شعار الموقع

اللمعة في الأجوبة السبعة (3) من قوله: "وأما القسم الثالث..." إلى قوله: "والذي لا ريب فيه أن العمل بطاعة الله تعالى ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض..."

00:00
00:00
تحميل
78

اللمعة في الأجوبة السبعة3

بسم الله الرحمن الرحيم

(المتن)

وأما (القسم الثالث) وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عندك، أو ببركة فلان عندك ، أو بحرمة فلان عندك: افعل بي كذا، وكذا، فهو يفعله كثير من الناس؛ لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء، ولم يبلغني عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه؛ إلا ما رأيته في فتاوى الفقيه أبي محمد ابن عبد السلام، فإنه أفتى: بأنه لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك، إلا للنبي ﷺ إن صح الحديث في النبي ﷺ

ومعنى هذا الاستثناء: أنه قد روى النسائي والترمذي وغيرهما أن النبي ﷺ علم بعض أصحابه أن يدعو فيقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله ‍‍! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم فشفعه في فإن هذا الحديث قد استدل به طائفة على جواز التوسل بالنبي ﷺ في حياته وبعد مماته. قالوا: وليس في التوسل به دعاء المخلوقين، ولا استغاثة بالمخلوق، وإنما هو دعاء واستغاثة بالله؛ لكن فيه سؤال بجاهه، كما في سنن ابن ماجه عن النبي ﷺ أنه ذكر في دعاء الخارج للصلاة أن يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قالوا ففي هذا الحديث أنه سأل بحق السائلين عليه وبحق ممشاه إلى الصلاة، والله تعالى قد جعل على نفسه حقا، قال الله تعالى: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ  ونحو قوله: كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا

وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل أن النبي ﷺ قال له: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ فإن حقهم عليه ألا يعذبهم.

وقد جاء في غير حديث: كان حقا على الله كذا وكذا كقوله: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد وشربها في الثالثة أو الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار .

وقالت طائفة: ليس في هذا الحديث جواز التوسل به بعد مماته وفي مغيبه، بل إنما فيه التوسل في حياته بحضوره، كما في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب استسقى بالعباس، فقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، فيسقون، وقد بين عمر بن الخطاب أنهم كانوا يتوسلون به في حياته فيسقون .

وذلك التوسل به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو الله لهم، فيدعو لهم، ويدعون معه، فيتوسلون بشفاعته ودعائه، كما في الصحيح عن أنس بن مالك أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان بجوار " دار القضاء " ورسول الله ﷺ قائم، يخطب، فاستقبل رسول الله ﷺ قائما، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله لنا أن يغيثنا قال: فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا و بين سنع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ما إن توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت فلا والله ما رأينا الشمس سبتا قال : ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة و رسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله هلكت الأموال و انقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا , قال : فرفع رسول ﷺ يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر قال: فأقلعت فخرجنا نمشي في الشمس. ففي هذا الحديث أنه قال: ادع الله لنا أن يمسكها عنا. وفي الصحيح أن عبد الله بن عمر قال: إني لأذكر قول أبي طالب في رسول الله ﷺ حيث يقول:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه  ثمال اليتامى عصمة للأرامل

              

فهذا كان توسلهم به في الاستسقاء ونحوه، ولما مات توسلوا بالعباس ، كما كانوا يتوسلون به ويستسقون، و لم يتوسلوا به , وما كانوا يستسقون به بعد موته، لا في مغيبه ولا عند قبره ولا عند قبر غيره، وكذلك معاوية بن أبي سفيان استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا! يا يزيد ارفع يديك إلى الله! فرفع يديه، ودعا، ودعوا؛ فسقوا؛ ولذلك قال العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الصلاح والخير، فإن كانوا من أهل بيت رسول الله ﷺ كان أحسن , ولم يذكر أحد من العلماء أنه يشرع التوسل والاستسقاء بالنبي والصالح بعد موته ولا في مغيبه، ولا استحبوا ذلك لا في الاستسقاء ولا في الاستنصار ولا غير ذلك من الأدعية.

 والدعاء مخ العبادة والعبادة مبناها على السنة و الاتباع، لا على الأهواء والابتداع، وإنما يعبد الله بما شرع، و لا يعبد بالأهواء والبدع، قال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وقال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وقال النبي ﷺ: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور .

 

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :

فقد سبق قول المؤلف رحمه الله : ( فصل : وأما من يأتي إلى قبر النبي أو رجل صالح، أو من يعتقد فيه أنه قبر نبي أو رجل صالح وليس كذلك، ويسأله و يستنجده فهذا على ثلاث درجات: ) يعني ثلاثة أقسام:

القسم الأول أن يسأل الميت حاجته و يقول للميت أسألك أن تزيل مرضه أو مرض دوابه أو يقضي دينه أو ينتقم له من عدوه أو يعافي نفسه أو أهله أو دوابه قال المؤلف ( هذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب و إلا قتل ) هذا إذا سأل الميت , سأل الميت أن يقضي حاجته و أن يعافيه من مرضه أو مرض دوابه أو ينتقم له من عدوه أو ينجيه من النار أو يدخله الجنة.

 القسم الثاني أن يطلب من الميت أن يدعو له يقول : يا فلان ادع الله لي , يخاطب الميت فهذا اختلفوا العلماء فيه فالمؤلف وجماعة قالوا إنه بدعة و وسيلة إلى الشرك و آخرون من أهل العلم يرون أنه شرك و حجة من يقول أنه شرك : أنه دعا غير الله دعا الميت و الميت لا يسمع و لا يستطيع الجواب و هو داخل في قوله تعالى وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ و قوله وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا و آخرون من أهل العلم و منهم المؤلف شيخ الإسلام بن تيمية يقول هذا بدعة و وسيلة لأنه ما طلب من الميت أن يغفر له أن يزيل المرض أو أن يعافيه من مرضه و لا أن يدخل الجنة و لا يخرجه من النار و إنما طلب منه أن يدعو الله فلا يكون شركا و إنما يكون بدعة و وسيلة هذا هو القسم الثاني.

 أما القسم الثالث فأن يسأل الله بجاه فلان أو ببركة فلان و هو أول درسنا اليوم.

 قال المؤلف (وأما القسم الثالث: وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عندك، أو ببركة فلان عندك ، أو بحرمة فلان عندك: افعل لي كذا، وكذا ) فما حكم هذا , هذا لاشك أنه بدعة و لا يكون شركا لأنه ما دعا غير الله و إنما دعا الله و إنما جعل المتوسل بشيء مبتدع , اللهم إني أسألك بجاه فلان بحرمة فلان هذه الوسيلة بدعة , التوسل يكون بأسماء الله و صفاته يكون بالتوحيد بإيمانك بعملك الصالح كما في حديث الصحيحين الثلاثة من بني إسرائيل الذين انطبقت عليهم الصخرة فقالوا أنه لا ينجيكم إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالك , فالأول سأل الله و توسل إليه ببره لوالديه و الثاني سأل الله بعفته عن الزنا و الثالث توسل الله بأمانته و إعطائه حقوق الناس فانفرجت الصخرة هذا توسل بالعمل الصالح , و التوسل بأسماء الله الحسنى و التوسل بدعاء الحي الحاضر و توسل لله بحاجتك و فقرك كقول الله تعالى عن موسى رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ   لكن هذا توسل بجاه فلان و حرمة فلان أو ذات فلان و حرمة فلان و ذات فلان ليست من الأسباب التي تكون سببا لإجابة الدعاء و إنما تكون أمرا مبتدع و هو لم يسأل فلانا و إنما سأل الله فهو لا يكون شركا و إنما يكون بدعة هذا هو القسم الثالث.

 فيكون القسم الأول إذا سأل الميت و طلب من الميت أن يغفر ذنبه و أن يدخله الجنة هذا شرك.

القسم الثاني أن يطلب من الميت أن يسأل الله له أن يدعو الله له فهذا مختلف فيه قيل إنه شرك و هو الصواب و قيل إنه بدعة.

و الثالث أن يسأل الله لكن يتوسل بوسيلة مبتدعة و هو جاه فلان أو حرمة فلان أو ذات فلان فهذا بدعة.

 و لهذا قال المؤلف رحمه الله (وأما القسم الثالث: وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عندك، أو ببركة فلان عندك ، أو بحرمة فلان عندك: افعل لي كذا، وكذا ) يعني اغفر لي ارحمني.

قال المؤلف ( فهذا يفعله كثير من الناس ) كثير من الناس الجهال يفعلون هذا , و هم جهال يتوسلون بجاه فلان أو حرمة فلان أو ذات فلان أو بركة فلان يفعلونه كثير من الناس الجهال ( لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء ) لأن هؤلاء أهل بصيرة , الصحابة و التابعون و سلف الأئمة لا يدعون و لا يتوسلون بوسيلة مبتدعة و إنما يفعل هذا الجهال و لهذا قال المؤلف ( لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء ).

قال ( ولم يبلغني عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه ) أنه دعا بذلك (إلا ما رأيت في فتاوى الفقيه أبي محمد ابن عبد السلام، فإنه أفتى: بأنه لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك، إلا للنبي ﷺ إن صح الحديث في النبي ﷺ) يعني يقول ما رأيت أحدا يتوسل مثلا بذات فلان أو بحرمة فلان أو بجاه فلان ما رأيت أحدا من الصحابة و لا من التابعين و لا من سلف الأئمة إلا العز ابن عبد السلام فإنه قال يجوز لأحد أن يتوسل بذات النبي ﷺ خاصة يقول إن صح الحديث ما هو هذا الحديث؟!

يقول المؤلف ( ومعنى هذا الاستثناء: أنه قد روى النسائي والترمذي وغيرهما أن النبي ﷺ علم بعض أصحابه أن يدعو فيقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله ‍‍! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم فشفعه في ) العز بن عبد السلام قال يجوز أن يتوسل بالنبي ﷺ خاصة لهذا الحديث إن صح و هذا الحديث يقول المؤلف قد رواه النسائي و الترمذي , الترمذي رواه في كتاب الدعوات و لفظه اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله ‍‍! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم فشفعه في و قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح و هو كما قال، ورواه ابن ماجة أيضا في كتابه إقامة الصلاة و الحاكم في مستدركه و قال صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي و صححه الألباني و الحديث صحيح كما ثبت في رواية الترمذي ورواه ابن ماجة و أحمد و الحاكم.

لكن الحديث ليس فيه أنه يتوسل بذات النبي ﷺ الحديث ورد في رجل أعمى جاء إلى الرسول ﷺ و قال : يا رسول الله ادع الله أن يرد إلي بصري فقال إن شئت صبرت وإن شئت دعوت الله قال فادعه قال فأتي الميرئة وتوضأ وقل اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله ‍‍! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم فشفعه في و المعنى أنه طلب من النبي ﷺأن يدعو له و يؤمن فدعا النبي ﷺ فرد الله له بصره , هل هذا فيه توسل بذات النبي ﷺ!  هذا توسل بدعاء الحي الحاضر.

 العز ابن عبد السلام يقول : إن صح الحديث فإني أرى أنه يجوز أن نتوسل بالنبي ﷺ لهذا الحديث خاصة و لا يتوسل بغيره إن صح الحديث و المؤلف يقول الحديث صح و لكنه ليس توسل بذاته , توسل بدعائه الأعمى توسل بدعاء النبي ﷺ و هو حي حاضر , فالنبي ﷺ يدعو له و هو يؤمن و سأل الله أن يشفع فيه نبيه بأن يرد إليه بصره فدعا له النبي ﷺ فشفاه الله و رد الله إليه بصره.

 و على هذا فيكون هذا الحديث ليس فيه دليل على أن التوسل بذات النبي ﷺ و لا التوسل به بعد مماته و إنما هو توسل به في حياته بدعائه خاصة.

 المؤلف شيخ الإسلام يقول : ما رأيت أحد من الصحابة و لا من التابعين يقول أنه يجوز أن نتوسل بأحد بعد موته إلا العز ابن عبد السلام يجيز التوسل بالنبي عليه الصلاة و السلام خاصة إن صح الحديث و الحديث صحيح و لكنه توسل بدعائه و هو حي حاضر.

 قال المؤلف رحمه الله تعليق على هذا الحديث ( فإن هذا الحديث قد استدل به طائفة على جواز التوسل بالنبي ﷺ في حياته وبعد مماته) إذا بعض العلماء أجازوا التوسل بالرسول ﷺ في حياته و بعد مماته , حديث الأعمى الذي سأل النبي ﷺ أن يدعو له فدعا له فرد عليه بصره , قالوا : هذا الحديث يدل على جوا التوسل بالنبي ﷺ في حياته و التوسل به بعد مماته و ما هو توجيه الحديث ( قالوا: وليس في التوسل به دعاء المخلوقين، ولا استغاثة بالمخلوق، وإنما هو دعاء واستغاثة بالله ) الحديث ما فيه أنه توسل بالمخلوق و لا استغاثة بالمخلوق و إنما فيه أنه دعا الله و استغاث بالله و لكنه سأل الله بجاهه  اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله ‍‍! إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها لي فهو توسل بجاهه ما دعا مخلوقا و لا استغاث بمخلوق و إنما دعا الله و استغاث بالله لكن فيه أنه سأل أن فيه سؤال بجاهه.

قالوا : و قد دل على مثل ذلك أحاديث منها  حديث (في سنن ابن ماجة عن النبي ﷺ أنه ذكر في دعاء الخارج للصلاة أن يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) هذا الحديث رواه ابن ماجة في كتاب المساجد كما ذكر المحقق باب المشي إلى الصلاة و رواه الإمام أحمد و ضعف هذا الحديث شيخ الإسلام في القاعدة الجليلة  في التوسل و الوسيلة.

 هذا الحديث قالوا أيضا هذا يؤيد حديث الأعمى ما وجه الدلالة ! قالوا وجه الدلالة فيه توسل قال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا فتوسل بحق السائلين و بحق الممشى كما قال الأعمى  اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة قالوا هذا دليل على أنه لا بأس بالتوسل بالجاه و الحرمة و هذا الحديث ( قالوا ففي هذا الحديث أنه سأل بحق السائلين عليه وبحق ممشاه إلى الصلاة ) قالوا إذا سأل بالحق توسل بالحق أسألك بحق السائلين عليك  وأسألك بحق ممشاي هذا مثل أن تقول أسألك بحق فلان أو بجاه فلان قالوا هذا دليل , دليل أنه في هذا الحديث سأل بحق السائلين و بحق ممشاي.

قالوا ( والله تعالى قد جعل على نفسه حقا ) جاءت نصوص أن الله جعل على نفسه حقا في القرآن العظيم  ( قال الله تعالى: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ونحو قوله: كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ) إذا الله تعالى جعل على نفسه حقا فالذي يقول أسألك بحق ممشاي هذا لا بأس لأن الله جعل لنفسه حقا.

و كذلك ( وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل أن النبي ﷺ قال له: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم هذا يقال في حياته ( الله و رسوله أعلم ) و بعد مماته يقال ( الله أعلم ) قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ فإن حقهم عليه ألا يعذبهم ) إذا حق أحقه الله على نفسه.

قالوا أيضا قد جاءت نصوص تدل على أن الله قد جعل على نفسه حقا ( وقد جاء في غير حديث: قال كان حقا على الله كذا وكذا كقوله: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد وشربها في الثالثة أو الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار ) و هذا الحديث رواه أبو داود في كتاب الأشربة بنحوه و ابن ماجة في كتاب الأشربة أيضا و أحمد , قالوا هذا فيه أن الله جعل على نفسه حقا فقالوا هذا دليل على أنه لا بأس , لا بأس بالتوسل في حياته و بعد مماته التوسل بالجاه.

 أما الحديث الأول حديث اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا فهذا يجاب عنه بأجوبة:

الجواب الأول : أن الحديث ضعيف في سنده عطية العوفي و هو ضعيف.

 وثانيا : لو صح فليس فيه سؤال بالحق قال  اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وحق السائلين الإجابة وبحق ممشاي هذا وحق الممشى الإثابة , و الإجابة و الإثابة من أفعال الله فليس فيه توسل بحق فلان قال أسألك بحق السائلين عليك و حق السائلين على الله الإجابة أن الله يجيبهم و حق الممشى الإثابة و الإجابة و الإثابة من أفعال الله و هم يسألون بأفعال الله.

( وقالت طائفة: ) إذا بعض العلماء استدل بهذا النصوص على أي شيء ! على جواز التوسل بذات فلان و بحرمة فلان و حق فلان ( و قال طائفة : ليس في هذا الحديث جواز التوسل به بعد مماته وفي مغيبه، بل إنما فيه التوسل في حياته بحضوره ) إذا العلماء أخذوا من حديث الأعمى , حديث الأعمى الذي جاء إلى النبي ﷺ و قال ادع الله ليرد إلي بصري  قال فأت الميرئة و توضأ و قل اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة  و حديث عطية العوفي اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك قالوا و الله تعالى جعل على نفسه حقا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ و كذلك حديث كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قالوا هذا دليل على جواز التوسل بحرمة فلان أو بجاه فلان أو بحق فلان في حياته و بعد مماته قالوا هذا ليس فيه سؤال أحد و لا استغاثة ما سأل غير الله و ما استغاث بغير الله و إنما سأل الله لكن بحرمة فلان أو بجاه فلان فيجوز التوسل بحرمة فلان مثلا في حياته و بعد مماته استدلوا بهذا الحديث.

و قالت طائفة أخرى و هم المحققون أن هذا الحديث إنما فيه جواز التوسل في هذا الحديث جواز التوسل به ( و قالت طائفة : ليس في هذا الحديث جواز التوسل به بعد مماته وفي مغيبه، بل إنما فيه التوسل في حياته ) فقط  وهذا هو الصواب في الحديث الأعمى ما فيه أن الأعمى توسل بالنبي ﷺ بعد مماته ولا توسل في غيبته و إنما توسل به و هو حي حاضر يدعو.

و يدل على ذلك أدلة منها (كما في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب استسقى بالعباس، ) و العباس عم النبي ﷺ و معنى استسقى يعني طلب أن يدعو الله طلب منه أن يدعو الله أن يسقيهم فقال عمر و هذا في خلافة عمر لما أصاب الناس الجدب استسقى بالعباس ( فقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا  فتسقينا ) يعني في حياته وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون،) و في رواية ( قم فادع الله ) فيسقون ( وقد بين عمر بن الخطاب أنهم كانوا يتوسلون به في حياته فيسقون وذلك التوسل به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو الله لهم، فيدعو لهم، ويدعون معه، ويتوسلون بشفاعته ودعائه) إذا حديث الأعمى ما فيه أنه توسل به بعد موته و لا فيه أنه توسل به و هو غائب و إنما فيه توسل بدعاء الحي الحاضر هذا لا مانع منه و يؤيد ذلك فعل عمر و الصحابة في خلافة عمر لما أصاب الناس الجدب ما توسل بالنبي ﷺ لو كان الأعمى  توسل بذاته لكانت ذاته موجودة الآن و توسل عمر و الصحابة بذاته , ذاته موجودة عليه الصلاة و السلام؟ في قبره لماذا يعدل الصحابة إلى التوسل بالعباس و لا يتوسلون بالنبي ﷺ لو كان يتوسلون بالذات لتوسلوا  بالنبي ﷺ لكن كانوا يتوسلون بدعائه و هو في حياته فلما مات زال هذا الأمر فتوسلوا بالعباس بمعنى أن العباس يدعوا و هم يؤمنون فيسقون فهم يتوسلون بشفاعته. قال ( وذلك التوسل به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو الله لهم، فيدعو لهم، ويدعون معه، ويتوسلون بشفاعته ودعائه ).

و مثل ذلك ما في الصحيحين قصة الرجل الذي سأل النبي ﷺ و هو يخطب الجمعة أن يدعو الله و أن يستسقي لهم و هو حديث أنس قال المؤلف ( كما في الصحيح عن أنس بن مالك أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان بجوار " دار القضاء " ورسول الله ﷺ قائم، يخطب، فاستقبل رسول الله ﷺ قائما يعني هذا الرجل فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله لنا أن يغيثنا قال: فرفع رسول الله ﷺ يديه ثم قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا فاستجب الله دعاء نبيه في الحال قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة كانت السماء صافية وما بيننا و بين سلع من بيت ولا دار سلع جبل في المدينة قال : فطلعت من ورائه سحابة من وراء الجبل سلع مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت و استمر المطر أسبوعا كاملا قال فلا والله ما رأينا الشمس سبتا سبت يعني أسبوعا من الجمعة إلى الجمعة سبعة أيام ما رؤية الشمس ما زالت تمطر فلما جاءت الجمعة الثانية و النبي ﷺ يخطب دخل رجل من ذلك الباب قال : ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة و رسول الله ﷺ قائم يخطب فاستقبله قائما قيل أنه الرجل السابق  و قيل غيره , قيل أنه الرجل الذي طلب من النبي ﷺ السقيا في الجمعة السابقة فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله هلكت الأموال و انقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا الجمعة الأولى يسأل الله يطلب من النبي ﷺ أن يسأل الله أن يغيثنا و الجمعة الثانية يطلب من النبي ﷺ أن يسأل الله أن يمسك المطر فقال : يا رسول الله هلكت الأموال و انقطعت السبل يعني من كثرة المطر فادع الله أن يمسكها عنا قال : فرفع رسول ﷺ يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر قال: فأقلعت فخرجنا نمشي في الشمس  في الحال استجاب الله دعاءه , في الجمعة الأولى استجاب الله دعاءه فطلعت سحابة فأمطرت و استمر المطر أسبوعا و في الجمعة الثانية لما طلب من الله أن يمسكها لما دعا النبي ﷺ انقشعت السحب و زالت و طلعت الشمس و خرجوا يمشون في الشمس , فاستجاب الله دعاء نبيه في الجمعة الأولى في الحال و استجاب الله دعاء نبيه في الجمعة الثانية في الحال , في لفظ آخر وصارت المدينة كالجوبة تكون الأمطار حولها ولا تأتي المدينة قطرة مثل الجوبة , الجوبة دائرة صارت السحب دائرة المدينة دائرة المدينة ما يأتيها شيء و الأمطار من حولها سبتا أسبوعا.

قال المؤلف رحمه الله ( ففي هذا الحديث أنه قال: ادع الله لنا أن يمسكها عنا ) هذا توسل , توسل بأي شيء ! في الحديث توسل بدعاء النبي ﷺ دعا النبي ﷺ و الناس يؤمنون فاستجاب الله دعاءه و سقوا و في الجمعة الثانية دعا النبي ﷺ أن يمسك المطر و الصحابة يؤمنون فانقلعت و انقشعت السحب و الغيوم و انقطع المطر هذا توسل بأي شيء ! بدعائه , و كذلك الأعمى إنما توسل بدعائه.

قال المؤلف ( وفي الصحيح أن عبد الله بن عمر قال: إني لأذكر قول أبي طالب في رسول الله ﷺ حيث يقول:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل

أبو طالب عم النبي ﷺ مات على الشرك و كان يؤوي النبي ﷺ و يذود عنه و يحميه و حرص النبي ﷺ على هدايته و طلب منه لما حضره الموت أن يقول لا إله إلا الله و لكن الله لم يقدر له ذلك مات على الشرك و لله الحكمة البالغة , حزن النبي ﷺ عليه فأنزل الله تسلية له إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أبو طالب له قصيدة في رسول الله ﷺ قال هذه القصيدة لما تمادت قريش على النبي ﷺ و نفروا الناس و من يريد الإسلام عنه ذكرها ابن هشام في السيرة و ذكرها الحافظ ابن الحجر و منها يقول : (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ) أبيض يعني الرسول عليه الصلاة و السلام ( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ) و هذا الشاهد يستسقى يعني إذا دعا الله

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل

هذا وصف للرسول عليه الصلاة و السلام هذه قصيدة من أبي طالب يمدح فيها الرسول عليه لصلاة و السلام , يقول ( أبيض ) هذا وصف له ( يستسقى الغمام بوجهه ) إذا دعا الله ( ثمال اليتامى عصمة للأرامل ) و الشاهد ( يستسقى الغمام بوجهه ).

قال المؤلف ( فهذا كان توسلهم به في الاستسقاء ونحوه ) توسلهم به في الاستسقاء و نحوه هل توسلوا بذاته أم بدعائه بل بدعائه.

قال المؤلف رحمه الله ( ولما مات توسلوا بالعباس ) يعني توسلوا بدعائه عم النبي ﷺ لأنه من آل البيت و أقرب الناس إلى النبي ﷺ فمن محبة الصحابة للنبي ﷺ توسلوا بأهل بيته بدعائهم بعد وفاته في حياته يتوسلون بدعائه و بعد موته يتوسلون بأهل بيته فلما مات و أجدب الناس في زمن عمر بن الخطاب توسلوا بالعباس يعني بدعاء العباس ( كما كانوا يتوسلون به ويستسقون، و لم يتوسلوا به , وما كانوا يستسقون به بعد موته، ولا في مغيبه ولا عند قبره ولا عند قبر غيره، ) إذا الصحابة ما كانوا يتوسلون به بعد موته لأنهم توسلوا بالعباس ( ولا في مغيبه ) يعني لا يتوسلون به و هو غائب و لا يأتون يتوسلون به عند قبره و لا عند قبر غيره هذا لم يفعله الصحابة ولا الأئمة و لا السلف.

 قال المؤلف رحمه الله (فدل على أنه لا يجوز التوسل بالميت و لا بالغائب و لا بذات الحي الحاضر و إنما يتوسل بدعائه لا بذاته).

و قال المؤلف رحمه الله ( وكذلك معاوية بن أبي سفيان استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي، وقال: اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا! يا يزيد ارفع يديك إلى الله! فرفع يديه، ودعا، ودعوا؛ فسقوا؛ ) يزيد بن أسود الجرشي من سادات التابعين في الشام أسلم في حياة النبي ﷺ و توفي سنة إحدى و سبعين فهو من صلاحه استسقى به معاوية في خلافته استسقى بيزيد لما أصابهم الجدب و قال معاوية ( اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا ) يعني نتوسل إليك بدعائه , نستشفع إليك يعني نتوسل بدعائه ثم قال يا يزيد ارفع يديك للدعاء ارفع يديك إلى الله فرفع يديه فدعا يزيد و دعوا فسقوا و هذه القصة رواها الالكائي و فيه أن معاوية قال ( اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا و أفضلنا اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن أسود الجرشي يا يزيد ارفع يديك إلى الله فرفع يديه فرفع الناس أيديم فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب كأنها ترس و هب لها ريح فسقينا حتى كاد الناس ألا يبلغوا منازلهم ) قال الحافظ ابن الحجر حديث أن معاوية استسقى بيزيد بن أسود الجرشي رواه أبو زرعة الدمشقي بتاريخه بسند صحيح و رواه أبو القاسم الالكائي في السنة في كرامة الأولياء.

قال المؤلف رحمه الله ( فلذلك قال العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الصلاح والخير) العلماء يقولون و الفقهاء يستحب أن يستسقى بأهل الصلاح و الخير ( فإذا كانوا من أهل بيت رسول الله ﷺ كان أحسن) ما معنى قول العلماء : يستحب أن يستسقى بأهل الصلاح و الخير ! يعني يستحب أن يتوسل إلى الله بدعائهم عند طلب السقيا من الله هذا معناه يستسقى بأن يستحب أن يقدم أهل الصلاح و الخير عند الجدب فيدعون الله للسقيا و الناس يأمنون هذا معنى قول العلماء يستحب أن يستسقى بأهل الصلاح و الخير فإذا كانوا من أهل بيت رسول الله ﷺ كان أحسن إذا كان أهل الصلاح من أهل بيت رسول الله ﷺ كان أفضل لقربهم من النبي ﷺ و لهذا استسقى الصحابة بالعباس و في زمن معاوية لما لم يكن هناك أحد من أهل البيت استسقى بيزيد بن الأسود.

قال المؤلف رحمه الله ( ولم يذكر أحد من العلماء أنه يشرع التوسل والاستسقاء بالنبي والصالح بعد موته ولا في مغيبه، ولا استحبوا ذلك لا في الاستسقاء ولا في الاستنصار ولا غير ذلك من الأدعية، ) إذا لم يذكر أحد من العلماء أن يشرع التوسل و الاستسقاء بالنبي و الصالح بعد موته و إنما هذا في حياته بعد الموت و كذلك إذا كان غائبا ولا استحبوا ذلك لا في الاستسقاء ولا في الاستنصار  , في الاستسقاء مثلا يدعو الله يتوسلون به أن يسقيهم المطر و في الاستنصار يدعون الله و يتوسلون به أن ينصرهم الله على عدوهم هذا ما فعله الصحابة و لا فعله العلماء في الميت أبدا إنما هذا في الحي الحاضر لا في الاستسقاء و لا في الاستنصار و لا في غير ذلك من الأدعية.

قال المؤلف رحمه الله ( والدعاء مخ العبادة ) الدعاء مخ العبادة جاء هذا النص في حديث رواه الترمذي في أبواب الدعاء قال الدعاء مخ العبادة لكنه حديث ضعيف و أصح منه حديث الدعاء هو العبادة 

قال المؤلف رحمه الله ( والعبادة مبناها على السنة و الاتباع، لا على الأهواء والابتداع) العبادة مبناها على السنة و الاتباع لا على الهوى و البدعة ( وإنما يعبد الله بما شرع، و لا يعبد بالأهواء والبدع، ) و الدليل على أن الله يعبد بما شرع لا بالأهواء و البدع ( قال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) أنكر الله عليهم أنهم أنكر الله على من شرع من الدين بالهوى , الدين يكون بالاتباع و السنة ( وقال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) و إذا ابتدع بدعة فإن هذا من العدوان فإذا العبادة مبناها على السنة و الاتباع لا على الهوى و البدع لأن هذا من العدوان و لهذا قال إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وقال النبي ﷺ: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور ) الحديث رواه أبو داود في كتاب الطهارة و أحمد و الحديث فيه أنهم قوم يعتدون في الدعاء و الطهور , ما معنى أنهم يعتدون يعني يتجاوزون الحد يتجاوزون الحد في الدعاء من ذلك أنه يتجاوز الحد في الدعاء فيدعوا بدعاء غير مشروع و لهذا قال ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ مثال ذلك أن يعتدي في الدعاء أن يقول : اللهم أعطني منزلة الأنبياء , هذا عدوان و لما سمع بعض السلف أن بعضهم يقول اللهم أعطني القصر الأبيض إذا دخلت الجنة قال يا بني هذا من العدوان , إذا أدخلك الله الجنة فلك ما تشتهي نفسك و تلذ عينك , ادع الله أن يدخلك الجنة ولا تعتدي لا تتجاوز الحد , كذلك أيضا العدوان الذي يتجاوز الحد أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم هذا من العدوان لهذا قال الله تعالى إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ الذين يتجاوزون الحد , هذا العدوان في الدعاء و العدوان في الطهور الإسراف و زيادة الحد في الماء كأن يغسل عضو أكثر من ثلاث , من ثلاث مرات هذا عدوان فالنبي ﷺ في علامة من علامات النبوة أخبر أنه سيوجد في هذه الأئمة قوم يتجاوزون الحد و يعتدون في الدعاء و يعتدون في الطهور في الوضوء فيه التحذير من العدوان في الدعاء و الطهور .

(المتن)

وأما الرجل إذا أصابته نائبة أو خاف شيئا فاستغاث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع، فهذا من الشرك، وهو من جنس دين النصارى، فإن الله هو الذي يصيب بالرحمة ويكشف الضر، قال الله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ وقال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وقال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ وقال تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا  فبين أن من يدعى من دون الله الملائكة والأنبياء وغيرهم لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويلا.

 فإذا قال القائل: أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعا لي فهو من جنس دعاء النصارى لمريم والأحبار والرهبان، والمؤمن يرجو ربه ويخافه، ويدعوه مخلصا له الدين، وحق شيخه عليه أن يدعو له ويترحم عليه؛ فإن أعظم الخلق قدرا هو رسول الله ﷺ، وأصحابه أعلم الناس بأمره وقدره، وأطوع الناس له، ولم يكن يأمر أحدا منهم عند الفزع والخوف أن يقول: يا سيدي! يا رسول الله ولم يكونوا يفعلون ذلك لا في حياته ولا بعد مماته؛ بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه والصلاة والسلام عليه ﷺ قال الله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ۝ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ  وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الكلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد ﷺ يعني وأصحابه  حين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم.

وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم وقد روي أنه علم نحو هذا الدعاء بعض أهل بيته.

 وفي السنن ( أن النبي ﷺ كان إذا حزبه أمر قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث وروي أنه علم ابنته فاطمة أن تقول: يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك.

وفي مسند الإمام أحمد وفي صحيح أبي حاتم بن البستي عن ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال:  ما أصاب عبدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرحا قالوا: يا رسول الله: أفلا نتعلمهن؟ قال: ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن 

وقال لأمته: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وذكر الله، والاستغفار فأمرهم عند الكسوف بالصلاة والدعاء والذكر والعتق والصدقة، ولم يأمرهم أن يدعو مخلوقا ولا ملكا ولا نبيا ولا غيرهم.

ومثل هذا كثير في السنة ، ولم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به: من دعاء الله، وذكره والاستغفار، والصلاة، والصدقة، ونحو ذلك. فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرعه الله ورسوله إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، تضاهي دين المشركين والنصارى؟

و إن زعم أحد أن حاجته قضيت بمثل ذلك؛ وأنه مثل له شيخه ونحو ذلك، فعباد الكواكب والأصنام ونحوهم من أهل الشرك يجري لهم نحو هذا، كما قد تواتر ذلك عما مضى من المشركين، وعن المشركين في هذا الزمان. ولولا ذلك ما عبدت الأصنام ونحوها، قال الخليل : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ۝ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ويقال: إن أول ما ظهر الشرك في أرض مكة بعد الخليل إبراهيم من جهة عمرو بن الحي الخزاعي الذي رآه النبي ﷺ يجر أمعاءه في النار، وهو أول من سيب السوائب، وغير دين إبراهيم قالوا: إنه ورد الشام، فوجد فيها أصناما بالبلقاء يزعمون أنهم ينتفعون بها في جلب منافعهم ودفع مضارهم، فنقلها إلى مكة وسن للعرب الشرك وعبادة الأصنام.

والأمور التي حرمها الله ورسوله: من الشرك، والسحر، والقتل، والزنا وشهادة الزور، وشرب الخمر وغير ذلك من المحرمات: قد يكون للنفس فيها حظ مما تعده منفعة، أو دفع مضرة، ولولا ذلك ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال، وإنما يوقع النفوس في المحرمات الجهل أو الحاجة، فأما العالم بقبح الشيء والنهي عنه فكيف يفعله، والذين يفعلون هذه الأمور جميعها قد يكون عندهم جهل بما فيها من الفساد، وقد تكون بهم حاجة إليها مثل الشهوة إليها، وقد يكون فيها من الضرر أعظم مما فيها من اللذة ولا يعلمون ذلك لجهلهم أو تغلبهم أهواؤهم حتى يفعلوها، والهوى الغالب يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا فإن حبك للشيء يعمي ويصم.

ولهذا كان العالم يخشى الله، وقال أبو العالية: سألت أصحاب محمد ﷺ عن قول الله : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فقالوا: كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من تاب فقد تاب من قريب. وليس هذا موضع البسط لبيان ما في المنهيات من المفاسد الغالبة وما في المأمورات من المصالح الغالبة، بل يكفي المؤمن أن يعلم أن ما أمر الله به فهو لمصلحة محضة أو غالبة، وما نهى الله عنه فهو مفسدة محضة أو غالبة، وأن الله لا يأمر العباد بما يأمرهم به لحاجتهم إليه ولا نهاهم عما نهاهم بخلا به عليهم، بل أمرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم ولهذا وصف نبيه ﷺ بأنه يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ.

(الشرح)

هذا المقطع الذي قرأه القارئ هو جواب السؤال الثالث من الأسئلة السبعة التي وجهت للمؤلف لو رجعنا في أول الرسالة قال في السؤال : (وفي من يستغيث بشيخه إذا أصابته نائبة أو سمع حسا خلفه أزعجه استغاث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع) و هذا شرك كما بين المؤلف رحمه الله.

و قال المؤلف جواب لهذا السؤال (وأما الرجل إذا أصابته نائبة أو خاف شيئا فاستغاث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع، فهذا من الشرك، وهو من جنس دين النصارى، ) هذا يفعله الصوفية المريد الصوفي يستغيث بشيخه و يقول الشيخ لتلميذه أو مريده إذا خفت من شيء فاذكرني أو ادعني و أسألني يسأله أن يثبت قلبه من الذي يستطيع أن يثبت القلب إلا الله الذي خلقك هو الذي يستطيع أن يثبت قلبك.

ولهذا قال المؤلف رحمه الله (وأما الرجل إذا أصابته نائبة أو خاف شيئا فاستغاث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع، فهذا من الشرك، وهو من جنس دين النصارى ) و كذلك أيضا النصارى يعظمون القسيسين ورؤسائهم و يزعمون أنهم بيدهم التصرف و يعطونهم صكوك الغفران إلى الجنة فهو يطلب أن يهدي قلبه و أن يغفر له ذنوبه حتى يدخل الجنة فهذا يفعله الصوفية و يفعله النصارى بشيوخهم و رؤسائهم فيزعمون أنهم يهدون قلوبهم و يثبتون قلوبهم عما يزعجها و يغفرون ذنوبهم و يدخلونهم الجنة , إذا الرجل إذا أصابته نائبة أو خاف شيئا  فاستغاث بشيخه يكون مشركا يكون مشركا بالله لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله و لهذا قال المؤلف إن هذا من الشرك و من جنس دين النصارى.

و الدليل قال المؤلف ( فإن الله هو الذي يصيب بالرحمة ويكشف الضر، ) ما يستطيع أحد أن يصيب الرحمة و يكشف بالضر إلا الله  ( فإن الله هو الذي يصيب بالرحمة ويكشف الضر قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ) إذا ما يستطيع أحد أن يكشف الضر أو يهدي قلبك إذا أزعجك شيء أو يثبته إلا الله و لا يستطيع أحد أن يجلب لك رحمة أو خير إلا الله وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِه 

وقال تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وقال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ ) إذا من الذي يكشف هو الله يكشف الضر.

( وقال تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ) لا يقدر إلا الله ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ) يعني الذين يدعونه المشركون و يتوسلون بهم يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) و هذه نزلت في قوم يعبدون أناسا صالحين فقال الله هؤلاء الذين تدعونه هم يطلبون القرب من الله و يبتغون الوسيلة و يطلبون القربة من الله و يرجون رحمته و يخافون عذابه , هذه النصوص تدل على أنه لا يكشف الضر إلا الله و لا يجلب الخير إلا الله و من طلب من شيخه من النصارى و الصوفية و غيرهم أن يهدي قلبه و أن يثبت قلبه أو يغفر ذنبه أو يدخله الجنة فهو مشرك.

 قال المؤلف رحمه الله بعد أن بين هذه الآيات ( فبين أن من يدعى من دون الله الملائكة والأنبياء وغيرهم لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويلا) فمن يدعى من دون الله من الملائكة و الأنبياء لا يملك كشف الضر و لا أن يحوله من حال إلى حال و لا أن يخففه لا يقدر على هذا إلا الله.

 قال المؤلف ( فإذا قال القائل: أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعا لي ) أنا أدعو الشيخ ليس ليثبت قلبي ليكون شفيعا لي، قال المؤلف ( فهو من جنس دعاء النصارى لمريم والأحبار والرهبان، ) من جنس دعاء النصارى لمريم يدعونها من دون الله ومن جنس دعاء الأحبار و هم العلماء اليهود و النصارى و الرهبان هم العباد يدعونهم قال الله تعالى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فقول القائل أنا أدعو الشيخ ليكون شفيعا لي من جنس قول المشركين وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ هذه شبهة المشركين يقولون نحن نعلم أنهم لا ينفعون ولا يضرون لكن ندعوهم ليشفعوا لنا , نقول هذه المقالة مقالة المشركين , إذا قال ما ندعو الشيخ لا ليكون شفيعا لي نقول هذه مقالة المشركين وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ يدعونهم ليكونوا شفعاء فكفرهم الله بذلك و قال وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ يعني قائلين إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى.

قال المؤلف رحمه الله ( والمؤمن يرجو ربه ويخافه، ويدعوه مخلصا له الدين،) المؤمن لا يرجو إلا الله و لا يخاف إلا الله و يدعو الله مخلصا له الدين مخلصا له العبادة لا يدعو غير الله , مخلصا له الدين المراد به العبادة إخلاص العبادة ألا ترجو إلا الله ولا تخاف إلا الله و لا تدعو إلا الله.

أما قولك إن شيخي له حق علي فحق شيخك أن تدعو له و تترحم عليه لا أن تدعوه من دون الله شيخك له حق و حقه ما هو ! أن تدعو له و تترحم عليه و ليس من حقه أن تصرف له العبادة و تعطيه حق الله ( وحق شيخه عليه أن يدعو له ويترحم عليه؛ ) قال ( فإن أعظم الخلق قدرا هو رسول الله ﷺ، وأصحابه أعلم الناس بأمره وقدره، وأطوع الناس له، ولم يكن يأمر أحدا منهم عند الفزع والخوف أن يقول: يا سيدي! يا رسول الله ولم يكونوا يفعلون ذلك لا في حياته ولا بعد مماته؛ بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه والصلاة والسلام عليه ) إذاً الرسول أفضل الخلق و هو أعظم الناس قدرا و الصحابة أعلم الناس بقدره و مع ذلك فالرسول ما أمر أحدا أن يدعوه من دون الله أو أن  يقول يا سيدي يا رسول الله ! لم يكونوا يفعلون ذلك و الصحابة لم يفعلوا ذلك لا في حياته و لا بعد مماته , ماذا يأمرهم قال ( بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه والصلاة والسلام عليه ﷺ قال الله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ۝ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) إذاً لما قيل بعد غزوة أحد أن أبا سفيان قد جمع الجموع ليقضي على بقية الباقية من المسلمين بلغ النبي ﷺ ذلك فقال : حسبنا الله و نعم الوكيل فكفاه الله شرهم و انقلبوا خائبين.

( وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الكلمة ) يعني حسبنا الله و نعم الوكيل ( قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد ﷺ يعني وأصحابه  حين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم ) فاخشوهم .

إذاً المؤمن إنما حسبه الله و كافيه الله فلا يدعو غير الله و لهذا في هذا الحديث حسبنا الله و نعم الوكيل عظيمة قالها الخليلان إبراهيم و محمد عليهما الصلاة و السلام , قالها الخليل لما ألقي في النار لما ألقي في النار لأن قوم إبراهيم المشركين جمعوا حطبا لمدة طويلة فلما أشعلوا فيها النار و كانت تلتهب و حرارتها مرتفعة بحيث إنه إن كان هناك طير قريب يسقط ثم ألقوا إبراهيم فيها و إبراهيم يتحمل هذه المدة يجمعون الحطب و ما يحتاج هذا الحطب الكثير فلما ألقي في النار قال هذه الكلمة و قيل يروى أن جبريل عرض له في الهواء , عرض لإبراهيم و هو في الهواء و هو يهوي إلى النار فقال ألك إلي حاجة يعني تحتاجني جبريل الذي له ست مئة جناح كل جناح ما بين السماء و الأرض رفع قرى اللوطية بطرف أحد أجنحته و أوصلهم إلى السماء ثم أنكسها عليهم فيقول ألك حاجة ! قال أما إليك فلا و أما إلى الله فبلى , انظر قوة التوكل , أما إليك فلا أنت مخلوق مثلي و أما إلى الله فبلى و قال هذه الكلمة (حسبنا الله و نعم الوكيل) يكفينا الله حسبنا يكفينا فجاء الفرج أسرع في لحظة جاء الفرج من القادر الذي بيده تسيير الأمور الذي خلق النار , الذي خلق النار هو الله فقال اله للنار قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ فكانت بردا و سلاما فلما وصل إبراهيم إلى النار سلب الله خاصية الإحراق فلم تحقره و كانت عليه بردا و سلاما , قال العلماء إن الله قال بردا وسلاما فكان الجو معتدلا فلو لم يقل لها كوني بردا و سلاما لاحترق إبراهيم من شدة حرها و لو قال الله كوني بردا لمات من شدة البرد فلما قال كوني بردا و سلاما صار الجو معتدلا جو النار معتدل لا حار و لا بارد جاء الفرج من الله كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ إذاً الخليل ما احتاج أحد إنما كفاه الله و قالها محمد بعد غزوة أحد يعني وأصحابه حينما قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم.

( وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم ) و هذا الحديث رواه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء عند الكرب و مسلم في كتاب الذكر رواه الشيخان إذاً، عند الكرب إنما تأتي بهذا الذكر و لا تسأل المخلوق.

و قال المؤلف ( وقد روي أنه علم نحو هذا الدعاء بعض أهل بيته،) يعني يشير المؤلف رحمه الله إلى الكلمات التي علمها الرسول ﷺ عليا أن يقول بها عند الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم سبحان الله وتبارك الله رب العرش الكريم والحمد لله رب العالمين ) هذا رواه الإمام أحمد في كتاب الدعاء و قال صحيح على شرط مسلم و البخاري رواه البخاري في عمل اليوم و الليلة باب إذا نزل به كرب أو شدة.

( وفي السنن أن النبي ﷺ كان إذا حزبه أمر قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) رواه الترمذي في باب الدعاء و قال حديث غريب برحمتك أستغيث هذا توسل برحمة الله ما دعا الرحمة ما قال يا رحمة الله يا قدرة الله أنقذيني و إنما دعا الله و توسل بالرحمة هذا توسل بالرحمة أما دعاء الرحمة ما تجوز تقول يا رحمة الله يا قدرة الله أنقذيني يا رحمة الله اهديني إذاً دعاء الصفة هذا لا يجوز محرم حتى قال شيخ الإسلام أنه ردة عن الإسلام إذاً دعاء الصفة مثل أن يقول بعض الناس يا وجه الله , يا وجه الله ما تصح يا رحمة الله يا قدرة الله هذه ما تجوز لكن هنا برحمتك أستغيث هذه ليس سؤالا ليست دعاء الصفة و إنما جعل الرحمة وسيلة توسل بصفة الله يا حي يا قيوم  دعا الله قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث

( وروي ( أنه علم ابنته فاطمة أن تقول: يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك ) هذا رواه النسائي في لفظ أقصر من هذا من دعاء اليوم و الليلة و رواه ابن السني و البيهقي في الأسماء و الصفات فهذه النصوص فيها التوسل بأسماء الله و صفاته برحمتك استغيث توسل بصفات الله , التوسل إلى الله بالدعاء.

( وفي مسند الإمام أحمد وصحيح أبي حاتم البستي عن ابن مسعود عن النبي ﷺ أنه قال:  ما أصاب عبدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرحا قالوا: يا رسول الله: أفلا نتعلمهن؟ قال: ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن ) و هذا الحديث رواه بنحوه الإمام أحمد و ابن حبان في باب الأدعية و صححه ابن القيم , هذا الحديث فيه التوسل لله بأي شيء ! بأسمائه و صفاته أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ) هذا توسل بأسماء الله و صفاته هذا يقال إذا أصاب العبد هم أو حزن و من قال هذا الدعاء أذهب الله همه و غمه و أبدله مكانه فرحا قالوا يا رسول الله أفلا نتعلمهن ! قال ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن  و هذا الحديث فيه دليل على أن أسماء الله ليس محصورة في تسعة و تسعين اسما و أن حديث إن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ليس فيه الحصر , حصر الأسماء في تسعة و تسعين بل أن لله تسعة و تسعين موصوفة بهذا الوصف أن من أحصاها دخل الجنة و هذا الحديث يدل على أن أسماء الله كثيرة : أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك إذاً فيه أسماء استأثر الله بها , دل على أنها كثيرة و قد قيل إن لله ألف اسم.

و قال النبي ﷺ لأمته ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وذكر الله، والاستغفار ) و هذا رواه البخاري هذا الحديث رواه البخاري في كتاب الكسوف و رواه الإمام مسلم أيضا في كتاب الكسوف قال ( فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة ) افزعوا إلى الصلاة لا إلى دعاء غير الله و لا إلى التوسل بالبدع.

قال ( فأمرهم عند الكسوف بالصلاة والدعاء والذكر والعتق والصدقة، ولم يأمرهم أن يدعو مخلوقا ولا ملكا ولا نبيا ولا غيرهم و مثل هذا كثير في السنة ) إذاً حصل الكسوف شرع للمسلم الصلاة و الدعاء و الذكر و العتق و الصدقة كل هذه تشرع يعتق العبيد إذا كان عنده عبيد أما الآن ما في عبيد يعتقون و هذا يدل على ضعف المسلمين وجود الأرقاء و العبيد دليل على قوة المسلمين لأن المسلمين إذا قاتلوا الكفار و انتصروا عليهم و سبوا نساءهم و ذريتهم استرقوهم و صاروا أرقاء يباعون و يشترون لكن الآن ما في رق لأن المسلمين ضعفاء ما يغزون الكفار بل الكفار هم الذين غزونا , الكفار هم من غزا المسلمين الآن لكن إذا قوي المسلمين و غزوا الكفار استرقوهم صار يوجد الرق أما الآن ما في رق حتى قال بعض الناس لماذا يدرس باب العتق و باب الرق ! ما في رق الآن , نقول لا هذه الأبواب باقية و النصر قادم إن شاء الله فإذاً وجود الأرقاء دليل على قوة المسلمين و عدم و جود الرق دليل على ضعف المسلمين ما في قوة للمسلمين حتى يقاتلوا أعداءهم ويسترقوا نساءهم وذراريهم , فيشرع إذا كسفت الشمس أو القمر الصلاة يصلي ركعتين في كل ركعة ركوعان و سجودان و يشرع الدعاء و التضرع إلى الله و يشرع الذكر و يشرع العتق و يشرع الصدقة هذا المشروع.

قال ( ولم يأمرهم أن يدعو مخلوقا ولا ملكا ولا نبيا ولا غيرهم ) إذا حصل كرب أو حصل شدة و كسوف أو زلزلة يضرع المسلم إلى الله يتضرع إلى الله و لم يأمرهم أن يدعو ملكا أو مخلوقا و لا ملكا و لا نبيا  لا غيرهم.

قال ( ومثل هذا كثير في السنة ، ولم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به: من دعاء الله، وذكره والاستغفار، والصلاة، والصدقة، ونحو ذلك.) إذا عند الخوف يشرع لك الدعاء دعاء الله و الذكر و الاستغفار و الصلاة و العتق و الصدقة و هذا يقول عند الخوف إذا خفت أو أصابك فزع فاسأل الشيخ أن يثبت قلبك هذا الشرك بعينه يسأل الشيخ أن يثبت قلبه , قال إذا أصابته نائبة أو سمع حسا خلفه أزعجه استغاث بشيخه يطلب تثبيت قلبه هذا شرك يستغيث بالله تضرع إلى الله الجأ إلى الله اذكر الله استغفر ربك إذا أصابتك شدة , لا أن تتعلق بالمخلوق.

قال المؤلف رحمه الله ( فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرعه الله ورسوله إلى بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، تضاهي دين المشركين والنصارى؟ ) كيف يعدل المؤمن عن الدعاء و التضرع إلى الله إلى دعاء شيخه أن يثبت قلبه هذه بدعة , بدعة شركية بدعة كفر ما أنزل الله بها من سلطان تضاهي يعني تماثل دين المشركين و النصارى.

  ( و إن زعم أحد أن حاجته قضيت بمثل ذلك؛ وأنه مثل له شيخه ونحو ذلك، ) فهذا من جنس ما يحصل لعباد الكواكب و النصارى بعض الناس يقول يزعم أنه إذا دعا شيخه قضيت حاجته و أنه يمثل له شيخه أمامه يرى صورته أمامه و أحيانا يخاطبه و يقول قضيت حاجتك و هذا الشيطان يتمثل بشيخه أمامه , شيخه مات لكنه يسأل الشيخ أن يثبت قلبه فيأتي الشيطان و يتصور بصورة شيخه و يكون أمامه و يقول نعم و قد يخاطبه يثبت قلبه أو قد يتمثل أمامه و لا يتكلم و هذا تفعله الشياطين لتشجيع الناس و إغوائهم بالشرك حتى يضلوا الناس بالشرك نسأل الله السلامة و العافية.

قال ( و إن زعم أحد أن حاجته قضيت بمثل ذلك؛ وأنه مثل له شيخه ونحو ذلك فعباد الكواكب والأصنام ونحوهم من أهل الشرك يجري لهم نحو هذا، كما قد تواتر ذلك )  و عباد الكواكب يحصل لهم مثل هذا تقضى حوائجهم و الأصنام ( كما قد تواتر ذلك عمن مضى من المشركين وعن المشركين في هذا الزمان ) و هذا حاصل من المشركين في القديم و في الحديث ( و لولا ذلك ما عبدت الأصنام ونحوها ) لماذا عبدت الأصنام لإغراء الشياطين و الجن ( قال الخليل : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ۝ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ) إذاً الأصنام أضلت قليلا أم كثيرا ! كثير من الناس ضلوا.

( ويقال: إن أول ما ظهر الشرك في أرض مكة بعد الخليل عليه الصلاة والسلام من جهة عمرو بن لحي الخزاعي الذي رآه النبي ﷺ يجر أمعاءه في النار، وهو أول من سيب السوائب، وغير دين إبراهيم ) أول ما حصل الشرك في مكة بعد الخليل بسبب عمرو بن لحي كيف حصل الشرك ! عمرو بن لحي الخزاعي رآه النبي ﷺ في النار يجر أمعاءه و العياذ بالله لأنه أحدث الشرك في بادية العرب و في مكة و هو أول من سيب السوائب و هذا تسييب السوائب عند أهل الجاهلية يعني تسيب بعض الدواب لا تركب و لا يحلب أو تسيب الأصنام قال الله تعالى مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ افتراء بعض الناس الكذب و هو أول من سيب السوائب و غير دين إبراهيم و هو عمرو بن لحي.

( وقالوا: إنه ورد الشام، فوجد فيها أصناما بالبلقاء يزعمون أنهم ينتفعون بها في جلب منافعهم ودفع مضارهم، فنقلها إلى مكة وسن للعرب الشرك وعبادة الأصنام. ) نسأل الله السلامة و العافية و لهذا رآه النبي ﷺ يجر أمعاءه في النار.

(والأمور التي حرمها الله ورسوله: من الشرك، والسحر، والقتل، والزنا وشهادة الزور، وشرب الخمر وغير ذلك من المحرمات: قد يكون للنفس فيها حظ مما تعده منفعة، أو دفع مضرة، ولولا ذلك ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال، ) يعني الأمور المحرمة مثل السحر و الشرك و القتل و الزنا و شرب الخمر لماذا يقدم الناس عليها ! و قد تكون مضرة يقدم الناس لأنه قد يكون فيها حظ لهم من منفعة أو دفع مضرة , مثل الخمر قالوا قد تكون فيه شدة مضطربة و ينسى الدنيا و يكون في غيبوبة و يخيل ليه أنه ملك و أنه يأمر و ينهى فيقدم عليها و قد يكون يقدم عليها لما فيها من التجارة و المنفعة في البيع و الشراء فالنفس فيها حظ ولولا ذلك لولا أنه الحظ ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال.

قال المؤلف ( وإنما يوقع النفوس في المحرمات الجهل أو الحاجة ) الذي يوقع الناس في المحرمات أحد أمرين إما جاهل لا يعرف و إما الحاجة محتاج إلى الشيء تجده محتاجا مثلا يبيع مسكرات يبيع مخدرات لأنه محتاج و فقير يحمله على هذا الفقر أو الجهل.

 قال ( فأما العالم بقبح الشيء والنهى عنه فكيف يفعله، ) العالم بقبحه و النهي عنه ما يفعله ما يفعله إلا إذا كانت له مصلحة دنيوية أو جاهل العالم لا يمكن الذي يعلم بمضرته لا يقبل عليه إلا إذا كانت له مصلحة دنيوية.

قال المؤلف ( والذين يفعلون هذه الأمور جميعها قد يكون عندهم جهل بما فيها من الفساد، وقد تكون بهم حاجة إليها ) ليفعلوا هذه الأمور المحرمة إما أن يكون جاهلا بالفساد و الضرر الذي فيها أو له حاجة إليه مثل شرب الدخان في الغالب أنهم جهال و سفهاء أو أنه جاهل بضرر الدخان أو تكون له حاجة إليها ( مثل الشهوة إليها، وقد يكون فيها من الضرر أعظم بما فيها من اللذة ) يشتهي شرب الدخان و يشتهي شرب الخمر لما فيها من اللذة و الشدة المطربة لكن لا يعلم ما فيها من الضرر قد يكون فيها من الضرر أعظم مما فيها من اللذة ( ولا يعلمون ذلك لجهلهم أو تغلبهم أهواؤهم حتى يفعلوها، والهوى الغالب يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا ) لأن الهوى إذا غلب على الإنسان يجعله كأنه جاهل كأنه ما يدري إذا غلب الهوى يغلب الهوى على الإنسان حتى يجعله جاهل.

 قال المؤلف (  أو تغلبهم أهواؤهم حتى يفعلوها، والهوى الغالب يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا فإن حبك للشيء يعمي ويصم) إذا أحب الإنسان شيء أعماه و أصمه عن الحق و هذا قوله ( إن حبك للشيء يعمي و يصم ) جاء هذا في حديث مرفوع رواه أبو داود في كتاب الأدب باب في الهوى لكن الحديث ضعيف.

قال ( ولهذا كان العالم من يخشى الله،) العالم الحقيقي هو الذي يخشى الله و لذلك قال العلماء : من أطاع الله فهو عالم و من عصى الله فهو جاهل , فالعالم هو الذي يخشى الله كما قال تعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ و لذلك العالم من يخشى الله.

( وقال أبو العالية: سألت أصحاب محمد ﷺ عن قول الله : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فقالوا: كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من تاب فقد تاب من قريب. ) و هذا رواه ابن جرير في تفسيره و لفظه أن أصحاب الرسول ﷺ كانوا يقولون ( كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة )  كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من تاب فقد تاب من قريب رواه ابن جرير عن ابن عباس في قوله ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ قال : في الصحة و الحياة قال أيضا القريب فيما بينه و بين أن ينظر في ملك الموت كما ذكر المحشي.

و قال المؤلف ( وليس هذا موضع البسط لبيان ما في المنهيات من المفاسد الغالبة وما في المأمورات من المصالح الغالبة، بل يكفي المؤمن أن يعلم أن ما أمر الله به فهو لمصلحة محضة أو غالبة، وما نهى الله عنه فهو مفسدة محضة أو غالبة) هكذا ينبغي للمسلم أن يعلم أن كل شيء أمر الله به ففيه مصلحة إما مصلحة خالصة أو مصلحة تغلب على ما فيها من مضرة و كل ما نهى الله عنه ففيه مفسدة إما مفسدة كاملة أو غالبة ( وأن الله لا يأمر العباد بما يأمرهم به لحاجته إليهم ولا نهاهم عما نهاهم بخلا به ، بل أمرهم بما فيه صلاحهم ) الله تعالى إنما يأمر العباد بالأوامر لا ليحتاج إليهم لأنه تعالى لا يحتاج لأحد و لا ليتكثر منهم بالقلة و لا يتعزز بهم من ضعف بل هو النافع و الضار ( بل أمرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه فسادهم ولهذا وصف نبيه ﷺ بأنه يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) هذا وصف النبي ﷺ يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث .

(المتن)

وأما التمسح بالقبر - أي قبر كان - وتقبيله، وتمريغ الخد عليه فمنهي عنه باتفاق أئمة المسلمين، ولو كان ذلك من قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هذا من الشرك، قال الله تعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ۝ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وقد تقدم أن هؤلاء أسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح، وأنهم عكفوا على قبورهم مدة، ثم طال عليهم الأمد فصوروا تماثيلهم؛ لا سيما إذا اقترن بذلك دعاء الميت والاستغاثة به. وقد تقدم ذكر ذلك، وبيان ما فيه من الشرك، وبيان الفرق بين " الزيارة البدعية " التي تشبه أهلها بالنصارى و المشركين و " الزيارة الشرعية ".

(الشرح)

هذا جواب السؤال الرابع من الأسئلة التي وجهت للمؤلف في أول الرسالة قال : و في من يجيء إلى شيخه و يستلم القبر و يمرغ وجهه عليه و يمسح القبر بيديه و يمسح بهما وجهه هذا يقول المؤلف رحمه الله تعالى ( وأما التمسح بالقبر - أي قبر كان - وتقبيله، وتمريغ الخد عليه فمنهي عنه باتفاق أئمة المسلمين، ولو كان ذلك من قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هذا من الشرك، ) يتمسح بالقبر و يقبله و يمرغ الخد عليه يرجو البركة منه و أن فيه بركة قال المؤلف هذا من الشرك حينما يتمسح بالقبر و يقبله و يمرغ الخد عليه و لو كان من قبور الأنبياء , كيف تتعلق بقبر و تمرغ الخدر عليه ترجو أن ينفعك ! هذا لا يقدر عليه إلا الله.

قال المؤلف رحمه الله ( ولو كان ذلك من قبور الأنبياء، ولم يفعل هذا أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هذا من الشرك ) و استدل بقول الله تعالى ( قال الله تعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ۝ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ) هذه الآية نزلت في قوم نوح , قال ( وقد تقدم أن هؤلاء أسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح، وأنهم عكفوا على قبورهم مدة، ثم طال عليهم الأمد فصوروا تماثيلهم ) قال ابن عباس : هذه أسماء رجال من قوم نوح ماتوا في عام واحد فحزنوا عليهم و لم يقصدوا أن يتخذوهم للعبادة فصوروهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.

قال المؤلف ( لا سيما إذا اقترن بذلك دعاء الميت والاستغاثة به.) يعني يتمسح بالقبر و يقبله و يمرغ الخد عليه هذا شرك لا سيما إذا اقترن بذلك دعاء الميت و الاستغاثة به , إذا توسل إلى القبر و قبله و مرغ الخد عليه و دعا و استغاث به فلا شك في كفر هذا.

( وقد تقدم ذكر ذلك، وبيان ما فيه من الشرك، وبيان الفرق بين " الزيارة البدعية " التي تشبه أهلها بالنصارى و المشركين و " الزيارة الشرعية ") سبق أن قلنا أن زيارة القبور ثلاثة أنواع أما النوع الأول : زيارة شركية و هي أن يزور القبر و يدعوه من دون الله أو يذبح له أو ينذر له , و الثانية : زيارة بدعية و هو أن يزور القبر و يصلي لله عند قبره أو يدعى الله عند قبره أو يقرأ القران عند قبره هذه زيارة بدعية , و الزيارة الشرعية : أن يزور الميت و يدعو له و ينصرف فيستفيد الحي و يستفيد الميت , الميت يستفيد بدعاء الحي له و الحي يستفيد بأن يرق قلبه و يذكره بالآخرة هذه زيارة المسلم و أما الكافر فإنه يزار للعبرة و الاتعاظ و لا يدعى له .

(المتن)

وأما وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ أو غيرهم، أو تقبيل الأرض ونحو ذلك، فإنه مما لا نزاع فيه بين الأئمة في النهي عنه، بل مجرد الانحناء بالظهر لغير الله منهي عنه. ففي المسند وغيره أن معاذ بن جبل لما رجع من الشام سجد للنبي ﷺ فقال: ما هذا يا معاذ؟ فقال: يا رسول الله ‍‍‍! رأيتهم يسجدون في الشام لأساقفتهم وبطارقتهم، ويذكرون ذلك عن أنبيائهم، فقال: كذبوا يا معاذ‍‍‍‍‍‍! ولو كنت آمرا أحدا يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، يا معاذ‍! أرأيت إن مررت بقبري أكنت ساجدا؟ قال: " لا " قال: لا تفعل  أو كما قال رسول الله ﷺ.

 بل قد ثبت في الصحيح من حديث جابر: أنه ﷺ صلى بأصحابه قاعدا من مرض كان به، فصلوا قياما، فأمرهم بالجلوس، وقال: لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضا وقال: من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار فإذا كان قد نهاهم مع قعوده وإن كانوا قاموا في الصلاة حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم، وبين أن من سره القيام له كان من أهل النار فكيف بما فيه من السجود له، ومن وضع الرأس، وتقبيل الأيادي و حو ذلك ، وقد كان عمر بن عبد العزيز وهو خليفة الله على الأرض كلها قد وكل أعوانا يمنعون الداخل من تقبيل الأرض ويؤدبهم إذا قبل أحد الأرض له .

وبالجملة فالقيام والركوع والسجود حق للواحد المعبود خالق السماوات والأرض، وما كان حقا خالصا لله لم يكن لغيره فيه نصيب مثل الحلف بغير الله ، وقد قال رسول الله ﷺ: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت متفق عليه وقال أيضا: من حلف بغير الله فقد أشرك .

فالعبادة كلها لله وحده لا شريك له وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ  وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم.

وإخلاص الدين لله هو أصل العبادة , ونبينا ﷺ نهى عن الشرك دقه وجله وجليله وخفيه وكبيره وصغيره؛ حتى أنه قد تواتر عنه أنه نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها بألفاظ متنوعة: تارة يقول: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها وتارة ينهى عن الصلاة بعد طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس، وتارة يذكر أن الشمس إذا طلعت طلعت بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار وإذا غربت غربت بين قرني الشيطان فنهى عن الصلاة حينئذ فإذا كان قد نهى عن الصلاة في هذا الوقت، لما فيه من مشابهة المشركين في كونهم يسجدون للشمس في هذا الوقت، وأن الشيطان يقارن الشمس حينئذ ليكون السجود له فكيف بما هو أظهر شركا ومشابهة للمشركين من هذا، وقد قال الله تعالى فيما أمر رسوله أن يخاطب به أهل الكتاب: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ  وذلك لما في ذلك من مشابهة أهل الكتاب من اتخاذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله، ونحن منهيون عن مثل هذا، ومن عدل عن هدي نبيه محمد ﷺ وهدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى ما هو من جنس هدي النصارى فقد ترك ما أمر الله به ورسوله.

(الشرح)

هذا جواب السؤال السادس قوله ( وأما وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ ) هذا جواب السؤال السادس قال : (و في من يعمل السماع و يجيء إلى القبر و يحط وجهه بين يدي شيخه على الأرض ساجدا) و الجواب للسؤال الخامس يأتي بعد هذا , حكم من يجيء إلى القبر و يضع رأسه عند الكبراء من الشيوخ و غيرهم أو يقبل الأرض و نحو ذلك.

قال المؤلف ( وأما وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ أو غيرهم ) عند شيوخ الصوفية , شيوخ الصوفية و قساوسة النصارى و غيرهم يأتي و يضع رأسه عند الشيخ و يتوب إليه حتى يغفر ذنبه و يعطيه صك الغفران  يأتي المريد الصوفي عند الشيخ و يضع رأسه قال (  وأما وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ أو غيرهم أو تقبيل الأرض ) يقبل الأرض تحته تعظيما له  ( فإنه مما لا نزاع فيه بين الأئمة في النهي عنه ) يعني أن هذا منهي عنه بغير خلاف قال ( بل مجرد الانحناء بالظهر لغير الله منهي عنه ) إذا انحنى بالظهر لغير الله فهذا منهي عنه.

 الدليل قال ( ففي المسند وغيره أن معاذ بن جبل لما رجع من الشام سجد للنبي ﷺ فقال: ما هذا يا معاذ؟ فقال: يا رسول الله ‍‍‍! رأيتهم يسجدون في الشام لأساقفتهم وبطارقتهم الأساقفة و البطارقة عظماؤهم ويذكرون ذلك عن أنبيائهم، فقال: كذبوا يا معاذ‍‍‍‍‍‍! ولو كنت آمرا أحد يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها إذاً لا يجوز لأحد أن يسجد لأحد و فيه دليل على عظم حق الزوج يا معاذ‍! أرأيت إن مررت بقبري أكنت ساجدا؟ قال: " لا " قال: فلا تفعل أو كما قال رسول الله ﷺ ) و هذا الحديث سبق تخريجه و فيه لو كنت آمرا أن يسجد أحد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها أما قوله أرأيت إن مررت بقبري أكنت ساجدا؟ فقد جاء في سجوده في سجود قيس بن سعد بن عبادة كما في سنن أبو داود في كتاب النكاح باب حق الزوج على المرأة.

 إذاً هذا الحديث حديث معاذ دليل على أنه لا يجوز وضع الرأس الكبراء و لا السجود لغير الله و أن هذا من الشرك , كونه يضع رأسه عند شيخه يضع رأسه يسجد له يسجد لشيخه الصوفي فإذا قيل له لا يصلح هذا قال هذا وضع الرأس أمام الشيخ احتراما له و تواضعا نقول هذا سمه ما شئت هو شرك سواء سميته تواضع أو غيره.

 قال المؤلف ( بل قد ثبت في الصحيح من حديث جابر:  أنه ﷺ صلى بأصحابه قاعدا من مرض كان به، فصلوا قياما، فأمرهم بالجلوس، وقال: لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضا هذا ثبت في الصحيح سبق تخريج الحديث و رواه الترمذي في كتاب الأدب باب ما جاء في قيام الرجل للرجل , و هذا لما ركب النبي ﷺ فرسا فسقط منه فجحشت رجله أي انخدشت و صار فيها خدش و ألم و لم يستطع أن يصلي بالناس قائما فصلى بالناس قاعدا فصلوا خلفه قياما فنهاهم و أشار إليهم أن اجلسوا و قال لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضها بعضا يجلسون على رؤوسهم و هم وقوف فكيف هذا الصوفي يضع رأسه عند الشيخ و كذلك النصارى يضعون رؤوسهم عند الكبراء هذا لا شك أنه من الشرك.

( وقال عليه الصلاة و السلام : من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار ) هذرا رواه الترمذي في كتاب الأدب باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار و هذا وعيد شديد.

 قال المؤلف ( فإذا كان قد نهاهم مع قعوده  وإن كانوا قاموا للصلاة حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم، وبين أن من سره القيام له كان من أهل النار فكيف بما فيه من السجود له، ومن وضع الرأس، وتقبيل الأيادي و نحو ذلك ) يعني يقول إذا كان النبي ﷺ نهى الصحابة أن يصلوا خلفه قياما و هو جالس و هم يصلون و في عبادة حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم و بين النبي في الحديث الآخر و قال من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار فكيف إذا سجد له أيهما أشد ! إذا ركع أو يصلي قائما خلف القاعد و هذا عبادة مع ذلك بين النبي ﷺ أن في هذا تشبه بالمشركين و كذلك من سره أن يتمثل له الرجال قياما فكيف بما في السجود لغير الله و وضع الرأس و تقبيله له , السجود للشيخ و وضع الرأس و تقبيل الأيدي و نحو ذلك أمامه أشد من قيامهم للصلاة خلف الإمام الجالس لما فيه من المخالفة و هذا يعني كونه يحب أن يتمثل له الرجال قياما هذا أشد و أعظم , إذا كان النبي ﷺ نهى المصلين خلفه و هو قاعد قياما و قال لا تعظموني كما تعظم الأعاجم فمن باب أولى ألا يحب أن يتمثل له الرجال قياما فقد نهاهم.

 يقول المؤلف رحمه الله (  فإذا كان قد نهاهم مع قعوده وإن كانوا قاموا للصلاة  حتى لا يتشبهوا بمن يقومون لعظمائهم، وبين أن من سره القيام له وكان من أهل النار فكيف بما فيه من السجود له، ومن وضع الرأس، وتقبيل الأيادي له ) أيهما أشد ! وضع الرأس أمام الشيخ و السجود له أشد من كونه يقوم و يتمثل له الرجال قياما أو يصلي و هو قائم خلف القاعد.

 قال ( وقد كان عمر بن عبد العزيز وهو خليفة الله على الأرض كلها قد وكل أعوانا يمنعون الداخل من تقبيل الأرض ويؤدبهم إذا قبل أحد الأرض له ) عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد وكل أقوام يمنعون الداخل من تقبيل الأرض , إذا دخل أحد يقبل الأرض و يؤدبهم إذا قبل أحدهم الأرض له و هو الخليفة الراشد , و كان عمر بن عبد العزيز إذا قبل أحد الأرض له أدبه و وكل أيضا أقواما يمنعون الداخل من أن يقبل الأرض و هو الخليفة الراشد.

 يقول المؤلف رحمه الله ( وبالجملة فالقيام  والركوع والسجود حق للواحد المعبود خالق السماوات والأرض، وما كان حقا خالصا لله لم يكن لغيره فيه نصيب ) إذا القيام و الركوع و السجود حق لله حق للخالق المعبود و هو خالق السماوات و الأرض و حق الله يجب أن يكون خالصا له , حق الله من صلاة و قيام و ركوع و سجود الذبح (  وما كان حقا خالصا لله لم يكن لغيره فيه نصيب ) فإذا صرفه لغير الله وقع في الشرك , قال ( مثل الحلف بغير الله ، وقد قال رسول الله ﷺ: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت متفق عليه هذا رواه الشيخان وقال أيضا: من حلف بغير الله فقد أشرك ) هذا رواه الترمذي في باب النذر و الأيمان و قال حديث حسن و رواه الحاكم في باب الأيمان و النذور قال رسول الله ﷺ: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت وقال أيضا: من حلف بغير الله فقد أشرك و الحديث الأول من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت رواه البخاري في كتاب الأيمان و النذور باب لا تحلفوا بغير الله و حديث من حلف بغير الله فقد أشرك رواه الترمذي في أبواب النذور و الأيمان و قال حديث حسن و رواه الحاكم في كتاب الأيمان.

( وقال أيضا: من حلف بغير الله فقد أشرك فالعبادة كلها لله وحده لا شريك له ) العبادة كلها لله وحده , القيام و الركوع و السجود العبادة كلها لله وحده لا شريك له قال تعالى ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة  وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ) و الحديث رواه مالك و أحمد في الموطأ و رواه مسلم أيضا في قوله وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم إذن العبادة كلها لله ركوع و سجود و في الحديث إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا هذا حق الله وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم وإخلاص الدين لله هو أصل العبادة , ) أصل العبادة أن تخلص لله الدين أن تعبد اله مخلصا له الدين.

( ونبينا ﷺ نهى عن الشرك دقه وجله و جليله و خفيه و كبيره و صغيره ) يعني الرسول ﷺ نهى عن الشرك و عن وسائل الشرك نهى عن الشرك الدقيق و الشرك الجليل و الشرك الخفي و الكبيرة و الصغيرة ( حتى إنه قد تواتر عنه أنه نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها بألفاظ متنوعة: تارة يقول: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها وتارة ينهى عن الصلاة بعد طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس ) إذا النبي ﷺ نهى عن الصلاة عند وقت طلوع الشمس و وقت غروبها بألفاظ متنوعة يقول لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها  وتارة ينهى عن الصلاة بعد طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس وتارة يذكر أن الشمس إذا طلعت طلعت بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار وإذا غربت ، غربت بين قرني الشيطان ونهى عن الصلاة حينئذ ) لماذا ! سدا للذريعة , سدا للذريعة , بعد العصر حماية لأنه لو أبيح الصلاة بعد العصر لصار بعضهم يصلي حتى يقرب الغروب فيوافق المشركين في السجود للشمس و كذلك عند طلوع الشمس.

( حتى أنه قد تواتر عنه أنه نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها بألفاظ متنوعة: تارة يقول: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها وتارة ينهى عن الصلاة بعد طلوع الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس ) و هذه الأحاديث كلها رواه البخاري في كتاب أوقات الصلاة باب لا تتحرى الصلاة قبل غروب الشمس.

و تارة ينهى عند طلوع الشمس بين قرني الشيطان هذا رواه البخاري في باب الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ( و نهى عن الصلاة حينئذ فإذا كان قد نهى عن الصلاة في هذا الوقت، لما فيه من مشابهة المشركين في كونهم يسجدون للشمس في هذا الوقت، وأن الشيطان يقارن الشمس حينئذ ليكون السجود له فكيف بما هو أظهر شركا ومشابهة للمشركين من هذا ) هذا أشد , إذا كان النبي ﷺ نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها سدا للذريعة حتى لا يتشبه المسلم بالكفار الذين يسجدون للشمس , إذا كان قد نهى عن هذا حتى لا يتشبه بالمشركين فكيف بمن يفعل الشرك , إذا  كان قد نهى عن الصلاة في هذا الوقت لما فيه من مشابهة المشركين في كونهم يسجدون للشمس في هذا الوقت، وأن الشيطان يقارن الشمس حينئذ ليكون السجود له فكيف بما هو أظهر شركا ومشابهة للمشركين ! أعظم من هذا , إذا كان نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها لئلا يشابه المشركين فكيف بمن أظهر الشرك و فعل الشرك و شابه المشركين.

( وقد قال الله تعالى فيما أمر رسوله أن يخاطب به أهل الكتاب: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ سواء يعني أنصف بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ لما في ذلك من مشابهة أهل الكتاب من اتخاذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله، ونحن منهيون عن مثل هذا، ومن عدل عن هدي نبيه  ﷺوهدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى ما هو من جنس هدي النصارى فقد ترك ما أمر الله به ورسوله ) فإذا الرسول ﷺ إذا كان قد نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها فمن أظهر الشرك و مشابهة المشركين يكون أعظم , في الآية الكريمة , الشاهد قوله أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ لما في ذلك من مشابهة أهل الكتاب من النصارى بعضهم بعضا أربابا من دون الله (  ومن عدل عن هدي نبيه ﷺ وهدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى ما هو من جنس هدي النصارى فقد ترك ما أمر الله به ورسوله ) .

(المتن)

وأما قول القائل: انقضت حاجتي ببركة الله وبركتك. فمنكر من القول؛ فإنه لا يقرن بالله في مثل ذلك غيره، حتى إن قائلا قال للنبي ﷺ: ما شاء الله وشئت فقال: أجعلتني لله ندا؟ ! بل ما شاء الله وحده وقال لأصحابه: لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد وفي الحديث إن بعض المسلمين رأى قائلا يقول: نعم القوم أنتم لولا أنكم تنددون، أي تجعلون لله ندا يعني تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك، وفي الصحيحين عن زيد بن خالد، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الفجر بالحديبية في إثر سماء من الليل، فقال: أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب والأسباب التي جعلها الله أسبابا لا تجعل مع الله شركاء وأندادا وأعوانا.

و قول القائل: ببركة الشيخ قد يعني بها دعاءه، وأسرع الدعاء إجابة الدعاء لغائب، وقد يعني بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير، وقد يعني بها بركة اتباعه على الحق و محبته له في الله و طاعته له في طاعة الله و قد يعني بها بركة معاونته له على الحق وموالاته في الدين ونحو ذلك، وهذه كلها معان صحيحة، وقد يعني بها دعاءه الميت والغائب؛ إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له: متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع والمنكرات ونحو هذه المعاني الباطلة. والذي لا ريب فيه: أن العمل بطاعة الله تعالى، ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض، ونحو ذلك: هو نافع في الدنيا والآخرة، وذلك بفضل الله ورحمته.

(الشرح)

يقول المؤلف رحمه الله ( وأما قول القائل: انقضت حاجتي ببركة الله وبركتك ) هذا جواب السؤال الخامس من الأسئلة , قال و في من يقصده بحاجته فيقول يا شيخ فلان ببركتك فيقول قضيت حاجتي ببركة الله و بركة الشيخ , هذا جواب السؤال الخامس.

يقول المؤلف رحمه الله ( و أما قول القائل : انقضت حاجتي ببركة الله و بركتك فمنكر من القول ) هذا منكر أمر منكر لماذا ! لأنه قرن الله بغيره قرن الله بالمخلوق قال بركة الله و بركتك بركة الله و بركة فلان إذا قرن المخلوق بالخالق قارن بركة المخلوق ببركة الخالق فهذا منكر و أما قوله قضيت حاجتي ببركة الله و بركتك يعني يا فلان هذا منكر من القول و لا يجوز لأنه قال المؤلف ( فإنه لا يقرن بالله في مثل ذلك غيره ) لا يقرن بالله غيره كيف تقرن بركة فلان ببركة الله ! فلا يمكن أن تقرن الله بغيره.

 قال المؤلف ( حتى أن قائلا قال للنبي ﷺ: ما شاء الله وشئت فقال: أجعلتني لله ندا؟ ! بل ما شاء الله وحده ) قال : ما شاء الله و شئت عطف مشيئة المخلوق على مشيئة الخالق هذا باطل هذا و لهذا قال النبي ﷺ أجلعتني لله ندا  تنديت و إن كان كما قال قضيت حاجتي ببركة الله و بركة فلان أيضا منكر لا تقرن مخلوق بالخالق و هنا في هذا الحديث لا تقرن مشيئة الخالق بمشيئة المخلوق قال أجعلتني لله ندا؟ ! بل ما شاء الله وحده 

( وفي الحديث أن بعض المسلمين رأى قائلا يقول: نعم القوم أنتم لولا أنكم تنددون، أي تجعلوا لله ندا يعني تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، فنهاهم النبي ﷺ عن ذلك ) و هذا من التنديد و هذا في الرؤيا  قصة الرؤيا الحديث و رؤيا الطفيل رؤيا أنه رأى نفراً من النصارى و من اليهود فقال لهم ( نعم القوم أنتم لولا أنكم تقولون عزيز بن الله قال له و نعم القول أنتم لولا أنكم تقولون ما شاء الله و شاء محمد ثم مر بفريق من النصارى فقال : نعم القوم أنتم لولا أنكم تقولون عيسى ابن الله فقالوا له نعم القوم أنتم لولا أنكم تقولون ما شاء الله و شاء محمد فلما أصبح أخبر النبي ﷺ فخطب الناس و كان هذا سببا فقال إنكم تقولون كلمة يمنعني كذا وكذا و هذا قبل أن ينهى ويؤمر فلا تقولوا ما شاء الله و شاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده و ما شاء الله ثم شاء محمد) ثم لا بأس بها فنهاهم عن ذلك.

( وفي الصحيحين عن زيد بن خالد، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الفجر بالحديبية ) الحديبية مكان قرب مكة على حدود الحرم يسمى الآن الشميسي على طريق جدة قال صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الفجر بالحديبية في إثر سماء من الليل ) يعني بعد ما نزل المطر بعد نزول مطر من الليل صلى بهم الرسول ﷺ الفجر في الحديبية و قد مطروا تلك الليلة فقال: أتدرون ماذا قال ربكم ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) و الحديث رواه البخاري في كتاب الأذان و مسلم أيضا رواه الشيخان.

قال (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب  بنوء يعني بنجم مطرنا بنجم كذا , هذا فيه تفصيل , إن كان قال مطرنا بنوء كذا معتقدا أن للنجم تأثير في نزول المطر فهذا كفر أكبر لأنه شرك بالربوبية و إن كان يعتقد أن منزل المطر هو الله و النوء سبب فهذا شرك أصغر , النوء النجم.

 قال المؤلف رحمه الله (  والأسباب التي جعلها الله أسبابا لا تجعل مع الله شركاء وأندادا وأعوانا ) يعني السبب ما يجعل شريكا لله , الأسباب ما تجعل شركاء مع الله و أندادا و أعوانا لله و إنما تبقى على الأسباب.

( و قول القائل: ببركة الشيخ قد يعني بها دعاءه ) إذا قال قضيت حاجتي ببركة الشيخ مقصوده بقوله بركة الشيخ يعني بها دعاءه لا بأس بركة الشيخ يعني دعاءه لا بأس يقول قضيت حاجتي ببركة الشيخ يعني بركة دعائه ( وأسرع الدعاء إجابة الدعاء لغائب، وقد يعني بها بركة ما أمره به وعلمه من الخير، وقد يعني بها بركة اتباعه له على الحق و محبته له في الله و طاعته له في الله و قد يعني بها بركة معاونته له على الحق وموالاته في الدين ونحو ذلك، وهذه كلها معان صحيحة ) إذا إذا قال قضيت حاجتي ببركة الشيخ يحتمل أنه قضيت حاجته ببركة الشيخ يعني ببركة دعائه لأنه دعا فقبل الله دعاءه و يحتمل أنه قضيت حاجته ببركة الشيخ يعني بركة ما ما أمره به و علمه من الخير و قد يعنى بها بركة اتباعه له على الحق و محبته له في الله و طاعته له في طاعة الله و قد يعنى بها بركته على معاونته في الحق و موالاته في الدين و نحو ذلك و كل هذه معان صحيحة كل هذه صحيحة قول قضيت حاجتي ببركة الشيخ يعني دعاءه أو بركة تعلميه أو بركة اتبعاه على الحق و اتباعه له أو بركة معاونته له على الحق و مولاته في الدين و نحو ذلك هذه كلها معان صحيحة.

 قال المؤلف ( وقد يعني بها دعاءه الميت والغائب ) قضيت حاجتي ببركة فلان يعني دعاء الميت و الغائب ( إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له: متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع المنكرات ونحو هذه المعاني الباطلة ) إذا قد يعنى بقوله قضيت حاجتي ببركة الشيخ يعني بها دعاء الميت و الغائب و هذا شرك قال (إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه ) الميت الغائب الآن إذا دعاه كيف يقضي حاجته ! (  إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه ) غير قادر عليه فلذلك لا يجوز قول قضيت حاجتي ببركة الغائب أو بركة الميت لأنه لا يمكن أن يستقل بذلك و لهذا قال المؤلف  ( إذ استقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له: متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع المنكرات ونحو هذه المعاني الباطلة ) فإذا عني به دعاء الميت الغائب فهذا لا يجوز لأن استقلال الشيخ بذلك التأثير أو فعله لما هو عاجز عنه غيره و عاجز عنه غير قادر عليه لا يمكن أن يستقل الشيخ بذلك التأثير , شيخه , و لا يمكن أن يفعل ما هو عاجز عنه غيره أو غير قاصد له متابعته أو مطاوعته على ذلك من البدع , إذا قال قضيت حاجتي ببركة الشيخ و دعاه و أراد الغائب مستقل بذلك فيكون متابعته و مطاوعته على ذلك من البدع و المنكرات (و نحو هذه المعاني الباطلة) يعني إذا تابعه على هذا قوله قضيت حاجتي ببركة الشيخ و سكت و هو غائب مثلا و طاوعه فهو من البدع و المنكرات.

 قال المؤلف ( والذي لا ريب فيه: أن العمل بطاعة الله تعالى، ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض، ونحو ذلك: هو نافع في الدنيا والآخرة، وذلك بفضل الله ورحمته ) يعني العمل بطاعة الله , أن يعمل بطاعة الله يدعو المؤمنين دعاء المؤمنين بعضهم لبعض ينفع الإنسان في الدنيا و الآخرة و الدعاء من أفضل القربات و أجل الطاعات.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد