شعار الموقع
  1. الصفحة الرئيسية
  2. الدروس العلمية
  3. متفرقات
  4. الإبانة الصغرى
  5. الإبانة الصغرى لابن بطة (9) من قوله: "وأوحى الله عز وجل إلى موسى يا موسى..." إلى قوله: "وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: لا حظ للرافضي في الفيء..."

الإبانة الصغرى لابن بطة (9) من قوله: "وأوحى الله عز وجل إلى موسى يا موسى..." إلى قوله: "وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: لا حظ للرافضي في الفيء..."

00:00
00:00
تحميل
140

قال رحمه الله تعالى :

( متن )

وأوحى الله إلى موسى يا موسى كن يقضان وارقب لنفسك إخوانا و كل خدن لا يوفيك على مسرة فاحذره فإنه لك عدو و أنا منه بريء.

( شرح )

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم و بارك على عبد الله و رسوله نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد:

فهذا من الآثار الإسرائيلية مأخوذة عن بني إسرائيل و كان على المؤلف -رحمه الله- أن لا يأتي بالآثار الإسرائيلية اكتفاء بالنصوص من الكتاب و السنة الآثار الصحيحة عن السلف و لكنه أراد أن يذكر ما ورد في الباب من باب الاستشهاد و إلا فإن هذا من الآثار الإسرئيلية التي ليس لها خطام و لا زمام.

و هذا فيه أن الله أوحى إلى موسى (يا موسى كن يقضان وارقب لنفسك إخوانا و كل خدن لا يوفيك على مسرة فاحذره فإنه لك عدو و أنه منه بريء) يعني هذا فيه التحذير من البدع التحذير من الأخدان أخدان السوء و الخدن الصديق و الصاحب إذا كان على بدعة فإنه يكون مخالفا للإسلام و عدوا لله بقدر ما فيه من البدعة و إن كانت بدعة مكفرة فإن عدو لله بكامل العداوة و لكن هذا من الآثار الإسرئيلية التي ليس لها خطام و لا زمام، لأنه لا بد في الأثر أن يكون بسند متصل ولم يعز المؤلف -رحمه الله- أحد وأحيانا يعزى عمن يأخذ عن بني إسرائيل من التابعين و بينه و بين موسى دهور تنقطع دونها أعناق المطي فمن الذي سمع من موسى عليه الصلاة و السلام فالمقصود أن هذا من الآثار الإسرائيلية لكن المؤلف -رحمه الله- أراد أن يستشهد به .

( متن )

و قال ابن المبارك: (من خفيت علينا بدعته لم تخفَ علينا ألفته) 

( شرح )

و هذا من مقالة عبد الله بن مبارك الإمام الزاهد المشهور يقول: من خفيت علينا بدعته لم تخفَ علينا ألفته، يعني لو أخفى المبتدع بدعته فإنه لا تخفى ألفته و مصاحبته فلا بد أن يصاحب أهل البدع فإذا صاحب أهل البدع علمنا أنه مبتدع و إن أخفى بدعته لكن كونه يصاحب أهل البدع و يألف أهل البدع و يركن إلى أهل البدع فهذا دليل على بدعته، فمن خفيت علينا بدعته لم تخفَ علينا ألفته.

و فيه التحذير من أهل البدع و فيه أن من الأدلة على وجودها مصاحبة أهل البدع فمن صاحب أهل البدع فهو منهم و من صاحب أهل المعاصي فهو منهم و من صاحب الكفار وافقهم و هكذا .

( متن )

و قيل أنه كان للمجوس دين وكتاب فوقع ملك منهم على أخته وقد كان هويها فخاف رعيته فقال: إن الذي صنعت حلال ثم قتلهم على ذلك فظهر عليهم حتى بقي في المجوس نكاح الأخوات و الأمهات و وبطلت شريعتهم الأولى.

( شرح )

و هذا معروف أن المجوس أنه يجيزون نكاح الأمهات و الأخوات و يقال: أن لهم كما قال المؤلف -رحمه الله- أنه كان لهم دين و كتاب و أنه وقع ملك منه على أخته فرفع كتابهم -و الله أعلم بهذا- و المجوس هم الذين يعبدون النار يقال لهم مجوس هم عباد النار و هم ملحقون بأهل الكتاب في أخذ الجزية و لهذا بين الله تعالى في كتابه العظيم أن أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية في قوله قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

 فأهل الكتاب من اليهود و النصارى يخيرون بين الإسلام أو الجزية أو السيف و أما سائر الكفرة من المشركين و الوثنيين و غيرهم فيخيرون بين شيئين بين الإسلام أو السيف لأن أهل الكتاب خف كفرهم من كان لهم كتاب صارت لهم أحكام خاصة و صار يحل نكاح نسائهم و تحل ذبائحهم قال تعالى وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ  وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ  يعني حل لكم.

 أما المجوس فإنهم يلحقون بأهل الكتاب في أخذ الجزية كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال سنو بهم سنة أهل الكتاب و يقال: أن لهم شبهة الكتاب و أن لهم كتاب رفع -فالله أعلم- فهم ملحقون بأهل الكتاب في أخذ الجزية لكن ليسوا ملحقون في أهل الكتاب في الأحكام الأخرى في حل نسائهم و ذبائحهم.

و هذا الأثر يعني لا يظهر مراد المؤلف -رحمه الله- إلا من جهة أن أهل البدع قد توصلهم بدعتهم إلى الكفر و قد يصلون فينتقل من بدعته فالشيطان يتقرب من الإنسان ينتقل من البدعة إلى الكفر إلى اليهودي أو النصرانية أو  المجوسية فيكون من المجوس .

( متن )

و قال الحسن: (لا يزال هذا الدين متينا ما لم تقع الأهواء في السلطان هم الذين يدينون الناس فإذا وقع فيهم فمن يدينهم) .

( شرح )

و قال الحسن البصري -رحمه الله- لا يزال هذا الدين متينا يعني قويا ما لم تقع الأهواء في السلطان الأهواء البدع فيه التحذير من البدع و أن البدع تضعف الدين تضعف الإيمان تنقص الإيمان و إذا كانت البدعة مكفرة فإنها تقضي الإيمان فلا يزال هذا الدين متيا قويا حتى تقع الأهواء و البدع فيضعف الدين إذا وقعت له في السلطان لأن الناس على دين ملوكهم الناس على دين ملوكهم و لهذا قال هم الذين يدينون الناس قإذا وقع فيهم فمن يدينهم.

 فهذا فيه التحذير من البدع و أنها تضعف الدين وإذا وقعت في السلاطين صاروا يجبرون الناس على البدع كما حصل للمأمون الخليفة المأمون العباسي فإنه اعتنق بدعة القول بخلق القرآن و حمل الناس على ذلك و أجبر العلماء على القول بها و من لم يقل بخلق القران زج في السجون و سجن الإمام أحمد -رحمه الله- و ضرب على هذه البدعة أن يقول بخلق القرآن فامتنع و صبر صار شامخا كالجبل لا يتزحزح حتى أذن الله بانتهاء المحنة وجاء المتوكل فأظهر السنة و أذهب البدعة فالإمام أحمد رحمه الله ثبته الله و صار إماما لأهل السنة و الجماعة و من العلماء من تأول و لهم رخصة في هذا لأنهم أكرهوا على هذا بالسجن و الضرب و القتل فإذا اعتنق السلطان البدعة حمل الناس عليها و هذا من البلاء و المصائب نسأل الله السلامة و العافية .

( متن )

و قال ابن مسعود : إذا وقع الناس في الشر فقل لا أسوة لي في الشر ليوطن المرء نفسه على أنه إن كفر الناس كلهم لن يكفر .

( شرح )

و قال ابن مسعود إذا وقع الناس في الشر فقل لا أسوة لي في الشر يعني لا أتأسى بأهل الشر و إنما أتأسى بأهل الخير بأهل السنة و الجماعة و أهل البدعة أهل شر أهل البدعة أهل الشر فإذا وقع الناس في البدعة و الشر فلا تتأسَ بهم و لكن تأسى بالرسول عليه الصلاة و السلام و الصحابة و التابعين و الأئمة و أهل السنة و الجماعة كما قال الله تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ فلا أسوة في الشر و في أهل الشر و أهل البدع و لهذا قال ابن مسعود إذا وقع الناس في الشر فقل لا أسوة لي في الشر ليوطن المرء نفسه على أنه إذا كفر الناس كلهم لم يكفر يوطن الإنسان نفسه أنه عبد لله مأمور بالعمل بالكتاب و السنة و لو كفر الناس كلهم فيوطن الإنسان نفسه على أنه إذا كفر الناس كلهم لم يكفر  وإن ابتدعوا لن يبتدع و إن عصوا لن يعصي.

 و هذا فيه التحذير من البدع و التحذير من اتباع الناس بعض الناس إمعة يتبع كل ماعق إذا رأى الناس كفروا كفر -و العياذ بالله- إذا رأى الناس ابتدعوا ابتدع و إذا رأى الناس عصوا عصى مع الناس إمعة لا تقلد دينك الرجال و لا تكون إمعة بل وطن نفسك على أن تعمل بالكتاب و السنة و لا تتأسَ بالأشرار و لا أهل البدع .

( متن )

و قال عمر بن الخطاب : لسويد بن غفلة: إنك لعلك أن تخلف بعدي فأطع الأمير و إن كان عبدا مجدعا إن ظلمك فاصبر و إن حرمك فاصبر و إن أرادك على أمر ينقض دينك فقل دمي دون ديني.

( شرح )

 و هذا المقالة لعمر بن الخطاب لسويد بن غفلة الجعفي قال إنك لعلك أن تخلف بعدي فأطع الأمير و إن كان عبدا مجدعا , مجدعا يعني مجدع الأطراف مقطوع الأنف أو الأذن أو اليد أو الرجل و المعنى أنه يجب طاعة ولاة الأمور و في طاعة الله و في الأمور المباحة و لو كان عبدا حبشيا كما في الحديث الآخر فقال عمر بن الخطاب كما في الحديث الآخر حديث أبي ذر أن النبي ﷺ قال اسمع وأطع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف و في الحديث الآخر أن أبا ذر قال: (أمرني خليلي أن اسمع و أطيع و إن كان عبدا حبشيا) و في لفظ: (و لو لحبشي مجدع الأطراف).

و المعنى أنه تثبت الولاية لولي الأمر إذا غلب الناس بسيفه وسلطانه وجب له السمع و الطاعة و التثبت الولاية لولي الأمر باختيار أهل الحل و العقد كما اختار الصحابة الصديق و كما اختاروا عثمان و عليا أهل الحل و العقد و تثبت بولاية العهد من الأمير السابق أو الخليفة السابق كما ثبتت الخلافة لعمر بولاية العهد من أبي بكر الصديق و تثبت الخلافة بالقوة و الغلبة إذا غلب الناس بقوته وسلطانه و سيفه وجب السمع له و الطاعة كما في هذا الحديث ( أمرني خليلي أن أسمع و أطيع  و إن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف ) و في لفظ ( و لو لحبشي كأن رأسه زبيبة ) تثبت له الخلافة أما إذا كان بالاختيار و الانتخاب من أهل الحل و العقد فإنهم يختارون من تتوفر فيه الشروط كما اختار من قريش إذا وجد فيهم من هو أهل لذلك كما في الصحيحين لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان لكن بقيد ما أقاموا الدين فإذا وجد من يقيم الدين والاختيار والانتخاب للمسلمين، وجب السمع له و الطاعة و إذا لم وجد من يقيم الدين يختار من غيرهم فإذا غلب الناس بسيف و قوته و سلطانه وجب السمع له و الطاعة لكن في المعروف إنما الطاعة في المعروف لا يطاع في المعاصي و لا يطاع في ما يخالف شرع الله إنما يطاع في طاعة الله و رسوله و يطاع في الأمور المباحة , إنما الطاعة بالمعروف 

عمر بن الخطاب أوصى أبا شريك أن يعمل بهذه النصوص فقال له إنك لعلك أن تخلف بعدي فأطع الأمير و إن كان عبدا مجدعا يعني إذا غلب الأمير بسيفه و سلطانه وجب السمع له والطاعة تثبت له الخلافة و إن كان عبدا مجدع الأطراف و عليك أن تصبر إن ظلمك فاصبر -و في اللفظ الآخر- و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك إن ظلمك اصبر و لا تخرج عن ولي الأمر و لا تقاتله و لا تؤلب الناس عليه و لو كنت مظلوما لأن هذا تترتب عليه مفاسد هذه مفسدة صحيح مفسدة كونه ظلمك و ضرب ظهرك و أخذ مالك هذه مفسدة لكن مفسدة الخروج على ولي الأمر أعظم تترتب عليها إراقة الدماء و اختلال الأمن و تربص الدوائر و اختلال الحياة الناس إلى غير ذلك من الفتن التي تأتي على الأخضر و اليابس و لهذا قال أطع الأمير و إن كان عبدا مجدعا إن ظلمك فاصبر و إن حرمك فاصبر أيضا حرمك يعني أخذ مالك أو حرمك من حقك أو ظلمك بأخذ مالك و بضرب ظهرك.

و إن أرادك على أمر ينقض دينك فقل دمي دون ديني يعني لا توافقه على أمر ينقض دينك لا توافقه على الكفر و لا على المعاصي و اصبر حتى لو قتلت فدين الإنسان مقدم على ماله لكن المكره له رخصة إذا أكره على كلمة الكفر أكره من الإمام إذا كان الإكراه ملجم فهذا عذره الله قال الله تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ و هذا و إن لم يكن فيه كلام في البدع لكن عام وصية عمر عامة اصبر على ولي الأمر و لو حصل منه معصية أو حصلت منه بدعة لكن لا توافق على فعل المعاصي و لا على فعل البدع لا تفعل المعاصي و لا تطع في فعل البدع و لا في فعل المعاصي .

( متن )

و قال مطرف بن عبد الله: ( من بذل دينه دون ماله أورثه الله الفقر و حشره يوم القيامة فيمن حمل الراية بين يدي إبليس إلى جهنم) .

( شرح )

لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا من مقالة مطرف بن عبد الله بن الشِّخِّيرِ الإمام التابعي المعروف يقول مطرف بن عبد الله: (من بذل دينه دون ماله أورثه الله الفق) يعني قدم المال على الدين و أخذ المال و دفع دينه مقابل طلب منه أن يترك طلب منه الكفر فأخذ المال يعني دفع دينه و هو الإسلام و أخذ المال أو طلب منه بدعة أو طلب منه معصية فمن بذل دينه دون ماله يعني قدم المال على الدين أورثه الله الفقر و حشره يوم القيامة فيمن يحمل الراية بين يدي إبليس إلى جهنم، هذا إذا بدل دينه بالكفر فلا شك أنه كافر أما إذا بذل دينه يعني فيما فعل المعصية فيما دون الشرك و فيما دون الكفر فإنه يكون ضعيف الإيمان و ناقص الإيمان إذا لم يستحل هذه الكبيرة.

 و فيه التحذير من البدع و من الكبائر البدع فإذا كانت بدعة مكفرة و بذل ماله دون دينه فله هذا الحكم أنه يورثه الله الفقر و يحشر يوم القيامة مع إبليس إلى جهنم -نعوذ بالله- الكفرة إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا و إن كانت البدعة غير مكفرة و دون الشرك فهو ضعيف الإيمان و هو على خطر  .

( متن )

و قال الفضيل بن عياض (أوثق عرى الإسلام الحب في الله والبغض في الله) .

( شرح )

صدق -رحمه الله- هذا لفظ حديث أوثق عرى الإيمان الحب في الله و البغض في الله و معنى الحب في الله أن تحب ما يحبه الله من شخص أو فعل أو حكم، حب ما يحبه الله من شخص تحب الشخص المستقيم على طاعة الله الذي يؤدي فرائض الله و يبتعد عن محارم الله و يبتعد عن البدع و يستقيم على دينه تحبه و لو كان بعيدا و لو لم يكن من قبيلتك و لو لم يكن من قرابتك و لو لم يكن من أهل بلدك و لو كان أعجميا و أنت عربي تحبه لدينه و لاستقامته هذا هو الحب في الله، و تبغض الإنسان إذا كان منحرفا تبغض الكافر لكفره و الفاسق لفسقه و المبتدع لبدعته و لو كان أخاك من أبيك و أمك و لو كان أقرب الناس إليك و لو كان أباك لا تحبه لدينه و لكن تعامل الوالدين و لو كانا كافرين تعاملهم معاملة حسنة تحسن إليهما ، كما قال الله تعالى في الوالدين الكافرين وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا تصاحب الوالد و تحسن إليه و تنفق إليه و تتلطف معه و إن كان عدوا لك من جهة الدين و إن كنت تبغضه من جهة دينه و كذلك الأخ.

هذا هو الحب في الله والبغض في الله، يحب ما يحبه الاسلام من فعل أو شخص أو حكم أو أحكام شرعية و أفعال التي شرعها الله و الأشخاص حب الأبرار و المتقين و المستقيمين و لو كانوا أبعد الناس منك نسبا و تبغض الأشرار و الفساق و العصاة و لو كانا من أقربائك هذا هو الحب في الله و البغض في الله.

و من ذلك بغض أهل البدع من الحب في الله و البغض في الله تبغض أهل البدع و لو كانوا أقرباءك و تبتعد عنهم و تحذر منهم و من الإصغاء إلى بدعتهم .

( متن )

و قال فضيل: ( صاحب بدعة لا تأمنه على دينك و لا تشاوره في أمرك و لا تجلس إليه فإنه من جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى) .

( شرح )

نسأل الله العافية، و هذه من مقالة فضيل بن عياض -رحمه الله- يقول صاحب البدعة لا تأمنه على دينك لا يأمن لأن عنده نوع من الخيانة إذا كانت بدعته مكفرة فهو خائن فلا يؤمن من خان الله فلم يلتزم بعقد الإسلام و الإيمان فلا يؤمن، و إذا كانت بدعته لا تكفر فهو ضعيف الإيمان و ناقص الإيمان فلا يؤمن صاحب البدعة لا تأمنه على دينك و لا تشاوره في أمرك ليس أهلا للمشورة لأنه غير مؤتمن و لا تجلس إليه فإن الجلوس إليه يضرك و يؤثر عليك إلا على وجه النصيحة و الدعوة إلى التزام السنة و البعد عن البدعة و هو يستفيد هذا مطلوب أما أن تجلس إليه مداهنة هذا ممنوع لهذا قال لا تجلس إليه لأنه من جلس إلى صاحب بدعة أورثه الله العمى , العمى في بصيرته يعني لأن المعاصي و البدع نوع من العمى و العمى الكامل الكفر و –العياذ- بالله الكفر عمى كامل و المعاصي و البدع نوع من العمى .

( متن )

و قال الفضيل: (نظر المؤمن إلى المؤمن جلاء القلب و نظر الرجل إلى صاحب البدعة يورثه العمى يعني في قلبه) .

( شرح )

جلاء بكسر الجيم الفضيل يقول نظر المؤمن إلى المؤمن جلاء القلب يعني يجلوه عما علق به من مخالطة الأشرار و أهل المعاصي فإذا نظرت مؤمن فإن هذا يجلي قلبك لأنك تألفه و تستفيد منه و تقتدي به أما نظر الرجل إلى صاحب البدعة فإنه يورث العمى عمى البصيرة لأن المعاصي تعمي القلب شيئا فشيء حتى يصل الإنسان إلى الكفر -و العياذ بالله- فهي تورث العمى في قلبه في قوله لأنها تورث ضعف الإيمان و بخس الإيمان و إذا كانت البدعة مكفرة أورثته عمى كامل -و العياذ بالله- فيه التحذير من البدع .

( متن )

وكان الفضيل يقول: (اسلك حياة طيبة الإسلام و السنة ).

( شرح )

نعم صدق -رحمه الله- , الحياة الطيبة هي من سلك سبيل الإسلام و السنة بأن عمل الصالحات وحد الله و أخلص له العبادة و أدى الفرائض و ابتعد عن المحارم و استقام على الدين فإن الله يحيه حياة طيبة كما قال سبحانه  مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

فالحياة الطيبة بلإيمان و العمل الصالح و لزوم السنة و البعد عن أسباب الشر من البدع و المحدثات في الدين .

( متن )

و قال مجاهد في قول الله   فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً قال: حسن الرأي يعني السنة .

( شرح )

و هذا في تفسير الحياة الطيبة تفسير ببعضها و المعنى أن من الحياة الطيبة حسن الرأي و لزوم السنة هذا من الحياة الطيبة و الحياة الطيبة و الطمأنينة التي تكون في قلب المؤمن و الاطمئنان و الرضا و الراحة التي يجدها بسبب توحيده و إخلاصه العبادة لله و أدائه حقها و الانتهاء عن محارمه يجد لذة و نعيما و سرورا في قبله فتكون حياته طيبة حتى لو كان مسكينا ولو كان معذبا و لو كان ما عنده و لو كان يؤذى لكن تكون الأذية في جسده و لكن قلبه يحيى حياة طيبة بسبب المطأنينة لما هو عليه مطمئن أنه على الحق مطمئن أنه من المؤمنين و أنه مستقيم على شرع الله و دينه و لو كان مسجونا فهو يحيى حياة طيبة بقلبه وطمأنينته و راحته النفسية .

( متن )

و قال الفضيل (طوبى لمن مات على الإسلام و السنة ثم بكى الفضيل على زمان تظهر فيه البدعة فإذا كان ذلك فأكثروا من قول ماشاء الله) .

( شرح )

قال الفضيل: طوبى لمن مات على الإسلام طوبى الجنة الطوبى اسم للجنة أو اسم للشجرة في الجنة طوبى لمن مات على الإسلام و السنة يعني هنيئا لمن مات على الإسلام و السنة و الذي على الإسلام و السنة هو الذي يكون بعيدا عن البدع و الإحداث في الدين.  و فيه التحذير من البدع لأن من مات على البدع لم يمت على الإسلام و السنة و إنما مات على البدعة.

ثم بكى الفضيل -رحمه الله- على زمان تظهر فيه البدع فإذا كان ذلك فأكثروا من قول ماشاء الله يعني تكملتها (ما شاء الله لا قوة إلا بالله , لا حول و لا قوة إلا بالله و ماشاء الله لا قوة إلا بالله) يعني أن الله تعالى قدر ذلك لحكمة ماشاء الله و لا قوة إلا بالله و لا تحول من حال إلى حال إلا بمعونة الله تحول الإنسان من البدعة إلى السنة بمشيئة الله و بقوته و إعانته لا حول و لا قوة إلا بالله.

و لهذا ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ جاء إلى موسى الأشعري و هو يقول لا حول و لا قوة إلا بالله فقال له النبي ﷺ يا أبا موسى ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله قال: لا حول و لا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة، و شرع لمن سمع المنادي المؤذن وهو يقول: (حي على الصلاة حي على الفلاح) أن يقول لا حول و لا قوة إلا بالله لأن المؤذن يدعوك يقول حي على الصلاة أقبل على الصلاة فأنت تجيب تقول لا حول لي و لا قوة على إجابة دعوتك إلا بمعونة الله و توفيقه , حي على الفلاح لا حول و لا قوة إلا بالله لا تحول لي من حال إلى حال لا تحول للإنسان من المعصية إلى الطاعة و من البدعة إلى السنة و من ترك الأمر إلى فعل الأمر إلا بمعونة الله و توفيقه لا حول و لا قوة إلا بالله.

فإذا ظهرت البدع فعلى الإنسان أن يقول لا حول و لا قوة إلا بالله ما شاء الله لا قوة إلا بالله آمنت بالله و رسله و يسأل الله الثبات على دينه .

( متن )

و قال الفضيل: ( من جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة) .

( شرح )

لا شك أن أهل البدع بعيدون عن الحكمة و الحكمة هي العلم النافع هذه الحكمة المأخوذة من الكتاب و السنة و أهل البدع ليس عندهم علم نافع ابتعدوا عن العلم النافع حيث غيروا و بدلوا اعتنقوا البدع فلم يعطوا الحكمة العلم النافع بل عندهم البدع التي تضاد العلم النافع عندهم دعاوى و شبه و شكوك تنافي العلم , العلم النافع ينشأ من لزوم السنة من لزم السنة و عمل بالكتاب فقد آتاه الله الحكمة فهو مغبوط وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا و هو العلم النافع المأخوذ من الكتاب و السنة و أما أهل البدع تنكبوا الصراط المستقيم و خالفوا الكتاب و السنة و ابتدعوا في دين الله ما ليس منه فلم يعطوا الحكمة .

( متن )

و قال الفضيل: (لا تجلس مع صاحب بدعة فإني أخشى عليك اللعنة) .

( شرح )

كذلك هذه المقالة و هذا الأثر لفضيل بن عياض يقول لا تجلس مع أصحاب البدع فإني  أخشى عليك اللعنة و هي الضرد و الإبعاد من رحمة الله و ذلك لأن صاحب البدعة مرتكب للكبيرة و أهل الكبائر و المعاصي التي ليست من البدع لعن أصحابها لعن الله شارب الخمر لعن الله السارق و تقطع يده و لعن الله آكل الربا و موكله و شاهديه فالعصاة ملعونون و هم فعلوا الكبائر التي ليست بدع فصاحب البدعة من باب أولى ملعون لأن ذنبه أعظم من ذنب صاحب الكبيرة فأعظم من ذنب الزاني و السارق و شارب الخمر لأن هؤلاء على كبائر و هم يعلمون أنهم عصاة فيرجى أن يتوبوا أما صاحب البدعة فيعتقد أنه على حق فلا يتوب فذنبه أعظم من ذنب , صاحب البدعة ذنبه أعظم من ذنب صاحب الكبيرة فإذا كان صاحب الكبيرة ملعون فصاحب البدعة من باب أولى.

و لهذا قال الفضيل رحمه الله لا تجلس مع صاحب بدعة فإني أخشى عليك اللعنة أن تنزل اللعنة عليه و أنت معه فيصيبك ما أصابه و هذا فيه التحذير من أهل البدع .

( متن )

و قال الفضيل: ( من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام) .

( شرح )

و هذا الأثر أيضا يقول من وقر صاحب بدعة يعني من احترمه و قدره و بجله و عظمه فقد أعان على هدم الإسلام لأنه لا يبجل و إنما ينصح فإن لم يقبل النصيحة فإنه يهجر و يبتعد عنه و لا يقدر و لا كرامة له لا كرامة لصاحب البدعة و لا تبجيل و لا تعظيم بل هو محتقر إذا لم يقبل النصيحة و استمر على بدعته فلا يوقر فمن يوقره فقد أعانه على هدم الإسلام لأنه شارك في إظهار البدع و إخفاء السنن و هذا من هدم الإسلام توقير صاحب البدعة و تعظيمه و تبجيله و احترامه إعانة له على باطله و إعانة له على نشر البدع و إذا انتشرت البدع خفيت السنن و هذا نوع من هدم الإسلام و لهذا قال فضيل هذه المقالة رحمه الله .

( متن )

و قال فضيل: ( إن لله عبادا أحيا بهم البلاد و هم أصحاب السنة من كان منهم يعقل ما يدخل جوفة و من كان كذلك كان في حزب الله ) .

( شرح )

يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله- إن لله عبادا تحيا بهم البلاد و هم أصحاب السنة الذين يلزمون السنة و يستقيمون عليها فلا شك أنهم تحيا بهم البلاد حيث إنهم يظهرون السنن و ينشرونها بين الناس و يدعون إليها فتحيا بهم البلاد و العباد و من ذلك من كان منهم يعقل ما يدخل في جوفه يعني يبتعد عن الحرام و المتشابه فلا يأكل الربا و لا يأكل الرشوة و لا يجحد حقوق الناس ولا يُنَفِق سلعته بالحلف الكاذب و لا يسرق و لا ينهب المال بغير حق و لا يغش و لا يخادع لأنه إذا فعل ذلك فقد أكل الحرام و أدخل إلى جوفه الحرام عن طريق الربا أو السرقة أو الغش أو الخداع وتنفيق السلعة  بالحلف الكاذب فالذي يتجنب هذه الأشياء و يعقل ما يدخل في جوفه فهو من أصحاب السنة الذين تحيا بهم البلاد و من كان كذلك فهو من حزب الله و حزب الله كما قال الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

( متن )

و قال الفضيل: (من اتبع جنازة مبتدع لم يزل في سخط الله حتى يرجع) .

( شرح )

نعم لأنه إذا اتبع جنازة مبتدع فهذا فيه نشر لهذه البدع و إقرار له عليها و بالتالي يقتدي به الناس و يقتدي به العوام فيظنون أن صاحب هذه البدعة على حق فلولا أنه على حق لم تبع جنازته فلان لأن اتباع فلان لجنازته تأييد له على بدعته و إقرار له عليها و هذا فيه مخالفة للشرع و ارتكاب لكبيرة و لهذا قال فضيل: (لم يزل في سخط الله) بسبب إقراره للبدع فيقتدي به الناس و يظنون أن هذا الميت الذي تبعه فلان إنما هو على حق فتنتشر البدع و تختفي السنن .

( متن )

و قال سفيان بن عيينة لرجل:( من أين جئت قال من جنازة فلان ابن فلان قال لا حدثتك بحديث استغفر الله و لا تعد نظرت إلى رجل يبغض أصحاب رسول الله ﷺ فاتبعت جنازته) .

( شرح )

سفيان بن عيينة بن عمران الهلالي الإمام المشهور قال لرجل: من أين جئت قال: من جنازة فلان ابن فلان و كان هذا الميت مبتدعا يبغض الصحابة فاتبع جنازته فهجره سفيان فقال: لا حدثتك بحديث استغفر الله و لا تعد أن تتبع جنازة مبتدع يبغض أصحاب رسول الله ﷺ قال نظرت إلى رجل يبغض أصحاب رسول الله ﷺ فاتبعت جنازته! لأن هذا فيه تأييد له و إقرار له على بدعته و بالتالي يظن الناس و العوام أنه على حق و أن ما يعتنقه من بغض أصحاب رسول الله ﷺ و ثلبهم و نشر مساوئهم أن هذا محمود و لهذا هجره و نصحه , سفيان هجر هذا الرجل الذي تبع جنازة من يبغض أصحاب رسول الله ﷺ هجره و قال لا حدثتك بحديث و نصحه بقول استغفر الله و لا تعد فدل على أنه لا يجوز تشجيع أهل المعاصي و لا إقرارهم على بدعهم و لا اتباع جنازتهم و لا عيادة مرضاهم حتى يتوبوا فالواجب هجرهم و البعد عنهم .

( متن )

و قال هارون بن زياد سمعت التريابي و رجل يسأله عمن شتم أبا بكر قال :كافر قال: فنصلي عليه قال: لا ، فسألته كيف نصنع به و هو يقول (لا إله إلا الله) قال: لا تمسوه بأيديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته .

( شرح )

و هذه المقالة من هارون بن زياد يقول سمعت التريابي محمد بن يوسف بن واقل بن عثمان التريابي الثقة الفاضل المعروف و قد سئل عن رجل يسأله عمن شتم أبا بكر قال كافر , فيه أنه كفر من شتم أبا بكر لأن أبو بكر هو الصديق الأكبر و هو أفضل الناس بعد الأنبياء بإجماع أهل السنة و الجماعة فمن شتم أبا بكر فهذا يدل على بغض في قلبه و نفاق لولا نفاقه و بغضه لما شتم أبا بكر و لهذا يقول الإمام أحمد أن من شتم الشيخين أبو بكر و عمر فإنه كافر و روي عن الإمام أحمد و كذلك من شتم و سب الخلفاء الراشدين الأربعة أما من سب غيرهم الواحد أو الاثنين أو معاوية و غيره فهذا يفسق و لا يكفر لكن من سب الصحابة كلهم أو كفرهم أو شتمهم أو سب الشيخين أبا بكر و عمر أو الخلفاء الراشدين فهذا يكفر كما قال التريابي رحمه الله فقد كفر من شتم أبا بك.

ر قال هارون ابن زياد سمعت التريابي و رجل يسأله عمن شتم أبا بكر قال كافر قال فنصلي عليه قال لا , الكافر لا يصلى عليه و قال الله تعالى وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ثم ذكر العلة فقال إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فدل على أن من كفر بالله و رسوله فلا يصلى عليه و من لم يكفر بالله و رسوله فإنه يصلى عليه كالفاسق و العاصي و المبتدع يصلى عليه و قد لا يصلى على بعضهم أعيان الناس من الوجهاء و من العلماء و الأمراء و غيرهم يتأخرون عن الصلاة على أصحاب البدع كما كان الرسول ﷺ في بادئ الأمر لا يصلي على من عليه دين و كما جاء أنه لا يصلي على قاتل نفسه و لا على الغال و ما أشبه ذلك تحذيرا للأحياء لا يصلى عليه الأعيان و الوجهاء و العلماء لكن يصلي عليه الناس أما الكافر لا يصلى عليه.

و لهذا التريابي كفر من شتم أبا بكر و لما سأله قال أنصلي عليه؟ قال لا قال فسألته كيف نصنع به  و هو يقول لا إله إلا الله يعني أنه لا يفيده قول لا إله إلا الله إذا قال الإنسان لا إله إلا الله ثم فعل مكفرا انتقض إذا قال لا إله إلا الله ثم سب الصحابة أو شتم أبا بكر و عمر انتقضت لا إله إلا الله انتقضت و بطلت و من قال لا إله إلا الله ثم سجد للصنم انتقضت لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله ثم دعا غير الله و ذبح لغير الله بطلت مثل الإنسان الذي توضأ و أحسن الوضوء و تطهر و أحسن الطهارة ثم خرج منه بول أو غائط أو ريح أين ذهبت الطهارة بطلت الطهارة بالناقض و كذلك التوحيد إذا قال لا إله إلا الله ثم سجد للصنم أو سب الله أو كتابه أو رسوله أو أنكر أمرا معلوماً في الدين بالضرورة أو قال الصلاة غير واجبة أو شتم الصحابة أو شتم أبا بكر بطلت كلمة التوحيد و صار كافرا و لهذا قال أنصلي عليه؟ قال: لا،  فسألته كيف نصنع به و هو يقول (لا إله إلا الله) بين له أنها لا تفيده لأنها انتقضت عليه و بطلت و لهذا قال لا تمسوه بأيديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته لأنه نجس ليس له حرمة مثل جثة الحمار أو الكلب يسحب و يدفن في حفرة حتى لا يتأذى الناس من رائحته ليس له حرمة بخلاف المسلم المؤمن فإنه يغسل و يصلى عليه و يكفن و يدفن في مقابر المسلمين أما الكافر فليس له حرمة بل ترمى جيفته كجيفة الحمار أو الكلب و تدفن حتى لا يتأذى الناس برائحته و لهذا قال لا تمسوه بأيديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته لأنه لا حرمة له نعوذ بالله.

فهذا فيه التحذير من البدع و الكفر و التحذير من سب الصحابة و شتمهم و لا سيما الصديق الأكبر و عمر و الخلفاء الراشدين .

( متن )

و قال محمد بن بشار: (قلت لعبد الرحمن بن مهدي: أحضر جنازة من سب أصحاب رسول الله ﷺ؟ فقال: لو كان من عصبتي ما ورثته) .

( شرح )

و هذه المقالة و هي لمحمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري و هو من رجال الأئمة من الرجال الستة قال لعبد الرحمن بن مهدي الإمام المشهور كلهم علماء و التلميذ عالم كبير من رجال الأئمة الستة البخاري و مسلم و وأبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة، و عبد الرحمن بن مهدي إمام مشهور معروف حافظ من النقاد قال له أحضر جنازة من سب أصحاب رسول الله ﷺ؟ فقال لو كان من عصبتي ما ورثته.

فهذا دليل على أن عبد الرحمن بن مهدي يكفر من سب أصحاب النبي ﷺ لأن من سبهم و كفرهم و فسقهم فقد كذب الله لأن الله زكاهم و عدلهم و وعدهم بالجنة فالذي يسبهم و يكذبهم مكذب لله و من كذب الله كفر و لأنهم نقلة الدين و حملة الشريعة فإذا سب الصحابة و فسقوا ما صار هناك وثوق بالدين كيف نثق بدين حملته كفرة أو فساق و يسبون و يشتمون من الذي نقل لنا القرآن الصحابة و من الذي نقل لنا السنة الصحابة فإذا كانوا كفارا أو فساقا كيف يوثق بدين نقله كفار أو فساق يستحقون السب نسأل الله السلامة و العافية.

و لهذا كفر عبد الرحمن ابن مهدي من سب أصحاب النبي ﷺ و قال لو كان من عصبتي ما ورثته لماذا لأنه كافر و أنا مسلم و قال النبي ﷺ لا يرث مسلم كافر ولا كافر مسلم فيقول أنا مسلم و هذا الذي سب أصحاب رسول الله ﷺ لو كان من عصبتي ما ورثته لأن المسلم لا يرث الكافر و الكافر لا يرث المسلم فهذا دليل على أن عبد الرحمن بن مهدي الإمام المشهور يكفر من سب أصحاب النبي ﷺ.

ففيه التحذير من بدعة الروافض الذين يسبون أصحاب النبي ﷺ و يكذبونهم و يفسقونهم .

( متن )

و قال أبو بكر بن عياش: ( لا أصلي على رافضي و لا حروري لأن الرافضي يجعل عمر كافرا و الحروري يجعل عليا كافرا) .

( شرح )

و هذا الأثر عن أبي بكر بن عياش بن سالم الأسدي و هو ثقة عابد يقول لا أصلي على رافضي و الرافضي هو الذي على مذهب الرافضة و الرافضة هم الذين يكفرون الصحابة و يفسقونهم و يزعمون أنهم يحبون أهل البيت و يغلون و يعبدون أهل البيت , أهل البيت يغلون في حبهم حتى يعبدونهم من دون الله و الصحابة يكفرونهم و يفسقونهم حتى يجعلونهم كفرة فسقة يقول أبو بكر بن عياش لا أصلي على رافضي ليش ؟ لأنه كافر.

و لا حروري و الحروري الخارجي من الخوراج  و هم سموا الحرورية نسبة إلى بلدة تسمى حرورة قرب العراق تجمع فيها الخوارج فصاروا بالنسبة لغيرهم يقال لهم الحرورية و يقال للواحد الحروري و لما جاءوا و هو معروف عنهم أنهم يعترضون و لا يعملون بالسنة و لما جاءت امرأة لعائشة رضي الله عنها تسأل لكنها ما عرفت السؤال فقالت ما بال الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة فهمت أنها معترضة فقالت أحرورية أنتِ , أنتِ من الخوراج قالت لا لست بحرورية و لكني أسأل لأنها ما عرفت تسأل قالت لماذا الحائض تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة كأنها معترضة لأن الخوارج يعترضون على السنن.

فأبو بكر بن عياش يكفر الرافضي و الخارجي، قال: أما الرافضي فلأنه يكفر عمر فأنا أكفره و أما الحروري فإنه يكفر علياً فأنا أكفره الخوارج الآن الرافضة يكفرون الصحابة و يعبدون آل البيت و الخوارج ينصبون العداوة لآل البيت و يكفرون علياً، الرافضة يعبدون آل البيت و الخوارج يكفرون آل البيت و يعادون آل البيت و منهم علي يكفرونه على طرفي نقيض الروافض يعبدون علي و الخوارج يكفرون علي فيقول أبو بكر بن عياش لا أصلي على رافضي و لا حروري خارجي لأن الرافضي يكفر عمر و لأن الحروري يكفر عليا فلا أصلي على واحد منهم فيه التحذير من بدعة الخوراج و بدعة الروافض .

( متن )

و قال طلحة بن مصرف: ( الرافضة لا تنكح نساؤهم و لا تؤكل ذبائحهم لأنهم أهل ردة) .

( شرح )

و هذه المقالة لطلحة بن مصرف فيه دليل على أنه يرى كفر الرافضة فقال لا تنكح نساؤهم لأنهم كفرة وثنيون أشد من اليهود و النصارى لأن اليهود و النصارى تنكح نسائهم قال الله تعالى وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ و الوثني المشرك لا تحل نساؤهم و لا تؤكل ذبائحهم فدل على أنه يرى أن الرافضة أشد كفرا من أهل الكتاب لأن أهل الكتاب خف كفرهم فحلت ذبائحهم و حل نكاح نسائهم، و أما الوثنيون لأن كفرهم غليظ فلا تحل نساؤهم و لا ذبائحهم و الرافضة جعلهم من أهل الكفر الغليظ الوثنيين و لم يجعلهم من أهل الكفر الخفيف فقال الرافضة لا تنكح نساؤهم و لا تؤكل ذباؤحهم بخلاف اليهود و النصارى فإنها تؤكل ذبائحهم و تنكح نسائهم أما الرافضة فلا تنكح نسأؤهم و لا تؤكل ذبائحهم لأنهم أهل ردة و هذا تصريح بأنهم مرتدون .

الطالب/(50:3)

 الشيخ: الرافضة نوع واحد ليس أنواع، الشيعة، طبقات فيها الزيدية وفيها الغرابية وفيها كذا  وفيها المخطئة الذين يخطئون جبريل وفيها الرافضة، لكن الرافضة رافضة واحدة.

الطالب: ( 51:8)

 الشيعة اسم عام يشمل طوائف متعددة و الرافضة طائفة واحدة من طوائف الشيعة الرافضة طائفة من طوائف الشيعة كما لو قسمت الناس إلى أقسام قسمت مثلا قلت أهل السنة أربعة أقسام مالكية و شافعية و حنابلة و وأحناف، كلمة أهل السنة هذا عام ، تحته كم هؤلاء أربعة أقسام، و الشيعة عام تحته كم؟ أربع و عشرون طبقة أربع عشرون فرقة و الرافضة فرقة من الفرق فالذي يعتقد هذا يكفر الصحابة و يعبد آل البيت و يزعم أن القرآن طار الثلث ولم يبقَ إلا الثلث، هذا كفر و ردة الذي يعبد آل البيت و يتوسل بهم هذا كفر و الذي يكفر الصحابة كفر لأنه مكذب بالله و الذي يقول أن القرآن غير محفوظ و لم يبقى إلا الثلث كافر لأنه مكذب لله في قوله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فمن كان يعتقد هذا الاعتقاد فهو كافر و من كان يتبرأ من هذه الاعتقادات و لا يسب الصحابة و لا آل البيت و يصدق الله أن القرآن محفوظ فليس منهم .

( متن )

و قيل للحسن: (إن فلانا غسل رجلا من أهل الأهواء فقال عرفوه أنه لو مات لم نصل عليه) .

( شرح )

و هذا الأثر للحسن البصري -رحمه الله- فيه التحذير من أهل البدع و أن أهل البدع لا يغسلون و لا تتبع جنائزهم تحذيرا للأحياء حتى لا يفعلوا مثل فعلهم فلما قيل إن فلانا غسل رجلا من أهل البدع فقال عرفوه أنه لو مات لن نصلي عليه تعزيرا له و هذا فيه التحذير من أهل البدع و أنه لا تتبع جنائزهم و لا يصلى عليهم و لا يغسلون .

( متن )

و نظر ابن سيرين إلى رجل من أصحابه في بعض محال البصرة فقال له: يا فلان ما تصنع هاهنا؟ فقال:  عدت فلان من علة يعني رجلا من أهل الأهواء فقال له ابن سيرين إن مرضت لن نعدك و إن مت لن نصلي عليك إلا أن تتوب قال: تبت .

( شرح )

هذا ابن سيرين رحمه الله نظر إلى رجل من أصحابه في بعض محال البصرة فسأله قال: يا فلان ما تصنع هاهنا؟ قال: عدت فلانا من علة عدت مريضا و هو من أهل البدع عاد مريضا من أهل البدع فزجره ابن سيرين و قال: إن مرضت لن نعدك و إن مت لن نصلي عليك إلا أن تتوب فقال الرجل تبت الآن تبت لا أعود مريضا من أهل البدع.

فهذا في التحذر من أهل البدع و الحذر من مجالستهم و مصاحبتهم و عيادة مريضهم و اتباع جنائزهم و تغسيل موتاهم كل هذا يحذره أهل السنة.

( متن )

و قال الفضيل: آكل طعام اليهودي و النصراني و لا آكل طعام صاحب بدعة .

( شرح )

و هذا الفضيل بن عياض يقول آكل طعام اليهودي و النصراني لأن الله أحل لنا ذبائحهم في قوله وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ و لأن اليهود و النصارى معرفون كفرهم بائن أما صاحب البدعة فلا آكل طعامه لأنه و إن لم يكن كافرا إلا أنه صاحب شبهة و تلبيس فإذا أكلت طعامه أو جلست معه إذا أكل الإنسان طعامه أو جلس معه يخشى عليه من الشرك أن يؤثر عليه في بدعته و يعتنق بدعته فيصيبه ما أصابه أما اليهودي و النصراني معروف أمره ومنكشف , يهودي و نصراني معروف فعلمنا كفره و ضلاله و خف كفره لأنه صاحب كتاب و الله تعالى خفف الأحكام فأباح لنا أكل ذبائحهم و نكاح نسائهم أما أهل البدع فيحب الحذر منهم لأن أمرهم يؤثر لأنهم ليسوا كفارا ومن إيمانه ضعيف يجلبون الإنسان إلى بدعته من حيث لا يشعر و لهذا فرق الفضيل ابن عياض بين اليهودي و النصراني و بين صاحب البدعة .

( متن )

و كان يقول: ( اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يدا فيحبه قلبي) .

( شرح )

و هذا فيه التحذير من أهل البدع فالفضيل يدعو الله يقول اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يدا يعني معروفا، لا تجعل له معروف علي لأن الإنسان جبل على حب من أحسن إليه فإذا أحسن إليك إنسان و كان له معروف لك فإن قلبك يحبه، فالفضيل يدعو الله أن لا يكون لصاحب بدعة عليه معروفا حتى لا يحبه قلبه ففيه التحذير من أهل البدع و البعد عنهم حتى لا يؤثروا على الإنسان .

( متن )

و قال الفضيل: (إذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له و إن قل عمله لأن كراهية البدعة دليل على حب السنة) .

( شرح )

هذه المقالة للفضيل يقول إذا علم الله من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له و لو قل عمله لأن لزوم السنة مع قلة العمل خير من كثرة العمل مع البدعة فيقول إذا رأيت الشخص مبغضاً أهل البدع و يبتعد عنهم و يلزم السنة فهذا على خير عظيم و لو كان عمله قليلا إن كان يؤدي الفرائض و ينتهي عن المحارم ما يكثر من صلاته النفل و لا يكثر من صيام النفل و لكنه مستقيم على السنة فهذا يرجى منه الخير لأن كراهيته للبدعة دليل على حبه للسنة إذا كان الإنسان يبغض أهل البدع و يبتعد عنهم و يحب أهل السنة و يلتزم بالسنة فإن الله يبارك في عمله و لو كان عمله قليلا و لو لم يكن كثير الصوم و كثير الصلاة ما دامه متبع للسنة مؤديا للفرائض و مبتعد عن المحارم، بخلاف الذي يركن إلى أهل البدع و يحب أهل البدع و إن كان عمله كثيرا و لكنه على البدعة و هو موافق لأهل البدع فيخشى عليه أن لا يقبل منه عمله و يخشى عليه أن يتأثر من البدع.

فالمقصود أن ها الأثر معناه أن لزوم السنة مع العمل قليل خير من العمل الكثير مع البدعة فيه التحذير من البدع .

( متن )

و قال المروزي: سألت أبا عبد الله عمن شتم أبا بكر و عمر و عثمان و عائشة فقال ما أراه على الإسلام .

( شرح )

و هذا رواه المروزي و يحتمل المروذي لأن المروزي و المروذي كلاهما يسأل الإمام أحمد لكن الغالب أنه إذا أريد المروذي بالذال يقال المروذي و إذا أريد المروزي يقال أبو بكر المروزي والأقرب المروذي قال المروذي: سألت أبا عبد الله و هو الإمام أحمد أمام أهل السنة و الجماعة عمن شتم أبا بكر و عمر و عثمان و عليا و عائشة  فقال ما أراه على الإسلام , يحتمل ما أراه يعني ما أعلمه على الإسلام , و ما أُراه بضم الهمزة يعني ما أظنه على الإسلام الأقرب أنه ما أُراه لما سأل المروذي الإمام أحمد عمن شتم أبا بكر و عمر و عثمان و عائشة قال ما أظنه على الإسلام لولا النفاق في قلبه لما شتم الخلفاء الثلاثة و عائشة أم المؤمنين فكونه يشتم أبا بكر و عمر و عثمان و عائشة يدل على نفاق في قلبه، ما أُراه يعني ما أظنه بضم الهمزة و ما أراه بفتح الهمزة يعني ما أعلمه على الإسلام، فلفظ ما أراه يعني ما أعلمه على الإسلام و هذا فيه دليل على أن الإمام أحمد يكفر من شتم الخلفاء الثلاثة. و روي عن الإمام أحمد روي عنه صراحة أن من شتم الشيخين فهو كافر أبي بكر وعمر و هنا شتم الثلاثة و عائشة.

و هذا فيه التحذير من سب الصاحبة و شتمهم و أن هذا من الأعمال الكفرية -نعوذ بالله- و فيه التحذير من مذهب الرافضة .

( متن )

و قال مالك بن أنس: (الذي يشتم أصحاب رسول الله ﷺ ليس له سهم أو قال نصيب في الإسلام) .

( شرح )

و هذه المقالة من الإمام المشهور إمام الدعوة إمام دار الهجرة فيه تكفير من شتم أصحاب النبي ﷺ قال من يشتم أصحاب الرسول ﷺ ليس له سهم أو قال نصيب في الإسلام و الذي ليس له نصيب في الإسلام محارب للإسلام الذي ليس له سهم و لا نصيب في الإسلام،  كل مسلم له نصيب في الإسلام والذي ليس له سهم و لا نصيب في الإسلام ليس من أهل الإسلام.

 و هذا دليل على تكفير الإمام مالك رحمه الله لمن سب الصحابة أو شتمهم أو كفرهم و قد روي عنه تكفير من أغاظه الصحابة في سورة الفتح في قوله تعالى لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ قال الآية دليل على كفر الرافضة لأن الصحابة يغيظون يغيظهم الصحابة و من أغاظهم الصحابة فهو كافر بنص القرآن و فيه التحذير من مذهب الرافضة .

( متن )

و قال بشر بن الحارث: ( من شتم أصحاب رسول الله ﷺ فهوم كافر و إن صام و صلى و زعم أنه من المسلمين) .

( شرح )

و هذا مما قاله بشر بن الحارث في تكفير من شتم أصحاب النبي ﷺ و أنه كافر و لهذا قال: و إن صام و صلى و زعم أنه من المسلمين فلا تنفعه صلاته و صومه مع كفره و ضلاله إذا فعل الكفر ما تفيده الأعمال تكون أعماله حابطة قال الله تعالى وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

( متن )

و قال الأوزاعي: ( من شتم أبا بكر الصديق فقد ارتد عن دينه و أباح دمه ) .

( شرح )

و هذا الأثر للأوزاعي تصريح بكفر من شتم الصديق قال: من شتم أبا بكر فقد ارتد عن دينه و أباح دمه يعني دمه حلال و ماله حلال لكفره وضلاله>

 فهذه الآثار الأربعة الأثر الأول عن الإمام أحمد في تكفير من شتم الخلفاء الثلاثة و الأثر الثاني عن مالك بن أنس في تكفير من شتم أصحاب النبي ﷺ و الأثر الثالث عن بشر بن الحارث في تكفير من شتم أصحاب النبي ﷺ و الأثر الرابع للأوزاعي في تكفير أيضاً من شتم الصديق , هذه كلها آثار عن الأئمة كلها في تكفير الرافضة -الإمام أحمد و مالك ابن أنس و بشر بن الحارث و الأوزاعي- كلهم كفروا الرافضة نسأل الله العافية

( متن )

و قال أبو عبيد القاسم بن سلام: ( لا حظ للرافضي في الفيء و الغنيمة لقول الله   وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ... الآية .

(شرح )

و هذا الخامس الإمام الخامس و هو أبو عبيد القاسم بن سلام كفر الرافضة قال: لا حظ للرافضي في الفيء و الغنيمة و الذي لا حظ له في الفيء و لا في الغنية كافر لأن الفيء و الغنيمة لا تكون إلا للمسلمين و استدل بالآيه هذا الدليل وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يقولون... و هي آيه في الحشر و ذلك أن الله جعل الغنيمة لثلاث طوائف من الناس و ليس منهم الرافضة في قوله تعالى مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ثم ذكر الأصناف الذين يأكلون الفيء فقال لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ هذا واحد ثم قال وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ و هم الأنصار ثم قال وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ

فصار الفيء لثلاث أصناف من المسلمين: الصنف الأول المهاجرون و الصنف الثاني الأنصار و الصنف الثالث من جاء بعدهم ممن يستغفر لمن سبقهم، و الرافضة ليسوا من المهاجرين و لا من الأنصار و لا ممن يستغفر للصحابة و إنما هم يسبون الصحابة فدل على أنهم ليسوا من المسلمين هذا استدلال الإمام أبو عبيد القاسم استدل بآية الحشر على أن الرافضة ليسو من أهل الإسلام لأن الله جعل الغنيمة و الفيء للمسلمين و هم أصناف ثلاثة و الرافضة ليسوا من صنف من هذه الأصناف الثلاثة فدل على كفرهم و ضلالهم .

وفق الله الجميع لطاعته و رزق الله الجميع العلم النافع و العمل الصالح و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلم .

أسئلة :

( سؤال )

هذا سائل يقول من هم أهل الحل و العقد ؟ فإن كان العلماء و وجهاء القوم و شيوخ القبائل فهل تثبت الولاية بانتخاب وجهاء القوم و شيوخ القبائل إن لم يوجد العلماء ؟

( جواب )

نعم , أهل الحل و العقد هم الوجهاء و الأعيان و الكبار من القبائل و هؤلاء إذا بايعوا ولي الأمر يكفي إذا بايع أهل الحل و العقد من الوجهاء و الأعيان و كبار القبائل يكفي لا يلزم كل أحد يبايع الإمام , إذا بايعت قبيلة أو اثنين كفى إذا بايع اثنان من القبيلة من مشايخها أو الوجهاء كفى فهذا معنى اختيار أهل الحل و العقد , إذا اختار أهل الحل و العقد لهم إمام إذا كان الاختيار لهم و الانتخاب اختاره أهل الحل و العقد و العقلاء و رؤساء القبائل و العشائر و العقلاء و العلماء و غيرهم فإن الخلافة تثبت و لا يشترط أن يكون كل واحد يبايع.

و من هنا يتبين أن الانتخابات أن كل واحد بالأصوات حتى و إن كان طفلاً و إن كان امرأة و إن كان مجنونا و إن كان لا عقل له المهم الأصوات الانتخابات بالأصوات فهذه الانتخابات لا تتماشى مع الشرع الذي يتماشى مع الشرع يكتفى بأهل الحل و العقد إذا واحد من القبيلة واحد أو اثنين أو ثلاثة من الوجهاء يكفي .

( سؤال )

و هذا سؤال عبر الشبكة , هذا سائل من إيران يقول إنه من أهل السنة و أن هناك مطاعم للرافضة فهل يجوز له أن يأكل من طعامهم ؟!

( جواب )

كما سمعت من النصوص العلماء نهو عن الأكل من طعامهم قالوا لا تأكل طعامهم و لا تجالسهم و لا تصل على أحد منهم و لا تغسل ميتهم و لا تحضر جنازتهم و العلماء هجروا من جلس كما سمعت من النصوص و الآثار عن الأئمة و العلماء أنه يهجرون من جالس أهل الأهواء و أهل البدع و يهجرون من غسل ميتهم و يهجرون من زار مريضهم و يهجرون من أكل طعامهم و يهجرون من جلس مجلسهم كل هذه ابتعد عنها .

( سؤال )

ما حكم من ذهب إلى صاحب بدعة و عزاه في وفاة أحد والديه من باب تقييده بالسنة ؟!

( جواب )

ليس له ذلك , لا تعزيه لأن التعزية فيه يعني موافقة له و تحبيب له كونك تحبب نفسك إليه و تميل إليه إلا إذا تاب , إذا تاب فلا بأس .

( سؤال )

هذا سائل من أمريكا الشمالية يقول , قد يكون من المهم كسب قلوب أهل البدع و الوقوف معهم لعل ذلك يردهم عن بدعتهم ؟!

( جواب )

نعم , إذا كان التلطف معهم و نصيحتهم يفيد نعم و أما إذا كان لا يفيد فلا و الهجر هجر أهل المعاصي و أهل البدع كما سمعتم يجب هجرهم قال بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية إن هجر أصحاب البدع و الأهواء كالدواء يفيد عن الحاجة إليه فإن كان هجرهم يفيد في تركهم للبدعة و المعصية فإنهم يهجرون و إن كان يزيد فلا نهجرهم بل نستمر على نصيحتهم و لا نهجرهم إذا كان يزيد في البدعة إذا هجرناهم زادوا بعض الناس يفرح إذا هجرته يفرح و يزيد في الشر إذا لم تهجره يراعيك بعض الشيء يخفف من البدع يخفف من المعصية لكن إذا هجرته زاد في شره و فجوره هذا لا تهجره و إنما تستمر في نصيحته ليس معناه أن توقف النصيحة تستمر في نصيحته و لا تهجره لأن هذا فيه تخفيف للشر , استدل بأن النبي ﷺ هجر كعب بن مالك وصاحبيه هلال بن أمية و ابن الربيع هجرهم النبي ﷺ و المسلمون خمسون ليلة و لم يهجر المنافقين فدل على أن الهجر دواء يستعمل علاج إن كان يفيد نهجرهم و إن كان لا يفيد لا نهجرهم لكن نستمر في نصيحتهم تخفيفاً للشر .

( سؤال )

و هذا سائل من الكويت يقول : ما ذكرتم من عدم جواز شهود جنازة المبتدع هل هو خاص في الذي بدعته مكفرة أم عام في جميع أهل البدع و هل الداعية إلى بدعة تشرع زجرها و تغليظها و جزاكم الله خيرا ؟!

( جواب )

نعم , كلام العلماء عام في أهل البدع سواء كان جهميا أو رافضيا أو خارجيا أو معتزليا فأهل البدع كلهم يتركون و إلا فالداعي إلى بدعته يكون أشد و أما الكافر معروف الكافر لا إشكال فيه الكافر لا يغسل و لا يصلى عليه و لا تتبع جنازته الكافر ترمى جيفته كجيفة الحمار أو الكلب لا يغسل و لا يصلى عليه و لكن يدفن في حفرة حتى لا يؤذي المسلمين برائحته لا تتبع جنازته يجر كما سمعت من بعض السلف يقول ادفعوه بالخشب حتى يرمى في حفرته ما في اتباع جنازة للكافر و لا إشكال , لكن هذا في أهل البدع لا تتبع جنازتهم لأن هذا فيه نشر للبدعة و دعوة إلى بدعتهم و إقرار للبدعة و رضى ببدعته إذا تبعت جنازته فيتأثر الأحياء لو لم يكن على الحق لما تبعه فلان لولا أنه على الحق فتختفي السنن و تظهر البدع .

( سؤال )

و هذا سائل من الإمارات يقول : إذا سلك العالم في اجتهاده غير سبيل أهل السنة و الجماعة فأخطأ فهل له أجر على اجتهاده مع العلم أن العالم من أهل السنة ؟!

( جواب )

نعم , إذا كان العالم معروفا من أهل السنة و الجماعة و أهل الحق يطلب الحق و هو معروف بلزوم السنة معروف بالتحري و له اجتهاد و نظر في النصوص و الأدلة ثم أخطأ فله أجر على اجتهاده وخطه مغفور و إذا أصاب فله أجران أجر على اجتهاده و أجر على إصابته كما ثبت في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر أما إذا كان من أهل البدع و يتبع الهوى ما ينظر في الأدلة الشرعية و إنما يتبع هواه هذا مبتدع لكن العالم من أهل السنة الذي يتتبع النصوص و ينظر في النصوص و يجتهد ثم فهم فهماً خاطئاً من النصوص فهذا معذور له أجر على اجتهاده و خطؤه مغفور .

( سؤال )

هل يسمى صاحب النفاق العملي زنديقاً ؟!

( جواب )

لا , الزنديق صاحب النفاق الأكبر الاعتقادي , صاحب النفاق الاعتقادي هو الزنديق هو المنافق أما المنافق العملي هذه معصية هذا صاحب كبيرة كقول النبي ﷺ آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر و إذا عاهد غدر هذه من الكبائر العملية ليست نفاقا.

أما الزنديق فهو المنافق الذي نفاقه خروج من الملة المكذب لله و لرسوله ﷺ الذي يكذب الله و رسوله ﷺ أو يكذب بعض ما جاء به الرسول ﷺ أو يبغض الله و رسوله ﷺ أو يفرح بضعف الإسلام و المسلمين أو يفضل الكفرة على المسلمين هذا أسوأ نفاق هذا الزنديق نعوذ بالله أما الذي يعمل أعمال كبائر و سميت في الحديث نفاقا فهذا نفاق عملي صاحبه صاحب كبيرة.

( سؤال )

هل يجوز أهل طعام أهل الكتاب اليوم مع أنهم لا يذكرون اسم الله على الذبيحة و هل كان المشركون يذكرون اسم الله ؟!

( جواب )

هذا فيه تفصيل , الله تعالى بنص القران العزيز أباح طعام أهل الكتاب قال وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ و طعامهم ذبائحهم فذبائحهم حلال لنا فالذبيحة يشترط في حلها شرطان:

الشرط الأول أن يكون الذابح مسلم أو كتابي يهودي أو نصراني فإن كان الذابح وثنيا أو مجوسيا أو غيره من أنواع الكفرة فهذا لا تصح ذبيحته و لو سمى و لو قطع الحلقوم و المريء لأنه ليس أهلا للذبح لا بد أن يكون الذابح إما مسلما أو كتابيا.

الشرط الثاني قطع الحلقوم و المريء بآلة حادة فإذا قطع الحلقوم و المريء بآلة حادة و كان مسلما أو كتابيا حلت الذبيحة إلا إذا سمعته يذكر اسم المسيح هذا لا تحل ذبيحته و كذلك إذا خنقها أهل الكتاب إذا ذبح أهل الكتاب أنت ما تدري ذكر اسم الله أو لم يذكر اسم الله تأكل و ذبحها بذبح على الطريقة الاسلامية قطعها من الحلقوم و المريء تأكل أما إذا سمعته يذكر اسم المسيح لا تأكل أو خنقها أو ضربها على ظهرها أو ذبحها بطريق الصعق الكهربائي أو الخنق فهذا لا يجوز حتى المسلم إذا خنقها و لم يذبحها ماصحت قال الله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ و لو ذبحها مسلم.

لكن الآن الذبائح الآن التي يرد من كثير من بلاد أهل الكتاب كثر الكلام فيها و كثير ممن يذهب إليهم يقولون أنها لا تذبح على الطريقة الاسلامية و أنهم يذبحون بالصعق أو بالخنق فعلى هذا ينبغي للإنسان أن يحتاط لدينه و ما دام يوجد عند المسلمين ذبائح فالحمد لله نكتفي بالذبائح الموجودة في بلاد المسلمين فيحطاط لدينه و إلا فالأصل أن ذبائح أهل الكتاب حل لنا إذا ذبحها على الطريقة الإسلامية بغير الخنق قطع الحلقوم و المريء ماتت في الحال أما إذا عرفت أنها ذبحت بالخنق أو بالصعق الكهربائي أو ذكر اسم المسيح فلا تؤكل لقول الله تعالى وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد