البعثة النبوية دروس وعبر
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي منّ على أهل الإسلام ببعثة سيد المرسلين، أحمده سبحانه وأشكره، أسبغ على عباده نعمه، ووسعهم برحمته، وهو أرحم الراحمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أكمل الله به الدين، وأرسله رحمة للعالمين، صلى الله وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، الذين عضوا على سنته بالنواجذ وابتعدوا عن المحدثات في الدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وتدبروا قول الله تعالى كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
تدبروا هذه الآية الكريمة، ليتبين لكم عظم منة الله تعالى وفضله على عباده بإرسال الرسل، فإن الله تعالى بعث الرسل مبشرين ومنذرين، مبشرين من أطاعهم بالجنة، ومحذرين ومنذرين من عصاهم بالنار، وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. والله يهدي من يشاء من عباده، ويوفقهم إلى صراطه المستقيم.
وقد من الله علينا ببعثة نبينا محمد ﷺ فقال لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
أيها المسلمون، إن أعظم منة وأكبر نعمة منّ الله بها على عباده أن بعث فيهم الرسل مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه.
وكان أعظمهم قدراً، وأبلغهم أثراً إمامهم وخاتمهم محمداً ﷺ، الذي بعثه الله تعالى لهداية الخلق على حين فترة من الرسل والناس أشد ما يكونون حاجة إلى نور الرسالة، فهدى الله به من الضلالة، والف به بعد الفرقة، وأغنى به بعد العيلة؛ فأصبح الناس بنعمة الله إخوانا، وفي دين الله أعوانا، فدانت الأمم لهذا الدين وكانوا المتمسكون به غرة بيضاء في جبين التاريخ.
أيها المسلمون، في مثل هذا الشهر شهر ربيع الأول، وقبل أربعة عشر قرنا وبعض قرن، ولد سيد الأنام محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وبعد أن أمضى أربعين سنة من عمره المبارك بعثه الله رسولا إلى العالمين في شهر ربيع الأول، فأحيا الله برسالته البشرية جمعا، فهذب الأخلاق، ودعاء إلى عبادة الواحد الخلاق.
أيها المسلمون، حدث رساله النبي ﷺ حدث عظيم، ولد بمبعثه فجر جديد، فجر دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ يا له من حدث في التاريخ، انتظرته الإنسانية طويلا، حدث فتح الله به آذانا صما، وأعين عميا، وقلوب غلفا، حدث من بعث إلى الإيمان هاديا، وإلى الصراط مناديا، وإلى جنة الفردوس داعيا، حدث من عمر الله برسالته القلوب بالمحبة والصفاء، ونشر مبادئ العدل والوفاء، وحرر العبودية من رق الوثنية وأدران الجاهلية الجهلاء، وقضى رسول الله ﷺ حياته المباركة في كفاح وجهاد ونشر لدين الله، وإعلاء لكلمة الله، في كفاح وجهاد متواصل، وغرس لدين الإسلام في نفوس البشرية، إلى أن اختار الله له الرفيق الأعلى، فوافاه أجله في الشهر الذي ولد فيه ، شهر بيع الأول بعد أن قضى ثلاثة وستين سنة، وقد أكمل الله به الدين، وما ترك خيرا إلا دل أمته عليه، ولا شرا إلا حذرها إياه، تركها على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
أيها المسلمون، لما كانت الأمة الإسلامية حريصة على تنفيذ شرع الله ، متمشية بعبادتها، ومعاملاتها، وسياستها الداخلية والخارجية على ما كان عليه إمامها وهاديها وقائدها محمد ﷺ، لما كانت الأمة الإسلامية على هذا الوصف كانت هي الأمة الظاهرة الظافرة المنصورة، ولما حصل انحراف عن هذا السبيل تغيرت الحال فضعفت الأمة، وذهب ريح الدولة، وسقطت هيبتها من صدور أعدائها، فكانوا غثاء كغثاء السيل، فتداعت عليها الأمم، وفرقتها الأهواء، ولن يعود لهذه الأمة مجدها الثابت وعزها المستقر حتى تعود أفرادا وشعوبها إلى دينها الذي هو سر عزتها ومجدها، وتطبقه قولا وعملا وعقيدة على وفق ما كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام .
أيها المسلمون، وإن من تطبيق شريعة الله وتنفيذها، أن لا يشرع شيء من العبادات والمواسم الدينية إلا ماكانت ثابتة عن رسول الله ﷺ فإن العباد أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، فمن تعبد لله بما لم يشرعه الله فعمله مردود عليه ويعد في نظر الشرع بدعة، وكل بدعة في الدين ظلالة.
ومن جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، ويحدثون فيه شعارات دينية مبتدعة، وينفقون فيها أموالا، زاعمين أن في ذلك تعظيما لرسول الله ﷺ، ونحن إذا نظرنا إلى سلفنا الصالح لم نجدهم فعلوا ذلك، فهل مبتدعوا بدعة المولد أشد تعظيما ومحبة لرسول الله ﷺ من الصحابة والتابعين وتابعيهم؟ إذ أن هذه البدعة -بدعة المولد- لم تحدث إلا بعد انقراض القرون الثلاثة المفضلة، الذين قال فيهم رسول الله ﷺ خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.
وأول من أحدث بدعة المولد على ما قيل الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع الهجري، فهي من الحدث في الدين، ترد على صاحبها، قال عليه الصلاة والسلام من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته، وفي لفظ لمسلم من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر؛ لدخوله في مسمى البدع والمحدثات، فيدخل في قول النبي ﷺ كل بدعة ضلالة وقال أيضاً: وما يحدثه بعض الناس إما مضاهة للنصارى في بلاد المسيح، وإما محبة للنبي ﷺ من اتخاذ مولد النبي ﷺ عيداً، مع اختلاف الناس في مولده؛ فإن هذا لم يفعله السلف، ولو كان خيرا لكانوا أحق به منا. انتهى كلامه رحمه الله.
أيها المسلمون، يا اتباع محمد بن عبد الله، يا من يحبونه أعظم من محبتهم لأنفسهم وأهليهم، إن حب النبي ﷺ وتعظيمه وإجلاله إنما يكون في اتباعه وفي الاقتداء بسنتة في التخلق بأخلاقه، في امتثال أوامره، في اجتناب نواهيه قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وليس حب النبي ﷺ بالاحتفال بمولده، كما يفعل اليوم في كثير من الأقطار التي تنتسب إلى الإسلام العربية وغير العربية، إن ما تسمعونه من عيد مولد النبي ﷺ أو غيره أو انتصار أو نحوهما من أعياد الثورات واعتلاء العروش بدعة محضة تبعد فاعلها من الله لا تقربه منه، وبصفتنا مسلمين يجب أن نسير حيث سار المشرع الأعظم محمد ﷺ، ونقف حيث وقف في جميع شؤوننا، قال الله تعالى وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ولم يشرع في الإسلام في السنة إلا عيدان، وفي الأسبوع إلا عيد واحد، هو يوم الجمعة، وقد حصل في حياة النبي ﷺ المباركة انتصارات عظمى لن تحصل بعده لأحد من المسلمين كيوم بدر ، الذي قاتلت فيه ملائكة السماء، وفرق الله فيه بين الحق والباطل، وكفتح مكة الذي دخل الناس بعده في دين الله أفواجا، ولم يقم عليه الصلاة والسلام لذلك احتفالات ولا أعيادا سوى شكر الله والثناء عليه و حمده واستغفاره.
أيها المسلمون، ليس تعظيم النبي ﷺ بهذه الطقوس المبتدعة والشعارات المصنوعة، إنما تعظيمه باتباعه باطنا وظاهرا، والتمسك بهديه، وتقديم قوله وحكمه على كل قول وحكم ، والصحابة والتابعون لهم بإحسان أشد تعظيما ومحبة للنبي ﷺ من محدثي بدعة المولد، ومع ذلك لم يحتفلوا بمولده، ولا لمن دونه من العظماء، والحق ما كانوا عليه، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا من سيرة نبيكم ﷺ وتعاليمه السامية عبرة وعظة ، تدعوكم إلى التأسي به، والاقتداء به في الأقوال والأعمال حتى تكونوا هداة مهدتين مبشرين ومنذرين سرجا نيرة تضيء الطريق للناس، شهبا متقدة ضد الزنادقة والملحدين والمبتدعين، تمسكوا بهدي نبيكم ﷺ وتعاليم دينكم تكونوا ممن قال الله فيهم وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا امتثلوا قول الله تعالى وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تكونوا من عباد الله المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
رزقني الله وإياكم التمسك بكتابه والعمل بسنة نبيه، وجنبنا البدع والمحدثات في الدين، إنه سميع قريب مجيب.
وبارك لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ووفقنا للعمل الصالح والتوبة النصوح.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فتوبوا إليه واستغفروه يتب عليكم ويغفر لكم إنه هو التواب الرحيم الغفور.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه سبحانه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه وخليله من خلقه، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله أمرنا باتباع كتابه ولزوم الصراط المستقيم، فال تعالى اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ وقال سبحانه وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وأمرنا نبينا ﷺ بلزوم سنته ، فقال عليه الصلاة والسلام: عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والمحدثات في الدين، فإن كل بدعة ضلالة أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وإن من البدع المحدثة في هذه الأيام وفي هذا الشهر بدعة المولد، إن بدعة المولد التي تسمعونها تقام في كثير من البلدان التي تنسب إلى الإسلام العربية وغير العربية، في اليوم الثاني عشر من هذا الشهر، شهر ربيع الأول، زاعمين أن في ذلك تعظيما للنبي ﷺ، والله عظم نبيه ورفع شأنه ورفع ذكره في كل وقت ليس في يوم واحد.
فالله تعالى رفع ذكره نبيه ﷺ في الآذان، وقرن اسمه باسمه في الشهادتين، وفي كل وقت وليس تقدير النبي ﷺ في يوم واحد، وإنما في كل وقت، في كل وقت والنبي ﷺ يشهد له بالرسالة والله تعالى قرن اسمه باسمه في التشهد، وفي الصلاة وفي الأذان، وفي الشهادتين وفي الدخول في الإسلام وغير ذلك في كل وقت، فالله ﷺ رفع ذكر نبيه عليه الصلاة والسلام، وليس يكون ذلك خاصا في يوم واحد.
ثم إن هذا الاحتفال الذي يحتفلون بمولد النبي ﷺ، إنما النعمة التي تمت على الأمة، تمام النعمة على الأمة إنما هي ببعثة النبي ﷺ لا بمولده، لو كان الاحتفال صحيحا، لكان الاحتفال بمبعثه لا بمولده.
ثم إن الاحتفال بمولد النبي ﷺ ما فعله الرسول ﷺ ولا الخلفاء الراشدون ولا فعله الصحابة ولا فعله أهل القرون المفضلة، القرن الأول والقرن الثاني، والقرن الثالث، كل هذه القرون مضت ولم يحصل فيها احتفال بمولد النبي ﷺ، وإنما حصل ذلك في القرن الرابع الهجري، فعله الفاطميون الغلاة الذين عندهم غلو وانحراف عن الصراط المستقيم، فعلوا ذلك تقليدا للنصارى، فاتخذ الناس هذه البدعة واستمرت عند كثير من الناس في كثير من الأزمنة.
ثم إن هذه البدعة يحصل فيها منكرات، منكرات عظيمة، وأعظمها الشرك فإنه يتخلل هذه البدعة الشرك ، فإن كثيرا من الاحتفالات بالمولد تقرأ فيها قصيدة البردة وهذه القصيدة فيها غلو في النبي ﷺ، ورفع للنبي ﷺ من مقام العبودية والرسالة إلى مقام الربوبية والألوهية، هذه القصيدة تقرأ في المولد، في كثير من احتفالات المولد تقرأ هذه القصيدة، يقول صاحبها:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به | سواك عند حلول الحادث العمم |
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي | فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم |
هكذا يغلو صاحب هذه القصيدة في النبي ﷺ، ويطلب منه أن يأخذ بيده في يوم القيامة، ويقول إنه في هذا اليوم لا أحد ينجيه إلا النبي ﷺ، نسي ربه والعياذ بالله، قال:
... ما لي من ألوذ به | سواك عند حلول الحادث العمم |
نسي ربه فلا يلوذ بالله وإنما يلوذ بالنبي ﷺ، ويقول إن لم يؤخذ بيده النبي ﷺ فهو هالك.
وأيضا غلا في النبي ﷺ في هذه القصيدة، وجعل النبي ﷺ يعلم الغيب ويعلم علم اللوح والقلم ويملك الدنيا والآخرة، فإنه يقول في هذه القصيدة:
فإن من جودك الدنيا وضرتها | ومن علومك علم اللوح والقلم |
نعوذ بالله من هذا الغلو، يخاطب الرسول ﷺ فيقول إنك يا محمد تعلم علم اللوح المحفوظ وعلم القلم ، وإن من جودك الدنيا وضرتها، الدنيا والآخرة تملك الدنيا والآخرة، إذا كان النبي ﷺ يملك الدنيا والآخرة ما بقي لله شي، نعوذ بالله من هذا الغلو.
ويحصل أيضا في بدعة المولد من اختلاط الرجال بالنساء، ومن ترك الصلوات ومن الفحش في القول وغير ذلك من المفاسد.
فعلينا جميعا أن نعلم أن الاحتفال بمولد النبي ﷺ بدعة ليس لها أساس في الشرع، ولو كانت صحيحة، ولو كانت مشروعة لمنعت لما يحصل فيها من الشرك بالله واختلاط الرجال بالنساء ولما يحدث فيها من الغلو بالنبي ﷺ، ورفعه من مقام العبودية والرسالة إلى مقام الربوبية والألوهية، لو كانت مشروعة، فكيف وهي مبتدعة؟! بدعة، احتفال مبتدع، ويتخلله شرك ومعاص واختلاط الرجال بالنساء.
فعلينا جميعا أن نعلم أن حكم الاحتفال محرم وأنه مبتدع وعلينا أن نبتعد بأنفسنا عن مشاركتهم في ذلك، ونحذر أقاربنا ومن يسمع منا، إن كثير من الاخوان الذين يفدون إلى هذه البلاد يعلمون أنه يوجد في بلادهم هذه البدعة وأنهم يحتفلون هذه الأيام، يوم الثاني عشر ، مع أن مولد النبي ﷺ مختلف فيه، وليس هناك دليل يدل على أنه ولد في اليوم الثاني عشر ،بل قد يكون ولد قبل ذلك، قد يكون في اليوم التاسع، وقد يكون قبل ذلك أو بعد ذلك، ولو عرف مولده ﷺ في يوم معين لما جاز الاحتفال به لأنه ليس عليه دليل.
فاتقوا الله عباد الله ، واحذروا بأنفسكم ، وحذروا من يأخذ بقولكم، ومن يأخذ بنصيحتكم من إخوانكم وأقاربكم وأبناء بلدكم، حذروهم من هذا الاحتفال ومن المشاركة فيه وبينوا لهم أن هذا من البدع المحدثة في الدين وأن البدع تبعد من الله ولا تقرب منه، والله تعالى يقول قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
تدبروا كتاب ربكم وسنة نبيكم ﷺ، اقرؤوهما وتعلموا معانيهما، وتفقهوا في أحكامهما ليتبين لكم من خلال ذلك عظم شأن البدع وأنها من المحدثات في الدين، وذلك أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
والزموا جماعة المسلمين الزموا جماعة المسلمين في معتقداتهم وفي عباداتهم وفي بلدانهم وأوطانهم؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ عنهم في الدنيا شذ في النار يوم القيامة.
ألا وصلوا على محمد ﷺ؛ فإن الله أمركم بذلك حيث قال إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: من صلى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشراً.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد. وارض اللهم على الأربعة الخلفاء الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم، من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنّك وعطفك، وكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين المؤمنين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين. اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم أمنا في أوطاننا، اللهم أمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا، اللهم أصلح ولاة أمورنا، اللهم أصلح ولاة أمورنا، اللهم أرزقه البطانة الصالحة التي تعينه على الخير وتذكره إلى إذا نسوا يا رب العالمين. اللهم ولّي على المسلمين خيارهم، اللهم ولي على المسلمين خيارهم اللهم ولي على المسلمين خيارهم، وأبعد عنهم شرارهم في مشارق الأرض ومغاربها، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم وأبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يُعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاة.
اللهم أعذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم انصر إخواننا أهل السنة في الشام، اللهم انصر إخواننا أهل السنة في كل مكان، اللهم انصر إخواننا أهل السنة في جميع الأوطان، اللهم وحد صفوفهم ، اللهم واجمع كلمتهم اللهم وارحم ضعفهم واجبر كسرهم، اللهم وارحم موتاهم، واشف مرضاهم، وداو جرحاهم، وفك أسراهم، وأطعم جائعهم، وفقهم في دينك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم عليك بأعدائهم الكفرة (بشار وأعوانه)، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم واشدد وطأتك عليهم، اللهم و اشدد وطأتك عليهم، اللهم و اشدد وطأتك عليهم، اللهم شتت شملهم، اللهم واقذف الرعب في قلوبهم، اللهم خالف بين قلوبهم وكلمتهم، اللهم إنهم طغوا وبغوا وأسرفوا في الأرض وسفكوا الدماء ويتموا الأيتام ورملوا النساء ودفنوا الأحياء وادعوا الربوبية، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم و اشدد وطأتك عليهم، اللهم واشدد وطأتك عليهم، اللهم أنزل عليهم بأسك ورجزك إله الحق، اللهم أنزل عليهم بأسك ورجزك إله الحق، اللهم انزل عليهم بأسك ورجزك إله الحق، اللهم شتت شملهم، اللهم واقذف الرعب في قلوبهم، اللهم وخالف بين قلوبهم وكلمتهم، اللهم فرق جمعهم، اللهم واجعلهم غنيمة لإخواننا أهل السنة في الشام.
اللهم نصراً عاجلاً لإخواننا أهل السنة يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، يا قريب مجيب يا سميع الدعاء.
اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والرباء والزناء والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم انصر دعاة الخير وأئمة الهدى والمجاهدين في سبيلك والدعاة إلى سبيلك، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في كل مكان.
اللهم أقم علم الجهاد وأقمع أهل الشرك والفساد والريب والزيغ والعناد، وانشر رحمتك على العباد يارب العالمين، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، اللهم اجعل كيده في نحره اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم اجعل تدبيره تدميرا عليه، اللهم اجعل تدبيره تدميرا عليه، اللهم ادر عليه دائرة السوء، وأنزل عليه بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والرباء والزناء والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.