شرح منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول 5

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين, اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملًا يا كريم, واغفر اللهم لنا ولشيخنا والحاضرين والمسلمين.

قال الشيخ: حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله, في رسالته الموسومة "بسُلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله وإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم".

(المتن)

قال رحمه الله تعالى:

فصل في بيان ما وقع فيه العامة اليوم، وما يفعلونه عند القبور، وما يرتكبونه من الشرك الصريح والغلو المفرط في الأموات:

ومَن على القبرِ سِراجًا أوقدَا		أوِ ابتَنَى على الضريحِ مسجِدَا
فإنه مُجدِّدٌ جِهارَا		لسُنَنِ اليهودِ والنصارى

(الشرح)

من بنى على القبر مسجد أو أوقد عليه سراجًا مثل الأنوار الكهربائية فقد جدد سنن اليهود؛ لأن هذا من وسائل الشرك, ومن البدع, وثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».

وجاء في الحديث: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إيقاد السراج»؛ لأن هذا من وسائل الشرك, فإذا رأى الناس القبر بُني عليه مسجد أو وُضع عليه أنوار أو رياحين وزهور هذا يدعوهم إلى الإقامة عنده وإطالة المكث, ثم يدعوهم إلى عبادته, وهذا من وسائل الشرك ومن البدع.

(المتن)

كَم حذَّرَ المختارُ عن ذا ولَعَنْ		فاعِلَهُ كما روَى أهلُ السننْ
بل قد نهى عنِ ارتفاعِ القبرِ		وأن يُزاد فيه فوقَ الشبرِ
وكلُّ قبرٍ مُشرِفٍ فقد أمَرْ		بأن يُسوَّى هكذا صحَّ الخَبَرْ

(الشرح)

يعني يقول: أن الرسول لعن اتخاذ القبور مساجد, وكذلك لعن عن رفع القبر قدر شبر وأمر أن يسوى القبر قدر شبر ولا يُزاد, قال علي لأبي الهياج الأسدي: "أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ", ما زاد عن الشبر يسوى بالأرض.

(المتن)

وحذَّرَ الأمةَ عن إطرائِهِ		فغرَّهم إبليسُ باسْتِدرائِهِ
فخالفوه جَهرةً وارتكبوا		ما قد نهى عنه ولم يجتنبوا

(الشرح)

يعني يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» فخالفوه وأطروه, ومدحوه وغلو في صاحب البردة الذي مدح الرسول وقال: "يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ به سواك عند حدوثِ الحادثِ العَمم" أطروه ورفعوه فخالفوا أمره صلى الله عليه وسلم, وخالفوا أمر الله ورسوله.

(المتن)

فخالفوه جَهرةً وارتكبوا

ما قد نهى عنه ولم يجتنبوا

(الشرح)

الإطراء: هو مجاوزة الحد والكذب فيه.

(المتن)

فانظر إليهم قد غَلَوا وزادوا		ورفعوا بناءَها وشادوا
بالشِّيدِ والآجُرِّ والأحجارِ		لاسيما في هذه الأعصارِ
وللقناديلِ عليها أوقدوا		وكم لواءٍ فوقَها قد عقدوا
ونصبوا الأعلامَ والراياتِ		وافتَتَنوا بالأعظُمِ الرُّفاتِ

(الشرح)

يعني كذلك نصب الرايات والأعلام كلها من وسائل الشرك, ودعوة إلى الشرك والمكث عندها, ينبغي أن يكون القبور واحدة.

(المتن)

ونصبوا الأعلامَ والراياتِ		وافتَتَنوا بالأعظُمِ الرُّفاتِ
بل نحَروا في سُوحِها النحائِرْ		فِعْلَ أولي التَّسْيِيبِ والبحائِرْ

(الشرح)

يعني يقول: إنهم افتتنوا بها, افتتنوا بالعظام, يعني: بالقبور, ونحروا لها أي ذبحوا الذبائح, وكل هذا إذا ذبحوا لها هذا شرك, وإن ذبحوا عندها فهو شرك.

(المتن)

والتمسوا الحاجاتِ مِن موتاهُمْ

واتخذوا إلَهَهُم هواهُمْ

(الشرح)

(التمسوا الحاجات) هذا شرك, طلبوا الحاجات وسألوهم قضاء الحاجات؛ هذا من الشرك.

(المتن)

قد صادَهم إبليسُ في فِخاخِهْ		بل بعضُهم قد صار مِن أفراخِهْ
يدعو إلى عبادةِ الأوثانِ		بالمالِ والنفس وباللسانِ
فليتَ شِعري مَن أباحَ ذلكْ		وأورَطَ الأمةَ في المهالِكْ
فيا شديدَ الطَّوْلِ والإنعامِ		إليك    نشكو     مِحنةَ    الإسلامِ (الشرح)

(الشرح)

يشكو إلى الله سبحانه وتعالى, وأن هؤلاء الذين وضعوا هذه الأشياء على القبور تسببوا في وقوع الشرك, فنشكو إلى الله سبحانه وتعالى.