شعار الموقع

الجهاد والإعداد له.

32

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي شرع الجهاد في سبيله وأمر بإعداد العدة ، أحمده سبحانه وأشكـــره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحــــده لا شريك لـه القائل في كتـــابـــه : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال: 60] ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله جاهد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي الظاهرة العليّة ، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ، ومن سار على نهجهم في إحسان القول والعمل والنيّة ، وسلم تسليماً كثيراً .

أما بعد:

 أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى  واستجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ، واسألوا الله الثبات على الإيمان والصبر على القيام بشرائع الإسلام.

 ألا وإن مما دعاكم الله ورسوله إليه الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس وإعداد ما تستطيعونه من قوة لأعداء الإسلام الذين يتربّصون بالمسلمين الدوائر، ويريدون أن يطفئوا نور الله ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.

ووعدكم على الجهاد في سبيله مع الإيمان به وبرسوله الثواب العظيم والأجر الجزيل وسكنى الجنة دار النعيم ومغفرة الذنوب والنجاة من العذاب الأليم.

 وأخبر أن هذه هي التجارة الرابحة، وأخبر أن للمجاهدين في سبيله هم أهل محبته فهم يحبون ربهم وهو يحبهم سبحانه، وأخبر أنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيله ولا يخافون لومة لائم ، وأخبر أن هذه مِنَّة وفضل منه سبحانه يختص به من يشاء من عباده ، قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف: 10 - 13] ، وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة: 54].

 يا له من ربح عظيم ن ونفحات ربانية ، وألطاف إلهية وعد بها الرب الكريم من جاهد في سبيله لإعلاء كلمته وجعل دينه هو الظاهر .

 وأمر سبحانه بالجهاد بالمال والنفس والنفر له خفافاً وثقالاً، وأخبر أنه خير لهم لو كانوا يعلمون فقال سبحانه : انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة :41].

 وبيّن أن المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم مع الإيمان بالله ورسولـه وعدم الشك والريب أنهم الصادقون فقال تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات: 15] .

أيها المسلمون، إن أعداء الإسلام من شيوعيين ووثنيين ويهود ونصارى وغيرهم يريدون ــ ويأبى الله ــ أن تكون كلمة الله هي السفلى وكلمتهم الباطلة هي العليا ــ ها هم اليوم في أفغانستان يقاتلون بضراوة وشراسة، يقاتلون لحقد دفين على الإسلام والمسلمين، فالمسلمون اليوم يقاتلون عدوّاً شرساً يريد القضاء عليهم وعلى دينهم، ولكن سيأبى الله ذلك بحوله وقوته وسينصر دينه بأوليائه وحزبه.

 فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة بالجهاد بالمال والعتاد والرجال ، فإنكم بذلك ترضون ربكم وتذبّون عن دينكم وتحمون أنفسكم وأهليكم ودياركم وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج :40].

فانصروا الله ينصركم، انصروه بالاستقامةة على دينه وطاعته، فإن الدين رأس الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، وبإعداد العدة مما تستطيعونه من قوة وبالتدريب والتمرّن على المعدات الحربية، والتعلم لطرق أساليبها الحربية التي تلائم العصر الحاضر على اختلاف أنواعها وأشكالها من مدفعية وبندقية وقنبلة وصاروخ وغيرها؛ لأن النبي أطلق الرمي ، ولم يعيّن ما يرمى به ، فعن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله وهو على المنبر يقول:وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي. وقال : ارموا واركبوا وأن ترموا أحبّ إليَّ من أن تركبوا، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبةً عنه فإنها نعمة تركها أو قال كفرها.  

أيها المسلمون، الجهاد في سبيل الله فضله عظيم إذا كان عن إخلاص وقُصِدَ به إعلاء كلمة الله سواء كان بالمال أو بالنفس ، فعن أنس أن النبي قال : لغدوة أو رَوحَة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها. متفق عليه.

وعن أبي عبس الحارثي قال : سمعت رسول الله : من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النار. رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي.

 وعن أنس قال : قال رسول الله ﷺ: جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم. رواه أحمد وأبوداود والنسائي.

 وعن زيد بن خالد  قال : قال رسول الله ﷺ : من جهّز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهلـــه بخير فقد غزا. متفق عليه .

فاتقوا الله عباد الله وأنفقوا في سبيل الله مما جعلكم مستخلفين: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد : 7] ،  وقال تعالى: ... .

اللهم انصر دينك وأعلِ كلمتك وأعز جندك وحزبك ، اللهم اخذل أعداء الإسلام وشتتهم واقطع دابرهم ، إنك على كل شيء قدير .

* * *

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد