شعار الموقع

كتاب الحدود من عمدة الفقه

00:00
00:00
تحميل
61

(المتن)

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد غفر الله لك.

يقول الإمام أبو محمد بن قدامة رحمه الله تعالى:

كتاب الحدود

ولا يجب الحدّ إلا على مكلّف عالم بالتحريم ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القِن لقول رسول الله ﷺ إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها.

(الشرح)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله: كتاب الحدود.

 الحدود: جمع حد هو في اللغة المنع واصطلاحاً عقوبة مقدّرة شرعاً على معصية لتمنع من الوقوع في مثلها.

والحدود زواجر وموانع، الحد هو المنع، اصطلاحاً الحد هو عقوبة مقدّرة شرعاً على معصية لتمنع من الوقوع في مثلها، مثل العقوبة المقدّرة على الزنى الجلد مئة والعقوبة المقدّرة على القذف ثمانين جلدة والعقوبة المقدّرة على شرب الخمر ثمانين جلدة العقوبة المقدّرة على السرقة قطع اليد، هذا يقال له الحد، والحدود تطلق ويُراد بها الواجبات والفرائض كقوله تعالى تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا يعني تلك فرائضه فلا تعتدوها فلا تتجاوزوها، وتطلق الحدود على المعاصي والنواهي والمنهيات كقوله تعالى تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا يعني تلك المنهيات والمعاصي لا تقربوا المعاصي في الواجبات قال تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وتطلق على المنهيات فَلَا تَقْرَبُوهَا.

وتطلق أيضاً على العقوبات المقدرّة كما في هذا الباب، الحدود المراد العقوبات المقدّرة على المعاصي مثل قول عبد الرحمن بن عوف لما استشار عمر الصحابة لما تتابع الناس في شرب الخمر قال أخف الحدود ثمانين يعني أخف العقوبات، كان شارب الخمر يجلد على عهد النبي ﷺ وعهد أبي بكر وفترة من خلافة عمر أربعين بالنعال وبالجريد وبالثياب ثم لما تتابع الناس في شرب الخمر تبع الصحابة عمر استشارهم فقال عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانين فأخذ بها عمر فكان شارب الخمر يجلد ثمانين..

(المتن)

ولا يجب الحدّ إلا على مكلّف عالم بالتحريم.

(الشرح)

لا يقام الحدّ إلا على مكلَّف، والمكلَّف هو البالغ العاقل فالصبي لا يقام عليه الحدّ لأنه غير مكلَّف ولا يمنع هذا من تأديب الصبي يؤدَّب ويُعلم لكن لا يقام عليه الحد فلو زنى الصبي لا يُقام عليه الحد لأنه غير مكلّف وكذلك المجنون لأنه فاقد العقل.

 عالماً بالتحريم فالجاهل كذلك لا يُقام عليه الحد لو كان الإنسان نشأ في بلاد بعيدة ولم يعلم بالحكم الشرعي فلا يقام عليه الحد حتى يعلم، لا بد أن يكون مكلَّفا يعني بالغ عاقل عالماً بالتحريم.

(سؤال)

حتى لو قتل؟

(جواب)

نعم ولو قتل يعتبر خطأ، قتل الصبي والمجنون يعتبر خطأ تجب الدية في ماله إذا كان له مال لكن ما يُقتص منه مثل القتل الخطأ، عمد الصبي والمجنون خطأ عمده خطأ.

(سؤال)

هل يقام على الكافر الحد إذا كان في بلاد المسلمين.

(جواب)

نعم يقام على الكافر الحد إذا كان في بلاد المسلمين أو تحت الدولة الإسلامية.

(المتن)

ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القن.

(الشرح)

لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه حدود قطع سرقة جلد الزاني رجم الزاني لا يقيمه إلا الإمام أو نائبه والنائب هو الحاكم الشرعي القاضي هو الذي يقيم الحدود ولا يقيمه عامة الناس لأنه لو أقامه عامة الناس لصارت المسألة فوضى الكل يقتل من يشاء والكل يقطع يد من يشاء والكل يجلد من يشاء، لكن المسألة لا بد فيها من التأكد ولا بد من الثبوت وهذا لا يكون إلا من قبل الحاكم الشرعي يُرفع إلى الحاكم الشرعي والحاكم ينظر إذا ثبت عليه ما يوجب الحد أقام الحد الإمام أو نائبه، إلا السيد فإنه يقيم الحد على عبده وأمته لأنه ماله لأن المملوك مال لسيده فالسيد يقيم الحد على أمته إذا زنت يجلدها لأنها لا تُرجم الإماء لا يُرجمون ليس عليهم رجم وتجلد خمسين جلدة نصف حد الحر لقوله تعالى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ الحد نصف والذكر كذلك يقاس على الأنثى، فإذا زنى العبد أو الأمة سواء كان محصناً أو غير محصن ليس عليهم جلد والجلد أيضاً خمسين نصف حد الحر، فالسيد يقيم الحد على عبده ويجلده هذا هو الصواب.

وذهب بعض العلماء إلى أنه حتى الإماء والعبيد إنما يقيمها الإمام ونائبه.

(المتن)

إلا السيد فإنّ له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القن لقول رسول الله ﷺ إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها.

(الشرح)

القن: هو العبد وهذا الدليل، الدليل إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها والخطاب للسيد استدل على أنه يقيم الحد هذا هو الصواب.

عندك ذكر الرواية عن الإمام أحمد أنه يقيم الحد على الإماء الإمام؟

(الشارح)

يقول أصحاب الرأي ليس له ذلك لأن الحدود إلى السلطان.

(الشرح)

أصحاب الرأي الأحناف هذا ليس من الرواية وإنما القول لأصحاب الرأي الأحناف يرون أن الإماء أيضاً يقيمها الإمام ونائبه لكن هم محجوجون بالحديث، الحديث نص في هذا إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر هذا خطاب للسيد.

(المتن)

وليس له قطعه في السرقة.

(الشرح)

ليس له قطع يد عبده في السرقة لأنها تحتاج إلى تأكد وتثبّت بخلاف الجلد،  الجلد أسهل لكن السرقة فيها إزالة العضو فلا بد من التأكد والذي يتأكد هو الإمام أو نائبه.

(سؤال)

في الحدّ العبيد نصف الحُر؟ فكيف يُقطع يده؟

(جواب)

نصف الحر، هذا في الجلد على من أتى بالفاحشة الزنى.

(المتن)

ولا قتله في الردّة.

(الشرح)

كذلك ليس السيد له أن يقتل عبده إذا فعل ما يكون به مرتدّاً سبّ الله أو سبّ الرسول يُرفع به إلى المحكمة والحاكم هو الذي ينظر فيه ثم يُقتل من قِبل ولي الأمر تُقطع يده، أما الجلد فهذا أسهل فإنه يؤول إلى السيد.

(المتن)

ولا جلد مكاتبه.

(الشرح)

المكاتب هو الذي اشترى نفسه من سيده، كاتب سيده على نجوم يدفعها وخلى بينه وبين العمل، يعمل ويدفع له في كل سنة أو في كل شهر نجماً من النجوم فإذا انتهى ملك نفسه صار حرا، فالمكاتب لا يُجلد أيضاً إذا زنى لأنه قد سعى في الحرية فهو أقوى من العبد، العبد ملك لسيده والمكاتب تقوّى صار عنده نوع من القوة حيث أنه سعى بتحرير نفسه من الرق فلذلك لا يقوم الحد عليه وإنما يقيمه الإمام ونائبه.

(المتن)

ولا أمته المزوّجة

(الشرح)

كذلك لا يقيم الحد على الأمة المزوّجة لأنها صارت في ذمة زوج تعلّقت بالزوج وصار لها عليه حقوق فلذلك يُرفع أمرها إلى الحاكم إذا زنت، أو إذا فعلت ما يوجب الحد.

(المتن)

وحد الرقيق في الجلد نصف حد الحر.

(الشرح)

حد الرقيق هو النصف لقوله تعالى: فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ هذا في الإماء والعبيد كذلك، هذا في الزنى في الجلد أما القطع فإنها تقطع يده.

(المتن)

ومن أقرّ بحدٍ ثم رجع عنه سقط.

(الشرح)

إذا أقرّ شخص بما يوجب الحد ثم رجع يسقط لأن الحدود تُدرأ بالشبهات (11:15) لعدم ثبوت الحد.

(المتن)

فصلٌ

 ويُضرب بالجلد بسوط لا جديد ولا خَلَق.

(الشرح)

يُضرب بالجلد إذا أُريد إقامة الحد على شخص فعل ما يوجب الحد كالزاني والقاذف أو شارب الخمر فإنه يُضرب بسوط لا جديد ولا خلق لا جديد يعني يكون ضربه قوياً ولا خلق يعني يكون الضرب خفيفاً بل متوسط يكون السوط متوسطاً ليس بالجديد وليس بالضعيف يكون وسطاً بين الجديد وبين الخلق.

(المتن)

ويُضرب بسوط لا جديد و لا خلق ولا يُمدّ ولا يُربط ولا يُجرّد.

(الشرح)

لا يُمدّ يعني من يُقام عليه الحد ولا يُربط ولا يُجرّد من ثيابه بل يكون عليه ثوب أو ثوبين ويُضرب من وراء الثياب، لا تُخلع ملابسه ويعرى حين يُضرب وإنما تبقى عليه ثيابه ولا يُمد يؤمر أحد يمد ظهره أو يُربط لا حاجة إلى هذا، لا يمد ولا يُربط يُضرب قائماً وهو قائم يُضرب في مرق اللحم الفخذين وما شابه ذلك.

(المتن)

ويُتقى وجهه ورأسه وفرجه.

(الشرح)

يُتقى على الأكثر لأنه قاتل يتقَ الوجه لا يُضرب الوجه ولا يُضرب الرأس ولا الفرج ولأنه جاء النهي عن الضرب في الرأس والوجه قال في حديث لا يُضرب الرأس والوجه حتى في غير الحد، لا يجوز للإنسان أن يضرب الوجه والرأس لا وجه الآدمي ولا وجه البهيمة لأنه مجمع المحاسن ولأنه يتأثر وكذلك الرأس، ومن باب أولى الحد في الحد لا يُضرب في وجهه ولا رأسه ولا على الفرج لأن هذا يتبع فيها الشين ويسبب المقاتلة والمراد من الحد التأديب لا يُراد القتل.

(المتن)

ويُضرب الرجل قائماً والمرأة جالسة.

(الشرح)

ويُضرب الرجل قائماً لأنه أقوى على الأهوال والتحمّل وتُضرب المرأة جالسة لأنها أستر لها.

(المتن)

والمرأة جالسة وتُشدّ عليها ثيابها.

(الشرح)

وتشدّ عليها ثيابها لئلا تنكشف مع الضرب.

(المتن)

وتُمسك يداها.

(الشرح)

يكون عندها أحد يمسك يدها من محارمها.

(المتن)

ومن كان مريضاً يُرجى برؤه أُخّر حتى يبرأ.

(الشرح)

إذا كان مريضاً حق إقامة الحد ينتظر حتى يُشفى من مرضه، وإذا كانت المرأة حاملاً يُنتظر حتى تضع حملها، كما في قصة الغامدية، النبي ﷺ لما تحقق إقامة الحد أخّر إقامة الحد حتى وضعت حملها ثم لما وضعت حملها أخّرها حتى أرضعت الصبي وفطمته ثم بعد ذلك أُقيم عليها الحد أمر النبي ﷺ بإقامة الحد عليها، كذلك المريض لا يُقام عليه الحد لأن الحد قد يكون سبباً في قتله أو موته وإنما يؤخر حتى يشفى من مرضه ثم يُقام عليه الحد، إذا كان مريضاً معه حمّى يتأثر من الضرب ينتظر.

(المتن)

لما روي عن علي أن أمةً لرسول الله ﷺ زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديثةُ عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي ﷺ فقال أحسنت.

(الشرح)

فدلّ على أنه يُنتظر المريض حتى يتماثل للشفاء.

(المتن)

فإن لم يرجَ برؤه وخُشي عليه من السوط جُلد بضغثٍ فيه عيدان بعدد ما يجب عليه مرة واحدة.

(الشرح)

إذا كان مريضا ما يتحمل أو جسمه لا يتحمل واستحق أن يُجلد إذا كان عبدا خمسين جلدة أو كان في ثمانين جلدة ولا يتحمل جسمه يُخشى عليه من الموت فإنه يؤتى بضغث يعني عرق فيه سماريخ خمسين سمراخاً ثمانين سمراخاً ويُضرب ضربة واحدة الحديث أمرنا بذلك ولقول الله تعالى في قصة أيوب لما حلف أن يضرب امرأته وكانت محسنة قال تعالى: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ فأخذ عرقاً وضرب به زوجته وانحلّت يمينه.

ماذا قال الشارح؟

(الشارح)

قال لما روى أبو أمامة بن سهل عن بعض أصحاب رسول الله ﷺ أنه اشتكى رجل منهم حتى ضنى فعاد جلداً على عظم –يعني حتى ضعف- فدخلت عليه جارية لبعضهم فوقع عليها فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال لرسول الله ﷺ فإني قد وقعت على جارية دخلت علي فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ وقالوا ما رأينا لأحدٍ من الضرّ مثل الذي هو به لو حملناه إليك لتفسخت عظامه ما هو إلا جلدٌ على عظم فأقرّ رسول الله ﷺ أن يأخذوا له مئة سمراخٍ فيضربوه بها ضربةً واحدة، قال ابن المنذر هذا الحديث في إسناده مقال ولأنه لما كانت الصلاة تختلف باختلاف حال المصلي فالحدّ بذلك أولى.

(الشرح)

الحديث فيه مقال ولكن المعنى يقتضي هذا يعني قواعد الشرع تدل على هذا لأن المقصود من الحدود الزجر والمنع وليس المقصود منها القتل فإذا كان يؤدي إلى قتله فإنه يُقام عليه الحد بما يستطيعه ويُستأنس في قصة أيوب قوله تعالى وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ لما حلف أن يجلدها وكانت محسنة أمره الله بأن يأخذ ضغثاً يعني عرقاً فيه سماريخ بعدد فيضربها ضربةً واحدة فينحل يمينه لهذا قال تعالى وَلَا تَحْنَثْ .

(سؤال)

عن شدة الضرب.

(جواب)

لا يجوز بل يضرب ضرباً متوسطاً لا يرفع يده أشد ولا يضربه هكذا هذا ليس ضرباً يكون وسط بين القوة وبين الضعف، يرفع يده بحيث يؤثر ولا يكون ضرباً شديداً بحيث يرفع يده إلى الآخر. الحدود زواجر أي موانع يمنع، وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كونه يكون بين طائفة من الناس هذا أبلغ في توبيخه. المقصود التأديب وليس المقصود الإيذاء بل يضرب ضربا غير مبرح يؤدبه لا يكسر عظماً ولا يشقّ جلداً.

(المتن)

فصل

 وإن اجتمعت حدود لله تعالى فيها قتلٌ قُتل وسقط سائرها ولو زنى أو سرق مرارا ولم يُحد فحد واحد.

(الشرح)

إذا اجتمعت حدود متعددة فيها قتل فإنه يُكتفى بالقتل وتدخل بقية الحدود فيها ولأن ما بعد القتل شيء فإذا شخص سرق وزنى وقتل، يُقتل يكفي ويدخل حد السرقة وحد الزنى وإذا فعل ما يوجب الحد مراراً ولم يقام عليه الحد كفاه حد واحد، إذا زنى أربع مرات ولم يقام عليه الحد فإنه يقام عليه حد واحد أو سرق أربع مرات فإنه يُقام عليه الحد تُقطع يده مرة واحدة، ولا يُقال كل مرة يُجلد أربع مرات لا بل تتداخل فإن زنى ثم أُقيم عليه الحد ثم زنى أقيم الحد عليه مرة ثانية أو سرق ثم أُقيم عليه الحد ثم سرق يُقام عليه الحد مرة أخرى، قال بعض العلماء إنه تُقام الحدود إذا أمكن، فالذي زنى أو قذف مثلاً يُجلد حد القذف ثمانين ثم يُجلد حد الزنى مئة إذا كان بكراً ثم يُقتل قصاصاً.

 ماذا قال الشافعي؟

(الشارح)

قال الشافعي تستوفى جميعها لأن ما وجب مع غير القتل وجب مع القتل.

(الشرح)

نعم كقول الشافعي

(المتن)

 ولو زنى أو سرق مراراً ولم يُحد فحد واحد، وإن اجتمعت حدود من أجناس لا قتل فيها استوفيت كلها.

(الشرح)

إذا اجتمعت حدود من أجناس ليس فيها قتل فيها استوفت مثل شخص قذف وزنى وسرق فهو غير محصن فيُجلد حد القذف ثمانين ثم يُجلد حد الزنى مئة ثم تُقطع يده في السرقة.

(المتن)

ويبدأ بالأخف فالأخف منها.

(الشرح)

يبدأ بالأخف فالأخف يبدأ مثلاً بحد القذف ثم يبدأ بحد الزنى ثم بقطع اليد.

(سؤال)

يعتبر الإمام الشافعي في الأحكام الفقهية أخف المذاهب من شدة الحدود.

(جواب)

يختلف باختلاف أحكام الأئمة كل واحد يقرر ما فهم من النصوص وما صح له من الأحاديث.

(المتن)

وتُدرأ الحدود بالشبهات فلو زنى بجارية له فيها شركٌ وإن قلّ أو لولده أو وطِئ بنكاحٍ مختلَف فيه أو مُكرهاً أو سرق من مالٍ له فيه حقٌ أو لولده، وإن سَفُل من مال غريمه الذي يعجز عن تخليصه منه بقدر حقه لم يُحد.

(الشرح)

تُدرأ الحدود بالشبهات، فإذا كان له شبهة فلا يُقام عليه الحد مثل إنسان وطِئ أمَة له فيها شرك -مشتركة بينه وبين شخص- ثم وطِئها معلوم أنه لا يجوز أن يطأها لأنها مشتركة بينه وبين شريكه لا يُقام عليه الحد، لكن لا يمنع التعزير قد يعزر لكن لا يقام عليه الحد لأن له شبهة له شريكة في ملكها، وكذلك لو وطِئ أمة لولده في هذه الشركة كذلك، أو وطِئ في نكاحٍ مختلَف فيه تزوج بدون ولي هذا لا يُقام عليه الحد لأنه فيه خلاف من الأحناف يرون أنه لا يُشترط الولي فيدرأ الحد بالشبهة لكن لا يمنع من التعزير يُعزر لكن لا يقام عليه الحد، يُعزر مثلاً بالضرب أو بالحبس لكن لا يقام عليه الحد يعني لا يُقتل أو لا تُقطع يده وكذلك أيضاً إذا أخذ من مال غريمه يعني شخص له عليه دين ثم أخذ من ماله استوفيه فلا تقُطع يده لأن شبهة، شبهة أنه يطلبه.

(المتن)

وتُدرأ الحدود بالشبهات فلو زنى بجارية له فيها شرك وإن قل أو لولده.

(الشرح)

فلا يُقام عليه الحد لأنه شبهة أنه يملك أو شبهة أن ولده يملك لأنه ولده وماله لأبيه يقول النبي ﷺ أنت ومالك لأبيك هذه شبهة تدرأ الحد عنه إذا زنى في أمة ابنه أو لأمة لابنه فيها شريكة.

(المتن)

أو وطِئ في نكاحٍ مختلَف فيه.

(الشرح)

مثل نكاح بدون ولي أو بدون شهود.

(المتن)

أو مُكرهاً .

(الشرح)

كذلك إذا وطئ مكرها ادعى أنه مكره ادعت المرأة أنها أكرهت أو كذلك هو مكره فلا يقام عليه الحد

(المتن)

أو سرق من مالٍ له فيه حقٌ أو لولده.

(الشرح)

سرق من مال له فيه حق مشترك أو له جزء منه أو لولده فلا تُقطع يده لأن هذه شبهة تُدرأ بها الحد لكنه يُعزر.

(المتن)

أو سرق من مال له فيه حقٌ أو لولده وإن سَفُل من مال غريمه الذي يعجز عن تخليصه منه بقدر حقه لم يُحد.

(الشرح)

 سرق من مالٍ له فيه حق أو لولده أو من مال غريمه (أو أحسن أو من مال غريمه) من له عليه دين. إذا سرق من مال له منه حق أو من مال لولده فيه حق هذه شبهة أو سرق من مال غريمه فشخص له من شخص دين فسرق من ماله بقدر دينه هذه شبهة تدرأ عنه الحد لا يجوز أن يسرق بل يُطالب بحقه لكن هذه شبهة تُدرأ عنه الحد لكن يُعزر.

(المتن)

فصل

 ومن أتى حداّ خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاصٌ لم يستوف منه حتى يخرج.

(الشرح)

إذا فعل حداً أو فعل ما يوجب الحد أو قتل خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم فإنه لا يُقام عليه الحد في الحرم لأنه استعاذ بالحرم معظماً له، لكن يُضيّق عليه ولا يُباع ولا يُشترى حتى يخرج فإذا خرج يقام عليه الحد، خلاف من انتهك الحرم قتل في الحرم أو زنى في الحرم أو سرق في الحرم تُقطع يده، يقام عليه الحد ويُقتل لأنه انتهك حرمة الحرم، من ينتهك حرمة الحرم فإنه يقام عليه الحد، أما من فعل الجريمة خارج الحرم ثم دخل الحرم هذا معظِم للحرم لا يقام عليه الحد في الحرم ولكن يُضيّق عليه يُلجأ إلى الخروج فإذا خرج أُقيم عليه الحد، فرق بين من كان يعظّم الحرم ومن ينتهك حرمة الحرم، من ينتهك حرمة الحرم يقام عليه الحد، إذا زنى في الحرم يُجلد أو يُرجم، إذا سرق في الحرم تُقطع يده، إذا قتل في الحرم يُقتل، أما إذا سرق أو قتل خارج الحرم ثم دخل الحرم مستعيذاً هذا لا يقام عليه الحد في الحرم وإنما يُخرج خارج الحرم أو يُلجأ إلى الخروج ثم يقام عليه الحد.

(سؤال)

هل يُقبض عليه؟ يُخرج أو يضيَّق عليه؟

(جواب)

الظاهر من كلام الفقهاء أنه يُضيّق عليه لهذا قالوا أنه لا يُباع ولا يُشترى عليه، يُمنع الناس ولا يُعطى شيئاً ولا ماء حتى يلجأ للخروج ويحتمل أنه يُقبض عليه لأنه قد يؤدي إلى كثرة المجرمين.

(المتن)

ومن أتى حدّاً خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاصٌ لم يُستوف منه حتى يخرج لكن لا يُباع ولا يشترى.

(الشرح)

تضييقاً عليه لا أحد يباع عليه ولا يشتري منه إذا اتفقوا لا أحد يباع عليه ولا يعطى ماء ولا شيئاً ولا طعاماً حتى يخرج.

(سؤال)

هذا متعذر في الوقت الحالي.

(جواب)

الأقرب والله أعلم أنه يُقبض عليه لأن هذا يكون سبب في تجمّع المجرمين.

(المتن)

وإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه فيه.

(الشرح)

لأنه انتهك حرمة الحرم.

(المتن)

وإن أتى حداً في الغزو لم يستوف حتى يخرج من دار الحرب.

(الشرح)

إذا فعل ما يوجب الحد في الغزو في الجهاد لا يستوفى منه في دار الحرب خشية أن يكون هذا سبباً في لجوئه إلى الكفار أو ارتداده عن دينه فإنه يؤخر إقامة الحد حتى ينتهي الغزو ويأتي إلى بلاد المسلمين ثم يقام عليه الحد.

إذا سرق في الغزو أو زنى لا يقام عليه الحد لأنه لو أُقيم عليه الحد كان قد يستحوذ عليه الشيطان فيهرب إلى الكفار يرتد عن دينه أو يجعله كافراً فيفعل هذه المفسدة فإنه يؤجل إقامة الحد عليه حتى يرجع من الغزو ويأتي بلاد المسلمين.

(المتن)

باب حد الزنى

من أتى الفاحشة في قُبُلٍ أو دُبُرٍ من امرأة لا يملكها أو من غلام أو من فُعِل ذلك به فحدّه الرجم إن كان محصناً أو جلد مئةٍ وتغريب عام إن لم يكن محصناً لقول الرسول ﷺ خُذُوا عنِّي خُذُوا عنِّي، قدْ جعل اللهُ لهنَّ سَبِيلًا، البِكرُ بالبِكرِ؛ جَلدُ مِائةٍ، ونَفْيُ سَنةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ الرَّجْمُ.

(الشرح)

قال المؤلف رحمه الله: باب حد الزنى: سبق الكلام في الدرس الماضي أن المؤلف بوب قال كتاب الحدود ثم ذكر الحدود حداً ،حداً فبدأ بحد الزنى، والحد في اللغة المنع، شرعاً عقوبة مقدّرة على معصية لتمنع من وقوع فعلها والمراد باب العقوبة المقدّرة على جريمة الزنى.

والزنى جريمة من أعظم الجرائم وفاحشة من الفواحش العظيمة قال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ومن أعظم الجرائم لما يترتب من المفاسد العظيمة من فساد الأسر واختلاف الأنساب وإيجاد أولاد غير شرعيين يرثون يترتب عليه أنهم يرثون وليسوا أولاداً وتكشف لهم البنات وليسوا أولاداً شرعيين فيكون هذا الولد يعتبرونه أخاً لهم وليس بأخ تكشف له البنات وهو ولد غير شرعي ويرث وهو ليس ولداً شرعي فلهذا عظمت هذه الجريمة وفحشت ورتب الله عليها حداً عظيماً وعقوبةً شديدة للردع والمنع من فعلها، فإذا زنى الشخص وكان بكراً والبكر هو الذي لم يسبق أن تزوج فإنه يُجلد مئة جلدة ويُغرّب عاماً يُغرب عن البلد يُخرج من البلد يُطرد من البلد الذي وقع في الفاحشة سنة كاملة قال الله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أمر الله بجلده مئة ونهى أن تأخذنا رأفة وهي الرحمة التي تمنع من إقامة الحد فالرحمة في إقامة الحد عليهما لمنع الجريمة وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعني أمر الله تعالى بأن يشهد الجلد طائفة من المؤمنين ليكون أبلغ في الزجر والجلد والتشهير به وفضيحته لتبليغ الردع.

وفي الحديث أن النبي ﷺ أمر بالتغريب قال البِكرُ بالبِكرِ؛ جَلدُ مِائةٍ، ونَفْيُ سَنةٍ فدلّ على أنه يغرّب يأتي في القرآن الكريم أنه يُجلد مئة وجاء في السنة أنه يُجلد مئة ويغرّب عاماً.

 وأما إذا كان ثيباً وهو الذي قد تزوج بنكاح صحيح هو المسلم البالغ العاقل الحر الذي قد وطِئ بنكاحٍ صحيح فإذا كان قد تزوج بنكاحٍ صحيح ولم يكن معه زوجة (37:05) فإنه يعتبر ثيباً فإذا زنى وثبت عليه الزنى ببينة أو إقرار فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح في حديث رواه عبادة بن الصامت خُذُوا عنِّي خُذُوا عنِّي، قدْ جعل اللهُ لهنَّ سَبِيلًا، البِكرُ بالبِكرِ؛ جَلدُ مِائةٍ، و نَفْيُ سَنةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ ، جَلدُ مائةٍ والرَّجْمُ.

اختلف العلماء في الثيّب قالوا يُجمع له بين الجلد والرجم أو يُكتفى بالرجم، الجمهور على أنه يُكتفى بالرجم وقال بعض أهل العلم أنه يجمع له بين الجلد والرجم عملاً بحديث عبادة، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ ، جَلدُ مائةٍ والرَّجْمُ.

ولا يُقام الحد إلا إذا وُجدت الشروط وهو أن يكون مسلماً وأن يكون بالغاً عاقلاً، فالصبي لا يقام عليه الحد والمجنون لا يقام عليه الحد والكافر إذا كان تحت الدولة الإسلامية ورُفع يقام عليه الحد، ولا بد أن يكون حراً يكون بالغا مكلَّفا يعني بالغ عاقل حر، فالعبد يقام عليه الحد ولكن لا يُرجم وإنما يُنصف بحقه الحد، فالعبد رجل أو امرأة حده خمسين جلدة وليس عليه رجم. أن يكون بالغا عاقلا حرا.

ولا بد أن يثبت عليه الزنى ببينة أو إقرار، فالبينة أن يشهد أربعة شهود في مجلس واحد يشهدوا عليه بالزنى صريح وأنهم رأوه كما الميل في المكحلة كالرِشأ في البئر فإن لم يصرّحوا بذلك فلا يُحد ولكن يُعذّر إذا من جهة التهمة لكن إقامة الحد بالجلد أو الرجم لا يقام حتى يثبت وإذا شهد ثلاثة ولم يشهد الرابع فإنه يُجلد الثلاثة حد القذف كل واحد يُجلد ثمانين جلدة فإن شهد الرابع أُقيم عليه الحد.

ولم يثبت بالشهود حد الزنى، كاد أن يثبت في زمن عمر بن الخطاب شهد على المغيرة ثلاثة من الأخوة أربعة من الأخوة ثم تنكّر الرابع فجُلدوا ولم يثبت بالبينة ولكنه ثبت بالإقرار.

الإقرار: اختلف العلماء في الإقرار فقيل لا بد أن يُقِر أربع مرات كما أن الشهود أربعة لا بد أن يكونوا أربعة فكذلك الإقرار لا بد أن يكون أربع مرات كما في قصة ماعز أنه شهد على نفسه أربع مرات، والغامدية لما جاءت إلى النبي ﷺ وأقرت وأعرض عنها قالت أتريد أن ترددني كما ردّدت ماعزاً، وقال آخرون من أهل العلم أنه يكفي الإقرار ولو مرة واحدة.

(المتن)

باب حد الزنى

 من أتى الفاحشة في قُبُلٍ أو دُبُرٍ من امرأة لا يملكها.

(الشرح)

من أتى الفاحشة في قُبُلٍ أو دُبُر إذا غيَّب الحشفة في الفرج في القُبُل أو في الدبر فإنّه يكون زانياً ويقام عليه الحد إذا ثبت بالبيّنة أربعة شهود أو إقرار أربع مرات أو مرة واحدة على أهل الخلاف، تكون هذه المرأة لا يملكها وليس له شبهة فإن كان له شبهة يُدرأ الحد كما سيأتي كما الأمة له أو أمة مشتركة بينه وبين غيره أو أمة لولده فلا يقام عليه الحد ولكن يُعزر.

(المتن)

أو من غلام

(الشرح)

أو تلوّط في غلام فإنه يقام عليه الحد حد الزنى، وقيل أن اللوطي يُقتل على كل حال، وقيل يُلقى من أعلى شاهقة في البلد، فاللوطي قيل حكمه حكم الزنى، فإن كان بكراً جُلد مئة وغُرب عاما وإن كان محصناً قُتل وقيل إن اللوطي يُقتل على كل حال بكراً كان أو ثيّباً وقيل يُحرّق بالنار وقيل يُلقى من أعلى شاهقة في البلد كما فُعل بقوم لوط كما فعل الله بقوم لوط.

(المتن)

 أو من فُعِل ذلك به.

(الشرح)

من فُعِل ذلك به وهو راضٍ غير مُكره فيكون حكمه حكم الزاني، أما المكره إذا كان مُكرها فإنه لا يقام عليه الحد إن كان رجلاً أو امرأة وهذا من الشروط. شروط إقامة حد الزنى أن يكون بالغاً عاقلاً حراً مختاراً غير مُكره وأن يُغيّب الحشفة في الفرج وأن يثبت عليه ذلك بأربعة شهود يشهدون كما الميل في المكحلة لا يكنون بل يصرّحون أو يشهد على نفسه أربع شهادات ويكون عقله ثابتاً ليس مختل الشعور، فإن ثبتت هذه  الشروط فإنه يقام عليه الحد.

وأما اللوطي ففيه خلاف قيل أن حكمه حكم الزنى حكم الزاني يُجلد إن كان بكراً ويُرجم إن كان ثيّباً وقيل حكم القتل على كل حال بكراً أو ثيّباً وقيل يُحرّق بالنار وقيل يُلقى من أعلى شاهق في البلد.

(سؤال)

ما الراجح؟

(جواب)

الأقرب أن يكون حكمه حكم الزنى، جاء في حديث مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ فيه ضعف، لكن يُعزر جاء في حديث وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ لكن فيه ضعف.

(المتن)

فحدّه الرجم إن كان محصناً أو جلد مئةٍ وتغريب عام إن لم يكن محصناً لقول رسول ﷺ خُذُوا عنِّي خُذُوا عنِّي، قدْ جعل اللهُ لهنَّ سَبِيلًا، البِكرُ بالبِكرِ؛ جَلدُ مِائةٍ، ونَفْيُ سَنةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ الرَّجْمُ.. والمحصن هو الحر البالغ الذي قد وطِئ زوجة مثلَه في هذه الصفات في قُبُلها في نكاحٍ صحيح.

(الشرح)

هذا هو المحصن البالغ العاقل الحر الذي قد وطِئ زوجةً مثله في الصفات يعني وطِئ امرأةً حرّة بالغة عاقلة مختاراً وهو أن يكون مختارا فإن وطِئ أمة فلا، فلا يُعتبر محصن إذا وطِئ الأمة، أن تكون حرة مثله تكون بالغة تكون عاقلة يكون في نكاح صحيح ما يكون في نكاح شبهة فإن وطِئ في نكاح شبهة فإنه لا يعتبر محصناً، مسلم بالغ، لا ما يُشترط إسلامه حتى الكافر يقام عليه الحد لأن النبي ﷺ أقام الحد على اليهوديين يكون بالغا عاقلا حرا قد وطِئ في نكاح صحيح وأن تكون الزوجة مثله أيضاً بالغة عاقلة حرة ولا بد أن يكون مختارا غير مُكره بالغا عاقلا حرا قد وطِئ في نكاح صحيح مختارا غير مُكره والزوجة مثله تكون فيها هذه الصفات، فإن كان صبياً فلا يقام عليه الحد وإن كان غير عاقل فلا يقام عليه الحد وإن كان عبداً فلا يقام عليه الحد وإن كان مكرهاً فلا يقام عليه الحد، وإن كانت توجد هذه الصفات لكن الزوجة غير بالغة أو غير عاقلة أو مُكرهة أو النكاح غير صحيح كشبهة أو زنى فلا يعتبر محصناً.

(المتن)

ولا يثبت الزنى إلا بأحد أمرين إقرار به أربع مرات مصرّحاً بذكر حقيقته أو شهادة أربعة رجال أحرارٍ عدول يصفون الزنى ويجيئون في مجلسٍ واحد ويتفقون على الشهادةِ بزنى واحد.

(الشرح)

لا بد من هذا الشهادة أربع مرات هذا الذي عليه الجمهور والقول الثاني أنه يكفي الشهادة مرة واحدة، لحديث ماعز فإنه أقر على نفسه أربع مرات وكان النبي ﷺ في كل مرة يعرض عنه، ولا بد من التصريح بالزنى لأن النبي ﷺ استفهم ماعزاً وقال أتعرف الزنى؟ وأمر بأن يُستنكه قال استنكهوه، قال أبك جنون؟ وسأل عن عقله وأمر بأن يُستنكه يعني شم رائحته هل هو سكران؟

والشهود يجب أن يكونوا أربعة ويكونوا في مجلس واحد ويشهدون بزنى واحد، ويصرّحون بالزنى، وأن لا يكون في شبهة، يصرحون بأنهم رأوا ذكره في فرجها، وأن يكونوا شهود عدول، والكفار لا تُقبل شهادتهم.

(المتن)

باب حد القذف

ومن رمى محصناً بالزنى أو شهد عليه به فلم تكمل الشهادة عليه جُلد ثمانين جلدة إذا طالب المقذوف.

(الشرح)

حد القذف هو أن يقذف شخص رجلاً بالزنى أو باللواط فإنه يُقام عليه الحد إذا طالب المقذوف، إلا إذا كان معه ثلاثة شهود، فصاروا أربعة وشهدوا بالزنى فإنهم لا يُجلدون وإنما يقام الحد على المقذوف، إذا قذف شخص شخصاً بالزنى ولم يكن معه ثلاث شهود وطالب المقذوف بالحدّ فإنه يُقام عليه الحدّ يُجلد ثمانين جلدة يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ يُجلد ويُفسَّق ولا تُقبل شهادته حتى يتوب.ولا بد من الشروط السابقة أن يكون القاذف وكذلك المقذوف مسلما بالغا عاقلا حرا عفيفا.(..) لا يعتبر ثيب

(المتن)

ومن رمى محصناً بالزنى أو شهد عليه به فلم تكمل الشهادة عليه جُلد ثمانين جلدةً إذا طالب المقذوف.

(الشرح)

لأنه حق له فإن لم يطالب فلا، لا بد أن يكون محصنا فإن لم يكن محصناً بأن كان عبداً فلا يُقام عليه الحد، ولا بد أن يكون المقذوف عفيفاً فإن لم يكن عفيفاً ومعروف عنه الفواحش فلا.

(المتن)

والمحصن هو الحر البالغ المسلم العاقل العفيف.

(الشرح)

الحر المسلم البالغ العفيف هنا في شرط الإسلام الحر المسلم البالغ العفيف فإن رمى كافراً أو فاسقاً فلا أو رمى عبداً فلا يقام عليه الحد لكن يعزر إذا رمى عبدا أو رمى فاسقا أو كافرا أو صبيا أو مجنونا فلا يقام عليه الحد.

(المتن)

ويُحَدّ من قذف الملاعنة أو ولدها.

(الشرح)

الملاعنة التي لعنت زوجها وهي التي رماها زوجها بالزنى ولم يكن له شهود فإنه يلاعنها بأن يشهد أربع شهادات عليها بالزنى وفي الخامسة يلعن نفسه بالشهادة الخامسة، ثم بعد ذلك تردّ الشهادات عليها فتشهد على نفسها أربع شهادات أنه كاذب والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم يُفرَّق بينهما والولد يُنسب إلى الملاعنة ولا يُنسب إلى أبيه ولا يُنسب إلى الأب. فهذه الملاعنة لا يجوز رميها بالزنى فمن رماها يُقام عليه الحد، أو رمى ولدها بذلك، لها حصانة ليس لأحد أن يرميها بالزنى فإذا رماها أحد بالزنى يقام عليه الحد أو رمى ولدها بذلك.

(المتن)

ويُحدّ من قذف الملاعنة أو ولدها.

(الشرح)

يقام عليه الحدّ.

(المتن)

ومن قذف جماعة بكلمة واحدة فحدٌّ واحد إذا طالبوا أو واحد منهم.

(الشرح)

إذا رمى جماعة بالزنى فقال لثلاثة يا زنية فإنه يقام عليه حدٌ واحد بكلمة واحدة إذا طالبوا فإن رمى كل واحد على حد بكلمات قال فلان زانٍ وقال الثاني زانٍ وقال الثالث زانٍ يقام عليه الحد ثلاث حدود لكل واحد حد إذا قال، أما إذا كان بكلمة واحدة فإنه يقام حد واحد، وقيل يقام بعددهم ولو كان بكلمة واحدة، القول الثاني أنه إذا كان بكلمة واحدة حد واحدأ، وقيل يقام عليه بعددهم، أما إذا كان بكلمات هذا يقام عليه الحد بعدد من رماهم، إذا طالب المقذوف وإن كانوا جماعة طالبوا كلهم أُقيم عليه الحد وإن طالب واحد أيضاً أُقيم عليه الحد.

سؤال؟

إذا اتهم شخص بأنه ولد زنى فهل له المطالبة بإقامة الحد أم العفو؟ قال يا ولد الزاني؟

جواب:

فرق قذفه وإلا قذف أباه ؟ قال يا زاني؟ إذا كان صحيحاً هذا معناه ما قذفه هو بالزنى إذا قذفه قال يا زاني ولو كان ولد زنى يقام عليه الحد القاذف يقذف الشخص ذاك سب له(...).

(المتن)

ومن قذف جماعة بكلمة واحدة فحدٌّ واحد إذا طالبوا أو واحد منهم، فإن عفا بعضهم لم يسقط حق غيره.

(الشرح)

سبق أن قلنا أنه إذا قذف جماعة بكلمة واحدة فإنه يحد حداً واحداً إذا طالبوا وقيل يُحد بعدد من قذفهم وإذا عفا عنه أحدهم بعضهم وطالب بعضهم فإنه يقام عليه الحدّ.

وعلى القول بأنه يقام حد لكل واحد فمن عفا سقط حقه ومن لم يعفُ وطالب يقام عليه الحد.

(المتن)

باب حد المسكر

ومن شرب مُسكراً قل أو كثر مختاراً عالماً أن كثيره يُسكر جلد الحد أربعين جلدة لأن علياً  جلد الوليد بن عقبة في الخمر أربعين.

(الشرح)

باب حد المسكر: من شرب الخمر وكان بالغاً عاقلاً مختاراً فإنه يقام عليه الحد ثمانين جلدة.

وكان الناس يجلدون على عهد النبي ﷺ وأبو بكر وفترة من خلافة عمر أربعين كما في الحديث كان الشارب على عهد النبي ﷺ يضرب بالجريد والثياب والنعال نحواً من أربعين وكان كذلك في خلافة أبي بكر وفترة من خلافة عمر ثم لما تزايد الناس على شرب المسكر جمع الناس واستشارهم فقال عبد الرحمن بن عوف أخفّ الحدود ثمانين فرفع الجلد إلى ثمانين زجرا للناس.

والمسكر هو كل ما أذهب العقل سواء كان من عصير العنب أو من عصير الذرة أو من عصير العسل أو التفاح أو غيرها أو كان مأكولاً أو مشموماً أو حبوباً. وذهب بعض أهل الكوفة إلى أن الخمر لا تكون إلا من عصير العنب وما عداه فلا تسمى بخمر، وهذا ليس بصحيح لقول رسول الله ﷺ كل مسكر خمر كل للعموم ما جاء عن عمر أنه قال حرّمت الخمر على عهد النبي ﷺ وكانت من التمر والعنب والذرة وذكر خمسة أشياء فدلّ على أنها ليست خاصة بعصير العنب.

(المتن)

ومن شَرِب مسكراً قلَّ أو كثر مختاراً عالماً أن كثيره يُسكر جُلد الحدّ أربعين جلدة.

(الشرح)

إذا شرب مختاراً ذاكراً أيضا لا بد أن يكون مختاراً فإن كان مكرهاً فلا يقام عليه الحد.

(المتن)

ومن شرب مُسكراً قلَّ أو كثُر مختاراً عالماً أن كثيره يُسكر.

(الشرح)

لقول النبي ﷺ: ما أسكر كثيره فقليله حرام، خلافاً لمن قال أنه إذا شرب القليل فلا يقام عليه الحد، فإذا شرب القليل أو الكثير إذا كان مختاراً وعالماً أن كثيره يُسكر فإنه يقام عليه الحد.

(المتن)

لأن علياً جلد الوليد بن عقبة في الخمر أربعين وقال جلد النبي ﷺ أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكلٌّ سنّة وهذا أحب إلي.

(الشرح)

علي  جلد الوليد بن عقبة وكان أمير الكوفة لما شرب الخمر وكان بينه وبين عثمان قرابة فلما جاء به إلى عثمان قال عثمان لعلي اجلده فجلده أربعين فقال جلد النبي ﷺ أربعين جلد أبو بكر أربعين وجلد عمر ثمانين وكل سنّة وهذا أحب إلي، عمر رفع الجلد إلى ثمانين من باب التعزير كما أنه لما اجتمع الناس في الطلاق الثلاث أوقعه عليهم من باب التعزير، وكان الطلاق الثلاث على عهد النبي ﷺ وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر كان طلاق الثلاث واحدة فلما أكثر الناس من الطلاق الثلاث عاقبهم عمر وعزرهم وأمضاه عليهم وأخذ بهذا جمهور العلماء والأئمة الأربعة.

وكذلك في الخمر كان الشارب حدّه أربعين فلما كثر الذين يشربون الخمر تابع الناس في عهد عمر جمع الناس واجتهد فرفع الجلد إلى ثمانين تعزيرا قال عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانين وهو جلد القاذف جعله أخف الحدود.

(المتن)

وسواءً كان عصير العنب أو غيره.

(الشرح)

هذا هو الصواب خلافاً لأهل الكوفة والأحناف الذين يقولون أن الخمر خاص بعصير العنب وهو أنه عام لعموم الحديث كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ولحديث عمر ذكر أن الخمر حُرّمت وكانت من أنواع من العصير كانت من العنب ومن التمر ومن العسل ومن الذرة ومن الشعير.

(المتن)

ومن أتى من المحرّمات ما لا حدّ فيه لم يزد على عشر جلدات لما روى أبو بردة قال قال رسول الله ﷺ لا يُجلد أحد أكثر من عشر جلدات إلا في حدٍّ من حدود الله.

(الشرح)

إذا فعل معصية مثلاً فيها حد فإنه يُعزر ما يراه الحاكم صائباً له ولا يُجلد أكثر عشر جلدات هذا في التأديب ولكن قد يزاد على عشر جلدات لكن يضاف إلى الحد فقد يُجلد، قد يُعذّر الحاكم بجلده أقل من ثمانين جلدة ست وسبعين، سبعين جلدة.

ماذا يقول الشارح؟ لا يوجد فوق عشرة أشواط..

(الشارح)

وذلك أن الجنايات التي لا حدّ فيها كوطء الشريك جاريته المشتركة

(لأنه فيه شبهة)

أو أمته المزوجة

(كذلك له شبهة أنه أمة له)

أو امرأته في دبرها

(له شبهة أنها زوجته)

أو حيضها أو وطئ أجنبيةٍ دون الفرج

(لا يقام عليه الحد)

أو سرق دون النصاب أو من غير سلب.

(كل هذا يعزر ولا تقام عليه الحدود)

أو شتم إنساناً بما ليس بقذف ونحوه فإنّ ذلك يوجب التعزير واختُلف عن أحمد بمقدار فرُوي عنه أنه لا يُزاد على عشر جلدات نص عليه في مواضع بما روى أبو بردة ورُوي عن الإمام أحمد ما يدل على أنه لا يبلغ بكل جناية حداً مسموعا من جنس تلك الجناية وتحمّله كلام.

(الشرح)

هذا هو الأقرب على هذا المسألة فيها قولان لأهل العلم إذا فعل معصية لا تصل إلى الحد ليس فيه حدا فإنه يعزر بما لا يصل إلى الحد من جنس تلك الجناية فإن القاذف يُجلد ثمانين جلدة فإذا قذف بغير الزنى الحاكم له أن يعزره لكن بجلدات لا تصل إلى الحد إذا شتم شخصاً (01:08:22)، أما إذا قذف بالزنى أو باللواط يجلد الحد ثمانين أما إذا قذف بغير ذلك الحاكم له أن يعزر بعشر جلدات عشرين ثلاثين  وكذلك الزاني يُجلد مئة جلدة فإذا لم يصل إلى حد الزنى ولكن خلا بها أو قبّلها أو فعل كل شيء إلا الجماع فإنّ الحاكم له أن يعزره إلى تسع وتسعين جلدة لا يصل إلى الحد لأن حد الزنى مئة وهذه المعصية دون الزنى فالجنس واحد فله أن يعزره بما دون ولكن لا يصل إلى الحد.

والقول الثاني أن التعزير لا يزيد على عشر جلدات لكن هذا قولٌ مرجوح كما ذكر المؤلف.

(المتن)

إلا أن يطأ جارية امرأته بإذنها فإنه يُجلد مئة.

(الشرح)

إذا وطئ جارية امرأته، كانت زوجته لها جارية عبدة ثم أُذن له أن يطأها فوطئها فإنه يُجلد مئة لحديثٍ ورد بذلك وهذا مستثنى وهذا إذا ثبت الحديث.

ماذا قال في الحديث؟

(الشارح)   

حديث النعمان بن بشير، وهذا تعزير لأنه في حق المحصن وحدّه الرجم.

(الشيخ)

ما هو تخريج حديث النعمان، ماذا ذكر؟

(الشارح)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فِي الرَّجُلِ يَأْتِي جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جُلِدَ مِئَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ رَجَمْتُهُ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ إِلَخْ.

قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وابن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ النُّعْمَانِ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيَّ يَقُولُ لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ وَأَبُو بِشْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ.

(الشرح)

الحديث فيه انقطاع ما دام لم يسمع منه فيه انقطاع وكونه حديثاً حسناً هذا شيء آخر كونه يتعلق بضبطه، ما دام فيه انقطاع يكون حديثاً ضعيفاً لا يكون حديثاً حسناً.

قال لم يسمع ماذا؟

 (الشارح)

قال لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم

(الشرح)

كيف يقول الحديث لين؟!

(الشارح)

قال لم يسمع  قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث إنما رواه عن خالد بن عرفطة وخالد بن عرفطة مقبول فحديثه حسن.

(الشرح)

رواه عن خالد بن عرفطة، لكن هل سمعه منه؟ إذا كان سمعه منه يبقى مسألة اللين في خالد أما إذا لم يسمع فالانقطاع باقٍ، فهو منقطع.ليس الإشكال بخالد بن عرفطة الإشكال بالانقطاع، فالانقطاع يحتاج إلى متابع أو شاهد، أما خالد بن عرفطة أن يكون ليناً أو لا ما في مشكلة، لو كان سمعه منه ننظر في لينه أو عدم لينه لكن الكلام فيه انقطاع ما دام في انقطاع.الكلام في هذا الحديث.

(المتن)

باب حد السرقة

ومن سَرق ربع دينار من العين أو ثلاثة دراهم من الورق أو ما يساوي أحدهما من  المال فأخرجه من الحرز قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحُسِمت.

(الشرح)

السارق إذا سرق مالاً من حرز وكان بالغاً عاقلاً وكان هذا الذي سرقه مقدار ربع دينار من العين يعني من الذهب أو ثلاثة دراهم من الورق يعني من الفضة تُقطع يده اليمنى من مفصل الكف وحُسمت يعني وُضعت في الزيت المغلي حتى ينقطع الدم وتنسد العروق، هذه هي الشروط لا بد أن تكون السرقة وأن يكون أخذ المال عن خفية فإن أخذه علانية فلا تسمى سرقة بل تسمى (1:16:33) ولا بد أن يسرق المال فيكون سارقاً، ولا بد أن يكون السارق بالغا عاقلا فإن كان صبياً أو مجنوناً فلا، ولا بد أن يخرجه من الحرز فإن وجده بدون حرز فلا يقام عليه الحد لكن يُعزّر ولا بد أن يبلغ النصاب ربع دينار من الذهب أو ثلاث دراهم لقول النبي ﷺ لا تُقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً قال العلماء الأصل ربع دينار أو الأصل ثلاث دراهم.

وعند الأحناف أنه لا تُقطع إلا في عشرة دراهم وهذا ضعيف، فإن النبي ﷺ قطع يد من سرق رداء صفوان وكان رداؤه يساوي ثلاثة دراهم.

هذه الشروط أن تكون سرقة وهو أخذ المال خفية وأن يُخرجه من الحرز وأن يبلغ النصاب وأن يكون السارق بالغا عاقلا.

(المتن)

ومن سرق ربع دينار من العين أو ثلاثة دراهم من الورق أو ما يساوي أحدهما من سائر المال فأخرجه من الحرز قُطعت يده اليمنى من مفصل الكتف وحُسمت.

(الشرح)

يعني تُحسم بالزيت المغلي حتى ينقطع الدم وتنسد العروق لأنه لو تُركت خرج الدم نفر الدم ومات، وهذه العقوبة لمنعه من السرقة لأنه أخذ المال بيده فعوقب بقطع اليد.

وقد افترى بعض الملاحدة على الله في تشريعه قطع يد السارق وطعن في الرب وقال أن الرب المتناقض نعوذ بالله، كيف أحياناً يوجب نصف الدية في قطع اليد وأحياناً يقطعها في ربع دينار؟!

يقول:

يد بخمس مئين عسجدٍ وُديت ما بالها قُطعت في ربع دينارِ
تناقضٌ ما لنا إلا السكوت له أو أن نعوذَ بمولانا من النارِ

فأُجيب هذا الملحد أجابه بعض العلماء وقال: لما كانت عزيزة كانت فيها الدية ولما خانت هانت وذلّت، وأجابه بأبيات:

يد بخمس مئين عسجدٍ وُديت لكنـها قـطعت في ربع دينار
عزُّ الأمانةِ أغلاها وأرخـصها ذلُّ الخيانةِ فافهم حكمة الباري

هذا الرد على الملحد، لما كانت عزيزة قُطعت صار فيها نصف الدية ولما صارت خائنة ذليلة قُطعت في ربع دينار.

(المتن)

فإن عاد قُطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحُسمت.

(الشرح)

إذا عاد وسرق مرة ثانية تُقطع رجله اليسرى من مفصل القدم ثم تُحسم أيضاً وإنما قُطعت رجله اليسرى حتى يكون متوازن لأنه قُطعت يده اليمنى ورجله اليمنى صار مختل التوازن ولا يستطيع المشي، فإذا قُطعت يده اليمنى ورجله اليسرى صار فيها اعتدال.

(المتن)

فإن عاد حُبس ولا يُقطع غير يد ورجل.

(الشرح)

إذا عاد سرق مرة ثالثة يُحبس ولا يُقطع غير يد ورجل، على هذا يُقطع مرتين إذا سرق المرة الأولى قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف ثم إذا سرق الثانية قُطعت رجله اليسرى من مفصل القدم والساق فإن سرق الثالثة حُبس، ولا يُقطع غير يد ورجل.

والقول الثاني أنه يُقطع في المرة الثالثة والرابعة، أنه إذا سرق المرة الأولى يده اليمنى فإن سرق المرة الثانية قُطعت رجله اليسرى فإن سرق المرة الثالثة قُطعت يده اليسرى فإن سرق المرة الرابعة قطعت رجله اليمنى فإن عاد حُبس.

ماذا قال عليه الشارح؟ ألم يتكلم في القول الثاني؟ أم لم يتكلم عليه؟!

(المتن)

ولا تثبت السرقة إلا بشهادة عدلين أو اعترافٍ مرتين.

(الشرح)

تثبت بـأحد أمرين إما بشهادة عدلين رجلين عدلين مسلمين يشهدان أنه سرق من الحرز النصاب فصاعداً أو بإقرار، بإقراره مرتين يقر على نفسه مرتين أنه سرق.

والقول الثاني أنه يكفي الإقرار ولو مرة واحدة وهذا هو الصواب يكفي الإقرار ولو مرة واحدة ولا بد أن يكون بالغا عاقلا.

(المتن)

ولا يُقطع حتى يطالب المسروق منه بماله.

(الشرح)

لا تُقطع يده حتى يطالب المسروق بماله لأنه حقٌ له، لأنه يسرق منه ثم يعفو عنه ثم يهبه له فإذا سرق شخص مالاً ثم وهبه له فلا حدّ عليه أو عفا عنه قال سامحته كان حقٌّ له.

(الشارح)

ذكر: وعن أحمد أنه تُقطع يده اليسرى في الثالثة وفي الرابعة رجله اليمنى وفي الخامسة يعزّر ويُحبس وهو قول الشافعي لما روى أبو هريرة  أن النبي ﷺ قال في السارق إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله.

(الشرح)

وهذا هو الصواب وهذا يدل على أن هذا السارق السرقة متأصلة فيه متمكنة منه، تُقطع يده اليمنى والعياذ بالله ثم يسرق تُقطع رجله اليسرى ثم يسرق في الثالثة معناها أنه لم يستفد من إقامة الحد عليه ما زالت الجريمة متأصلة في نفسه -نعوذ بالله-.

(المتن)

ولا يُقطع حتى يطالب المسروق منه بماله وإن وهبها للسارق أو باعه إياها قبل ذلك سقط القطع.

(الشرح)

إذا وهبها أو باعه إياها للسارق سقط القطع قبل أن يطالب، سرق شخص من شخص شيئاً ثم علم به ثم وهبه له قال وهبته لك أو باعه عليه قال بعت عليك سرق شخص من شخص مثلاً أي شيء من الأنواع، سرق مثلاً ثلاجة ثم قال وهبتها لك لأنك فقير أو قال بعتها عليك ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف قبل أن يطالب يسقط القطع فإن طالب بحقه ورفع أمره إلى الحاكم الشرعي ثم وهبه له أو باعه عليه فلا يسقط الحد .إن كانت المطالبة قبل الهبة وقبل البيع فإنه يُقام عليه الحد وإن كان البيع والهبة سابق في المطالبة فإنه يسقط عنه الحد.(..) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا عموم الآية أنه كل ما سرق يقطع.

(المتن)

وإن كان بعده لم يسقط، وإن نقصت عن النصاب بعد الإخراج لم يسقط القطع.

(الشرح)

إن نقصت العين المسروقة عن النصاب لم يسقط القطع أخرجها من الحرز ثلاثة دراهم ثم بعد ذلك سقط منها شيء فنقصت الدراهم أو متاع يساوي ثلاثة دراهم ثم بعد ذلك سقطت من هذا المتاع يقام عليه الحد، أما إذا كان أخرجها من الحرز وهي ناقصة عن النصاب فلا يقام عليه الحد.إن نقصت العين المسروقة عن النصاب بعد إخراجها من الحرز يقام عليه الحد، وإن أخرجها من الحرز وهي ناقصة فلا يقام عليه الحد لأنها لم تبلغ النصاب.

(المتن)     

وإن كان قبله لم يجب.

(الشرح)

يعني قبل إخراجه من الحرز إن نقصت العين عن ثلاثة دراهم أو عن ربع دينار بعد إخراجها من الحرز يقام عليه الحد وإن أخرجها ناقصة لا يقام عليه الحد لا يجب إقامة الحد عليه.

(المتن)

وإذا قطع فعليه رد المسروق إن كان باقياً أو قيمته إن كان تالفاً.

(الشرح)

وإذا قطع يجب عليه أيضا تُقطع يده ويُرد المسروق إلى صاحبه يرد العين إن كانت باقية وإن كانت تالفة ردّ قيمتها، يعني كونه يقام عليه الحد لا يسقط عنه المال، المال يُرد إلى صاحبه إن كان موجوداً رده بعينه وإن كان تالفاً أُلزم بالقيمة.

(سؤال)

هل يمكن أن يده اليسرى تُقطع بعد اليمنى أليس هو الأقرب إلى الموافقة؟

(جواب)

اليسرى بعد اليمنى جاء ما يدل على أن (..)هذا فيه توازن له لأنه إذا قُطعت يده اليسرى ما يتحرك ولا يستطيع أن يتناول شيئاً، فتُقطع رجله اليسرى أحسن، تُقطع رجله اليسرى يتوازن في المشي وتكون يده اليسرى يعمل بها ويتحرك بها ويأكل بها ويعطي بها، لكن إذا قُطعت يده اليمنى ويده اليسرى فما يتحرك فلا يأخذ ولا يعطي.

وفق الله الجميع

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد