شعار الموقع

شرح كتاب القواعد الحسان الدرس الثاني

00:00
00:00
تحميل
163

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومَن والاه، أما بعدُ:

فأشار عليَّ بعضُ الإخوان باختصار الشرح، وقال: إنَّ المقدمة أطلنا فيها، وأننا لو مشينا على هذه الطريقة ما نمشي في القواعد والضوابط طويلًا، سبعون قاعدة.

فأشار بأنْ نسرعَ في الشرح، وأن نشرحَ المهم، ونضربَ الأمثلة ونمشي حتى نقطعَ شوطًا، ومقدارًا كبيرًا من هذه القواعد، ويكون إن شاء الله رأيه رأيٌ سليم، نرجو الله أن نسيرَ كذلك.

القارئ:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:

المتن

القاعدة الأولى: في كيفية تلقي التفسير.

كلُّ من سلك طريقًا، وعمل عملًا، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح، كما قال تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة: 189].

وكلَّما عَظُمَ المطلوب تأكد هذا الأمر، وتعيَّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه، ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها وأصلها.

فاعلم أن هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم.

الشرح

بِسْمِ اللَّهِ، والحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وبعدُ:

قال المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى: "القاعدة الأولى: في كيفية تلقي التفسير"؛ يعني هذه القاعدة، عقدَ المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ في الكيفية التي يتلقاها الإنسان في تفسير كلام الله.

أي طريقة يتلقاها؟ أي كيفية؟ قال لك: مثلًا من الكيفيات: تفسير القرآن بالقرآن، هذه كيفية.

من الكيفيات: تفسير القرآن بالحديث.

من الكيفيات: تفسير القرآن بما دلّت عليه اللُّغة العربية، وهكذا.

تفسيرُ القرآن بما دلَّ عليه سببُ النزول، هذه كيفية، كيفية تلقي التفسير.

وبيَّن المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ أن الكيفية هي المفتاح، ولذلك قال: "كلُّ من سلك طريقًا، وعمل عملًا، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح"، ويصله به غايته.

مَن يسلك الطريق المؤدي إلى الغاية يُفْلِح ويَصل، أمَّا الذي يسلك طريقًا آخر مخالفًا لما يوصل إلى الغاية فلا ينجح.

فإذن نريد أن نعرف الطريق الموصل إلى الغاية، إلى فهمِ كلام الله، مثلًا نفسِّر القرآن كما بيَّن جمعٌ من أهل العلم، نفسِّر القرآن أولًا نفسِّر القرآنَ بالقرآن، فما أُجمل في موضعٍ فُصِّل في آخَر.

ثم نفسِّر القرآن بالسُّنة النبوية، نفسِّر القرآن بما دلَّ عليه، بأسباب النزول، نفسِّر القرآن باللغة العربية، وهكذا.

قال المؤلف: "كما قال تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة: 189].

وكلَّما عَظُمَ المطلوب تأكد هذا الأمر،".

إذا عَظُمَ المطلوبُ، إذا كان المطلوب عظيمًا يتأكد، كون الإنسان يسلك الطريق من بابه الموصل إليه، "وتعيَّن البحث التام عن أمثل وأحسن الطرق الموصلة إليه".

أحسن طريق توصل إلى الغاية هي التي تسلكها.

ثم قال المؤلف: "ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها".

أهم الأمور وأجلها أن تَعْرِفَ كيف تفسِّر كلام الله، وكيف تتلقى تفسير كلام الله، قال: أجل الأمور وأصلها. نعم.

ثم قال: "فاعلمْ".

اعلم؛ يعني تيقن، واجزم. نعم.

المتن

اعلم أن هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم، وأنه في كل وقت وزمان يرشد إلى أهدى الأمور وأقومها إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9].

فعلى الناس أن يتلقوا معنى كلام الله كما تلقَّاه الصحابة ؛ فإنهم إذا قرأوا عشر آيات، أو أقل، أو أكثر، لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ما دلت عليه من الإيمان والعلم والعمل، فينزلونها على الأحوال الواقعة، فيعتقدون ما احتوت عليه من الأخبار.

الشرح

فيعتقدون ما احتوت عليه من العقائد والأخبار.

المتن

فيعتقدون ما احتوت عليه من العقائد والأخبار، وينقادون لأوامرها ونواهيها، ويُدخلون فيها جميع ما يشهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم.

الشرح

هنا قال: ويطبِّقونها على جميعِ.

المتن

ويحاسبون أنفسهم: هل هم قائمون بها، أو مُخلُّون؟ وكيف الطريق إلى الثبات على الأمور النافعة، وإيجاد ما نقص منها؟ وكيف التخلص من الأمور الضارة؟

الشرح

هنا: وتدارك ما نقص منها.

المتن

فيهتدون بعلومه، ويتخلَّقون بأخلاقه وآدابه، ويعلمون أنه خطاب من عالم الغيب والشهادة، موجَّه إليهم، ومطالبون..

الشرح

مُطالَبون، بدون واو.

المتن

 مطالبون بمعرفة معانيه، والعمل بما يقتضيه.

الشرح

نعم، يقول المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ: "هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية": كما سبقَ، هذا القرآن كتاب هداية، ليس كتاب طبٍّ، ولا هندسة، ولا فلك، ولا رياضة، لا.. كتابُ هدايةٍ، أنزله اللهُ "لهداية الخلق وإرشادهم، في كل وقت وزمان يرشد -هذا القرآن- إلى أهدى الأمور وأقومها"، واستدلَّ بقوله تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9].

عامّ، ولم يقل: يهدي لكذا أو لكذا؛ لإفادة العموم، لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ؛ أقوم للأخلاق، أقوم الطرق، أحسن الأمور، في كل شيء، في أمور التعبد، في أمور الأخلاق، في الآداب وفي غيرها.

"إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]، فعلى الناس أن يتلقوا معنى كلام الله كما تلقَّاه الصحابة".

الصحابة كيف تلقوه؟ كما قال أبو عبد الرحمن السُّلمي: حدثنا الذين يقرأون القرآن: عبد الله بن مسعود، وعثمان بن عفان، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آياتٍ، لم يجاوزوها حتى يتعلموا معانيها، والعمل بها.

قال: فتعلمنا العلمَ والعملَ جميعًا.

كل عشر آيات، ما يتجاوزها حتى يتعلمها؛ ولذلك رُوي عن ابن عمر أنه جلسَ في تفسير البقرة ثمان سنوات، ثمان سنوات حتى يتعلمَ معانيها والعملَ بها.

هذه ميزة الصحابة، أمَّا نحن الآن الواحد يقرأ القرآن كله، يستظهره، ولكن لو سألتَ عن معانيه ما فهمَ إلا القليل، لكن الصحابة لا، يتعلمون العلمَ والعمل جميعًا.

يطبِّقونه على جميع أحوالهم ووقائعهم، الموجودة المشهودة بينهم، ويُنزِّلونها على الأحوالِ، فيما احتوت عليه من العقائد والأخبار، يحاسبون أنفسهم، وهل هم سائرون على الطريق؟ وكيف الطريق إلى الثبات؟ وكيف التخلص من الأمور الضارة؟ فيهتدون بالعلوم، ويهتدون بالأخلاق والآداب. نعم.

المتن

فمَن سلك هذا الطريق الذي سلكوه، وجدَّ واجتهد في تدبُّر كلام الله، انفتح له الباب الأعظم في علم التفسير، وقويت معرفته، وازدادت بصيرته.

الشرح

واستنارتْ.

المتن

واستنارتْ بصيرته، واستغنى بهذه الطريقة عن كثرة التكلُّفات، وعن البحوث الخارجية، وخصوصًا إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانبًا قويًا، وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي ﷺ وأحواله مع أوليائه وأعدائه؛ فإن ذلك أكبر عون على هذا المطلب.

ومتى علم العبد أن القرآن فيه تبيان كل شيء، وأنه كفيل بجميع المصالح، مبيِّن لها، حاثّ عليها، زاجر عن المضارِّ كلها، وجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ونزَّلها على كل واقعٍ وحادث سابق أو لاحق، ظهر له عِظَمُ موقعها وكثرةُ فوائدها وثمراتها.

الشرح

"فمَن سلك هذا الطريق"؛ يعني فسَّر مسار القرآن بأقرب طريق، يتلقاه كما تلقاه الصحابة، فإنه "وجدَّ واجتهد في تدبُّر كلام الله"، فإنَّ اللهَ يفتحُ له في علم التفسير، وتقوى معرفته، وتستنير بصيرته.

وتكون هذه الطريقة تُغْنِيه عن الطُّرق الأخرى المخالِفة، وخصوصًا إذا كان عنده شيء يُعِينه؛ كأنْ يكون عنده شيء من علوم العربية، كان له أيضًا عناية بقراءة بسيرة النبي ﷺ،  وأحواله مع أوليائه وأعدائه؛ فإن هذا يكون أكبر عونٍ له.

والعبدُ متى عَلِمَ أن القرآن فيه بيان كل شيء، كما قال تعالى: تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: 89]، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: 89]، وأنَّ القرآنَ كفيل بجميع المصالح الدينية والدنيوية، وأنه يحثُّ عليها، ويزجر عما يضارها، فإنه يظهر له عِظَمُ موقع هذه القاعدة وكثرة فوائدها وثمراتها. نعم.

المتن

ويلتحق بهذه القاعدة:

القاعدة الثانية: العِبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.

وهذه قاعدةٌ نافعة جدًا، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير، وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع الغلط والارتباك.

الشرح

ويقعُ في الغلطِ.

المتن

ويقعُ في الغلط والارتباكِ.

الشرح

يعني هذه القاعدة قد تقول: العِبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، يعني مثلًا سببُ هذه الآية نزلت في رَجُلٍ صحابيٍّ مثلًا، هل هي خاصّةٌ بهذا الرَّجُل، أو أنها تشمله وتشمل غيره؟

الجواب: أنها تشمله وتشمل غيره، صحيح هو السبب، يدخل فيها دخولًا أوليًّا، لكن لا يمنع من دخول غيره.

مثلًا: إذا قلنا: قوله تعالى في قصة : إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ [النور: 11] نزلت في عبد الله بن أُبَيّ رئيس المنافقين، هل هي خاصّةٌ به؟ ليست خاصةً به.

كلُّ مَن جاء بالإفك فله نصيبٌ من هذا، إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ [النور: 11]، والإفكُ أسوأ الكذب، إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور: 11].

فإذن هذه القاعدة تقول: العِبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، يعني تكون هذه الآية سببُ نزولها سببٌ خاصٌّ في شخص أو حالٍ مُعيَّن، هل نقول: إنها خاصةٌّ بهذا السبب، وبهذا الحال؟

لا، نقول: هذا السببُ وهذا الحال يدخل دخولًا أوليًّا، وغيره يدخل أيضًا، كلُّ ما يشمله اللفظ يدخل، هذا معنى القاعدة.

فإذا راعَى الإنسانُ هذه القاعدة حصل له الخير الكثير، وزال عنه محظور كثير، وسَلِمَ من الغلطِ والارتباك. نعم.

المتن

وهذا الأصل اتفق عليه المحققون من أهل الأصول وغيرهم، فمتى راعيتَ القاعدة السابقة، وعرفت أن ما قاله المفسِّرون من أسباب النزول إنما هي أمثلة توضح الألفاظ، ليست الألفاظ مقصورة عليها، فقولهم: "نزلت في كذا، وفي كذا"، معناه: أن هذا..

الشرح

سببٌ وليست إيش؟ أعدِ السطرين.

المتن

فمتى راعيتَ القاعدة السابقة، وعرفت أن ما قاله المفسِّرون من أسباب النزول إنما هي أمثلة توضح الألفاظ، ليست الألفاظ مقصورة عليها.

الشرح

"ليست معاني الألفاظ".

المتن

ليست معاني الألفاظ مقصورةً عليها..

الشرح

ساقطة المعاني؟ مهمة، اكتبها. "ليست المعاني مقصورةً عليها". نعم.

المتن

 فقولهم: "نزلت في كذا، وفي كذا"، معناه: أن هذا مما يدخل فيها، ومن جملة ما يُراد بها؛ فإنه ـ كما تقدم ـ إنما أُنزل القرآن لهداية أول الأمة وآخرها. والله تعالى قد أمرنا..

الشرح

"وحيث تكون، وأنَّى تكون"، ساقطة عندك.

"وحيث تكون، وأنَّى تكون": يعني هذه القاعدة تقول: إن سبب النزول مثالٌ فردٌ، وليست الآية خاصَّةً به، واضح هذا؟

من جملة ما يُراد بها هذا السبب، والآية أُنزلت تشمل كلَّ ما يدخل في عموم اللفظ، كل ما يشمله عموم اللفظ؛ لأن القرآن نزلَ لهداية الأولين والآخرين، هذه الأُمَّة من أولها إلى آخرها، ليست خاصة ببني إسرائيل، نعم.

المتن

اللهُ تعالى قد أمرنا بالتفكر والتدبُّر لكتابه، فإذا تدبَّرنا الألفاظ العامة، وفهمنا أن معناها يتناول أشياء كثيرة؛ فلأي شيء نُخْرِجُ بعض هذه المعاني، مع إدخالنا ما هو مثلها ونظيرها؟

ولهذا قال ابن مسعود : إذا سمعتَ الله يقول: يا أيها الذين آمنوا، فأرعها سمعك؛ فإنه إما خيرٌ تُؤمر به، وإما شرٌّ تُنهى عنه([1]).

الشرح

نعم، يقول المؤلف: إنَّ الله تعالى أمرنا بالتفكر والتدبُّر لكتابه، وإذا تدبَّرنا الألفاظ العامة، فهمنا أن معناها يشمل أسباب النزول وغيره، فلأي شيءٍ نَقْصِرُ الآية على أسباب النزول؟! مع أن ما يمثِّل أسباب النزول يشمله اللفظ، ولهذا قال ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قولته المشهورة: إذا سمعتم الله يقول: يا أيها الذين آمنوا، فأرعها سمعك، فإنه خيرٌ تُؤمر به، أو شرٌّ تُنهى عنه، نعم.

المتن

فمتى مرَّ بك خبرٌ عن الله، وعمَّا يستحقه من الكمال، وما يتنزَّه عنه من النقص..

الشرح

فمتى مرَّ بكَ خبرٌ عن صفات الله وأسمائه.

المتن

فمتى مرَّ بكَ خبرٌ عن صفات الله وأسمائه، وعمَّا يستحقه من الكمال، وما يتنزَّه عنه من النقص، فأَثْبِتْ جميع ذلك المعنى الكامل الذي أثبته لنفسه، ونزِّهه عن كل ما نزَّه نفسه عنه.

وكذلك إذا أخبر عن رسله، وكتبه، واليوم الآخر، وعن جميع الأمور السابقة واللاحقة، جزمت جزمًا لا شك فيه أنه حقٌّ على حقيقته، بل هو أعلى أنواع الحق والصدق وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: 122] و حَدِيثًا [النساء: 87].

وإذا أمر بشيء نظرت إلى معناه، وما يدخل فيه وما لا يدخل، وأن ذلك موجه إلى جميع الأُمة. وكذلك في النهي؛ ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصل الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل الشر والجفاء.

فمراعاة هذه القاعدة أكبر عونٍ على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله..

الشرح

والقيامِ به.

المتن

فمراعاة هذه القاعدة أكبر عونٍ على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، والقيام به، والقرآن قد جمع أجلّ المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها، كما قال تعالى: وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا [الفرقان: 33] يوضح ذلك ويبينه وينهج طريقه: القاعدة الثالثة.

الشرح

المؤلف رَحِمَهُ اللهُ يقول: هذه القاعدة كافية، وهي: أن العِبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

إذا مرَّ بكَ خبرٌ عن صفات الله وأسمائه وعمَّا يستحقه من الكمال، تُثْبِت له جميع ذلك المعنى الكامل الذي يتضمنه الاسم، وتنزِّهه عن كل ما نزَّه نفسه.

إذا مرَّ بك خبرٌ عن الرسل، عن الكتب المنزلة، وعن اليوم الآخر، وعن الأمور السابقة واللاحقة، تجزم جزمًا أنه على حقيقته، وأنه أعلى أنواع الصِّدق.

إذا أمرَ القرآن بشيءٍ فانظر إلى معناه وادخل فيه، إذا.. قد تَعْلَم أن هذا الأمر موجَّه لجميع الأُمة،

 ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصل كل الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل كل الشر والخسران.

إذا هذه القاعدة، إذا ضبطها الإنسان فتكون أكثر معينٍ له على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله والقيام به.

القرآن جمعَ جُلّ المعاني، وجمعَ أكثر المعاني، وأصدق المعاني، بأوضح الألفاظ وأحسنها، ولهذا قال سبحانه: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا [الفرقان: 33]، نعم.

المتن

القاعدة الثالثة:

الألف واللّام الداخلةُ على الأوْصاف، وأسماء الأجناس، تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه.

وقد نصَّ على ذلك أهلُ الأصول، وأهلُ العربية، واتفق على اعتبار ذلك أهل العلم والإيمان.

فمثل قوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ إلى قوله: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35]، يدخُل في هذه الأوصاف كل ما تناوله من معاني الإسلام، والإيمان، والقنوت، والصدق، إلى آخرها.

وأن بكمال هذه الأوصاف يَكمُل لصاحبها ما رُتِّب عليها من المغفرة والأجر العظيم، وبنقصانها ينقص، وبعدمها يُفقد.

وهكذا كلُّ وَصْف رُتِّب عليه خيْر وأجر وثواب، وكذلك ما يقابل ذلك: كل وصف نهى الله عنه، ورتَّب عليه وعلى المتَّصِف به عقوبة، وشرًا، ونقصًا، يكون له من ذلك بحسب ما قام به من الوصف المذكور.

وكذلك مثل قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۝ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج: 19 - 21]، عامٌّ بجنس الإنسان، فكلُّ إنسان هذا وصفه، إلا من استثنى الله بقوله: إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج: 22].. إلى آخرها.

كما أن قوله: وَالْعَصْرِ  ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: 1، 2]؛ دالٌّ على أن كلَّ إنسان عاقبته ومآله إلى الخسار، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ الآية [العصر: 3] وأمثال ذلك كثير.

وأعظم ما تعتبر به هذه القاعدة: في الأسماء الحسنى.

الشرح

يعني هذه القاعدة أُصولية، فقال: "الألف واللّام الداخلةُ على الأوْصاف، وأسماء الأجناس، تفيد الاستغراق"، الألف واللام تُفيد الاستغراق، إيش معنى الاستغراق؟ يعني تستغرق جميع الأوصاف، جميع الأسماء.

إذا جاءك اسم جنس أو وصف، ودخلت عليه أل، يشمل جميع مسمَّاه، مثّل المؤلف، قال: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ [الأحزاب: 35]، المسلمين هذا إيش؟ اسم جنس، يشمل كل مسلم، سواء عاصي أو مطيع، أو مبتدع، ما دام يُسمّى مسلم دخل.

كذلك أيضًا الأوصاف، كلُّ ما وصف الله .. كل ما جاء وصف فإنه يدخل في هذا.

مثلًا: كل وصفٍ مثلا: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: 2]، وصفان، مَن ينطبق عليه هذا الوصف، فإنه يُجلد مائة جلدة، وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ [النور: 4]، هذا وصف للقاذف، كلّ قاذف يُجلد ثمانين جلدة، وهكذا.

من الأسماء، مثل: اسم الإنسان، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: 2]، جنس، كل إنسان فهو خاسر، إلا مَن استثناه الله.

هذه قاعدة، تقول: الألف واللام إذا دخلت على وصف أو اسم جنس يفيد الاستغراق، ومعنى الاستغراق: استغراق الأسماء، أسماء الجنس، واستغراق الأوصاف.

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا [المعارج: 19]، هذه الـ دخلت على الإنسان، والإنسان اسم فتفيد الاستغراق، إلا من وصفه الله: إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج: 22]، إلا مَن استثناه الله.

المتن

وأعظم ما تعتبر به هذه القاعدة: في الأسماء الحُسنى؛ فإن في القرآن منها شيء كثير، وهي أجلُّ علوم القرآن، فمثلًا يُخبِرُ الله عن نفسه أنه الله، وأنه الملك، والعليم، والحكيم، والعزيز، والرحيم، والقدّوس السلام، والحميد المجيد، فـ"الله" هو الذي له جميع معاني الألوهية التي يستحق أن يُؤلَهَ لأجلها، وهي صفات الكمال كلها، والمحامد كلها، والفضل كله، والإحسان كله، وأنه لا يشارك الله أحد في معنى من معاني الألوهية، لا بشر، ولا ملك، بل هم جميعًا متألِّهون متعبِّدون لربهم خاضعون لجلاله وعظمته.

وأنه الملِك الذي له جميع معاني المُلك، وهو الْمُلْك الكامل، والتصرف النافذ، وأن الخلق كلهم مماليك لله، عبيد تحت أحكام ملكه القدرية، والشرعية، والجزائية.

الشرح

هذه أمثلة ضربها المؤلف رَحِمَهُ اللهُ، أمثلة لدلالة الـ على الاستغراق والعموم.

قال: مثلًا هذه القاعدة طبّقها في الأسماء الحُسنى التي وصف الله بها نفسه، تجد في القرآن الشيء الكثير، مثلًا: أخبر الله عن نفسه أنه الرَّب، (الـ) دخلت على الرب، والحيّ دخلت عليها (الـ)، والقيّوم دخلت عليه (الـ)، والمَلك دخلت عليه (الـ)، والعليم دخلت عليه (الـ)، والحكيم دخلت عليه (الـ)، والعزيز دخلت عليه (الـ)، والرَّحيم دخلت عليه (الـ)، والقُدُّوس دخلت عليه (الـ)، والسَّلام دخلت عليه (الـ)، والحميد والمجيد.

فقوله: الرب هنا يشمل جميع معاني الرُّبوبية، الذي يستحقها، وهذا مستمد من (الـ)، الحميد يشمل جميع أنواع الحمد، وأنَّ الله لا يُشاركه أحدٌ في ذلك، لا بشر ولا مَلَك؛ لأنَّ الخَلق جميعًا عبيدٌ مَرْبُوبون.

فلا ينبغي لأحدٍ أن يشارك الله في عبادته، وفي أُلوهيته، ربوبية الله فيها تربية، معناها يُربّي الجميع، من الملائكة (........) خَلقًا، ورزقًا، وتدبيرًا، إلى آخره، والإلهية حقُّ الله سبحانه.

المتن

وأنه العليم بكلِّ شيء، الذي لا يَخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

الشرح

يعني أيضًا كذلك ذكر: أن الإله حقُّ الله على عباده، بصفة ربوبيته، وأنه المَلِك الذي له جميع معاني المُلك، وهو الْمُلْك الكامل، والتصرف النافذ، وأن الخلق كلهم مماليك لله، عبيد تحت أحكام مُلكه، الخَلق و البشر كُلُّهم تحت أحكام مُلك الله.

وأحكام الله ما هي؟ أحكام الله تنفذ على العباد، أحكام الله ثلاثة أنواع: قدرية، و شرعية وجزائية.

فالله تعالى يحكم بين عباده بحكمه القدري، ويَحكم بين عباده بحكمه الشرعي، ويحكم بين عباده بحكمه الجزائي.

ما الفرق بين هذه الأحكام؟

حكم الله القدري: ما يُقدّره على العباد، حكمه القدري قدّر على هذا يكون فقيرًا، ما يمكن أن يكون غنيًّا، لابد أنْ يَنْفُذَ فيه حُكْمُ اللهِ.

قدّر أن يكون هذا غنيًّا، ما يمكن أن يكون فقيرًا، إلا إذا أراد الله أنْ يتغير حالُه، قدّر أن هذا عزيز يكون عزيزًا، قدّر أن هذا بخيل، يكون بخيلًا.

هذا حُكم الله القدري، قدّر أن هذا يموت، لابد أن يموت، ما يمتنع عن الموت.

حُكم الله القدري نافذٌ، قدّر أن هذا طويل ما يمكن أن يصير قصيرًا، قدّر أن هذا يكون قصيرًا، ما يكون طويلًا.

قدّر أن يكون هذا ذو خُلق، يكون ذا خُلقٍ، قدّر أن هذا أحمق، يكون أحمقًا، وهكذا.

هذه أحكام الله القدرية، تمضي في الإنسان بدون اختياره، إذا نزلَ حدثٌ بالإنسان، هذا حُكم الله القدري، هل يستطيع ردّه أو دفعه؟ ما أحد يستطيع.

حَكم أن هذا يموت، هل يَردُّ الموت، يمنع الموت؟ يقول: لا، أنا أعيش عشر سنوات! أو أقل أو أكثر، ما يمكن، هذا حُكمُ الله القدري نافذ.

وحُكمُ الله الشرعي: هو ما أنزله على أنبيائه ورُسله؛ القرآن والسُّنَّة، يتحاكم الناس إليهما، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء: 59]، وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى: 10].

وهذا حُكم الله الشرعي، مَن الذي يُنفذها في الدُنيا؟ المؤمنون، لكن الكُفّار ما يلتزمون بحُكم الله الشرعي.

لكن حُكم الله القدري هل يمتنع على الكافر؟ لا، حُكم الله القدري؛ إذا قدَّر على الكافر يموت، ما يمتنع، قدّر على الكافر يكون غنيًّا، يكون غنيًّا، قدّر يكون فقيرًا، يكون فقيرًا، قدّر يكون مريضًّا يكون مريضًا.

لكن الحكم الشرعي يتملَّص الكافر والعاصي، ما يلتزمون بحكم الله الشرعي.

والثالث: حُكم الله الجزائي يوم القيامة، يحكم الله تعالى، ويجازي الخلق بنفسه؛ يحاسبهم، هذا حُكم الله الجزائي.

المتن

وأنه العليم بكلِّ شيء، الذي لا يَخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، الذي أحاط علمه بالبواطن، والظواهر، والخفيَّات، والجليَّات، والواجبات، والمستحيلات، والجائزات، والأمور السابقة، واللاحقة، والعالَم العلوي، والسفلي، والكُلِّيات، والجزئيات، وما يعلم الخلق، وما لا يعلمون.

الشرح

العليم كذلك، اسم، وصف، العليم يشمل كلُّ ما يعلمه الله، وأن الله لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وأن الله أحاط علمه بالبواطن والظواهر، بالخفي والجلي، بالواجب والمستحيل والجائز.

إيش الفرق بين: الواجب، والمستحيل، والجائز؟

الواجبات: يعني الله تعالى يَعْلَمُ الواجب، يعني أحاط علمه بالواجبات، الواجبات ما يجب لله، يجب لله مثلًا، هو واجبُ الوجود لذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وله الدوام والبقاء، وله القدرة والقوة والغلبة، هذا واجب لله، لا يمكن أن ينفكَّ عنه، يعلمه سبحانه.

والمستحيلات: مثل: يستحيل على الله النوم، والموت، والمرض، والصمم، والعمَى، والبكم، هذه كلها مستحيلة على الله.

والجائز: ما يجوز أن يفعله، مثل: الخَلق، والرزق، والإماتة، والإحياء، هذا متعلق بقدرة الله ومشيئته، إنْ شاء الله خلقَ، وإن شاء لم يخلق، إنْ شاء رزق هذا وإن شاء لم يرزقه، إن شاء أمات هذا وإن شاء أحياه. هذا الواجبات والمستحيلات، والأمور السابقة واللاحقة، والعالَم العلوي والسفلي، يعلمه.

العالَم العلوي هو السماوات وما فيها؛ الملائكة، والشمس، والقمر، والنجوم، والكواكب، والعالم السفلي؛ الأرض وما فيها، وما تحتها، وما في البحار، من المخلوقات، نعم.

المتن

وأنه الحكيم، الذي له الحكمة التامة الشاملة لجميع ما قضاه، وقدَّره، وخَلَقه، وجميع ما شرعه، لا يخرج عن حكمته مخلوق، ولا مشروع.

الشرح

الحكيم: اسمُ جِنْسٍ، الحكيم الذي له الحكمة التامة لجميع ما قضاه، جميع ما شرعه داخله الحكمة، نعم.

المتن

وأنه العزيز، الذي له جميع معاني العِزَّة على وجه الكمال التام من كل وجه: عزة القوة، وعزة الامتناع، وعزة القهر والغلبة، وأنَّ جميع الخلق في غاية الذل، ونهاية الفقر، ومنتهى الحاجة والضرورة إلى ربهم.

الشرح

نعم، هذا اسمُ العزيز، إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت: 26].

العزيزُ: اسمُ جنسٍ، يشمل المعنى الذي له جميع معاني العِزَّة على وجهِ الكمال، والعِزَّة ثلاثةُ أنواعٍ: عِزَّة القوة، وعزة الامتناع، وعزة الغلبة.

عزة القوة: ما هي عزة القوة؟ أي: أن الله قويٌّ، قويٌّ عزيز لا يُغالَب.

عزة الامتناع: يعني يمتنع عن أن يصيبه أحدٌ بضررٍ، هذه إيش؟ عزة القوة، وعزة الامتناع.

وعزة القهر والغلبة: قهرَ كل شيءٍ، وغلبَ كلَّ شيءٍ، كل أنواع العزة الثلاثة اتصف اللهُ بها، نعم.

المتن

 وأنه الرحيم، الذي له جميع معاني الرحمة، الذي وسعت رحمته كل شيء، ولم يخلُ مخلوق من إحسانه طرفة عينٍ، ووصلت رحمته حيث وصل علمه رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا  [غافر: 7].

وأنه القدوس، السلام، المعظَّم، المنزَّه عن كل عيبٍ وآفة ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له ند من خلقه.

الشرح

اسمُ الرحمن، اسمُ الرحيم، هذا اسمُ جنسٍ، يشمل جميع معاني الرحمة، وسعت رحمته كلَّ شيءٍ، ولم يخلُ مخلوقٌ من إحسانه وبرِّه طرفةَ عينٍ، أي مخلوقٍ ما خلا من إحسانه وبرِّه طرفةَ عينٍ، وتَبْلُغُ رحمته حيث يَبْلُغُ عِلمه، كما قال تعالى: رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا [غافر: 7]، كل شيءٍ وسعه علمُ الله، أو كل شيء وسعته رحمة الله.

ومن أسمائه سبحانه: القدوس السلام، والقدوس: يعني المُنزَّه المعظَّم، "وأنه القدوس، السلام، المعظَّم، المنزَّه عن كل عيبٍ وآفة ونقصٍ".

هو مُنزَّه عن مماثلة المخلوقات، وأنْ يكون لله مثيلًا، نعم.

المتن

وهكذا بقية الأسماء الحسنى، اعتبِرْهَا بهذه القاعدة الجليلة ينفتح لك بابٌ عظيم من أبواب معرفة الله، بل أصلُ معرفة الله تعالى معرفة ما تحتوي عليه أسماؤه الحسنى من المعاني العظيمة بحسب ما يَقْدِرُ عليه العبد، وإلا فلا يَبْلُغُ عِلْمُ أحدٍ من الخَلق، ولا يحصي أحدٌ ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده.

الشرح

نعم، يقول أيضًا بقية الأسماء والصفات، ولكن هذه أمثلة؛ الرحيم، والعليم، والسميع، والبصير، يقول: اعتنوا بهذه القاعدة، هذا مثالٌ يوضِّح لكَ، سِرْ على هذا الدَّرْبِ فينفتح لك أبوابٌ عظيمة من معرفة الله.

قال: "بل أصلُ معرفة الله تعالى معرفة ما تحتوي عليه أسماؤه الحسنى من المعاني العظيمة بحسب ما يَقْدِرُ عليه العبد"، نعم.

المتن

ومن ذلك قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].

فالبر: يشمل جميع أنواع البر والخير.

وتشمل التقوى: جميع ما يجب اتقاؤه من أنواع المعاصي والمحرَّمات.

والإثم: اسمٌ جامع لكل ما يُؤْثِم ويوقع في المعصية.

الشرح

لكلِّ ما يُؤَثِّم.

المتن

والإثم: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُؤَثِّمُ ويوقِع في المعصية، كما أن العدوان اسمٌ جامع يدخل فيه التعدي على الناس في الدماء، والأموال، والأعراض.

والمعروف في القرآن: اسمٌ جامع لكل ما عُرف حسنه شرعًا وعقلًا. وعكسه المنكر.

وقد نبَّه النبي ﷺ أُمَّته إلى هذه القاعدة، وأرشدهم إلى اعتبارها في قوله في التشهد في الصلاة في قول المصلِّين: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقال: فإنكم إذا قلتم ذلك سلَّمتم على كل عبدٍ صالحٍ من أهل السماء والأرض([2])، وأمثلتها في القرآن كثيرة جدًّا.

الشرح

نعم، من الأمثلة التي ذكرها: البر، والتقوى.

اسمُ البرِّ شاملٌ لجميع أنواع البر والخير، يشمل صلة الأرحام، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجيران، والصدقات.. كلها من البر.

هذا من العموم، أل تفيد العموم.

والتقوى: أل، دخلت عليها أل؛ تفيد جميع ما يُتَّقَى ويُحذَر، من المنهيات والمُحرَّمات، شُرْب الخمر، القمار، إلى غير ذلك، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].

الإثم شاملٌ لكل ما يُؤَثِّم، كل معصية، والعدوان اسمٌ جامع يدخل فيه جميع أنواع التعدي والعدوان، قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]، يجمع فيه أنواع التعدي على النفس، في دمائهم، والتعدي على الناس في أموالهم، والتعدي على الناس في أعراضهم، والتعدي على مجموع كذلك الأُمَّة، بل وعلى الحكومات، والتعدي لحدود الله.

والمعروف -في القرآن-: اسمٌ جامع لكل ما عُرف حسنه وجماله شرعًا وعقلًا، هذا يفيد العموم، المعروف.

المعروف شاملٌ لكل ما يُعرف حسنه، وحاله وجماله، شرعًا وعقلًا.

وعكسه المُنْكَر: يشمل كل منكر، والسوء، والفاحشة.

يقول المؤلف: "وقد نبَّه النبي ﷺ أُمَّته إلى هذه القاعدة، وأرشدهم إلى اعتبارها"؛ إذْ علَّمهم أن يقولوا في التشهد الأخير: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين».

لما علَّم النبيُّ ﷺ ابنَ مسعودٍ، كفه بين كفيه، قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، قال بعد ذلك: فإنكم إذا قلتم ذلك، سلَّمتم على كلِّ عبدٍ لله صالح، من أهل السماء والأرض.

إذن لما تصلِّي وتقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، تَعْلَمُ أنَّ فيه صالحين معك كثير، وصالحين في الملائكة، وصالحين من الجن، وصالحين من بني آدم، كلهم يدخلون في هذا.

ولهذا النبي ﷺ قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، نبَّه عليهم، قال: فإنكم إذا قلتم ذلك، سلَّمتم على كلِّ عبدٍ لله صالح، من أهل السماء ومن أهل الأرض، نعم.

المتن

القاعدة الرابعة:

إذا وقعت النكرة في سياق النفي، أو النهي، أو الشرط، أو الاستفهام، دلَّت على العموم.

كقوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء: 36] فإنه نهى عن الشرك به في النيات، والأقوال، والأفعال، وعن الشرك الأكبر، والأصغر، والخفي، والجلي؛ فلا يجعل العبد لله ندًّا ومشاركًا في شيء من ذلك.

ونظيرها: فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا [البقرة: 22].

وقوله في وصْفِ يوم القيامة: يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا [الانفطار: 19] يَعُمُّ كلَّ نفْسٍ، وأنه لا تملك شيئًا من الأشياء، لا إيصال المنافع، ولا دفع المضار.

وكقوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس: 107].

فكلُّ ضُرٍّ قدَّره الله على العبد ليس في استطاعة أحد من الخَلق كشفه بوجه من الوجوه، ونهاية ما يَقْدِرُ عليه المخلوق من الأسباب والأدوية جزء من أجزاء كثيرة داخلة في قضائه وقدره.

الشرح

هذه القاعدةُ قاعدةٌ أصولية، تقول: إذا وقعت النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط أو الاستفهام، فهي للعموم.

"إذا جاءت نكرةً"، نكرة: هي التي لمْ تُعرَّف، "في سياق النفي"؛ يعني: سبقها نفي، "أو سبقها نهي، أو سبقها استفهام، دلت على العموم".

مثالُ ذلك: قول الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء: 36].

كلمةُ شيء: نكرة، سبقها نهي، لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء: 36]، نهى عن الشرك، هذا عام، أي شِركٍ؟ تقول: عامّ.

فإذا أرادَ شخصٌ أن يخصه بشركٍ، تقول: لا، ما تقدر تخصه، لماذا؟ لأن الله عمَّم، قال: وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء: 36]، كلمةُ شيئًا: تشمل الشرك الأكبر، تشمل الشرك الأصغر، تشمل الشرك في النيات، تشمل الشرك في الأقوال، الشرك في الأفعال، كلها داخلة فيها.

هذا مُستفادٌ من إيش؟ من صيغة العموم، فإذا وقعت النكرة وسبقها نفي فإنها تعم.

وكذلك إذا سبقها نهي فإنها تعم، وكذلك إذا سبقها شرطٌ فإنه تعم، وكذلك إذا سبقها استفهام فإنها تعم.

ولهذا قال المؤلف رَحِمَهُ اللهُ: "كقوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء: 36] فإنه نهى عن الشرك به في النيات، والأقوال، والأفعال، وعن الشرك الأكبر، وعن الشرك الأصغر،  وعن الشرك  الخفي"، عام.

"ونظيرها: فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 22]".

لا تجعلوا لله: نهيٌ، جاءَ بعدها نكرة؛ أندادًا، يشمل كل ما يُسمى نِدًّا.

"وقوله في وصْفِ يوم القيامة: يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار: 19]".

نفسٌ: هذه نكرة، سبقها النهي فتشمل كل نفسٍ، وأنها لا تَمْلِكُ في هذا اليوم شيئًا من أمرها، وأنها لا تملك في هذا اليوم شيئًا من الأشياء لأي نفسٍ أخرى، مهما كانت الصلة، لا إيصال شيء من المنافع، ولا دفع شيء من المضار.

فقوله: لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ [الانفطار: 19]، كلمةُ نفسٍ سبقها نفي، فتكون عامة.

"وكقوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ [يونس: 107]".

كلمةُ ضُرٍّ نكرة، سبقها الشرطُ: إِنْ يَمْسَسْكَ، فتعم، فكلُّ ضُرٍّ قدَّره اللهُ على العبد ليس له.. كل شيءٍ.

قوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ [يونس: 107]".

إنْ: شَرْطِيَّة، جاء بعدها نكرة، وهي: ضُرّ، يشمل أي ضرٍّ، أي ضُرٍّ قدَّره اللهُ على العبدِ، فليس في استطاعة أحدٍ أن يكشفه كائنًا مَن كان، وهذا مستند إلى أي شيء؟ إلى النكرة وقعت في سياق الشرط.

أمَّا ما يَقْدِر عليه المخلوق، من أخذه بالأسباب والأدوية، وهذه جزءٌ من أجزاءٍ كثيرة، تدخل في قضاء الله وقَدَرِه، نعم.

المتن

وقوله: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر: 2]،  وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل: 53] يشمل كل خيرٍ في العبد ويصيب العبد، وكل نعمة فيها حصول محبوب أو دفع مكروه، فإن الله هو المتفرِّد بذلك.

الشرح

مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ.

من رحمة: هنا نكرة، سبقها: ما، تشمل عام، كل رحمة، تشمل كل رحمة تشمل كل خير في العبد، يصيب العبدَ، كل نعمةٍ، فإنَّ اللهَ محيطٌ بذلك، هو المتفرد سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بإيصال النِّعم إلى عباده، وكشفِ الضر عن عباده.

وكذلك: "قوله: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ [فاطر: 3]".

هل: استفهام، جاء بعدها: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ}، المعنى: أنه لا يُوجد.

"وإذا دخلت (مِنْ) صارت نصًّا في العموم"؛ يعني (مِنْ) تفيد العموم، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ [الحاقة: 47]؛ يعني: فما منكم أحدًا.

وقال في غيرِ آية: مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 59، 65، 73، 85؛ وهود: 50،61،84؛ والمؤمنون:23،32].

إلهٌ نكرةٌ سبقها النفي، فتشمل جميع أنواع الآلهة، نعم.

المتن

القاعدة الخامسة: المفرَد المضاف يفيد العموم، كما يفيد ذلك اسم الجمع.

فكما أن قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَهَاتُكُمْ [النساء: 23] يشمل كل أمٍّ انْتَسَبْتَ إليها وإن علت، وكل بنتٍ انْتَسَبَتْ إليك وإن نزلت، إلى آخر المذكورات. فكذلك قوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: 11] فإنها تشمل النعم الدينية والدنيوية.

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162] فإنها تعم الصلوات كلها، والأنساك كلها، وجميع ما العبد فيه وعليه في حياته ومماته، الجميع قد أوقعتَه وأخلصتَه لله وحده لا شريك له.

الشرح

الجميع، مكتوب هنا في النسخة: من الله فضلًا وإحسانًا، نعم.

"أنك قد أتيتَ ما أتيتَ منه، وأوقعته، وأخلصته لله وحده، لا شريك له". هذه ساقطة عندك.

هذه القاعدة تقول: المضاف يفيد العموم، كما أن اسم الجمع يفيد العموم.

اسم الجمع مثاله: أمهاتكم، تشمل كل أم، حرامٌ عليك، كل أم، جداتٌ، هذه تشمل الأم، تشمل الجدات، كل أمٍّ لك وجَدَّة داخلة في اسم الأم؛ لأنه عام، تشمل كل أم انتسبتَ إليها، وكذلك البنت، تشمل كل بنت انتسبت إليك وإنْ نزلت.

فكذلك قوله تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ [النحل: 53]، تشمل كلَّ نِعمةٍ، تشمل النِّعم الدينية والدنيوية.

قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ لَا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام: 162، 163].

قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي؛ يعني: ذبحي.

وَمَحْيَايَ : ما أحيا عليه.

وَمَمَاتِي: ما أموتُ عليه، لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162].

فـ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي تعم الصلوات كلها، والأنساك كلها، فالصلاة يقول: إِنَّ صَلَاتِي تعم جميع الصلوات، وَنُسُكِي تعم جميع الأنساك، وجميع ما للعبد فيه وعليه في حياته ومماته، ولو سمعوا الجميع من الله فضلًا وإحسانًا، وأنكَ قد أتيت ما أتيتَ منه، وأوقعته وأخلصته لله، وحده لا شريك له، نعم.

المتن

وقوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة: 125] على أحد القولين: أنه يشمل جميع مقاماته في مشاعر الحج، اتخذوه معبدًا.

وأصرح من هذا قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [النحل: 123] وهذا شامل لكل ما هو عليه من التوحيد، والإخلاص لله تعالى، والقيام بحق العبودية.

وأعم من ذلك وأشمل قوله تعالى لما ذكر الأنبياء: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90] فأمره الله أن يقتدي بجميع ما عليه المرسلون من الهدى، الذي هو العلوم النافعة، والأخلاق الزاكية، والأعمال الصالحة، والهدى المستقيم.

وهذه الآية أحد الأدلة على الأصل المعروف: أنَّ شَرْعَ مَن قبلنا شَرْعٌ لنا، ما لم يَرِدْ شرعنا بخلافه. وشَرْعُ الأنبياء السابقين هو هداهم في أصول الدين وفروعه.

الشرح

المؤلف رَحِمَهُ اللهُ أيضًا قال: يدخل في هذه القاعدة، وهي أن المضاف يفيد العموم، قول الله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125].

قيل: المراد بالمقام: هو المقام الذي قامَ عليه إبراهيم لما ارتفعَ البناء، وهو الموجود الآن.

وقيل: كلمةُ مقامٍ جِنْسٌ تشمل جميع مقامات النبي ﷺ في مشاعر الحج، وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125]؛ اتخذوا جميع مقاماته اتخذوها عيدًا لكم.

فهل المراد بالمقام، المقام بخصوصه الذي قام عليه إبراهيم، أو جميع المقامات في مشاعر الحج؟

قولان لأهل العلم، من العلماء مَن قال: قوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] هذا مفرد مضاف، فيشمل جميع المقامات في جميع مشاعر الحج، ومنهم مَن قال: خاصٌّ بالحجر الذي قام عليه إبراهيم.

قال المؤلف: "وأصرح من هذا قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [النحل: 123]"، قال: "وهذا شامل لكل ما هو عليه إبراهيم من التوحيد، والإخلاص لله تعالى، والقيام بحق العبودية"، نعم.

المتن

وكذلك قوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 153] وهذا يعمُّ جميع ما شرعه لعباده فعلًا، وتركًا، اعتقادًا، وانقيادًا.

وأضافهُ إلى نفسه في هذه الآية لكونه الذي نصبه لعباده، كما أضافه إلى الذين أنعم عليهم في قوله: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة: 7] لكونهم هم السالكون له.

فصراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين: ما اتصفوا به من العلوم، والأخلاق، والأوصاف، والأعمال.

وكذلك قوله: وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110] يدخل في ذلك جميع العبادات، الظاهرة والباطنة، العبادات الاعتقادية والعملية.

 كما أن وصْفَ الله لرسوله ﷺ بالعبودية المضافة إلى الله سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء: 1] وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [البقرة: 23] تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ [الفرقان: 1] يدل على أنه وفَّى جميع مقامات العبودية؛ حيث نال أشرف المقامات بتوفيته لجميع مقامات العبوديات.

وقوله: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36]".

الشرح

هذه كلها أمثلة، يمثِّل المؤلف رَحِمَهُ اللهُ للقاعدة: المضاف يفيد العمومَ، {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125]، مقام: مضاف إلى إبراهيم، فيفيد العموم، من العلماء مَن قال: جميع مشاعر الحج، كلها داخلة في مقام إبراهيم، من مقامات إبراهيم: الطواف، من مقامات إبراهيم: السعي، من مقامات إبراهيم: الوقوف بعرفة، من مقاماته: رمْي الجِمار، وهكذا.

ومن العلماء مَن قال: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ [البقرة: 125]؛ يعني: من مواقفه في المشاعر.

ومنهم مَن قال: هو خاصٌّ بالمقام المُلصق بالكعبة الموجود الآن.

وكذلك يقول: "وأصرح من هذا قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [النحل: 123] وهذا شامل لكل ما هو عليه إبراهيم من التوحيد، والإخلاص لله تعالى، والقيام بحق العبودية.

وأعمُّ من ذلك وأشمل قوله تعالى لما ذكر الأنبياء: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90] فأمره الله أن يقتدي بجميع ما عليه المرسلون من الهدي".

والهدي ما هو؟ "هو العلوم النافعة، والأخلاق الزاكية، والأعمال الصالحة، والهدى المستقيم. وهذه الآية أحد الأدلة على الأصل المعروف: أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه".

أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90]، أمرَ نبيَّه أن يقتدي بإيش؟ بالأنبياء.

قال: فدلَّ على أنَّ شرْعَ مَن قبلنا شرعٌ لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه، "وشَرْعُ الأنبياء السابقين هو هداهم في أصول الدين وفروعه".

ومن الأمثلة أيضًا قوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 153]، يقول: هذا يعمُّ جميع ما شرعه لعباده.

قوله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام: 153] يعمُّ جميعَ ما شرعه الله لعباده، فعلًا"؛ الأفعال الفعلية، والتركية؛ ما تركه النبيُّ ﷺ تتركه، ما فعله نفعله، وما تركه نتركه اعتقادًا، وانقيادًا. وأضافهُ إلى نفسه في هذه الآية الكريمة: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي [الأنعام: 153]؛ لأنه هو الذي يصله بالعبادة.

كما أن لفظة الصراط، يعمُّ جميع ما شرعه الله لعباده، سواء كان فعلًا أو تركًا أو اعتقادًا.

كما أضافه اللهُ إلى الذين أنعم عليهم في قوله: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة: 7]، لماذا؟ لكونهم هم الذين سلكوا الطريقَ، نعم.

المتن

وقوله: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36] فكلما كان العبد أقوم بحقوق العبودية كانت كفاية الله له أكمل وأتم، وما نقص منها نقص من الكفاية بحسبه.

وقوله: وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر: 50] إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40] يشمل جميع أوامره القدرية الكونية. وهذا في القرآن شيءٌ كثير.

الشرح

نعم، ذكرَ المؤلِّف عددًا من الأمثلة؛ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110] يشمل جميع العبادات الظاهرة والباطنة، والعبادة يشمل جميع العبادات الظاهرة والباطنة، والعبادة الاعتقادية والعملية، وهذا المفهوم من قوله: من عبادة ربه، لأنه مضاف على العبادة.

كذلك وصفَ الله نبيّه بالعبودية مضافًا إليه، سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء: 1]، وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [البقرة: 23]، تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ [الفرقان: 1]، تدل على أنه وفّى جميع مقامات العبودية؛        يعني نال أشرف المقامات.

قلت لكم: إن أشرف مقامات النبي ﷺ العبودية الخاصّة والرسالة الخاصّة، يقول: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36].

قال: "كلَّما كان العبد أقوم بحقوق العبودية كانت كفاية الله له أكمل"؛ كلَّ ما كمَّلت مقامات العبودية كانت كفاية الله لك أكمل، وإذا نقصْت نقصَت، نقصت كفاية الله لك.

وقوله تعالى: وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر: 50]، أَمْرُنَا: بالإضافة.

إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40]، يشمل جميع أوامر الله القَدَرِيَّة والكونية، جميع أوامر الله القدرية الكونية، جميع الأمر، أمْر الله.

إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40]؛ أمرُ الله القدري.

كما إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40]؛ يشمل جميع الأوامر القدرية الكونية.

إذا أراد الله أن يخلق شيئًا، قال له: كُن فيكون، إذا أراد الله أن يهدي أحدًا، قال له: كن فكان، إذا أراد الله أنْ يُعِزَّ شيئًا قال له: كن فكان، إذا أراد الله أنْ يُذِلَّه، قال له: كن فكان، إذا أراد الله أنْ يُغنيه، قال له: كن فكان.. جميعُ الأوامر.

فهذا مفهومٌ من أي شيء؟ من المضاف إلى الله، هذه القاعدة نافعة.

المتن

القاعدة السادسة:

في طريقة القرآن في تقرير التوحيد ونفي ضده.

يكاد القرآن أن يكون كله لتقرير التوحيد، ونفي ضده، وأكثر الآيات يُقرِّر الله فيها توحيد الإلهية وإخلاصُ العبادة لله وحده لا شريك، ويُخبِر أن جميع الرسل إنما أُرسلت تدعو قومها إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا، وأنَّ الله تعالى إنما خَلَق الجِن والإنس ليعبدوه، وأن الكُتب والرُّسل اتفقت على هذا الأصل الذي هو أصل الأصول كلها.

الشرح

النسخة اللي عندي: وأنَّ الكُتب والرُّسل، بل الفِطّر والعقول السليمة كلُّها اتفقت على هذا الأصل، الذي هو أصل الأصول كلها، وأن مَن لم يَدِن

المتن

وأن مَن لم يَدِن بهذا الدين الذي هو إخلاص العمل لله فعمله باطل؛ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65]، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 88].

ويدعو العباد إلى ما تقرَّر في فطرهم وعقولهم من أن المتفرِّد بالخَلق والتدبير، والمتفرِّد بالنِّعم الظاهرة والباطنة، هو الذي لا يستحق العبادة إلا هو، وأن سائر الخلق ليس عندهم خلق، ولا نفع، ولا دفع، ولن يغنوا عن أحد من الله شيئًا، ويدعوهم أيضًا إلى هذا الأصل بما يتمدح به ويثني على نفسه الكريمة، من تفرُّده بصفات العظمة، والمجد، والجلال، والكمال، وأنَّ مَن له هذا الكمال المطلق الذي لا يشاركه فيه مُشارك أحقُّ مَن أُخْلصت له الأعمال الظاهرة والباطنة.

الشرح

هذه القاعدة في تقرير القرآن الكريم للتوحيد، ونفي ضده؛ وهو الشِّرك، فقال: كلُّه من أوله دعوة إلى التوحيد، ونفي الشِّرك، فقال: كلُّ في التوحيد، (...........) بيان لتقرير توحيد الربوبية، وأن هو الخالق الرّازق المدبر، أو بيان لأسمائه وصفاته، ودعوة إلى توحيده، أو بيان جزاء الموحّدين، أو بيان الشِّرك الذي هو ضد التوحيد، وبيان جزاء أهله وعقوبتهم.

فقال: كلُّه في التوحيد، وتقريره، وبيان حقوق أهله، وجزائهم، وبيان ما يُضاد التوحيد، وبيان أهله وجزاءهم.

نُكمِل بعد الأذان؟ خلاص، نُكمّل القاعدة هذه..

هذه القاعدة في تقرير التوحيد، ونفي ضده.

التوحيد: هو حقُّ اللهِ، اللهُ تعالى خَلق الخَلق لعبادته، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، والقرآن يُقرر التوحيد، وينفي ضده وهو الشِّرك.

أكثرُ الآيات فيها توحيد الألوهية، وإخلاص العبادة لله، ويُخبر أن جميع الرُّسُل أُرسلت تدعو قومها إلى هذا الأمر، لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 59]، وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 65]، وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 73]، وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 85].

هذه دعوة الرُّسل، فالقرآن يُقرر هذا التوحيد، وأن الله خَلق الجنَّ والإنس لعبادته؛ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25، 26]، وهكذا.

ويُبيّن أن ضد هذا التوحيد هو الشِّرك، وأنَّ مَن وقع في الشِّرك فعمله حابط، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 88]، لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[الزمر: 65] ، وهكذا.

ويدعو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أيضًا إلى هذا الأصل؛ بما يتمدّحُ به ويُثني على نفسه الكريمة، من أنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تفرَّد بصفة العظمة، والمجد والجلال، والكمال، وأنَّ مَن له الكمال المُطلق، مَن اتصف بهذا الكمال المُطلق هو الذي لا يُشارك فيه مُشارك، وهو أحقُّ مَن أُخلصت له العبادة، والقلوب، والأعمال الظاهرة والباطنة، ويقرِّر هذا التوحيد.. نعم.

المتن

ويقرِّر هذا التوحيد بأنه هو الحاكم وحده، فلا يحكم غيره شرعًا ولا جزاء؛ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ [يوسف: 40].

وتارةُ يُقرِّر هذا بذِكر محاسن التوحيد، وأنه الدين الوحيد الواجب شرعًا، وعقلًا، وفطرةُ على جميع العبيد، ويذكر مَسَاوئ الشِّرك، وقبحه، واختلال عقول أصحابه بعد اختلال أديانهم، وتقليب أفئدتهم، وكونهم في شكٍّ وأمر مَرِيج.

وتارةً يدعو إليه بذكر ما رتَّب عليه من الجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، والحياة الطيبة في الدور الثلاث، وما رتَّب على ضده من العقوبات العاجلة والآجلة، وكيف كانت عواقبهم أسوأ العواقب وشرها.

وبالجملة: فكل خير عاجلٍ وآجلٍ فإنه من ثمرات التوحيد، وكل شرٍّ عاجل وآجل، فإنه من ثمرات ضده، والله أعلم.

الشرح

نعم، من تقرير هذا التوحيد التي هي طريقة القرآن، تقرير التوحيد، ونفي ضده؛ أن الله تعالى يُخبر عن نفسه: أنه الحاكم وحده، وأنه هو الذي يَحكُم بين عباده، يَحكُم بين عباده بحُكمه القدري بما يُقدِّره على عباده، من الأقدار في الدُّنيا، ويَحكُم بين عباده الحُكم الشرعي بما أنزله على رُسله من الشرائع، ويَحكُم بين عباده الحُكم الجزائي يوم القيامة، يجازيهم بنفسه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولهذا قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف: 40].

"وتارة يقرِّر هذا بذكر محاسن التوحيد، وأنه الدين الوحيد الواجب شرعًا، وعقلًا، وفطرة"؛ وبيان ثواب أهله.

وتارةً يُقرر هذا بذكر "مساوئ الشِّرك، وقُبحه، واختلال عقول أصحابه، واختلال أديانهم، وتقليب أفئدتهم".

"وتارةً يدعو إليه بذكر ما رتَّب عليه من الجزاء الحسن"؛ من الموحدين، وما ذكره من الجزاء الوخيم للمشركين، وبيان العاقبة الطيبة الحميدة للمؤمنين، في الدنيا وفي البرزخ، وفي يوم القيامة.

وما أيضا أعدّه لمَن أخلّ بهذا التوحيد، وأشركَ بالله من الجزاء في الدنيا وفي البرزخ وفي يوم القيامة، وبيّن ثمرة هذا، وثمرة هذا.

ثم قال المؤلف الخلاصة: "وبالجملة: فكل خير عاجل وآجل فإنه من ثمرات التوحيد، وكل شرٍّ عاجل وآجل، فإنه من ثمرات الشِّرك، والله أعلم".

نقف عند القاعدة السابعة، وفّق الله الجميع، وصلى الله وسلم على رسوله، وآله وصحبه أجمعين.

 

([1]) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (1037), والبيهقي في الشعب (1886).

([2])أخرجه البخاري في كتاب الجمعة- باب من سمى قومًا أو سلم في الصلاة على غيره (1202)، ومسلم في كتاب الصلاة- باب التشهد في الصلاة (402).

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد