شعار الموقع

شرح كتاب منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات_3

00:00
00:00
تحميل
11

بسم الله الرحمن الرحيم

(المتن)

 ثم نتكلم على الصفات الجامعة كالعلو والعظم والكبر والملك والتكبر والجبروت والعزة والقوة وما جرى مجرى ذلك من الصفات الجامعة فنجد الله وصف نفسه بالعلو والكبر والعظم قال في وصف نفسه بالعلو والعظمة:  (وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)[البقرة/255].

وقال في وصف نفسه بالعلو والكبر:  (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)[النساء/34].  (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)[الرعد/9].

 ووصف بعض المخلوقين بالعظم قال:  (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)[الشعراء/63].  (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا)[الإسراء/40].  (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)[النمل/23].

 ووصف بعض المخلوقين بالعلو وقال:  (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)[مريم/57].  (وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا)[مريم/50].

ووصف بعض المخلوقين بالكبر  (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)[هود/11].

 (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ )[الأنبياء/63].

ولا شك أن ما وصف به من هذه الصفات الجامعة كالعلو والكبر والعظم مناف لما وصف به المخلوق منها كمخالفة ذات الخالق جل وعلا لذات المخلوق فلا مناسبة بين ذات الخالق وذات المخلوق كما لا مناسبة بين صفة الخالق وصفة المخلوق.

 ووصف نفسه بالملك فقال:  (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ )[الجمعة/1].

 (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ)[الحشر/23].

 (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)[القمر/55].

 ووصف بعض المخلوقين بالملك فقال:  (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ)[يوسف/43]. (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ)[يوسف/50].

 (مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)[الكهف/79].

 (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ)[آل عمران/26].

ولا شك أن الله جل وعلا ملكاً حقيقًا لائقا بكماله وجلاله. كما أن للمخلوقين ملكاً مناسبًا لحلالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم.

 ووصف نفسه بأنه جبار متكبر بقوله:  (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ )[الحشر/23]. إلى قوله  (الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)[الحشر/23].

 ووصف بعض المخلوقين بأنه جبار متكبر قال:  (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)[غافر/35].  (وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)[الشعراء/130].  (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ)[العنكبوت/68]. (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)[إبراهيم/15].

ولا شك أن ما وصف به الخالق من هذه الصفات مناف لما وصف به المخلوق منافاة ذات الخالق لذات المخلوق.

 ووصف نفسه جل وعلا بالعزة قال:  (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[لقمان/27].  (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ)[ص/9].

 ووصف بعض المخلوقين بالعزة قال:  (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ)[يوسف/51].  (وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)[ص/23].

 وجمع المثالين في قوله:  (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون/8].

 ولا شك أن ما وصف به الخالق من هذا الوصف مناف لما وصف به المخلوق كمخالفة ذات الخالق لذات المخلوق.

 ووصف نفسه جل وعلا بالقوة قال:  (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ)[الذاريات/57].

 (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)[الذاريات/58].

 (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الحج/40].

 ووصف بعض المخلوقين بالقوة قال:  (يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ )[هود/52].

وقال جل وعلا:  (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً)[الروم/54].

 وجمع بين المثالين في قوله:  (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)[فصلت/15].

(الشرح)

كذلك هذا كما سبق هذه الصفات المشتركة وسبق أن قلت لكم من الأمثلة أن صفات الله نوعان:

النوع الأول: لا يسمى به غيره، أسماء الله هو كل اسم مشتمل على صفة، أسماء الله معاني, اسمٌ لا يسمى به غيره, الله مشتمل على صفة الألوهية، صفة الألوهية خاصة بالله.

والله لفظ الجلالة أعرف المعاني لا يسمى به غيره، الرحمن لا يسمى به غيره، ولهذا لما تسمى مسيلمة الكذاب بالرحمن لزمه وصف الكذب، وألصق به فكان لا يُقال مسيلمة إلا يقال مسيلمة الكذاب؛ لأنه تسمى بالرحمن.

وفي أيضًا ادعى النبوة ولم يلزمه هذا الوصف، فالله الرحمن خالق الخلق، مالك الملك، المعطي المعنى الخافض الرافع، هذا وصفه هذه أوصاف خاصة بالله.

وهناك أوصاف مشتركة أوصاف وأسماء مشتركة مثل العزيز والرحيم والحي والقدير والسميع والبصير، وصفات مشتركة بين الخالق والمخلوق، هذه هي الصفات المشتركة كما اختارها المؤلف بين الخالق والمخلوق.

إذا اتصف بها الخالق صار له الكمال، وإذا اتصف بها المخلوق صار له ما يناسبه، قال: (الصفة الجامعة), يعني تجمع الكمال والجلال قال: (ثم نتكلم عن الصفات الجماعة), مثل لها, قال: (كالعلو والعظم والكبر والملك والتكبر والجبروت والعزة والقوة), كمال أمثلة.

وما جرى بعد ذلك من الصفات, فنجد الله وصف نفسه بها ووصف المخلوق بها، كيف ذلك؟.

نعم الله له الكمال من هذه الصفات والمخلوق له ما يناسبه، والفرق بين صفة الخالق وصفة غير الخالق مثل الفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق.

ولهذا قال: المؤلف رحمه الله: (فنجد الله وصف نفسه بالعلو والكبر والعظم قال في وصف نفسه بالعلو والعظمة).

(ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ) [البقرة/255].

العلي اسم مشتمل على صفة العلو، والعظيم اسم مشتمل على صفة العظمة لأن أسماء الله مشتقة.

 قال: وقال في وصف نفسه بالعلو والكبر, (ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ) [النساء/34].

(ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ) [الرعد/9].

 ووصف بعض المخلوقين بالعظم, قال: (ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) [الشعراء/63].

(ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ) [الإسراء/40].

(ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ) [النمل/23].

 ووصف بعض المخلوق بالعلو, قال: (ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ) [مريم/57].

(ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ) [مريم/50].

 ووصف بعض المخلوقين بالكبر, (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ) [هود/11].

(ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮄ) [الأنبياء/63].

 ثم بيّن المؤلف أن وصف الله له الكمال ووصف المخلوق له ما يناسبه؛ ولهذا قال: (ولا شك أن ما وصف الله به من هذه الصفات الجامعة كالعلو والكبر والعظم منافٍ لما وصف به المخلوق كمخالفة ذات الخالق جل وعلا لذات المخلوق فلا مناسبة بين ذات الخالق والمخلوق كما لا مناسبة بين صفة الخالق وصفة المخلوق).

هذا قاله المؤلف كرر كثيرًا أن الخالق له ما يناسبه والمخلوق له ما يناسبه, ووصف نفسه بالملك, قال: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭝ) [الجمعة/1].

 (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ) [القمر/55].

 ووصف بعض المخلوقين بالملك, فقال: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯿ) [يوسف/43]. (ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﯢ) [يوسف/50].

(ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) [الكهف/79].

(ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮢ) [آل عمران/26].

ثم بين أن الخالق له ما يناسبه والمخلوق له ما يناسبه.

 فوصف نفسه بأنه جبار متكبر, كقوله:(ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯢ) [الحشر/23].

 ووصف بعض المخلوقين بأنه جبار متكبر قال: (ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [غافر/35].

(ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ) [الشعراء/130].

(ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ) [العنكبوت/68].

(ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ) [إبراهيم/15].

بين المؤلف رحمه الله أن الله له الكمال في الجبروت والكبر والمخلوق له ما يناسبه.

 ولهذا قال: (ولا شك أن ما وصف به الخالق من هذه الصفات مناف لما وصف به المخلوق كمنافاة ذات الخالق لذات المخلوق ووصف نفسه جل وعلا بالعزة).

قال: (ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ) [لقمان/27].

(ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ) [ص/9].

ووصف بعض المخلوقين بالعزة قال: (ﯵ ﯶ ﯷ ﰂ) [يوسف/51].

(ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [ص/23].

(ﮔ ﮕ ﮖ ﮜ) [المنافقون/8].

وجمع لنا الله مثالين وصف الخالق ووصف الله في آية واحدة فقال: (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮜ) [المنافقون/8].

فوصف نفسه بالعزة ووصف المخلوقين بالعزة المؤمنين, الله له الكمال والمخلوق له النقص, ووصف نفسه جل وعلا بالقوة قال: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [الذاريات/57].

(ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ) [الذاريات/58].

(ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ) [الحج/40].

 ووصف بعض المخلوقين بالقوة قال: (ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﰂ) [هود/52].

(ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮒ) [الروم/54].

 وجمع بين المثالين يعني وصف نفسه بالقوة ووصف غيره في آية واحدة فقال: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮥ) [فُصِّلَت/15]؛هذه قوة المخلوق.

(ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮥ) [فُصِّلَت/15]؛ هذه قوة الخالق هو الخالق والمخلوق له ما يناسبه.

(المتن)

 ثم أننا نتكلم علن الصفات التي اختلف فيها المتكلمون. هل هي صفات فعل أو صفات معنى والتحقيق: أنها صفات معان قائمة بذات الله جل وعلا.

كالرأفة والرحمة والحلم، فنجد جل وعلا وصف نفسه بأنه رءوف رحيم قال:  (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)[النحل/7].

 ووصف بعض المخلوقين بذلك قال في وصف نبينا صلوات الله وسلامه عليه:  (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[التوبة/128].

 ووصف نفسه بالحلم قال:  (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ)[الحج/59].  (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[البقرة/235].  (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)[البقرة/263].

 ووصف بعض المخلوقين بالحلم فقال:  (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ)[الصافات/101].  (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)[التوبة/114].

 ووصف نفسه بالمغفرة قال:  (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[النحل/115]. (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة/284].

 ووصف بعض المخلوقين بالمغفرة وقال:  (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)[الشورى/43].  (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ )[البقرة/263].

 (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[الجاثية/14].

 ولا شك أن ما وصف به خالق السموات والأرض من هذه الصفات أنه حق لائق بكماله وجلاله لا يجوز أن ينفي خوفًا من التشبيه بالخلق. وأن ما وصف به الخلق من هذه الصفات حق مناسب لحالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم.

 وعلى كل حال فلا يجوز للإنسان أن يتنطع إلى وصف أثبت الله جل وعلا لنفسه فينفي هذا الوصف عن الله متهجما على رب السموات والأرض مدعيًا عليه أن هذا الوصف الذي تمدح به أنه لا يليق به وأنه هو ينفيه عنه ويأتيه بالكمال من جعبته فهذا جنون وهوس ولا يذهب إليه إلا من طمس الله بصائرهم.

(الشرح)

المؤلف رحمه الله ذكر الصفات التي اختلف فيها المتكلمون هل هي صفات الفعل أو صفات معنى؟ وفي صفات اختلف فيها المتكلمون, هل هي صفات فعل أو صفات معنى؟.

 (قالوا والتحقيق أنه صفات معنى), مثّل لها بالرأفة والرحمة والحلم والمغفرة قال هذه الصفات ذات معنى وصف الله بها نفسه ووصف بها المخلوق، والله له الكمال والمخلوق له يناسبه كما سبق, ثم ذكر من أمثله وقال: (فنجد جل وعلا وصف نفسه بأنه رؤوف رحيم).

فقال: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ) [النحل/7]؛ من أسمائه الرؤوف الرحيم.

ووصف بعض المخلوقين بأنه رؤوف رحيم فقال في وصف نبينا: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ) [التوبة/128].

قال الرسول له ما يناسبه عليه الصلاة والسلام والله له الكمال, (ووصف نفسه بالحلم).

قال: (ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ) [الحج/59].(ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ) [البقرة/235].

(ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ) [البقرة/263].

هذا وصف نفسه بالحلم (ووصف بعض المخلوقين بالحلم), فقال (ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ) [الصافات/101].

وهو إسماعيل (ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ) [التوبة/114]؛ لكن الله له الكمال حلم الله كامل وحلم المخلوق وهو ما يناسبه.

(ووصف نفسه بالمغفرة).قال: (ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ) [النحل/115].

(ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮖ) [البقرة/284].

 (ووصف بعض المخلوقين بالمغفرة). قال: (ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ) [الشورى/43].

(ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯠ) [البقرة/263].

(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭟ) [الجاثية/14].

هذا وصف المخلوق، لكن الخالق لخه كمال والمخلوق له ما يناسبه كما سبق.

قال المؤلف (ولا شك أن ما وصف به خالق السموات والأرض من هذه الصفات أنه حق لائق بكماله وجلاله لا يجوز أن ينفي خوفًا من التشبيه بالخلق. وأن ما وصف به الخلق من هذه الصفات حق مناسب لحالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم).

ثم بيّن المؤلف رحمه الله بأن لا يجوز الإنسان أن ينفي وصف الرب وأنه لا يتهجم على الرب فقال: (وعلى كل حال فلا يجوز للإنسان أن يتنطع إلى وصف أثبت الله جل وعلا لنفسه فينفي هذا الوصف عن الله متهجما على رب السموات والأرض).

مثل الاستواء يقول: لا معناه الاستيلاء، يقول: النزول معناها نزول الرحمة، كل هذا من باب التنطع متهجمًا على رب السموات، مدعيًا أن هذا الوصف الذي تمتع به أنه لا يليق به وأنه هو ينفيه ويأتي بالكمال من جعبته, استوى على العرش, يقول: لا ما يناسبه الاستواء ما يناسب الرب، الذي يناسبه معنى استوى استولى، يقول: (هذا جنون وهوس ولا يذهب إليه إلا من طمس الله بصائرهم). أعوذ بالله.

 

(المتن)

 وسنضرب لكم لهذا مثلًا يتبين به الكل، لأن مثلا واحدًا من آيات الصفات ينسحب على الجميع إذ لا فرق بين الصفات؛ لأن الموصوف بها واحد. وهو جل وعلا لا يشبهه شيء من خلقه في شيء من صفاته البتة.

فهذه صفة الاستواء التي كثر فيها الخوض ونفاها كثير من الناس بفلسفة منطقية وأدلة جدلية سنتكلم في آخر البحث على وجواه إبطالها كلامًا ما يخص الذين درسوا المنطق والجدل ليتبين كيف استدل أولئك بالباطل وأبطلوا به الحق وأحقوا به الباطل.

فهذه صفة الاستواء تجرأ الآلاف ممن يدعون الإسلام ونفوها عن رب السموات والأرض بأدلة منطقية يركبون فيها قياسًا استثنائيًا مركبًا من شرطية متصلة لزومية واستثنائية يستثنون فيه نقيض التالي ينتجون في زعمهم الباطل نقيض المقدم بناء على أن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم. فيقولون مثلًا لو كان الرب مستويًا على عرشه لكان مشابهًا للخلق لكنه لم يكن مشابهًا للخلق فينتجون، ليس مستويًا على العرش، وعظم هذا الافتراء كنا ترى.

اعلموا أن هذه الصفة التي صفة الاستواء صفة كمال وجلال تمدح بها رب السموات والأرض.

  1.  

المؤلف رحمه الله قال: (وسنضرب لكم لهذا مثلًا يتبين به الجميع، لأن مثلاً واحدًا من آيات الصفات ينسحب على الجميع).

فالمؤلف يقول أنا أضرب مثلًا على صفة واحدة من الصفات وإذا عرفتم الكلام على هذه الصفة ينسحب على جميع الصفات, كل الموصوف بها واحد.

مثل ما قال الإمام مالك لما سئل عن الاستواء قال: قال رجل يا أبا مالك الرحمن على العرش استوى فكيف الاستواء فقال مالك الاستواء معلوم والكيف مجهول والأيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

هذه تلقته الأمة عن مالك بالقبول وهذا ينسحب على جميع الصفات، فإذا سألك واحد قال العلم كيف علم الله؟ العلم معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه.

سأل واحد عن السمع كيف سمع الله؟ السمع معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة؛ يقال في جميع الصفات.

قال واحد القدرة كيف يقدر؟ قلنا القدرة معلومة والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وهكذا.

فالمؤلف يقول أنا أضرب لكم مثل الآن صفة واحدة والباقي يشمل جميع الصفات, ما هي الصفة؟ الصفة الاستواء قال: (وسنضرب لكم لهذا مثلًا يتبين به الجميع، لأن مثلاً واحدًا من آيات الصفات ينسحب على الجميع إذ لا فرق بين الصفات؛ لأن الموصوف بها واحد. وهو جل وعلا لا يشبهه شيء من خلقه في شيء من صفاته البتة.

فهذه صفة الاستواء التي كثر فيها الخوض ونفاها كثير من الناس بفلسفة منطقية وأدلة جدلية سنتكلم في آخر البحث على وجوه إبطالها كلامًا ما يخص الذين درسوا المنطق والجدل ليتبين كيف استدل أولئك بالباطل وأبطلوا به الحق وأحقوا به الباطل).

فهذه صفة الاستواء تجرأ الآلاف ممن يدعون الإسلام ونفوها عن رب السموات والأرض؛ بماذا؟.

بأدلة منطقية يركبون فيها قياسًا استثنائيًا مركبًا من شرطية متصلة لزومية يستثنون فيه نقيض التالي ينتجون في زعمهم الباطل نقيض المقدم بناء على أن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم, هذه الأدلة المنطقية يركبونها من القياس الاستثنائي، وهذا المركب القياس الاستثنائي ينقسم إلى قسمين:

  1. قضية شرطية متصلة لزومية.
  2. يقابلها قضية حملية.

فالقضية الشرطية المتصلة اللزومية هي التي يكون فيها تلازم، شرطية متصلة لزومية يكون فيها تلازم يستثنون فيها نقيض التالي, سيتبين في المثال الذي ذكره المؤلف.

 وأما القضية الشرطية غير متصلة فهي التي توجب تنافر بين المقدر والتالي, المؤلف ذكر مثال، المثال للقياس الاستثنائي المركب الشرطية المتصلة اللزومية يقولون: (لو كان الرب مستويًا على عرشه لكان مشابهًا للخلق لكنه غير مشابهًا للخلق)؛ النتيجة أنه غير مستوي على العرش.

طيب الآن هذه قضية شرطية متصلة لزومية قضية شرطية " لو " , " لو " هذا الشرط, لو كان مستويًا على عرشه هذه قضية شرطية متصلة لكان مشابهًا للخلق؛ هذه قضية شرطية متصلة لزومية؛ يعني قالوا يلزم من كونه مستوي على العرش أن يكون مشابهًا للخلق, هذه قضية متصلة لزومية بينهما اتصال لزوم.

ثم الجبهة الثانية لكنه غير مشابه للخلق، النتيجة أنه غير مستوي على العرش، هم الآن ركبوا قضية استثنائية من شرطية متصلة لزومية؟ ما هي القضية المتصلة اللزومية؟ لو كان مستوي على العرش لكان مشابه للخلق, هذه قضية شرطية متصلة لزومية؛ يعني يلزم لكونه مستويًا على العرش أن يكون مشابهًا للخلق.

الآن استثنوا فيها النقيض التالي عندنا المقدم والتالي ما هو المقدم؟ المقدم لو كان مستويًا على العرش هذا مقدم وهو لزوم.

التالي: لكان مشابهًا للخلق هذا اللازم وهو التالي لكنه غير مشابه للخلق، النتيجة ينتج فهو غير مستوي على العرش، فهم الآن ركبوها ركبوا القياس استثنائي مركب من شرطية متصلة لزومية؛ يعني من مقدمة وتالي ما هو المقدم؟ الجملة الأولى المقدم تسمى مقدم والجملة الثانية تسمى التالي.

  1. لو كان مستويًا على العرش هذه المقدم.
  2. التالي لكان مشابه للخلق .

المقدم هو اللزوم والتالي هو اللازم، لو كان مستويًا على العرش هذه الجملة مقدم، وهو الملزوم. لكان مشابه للخلق هذا التالي.

يستثنون فيها نقيض الثاني ما وقع الثاني لكان ماذا؟ التالي لكان مشابهًا للخلق ماذا يستثنون؟ الاستثناء " لكنه ", " لكنه " هذا استثناء، استثنى النقيض ما هو نقيضه؟ نقيض المشابه غير المشابه.

استثنوا من الجملة الثانية نقيضها ما هو نقيضها؟ الجملة التالية " لكان مستويًا " نقيضها لكنه غير مشابه للخلق، هذا معنى قوله: (قياسًا استثنائيًا مركبًا من شرطية متصلة لزومية) يستثنون فيها نقيض التالي.

الاستثناء لكنه نقيض يعني ضد التالي ما هو التالي؟ التالي لكان مشابهًا للخلق والمقدم لو كان مستويًا على العرش، والتالي لكان مشابه الخلق ما هو نقيضه؟ نقيضه غير مشابه استثنوا لكنه غير مشابه للخلق.

النتيجة؛ ينفي في زعمهم الباطل نقيض المقدم، المقدم ما هو؟ مستويًا على العرش.

النقيض ما هو؟ غير مستوي على العرش، النتيجة فهو غير مستوي على العرش .

قال المؤلف وهذه النتيجة باطلة لمخالفة صريح القرآن كيف مخالفة لصريح القرآن؟ الله تعالى أخبر عن نفسه أنه استوى على العرش في سبع مواضع من كتابه اقرأ اللي بعدها وسوف تتأملونها.

(المتن)

 الموضع الأول: اعلموا أن هذه الصفة التي صفة الاستواء صفة كمال وجلال تمدح بها رب السموات والأرض, والقرينة على أنها صفة كمال وجلال أن الله ما ذكرها في موضع من كتابه إلا مصحوبة به بما يبهر العقول من صفات جلاله وكماله التي هي منها. وسنضرب مثلًا لذلك بذكر الآيات.

فأول سورة ذكر الله فيها صفة الاستواء حسي ترتيب المصحف سورة الأعرف قال:  (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[الأعراف/54], فهل لأحد أن ينفي شيء من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.

الموضع الثاني: في سورة يونس قال:  (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)[يونس/3].

  (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ)[يونس/4].

 (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[يونس/5].

 (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)[يونس/6].

فهل لأحد أن ينفي شيئًا من هذه الصفات الدالة على هذا الكمال والجلال.

الموضع الثالث: في سورة الرعد في قوله جل وعلا: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ)[الرعد/2].

 (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الرعد/3].

 (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[الرعد/4].

وفي القراءة الأخرى:  (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[الرعد/4]؛ فهل لأحد أن ينفي شيئًا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.

الموضع الرابع: في سورة طه قال:  (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى)[طه/2].

 (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى)[طه/3].

  (تَنزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلى)[طه/4].

 (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه/5].

 (لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى)[طه/6].

 (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)[طه/7].

 (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)[طه/8]؛ فهل لأحد أن ينفي شيئًا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.

الموضع الخامس: في سورة الفرقان في قوله:  (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا)[الفرقان/58].

 (الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ )[الفرقان/59]؛ فهل لأحد أن ينفي شيئًا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.

الموضع السادس: في سورة السجدة في قوله تعالى:  (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)[السجدة/3].

 (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ)[السجدة/4].

 (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)[السجدة/5].

 (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)[السجدة/6].

 (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ)[السجدة/7].

 (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ)[السجدة/8].

 (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)[السجدة/9]؛ فهل لأحد أن ينفي شيئًا من هذه الصفات الدالة على الغاية والجلال والكمال.

الموضع السابع: في سورة الحديد في قوله تعالى:  (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[الحديد/3].

 (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[الحديد/4].

فالشاهد أن هذه الصفات التي يظن بها الجاهلون أنها صفة نقص ويتهجمون على رب السموات والأرض بأنه وصف نفسه صفة نقص، ثم يسببون عن هذا أن ينفوها ويؤولها مع أن الله جل وهلا تمدح بها وجعلها من صفات الجلال والكمال مقرونة بها يبهر العقول من صفات الجلال والكمال. هذا يدل على جهل وهوس من ينفي بعض صفات الله جل وعلا بالتأويل.

  1.  

المؤلف رحمه الله كما سبق الآن مثل بصفة الاستواء، وذكر القياس المنطقي وهو أن القياس المنطقي أنهم ركبوا قياسًا منطقيًا ونتيجته نفي الصفة قالوا لو كان الرب مستوي على عرشه لكان مشابهًا للخلق، لكنه غير مشابه للخلق فلا يكون مستويًا على العرش هذا الدليل.

هذا الدليل كما سبق يسمى قياس استثنائي مركب من قضية شرطية متصلة لزومية، يستثنون فيه نقيض التالي وينتجون في زعمهم نقيض المقدم.

  • قلنا هذا المركب مقدمتين:

 المقدمة الأولى: لو كان الرب مستوي على عرشه لكان مشابهًا للخلق.

المقدمة الثانية: لكن الرب غير مشابه للخلق.

فالنتيجة فلا يكون الرب مستوي على العرش، عندنا الآن عندنا مقدم وتالي ما هو المقدم؟ المقدم لو كان مستويًا على العرش, التالي: لكان مشابهًا للخلق.

 نقيض المقدم المؤلف رحمه الله يقول: (يستثنون في نقيض التالي)، عندنا التالي ما هو؟ التالي لكان مشابهًا للخلق، يستثنون بقول لكن يستثنون نقيضه التالي لكان مشابه للخلق هات نقيضه قال لكنه غير مشابه للخلق استثنى، فينتج بزعمهم الباطل نقيض المقدم ما هو المقدم؟ مستويًا على العرش، نقيضه غير مستوي على العرض فالنتيجة غير مستويًا على العرش.

 المؤلف رحمه الله يقول: (هذه الصفة), اللي هي صفة الاستواء (صفة الكمال والجلال مدح الرب بها نفسه)، والقرينة على أنها صفة كمال وجلال أن الله ذكرها في سبع مواضع من كتابة مكتوبة بما يظهر العقول من صفات الجلال والكمال، فلا يمكن أن تنفي إلا أن ينفى معها صفة الجلال والكمال ثم استعرض سبع آيات في سورة ماذا؟ في سورة الأعراف، في سورة يونس، في سورة الرعد، في سورة طه، في سورة الفرقان، في سورة السجدة، في سورة الحديد؛ سبع مواضع.

 ثم استعرض في سورة الفرقان الشاهد: (ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮧ) [الأعراف/54].

 يقول: (هذه مسبوقة قبلها وما بعدها بما يظهر من الصفات فإذا نفيتها لابد أن تنفي الصفة هذه, ولا يقول هذا عاقل, في سورة يونس الشاهد: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮕ) [يونس/3].

ولكن قبلها وما بعدها صفات تظهر العقول فلا يمكن أن تنفى إلا تنفي هذه الصفات وهذا لا يقوله عاقل؛ ولهذا قال: (فهل لأحد أن ينفي شيئًا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال).

 في سورة الرعد قوله: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮁ) [الرعد/2].

 هذه الثالثة ثم استوى، وأتى بكلمة علا الدالة على العلو, (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﮁ) [الرعد/2].

 ثم أيضًا بعدها من الصفات التي تبهر العقول فلا يمكن أن تنفي إلا ينفي معها وهذا لا يمكن أن يقوله عاقل.

 الموضع الرابع: في سورة طه الشاهد قوله:(ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ) [طه/5]. لكن ما قبلها وما بعدها من الصفات تظهر للعقول صفات الجلال والكمال فلا يمكن أن تنقص صفة الاستواء إلا أن ينفي معها ولا يستطيع عاقل أن ينفيها.

 في سورة الفرقان الشاهد قوله: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [الفرقان/59]. لكن قبلها صفات تبهر العقول فلا يمكن أن تنفي صفة الاستواء إلا تنفي معها وهذا لا يقوله عاقل .

 الموضع السادس: في سورة السجدة والشاهد قوله: (ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﮊ) [السجدة/4]. ولكن ما قبلها وما بعدها صفة الجلال الكمال تبهر العقول فلا يمكن أن تنفي صفة الاستواء إلا وتنفي معها. وهذا لا يقوله عاقل.

 الموضع السابع: سورة الحديد قوله: ( ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭸ) [الحديد/4].

لكن ما قبلها وما بعدها صفة الجلال والكمال لا يمكن أن تنفي إلا أن تنفي معها.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (فالشاهد أن هذه الصفة التي يظن بها الجاهلون أنها صفة نقص ويتهجمون على رب السموات والأرض بانه وصف نفسه صفة نقص ثم يسببون عن هذا أن ينفوها ويؤولها مع أن الله جل وعلا تمدح بها وجعلها من صفات الجلال والكمال مقرونة بما يبهر العقول من صفات الجلال والكمال. هذا يدل على جهل وهوس من ينفي هذه الصفات).

(المتن)

 فتنة التأويل، ثم اعلموا أن هذا الشيء الذي يُقال له التأويل الذي فُتن به الخلق وضل به الآلف من هذه الأمة, اعلموا أن التأويل يطلق في الاصطلاح مشتركًا بين ثلاثة معان:

أولًا: يطلق على ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال وهذا هو معنا في القرآن نحو  (ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)[النساء/59].

 (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ )[يونس/39].

 (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ )[الأعراف/53]؛ أي ما تؤول إليه حقيقة الأمر في ثاني حال.

ثانيًا: ويطلق التأويل بمعنى التفسير وهذا قول معروف كقول ابن جرير: القول في تأويل قوله تعالى كذا، أي تفسيره.

ثالثًا: أما في اصطلاح الأصوليين فالتأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لدليل.

  • وصرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه عند علماء الأصول ثلاث حالات.

الأول: إما أن يصرفه عن ظاهره المتبادر منه لدليل صحيح من كتاب أو سنة وهذا

النوع من التأويل صحيح مقبول لا نزاع فيه، ومثال هذا النوع ما ثبت من التأويل صحيح مقبول لا نزاع فيه ومثال هذا النوع ما ثبت عن النبي r أنه قال: «الجار أحق بصقبه».

فظاهر هذا الحديث ثبوت الشفعة للجار، وحمل هذا الحديث على الشريط المقاسم حمل اللفظ على محتمل مرجوع غير ظاهر متبادر، إلا أن حديث جابر الصحيح رضي الله عنه «فإذا ضربت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» ، دل على أن المراد بالجار هو أحق بصقبه خصوص الشريط المقاسم, فهذا النوع من صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه لشيء لدليل واضح من كتاب وسنة يجب الرجوع إليه وهذا تأْوِيل يُسمى تَأْوِيلا صَحِيحًا وتأويلا قَرِيبًا وَلَا مَانع مِنْهُ إِذا دلّ عَلَيْهِ النَّصْ

الثَّانِي: هُوَ صرف اللَّفْظ عَن ظَاهره الْمُتَبَادر مِنْهُ لشَيْء يَعْتَقِدهُ الْمُجْتَهد دَلِيلاً وَهُوَ فِي نفس الْأَمر لَيْسَ بِدَلِيل فَهَذَا يُسمى تَأْوِيلاً بَعيدا وَيُقَال لَهُ فَاسد، وَمثل لَهُ بعض الْعلمَاء بِتَأْوِيل الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله لفظ امْرَأَة فِي قَوْله r«إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل » قالوا حمل هذا على خصوص المكاتبة تأويل بعيد لأنه صرف اللفظ عن ظاهرة المتبادر منه لأن (أي) في قوله (أي امرأة) صيغة عموم وأكدت صيغة العموم بما المزايدة للتوكيد فحمل هذا على صورة نادرة هي المكاتبة حملٌ للفظ على غير ظاهره لغير دليل جازم يجب الرجوع إليه.

الثالث: أما حمل اللفظ على غير ظاهره لا لدليل: فهذا لا يسمى تأويلاً في الاصطلاح بل يسمى لعبًا لأنه تلاعب بكتاب الله وسنة في نبيه r .

ومن هذا تفسيره غلاة الروافض قوله تعالى:  (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)[البقرة/67]. قالوا عائشة, ومن هذا النوع صرف آيات الصفات عن ظواهرها إلى محتملات ما أنزل الله بها في أسم بها من سلطان كقولهم استوى بمعنى استولى فهذا لا يدخل في اسم التأويل لأنه لا دليل عليه البتة وإنما يسمى في اصطلاح أهل الأصول لعبا؛ لأنه تلاعب بكتاب الله جل وعلا من غير دليل ولا مستند، فهذا النوع لا يجوز لأنه تهجم على كلام رب العالمين.

والقاعدة المعروفة عند علماء السلف انه لا يجوز صرف شيء من كتاب الله ولا سنة رسولهr عن ظاهره المتبادر منه إلا بدليل يجب الرجوع إليه.

  1.  

 نعم المؤلف تكلم عن التأويل، وقال: فتنة التأويل, قال: (ثم أعلموا أن هذا الشيء الذي يقال له التأويل الذي فُتن به الخلق وضل به الآلف من هذه الأمة).

قال المؤلف التأويل له ثلاثة معاني, معنيان معروفان عند السلف ومعنى حادث متأخر.

التأويل كم له معنى؟ التأويل ثلاث معاني أو ثلاث اصطلاحات، معنيان معروفان عند السلف ومعنى حادث.

  • المعنيان المعروفان عن السلف:

الأول: التأويل هي الحقيقة التي يؤل إليها الكلام, مثل قوله تعالى: (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮄ) [الأعراف/53].

تأويل يوم القيامة ما هو؟ هو وقوع يوم القيامة, تأويل ما أخبر الله في الجنة من النعيم هو وقوع ذلك، إذا دخل المؤمن الجنة وباشر ما فيها من النعيم هذا تأويله، وإذا دخل الكافر النار وباشر في النار هذا تأويل ما وعد به من النار, (ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﮄ) [الأعراف/53].

 ومن ذلك أن يوسف عليه الصلاة والسلام وهو صغير رأى رؤية وقصها على أبيه قال: ( ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [يوسف/4].

رأى أحد عشر كوكب والشمس والقمر يسجدون له، ماذا قال له والده يعقوب؟.

(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭡ) [يوسف/5].

متى وقع تأويل هذا الرؤية؟ بعد أربعين سنة أو ثلاثين سنة, لما أخذه أخوته وذهبوا به إلى البر، ورموه في الجب، وقالوا أكله الذئب، وجاءت سيارة وأخذته، وصار إلى العزيز، وكبر ثم سجن وكذا، ثم صار على خزائن الأرض وزير المالية، ثم أول الرؤية التي رآها الرجلان الفتيان في السجن ثم أول الرؤية التر رآها العزيز ثم بعد ذلك جاء إليه أخوته بعد ذلك وأول الرؤية وأنه سيأتي سبع سنين خصب وسبع سنين جدب، وصار على خزائن الأرض.

وجاءت السنين الجدب، وصار الناس في كل مكان ما عندهم شيء يأتي الجدب فصار الناس يأتون إليه رتب ونظم وكذا وجمع الأموال وصار الناس يأتون إليه وهو في مصر.

وأخوته في فلسطين جاءوا أخوته من فلسطين من ماذا؟ يريدون مثل الناس يكلون ما يعلمون أنه أخوهم، يعلمون أنه عزيز مصر، وقال لهم ما أعطيكم حتى تؤتوني بأخ لكم من أبيكم إلى أخر ما قص الله علينا في القرآن الكريم، ثم بعد ذلك أخبروه فقال: (ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮣ) [يوسف/89-90].

ثم قال: (ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ) [يوسف/93].

وأعطاهم قميصه لأبيه وأرد الله عليه بصره، ثم جاءوا جاء أبوه وأمه وأخوته الإحدى عشر فسجدوا له (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﯝ) [يوسف/100].

سجد له كم؟ إحدى عشر أخ أخوته وأبوه وأمه هما الشمس والقمر، فلما سجدوا له هذا سجود تحية جائز في شريعتهم، هذا السجود ما هو سجود العبادة, سجود التحية هذا جائز في شريعة يوسف لكن في شريعتنا ما يجوز.

(ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﯝ) [يوسف/100].

ماذا قال يوسف؟ قال: ( ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﯝ) [يوسف/100].

هذه الحقيقة التي رأيتها، تأويل الرؤية التي رآها وهو صغير ( ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ) [يوسف/4]؛ ما هو تأويلها؟ سجود أبيه وأمه وأخوته له هذا تأويلها.

هذا التأويل على الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، عرفتم الآن الحقيقة التي يؤول إليها الكلام, مثل قوله تعالى:(ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ) [النساء/59].

( ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯹ) [يونس/39].

(ﭡ ﭢ ﭣ ﮄ) [الأعراف/53].

 (ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﯝ) [يوسف/100].

 إذًا التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤل إليها الكلام هذا المعنى الأول هذا المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص وقال به السلف.

المعنى الثاني: التأويل بمعنى التفسير، التأويل بمعنى التفسير ومن ذلك قول الإمام بن جرير في تفسيره القول في تأويله قول الله تعالى؛ في تفسيرها, ومن ذلك لما نزل على النبي r (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [النصر/1-3].

 قال عائشة: كان يقول في ركوعه وسجوده بعد أن نزلت عليه السورة «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن», ما معنى تأويل القرآن يعني يفسر ويعمل به, هذا التأويل بمعنى التفسير، هذان المعنيان واضحان.

 المعنى الثالث: حادث المتأخرين، صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل ما اقترن به، صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح؛ يعني يكون المعنى أو الكلمة لها معنيان: معنى راجح, ومعنى مرجوح، نصرفه عن الراجح إلى المرجوع بدليل ما اقترن به، إذا كان الدليل صحيح فهذا مقبول، وإذا كان الدليل غير صحيح فلا.

  • المؤلف قسم إلى ثلاثة أقسام النوع الثالث:

 القسم الأول: أن يكون هناك دليل صحيح يدل على صرفه اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح.

مثال ذلك: الحديث اللي مثل به المؤلف الحديث «الجار هو أحق بصقبه», ظاهر الحديث الجار أحق بالشفعة، الشفعة معناه إذا باع الشريك حصة شريكه ولم يخبره على شخص أخر فله أن ينتزع منه ويعطيه الثمن حتى يزول عنه الضرر, هذه تسمى الشفعة.

 «الجار هو أحق بصقبه», ما معناها المتبادر؟ أن الجار يشفع أليس كذلك؟ إذا باع الجار يشفع هذا المعنى الظاهر.

له معنى آخر وهو الرجل الشريك، المعنى الظاهر الآن الجار «الجار هو أحق بصقبه», جاء دليل يدل على حمله على معنى بعيد وهو حمل الجار على الشريك وهو حديث جابر «إذا صرفت الطرق ووقعت الحدود فلا شفعة», فدل على أن الجار أحق أي الجار الشريك، الجار المشارك, الجار أحق بالشفعة المراد بالجار الشريك, وليس المراد به الجار المجاور لماذا؟ لأن حديث جابر هو الصحيح قال: «إذا صرفت الطرق ووقعت الحدود فلا شفعة», إذًا حلمناه على المعنى الظاهر إلى المعنى المرجوح بدليل حديث جابر.

 ومثله الحديث القدسي يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «عبدي مرضت فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ, يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي, يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي».

 قول: «عبدي مرضت», الضمير عائد إلى الله, ظاهره أن الله هو الذي مرض؛ لكن هذا باطل, الحديث دل على أن الله لم يمرض وأن الذي مرض هو العبد، ألا علمت أن عبدي مرض، عبدي جعت المعنى الظاهر أن الله جائع هذا ما يليق بالله؛ لكن في آخر الحديث دل على من الذي جاع؟ هو العبد أن عبدي فلان جائع.

 هذا صرفناه من المعنى الظاهر إلى المعنى المرجوح لدليل من نص الحديث وذاك لدليل خارجي.

 أحيانًا يكون الدليل يصرف لكن لدليل بعيد؛ تأويل بعيد مثل ما مثل المؤلف رحمه الله في الحديث ما هو المثال؟ «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» قال أبو حنيفة «إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل», المراد بالمرأة هنا المكاتبة، الحديث عام ليس خاص بالمكاتبة «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل», قال ابو الحنيفة المراد بها المكاتبة التي كاتبت, العبدة التي كاتبت سيدها هي المرادة بهذا الحديث.

تخصيصها بالمكاتبة ما عليه دليل على تأويل بعيد فلا يقبل هذا؛ فلا يقبل هذا لأنه فاسد؛ لأنه ما عليه الدليل ليش خصت المرأة بالمكاتبة؟ لكن الأول فيه دليل ذكرناه، هذا ما فيه دليل.

 النوع الثالث: ليس هناك دليل مطلق ولا تأويل مطلق وهو أن يؤول الإنسان النصوص بهواه وشهوته ورأي الباطل هذا مرفوض مثل تأويل الرافضة ( ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﯗ) [البقرة/67]؛ قالوا البقرة المراد بها عائشة هذا تلاعب بكتاب الله.

ومثل قولهم: (ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ) [الرحمن/19].

(ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ) [الرحمن/20]؛ مرج البحرين علي وفاطمة.

(ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ) [الرحمن/22] ؛ الحسن والحسين. هذا تلاعب بكتاب الله, ومن ذلك أيضًا قول المعطلة الجهمية استوى بمعني استولى, تأويل استوى باستولى هذا تأويل باطل، هذا خلاصة التأويل.

  • المؤلف قال التأويل يصرف على ثلاث معاني:

 المعنى الأول: الحقيقة التي يؤل إليها الأمر.

الثاني: البناء على التفسير.

الثالث: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح؛ وهذه ثلاثة أنواع:

النوع الأول: ما دل عليه الدليل فهذا يقبل مثل ماذا؟ مثل ما اختار المؤلف مثل حديث «الجار هو أحق بصقبه»، «إذا صرفت الطرق ووقعت الحدود فلا شفعة» حملنا الجار على الشريك في الحديث.

ومثله حديث «مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ», إذًا اللي مرض هو العبد عبدي والرب لا يمرض والدليل نص الحديث.

وكذلك العبد الذي جاع والله لم يجع، منزه الله سبحانه وتعالى عن النقائص لا يمرض ولا يجوع ولا يعطش، ولكن الذي مرض هو العبد والذي جاع هو العبد والذي عطش هو العبد، الدليل نفس الحديث. واضح هذا؟.

 الثاني: أن يكون المؤول الشخص تأويلًا بعيدًا لدليل يعتقده هو في رأسه مثل أبو حنيفة فقال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل»؛ هذه المكاتبة العبدة التي كاتبت سيدها لا يجوز لها أن تنكح إلا بإذن سيدها، نقول هذا باطل، هذا عام في كل امرأة، كل امرأة لا يجوز أن تنكح إلا بوليها سواء مكاتبه ولا غير مكاتبة فكونه يخصها بالمكاتبة هذا تأويل فاسد ما عليه دليل.

الثالث: أن يكون تلاعب بكتاب الله، كما يتلاعب الرافضة في تأويلهم بكلام الله وكما يتلاعب الجهمية في تأويلهم لنصوص الصفات.

 والله أعلم، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد