شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح البخاري (8-10) من باب هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ - إلى نهاية كتاب الصلاة

00:00
00:00
تحميل
96

المتن:

باب هَلْ يَغْمِزُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عِنْدَ السُّجُودِ لِكَيْ يَسْجُدَ

 519 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ:حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيَّ فَقَبَضْتُهُمَا

الشرح:

 519 حديث الباب هو حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم، كرره المؤلف كثيرًا ليستنبط منه الأحكام.

وقولها رضي الله عنها: «فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيَّ» ، فيه: دليل على أن الصلاة تصح ولو أصاب المصلي بعض جسد المرأة؛ لأن النبي ﷺ غمزها بيده.

وفيه: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء؛ كما سبق بيانه.

المتن:

باب الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنْ الْمُصَلِّي شَيْئًا مِنْ الأَْذَى

 520 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّورَمَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ؛ إِذْ قَالَ قَائِلٌ: مِنْهُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي، أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلاَنٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلاَهَا فَيَجِيءُ بِهِ ثُمَّ يُمْهِلُهُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ ﷺ سَاجِدًا فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنْ الضَّحِكِ فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَم وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى وَثَبَتَ النَّبِيُّ ﷺ سَاجِدًا حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ وَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصَّلاَةَ قَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، ثُمَّ سَمَّى:اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ: قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً.

الشرح:

والمقصود من هذه الترجمة: بيان أن إزالة المرأة للشيء عن الرجل وهو يصلي لا تؤثر في صلاته، ولو مست المصلي بيدها وثوبها، هذا هو مقصود المؤلف من هذه الترجمة، كما أن الترجمة السابقة فيها أن الرجل وهو يصلي إذا مس المرأة بيده أو بثوبه فلا يؤثر هذا في صلاته، وفي هذه الترجمة بالعكس إذا مست المرأة الرجل وهو يصلي فلا يؤثر في صلاته.

قال ابن بطال: «هذه الترجمة قريبة من التراجم التي قبلها؛ وذلك أن المرأة إذا تناولت ما على ظهر المصلي فإنها تقصد إلى أخذه من أي جهة أمكنها تناوله، فإن لم يكن هذا المعنى أشد من مرورها بين يديه فليس بدونه».

 }520 قوله: «إِذْ قَالَ قَائِلٌ: مِنْهُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى هَذَا الْمُرَائِي» يقصدون النبيَّ ﷺ، فالكفارُ يتهمون النبيَّ ﷺ بالرياء.

قوله: «فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَم» ؛ هذا من فعل بعض الطابعين، وآل البيت لا يُخَصُّون بشيء؛ فكل الصحابة يُترضى عنهم.

قوله: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، ثُمَّ سَمَّى:» وهؤلاء الذين دعا عليهم النبي ﷺ قُتلوا يوم بدر كفارًا وسُحبوا فى قليب بدر، وهم: أبو جهل عمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد.

وهذا الحديث ذكره المؤلف رحمه الله في هذه الترجمة «بَاب الْمَرْأَةِ تَطْرَحُ عَنْ الْمُصَلِّي شَيْئًا مِنْ الأَْذَى» ؛ ليدلل على أن لمس المرأة للرجل المصلي لا يؤثر، كما أن الترجمة السابقة فيها أن النبي ﷺ غمز رِجلَ عائشة، فمست يُده رجلَها، ولم تؤثر فى الصلاة، فكذلك المرأة إذا مست بيدها ظهر الرجل فلا يضر.

 مسألة: في هذا الحديث أن النبي ﷺ وُضع على ظهره سلا جزور أحد المشركين، ومعلوم أن ذبيحة المشرك نجسة، ومع ذلك لم يقطع الصلاة ﷺ حتى جاءت فاطمة وأزالته، فكيف ذلك؟

الجواب: أن هذا كان فى مكة، والشريعة بعدُ لم تستقر، ولم ينزل تحريم الميتة إلا فى المدينة، فقد بقي النبي ﷺ في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد وينهى عن الشرك، ولم تنزل إلا فريضة الصلاة فقط، أما أوقاتها فنزلت في المدينة، وكذلك الزكاة والصوم والحج والتكاليف والطهارة والغسل كلها نزلت في المدينة.

أما بعد التشريع فلو علم المصلي أن عليه نجاسة وجب عليه أن يلقيها ـ إن كانت يابسة ـ أو يلقي الثوب أو النعل الذي تنجس بها إن استطاع ويستمر في صلاته، فإن لم يقدر قطع الصلاة وأزال النجاسة ثم استأنفها بعد ذلك، وإن شك في النجاسة فلا يقطع الصلاة حتى يتحقق.

أما لو وضع على المصلي سلا جزور مذبوح ذبحًا شرعيًّا فهو طاهر، وما فيه من الدم اليسير يغتفر؛ لأن الدم النجس إنما هو الدم المسفوح.

ويحتمل أن يقال جواب آخر: وهو أن النبي ﷺ لم يعلم ما وضع على ظهره فاستمر في السجود استصحابًا لأصل الطهارة؛ وهذا قاله النووي، وهو جواب جيد.

وهذا الحديث جاء به المؤلف رحمه الله أيضًا في باب «إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد صلاته» واستدل به البخاري على أن النجاسة إذا طرأت على المصلي فإنها لا تؤثر في صلاته، وله أن يستمر فيها، لكن هذا المذهب مرجوح.

قوله: وَأُتْبِعَ أَصْحَابُ الْقَلِيبِ لَعْنَةً اختلف العلماء في لعن الكافر المعين على قولين، والأرجح عدم لعنه؛ لأن النبي ﷺ لما لعن هؤلاء نُهي عن ذلك ونزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيءٌ [آل عِمرَان: 128]؛ ولقوله ﷺ: لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا [(1247)]، وكذلك الفاسق المعين لا يلعن، وإن كان يجوز اللعن على العموم كأن يقال: لعن الله السارق، ولعن الله شارب الخمر، كما في الحديث: لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ [(1248)]، و « لعن رسول الله ﷺ في الخمر عشرة »[(1249)]، و« لعن رسول الله ﷺ آكل الربا »[(1250)]، أي: على العموم، أما فلان بن فلان ـ بعينه ـ فالصواب أنه لا يلعن؛ ففي الحديث أن النبي ﷺ نهى عن لعن الرجل الذى شرب الخمر لما جلد، فقال: لا تلعنوه فإنه يحب الله ورسوله [(1251)]، إلا إذا ترتب على لعنه مصلحة للأحياء كالتحذير من شره أو بدعته فإنه يجوز لعنه ولا يعتبر غيبة، قال بعضهم: إلا إذا اشتد أذاه للمسلمين ـ أي: الكافر والفاسق ـ فلا بأس بلعنه.

وإذا سب أحدٌ آخر فله أن يرد السبة بمثلها، وهذا من باب القصاص، لكن ليس له أن يزيد، فإن قال قائل: يا فلان لعنك الله، فرد عليه: لعنك الله أنت، فهذا قصاص فيه الأخذ بالحق، أما إذا زاد بأن قال: لعنك الله وأخزاك فهذا من الظلم، فالثانية عدوان، فليس له إلا أن يرد السبة بمثلها، وإن عفا فهو الأفضل، كما قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشّورى: 40].

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد