم الطيب يغسله، أما الشيء ليس طيب يتطيب في بدنه ويستمر بعد الإحرام فهذا يبقى، كان النبي يُرى وبيص يعني: لما عاد المسك في رأسه ولم يفارق لحيته وهو محرم ♥، قال: فما كان من هذا الجنس فهو فمعنى ما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فما كان في معنى القميص فهو مثله، القميص مثله: الجبة مثل أي شيء يكون مفصل على قدر الجسد سواء قميص جاكيت فنيلة سروال كل ما كان مفصل على قدر الجسد أو على بعضه فهو من هذا الجنس، الفنيلة والكوت والجاكيت وما أشبه ذلك.

قال: وليس له أن يلبس القميص لا بكم ولا بغير كم، القميص يلبسه الموحل لا يلبس القميص لا بكم ولا بغير كم وساء أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما، يعني: يلبس قميص أو يدخل يديه أو لا يدخل ممنوع وسواءٌ كان سليمًا أو مخروقًا، وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء، كذلك نوع من اللباس القباء يقارب من المقيص يختلف عن القميص؛ لكنه لباس ويدخل يديه في القباء ويدخل يديه فيه.

والجبة قد يدخل يديه وقد لا يدخل يديه ممنوع، وكذلك الدرع الذي يسمى عرقجين كل هذا الشيء مفصلة على قدر الجسد يلبسها المحلون، كذلك المشلح ما يلبسه المحرم المشلح هذا من جنس الدرع ولا يلبسه الجبة ولا القباء.

قال: وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه ففيه نزاع يعني جعله للإيداع قباءه يلبس، القباء يلبس ويدخل في يديه، لكن طرح على كتفيه ولم يدخل يديه ففه نزاع، يعني: من العلماء من قال: يجوز، ومنهم من قال: لا يجوز فالأحوط تركه، قال: وهذا معنى قول الفقهاء لا يلبس المخيط، لا يلبس المخيص من هذا مخيط.

والمخيط: ما كان من اللباس على قدر العضو، ما كان على قدر العضو مثل الشراب شراب الرجلين شراب اليدين هذا على قدر العضو، فنيلة على قدر العضو سروال على قدر العضو وهكذا، المخيط: ما كان من اللباس على قدر العضو.

وكذلك لا يلبس ما كان في معنى الخف كالموق والجورب ونحو ذلك، الجورب الشراب، والموق خفٌ قصير لكن إذا كان دون الكعبين فلا بأس كما سبق يكون في معنى النعلين، إذا كان القدمان بارزان دون القدمين فلا بأس، ولكن الموق خف قصير أقصر من الخف، الخف طويل يمكن قريب من الساق، والموق قصير يستر الكعبين، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل كالتبان.

التبان: سروال صغير على قدر العورة، والسروال: أطول منه السروال قد يصل إلى الركبة أو أقل، والتبان على قدر العورة لا يلبس التبان ولا السراويل سواءٌ السروال قصير أو طويل, وله أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار وهميان النفقة، يعني: له أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإيجار إذا احتاج إلى شدة يشده لأن لا تنكشف العورة فلا بأس.

وله أَيْضًا يضع هميان النفقة تسمى شد يسميه البعض القمار وما أشبه ذلك يشد على نصفه الأسفل، ويكون فيه مكان يضع فيه النقود هذا لا بأس به، له أن يعقد ما يحتاج إلى عقد كأن كالإزار وهميان النفقة، أما الإزار الرداء ما يحتاج إلى عقد الرداء ما يحتاج إلى أن يضع أزارير ولا يشده ولا يرب يحتاج أن يكون مكشوف، الرداء ما يحتاج ما فيه حاجة، لكن الإزار فيه حاجة شده لأن لا تنكشف العورة.

(المتن)

أحسن الله إليكم، والرداء لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده فإن احتاج عقده ففيه نزاع، وليس على تحريم ذلك دليل إلا ما نقل عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهما: أنه كره عقد الرداء، وقد اختلف المتبعون ابن عمر فمنهم من قال: إنه كراهة تنزيه كأبي حنيفة وغيره، ومنه من قال: كراهة تحريم.

(الشرح)

هذا الكلام في الرداء، الرداء ما يضعه المحرم على كتفيه، يضع رداء، الرداء: قطعة من القماش أو فوطة ولا يحتاج إلى عقده ما يحتاج إلى عقده يخليه مكشوف الصدر ترى الآن يضع شبابيك، شبابيك وأزارير كلها ما ينبغي هذا تركه أولى وأحوط فلا حاجة وليس هناك حاجة مكشوف خلوه مكشوف الصدر ما فيه إشكال، الإشكال في الإزار هو الذي يحتاج إلى شد حتى لا تنكشف العورة.

قال المؤلف: فإن احتاج إلى عقده لأنه مثلًا يريد المشي مسرعًا فيسقط، أو لأنه طباخ يعمل أو يشتغل فهو يحتاج إلى عقده، إن احتاج إلى عقده ففيه نزاع، يعني: من العلماء من أجازه ومنهم من منعه، من العلماء من قال: يجوز إذا احتاج أن يزره ومنهم من قال: لا يحتاج، قالوا والأشبه جوازه يعني: والأرجح أنه جائز إذا احتاج، إذا احتاج إلى ذره، قالوا: وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ فيه نزاع، بعض العلماء قال:ممنوع، مكروه كراهة تنزيه، يعني: ما يأثم.

ومنهم من قال: كراهة تحريم، كراهة تحريم يعني: يأثم، ففيه فرق بين كراهة تنزيه أنه تركه أولى ولا يأثم إذا فعله فعل خلاف الأولى ولا يأثم، وأما كراهة التحريم فيأثم، قال: وليس على تحريم ذلك دليل ما فيه دليل إلا ما نقل عن ابن عمر أنه كره عقد الرداء صحابي وقد اختلف المتبعون ابن عمر فمنهم من قال: هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة وغيرهم ومنهم من قال:كراهة تحريم.

على كلٍ إذا احتاج فلا بأس إذا احتاج إلى عقده، إن استغنى عن عقده فهو أولى وإن احتاج فلا بأس والمؤلف يرى الجواز رَحْمَةِ اللَّه شَيْخُ الإِسْلَامِ ، ومن العلماء من يرى التحريم كأبي حنيفة.

(المتن)

أحسن الله إليك، وأما الرأس فلا يغطيه لا بمخيطٍ ولا بغيره، فلا يغطيه بعمامةٍ ولا قلنسوة ولا كوفية ولا ثوبٍ يلصق به ولا يغر ذلك، وله أن يستظل تحت السقف والشجر ويستظل في الخيمة ونحو ذلك باتفاقهم.

وأما الاستظلال بالمحمل كالمحارة التي لها رأسٌ في حل السير فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن يضحي لمن أحرم له كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمْ يحجون، «قد رأى ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهما رجلًا ظلل عليه فقال: أيها المحرم أضحي لمن أحرمت له»، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل وهي المحامل التي لها رأس, وأما المحامل المكشوفة فلم يكرها بعض النساك وهذا في حق الرجل.

(الشرح)

الرأس فلا يغطيه بشيء ملاصق يعني، لا يغطيه بشيء ملاصق لا بمخيط ولا بغيره، يعني: لا يغطى سواءً مخيط ولا غير مخيط الشيء الملاصق للرأس ممنوع، فلا يغطيه بعمامة يشد به على رأسه ولا قلنسوة من الطقية المرتفعة، ولا كوفية من الطاقية هذه، ولا ثوب أَيْضًا يلصق به ولا غير ذلك ممنوع أن يظلل الرأس، أن يغطي رأسه بشيءٍ يلتصق به.

لكن إذا احتاج إلى حمل، حمل متاع وضعها على رأسه، هل له ذلك؟ نعم له أن يحمل ما يحتاجه على رأسه بشرط ألا يقصد الاستظلال، إن قصد أن يستظل به وأن يظل رأسه فهو ممنوع، وأما إلا ما مقصد هذا وإنما قصد الحمل فقط أنه ما يستطيع أن يحمل هذا إلا على رأسه فلا بأس، هذا الملاصق.

وأما غير الملاصق، مثل سقف البيت هل للمحرم أن يدخل بيت ويستظل بسقف البيت؟ نعم هذه جائز بالاتفاق سقف البيت، والشجر يستظل بشجرة فوقه لا بأس، والخيمة لا بأس هذه الثلاثة بالاتفاق متفق عليه العلماء المحرم له أن يستظل بسقف البيت والشجرة والخيمة.

وأما الاستظلال بالمحمل، المحمل الذي على البعير وسقف السيارة والشمسية الذي يتحرك بحركتها فهذا فيه خلاف، الذي يتحرك بحركتك مثل سقف السيارة تتحرك بحركتك والشمسية تتحرك بحركتك، المحمل الذي يكون في البعير مثله مثل سقف السيارة.

فمذهب الحنابلة المنع أنه لا يجوز عند الحنابلة والقول الثاني أنه جائز ولعله العمل عليه، وعلى هذا على المذهب لا يجوز للمحرم أن يركب في السيارة إلا في سيارة مكشوفة على مذهب الحنابلة، وانظر إلى الرافضة، الرافضة الآن تجد سيارتهم مكشوفة متماشية مع المذهب.

والقول الثاني وهو الصواب أنه لا بأس أن يستظل بسقف السيارة والشمسية والدليل على هذا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رمى جمرة العقبة قد ظلل عليه بثوب كان بلال وكان فضل ابن عباس أو غيره، لكن ظلل عليه بثوب والثوب يتحرك بحركته، الثوب ظلل عليه وهو يرمي جمرة العقبة ضحى بثوب ماسكين الثوب والثوب يتحرك بحركته فهو مثل سقف السيارة، ومثل الشمسية فالصواب أنه لا بأس بالاستظلال بسقف السيارة والاستظلال بالشمسية؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظلل عليه بثوب وهو يرمي جمرة العقبة وهو يتحرك بحركته.

يقول المؤلف: والأفضل للمحرم أن يضحي من أحرم له، الأفضل أن لا يستظل، يضحي يعني: يكشف رأسه لمن أضحى لم أحرم له، أحرمت لله أنت لا يكون هناك شيء يظلك هذا هو الأفضل، الأفضل للمحرم أن يضحي "إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى".

آدم في الجنة، الأفضل للمحرم أن يضحي لمن أحرم له، كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه يحجون، «وقد رأى بن عمر رجلًا ظلل عليه فقال: أيها المحرم أضحي لمن أحرمت له»، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل في الإبل أن تكون قبة على المحمل، وهي المحامل التي لها رأس.

وأما المحامل المكشوفة فلم يكرهها أحد، الحمال المكشوف من جهة السماء ما فيها إشكال، فما كان إلا بعض النساك بعض العباد بعض الزهاد ولا وجهًا لهذه الكراهة، لكن هذا إذا احتاج واشتدت الحاجة فلا بأس كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رمى جمرة العقبة كان يظله بلال وزميله كانوا يظلونه بثوب عند الحاجة، إذا كانت الشمس شديدة والحرارة شديدة فلا بأس.

أما إذا لم يكن هناك حاجة فالأفضل أن يكون الرأس مكشوف ويكون من أمامه ومن وفوقه مكشوف هذا هو الأفضل، كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصاحبه يحجون ويضحون هذا في حق الرجل.

(المتن)

أحسن الله إليكم، وأما المرأة فإنها عورة فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تسترها بها وتستظل بالمحمل، لكن نهاها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تنتقب أو تلبس القفازين، والقفازان: غلافٌ يصنع لليد كما يفعله حملة البزاة، ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضاً، ولا تكلف المرأة أن تجفي سترتها عل الوجه لا بعودٍ ولا بيد ولا غير ذلك.

فإن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوى بين وجهها ويديها وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه، وأزواجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة ولم ينقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال إحرام المرأة في وجهها وإنما هذا قول بعض السلف.

لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاها أن تنتقب أو تبس القفازين كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف، مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة،والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهى عنه باتفاقهم ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه كالبرقع ونحوه، فإنه كالنقاب.

(الشرح)

 هذا في حق المرأة، المرأة عورة فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تستر بها بخلاف الرجل، الرجل ما يبس الثياب والمرأة تلبس الثياب ما شاءت تحرم فيما شاءت من ثياب سواء كان الأصفر أو الأسود وتخصيص الأسود عن البعض أما لا وجه له؛ لكنها تجتنب ما فيه من جمال يلفت أنظار الرجال إليها وما فيه تشبه بالرجال هذا تجتبنه وإلا تحرم بما شاءت فهي عورة، أما الرجل فلا يحرم بالثياب، وإنما يحرم بالإزار والرداء.

وتستظل أَيْضًا المرأة بالمحمل وبغيره، ليس هناك كراهة بالنسبة للمرأة، لكن نهاها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تنتقب أو تلبس القفازين، أن تنتقب: أن تلبس النقاب وهو ما خيط على قدر الوجه وفتحت فيه فتحتان للعينين هذا النقاب.

والقفازان: غلافٌ يصنع لليد كما يفعله حملة البزاة، البزاة: جمع بازي وهو الصقر يحمل الصقر أو البازي يضع على يديه شراب غلاف حتى لا يؤثر على يديه إذا لم يكن هناك حاجز، المرأة ما تلبس هذه ما تلبس القفازين يعني: شراب باليدين، شراب اليدين ما تلبسه المرأة، كما أنها ما تلبس شراب اليدين لأنها مخيطة على قدر العضو لكن لها أن تغطي يديها بثوبها أو بعباءتها غير ممنوعة، ممنوعة من تغطية اليدين بالمخيط وليست ممنوعة من تغطية اليدين بغير المخيط.

كذلك النقاب أو البرقع، البرقع: ما خيط على قدر الوجه فإذا فُتح له فتحتان سُمي نقاب يخاط على قدر الوجه هذا يسمى المخيط المفصل هذا ممنوعة منه، لكنها ليست ممنوعة من تغطية وجهها بالخمار، تغطي وجهها بالخمار وتستر هكذا تستر خمارها على وجهها ما في مانعة في هي ليست ممنوعة من ستر الوجه إذا مر بها الرجال الأجانب لكنها ممنوعة من ستر الوجه بالمخيط، وليست ممنوعة من ستر الوجه بغير المخيط.

كما أنها ليست ممنوعة بستر اليدين بثوبها أو بعباءتها، لكنها ممنوعة بستر اليدين بالمخيط وهما القفازات، فوجه المرأة ويديها كبدن الرجل لا كرأسه كما أن الرجل يغطي جسده بغير المخيط ولا يغطي جسده بالمخيط فكذلك المرأة تغطي وجهها بغير المخيط ولا تغطي وجهها بالمخيط، تغطي يديها بغير المخيط ولا تغطي يديها بالمخيط.

قال المؤلف رَحْمَةِ اللَّه: ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، إذا عطت وجهها بالخمار بعيد عن الوجه لا يمس الوجه هذا جائز بالاتفاق، وإن كان يمس الوجه، وإن كان يمس الوجه بعض الفقهاء قالوا: لا يجوز، لا يجوز إذا كان يمس الوجه، ولهذا كانوا يفتون المرأة بأن تضع عود مرتفع على جبه حتى يمنع الستارة من أن تمس الوجه.

فكانت المرأة تضع عود هنا كان مرتفع هذا وكان هذا يفتى به إلى عهدٍ قريب كانت النساء هكذا في الحج إذا حجت تضع هذا العود وتجده مرتفع الآن ويرفع غطاء الوجه يرفع الخمار أن يمس الوجه، قالوا: هذا لأن الوجه يعني: إحرامها في الوجه.

القول الثاني وهو الصواب أنه لا بأس بأن يمس الخمار وجهها ولا حرج وليست هناك دليل يدل على المنع، كما أفتى به شَيْخُ الإِسْلَامِ وكما هو في قول الشيخ ... في منسكه أفتى بأنه إذا مس الخمار وجهها فلا حرج عليها، ولا تكلف المرأة أن تجفي سترتها عل الوجه لا بعودٍ ولا بيد، تضع عود تجافي هذا قول: بعض الفقهاء.

تجافي سترتها عن الوجه بعود أو بغيره، والمؤلف يقول: الصواب أنه لا حاجة إلى هذا لا حاجة إلى عود ولا شيء، ولو مس الخمار وجهها فلا حرج وليس هناك دليل يدل على المنع، قال: فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوى بين وجهها ويديها، قال: لا تتنقب المرأة ولا تلبس قفازين، سوى بينها.

وكلاهما الوجه، وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه، بعض الفقهاء قالوا: إن وجه المرأة مثل رأس الرجل كما أن الرجل لا يغطي رأسه فالمرأة لا تغطي وجهها فإذا احتاجت إلى أن تغطي وجهها لا يمس الخمار وجهها وكيف تفعل؟ تضع عود، تضع عود حتى لا يمس الخمار وجهها هكذا قال بعض الفقهاء.

المؤلف يقول: لا هذا ليس بصحيح! ليست وجه المرأة كرأس الرجل بل هو كبدن الرجل، كما أن الرجل يغطي بدنه بغير المخيط كذلك المرأة تغطي وجهها بغير المخيط وتغطي يديها بغر المخيط، قال فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سوى بين وجهها ويديها في قوله: لا تلبسوا القفازين ولا تلبسوا النقاب وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه.

 وأزواجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة، زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم محرمات يسدلن على وجوهن ولا يراعين المجافاة، قال: ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: إحرام المرأة في وجهها، الذي يوجد فوقها يقول: إحرام المرأة في وجهها، من أين جاءت هذه الكلمة؟ بعض الناس يظن أنها حديث! ليس حديث قال: هذا كلام لبعض العلماء، قول لبعض العلماء.

وإنما هذا قول بعض السلف، قال بعض الفقهاء: إحرام المرأة في وجهها، فلما قال: إحرام المرأة في وجهها ظنوا أنه لا يجوز لها أن تغطي وجهها بخمار يمس الوجه فأفتوا بأن تأتي بعود وتضعه حتى لا يمسه الخمار، لكن هذا ليس من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا قول بعض السلف اجتهاد، قال: إحرام المرأة في وجهها، قال: إنما هذا قول بعض السلف لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تنتقب أو تلبس القفازين.

كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه، أن إذا سترت يديك بالثوب ممنوع وأنت محرم؟ لا، أو سترت رجليك باللحاف، لكن ممنوع أن تستر يديك بالشراب أو رجليك بالشراب مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة

والبرقع أقوى من النقاب وهو مخيط على قدر الوجه، البرقع غطاء لوجه المرأة مخيط مفصل على قدر الوجه، فلهذا ينهى عنه باتفاقهم ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه، ما يصنع يعني: ما يخاط كما البرقع ونحوه فإنه كالنقاب.

(المتن)

أحسن الله إليكم، وليس المحرم أن يلبس شيئًا مما نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه إلا لحاجة، كما أنه ليس للصائم أن يفطر إلا لحاجة, والحاجة مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه أن يغطي رأسه, أو مثل مرض نزل بي أو يحتاج معه إلى تغطية رأسه فيلبس قدر الحاجة فإذا استغنى عنه نزع.

وعليه أن يفتدي إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك"يعني: ذبح" شاة، وإما بإطعام ستة مساكين لك مسكين نصف صاع من تمرٍ أو شعير أو مد من بر وإن أطعمه خبزاً جاز، ويكون رطلين بالعراقِ قريب من نصف رطل بالدمشقِ وينبغي أن يكون مأدوما. ً وإن أطعمه مما يأكل كالبقسماط والرقراق ونحو ذلك جاز وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً.

وكذلك في سائر الكفارات إذا أعطاه مما يقتات له مع أدمه فهو أفضل أن يعطيه حبًا مرجدًا إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم ويخبزوا بأيديهم والواجب بذلك كله ما ذكره اللهِ تَعَالَى بقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89], فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم.

وقد تنازع العلماء في ذلك هل ذلك مقدر بالشرع أو يرجع به إلى العرف؟ وكذلك تنازعوا في النفقة، نفقة الزوجة والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف ويطعم كل قومٍ مما يطعمون أهليهم، ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر أمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يطعم فرقاً من التمر بين ستة مساكين، والفرق ستة عشر رطلًا بالبغدادي وهذه الفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله أو بعده ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة إن شاء أو متفرقة إن شاء فإن كان له عذر أخّر فعلها وإلا عجل فعلها. وإذا لبس ثم لبس مرارا ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء.

(الشرح)

يقول المؤلف: وليس المحرم أن يلبس شيئًا مما نهى عنه إلا لحاجة، يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن القميص نهى أن يتطيب فليس له أن يفعل شيء إلا لحاجة وإذا احتاج فداه، ما هي الحاجة؟ ذكر المؤلف مثل نزل به برد، يحتاج أن يغطي رأسه ويحتاج إلى أن يلبس من شدة البرد يلبس ما يتحمل يلبس قميص يلبس فنيلة يلبس صوف يفعل يلبس ويفتدي قدر الحاجة.

وإذا استغنى ذهب عنه البرد ينزعه، أو يكون مريض، مريض يحتاج إلى أن يغطي رأسه هذا معذور ولهذا قال: وليس المحرم أن يلبس شيئًا مما نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه إلا لحاجة، كما أنه ليس للصائم أن يفطر إلا لحاجة، يعني: الصائم إذا كان صومه فرض فليس أن يفطر إلا لحاجة ما ليس إذا كان عليه يصوم في رمضان أو قضاء نذر أو كفارة هذا واجب ليتم الصوم فلا يفطر إلا لحاجة، إذا احتاج أو مرض حتى في رمضان يفطر.

قال: والحاجة مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه أن يغطي رأسه, أو مثل مرض نزل بي أو يحتاج معه إلى تغطية رأسه فيلبس قدر الحاجة فإذا استغنى عنه نزع وعليه أن يفتدي إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك شاة"يعني: ذبح" ، وإما بإطعام ستة مساكين لك مسكين، والأصل في هذا أن كعب بن عجرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتي به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد آذاه القمل فلا يؤذيك هوًا من رأسك وفي الآخر أتي به والقمل يتناثر من رأسه فقال ♥: ما كنت أظن أن الوجع بلغ ما أراه، ثم قال: أذبح شاة أو اطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيام هذه تسمى عند أهل العلم فدية الأداء وهذا هو الأصل، فأمره أ، يحلق رأسه من أجل القمل أو من أجل المداواة إذا كان في رأسه جروح واحتاج إلى مداواة قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احلق يحلق رأسه ولو كان محرم ويفتدي، يفتدي يخير يختار الأسهل له إما أن يصوم ثلاثة أيام وإما إطعام ستة مساكين لك مسكين نصف صاع من قوت البلد.

والمؤلف قال: أو مد أو ما يكفي ما يغذي أو يعشي، قال: يصوم ثلاثة أيام أو يذبح شاة، يختار الأسهل عليه، والأصل هو هذا يسمى عند أهل العلم فدية أداء هذا في حلق الرأس، قاس العلماء عليها إذا غطى رأسه وإذا لبس المخيط وإذا تتطيب وإذا قلم أظفاره خمسة أشياء، الأصل أن يحلق شعر الرأس ومثله تقليم الأظفار.

قال: قيس عليه تقليم الأظفار، قيس عليه تغطية الرأس، قيس عليه لبس المخيط، والأصل هو حلق الرأس هذه الأشياء الخمسة إذا فعل واحدة منها غطى رأسه أو حلق شعره أو قلم ظفره أو تتطيب أو لبس المخيط، إذا فعلها ناسيًا أو جاهلًا فليس عليه شيء، قال: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، قال الله: قد فعلت.

وإذا فعل واحدًا منها عالمًا ذاكرًا مختارًا محتاجًا هذا لا يأثم عليه لكن عليه الفدية, وإذا فعل واحدًا منها عالمًا ذاكرًا مختارًا بدون حاجة فهذا لزمه أمران لزمه فدية والتوبة من هذا الذنب صار ذنب لا يجوز له أن يفعل المحظور، فهذه الأصل، الأصل فعل كعب بن عجرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قيس عليه الأمور الأربعة وأما قتل الصيد فأن فيه الجزاء عند قضاء من الصحابة فإن لم يكن فبما يقضي به عدلان.

عقد النكاح ليس فيه فدية، الجماع سبق الكلام فيه بالأمس أنه أشدها وكذلك المباشرة أو التحلل في شاة، والحديث صحيح والجماع يفسد الحج إذا كان قول التحلل الأول، المؤلف يقول: عليه أن يفتدي إما بصيام ثلاثة ، أو بنسك، أو بإطعام ستة مساكين لكل نسك نصف صاع هذا هو الأصل من تمر أو شعير أو مدٍ من بر، المؤلف مشى على ما مشى عليه الفقهاء مد من بر، المد يعني ربع صاع من البر لِمَاذَا؟.

هذا في زمن معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جاءت حنطة جيدة من الشام فاجتهد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقال: أرى أن ربع الصاع يكفي عن نصف الصاع، ربع الصاع من هذه الحنطة الحمراء الجيدة يكفي عن نصف صاع من التمر أو الشعير، أخذا بذلك الفقهاء، وكذلك يكون في زكاة الفطر نصف صاع.

وذهب بعض الصحابة خالفوا معاوية وقالوا: نبقى على نصف صاع، ولهذا قال أبو سعيد: أما أنا فلازال أخرجه صاعًا كما كنت أخرجه على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالصواب أنه نصف صاع سواء من بر أو غير بر من بر أو شعير أو تمر أو قوت البلد، المؤلف رَحْمَةِ اللَّه مشي على هذا.

قال: وإن أطعمه خبزًا جاز، يعني: لو أطعمه غير هذا خبز لأنه قوت يشبع ويكون رطلين بالعراقِ تقريبًا من نصف رطل بالدمشقِ هذا تقدير الرطل عندهم ويبغي أن يكون مأدومًا يعني يكون فيه أدام تعطيه خبز يكون معه أدام إما مرر وإما جبن وإما شيء ما يكون خبز يابس هكذا ويكون معه أدام ، هذا هو الأفضل.

وإن أطعمه مما يؤكل أي مأكول فلا بأس يكفي غير الخبز، أطعمه مثلًا رز أو مكرونة أو شيء يقتاته أهل البلد يكفيه يكفي الحمد لله هذا معنى: وإن أطعمه مما يؤكل مثل الأشياء التي كانت موجودة عندهم من الرقراق والبقسماط ونحو ذلك، قال: وهو أفضل من أن يعطيه قمحاً أو شعيراً يابس، يقول: القمح أو الشعير ما يحتاج إلى أن يطحن ويخبز أما هذا يعطيه شيء جاهز يعطيه شيء جاهز، وهو أفضل من أن يعطيه قمحًا أو شعيرًا لأن القمح والشعير؛ لأن القمح والشعير يحتاج إلى طحن وخبز وهذا جاهز.

وكذلك في سائر الكافرات إذا أعطاه ما يقتات به مع أدمة فإنه أفضل من أن يعطيه حبًا مجردًا، إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم ويخبزوا بأيديهم؛ لكن كونك تعطيه حب قمح يحتاج إلى طحن وخبز هذا يتعبه يحتاج إلى وقت لكن إذا أعطيته خبز جاهز مع أدم أو رز هذا يكون أفضل هذا معنى كلام المؤلف.

قال: والواجب بذلك كله ما ذكره اللهِ تَعَالَى بقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} [المائدة: 89], فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم.

وقد تنازع العلماء في ذلك هل ذلك مقدر بالشرع أو يرجع به إلى العرف؟ وكذلك تنازعوا في النفقة، نفقة الزوجة والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف، يختلف بعضهم العلماء قدره قال: يعطي للزوجة نفقتها كذا كل يوم، بعضهم قال: خمس ريالات، عشر ريالات ولكن الصواب أن هذا يختلف باختلاف الأماكن والأزمان، في زمننا الريالات التي كانت تكفي ما تعمل شيء في زمننا.

يرجع إلى العرف ما يكفي في العرف وكذلك أعراف البلد، البلد يكون عرفهم غير عرف البلد بلد فقير يكون عرفهم البلد الأغنية يختلف العرف هذا عرف الناس يرجع فيه إلى عرف الناس فيطعم فيه كل قومٍ ما يطعمون أهليهم، في بلدهم وفي زمنهم.

قال: ولما كان كعب بن عجرة ونحوه يقتاتون التمر أمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يطعم فرقاً من التمر بين ستة مساكين، والفرق ستة عشر رطلًا بالبغدادي وهذه الفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله أو بعده، يعني: تخرج الفدية قبل أن تحلق رأسك أو تحلق رأسك بعد، أو قبل أن تغطي رأسك أو بعد الأمر في هذا واسع، ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة إذا كان في الطريق واحتاج ما يحتاج إلى أن يصل إلى مكة في المكان التي أنت فيه.

تفرق الصدقة أو تذبح الشاة، ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة أو متفرقة الأمر فيها واسع، فإن كان له عذر أخّر فعلها وإلا عجل فعلها، يعني: الصيام قال: الأمر فيه واسع، وإذا لبس ثم لبس مرارا ولم يكن أدى الفدية أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء، يعني: لبس المخيط ثم لبس مرة ثانية وثالثة هذه فدية ولا فديات، بعض العلماء قالوا: كل مرة فدية، لبس مرتين فديتن، ثلاث مرات، قال: والصواب أنها تكفي واحدة إذا لا تخرج الفدية.

لكن إذا غطى رأسه ثم فدى، ثم غطى رأسه مرة ثانية يفدي، لكن إذا كانت متتابعة غطى رأسه ثم غطى رأسه ثم غطى رأسه ولم يفدي تكفي فدية واحدة في أصح قول العلماء، وقال بعض العلماء: لكل مرة فدية، لكن الصواب هو الأول.

(المتن)

الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الله، اللهم اغفر لنا، ولشيخنا وللحاضرين، وللمستمعين يا رب العالمين، قال: الإمام شَيْخُ الإِسْلَامِ ابن تيمية رَحْمَةِ اللَّه تعالى في منسكه:

فصلٌ في التلبية فإذا أحرم لبى بتلبية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك, وإن زاد على ذلك لبيك ذا المعا رج, أو لبيك وسعديك, ونحوه جاز وكان الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يزيدون ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمعهم فلم ينههم وكان هو يداوم على تلبيته ويلبي من حين يحرم، سواءٌ ركب دابةً أو لم يركبها وإن أحرم بعد ذلك جاز.

والتلبية: هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم عَلَيْهِ السَّلَامُ، والملبي: هو المستسلم المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لُبِّبَ وأُخِذَ بلبته، والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمتك مطيعون لأمرك مرة بعد مرة لا نزال على ذلك.

والتلبية:شعار الحج فأفضل الحج العج والثج، فالعج:رفع الصوت بالتلبية والثج:إراقة دماء الهدى.ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجال بحيث لا يجهد نفسه والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها. ويستحب:الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال مثل أدبار الصلوات ومثل ما إذا صعد نشزاً أوهبط وادياً أو سمع ملبياً أو أقبل الليل والنهار أو التقت الرفاق.

وكذلك أو فعل ما نُهى عنه، وقد روي أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له وإن دعا عقيب التلبية وصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأل الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن.

(الشرح)

الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد؛ هذا فصلٌ في التلبية عرف المؤلف رَحْمَةِ اللَّه التلبية قال رَحْمَةِ اللَّه: فإذا أحرم لبى بتلبية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتلبية هي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك, هذه تلبية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءت من حديث ابن عمر أخرجه البخاري ومسلم والشيخان.

فهذي تلبية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لبيك اللهم لبيك، لبيك في أول الجملة وفي آخرها لبيك اللهم لبيك، ثم في أول الجملة الثاني كذلك ثم في آخرها، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، هذا ثبت في الصحيحين وغيرهم.

 وإن زاد على ذلك فلا بأس قال: لبيك ذا المعا رج, أو لبيك وسعديك, ونحوه ذلك، أو قال: لبيك حق الحق تعبدًا ورقًا كما كان الصحابة يزيدون ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمعهم فلم ينههم, وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يداوم على تلبيته، إذا التلبية سنة مؤكدة، ولكن في أول الإحرام لابد من ذكرها ولو مرة واحدة يذكر تلبيته فيها عند الإحرام، ثم بعد ذلك يكون مستحب الإكثار منها يكون مستحب الإكثار منها يكون مستحب.

وإذا ذاد على تلبية رسول الله قال: لبيك ذا المعارج هذا زائد، ذا المعارج، أو قال: لبيك وسعديك والخير في يديك أو قال:لبيك حق الحق تعبدًا ورقَ لا بأس؛ لأن الصحابة كانوا يزيدون والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسمعهم ولا ينهاهم لكنه لزم تلبيته ♥ ما يزيد، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لزم تلبيته ما يزيد عليها، والصحابة يزيدون ويسمعهم ولا ينهاهم ♥ فضل على الجواز.

ولكن تلبية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي الأفضل لزومها والإكثار منها هو الأفضل وإن ذاد فلا حرج والأمر في هذا واسع، كم كان الصحابة يزيدون والنبي لا ينكر عليهم، كونه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلزم تلبيته يدل على أنها هي الأفضل، وكونه لا ينهاهم يدل على الجواز، هذا جواز الزيادة.

قال: ويلبي من حين يحرم، من حين يحرم يلبي تبدأ التلبية متى يقطع التلبية؟ سيأتي الكلام فيها متى يقطع التلبية؟ إذا دخل المسجد الحرام وبدأ مثلًا أو بدأ في الطواف بالنسبة للمعتمر، والحاج إذا شرع في جمرة العقبة قطع التلبية، ثم بين المؤلف رَحْمَةِ اللَّه معنى هذا قال: التلبية هي إجابة دعوة الله لخلقه، اللهِ تَعَالَى دعاهم {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج: 27] على لسان خليله إبراهيم، قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].

هذه دعوة من الله فأنت تجيب دعوة الله حينما دعاك وأوجب عليك الحج، التلبية إجابة الله إلى خلقه حينما دعاه إلى بيته على لسان خليله إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 26، 27].

هذه دعوة من اللهِ تَعَالَى على لسان خليله ♥ الحج، فأنت تجيب دعوة الله حينما دعاك لحج بيته، والملبي: هو المستسلم المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لُبِّبَ وأُخِذَ بلبته، تأخذ بلتبه كذا وتجره أو تأخذ بلته ينقاد لك ما يمتنع مثل ما حصل لعمر بن الخطاب قال الصحابة: لما قرأ قرأهً غير قرأته لببه وأخذه وجعل يجره منقاد ما يمتنع حتى وصل إلى النبي قال: اتركه أرسله، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرسله إلى الحكيم، عمر ما صبر يقرأ غير القراءة فلببه وجره حتى وصل إلى النبي فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أرسله يا عمر.

ثم قال: اقرأ يا عمر، فقرأ فقال: هكذا أنزل، ثم قال: اقرأ يا حكيم، فقرأ فقال: هكذا أنزل، ثم قال: هكذا أنزل على النبي ♥ فاقرؤوا ما تيسر منه، فالشاهد التلبية أنه لببه ومنقاد له الملبب منقاد ما يمتنع، فالملبي هو المستسلم المنقاد إلى غيره كما ينقاد الذي لبب وأخذ بلبته، ومعنى التلبية قال المؤلف معناها: إنا مجيبوك لدعوتك يعني: يا الله، يا الله: إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمتك مطيعون لأمرك مرة بعد مرة لبيك اللهم لبيك، مرة بعد مرة.

إنا مجيبوك لدعوتك مستسلمون لحكمتك مطيعون لأمرك مرة بعد مرة لا نزال على ذلك، هذا معناها الاستسلام والانقياد لأمر الله وطاعته، قال المؤلف: والتلبية شعار الحج، وكذلك المعتمر شعاره التلبية، يعني: ينبغي أن يكون أكثر وقته التلبية حتى يقطع التلبية إما بطواف أو برم جمرة العقبة، التلبية شعار الحج، شعار العمرة، يعني:علامة الحاج يعرف بأنه ملبي بأنه محرم.

قال المؤلف: فأفضل الحج العج والثج، فالعج:رفع الصوت بالتلبية والثج:إراقة دماء الهدى. قال: ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجال بحيث لا يجهد نفسه، الأفضل يرفع صوته رفعًا لا يشق على نفسه أو يتعب نفسه، رفعًا ما يكون خافض صوت خافض ويكون مرتفعًا ولكن لا يشق به على نفسه.

 وأما المرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها، لا ترفع صوتها للرجال خشية أن يفتتن أحدًا بصوتها وإنما تسمع رفيقها بقدر ما تجلس بجوارها. قال المؤلف: ويستحب:الإكثار منها عند اختلاف الأحوال، يستحب الإكثار من التلبية عند اختلاف الأحوال، مثل أدبار الصلوات بعد الصلاة هذا حال، إذا صعد نشزاً مرتفع هذا حالة يلبيها، إذا هبط وادياً هذه حالة يلبي، أو سمع ملبياً ذكره سمعت ملبي فلبي مثله، إذا أقبل الليل أو أدبر النهار أذا التقت الرفاق.

التقيت بملبي بأصحابه إذا ما فعل ما نهي عنه ناسيًا، غطى رأسه ناسينا يزيله ويقول: لبيك اللهم لبيك، قال المؤلف: وقد روي «أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له»، هذا يحتاج إلى مراجعة يراجع الحديث المحقق ما علق عليه، وقد روي «أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له»، وإن دعا عقيب التلبية وصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأل الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن, يعني: بعد التلبية صلى على النبي، اللهم صلي وسلم على النبي، اللهم اغفر لي، اللهم أسألك الجنة، اللهم أعوز بك من النار، هذا حسن.

(المتن)

أحسن الله إليكم، فصلٌ ومما ينهى عنه المحرم:

 أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه أو يتعمد لشم الطيب، وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور وتركه أولى. ولا يقلم أظفاره ولا يقطع شعره وله أن يحك بدنه إذا حكه, ويحتجم في رأسه وغير رأسه وإن احتاج أن يحلق شعراً لذلك جاز فإنه قد ثبت في الصحيح: « أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحتجم في وسط رأسه وهو محرم».

ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، وكذلك وإذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره. وإن تيقن أنه انقطع بالغسل، ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك، وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق و كذلك لغير الجنابة. ولا ينكح المحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب ولا يصطاد صيداً برياً ولا يتملكه بشراء ولا إتيهاب ولا غير ذلك, ولا يعين على صيد ولا يذبح صيداً, فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله.

(الشرح)

هذا في ما ينهى عنه المحرم الفصل، قال:ومما ينهى عنه الحرم أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه أو يتعمد لشم الطيب، هذه الثلاثة ممنوعة يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه ملابس الإحرام الإزار والرداء ما يطيبها ولا يطيبها قبل الإحرام، قبل الإحرام إذا كان هناك طيب لابد أن يغسلها، وإذا أصابه طيب ولو بعد الإحرام لابد أن يغسله حتى يزيل الطيب.

فلا يتطيب بعد الإحرام لا في بدنه ولا في ملابس الإحرام، ولا يتعمد شم الطيب أَيْضًا يشم الطيب يتعمده، لكن إذا شمه للاستعلام لا للترفه أراد أن يشتري طيب ثم شمه حتى يعرف هو شم طيب فالعلماء ذكروا أنه لا بأس بذلك، أما إذا شمه للترفه فهذا ممنوع، وكذلك أَيْضًا لا يستعمل الطيب لا في شرابه ولا في أكله كالزعفران: نوع من الطيب فلا يشرب القهوة التي فيها زعفران وهو محرم؛ لأن الزعفران نوع من الطيب.

فليس له أن يتطيب في بدنه ولا في ثيابه ولا يتعمد شم الطيب ولا أن يشرب الطيب ويأكله، وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور وتركه أولى، يعني: الدهن الذي يضعه في رأسه أو في بدنه ما فيه طيب دهن بدون طيب، هل له أن يفعل ذلك؟

قال بعض العلماء: له ذلك مادام ما فيه طيب، وقال آخرون: ليس له ذلك؛ لأنه فيه ترفه الحاج أشعث شعث غير مترفه وهذا كونه يدهن بالزيت هذا تنعم وترفه ينافي حالة المحرم ففيه نزاع منهم من أجازه ومنهم من منعه، قال المؤلف: وتركه أولى وأحوط.

 ولا يقلم أظفاره؛ لأنه فيه نوع من الترفه وهو مقيس على حلق الشعر، ولا يقطع شعره وله أن يحك بدنه إذا حكه, يعني: حكه برفق لا بأس، ويحتجم في رأسه وغير رأسه، إذا إحتجم الحجامة وهي إخراج الدم بالحجامة.

 وإن احتاج أن يحلق شعراً لذلك جاز فإنه قد ثبت في الصحيح: « أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحتجم في وسط رأسه وهو محرم»، أخرجه البخاري ومسلم.

ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، في وسط رأسه يحلق شعر رأسه لا يضر، وهل يفدي أو لا يفدي؟ ظاهره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما فدى، ظاهر كلام الفقهاء يقول: إذا أحلق شعره عليه فدية، شعرتين شعره يطعم مسكين وشعرة يطعم مسكنين وثلاثة شعرات عليه شاة هذا اجتهاد, بعض أهل العلماء قالوا لهؤلاء العلماء: إنه لا يفدي إلا إذا حلق شعره، المسمى شعر وأما الشعرة أو الشعرتين فالأمر فيها واسع.

 والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم في وسط رأسه ولابد أن يحلق شعر رأسه ولم ينقل أنه فدى ♥, فدل على أنه لا بأس في الحجامة في وسط الرأس ولو أزال بعض الشعر، قال: وكذلك وإذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره. وإن تيقن أنه انقطع بالغسل، لأنه الغالب الذي يسقط شعر ميت، إذا سقط الشعر الميت ما يضره، ما يضره إذا اغتسل أو حك رأسه أو اغتسل ثم سقط شعر ميت لا يضره.

الذي يضره أن يتعمد قطع الشعر الحي، ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك فصد العرق وإخراج الدم من العرق الحجامة معروفة هذا فصد العرق مثل الحجامة يعني، ما يضر المحرم هذا كونه يخرج منه الدم بفصد العرق لا يضره.

 وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، نعم بل يجب عليه أن يغتسل من الجنابة إذا أصابته جنابة يجب أن تغتسل حتى يصلي، و كذلك لغير الجنابة، يعني: إن أراد أن يغتسل بالتبرد لا حرج, ولا ينكح المحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب، لا ينكح يعني: لا يتزوج هو، ولا نُكح يعني: لا يزوج غيره يزوج ابنته مثلًا، لما ثبت في الحديث الصحيح حديث عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا يَنكح المحرم ولا يُنكح».

لا يَنكح يعني: لا يتزوج هو لا يعقد الزواج لنفسه، ولا يُنكح: يعقد الزواج لغيره كابنته، وإذا عقد النكاح له وله غيره فالنكاح فاسد ما يصح يجب عليه أن يعيده بعد أن يتحلل من إحرامه، ولكن هل عليه فدية؟ ليس عليه فدية، يحرم عليه ذلك يأثم عليه التوبة والاستغفار والندم وعليه أن يعيد عقد النكاح بعد التحلل من الإحرام وليس عليه فدية ما في فدية.

ولا ينكح المحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب كذلك ما يخطب امرأة ولا يكون شاهد أحد الشاهدين وهو محرم فإن فعل فإنه يأثم ولكن ليس عليه فدية، ولا يصطاد صيداً برياً، ولا يصطاد صيد يقول اللهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]، فالمحرم منهي عن صيد البر ما فيه من الترفه، ولا يتملكه بشراء ولا إتيهاب.

 يعني ما يتملك الصيد يعني ما يشتري الصيد وهو محرم ولا يقبل الهدية واحد يقول له: أهديلك هذه الحمامة، أو غزال وهو محرم يقول: لا، ما تقبل الهدية إلا بعد ما تتحلل من الإحرام تقبل الهدية، أو قال: ببيع لك الآن الحمام أو أرانب من البر مثلًا برية تقول:لا، نقول: أجل العقد بعد التحلل من الإحرام

ولا يصطاد صيداً برياً، ولا يتملكه بشراء ولا إتيهاب، إتهاب يعني: هبة قبول الهبة ولا غير ذلك سواء بشراء ما يقبل الصيد مطلقًا بشراء أو هبة أو صدقة أو غير ذلك ممنوع، ولا يعين على صيد ولا يذبح صيداً, ولا يأكل من الصيد الذي صيد لأجله لا يعين على صيد ول يذبح صيدًا.

الصحابة أحرموا في غزوة الحديبية محرمين للعمرة ولم يحرم أبو قتادة فلما كانوا في البرية رأوا حمار وحش صيد فجعل الصحابة يضحكون، يعني: ينظرون إليه ويضحكون ففطن أبو قتادة يضحكون كأنهم يقولون: هذا الصيد عندنا ولا نستطيع، ففطن أو قتادة وركب فرسه وقال: ناولوني السلاح، قالوا: والله لا نناولك لا نعينك بشيء نحن محرمون، فنزل عن فرسه وأخذه ثم صاد الحمار الوحش.

وآت به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كلوا، قال: ما نأكل حتى نسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما جاءوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال النبي هل منكم أحدًا عانه أو أشار عليه أو أعطاه السلاح؟ قالوا: لا، قال: فكلوا، أو هذا صاده لأجلكم، فالمحرم لا يأكل من الصيد الذي صاده أو شارك في صيده أو عان على صيده أو صيد لأجله، أما صيد ما عدا ذلك فإنه يأكل.

فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هل أحدًا منكم أعان أو أشار؟ وهل أو قتادة صاد لأجلهم؟ فقال النبي: كلوا، وصابر بن جثامة كان رجلًا مضيافًا فلما مر عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسمع بالنبي صاد حمارًا وحشي فأهداه إلى النبي فرده، فتأثر فلما النبي الماء في وجه قال: إن لم نرده عليك إلا أنا حرم، لأنهم محرمون لأنه صاده لأجله، لما سمع صاده لأجله، المحرم لا يأكل الصيد الذي صيد لأجله.

وقيل أنه أعطاه حيًا الصيد حي، وجاء أنه أعطاه رجل حمار، المقصود فرق بين الصيد الذي صاده أبو قتادة قال للصاحبة: كلوا لِمَاذَا؟. لأنهم ما عنوه ولا شاركوه ولا صاده لأجلهم، ورده على صابر بن جثامة لأنه صاده لأجله هذا الفرق بينهما، واقعتين كلاهما، فلا يعين على صيد المحرم ولا يذبح الصيد حتى الصيد ما يذبح الصيد أَيْضًا، ويكون الصيد بالنسبة للمحرم كالميتة لا يأكل منه كالميتة أو أشد لا يأكل منه.

الذي صيد لأجله أو صاد هو ولا يعين على صديه ولا يذبح صيدًا، فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله، لقول اللهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96]، " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ"، قال: صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله ولو كان محرمًا، الممنوع صيد البر, لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96].

(المتن)

أحسن الله إليكم، وله أن يقطع الشجر، لكن نفس الحرم لا يقطع شيئاً من شجره وإن كان غير محرم ولا من نباته المباح إلا الإذخر وأما ما غرسه الناس أو زرعوه فهولهم، وكذلك ما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يصطاد به صيداً وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه.

(الشرح)

هذا فصل في حرم مكة، قال: وله أن يقطع الشجر لكن نفس الحرم لا يقطع شيئًا من شجرة، المحرم له أن يقطع الشجر في خارج الحرم في عرفة مثلًا خارج الحرم له أن يقطع الشجر في عرفة، لكن في المزدلفة حرم ليس له أن يقطع الشجر، ولهذا قال: لكن نفس الحرم لا يقطع شيئاً من شجره وإن كان غير محرم، حتى غير المحرم الحرم له خصوصية، الحرم لا يقطع شجره ولا ينفر صيده.

الصيد ما تصاد في الحرم ولو كانت غير محرم، وإذا كنت محرم حرم عليك صيد البر حرم عليك الصيد في الحرم وفي خارج الحرم، وإذا كنت حلال غير محرم أذن لك صيد خارج الحرم وحرم عليك صدي الحرم، فالحمام مثلًا من الصيد، التنعيم أنت في مكة أنت داخل مكة الآن لكن من الحل يجوز لك أن تصيد الحمامة في التنعيم وليس لك أن تصديها خارج التنعيم داخل الحرم.

لكن نفس الحرم لا يقطع شيئًا من شجره، والمراد بالشجر الشجر الأخضر الذي نبت بماء المطر، لكن نفس الحرم لا يقطع شيئًا من شجره وإن كان غير محرم ولا من نباته المباح إلا الإذخر؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استثناه وهو نبت طيب والرائحة يجعله الناس في مكة في الخلل الذي بين الخشب الذي في سقف البيوت يجعلون في الخلل من الإذخر، أما في نجد يجعلونها من سعف النخل مكة ما عندهم نخل بدلها الإذخر، وكذلك أَيْضًا يجعلونه في الخلل في القبور بين اللبنات.

ولهذا لما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتح مكة قال: «إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض لا يختلى خلاها ولا يضل شجرها ولا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، فقام العباس فقال: إلا الإذخر فإنه لبيوتنا ولقبورنا، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إلا الإذخر».استثناه هذا مستثنى الإذخر وما عاداه فلا يجوز.

 أما ما غرسه الناس أو زرعوه فهولهم، الشجر الذي يزرعه الناس والشجر الذي يغرسه الناس هذا يأخذوا منه، لكن الشجر والحشيش الرطب الذي ينبت بماء المطر لا يؤخذ في الحرم، لكن الحشيش اليابس لا بأس، وكذلك يزال ما في آذاه كالشوك، الشوك المؤذي هذا يزال، والحشيش اليابس وما استنبته الآدميون أو زرعه الآدميون، إنما ممنوع الشجر الأخضر الذي نبت بماء السماء.

والحشيش الأخضر وما يبس من النبات فلا بأس به، ولهذا قال: أما ما غرسه الناس أو زرعوه فهولهم، وكذلك ما يبس من النبات يجوز أخذه ولا يصطاد به صيداً وإن كان من الماء يعني: في الحرم لا يصطاد صيدًا ولو كان في الماء، إذا كان في الماء سمك داخل الحرم فلا، كالسمك على الصحيح، قال بعض العلماء: لا بأس بالسمك داخل الحرم، والقول الثاني: المنع وهو الذي اختاره الشيخ رَحْمَةِ اللَّه قال: الصحيح.

 بل ولا ينفر صيده مثل أن يقيمه ليقعد مكانه، حتى تنفير الصيد تنفره إذا كان صيد في الظل تنفره وتجلس مكانه في الظل ممنوع ليس لك ذلك، إذا كان هذا في الصيد فيكف بالآدمي؟! حرمت الحرم، هذا حرمت الصيد وحرمت النبات والشجر وحرمت الآدمي أعظم وأعظم، أذية المسلم وإزائه وضربه وسجنه بغير حق أقتله أو قطع عضو من أعضائه أمر عظيم عند الله, إذا كان الصيد لا ينفر فكيف بالآدمي؟ الشجر لا يقطع فحرمت المسلم أعظم وأعظم.

 (المتن)

أحسن الله إليكم، يقول: حرم المدينة النبوية وكذلك حرم مدينة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مابين لابتيها. واللابة: هي الحرة وهى الأرض التي فيها حجارة سود وهو بريد في بريد, والبريد أربع فراسخ وهو من عير إلى ثور، وعير: هو جبل عند الميقات يشبه العير وهو الحمار، وثور هو جبل من ناحية أحد وهو غير جبل ثور الذي بمكة.

 فهذا الحرم لا يصطاد صيده ولا يقطع شجره إلا لحاجة كآلة الركوب والحرث ويؤخذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص لأهل المدينة في هذا لحاجتهم إلى ذلك إذا ليس حولهم ما يستغنون به عنه بخلاف الحرم المكي، وإذا أدخل عليه صيد لم يكن عليه إرساله.

(الشرح)

هذا في حرم المدينة النبوية، قال: حرم المدينة النبوية حرم مدينة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مابين لابتيها. واللابة: هي الحرة ما بين الحرتين، والحرة: هى الأرض تركبها حجارة سود وهو بريد في بريد, يعني: مسافة بريد في بريد، والبريد فراسخ، والفراسخ متماثل عشر ميلًا، والميل يقارب (2كيلوا إلا ثلث تقريبًا) وهو من عير إلى ثور من جبل عير إلى جبل ثور.

وعير هو جبل عند الميقات يشبه العير وهو الحمار، وثور هو جبل من ناحية أحد ليس من ناحية الشمال من ناحية الجنوب، إذا هذه هي المسافة بريد في بريد من عير إلى ثور، وثور: هو جبل من ناحية أ؛د وهو غير جبل ثور الذي بمكة، كما في معجم البلدان فهذا الحرم أَيْضًا لا يصطاد صيده ولا يقطع شجره، حرم المدنية أخف من الحرم المكي الحرم المكي أغلظ؛ لأن الحرم المكي فيه فدية إذا قطع الشجرة كقول بعض العلماء.

الشجرة الكبيرة فيها كذا والصغيرة كذا، الكبير بقرة والصغيرة شاة وأما الحرم المدني ليس فيه فدية، فهذا الحرم أَيْضًا لا يصطاد صيده ولا يقطع شجره إلا لحاجة كآلة الركوب، لكن من وجد يصيد في الحرم المدني فإنه يسلب، يسلب ما معه.

كما جاء في الحديث من صحيح مسلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى من يصطاد في المدينة أن يسلب، يعني: يؤخذ ما معه من السلاح والثياب والمركوب، وقد جاء بعض الصحابة له مولى وعبد صاد فجاء بعض الصحابة فسلبه وأخذ ما معه فجاء يطالبه، فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا أعطانيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

يعني: إذا رآه يأخذ ما معه من السلاح، وإذا كان معه سيارة كذلك يأخذ السيارة نعم وكذلك المركوب، وإذا ما استطاع يطالب حتى يُعطى حقه، قال: فهذا الحرم أَيْضًا لا يصطاد صيده ولا يقطع شجره إلا لحاجة كآلة الركوب والحرث ويؤخذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف ولو كان رطب، لكن لا ما يؤخذ العلف ما يؤخذ إلا الحشيش اليابس ولا يؤخذ الرطب.

والحرم المدني أخف له أن يحش الحشيش للعلف يعلف الدابة وما زاد على ذلك لا يزيد، قال: فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص لأهل المدنية في هذا لحاجتهم إلى ذلك إذا ليس حولهم ما يستغنون به عنه بخلاف الحرم المكي،يعني فلا يسوون في ذلك، وإذا أدخل عليه صيد لم يكن عليه إرساله.

يعني: إذا ادخل عليه صيد فله أن يقبض على الصيد في الحرم المكي يجب عليه إرساله ما معناه؟ معناه: لو كان لك صيد ودخلت مكة الصيد باقي في ملكك، لكن ليس لك أن تقبضه في الحرم يدك المشاهدة ترسلها، يدك الحكمية ترسله وإن كان ملكًا لك تأخذ إذا خرجت منه، لكن داخل الحرم ما تقبض عليه ولا تمسه ترسل يدك المشاهدة ترسله كغيره من الطيور, في الحرم المدني لا يجب عليك إرساله أخف، في الحرم المكي ترسله ولا تقبض عليه وإن كان ملكًا لك ملكك باقي، لكن ما تتمك أنت ما تتملك في الحرم لكن ملكك السابق باقي، لكن تتملك من جديد في الحرم لا ليس لك تشتره الصيد.

أما الحرم المدني فإذا دخلت الصيد من خارج المدنية لا يجب عليك إرساله بل يبقى معك، لأن حرمة الحرم المكي أغلط من حرمت الحرم المدني.

(المتن)

أحسن الله إليكم، وليس في الدنيا حرم، لا بيت المقدس ولا يغره إلا هذان الحرمان ولا يسمى غيرهما حرمًا كما يسمي الجُهال فيكون حرم المقدس وحرم الخليل فإن هذه وغيرهما ليس بحرم باتفاق المسلمين، والحرم المجمع عليه حرم مكة.

 وأما المدينة فلها حرم أَيْضًا عند الجمهور كما استفاضت في ذلك الأحاديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في وج وهو واد بالطائف وهو عند بعضهم حرم وعند الجمهور ليس بحرم.

(الشرح)

يبين المؤلف رَحْمَةِ اللَّه: أنه ليس في الدنيا حرم غير هذين الحرمين حرم مكة وحرم المدنية، ومن غلط بعض الناس يقول: بيت المقدس ثالث الحرمين هذا خطأ بل يقال: ثالث المسجدين، ثلاث الحرمين هذه من الأخطاء الشائعة، ثالث الحرمين يعني: صار حرم ثالث صار ثلاثة، ثالث الحرمين بيت المقدس ثالث الحرمين هذا خطأ والصواب: ثالث المسجدين وليس ثالث الحرمين ما فيه إلا حرمان.

الحرمان ليس لهما ثالث حتى يكون بيت المقدس ثالثًا لهما، هو ثلاث المسجدين ولهذا قال: وليس في الدنيا حرم، لا بيت المقدس ولا يغره إلا هذان الحرمان الحرم المكي والحرم المدنية، ولا يسمى غيرهما حرمًا كما يسمي الجُهال يقول: الحرم، حرم المقدس وحرم الخليل كما يقال: حرم الجماعة، لكن يقال: حريم البئر، حريم البئر يعني: ما حوله، لكن حرم يسمى حرم الجامعة، حرم بيت المقدس المؤلف يقول: هذا خطأ.

ما في حرم ما يسمى حرم، قول: حرم المقدس وحرم الخليل فإن هذه وغيرهما ليس بحرم باتفاق المسلمين، المقدس بيت المقدس ليس حرمًا ومسجد الخليل ليس حرمًا بالاتفاق ، قال: والحرم المجمع عليه حرم مكة، حرم مكة هذا بالإجماع وأما الحرم المدني فأكثر العلماء والجمهور والصواب على أنه حرم, وقال بعض العلماء: ليس بحرم أَيْضًا، لكن الصواب الذي عليه الجمهور أنه حرم.

ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في وج وهو واد بالطائف، ذهب العلماء إلى أنه وج وهو واد بالطائف حرم وأنه لا يصاد صيده وهو قول: لبعض العلماء، لكن الجمهور والصواب أنه ليس بحرم، الصواب الذي عليه جمهور العلماء وأكثر العلماء أنه ليس بحرم، وإن قال بعض العلماء أنه بحرم, فوادي وج بالطائف ليس بحرم على الصحيح عند جماهير أهل العلم.

(المتن)

أحسن الله إليكم، وللمحرم أن يقتل ما يؤذى بعادته الناس كالحية والعقرب والفأرة والغراب،والكلب العقور, وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من قُتلَ دون ماله فهو شهيد ومن قُتلَ دون دمه فهو شهيد ومن قُتلَ دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حُرمته فهو شهيد».

 وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه وله قتلها ولا شيء عليه،وإلقاؤها أهون.وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله وإن كان في نفسه مُحَرمَاً كالأسد والفهد فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء, وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفة فلا يفعله ولو فعله فلا شيء عليه، ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته.

(الشرح)

يقول المؤلف رَحْمَةِ اللَّه: وللمحرم أن يقتل ما يؤذى بعادته كالحية والعقرب والفأرة والغراب،والكلب لما ثبت بالحديث الصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «خَمْسٌ فَواسِقٌ, يُقْتَلْنَ فِي الحل و الْحَرَمِ : الْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ »، ومثل الحية جاءت أَيْضًا في حديث آخر وكل ما يؤذيه له أن يدفع ما يؤذيه، هذه فيها نص، الحية والعقرب والفأرة تقتل في الحل وفي الحرم وكذلك المحرم ويقتل المحرم والحلال، الفأرة العقرب والغراب والكلب العقور والحية.

وله أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله، يدافع عن نفسه إذا صال عليه آدمي أو صال عليه حيوان يدافع فإن لم يندفع إلا بالقتل قاتله، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من قُتلَ دون ماله فهو شهيد ومن قُتلَ دون دمه فهو شهيد ومن قُتلَ دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حُرمته فهو شهيد»، أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث بن زيد.

 وإذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه وله قتلها ولا شيء عليه،وإلقاؤها أهون، إلقاؤها في الأرض أهون من قتلها، وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله وإن كان في نفسه مُحَرمَاً كالأسد والفهد، يعني: لا يقتله إلا إذا صال عليه، صال عليه قلته فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء، وبعض العلماء يقول: عليه جزاء.

لكن إذا صال عليه يدفعه، لكن إذا لم يصل عليه ثم قتله فهل فيه جزاء؟ الصواب أنه ليس عليه جزاء، وإن كان بعض العلماء قالوا: عليه الجزاء، وأما التفلي بدون التأذي فهو من الترفة فلا يفعله ولو فعله فلا شيء عليه، التفلي معناه: كان الناس في الأول يكون في رؤوسهم قمل بسب الغبار والاجتماع وعدم وجود وسائل، والحمد الله وسائل الترفيه عندنا ما يوجد الآن قمل لكن في الأول فيه قمل، كان القمل في الرؤوس، كان يتساقط القمل على رأسه، قال: يؤذيك وهو في رأسك وأما فهو حلق رأسه.

فإذا كان المحرم في رأسه قمل، فهل له أن يخرج القمل؟ بدون التأذي إذا تأذى يخرجه، لكن إذا لم يتأذى كان يتفلى يسمون التفلي، التفلي: إخراج القمل وهو ما يؤذي يقول هذا ترفه تنعم هذا الترفه أنت محرم الآن ما تترفه، إخراج القمل لما يؤذيك هذا نوع من الرفاهية اتركه حتى تحلل من إحرامك.

فالتفلي نوعان: التفلي إخراج القمل من الرأس، النوع الأول: إذا وجد أذاه يؤذيه هذا ليس عليه، الثاني لا يؤذيه ترفه، الثاني إذا كان من باب الترفه لا يفعله وإذا كان يؤذيه فلا بأس أن يتفلى ولو فعله فلا شيء عليه، لكن نوع من الترف كما أن لا يلبس الثياب ولا يقص أظافره ولا شعره هذا نوع من الترفه وكذلك لا يتفلى لا يخرج القمل وهو ليس مؤذيًا له.

(المتن)

أحسن الله إليكم، ويحرم على المحرم الوطء ومقدماته ولا يطأ شيئًا سواء كان امرأةً أو غير امرأة ولا يتمتع بقبلة ولا مسٍ بيد ولا نظرٍ بشهوة، فإن جامع فسد حجه, وفي الإنزال بغير الجماع نزاع ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس، فإن قبل أو أمدى لشهوة فعليه دم.

(الشرح)

يحرم على المحرم الوطء ومقدماته، وسبق أن قلنا: إنه أعظم محظورات الإحرام وأغلظها الجماع، جماع المحرم إذا جامع قبل التحلل الأول، يعني: قبل أن يرمي جمرة العقبة يوم العيد هذا التحلل الأول رمي جمرة العقبة وحلق الرأس، وقال أبو حنيف: قبل ليلة المزدلفة ولو لم يرمي جمرة العقبة.

قلنا: إنه إذا جامع فسد الحج، وليس شيٌ يفسد الحج إلا الجماع، لزمها أربعة أمور، إذا جامع قبل تحلله لزمه أربع أمور، أولًا فسد الحج، ثانيًا عليه أن يمضي في الحج الفاسد ويكمله، ثالثًا عليه بعير بدنه يشتري بعير ويذبحه ويوزعه ولا يأكل منه شيئًا، رابعًا عليه قضاء هذا الحج الفاسد من العام القادم ولو كان نفلًا.

ولهذا قال المؤلف: يحرم على المحرم الوطء ومقدماته، حتى مقدماته يكون مباشر يقبل يلمس كل هذه مقدمات تحرم على المحرم، ولا يطأ شيئًا سواء كان امرأةً أو غير امرأة ولا يتمتع بقبلة يقبل لا زوجته ولا غيرها ولا يمس بيد بشهوة ولا ينظر، حتى النظر بشهوة ممنوع للمحرم، لا ينظر إلى امرأة بشهوة أو إلا غير امرأة ولا يمس بشهوة ولا يقبل.

فإن جامع فسد حجه كما سبق، وفي الإنزال بغير الجماع نزاع، إذا أنزل ما جامع ولكن أنزل قيل يفسد الحج وقيل لا يفسد الحج، المشهور عند الفقهاء أنه لا يفسد الحج ولكن عليه شاة يذبحها، والحنابلة يقولون: أَيْضًا قبل التحلل الأول عليه بدنه، إذا أنزل عليه بدنه، المذهب يقولون، عليه بدنه ولا يفسد الحج.

 ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس، ما يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا في الجماع إلا بهذا الجماع والإنزال بغير الجماع فيه نزاع ومن العلماء قال: لا يفسد الحج ومنهم من قال: يفسد الحج، والصواب أنه لا يفسد للإنسان لا يفسد إلا بالجماع.

ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس، فإن قبل أو أمدى لشهوة فعليه دم، عليه شاة يذبحها إذا قبل مثل زوجته بشهوة، أو أمدى ظاهره كان المصنف قبل ولو لم يمدي، والمشهور عند الفقهاء إذا قبل فأمنى أو أمدى عليه شاة، وأما إذا قبل ولم يمدي فليس عليه شيء، ولكن الأحوط أن يفدي بشاة إذا قبل بشاة سواءً أمنى أو أمدى أو لا عليه دم عليه شاة أن يذبحها.

(المتن)

أحسن الله إليكم، يقول: فصلٌ إذا أتى مكة جاز أن يدخلها والمسجد من جميع الجوانب لكن الأفضل أن يأتي من وجه الكعبة إقتداء بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه دخلها من وجها من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلاة.

ولم يكن على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة ولا المدنية سور ولا أبوابٌ مبنية، ولكن دخلها من الثانية العليا ثنية كداء بالفتح والمد المشرفة على المقبرة، ودخل المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له: باب بني شيبة ثم ذهب إلى الحجر الأسود فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود لمن دخل من باب المعلاة ولم يكن قديمًا بمكة بناءً يعلوا على البيت، ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعل الحرام بناء.

ولا كان بمنى ولا بعرفات مساجد ولا عند جمرات مساجد، بل كل هذه محدثة بعد الخلاف الراشدين ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية، ومنها ما أحدث بعد ذلك فكان البيت يرى قبل دخول المسجد.

(الشرح)

هذا في دخول مكة إلى الحاجة، من أين يدخل مكة؟ قال: إذا أتى مكة جاز أن يدخلها والمسجد من جميع الجوانب من جميع الجهات يأتي، والفقهاء يقولون: يسن أن يدخل مكة من أعلاها ويخرج من أسفلها، يسن أن يدخل مكة من أعلاها من الثانية العليا؛ لأن النبي دخلها من الثانية العليا، ويخرج من أسفلها من كداء.

أهل مكة واضمم وادخل وافتح واخرج من كُدا وخرج من كداء، المؤلف ما ذكرا الاستحباب هنا، لكنه ذكره أنه يستحب أنه يدخل مكة من أعلاه ويخرج من أسفلها من كداء، والمؤلف قال: جاز أن يدخل مكة من جميع الجوانب، وأما المسجد فالأفضل أن يأتي من وجه الكعبة وجه واجهة الباب جهة الشرق جهة الباب اقتضاءً بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه دخله من وجهها من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلاة.

ويقابله باب بني شيبة ويسمى الآن باب السلام، قال الفقهاء: يدخل من باب السلام ومن باب بني شيبة؛ لأنه إذا دخل يكون مقابل للباب فيكون جاء الكعبة من وجهها من قبل الباب فيدخل من باب بني شيبة أو من باب السلام، هذا من السنة وإن دخل من أي مكان ودخل من أي باب فلا حرج.

قال: ولم يكن على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة ولا المدنية سور ولا أبوابٌ مبنية، كانت بعض المزايا يُجعل على المدينة سور ولها أبواب، ويقول: على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما في مكة ولا المدينة ما في أسوار ولا أبواب مفتوحة ولكن دخلها من الثانية العليا، قال ثنية كدا.

يعني: افتح واضمم واخرج كدا، وخرج من كداء، ولكن دخل من الثانية العليا من ثانية كدا، يعني: أسمع يقول عند الفتح كدا وخرج من كداء، افتح وادخل واضمم واخرج ولكن دخلها من الثانية العليا ثنية كداء بالفتح والمد المشرفة على المقبرة، ودخل المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له: باب بني شيبة, والآن يقابلها أو بدلها باب السلام.

ذكر المحقق نقل عن الشيخ محمد العثيمين يقول: هذا الباب عفا ولا أثر له الآن وقد أدركنا مكان قريبًا من مكان إبراهيم يقال له: أنه باب بني شيبة، إذا باب السلام هو المقابل له، ثم ذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحجر الأسود فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود لمن دخل من باب المعلاة، أقرب شيء تدخل من باب السلام , الآن يكون مقابل يكون أمامك الكعبة من قبولها وأمامك الحجر.

ولم يكن قديمًا بمكة بناءً يعلوا على البيت، قديم ما كان فيه بناء أرفع من الكعبة كل البيوت نازلة لا كانت بالأدوار ولا كانت الجبال عليها بناء كانت منخفضة، ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعل الحرام بناء، كانت الصفا مكشوفة ما في بناء ما كانت مظللة الناس يسعون في الشمس مثل الكعبة كانت أرض ما فيها، ولا كان فوق الصفا، ولكن لما احتاج الناس الآن وكثر الناس تجد أن كثر الحجاج احتاجوا إلى أدوار.

 ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعل الحرام بناء, ولا كان بمنى ولا بعرفات مساجد، ما فيها مساجد الآن في منى مسجد الخيف كما هو معرف، مسجد كبير بعرفات كذلك المسجد مثل عرفة وكذلك المزدلفة المسجد الذي بني المشعل الحرام ولا كان بمنى ولا بعرفات مساجد، ولا عند جمرات مساجد، بل كل هذه محدثة بعد الخلاف الراشدين ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية، ومنها ما أحدث بعد ذلك فكان البيت يرى قبل دخول المسجد.

ما في بنيان كان البيت قبل أن تدخل المسجد تراه من بعيد، تشاهد الكعبة وأنت في الشارع ما كان في أسوار حتى المسجد ما كان له أسوار ولذلك كان يطاف على البعير دخل البعير الدابة طاف على البعير دخل المسجد على البعير وصار يطوف على الكعبة على البعير، لو كان في أسوار أو باب ما دخل البعير ما كان المسجد الحرام له أبواب ولا كان له أسوار، فكان البيت يرى قبل دخول المسجد.

(المتن)

أحسن الله إليكم، وقد ذكر بن جرير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وبرا وزد من شرفه وكرمه ممن حج أو اعتمر تشريفًا وتعظيمًا.

فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك وقد استحب ذلك من استحب عند رؤية البيت ولو كان بعد دخول المسجد، لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن دخل المسجد ابتدأ بالطواف ولم يصلي قبل ذلك تحية المسجد ولا غير ذلك، بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت، وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل لدخول مكة، كما يبيت بذي طوى وهو عند الآبار التي يقال لها: أبار الزاهر.

فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهارًا وإلا فليس عليه شيٌ من ذلك، وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتدئ من الحجر الأسود يستقبله استقبالًا ويستلمه ويقبله إن أمكن، ولا يؤذي أحدًا بمزاحمته عليه، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده وإلا أشار إليه ثم ينتقل للطواف، ويجعل البيت على يساره وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين ولا يمشي عرضًا .

ثم يتنقل إلى الطواف بل ولا يستحب ذلك، ويقول: إذا استلمه بسم الله واللَّهِ أَكْبَرُ وإن شاء قال: اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك وإتباعا لسنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويجل البيت عن يساره فيطوف سبعًا ولا يخترق الحجر في طوافه لما كان أكثر الحجر من البيت، والله أمر بالطواف به ولا بالطواف فيه، ولا يستلم من أركانه إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين.

فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما استلمها خاصة؛ لأنهم على قواعد إبراهيم، والآخران هما في داخل البيت، فالركن الأسود يُستلم ويقبل، واليماني يستلم ولا يقبل، والآخران لا يستلمان ولا يقبلان.

والاستلام: هو مسحه باليد، وأما سائر جوانب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في الأرض من المساجد وحيطانها ومقابر الأنبياء والصالحين كحجرة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومغارة إبراهيم ومقام نبيا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقام الأنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة.

و أما الطواف بذلك من أعظم البدع المحرمة ومن اتخذه ديناً يستتاب فان تاب وإلا قتل.ولو وضع يده على الشاذروان الذي يُربَط فيه أستار الكعبة لم يضره في أصح قول العلماء وليس الشاذروان من البيت بل جُعِلَ عماداً للبيت.

(الشرح)

يقول المؤلف رَحْمَةِ اللَّه: وقد ذكر بن جرير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وبرا وزد من شرفه وكرمه ممن حج أو اعتمر تشريفًا وتعظيمًا.

هذا الدعاء أخره الشافعي في (الأم) كما ذكر المحقق والبيهقي في (الكبرى) وقال: المنقطع فيه انقطاع في سند من قطع فلا يصح وضعيف، وعلى هذا فهذا الذكر ما يصح، لكن إذا دخل المسجد يقدم رجله ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم صلي على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي وأفتح أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجه الكريم والسلطان القديم من شر الرجيم كما يقول في سائر المسائل، هذا الذي يعرض.

أما هذا الذكر فهذا ورد في هذا الحديث لكنه ضعيف منقطع، فإذا قاله: يعني من باب لا أعلم أنه ثابت إنما دعى ربه من باب الدعاء أنه يزيد هذا التشريف وقاله في بعض الأحيان فلا حرج، لكن يقول: على أنه ثابت لم يثبت هذا الحديث.

قال: فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك، يعني: لو صح وقد استحب ذلك من استحب عند رؤية البيت، يعني: اعتمادهم على هذا الحديث، ولو كان بعد دخول المسجد، لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن دخل المسجد ابتدأ بالطواف ولم يصلي قبل ذلك تحية المسجد ولا غير ذلك، بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت.

تحية المسجد هو الطواف بالبيت إذا أردا أن يطوف فلا بأس وإن لم يرد أن يطوف وإنما يريد أن يجلس يصلي ركعتين ثم يجلس، إذا لم يرد الطواف يصلي ركعتين ويجلس وإذا أراد الطواف فتحية البيت الطواف، يطوف ثم يجلس، قال المؤلف رَحْمَةِ اللَّه: وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتدئ به من الحجر الأسود.

لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابتدأ بالطواف ولم يصلي قبل ذلك تحية المسجد ولا غير ذلك بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت، يعني: لمن أراد الطواف فتحية الطواف ومن لم يرد الطواف يصلي ركعتين ويجلس.

 وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل لدخول مكة، كما يبيت بذي طوى وهو عند الآبار التي يقال لها: أبار الزاهر، هذا فيه استحباب الاغتسال لدخول مكة، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحرم بالحج في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة ووصل في اليوم الرابع من ذي الحجة وبات في مكة بات في الزاهر ثم اغتسل وكانت في ذلك الزاهر كانت خارج مكة يعني فاغتسل ثم دخلها نهارًا طالة المدة.

لكن الآن يعني: يغتسل للإحرام ثم يصل مكة بعد ساعة أو أقل، والمؤلف يقول: إذا تيسر له المبيت بها أو الاغتسال فهو أفضل، تيسر المبيت النبي بات بها واغتسل ثم دخل صبح يوم الأحد يوم الرابع من ذي الحجة، ودخلها نهارًا.

فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهارًا وإلا فليس عليه شيٌ من ذلك الأمر في هذا واسع، وإذا دخل المسجد بدأ بالطواف فيبتدئ من الحجر الأسود وينتهي بالحجر الأسود سبعة أشواط يبتدئ من الحجر وينتهي من الحجر يستقبله استقبالًا ويستلمه، يعني يستقبل الحجر في وجهه هكذا ويستلهم يعني: يمسحه بيده، ويقبله بشفتيه، ويقول: بسم الله والله أكبر.

هذا السنة الأولى إذا تمكن استلام، استلام يعني: مسح بيده اليمنى وتقبيله بالشفتين والتكبير، يقول: بسم الله والله أكبر، فإن لم يتيسر له التقبيل مسحه استلمه وقبل يده وكبر فإن لم يتيسر له مسحه بعصا وقبله، فإن لم يتيسر أشار إليه وكبر أربع، أربع سنن السنة الأولى استلامٌ وتقبيلٌ وتكبير، الثانية استلامٌ وتقبيلٌ لليد وتكبير، الثلاثة استلامٌ بالعصا وتقبيل له وتكبير، الرابعة إشارة باليد اليمنى وتكبير وهذا كله مستحب وليس بواجب، لو تركه فلا حرج عليه.

يستقبله استقبالًا ويقبله إن أمكن، ولا يؤذي أحدًا، يروى عن النبي أنه قال لعمر: إنك رجل قوي وشديد فلا تزاحم وهذا يحتاج إلى صحة الثبوت، ولا يؤذي أحدًا بمزاحمته عليه، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده، هذه السنة الثانية، وإلا أشار إليه وذكر السنة الثالثة وإلا استلم بعصا وقبله وإلا أشار إليه، ثم ينتقل للطواف، ويجعل البيت عن يساره، هذه من شروط الطواف أن يجعله عن يساره، وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين ولا يمشي عرضًا .

ثم يتنقل إلى الطواف بل ولا يستحب ذلك، بعض الناس يقول: الأولى أنه يبدأ بين الركنين، يبدأ بين الركنين ويمشي حتى يصل إلى الحجر يقول: هذا ما عليه دليل، أو يمشي عرضًا يمشي عرض ثم وصل إلى الحجر جعله عن يساره ثم ينتقل إلى الطواف يمشي عرض ثم ينتقل إلى الطواف كل هذا ليس عليه دليل واستحبابه، ليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين ولا يمشي عرضًا ثم ينتقل إلا الطواف ولا يستحب ذلك.

وجعل البيت عن يساره هذا شرط والطواف له شروط، قال: له شروط منها أن يكون على طهارة هذا عند جمهور العلماء؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ وطاف وقال: خذوا عني وسيأتي الكلام للمؤلف رَحْمَةِ اللَّه عن الطهارة منها أن يكون متوضًأ ومنها أن يجعل البيت عن يساره، فإن جعله عن يمينه ما صح، ومنها أن يستوعب الأشواط السبعة كلها من الحجر إلى الحجر، ومنها ألا يدخل بين الحَجر يطوف من وراء الحجر.

ومنها ألا يطوف على الشاذروان، الشاذوران: ما فضل على جدار الكعبة ما يقف عليه وهذا ما يستطيع أن يقف عليه، لأنه مايل إلا لو اجتمع إنسان ومسك بيده ويمشي هذا ممكن لكن لا تقف على الشاذروان ولا تقف من أسفل، ومنها النية أن ينوي الطواف، طواف التطوع طواف العمرة طواف الحج، فهذه شروط هذه كلها شروط، لابد منها.

أن يكون متوضًأ وأن يجعل البيت عن يساره وأن يستوعب الأشواط السبعة وأن يكنون من وراء الحجر وألا يطوف على الشاذروان وأن يكون عورته مستورة، ستر العورة أَيْضًا لابد منها فإن كشفت العورة ما صح هذه ستة شروط لصحة الطواف ومنها النية ينوي هذه شروط في الطواف.

 ويقول: إذا استلمه بسم الله واللَّهِ أَكْبَرُ وإن شاء قال: بسم الله والله أكبر ويقول: هذا جاء عن ابن عمر وأخرجه عبد الرزاق والبيهقي، قال الحافظ في التلخيص: سنده صحيح جاء عن ابن عمر والوارد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التكبير كما في حديث ابن عباس.

يعني: الوارد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نقول: اللَّهِ أَكْبَرُ وصح عن ابن عمر أن نقول: باسم الله والله أكبر وكأن هذه التسمية في أول ما يبدأ في الطواف ثم بعد ذلك يكبر بدون تسمية، فالتسمية تكون في أو ما يبدأ هذا ما جاء عن بن عمر، والوارد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث بن عباس التكبير بدون تسمية.
وإن شاء قال: اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك وإتباعا لسنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعيني فيه كل شوط يقول هذا اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك وإتباعا لسنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هل هذا ثابت؟ قال المحقق إذا جاء عن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رواه الطبراني في (الأوسط وفي الحادث الأعور) وهو ضعيف، وجاء عن ابن عمر ورواه الطبراني في (الأوسط) (ورجاله رجال الصحيح) كما قال: الهيثمي في (المجمع).

على هذا في حديث علي ضعيف ولكن، جاء عن ابن عمر يعني: مروي عن ابن عمر ثابت في الصحيح عن ابن عمر، يعني: الرواية عن ابن عمر صحيحة والرواية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضعيف، وعلى هذا فإذا قال: اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك وإتباعا لسنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا بأس؛ لأنه ثابت عن الصحابة فإذا لم يكن في المسألة وقد يقال: له حكم الرفض.

لأن الصحابي لا يقول: مثل هذا من اجتهاده ويحتمل أنه قاله باجتهاده لو قال باجتهاد يقول حسن، قال الصحابي: إذا لم يكن في المسألة نص فقول الصحابي حجة، إذا لم يخالفه غيره حسن، وإن كان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكتابة عن ابن عمر اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك، بعض الإخوان بعض طلبة العلم نشروا أن هذا غير ثابت وأنه لا يقوله لا يقول هذا الذكر.

وما دام ثبت عن ابن عمر اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك وإتباعا لسنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 ويجل البيت على يساره، وسبق أن هذا من الشروط، فيطوف سبعًا ولا يخترق الحجر في طوافه لما كان أكثر الحجر من البيت، والله أمر بالطواف به ولا بالطواف فيه، يعني: لا يطوف من وراء الحجر، والحرج يقال: ستة أزرع ونصف كلها من البيت أخرجته قريش قصرت بها النفقة لِمَاذَا؟.

لأنهم لما تصدعت الكعبة في الجاهلية قبل بعثة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أردوا أن يبنوه فقالوا فيما بينهم لا نبنيه إلا بمالٍ حلال فاجمعوا مالً حلال فجمعوا مالًا حلال فلم يجدوا من المال الحلال لا يكفي، الحرام تتطبق الأمر كل الأموال حرام ولا جمعوا إلا مالًا قليل ما يكفي لبناء البيت فقالوا: ابنوا بالمال الحلال واخرجوا الحجر، فأخذوا الحجر ما استطاعوا أن يبنوه من مالٍ حلال ما عدهم مال حلال حتى يدخل الحجر فأخرجوا ستة أزرع ونصف وهو الحجر.

فبقيت هكذا وأقرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك «ولما فتح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة قال: لعائشة لو قومك حديث عهدٍ بكفر لنقد الكعبة وأدخلت الحجر وجعلت لها بابين بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا ونزلت عليها الباب»، الباب كان مرتفع والآن مرتفع قال: أتدري لماذا رفعوا هذا؟ قال: من أرادوا أن يدخلوه أدخلوه ومن لا يريدوا أن يدخلوه تركوه يسقط.

فلما تولى عبد الله بن الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بويع له على الحجاز وصار له خليفة وأمير على الحجاز مكة والمدينة ولا والطائف طبق الحديث وهدم الكعبة وأدخل الحجر ونزل الباب الشرقي وفتح بابًا غربيًا وصار يستلم الأركان الأربعة كلها.

ثبت أن معاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قدم إلى مكة وجعل يستلم الأركان الأربعة كلها، الركن اليماني والحجر الأسود والشامي والعرقي فأنكر عليه ابن عباس، فقال ابن عباس: ما يُستلم إلى الركن الشامي والعراقي فقال له معاوية: أفي البيت شيء مهجور يا ابن عباس، هل في شيء مهجور؟ ما يهجر شيء من البيت، فقال ابن عباس: «لقد كان لكم في رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسوة حسنة».

ولم نرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستلم إلا الركنين، فقال: له صدقت ورجع إلى قوله، قال: ولم أرى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الركنين الشاميين إلا أنها لم يتمما على قواعد إبراهيم قريش أخرجوا ستة أزرع فصار ركنان ليسوا على قواعد إبراهيم، فلما تولى عبد الله ابن الزبير الحجاز وهدم الكعبة وأدخل الحجر صارتا على قواعد إبراهيم فصار يستلم الأركان الأربعة كلها.

ولكان عارضه الحجاج بن يوسف وكان أميرًا لعبد الملك بن مروان كان بُيع ... قبل عبد الملك بن مروان قبل أبيه مروان ثم بُيع لمروان بعد ذلك ثم بُيع لعبد الملك وتوسع عبد الملك شيئًا فشيء كان في الأول ما عنده إلا العراق وتوسع شيئًا فشيء حتى تقوى وصار يقاتل عبد الله بن الزبير وجعل يبعث البعوث من العراق وهو كان المهمة إلى الحجاج بن يوسف أمير العراق.

فكان يرسل جيوش إلى مكة فيقاتل عبد الله بن الزبير حتى إن إنه رأى الكعبة بالمنجنيق وهدمها واستولى على عبد الله بن الزبير وقتله وصلبه على خشبة ثلاثة أيام، ثم بعد ذلك نقد الكعبة وأخرج الحجر وسد الباب الغربي ورفع وأجعها على ما كان في الجاهلية، ويقال: أن عبد الملك بن مروان أنه قال: يكذب عبد الله بن الزبير يزعم أنه كذا وكذا قال بعضهم: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، أني سمعته: يقول: كذا وكذا عن الصحابة.

فسكت عبد الملك بن مروان وقال: ليتنا تركناه وما أراد وسيجتمع عند رب العالمين والله سيحكم بحكمه العدل، ثم بعد ذلك بقيت على ما كانت عليه فاستشار أبو جعفر المنصور في خلافته الإمام مالك رَحْمَةِ اللَّه استشاره هل يهدم الكعبة ويعيدها كما كانت عليها في زمن عبد الله ابن الزبير ويدخل الحجر؟

الإمام مالك رَحْمَةِ اللَّه لم يتسرع في الجواب وتأمل وفكر، ثم قال له بعد ذلك: أرى أن تتركها كما كانت عليه، فقال له: لما؟ أخشى أن تكون الكعبة ملعبةً للملوك، كل ملك هذا يهدم وهذا يبني كل واحد يهدم ويبني، أراد أن يسد الباب فكان رأي الإمام مالك موفق ما ثبت في صحيح مسلم، فكان موفقًا رأيه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ و رَحْمَةِ اللَّه، وكان رأيه موفق وسد الباب وتركها وبقيت على ما كانت عليه الآن، ووفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد